[عبق الشام]

{ لوثـــات شيعيــّة /37/ ملاجيء التمرّد}



كانت الجثث تتناثر في كل مكان .. منازل مهدمّة .. سيارات مدمّرة .. حفــر كثيرة
في الشوارع .... وآثار طلقات الرصاص على الجدران ... لم يكن اهتمام الحرس
الجمهوري هو تنظيف المكان وإنما السيطرة فقط .. أما تنظيم المنطقة فهــــو من
اختصاص قوات أخرى حيث تقوم بنقل الجثث ودفنها جماعيّا لأن أغلب أصحابها
لايحملون إثباتات هويّة ولم يأت أحدٌ للبحث عنهم ....كما أن أغلبهم من المقيمين
في إيران أو من ذوي الأصول الإيرانيّة ..


هرب المتمرّدون الشيعــة مع من يساندهم من الإيرانيين وتفرقـّوا في كل اتجاه و
بالأخص الجهـــات الجنوبية من العـراق قريباَ من منافـذ الحـدود الإيرانية وحيث
(( الأهوار )) وهي مسطحــات مائيّــة شاسعــة مــن المياه العذبــة تمتــد لآلاف
الكيلومترات المربّعة ... ويغذّيها بالمياه نهري دجلة والفرات ..

تحتوي هذه المسطّحات على عشـــرات الآلاف من الجزر الصغيرة التي مساحة
بعضها لاتتجاوز 30 متراً وبعضها مأهول بالسكان ..وهذه البيئة الطبيعيّة جعلت
منهـا مكاناً صالحاً للإختباء ..و... الإختفـــاء ..... وهي شبيهة بــما يُطلق عليه
المصريّون (( جبل المطاريـد ))..!! يسكن في هذه الأهــوار الكثير من المجرمين
والخائفين من الثأر والمطلوبين أمنيـّاً والهاربين من وجــه العدالة ..والفارّين من
الجيش ..و.. المتسللّين من إيران ...!!!!!!


اتّخــذ منها عملاء إيران (( فيلق بدر )) مركز انطلاق وتسلّل إلى داخــل العراق
لتنفيذ عمليّاتهم .... وكانت منطقة صعبة وتمثل هاجساً أمنيّاً كبيراً لدى حكومات
العراق المتعاقبة .. إلى أن قامت الحكومة السابقة على الإحتلال بالقيام بمشروع
(( تجفيف الأهوار )) ... ونجحت في ذلك في منتصف التسعينيّت تقريباً ... وقد
كان لهذا المشروع آثار سلبيّة أخرى من ناحية البيئة فقد أدى إلى انقراض الكثير
من الحياة الفطريّة والبريّة والتي ليس لها شبيه في أي مكان آخر على الأرض ..



وصلت طلائع المجرمين الشيعة من أصحاب (( الثورة الشعبانيّة )) كما يسمونها
إلى الأهوار .. التي من وصلها فقد نجا وأما الذين لم يستطيعوا الوصول فقد لجـأوا
إلى المزارات الشيعيّة المتناثرة على طول الطريق الممتدّة من بغداد إلى الناصريّة
في الجنوب ...

امتلأت المزارات عن بكرة أبيها بفلول المنهزمين اعتقاداً منهم أن ((المهدي المنتظر))
يحضر معهم بشحمه ولحمه ويتابع المعارك مباشرة .وهذه العقيدة يؤمن بها كلُّ الشيعة
على وجه الأرض ويُروّج لها بينهم أكثر من أي أمرٍ آخــر ...!!!!


كان الكل يعرف هذه الإستراتيجيّة المتخلّفة ولذلك كان أمر اقتناص هؤلاء أمرٌ في غاية
السهولة .............. تردّد بعض العسكريين الشيعة في اقتحام المزارات خوفاً من أنه
(( يشوّر بيهم المهدي المنتظر )) أو بحجّة أن السيّد سوف يضرّهم وينتقم منهم !!!!!

ولكن كانت الأوامر الصارمة منطقيّـــة جداّ مع مثـــل هذه العقليات المُسيطر عليها مـــن
قبل أهل العمائم السوداء (( السيّد يفك نفسه )) واللذي لايستطيع الدفع عن نفسه فـــلا
يستحق أن يكون سيّد وسوف يتم هدم المزار .....