شبكــة أنصــار آل محمــد

بائعة الحلوى

كنتُ أتجوّل في السوق لبعض حاجاتي، وبينما كنت واقفة أمام أحد المحلات إذ بشخص يجر عباءتي من الخلف بلطف وأسمع صوتا خفيضا لينا يقول: أرجوكِ أن تشتري مني!

فالتفتُّ فإذا صبية صغيرة لا تبلغ أكثر من خمس سنوات تحمل في يديها صندوق حلوى،

خفضت نفسي إليها وسألتها: ما أنتِ؟ وما تفعلين بالحلوى هنا؟! قالت: أنا أبيع الحلوى لأني محتاجة، وأبي وأمي فقيران، أرجوك يا خالة اشتري مني! حين تملّيتها أحسست أن كل شيء تضعضع مني، نبرة صوتها منكسرة جدا تنبعث منها كل الأأوجاع، ونظرة عينها تطوي بداخلها قصة طفولة معذبة.
صعّدت نظري إليها فلم أرَ إلا غصنا رطبا من الورد يحمل على كتفيه الماضي والحاضر والمستقبل، قلت في نفسي: وهل يغنيكِ لو اشتريتُ كلَّ ما معك من حلوى؟! هل ثمن صندوق الحلوى سيكفيكَ وعائلتك للأبد؟ كلا إني أبالغ حقا، كففت عن حديثي لنفسي وأدخلت يدي في حقيبتي وأخرجت شيئا من متاع الدنيا وهممت أن أعطيها المال دون أن آخذ حلوى لكن فكرت هنيهة وقلت: أخشى أن أكسر قلبها إذا أشعرتها أني اتصدق عليها، بل لابد أن أشعرها أنها تأخذ أجرها على تعبها، اشتريتُ منها، وتهللتْ أساريرها فرحا، وفجأة اجتمع عدد من بائعات الحلوى مثلها وبائعات المناديل و...إلخ! هالني المنظر وقلت في نفسي من أين خرجت هؤلاء الصغيرات؟ وكيف تناثرن في السوق؟!

رجعت إلى البيت وأقلقني موضوعهن جدا
كيف لصغيرات السن أن يخرجن يوميا لساعات طوال يمشين على وهنهن، ويبذلن صحتهن ويتعرضن لما يكدر القلب؟!
كيف ستستمر بهن الحياة؟
وأين هن من التعليم؟
وما حال أسرهن التي رضيت أن تدفع بحبّات القلوب لمعترك الحياة؟

وما زالت الاستفهامات تتقاذفني.

رسالة لمن يهمه الأمر: صونوا هذه الزهرات تحت مظلات الأمان حتى تعيش وتنمو بسلام وحنان.
قال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا".

تألق

http://files2.fatakat.com/2016/3/14571202141054.gif