قال ابن القيم فى مفتاح دار السعادة
فصل
ومنها انه يعرف العبد مقدار نعمة معافاته وفضله في توفيقه له
وحفظه إياه فإنه من تربى في العافية لا يعلم ما يقاسيه المبتلى ولا يعرف مقدار النعمة فلو عرف اهل طاعة الله انهم هم المنعم عليهم في الحقيقة وأن لله عليهم من الشكر أضعاف ما على غيرهم وان توسدوا التراب ومضغوا الحصى فهم اهل النعمة المطلقة وان من خلى الله بينه وبين معاصيه فقد سقط من عينه وهان عليه وان ذلك ليس من كرامته على ربه وان وسع الله عليه في الدنيا ومد له من اسبابها فإنهم اهل الابتلاء على الحقيقة فإذا طالبت العبد نفسه بما تطالبه من الحظوظ والاقسام وأرته انه في بلية وضائقة تداركه الله برحمته وابتلاه ببعض الذنوب فرأى ما كان فيه من المعافاة والنعمة وأنه لا نسبة لما كان فيه من النعم الى ما طلبته نفسه من الحظوظ فحينئذ يكون اكثر أمانيه وآماله العود الى حالة وان يمنعه الله بعافيته