شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   بيت الـلـغـة العــربـيـة (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=78)
-   -   توظيف الأدب في الدعوة (https://ansaaar.com/showthread.php?t=35467)

تألق 27-09-15 01:49 AM

توظيف الأدب في الدعوة
 



لا أحد ينكر فاعلية الآداب والفنون، وقدرتها الهائلة على أن تكون سلاحًا متميزًا يوظف في خدمة أيَّة قضية من قضايا الأمة، إذ نجحت دائمًا في صياغة وجدان الناس وأحاسيسهم على نحو معين، وتجندت لبث القيم والأفكار والترويج للمبادئ والفلسفات.

ولذلك بدا الأدب دائمًا نشاطًا منحازًا منتميًا، إذ صاغت جميع المذاهب والعقائد والاتجاهات السياسية والفلسفية وغيرها رؤاها الفكرية عن الكون، والإنسان، والحياة، وطبيعية العلاقات البشرية المختلفة في نظريَّة أدبيَّة أو نقديَّة تمثلها.


يقول النَّاقد المعروف "تيري إيفلتون": "إن النَّظريَّة الأدبيَّة مرتبطة بالقناعات السياسية، والقيم الأيديولوجيَّة على نحو لا يقبل الانفصال، وإن مثل هذه النَّظريَّة الأدبيَّة "الخالصة" هي أسطورة أكاديميَّة، إنَّ النَّظريَّة الأدبيَّة تكشف عن تورطها اللاواعي غالبًا مع الأيديولوجيَّات الحديثة حتى حين تتحاشاها"[1].


ولاحظ إيليا الحاوي - وهو يتحدث عن بعض المذاهب الأدبية الغربية أن هذه المذاهب "تتوالى الواحد تلو الآخر وفقًا لنظرة شموليَّة تنتظم الكون، ومن خلاله الحياة والإنسان والموقف من الحقيقة"[2].


الأدب إذًا نشاط غير حيادي، وُظِّف قديمًا وحديثًا في خدمة القيم، والعقائد، والمذاهب.


في تراثنا الأدبي:

ارتبط الشعر العربي منذ نشأته بقضايا القبيلة، حتى كانت القبيلة - كما يحدثنا ابن رشيق - تفرح فرحًا لا نظير له إذا نبغ فيها شاعر فتقيم الولائم وتصنع الأطعمة، وتجتمع النساء يلعبن بالمزاهر كما يصنعون في الأفراح، لأنَّه حماية لأعراضهم، وذب عن أحسابهم، وتخليد لمآثرهم، وإشادة بذكرهم[3].

واحتلَّ الشاعر - بسبب هذا الدَّور الاجتماعي القبلي الذي كان يؤديه - منزلة لا تعدلها منزلة، حتَّى قال عنه أبو عمرو بن العلاء: "كانت الشعراء عند العرب في الجاهليَّة بمنزلة الأنبياء في الأمم"[4].


ولكن الشِّعر أصيب - في أواخر العصر الجاهلي - بانتكاسة أفقدت الشعراء هيبتهم ومكانتهم، اتَّجه الشعراء إلى التَّكسب بالشعر، فصاروا يمدحون من لا يستحق المديح طمعًا في المال، وتسرعوا إلى أعراض الناس، والتَّشبيب بالحرمات، والمبالغات والغُلو، والإفحاش في القول، لم تعد للشَّاعر - في مختصر من القول - قضية، أصبح - كما وصفه القرآن الكريم بعد ذلك - يهيم في كُلِّ وادٍ، ويقول ما لا يفعل.


قال أبو عمرو بن العلاء مصورًا مرحلة السقوط هذه، ومبينًا أسبابها: "لما كثر الشعر والشعراء، واتخذوا الشعر مكسبة، ورحلوا إلى السوقة، وتسرَّعوا إلى أعراض الناس، صار الخطيب عندهم فوق الشَّاعر، ولقد وضع قول الشعر من قدر النابغة الذبياني، ولو كان في الدهر الأول ما زاده ذلك إلا رفعة"[5].


ونزل القرآن الكريم وتحدث عن الشعراء فلم يجعلهم سواء، ولم يستبعدهم جميعًا؛ كما استبعدهم أفلاطون من المدينة الفاضلة، بل جعلهم فريقين:

- غاوين: وهم شعراء السفه والجاهلية في كل زمان ومكان، وبيَّن صفاتهم وحذَّر منهم، فقال عنهم: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 224 - 226].

- ومؤمنين صالحين استثناهم، وأثنى عليهم بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [الشعراء: 227].


وكانت هذه القسمة القرآنيَّة أول بذرة في التَّنظير للأدب الإسلامي الذي يقتبس من مشكاة التَّصور الإيماني.


وردَّ الإسلام للشَّاعر - عندما يكون مؤمنًا صادقًا يلتزم الحق فيما يقول - مكانته، وعدَّ إبداعه في الدفاع عن الإسلام، والرَّد على خصومه لونًا من ألوان الجهاد، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه))[6].

ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] "نظرية الأدب"، ترجمة ثائر ديب: 328.
[2] "الرمزية والسريالية": ص 9.
[3] "العمدة": 1/ 65.
[4] "الزينة في أسماء الكلمات الإسلامية" لأبي حاتم الرازي: 1/ 95.
[5] "البيان والتبيين" للجاحظ 1/ 241.
[6] انظر: "مجمع الزوائد": 7/ 123، و"مصابيح السنة" 2/ 109.



ALSHAMIKH 27-09-15 04:20 PM

http://www.hamsatq.com/kleeja/upload...3862251671.gif

عزتي بديني 17-08-17 06:05 PM

رفع الله قدرك


الساعة الآن 03:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant