عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-15, 06:03 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
تألق
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 2735
المشاركات: 6,427 [+]
بمعدل : 1.34 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 33
نقاط التقييم: 729
تألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدع

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
تألق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تألق المنتدى : بيت القصـص والعبـــــــر
افتراضي

الفصل الثاني[1]
(جَنْيُ القِطافِ)

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


استنارت الليالي بالمذاكرة مع باقة الزهر، ومع مداعبة الأقلام للكتب طاب السمر، تحولت أيام (اللوتس) إلى ربيع، أرضها معشبة مخضرة، وسماؤها متلألئة ، وما إعشاب الأرض إلا أثر من آثار العلم الذي نزل من سماء الوحي فشربته النفوس المطمئنة فأينع أولا في داخلها، ثم أينع ثانيا في خارجها، وما أفلح من جعل العلم مجرد جواهرَ وحُلًى يتزين به أمام الناس فإذا خلا نزع تلك الجواهر وأودعها الصندوق.
كانت (اللوتس) أكثر ما تستذكر مع رفيقة دربها اللغوي زهرة (الأقحوان) فلربما طالت مدة الاتصال إلى ساعات يشرحن لبعض، ويسمِّعن لبعض، ويتخلل ذلك طُرف ونِكات ترطب النفوس وتبلُّها حتى تبعد عنها رهق الاستذكار.
وبعد مضي ثلاث سنوات ونحن نرشف من النهر العذب انضمت إلينا زهرة (البنفسج) لتكتمل باقتنا العطرة. وهي رفيقة حميمة لزهرة (النرجس) ، وهكذا سارت قواربنا بين طيات النهر، نجدّف بعقولنا تارة وبقلوبنا أخرى بين شواطئ اللغة المختلفة، رسونا على شاطئ (أوضح المسالك) وقطفنا ثمار النحو التي كانت هي اللبنة الأولى في أساسنا اللغوي، ثم جدفنا فإذ نحن على شاطئ خلاب فاتن متوشحٍ بالبيان، متزرٍ بالمعاني، مكلل بالبديع، ألا إنه شاطئ البلاغة الذي ضمَ علوم اللغة في كنفه؛ فقد كان هو أوسع الشطآن وأبهاها، باثقٌ ممتلئٌ بغرائر اللغة، و"إن من البيان لسحرا". ثم أخذنا ذات اليمين فرأينا شاطئا تظلله أشجار سامقة من الشعر العذب، فنزلنا واستندنا على جذوعه وأخذنا نتلو أشعار العرب في جاهليتها وإسلامها، فما كان من أرواحنا إلا أن طربتْ، ومن ألسنتنا إلا أن تقوّمتْ، ومن عقولنا إلا أن تنوّرتْ.
ثم تركنا الشطآن وهدوئها وعرّجنا على البحر بل على بحور نخوض عبابها المتلاطم وأمواجها الهوجاء، وقد رأيت مَنْ رجع وآثر هدوء الشاطئ، ولكن (باقة الخط الساخن) عزمت على المضي مهما يكن الأمر واستعانت بالله، وما أن توسطناه إلا وانكشف لنا سحره وجماله، من عجائب وغرائب في علله وزحافاته، وما هَوْلُه الأولي إلا كمخاض المرأة فإذا وضعت جنينها سُرَّتْ واستبشرت ونسيت كل آلامها، إنه (العروض والقافية) وبحور الشعر هي البحور التي لا تبلّ من يخوضها ولكنها قد تغرقه إن لم يُحسن السباحة (ابتسامة). وبحوره هي الطويل، المديد، البسيط، الوافر، الكامل، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتث، المتقارب، المتدارك.
وبينما (اللوتس) في شأنها هذا لمحتْ زهرةً في الضفة الثانية من النهر التي تشرف على البحر (بحر كلية الشريعة) إنها زهرة (الليلك) ويا لها من زهرة تتضوّع أَرَجًا وعبقا، وعُقدتْ بينهما صداقة متينة الحبل، عميقة الود، لكأنهما مَرَجَان الْتقيا فانثال كل منهما على الآخر، وإنها لصورة مشرقة حين يلتقي علم الشريعة بقوته مع علم اللغة بروعته. فلتدم المحبة ولتبق بروج الصداقة شامخة حتى يظللها الرحمن تحت ظله.



(التـــــــــــــــــــــــخرّج)

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


وبعد هذه الرحلة التي استمرت أربع سنوات ونصف السنة، ها هي (اللوتس) تلملمُ دمعاتها التي تَسَّاقط على آخر ورقة اختبار، وتحزمُ ذكرياتها التي نثرتها على شطآن النهر، وحين عادت من آخر اختبار، ولّت إلى حجرتها وانكبّتْ على مُذَكّرات الدراسة تلثُمها وتشُمُّها وتضمُّها، يُخيَّل للناظر أنها أمٌّ تودّع أبناءها؛ إن أيام الدراسة وطلب العلم لهي ألذُ سنين العمر كيف لا والعلم يقربك إلى الله، يعرّفك الله، يحببك إلى الله، يهديك سبيل النبيين، ويرقّيك في درجات الصديقين، مع ما يمنحه الله تعالى من هناء وسرور تجده في نفسك، ونشوة ولذة حين تكون بين زملاء الطلب، إنه جنة الدنيا، وأنس المؤمن، وسلوان المغترب. ومما يزيد القلب انشراحا أن التحاقي بالجامعة كان حلما وتحقق على يد من أراد الله له الخير، فاجتمع حلم اليقظ مع حلم المنام وصارا واقعًا ينبض بالحياة، فأحمدُ الله تعالى على ما منّ مِنْ علم يرقي العقل، وصداقة تبهج القلب.
ففي طلب العلم لا فرق بين كتابك وصديقك، غير أن صديقك يفارقك ولابد، أما كتابك فيبقى معك، وإن أمتع الصداقات ما جمعها رحم العلم. هنا همستْ زميلتي (الزنبق) للجميع: أنتنَّ لبوحي وطن.أما صاحبة فكرة (الخط الساخن) زهرة (النرجس) فقالت: الخط الساخن باختصار: دعوة مستجابة، وحلم تحقق، فأنتن راحة للروح، ومورد للعقل، ومثلج للصدر، وزينة للحياة والمجالسة، وصل الله هذا الاتصال السعيد والعقد الحميد بأكمل المواهب وأحمد العواقب.
اللهم كما علمتنا فانفعنا،
وكما وفقتنا فتقبل منا،
اللهم اعف عن قلمي إذا كبا،
وعن حرفي إذا نبا.
فــ "اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك الحق".

تألق
كلية اللغة العربية/ جامعة الإمام محمد بن سعود
تخرجت عام 1436 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

[1]كتبت الفصل الثاني بعد ستة أشهر من كتابة الفصل الأول؛ وذلك ان الكتابة كمعشوق مدَّلل يأتي متى شاء ويغيب متى شاء.










توقيع : تألق

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور تألق   رد مع اقتباس