العودة   شبكــة أنصــار آل محمــد > قســم الموسوعة الثقافية > بيت القصـص والعبـــــــر

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-10-11, 10:26 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
حضرمي يمني
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Oct 2011
العضوية: 5802
المشاركات: 206 [+]
بمعدل : 0.04 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 46
حضرمي يمني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
حضرمي يمني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : بيت القصـص والعبـــــــر

كلما رأيته يمشي متوكئًا على عصاه وقد احدودب ظهره، لا ينساب إلى خاطري فكرة أنه شيخ قد نال منه الزمن، وإنما تُجمِع كل ذرة في كياني على أنه طود عظيم تصدى لعصف السنين، أشعر أنه هو الذي ترك آثارًا على الأيام، وليست هي التي خلفت آثارها عليه، أبصر في هيئته الضعيفة قوةً هائلةً تلقي بظلال هيبتها على كل من رأى الأسد الشيخ.
"عم عبد الله"، هكذا يناديه الجميع بمن فيهم آباء قد جاوزوا الستين، هذا لأنه قد بلغ الثامنة والتسعين من عمره، ويندر أن ترى من في مثل هذا العمر على قيد الحياة، وأكثر منه ندرة أن ترى من بلغ هذه السن يمشي على قدميه.
قد استوقفتني أحواله كثيرًا، وطالما كان موضع تفكير وتأمل لدي، كلما تحدثت إليه وأصغيت لكلماته شعرت بأنه لسان التاريخ، إذ يسرد على أسماعي مواقف وشخصيات تاريخية قد عاصرها بنفسه، كنت أتناولها بالدراسة في طفولتي في مادة التاريخ، وقد اقترنت هذه التأملات بواقع الشباب، حيث كنت أعقد المقارنة بين هذا الشيخ الفاني وبين شباب أمتنا، حقًا قد بهرني ذلك الشيخ بعلو همته وجلده وشدة بأسه، لقد جعلني أكتشف ضعفي وخور عزيمتي.
استوقفني شدة محافظته على صلاة الفجر في جماعة، إذ يخرج من بيته قبل الفجر ليكون ضمن الأفواج الأولى التي تدخل المسجد، وأحيانًا يأتي قبل قدوم مقيم الشعائر ليفتح المسجد، فيجلس منتظرًا بالخارج وهو الآتي من بعيد، ولا أتذكر يومًا صليت فيه الفجر دون رؤية هذا الأسد الشيخ، سوى مرات معدودة لم أجده، وعندما كنت أخرج من المسجد كانت تأخذني المفاجأة حيث أراه عائدًا من الصلاة في مسجد آخر.
أقف بجانبه في الصلاة وألصق قدمي بقدمه تلك التي التف فيها أصبع على أصبع من شدة الهرم، فأزداد إعجابًا به: كيف يقف على هاتين القدمين في الصلاة ويرفض تمامًا أن يصلي وهو قاعد، وإذا رأيته يتخلى عن عصاه ويضعها على الأرض لا يتكيء عليها في صلاته، انتابني شعور بأنه يكسر سطوتها ويمرق من سيطرتها وكأنه يُعلِمُها بأنه غني عنها.
فقارنت بين همته وبين همتنا، أين نحن من المحافظة على الصلوات عمومًا وصلاة الفجر على وجه الخصوص؟ إن المرء فينا إذا صلى الفجر شهرًا متواصلًا شعر بأنه قد حقق إنجازًا عظيمًا، أما هذا الشيخ الهرم فهو صورة معاصرة لسلف هذه الأمة في المحافظة على الصلوات، إنه يذكرني دائمًا بحديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فمنهم: ((ورجل قلبه معلق في المساجد))[متفق عليه].
إنني أقول في نفسي لا ريب أن هذا الشيخ يجد الراحة في صلاته، هذا الكنز الذي نفتقده، والذي كان يعبر عنه النبي "الأسد الشيخ وهمة الشباب" بقوله: ((أرحنا بها يا بلال))، [صححه الألباني]، فيالها من همة تتضاءل أمامها الهمم، وعزيمة تفضح العزائم الزائفة، إن همة هذا الشيخ في طلب العلا تجعل الصرخات تنطلق لتوقظ كل من نام عن صلاة الفجر بعد أن نامت همته.
هذه همة الأسد الشيخ، فأين همة الشباب؟!
تأملت في أحوال هذا الشيخ، فوجدته مستمسكًا ـ بعلم أو بدون علم ـ بنصيحة جبريل "الأسد الشيخ وهمة الشباب" لمحمد "الأسد الشيخ وهمة الشباب" وأمته؛ حين قال أمين السماء لأمين الأرض: ((واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس))[صححه الألباني]، وعلى مثله ربى النبي "الأسد الشيخ وهمة الشباب" أصحابه، فها هو أبو ذر "الأسد الشيخ وهمة الشباب" يقول: (فدعاني رسول الله "الأسد الشيخ وهمة الشباب" فقال: ((هل لك إلى البيعة ولك الجنة؟))،قلت: نعم، وبسطت يدي، فقال رسول الله "الأسد الشيخ وهمة الشباب": ((وهو يشترط على أن لا تسأل الناس شيئًا))، قلت: نعم، قال: ((ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل فتأخذه))، [صححه الألباني].
وهكذا كان عم "عبد الله"، لم أعهده يسأل الناس شيئًا، ولا حتى أن يناولوه عصاه، أو يساعدوه في الدخول أو الخروج من المسجد، وذات مرة عندما هم بالخروج من المسجد أحضرت له حذاءه، فنهرني بشدة وكأني قد ارتكبت جرمًا في حقه، مع أنه ليس منعزلًا عن الناس والاختلاط بهم، بل على العكس من ذلك، فهو اجتماعي للغاية، فقلت إنها العزة ولا ريب، فيقيني أن هذا الرجل كان عصاميًا لا عظاميًا، يعتمد على نفسه لا تقوم قائمته على أكتاف غيره، فليت شبابنا يدركون ذلك، فالكثيرون منهم يركنون إلى الغير في رسم معالم حياتهم المستقبلة، بل وفي صناعتها أيضًا، قد تملكهم الخور والعجز، قد تهاوت عزائمهم، وهزلت هممهم.
هذه همة الأسد الشيخ، فأين همة الشباب؟!
كشأن أي مسجد يرد أن تصدر بعض الأخطاء من المصلين، ومع الأسف قد يتغافل عنها حتى من له نصيب من العلم، أما هذا الشيخ فقد كان نموذجًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذي هو سبب خيرية هذه الأمة"الأسد الشيخ وهمة الشباب"(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ))[آل عمران:110].
فكثيرًا ما كان يجهر ـ بفطرته السليمة ـ بكلمة الحق، فعلى سبيل المثال: ينصح المصلين ويعظهم بحرمة المرور من بين يدي المصلي، ويستعظم هذه الفعلة، ويذكر لهم الحديث بالمعنى دونما أدنى تكلف، وتظهر على قسماته أمارات الإخلاص والغضب لله، نحسبه كذلك والله تعالى حسيبه.
بل الأعجب من ذلك أنه يبادر إلى فعل ما ينصح الناس بفعله، فلقد رأيته يقف فترة طويلة عند خروجه من المسجد الذي امتلأ عند الباب بالمسبوقين من المصلين، فأحرج بفعله الشباب والأحداث الذين تحملهم العجلة غالبًا على المرور بين يدي المصلي، فصنعوا مثل صنيعه، فقلت في نفسي: من أين لهذا الشيخ البسيط بكل هذا الفقه؟! وكان هذا دأبه في كل خطأ يراه، فأين همة شبابنا في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصح لجميع المسلمين، مالي أراهم عن العمل للدين متقاعسين، وعن الدعوة للخير عازفين، وعن نصرة الإسلام معرضين؟
لو كان الشيوخ كلهم مثل عم "عبد الله" لكفونا، فلا يبقى إذًا لنصرة هذه الدين مثل الشباب، لكن أين هممهم، وأين بذلهم، وأين شعورهم بالمسئولية تجاه هذا الدين وهذه الأمة؟ أين أشباه أسامة بن زيد ومصعب بن عمير؟ من يحمل هم هذا الدين إن لم يحمله الشباب؟!
هذه همة الأسد الشيخ، فأين همة الشباب؟
عندما أجلس إليه مستمعًا لحديثه العذب مشتمًا عبق الماضي من خلاله، ينطلق لساني بقول: "ماشاء الله لا قوة إلا بالله"، فأنا استمع لرجل حاضر الذهن، قوي الذاكرة، لم يصب عقله ما يصيب أقرانه، بالإضافة إلى هذه الحيوية التي تشع منه، وهذه اللياقة البدنية العالية التي يتمتع بها مقارنةً بغيره من المسنين، فلم أستطع إخفاء دهشتي ولهفتي لمعرفة أحواله بالماضي، فأخبرني أنه قد حفظ أعضاءه في شبابه، فحفظها الله عليه في شيبته، فهو لم يدخن في حياته "سيجارة واحدة"، ونشأ منذ حداثة سنه على حب الطاعة فصرفته عما يغضب الله تبارك وتعالى.
وهذا يذكر بالعالم الشافعي الجليل أبي الطيب الطبري، والذي كان دعوبًا ضحوك السن، محبًا لأهل الفضل، بلغ عمره الثمانين، خرج مع طلابه في سفينة، فلما قاربو الشاطئ قفز من السفينة، فأراد الطلاب أن يقفزوا فما استطاعوا، فقالوا: كيف استطعت و أنت في الثمانين؟
قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.
فأحسب عم "عبد الله" أنه كان كذلك، فأين الشباب الذين دمروا صحتهم بالمخدرات والتدخين والجنس المحرم وهم في ريعان الشباب؟ فليت شعري كيف يكون حالهم عندما يتمكن منهم الهرم والشيخوخة، إن المرء ليحزن عندما يرى شبابًا في عمر الزهور يلهثون من جراء الصعود في السلم، أو مع قليل من السير، وهذا لعمري عين ما يريده أعداء الإسلام.
مؤامرة تدور على الشباب ليعرض عن معانقة الحراب
مؤامرة تدور بكل بيت لتجعله ركامًا من تراب
مؤامرة تقول لهم تعالوا إلى الشهوات في ظل الشراب
مؤامرة مراجيها عظام تدبرها شياطين الخراب
أيها الشباب:
هذه همة الأسد الشيخ فأين همة الشباب؟!

كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





"hgHs] hgado ,ilm hgafhf"










توقيع : حضرمي يمني

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور حضرمي يمني   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 09:35 AM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant