العودة   شبكــة أنصــار آل محمــد > قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج > بيت الكتاب والسنة

بيت الكتاب والسنة خاص بتفسير القرآن وأحكامه وتجويده وأيضاً علم الحديث وشرحه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-05-14, 01:37 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : بيت الكتاب والسنة

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين

****************
بدائع الفوائد
من تفسير سورة يوسف بدائع الفوائد تفسير سورة يوسف

****************

نقلا من التفسير العظيم
تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن
للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله تعالى
ورفع درجته في عليين

****************


تفسير سورة يوسف بن يعقوب

عليهما الصلاة والسلام

وهي مكية



{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ *

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *


نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ

بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ
وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ }

{ 1 - 3 }


يخبر تعالى أن آيات القرآن هي


{ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ }


أي: البين الواضحة ألفاظه ومعانيه.


ومن بيانه وإيضاحه:

أنه أنزله باللسان العربي،

أشرف الألسنة، وأبينها،


[المبين لكل ما يحتاجه الناس من الحقائق النافعة ]



وكل هذا الإيضاح والتبيين


{ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

أي: لتعقلوا حدوده وأصوله وفروعه، وأوامره ونواهيه.

فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم واتصفت قلوبكم بمعرفتها،

أثمر ذلك عمل الجوارح والانقياد إليه،



و { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

أي: تزداد عقولكم بتكرر المعاني الشريفة العالية،

على أذهانكم،.

فتنتقلون من حال إلى أحوال أعلى منها وأكمل.


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ }
وذلك لصدقها وسلاسة عبارتها ورونق معانيها،

{ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ }
أي: بما اشتمل عليه هذا القرآن الذي أوحيناه إليك،
وفضلناك به على سائر الأنبياء،
وذاك محض منَّة من الله وإحسان.



{ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ }
أي:ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان
قبل أن يوحي الله إليك،
ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا.



ولما مدح ما اشتمل عليه هذا القرآن من القصص،
وأنها أحسن القصص على الإطلاق،
فلا يوجد من القصص في شيء من الكتب مثل هذا القرآن،
ذكر قصه يوسف، وأبيه وإخوته،

القصة العجيبة الحسنة فقال:



كلمات البحث

شبكــة أنصــار آل محمــد ,شبكــة أنصــار ,آل محمــد ,منتدى أنصــار





f]hzu hgt,hz] lk jtsdv s,vm d,st ugdi hgsghl










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:38 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي


{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ
يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ*

قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ
فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا
إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ *

وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ
وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ

كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ
إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ 4 - 6 }



واعلم أن الله ذكر أنه يقص على رسوله
أحسن القصص في هذا الكتاب،

ثم ذكر هذه القصة وبسطها،
وذكر ما جرى فيها،

فعلم بذلك أنها قصة تامة كاملة حسنة،
فمن أراد أن يكملها أو يحسنها
بما يذكر في الإسرائيليات
التي لا يعرف لها سند ولا ناقل وأغلبها كذب،
فهو مستدرك على الله،
ومكمل لشيء يزعم أنه ناقص،

وحسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحا،
فإن تضاعيف هذه السورة قد ملئت في كثير من التفاسير،
من الأكاذيب والأمور الشنيعة
المناقضة لما قصه الله تعالى بشيء كثير.



فعلى العبد أن يفهم عن الله ما قصه،
ويدع ما سوى ذلك
مما ليس عن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ينقل.




فقوله تعالى: { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ }
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام:

{ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }

فكانت هذه الرؤيا مقدمة
لما وصل إليه يوسف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
من الارتفاع في الدنيا والآخرة.



وهكذا إذا أراد الله أمرا من الأمور العظام
قدَّم بين يديه مقدمة،
توطئة له، وتسهيلا لأمره،
واستعدادا لما يرد على العبد من المشاق،
لطفا بعبده، وإحسانا إليه،


فأوَّلها يعقوب بأن الشمس: أمه،
والقمر: أبوه،
والكواكب: إخوته،


وأنه ستنتقل به الأحوال
إلى أن يصير إلى حال يخضعون له،
ويسجدون له إكراما وإعظاما،

وأن ذلك لا يكون إلا بأسباب تتقدمه من اجتباء الله له،
واصطفائه له،
وإتمام نعمته عليه بالعلم والعمل،
والتمكين في الأرض.



وأن هذه النعمة ستشمل آل يعقوب،
الذين سجدوا له وصاروا تبعا له فيها،


ولهذا قال:


{ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ }
أي: يصطفيك ويختارك بما يمنُّ به عليك
من الأوصاف الجليلة والمناقب الجميلة،.


{ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ }
أي: من تعبير الرؤيا،
وبيان ما تئول إليه الأحاديث الصادقة،
كالكتب السماوية ونحوها،


{ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ }
في الدنيا والآخرة،
بأن يؤتيك في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة،


{ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ }
حيث أنعم الله عليهما،
بنعم عظيمة واسعة، دينية، ودنيوية.




{ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

أي: علمه محيط بالأشياء،
وبما احتوت عليه ضمائر العباد من البر وغيره،
فيعطي كلا ما تقتضيه حكمته وحمده،
فإنه حكيم يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها.




ولما بان تعبيرها ليوسف،
قال له أبوه:
{ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ
فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا }

أي: حسدا من عند أنفسهم،
أن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم.



{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ }
لا يفتر عنه ليلا ولا نهارا، ولا سرا ولا جهارا،

فالبعد عن الأسباب التي يتسلط بها على العبد أولى،

فامتثل يوسف أمر أبيه،
ولم يخبر إخوته بذلك،
بل كتمها عنهم.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:38 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ *
إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا
وَنَحْنُ عُصْبَةٌ
إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *

اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا
يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ
وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ }

{ 7 - 9 }




يقول تعالى:
{ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ }
أي: عبر وأدلة على كثير من المطالب الحسنة،

{ لِلسَّائِلِينَ }
أي: لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال،
فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر،

وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات،
ولا في القصص والبينات.



{ إِذْ قَالُوا } فيما بينهم:

{ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ } بنيامين، أي: شقيقه، وإلا فكلهم إخوة.

{ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ }
أي: جماعة، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة والشفقة،

{ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
أي: لفي خطأ بيِّن،
حيث فضلهما علينا من غير موجب نراه،
ولا أمر نشاهده.



{ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا }
أي: غيبوه عن أبيه في أرض بعيدة
لا يتمكن من رؤيته فيها.



فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين
{ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ }
أي: يتفرغ لكم،
ويقبل عليكم بالشفقة والمحبة،
فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف شغلا لا يتفرغ لكم،

{ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ }
أي: من بعد هذا الصنيع

{ قَوْمًا صَالِحِينَ }
أي: تتوبون إلى الله، وتستغفرون من بعد ذنبكم.



فقدموا العزم على التوبة
قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله،
وإزالة لشناعته،
وتنشيطا من بعضهم لبعض.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:39 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ
لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ
وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ
يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ
إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ }
{ 10 }




أي: { قَالَ قَائِلٌ }
من إخوة يوسف الذين أرادوا قتله أو تبعيده:

{ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ }
فإن قتله أعظم إثما وأشنع،
والمقصود يحصل بتبعيده عن أبيه من غير قتل،
ولكن توصلوا إلى تبعيده بأن تلقوه


{ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ }
وتتوعدوه على أنه لا يخبر بشأنكم،
بل على أنه عبد مملوك آبق منكم،

لأجل أن { يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ }
الذين يريدون مكانا بعيدا، فيحتفظون فيه.



وهذا القائل أحسنهم رأيا في يوسف،
وأبرهم وأتقاهم في هذه القضية،

فإن بعض الشر أهون من بعض،
والضرر الخفيف يدفع به الضرر الثقيل،










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:39 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

فلما اتفقوا على هذا الرأي



{ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ
وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ *
أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *

قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ
وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ
وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ *
قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ
إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ }

{ 11 - 14 }



أي: قال إخوة يوسف، متوصلين إلى مقصدهم لأبيهم:

{ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ }
أي: لأي شيء يدخلك الخوف منا على يوسف،
من غير سبب ولا موجب؟

{ وَ } الحال { إِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ }
أي: مشفقون عليه، نود له ما نود لأنفسنا،

وهذا يدل على أن يعقوب نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لا يترك يوسف يذهب مع إخوته للبرية ونحوها.



فلما نفوا عن أنفسهم التهمة
المانعة من عدم إرساله معهم،

ذكروا له من مصلحة يوسف وأنسه
الذي يحبه أبوه له،
ما يقتضي أن يسمح بإرساله معهم،

فقالوا:


{ أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ }
أي: يتنزه في البرية ويستأنس.

{ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
أي: سنراعيه، ونحفظه من أذى يريده.



فأجابهم بقوله:
{ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ }
أي: مجرد ذهابكم به يحزنني ويشق علي،
لأنني لا أقدر على فراقه، ولو مدة يسيرة،

فهذا مانع من إرساله

{ وَ } مانع ثان،
وهو أني { أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ }

أي: في حال غفلتكم عنه،
لأنه صغير لا يمتنع من الذئب.



{ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ }
أي: جماعة، حريصون على حفظه،
{ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ }
أي: لا خير فينا ولا نفع يرجى منا
إن أكله الذئب وغلبنا عليه.



فلما مهدوا لأبيهم الأسباب الداعية لإرساله،
وعدم الموانع،
سمح حينئذ بإرساله معهم لأجل أنسه.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:40 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ

وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ

وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا

وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ *


وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ *

قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ

وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا

فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ

وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ *

وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ

قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا

فَصَبْرٌ جَمِيلٌ

وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }


{ 15 - 18 }


أي: لما ذهب إخوة يوسف بيوسف بعد ما أذن له أبوه،
وعزموا على أن يجعلوه في غيابة الجب،
كما قال قائلهم السابق ذكره،

وكانوا قادرين على ما أجمعوا عليه،
فنفذوا فيه قدرتهم، وألقوه في الجب،

ثم إن الله لطف به بأن أوحى إليه
وهو في تلك الحال الحرجة،

{ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }
أي: سيكون منك معاتبة لهم،
وإخبار عن أمرهم هذا،
وهم لا يشعرون بذلك الأمر،

ففيه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه،
وأن الله سيجمعه بأهله وإخوته
على وجه العز والتمكين له في الأرض.




{ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ }
ليكون إتيانهم متأخرا عن عادتهم،
وبكاؤهم دليلا لهم،
وقرينة على صدقهم.




فقالوا - متعذرين بعذر كاذب -
{ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ }
إما على الأقدام، أو بالرمي والنصال،

{ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا }
توفيرا له وراحة.

{ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ }
في حال غيبتنا عنه في استباقنا

{ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ }
أي: تعذرنا بهذا العذر،
والظاهر أنك لا تصدقنا
لما في قلبك من الحزن على يوسف،
والرقة الشديدة عليه.




ولكن عدم تصديقك إيانا،
لا يمنعنا أن نعتذر بالعذر الحقيقي،
وكل هذا، تأكيد لعذرهم.

{ وَ } مما أكدوا به قولهم،
أنهم { جَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ }
زعموا أنه دم يوسف حين أكله الذئب،

فلم يصدقهم أبوهم بذلك، و{ قَالَ }
{ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا }
أي: زينت لكم أنفسكم أمرا قبيحا في التفريق بيني وبينه،

لأنه رأى من القرائن والأحوال
[ ومن رؤيا يوسف التي قصَّها عليه ]
ما دلّه على ما قال.




{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }
أي: أما أنا فوظيفتي سأحرص على القيام بها،
وهي أني أصبر على هذه المحنة
صبرا جميلا سالما من السخط والتَّشكِّي إلى الخلق،

وأستعين الله على ذلك،
لا على حولي وقوتي،
فوعد من نفسه هذا الأمر

وشكى إلى خالقه في قوله:
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }
لأن الشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر الجميل،
لأن النبي إذا وعد وفى.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:40 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ
فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ
قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ
وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ *

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ
وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }
{ 19 - 20 }


أي: مكث يوسف في الجب ما مكث،

حتى { جَاءَتْ سَيَّارَةٌ } أي: قافلة تريد مصر،

{ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ }
أي: فرطهم ومقدمهم، الذي يعس لهم المياه،
ويسبرها ويستعد لهم بتهيئة الحياض ونحو ذلك،

{ فَأَدْلَى } ذلك الوارد
{ دَلْوَهُ } فتعلق فيه يوسف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة وخرج.

{ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ }
أي: استبشر وقال: هذا غلام نفيس،

{ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً }
وكان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم،

{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي: قليل جدا،

فسره بقوله:
{ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }


لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه،
ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه،


والمعنى في هذا:

أن السيارة لما وجدوه، عزموا أن يُسِرُّوا أمره،
ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم،
حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم،
فاشتروه منهم بذلك الثمن،
واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب،
والله أعلم.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:41 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ
أَكْرِمِي مَثْوَاهُ


عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا

وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ

وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ

وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }

{ 21 }

أي: لما ذهب به السيارة إلى مصر وباعوه بها،
فاشتراه عزيز مصر، فلما اشتراه، أعجب به،
ووصى عليه امرأته


وقال:


{ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا }

أي: إما أن ينفعنا كنفع العبيد بأنواع الخدم،

وإما أن نستمتع فيه استمتاعنا بأولادنا،

ولعل ذلك أنه لم يكن لهما ولد،



{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ }

أي: كما يسرنا له أن يشتريه عزيز مصر،

ويكرمه هذا الإكرام،

جعلنا هذا مقدمة
لتمكينه في الأرض من هذا الطريق.



{ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ }
إذا بقي لا شغل له ولا همَّ له سوى العلم
صار ذلك من أسباب تعلمه علما كثيرا،
من علم الأحكام، وعلم التعبير، وغير ذلك.


{ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ }
أي: أمره تعالى نافذ،
لا يبطله مبطل،
ولا يغلبه مغالب،

{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
فلذلك يجري منهم ويصدر ما يصدر،
في مغالبة أحكام الله القدرية،
وهم أعجز وأضعف من ذلك.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 01:41 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ
آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }

{ 22 }




أي: { وَلَمَّا بَلَغَ } يوسف

{ أَشُدَّهُ }
أي: كمال قوته المعنوية والحسية،
وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة،
من النبوة والرسالة.

{ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا }
أي: جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا،

{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها،
وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم،
نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا.




ودلَّ هذا،

على أن يوسف وفَّى مقام الإحسان،
فأعطاه الله الحكم بين الناس
والعلم الكثير والنبوة.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 05-05-14, 08:45 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
أبـو عـبـد الـرحـمـن
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبـو عـبـد الـرحـمـن


البيانات
التسجيل: Jan 2012
العضوية: 7069
المشاركات: 1,620 [+]
بمعدل : 0.36 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 17
نقاط التقييم: 188
أبـو عـبـد الـرحـمـن مدهشأبـو عـبـد الـرحـمـن مدهش

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبـو عـبـد الـرحـمـن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

شكر الله لك أخي الحبيب وبارك بك










توقيع : أبـو عـبـد الـرحـمـن

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور أبـو عـبـد الـرحـمـن   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 11:19 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

بارك الله فيكم










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 11:21 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ

وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ

وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ

قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ

إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ *

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا

لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ

كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ *

وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ

وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ

قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا

إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ *


قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا

إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ

فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ *

وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ

فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ *

فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ

قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ *

يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا

وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ

إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ }


{ 23 - 29 }


هذه المحنة العظيمة أعظم على يوسف من محنة إخوته،
وصبره عليها أعظم أجرا،
لأنه صبر اختيار مع وجود الدواعي الكثيرة،
لوقوع الفعل،
فقدم محبة الله عليها،


وأما محنته بإخوته، فصبره صبر اضطرار،
بمنزلة الأمراض والمكاره
التي تصيب العبد بغير اختياره
وليس له ملجأ إلا الصبر عليها،
طائعا أو كارها،


وذلك أن يوسف عليه الصلاة والسلام
بقي مكرما في بيت العزيز،
وكان له من الجمال والكمال والبهاء ما أوجب ذلك،

أن { رَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ }
أي: هو غلامها، وتحت تدبيرها،
والمسكن واحد،
يتيسر إيقاع الأمر المكروه من غير إشعار أحد،
ولا إحساس بشر.




{ وَ } زادت المصيبة،
بأن { غَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ } وصار المحل خاليا،
وهما آمنان من دخول أحد عليهما،
بسبب تغليق الأبواب،

وقد دعته إلى نفسها
{ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ }
أي: افعل الأمر المكروه وأقبل إليَّ،

ومع هذا فهو غريب،
لا يحتشم مثله ما يحتشمه إذا كان في وطنه وبين معارفه،
وهو أسير تحت يدها،
وهي سيدته،
وفيها من الجمال ما يدعو إلى ما هنالك،
وهو شاب عزب،
وقد توعدته،
إن لم يفعل ما تأمره به بالسجن،
أو العذاب الأليم.




فصبر عن معصية الله،
مع وجود الداعي القوي فيه،
لأنه قد هم فيها هما تركه لله،
وقدم مراد الله على مراد النفس الأمارة بالسوء،
ورأى من برهان ربه
- وهو ما معه من العلم والإيمان،
الموجب لترك كل ما حرم الله -
ما أوجب له البعد والانكفاف،
عن هذه المعصية الكبيرة،


و { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ }
أي: أعوذ بالله أن أفعل هذا الفعل القبيح،
لأنه مما يسخط الله ويبعد منه،
ولأنه خيانة في حق سيدي الذي أكرم مثواي.



فلا يليق بي أن أقابله في أهله بأقبح مقابلة،
وهذا من أعظم الظلم،
والظالم لا يفلح،

والحاصل
أنه جعل الموانع له من هذا الفعل
تقوى الله،
ومراعاة حق سيده الذي أكرمه،
وصيانة نفسه عن الظلم
الذي لا يفلح من تعاطاه،

وكذلك ما منَّ الله عليه
من برهان الإيمان الذي في قلبه،
يقتضي منه امتثال الأوامر، واجتناب الزواجر،


والجامع لذلك كله

أن الله صرف عنه السوء والفحشاء،
لأنه من عباده المخلصين له في عباداتهم،
الذين أخلصهم الله واختارهم،
واختصهم لنفسه،
وأسدى عليهم من النعم،
وصرف عنهم من المكاره
ما كانوا به من خيار خلقه.




ولما امتنع من إجابة طلبها بعد المراودة الشديدة،
ذهب ليهرب عنها ويبادر إلى الخروج من الباب ليتخلص،
ويهرب من الفتنة،

فبادرت إليه،
وتعلقت بثوبه، فشقت قميصه،
فلما وصلا إلى الباب في تلك الحال،

ألفيا سيدها، أي: زوجها لدى الباب،
فرأى أمرا شق عليه،

فبادرت إلى الكذب،
أن المراودة قد كانت من يوسف،


وقالت: { مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا }
ولم تقل "من فعل بأهلك سوءا"
تبرئة لها وتبرئة له أيضا من الفعل.



وإنما النزاع عند الإرادة والمراودة

{ إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
أي: أو يعذب عذابا أليما.



فبرأ نفسه مما رمته به،
وقال: { هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي }
فحينئذ احتملت الحال صدق كل واحد منهما
ولم يعلم أيهما.




ولكن الله تعالى جعل للحق والصدق
علامات وأمارات تدل عليه،
قد يعلمها العباد وقد لا يعلمونها،


فمنَّ الله في هذه القضية بمعرفة الصادق منهما،
تبرئة لنبيه وصفيه يوسف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة،

فانبعث شاهد من أهل بيتها،
يشهد بقرينة من وجدت معه،
فهو الصادق،

فقال: { إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ
فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ }
لأن ذلك يدل على أنه هو المقبل عليها،
المراود لها المعالج،
وأنها أرادت أن تدفعه عنها،
فشقت قميصه من هذا الجانب.




{ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ
فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ }
لأن ذلك يدل على هروبه منها،
وأنها هي التي طلبته فشقت قميصه من هذا الجانب.




{ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ }
عرف بذلك صدق يوسف وبراءته،
وأنها هي الكاذبة.




فقال لها سيدها:
{ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ }
وهل أعظم من هذا الكيد،
الذي برأت به نفسها مما أرادت وفعلت،
ورمت به نبي الله يوسف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة،


ثم إن سيدها لما تحقق الأمر،
قال ليوسف: { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا }
أي: اترك الكلام فيه وتناسه ولا تذكره لأحد،
طلبا للستر على أهله،


{ وَاسْتَغْفِرِي }أيتها المرأة
{ لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ }
فأمر يوسف بالإعراض،
وهي بالاستغفار والتوبة.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 11:23 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ
امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ
قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا
إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا
وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ
فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ
وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ
وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا
إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ *

قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ
وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ
لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ *

قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ
وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ
أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ *

فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ
فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *

ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ
لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ }
{ 30 - 35 }




يعني: أن الخبر اشتهر وشاع في البلد،
وتحدث به النسوة فجعلن يلمنها،

ويقلن: { امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
أي: هذا أمر مستقبح،
هي امرأة كبيرة القدر، وزوجها كبير القدر،
ومع هذا لم تزل تراود فتاها الذي تحت يدها
وفي خدمتها عن نفسه،

.ومع هذا فإن حبه قد بلغ من قلبها مبلغا عظيما.




{ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا }
أي: وصل حبه إلى شغاف قلبها،
وهو باطنه وسويداؤه،
وهذا أعظم ما يكون من الحب،

{ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }
حيث وجدت منها هذه الحالة التي لا تنبغي منها،
وهي حالة تحط قدرها وتضعه عند الناس،
وكان هذا القول منهن مكرا،

ليس المقصود به مجرد اللوم لها والقدح فيها،
وإنما أردن أن يتوصلن بهذا الكلام إلى رؤية يوسف
الذي فتنت به امرأة العزيز
لتحنق امرأة العزيز، وتريهن إياه ليعذرنها،
ولهذا سماه مكرا،

فقال: { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ }
تدعوهن إلى منزلها للضيافة.



{ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً }
أي: محلا مهيأ بأنواع الفرش والوسائد،
وما يقصد بذلك من المآكل اللذيذة،
وكان في جملة ما أتت به وأحضرته في تلك الضيافة،
طعام يحتاج إلى سكين، إما أترج، أو غيره،

{ وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا }
ليقطعن فيها ذلك الطعام

{ وَقَالَتِ } ليوسف:
{ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } في حالة جماله وبهائه.



{ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ }
أي: أعظمنه في صدورهن،
ورأين منظرا فائقا لم يشاهدن مثله،

{ وَقَطَّعْنَ } من الدهش
{ أَيْدِيَهُنَّ }بتلك السكاكين اللاتي معهن،

{ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ } أي: تنزيها لله

{ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ }
وذلك أن يوسف أعطي من الجمال الفائق والنور والبهاء،
ما كان به آية للناظرين،
وعبرة للمتأملين.




فلما تقرر عندهن جمال يوسف الظاهر،
وأعجبهن غاية،
وظهر منهن من العذر لامرأة العزيز،
شيء كثير - أرادت أن تريهن جماله الباطن
بالعفة التامة

فقالت معلنة لذلك ومبينة لحبه الشديد غير مبالية،
ولأن اللوم انقطع عنها من النسوة:
{ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ }
أي: امتنع وهي مقيمة على مراودته،
لم تزدها مرور الأوقات إلا قلقا ومحبة
وشوقا لوصاله وتوقا.



ولهذا قالت له بحضرتهن:
{ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ
وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ }
لتلجئه بهذا الوعيد إلى حصول مقصودها منه،


فعند ذلك اعتصم يوسف بربه،
واستعان به على كيدهن
و { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ }
وهذا يدل على أن النسوة،
جعلن يشرن على يوسف في مطاوعة سيدته،
وجعلن يكدنه في ذلك.



فاستحب السجن والعذاب الدنيوي
على لذة حاضرة توجب العذاب الشديد،

{ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ }
أي: أمِل إليهن،
فإني ضعيف عاجز،
إن لم تدفع عني السوء،

{ وَأَكُنْ }إن صبوت إليهن
{ مِنَ الْجَاهِلِينَ }
فإن هذا جهل،
لأنه آثر لذة قليلة منغصة،
على لذات متتابعات وشهوات متنوعات
في جنات النعيم،

ومن آثر هذا على هذا،
فمن أجهل منه؟"

فإن العلم والعقل يدعو إلى تقديم أعظم المصلحتين
وأعظم اللذتين،
ويؤثر ما كان محمود العاقبة.




{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ }حين دعاه
{ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ }
فلم تزل تراوده وتستعين عليه بما تقدر عليه من الوسائل،
حتى آيسها، وصرف الله عنه كيدها،

{ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ }لدعاء الداعي
{ الْعَلِيمُ }
بِنيته الصالحة،
وبُنيته الضعيفة
المقتضية لإمداده بمعونته ولطفه.



فهذا ما نجى الله به يوسف
من هذه الفتنة الملمة والمحنة الشديدة،


.وأما أسياده فإنه لما اشتهر الخبر وبان،
وصار الناس فيها بين عاذر ولائم وقادح.



{ بَدَا لَهُمْ } أي: ظهر لهم
{ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ } الدالة على براءته،

{ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ }
أي: لينقطع بذلك الخبر ويتناساه الناس،
فإن الشيء إذا شاع لم يزل يذكر ويشاع مع وجود أسبابه،
فإذا عدمت أسبابه نُسي،
فرأوا أن هذا مصلحة لهم،

فأدخلوه في السجن.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 11:24 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

{ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ
قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا
وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا
تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ
نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *

قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ
إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا
ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي
إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *

وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ

ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِعَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ *

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ
أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ *

مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ
إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ

إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ
أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ

وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }

{ 36 - 40 }




أي: { و } لما دخل يوسف السجن،
كان في جملة من { دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ }
أي: شابان،
فرأى كل واحد منهما رؤيا،
فقصها على يوسف ليعبرها،

.فـ { قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا
وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا }
وذلك الخبز { تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ }
أي: بتفسيره، وما يؤول إليه أمرهما،


وقولهما: { إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ }
أي: من أهل الإحسان إلى الخلق،
فأحسن إلينا في تعبيرك لرؤيانا،
كما أحسنت إلى غيرنا،
فتوسلا ليوسف بإحسانه.



فـ { قَالَ } لهما مجيبا لطلبتهما:
{ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ
إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا }
أي: فلتطمئن قلوبكما،
فإني سأبادر إلى تعبير رؤياكما،
فلا يأتيكما غداؤكما، أو عشاؤكما،
أول ما يجيء إليكما،
إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما.




ولعل يوسف عليه الصلاة والسلام قصد أن يدعوهما
إلى الإيمان في هذه الحال
التي بدت حاجتهما إليه،
ليكون أنجع لدعوته، وأقبل لهما.



ثم قال: { ذَلِكُمَا } التعبير الذي سأعبره لكما
{ مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي }
أي: هذا من علم الله علمنيه وأحسن إليَّ به،

وذلك { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }
والترك كما يكون للداخل في شيء ثم ينتقل عنه،
يكون لمن لم يدخل فيه أصلًا.



فلا يقال: إن يوسف كان من قبل،
على غير ملة إبراهيم.



{ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ }

ثم فسر تلك الملة بقوله:
{ مَا كَانَ لَنَا } أي: ما ينبغي ولا يليق بنا
{ أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ }
بل نفرد الله بالتوحيد،
ونخلص له الدين والعبادة.



{ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ }
أي: هذا من أفضل مننه وإحسانه وفضله علينا،
وعلى من هداه الله كما هدانا،

فإنه لا أفضل من منة الله على العباد
بالإسلام والدين القويم،
فمن قبله وانقاد له فهو حظه،
وقد حصل له أكبر النعم وأجل الفضائل.



{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ }
فلذلك تأتيهم المنة والإحسان،
فلا يقبلونها ولا يقومون لله بحقه،

وفي هذا من الترغيب للطريق التي هو عليها ما لا يخفى،

فإن الفتيين لما تقرر عنده أنهما رأياه بعين التعظيم والإجلال
-وأنه محسن معلم-
ذكر لهما أن هذه الحالة التي أنا عليها،
كلها من فضل الله وإحسانه،
حيث منَّ عليَّ بترك الشرك وباتباع ملة آبائه،
فبهذا وصلت إلى ما رأيتما،
فينبغي لكما أن تسلكا ما سلكت.



ثم صرح لهما بالدعوة،

فقال: { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ
أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ
أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
أي: أرباب عاجزة ضعيفة لا تنفع ولا تضر،
ولا تعطي ولا تمنع،
وهي متفرقة ما بين أشجار وأحجار
وملائكة وأموات،
وغير ذلك من أنواع المعبودات
التي يتخذها المشركون،


أتلك { خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ }
الذي له صفات الكمال،

{ الْوَاحِدُ }
في ذاته وصفاته وأفعاله فلا شريك له
في شيء من ذلك.



{ الْقَهَّارُ }
الذي انقادت الأشياء لقهره وسلطانه،
فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن

{ ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها }
ومن المعلوم أن من هذا شأنه ووصفه خير
من الآلهة المتفرقة التي هي مجرد أسماء،
لا كمال لها ولا أفعال لديها.

ولهذا قال:
{ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً
سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ }



أي: كسوتموها أسماء، سميتموها آلهة،
وهي لا شيء،
ولا فيها من صفات الألوهية شيء،

{ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ }

بل أنزل الله السلطان بالنهي عن عبادتها
وبيان بطلانها،

وإذا لم ينزل الله بها سلطانا،
لم يكن طريق ولا وسيلة ولا دليل لها.



لأن الحكم لله وحده،
فهو الذي يأمر وينهى،
ويشرع الشرائع،
ويسن الأحكام،

وهو الذي أمركم { أن لا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }
أي: المستقيم الموصل إلى كل خير،

وما سواه من الأديان، فإنها غير مستقيمة،
بل معوجة توصل إلى كل شر.




{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
حقائق الأشياء،
وإلا فإن الفرق بين عبادة الله وحده لا شريك له،
وبين الشرك به،
أظهر الأشياء وأبينها.


ولكن لعدم العلم من أكثر الناس بذلك،
حصل منهم ما حصل من الشرك،


.فيوسف نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة دعا صاحبي السجن
لعبادة الله وحده،
وإخلاص الدين له،

فيحتمل أنهما استجابا وانقادا،
فتمت عليهما النعمة،

ويحتمل أنهما لم يزالا على شركهما،
فقامت عليهما -بذلك- الحجة،










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
قديم 06-05-14, 11:25 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
أبو فراس السليماني
اللقب:
عضو
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية أبو فراس السليماني


البيانات
التسجيل: Nov 2013
العضوية: 11232
المشاركات: 1,339 [+]
بمعدل : 0.35 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 13
نقاط التقييم: 34
أبو فراس السليماني على طريق التميز

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
أبو فراس السليماني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أبو فراس السليماني المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

ثم إنه نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة شرع يعبر رؤياهما،
بعد ما وعدهما ذلك،
فقال:


{ 41 } { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا }
وهو الذي رأى أنه يعصر خمرا،
فإنه يخرج من السجن { فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا }
أي: يسقي سيده الذي كان يخدمه خمرا،
وذلك مستلزم لخروجه من السجن،

{ وَأَمَّا الْآخَرُ } وهو:
الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه.



{ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ }
فإنه عبر [عن] الخبز الذي تأكله الطير،
بلحم رأسه وشحمه،
وما فيه من المخ،
وأنه لا يقبر ويستر عن الطيور،
بل يصلب ويجعل في محل،
تتمكن الطيور من أكله،

ثم أخبرهما بأن هذا التأويل الذي تأوله لهما،
أنه لا بد من وقوعه فقال:
{ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }
أي: تسألان عن تعبيره وتفسيره.










عرض البوم صور أبو فراس السليماني   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 3 :
أبو بلال المصرى, أبو فراس السليماني, الشـــامـــــخ

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Bookmark and Share


الساعة الآن 06:23 PM

أقسام المنتدى

قســم إسلامنا تاريخٌ ومنهاج | بيت الكتاب والسنة | قســم موسوعة الصوتيات والمرئيات والبرامج | بيت الشكـاوي والإقتراحــات | بيت الآل والأصحاب من منظور أهل السنة والجماعة | قســم الموسوعـة الحواريـة | بيت الحــوار العقـائــدي | بيت الطـب البـديـل وطـب العـائلـة | بيت الأسـرة السعيــدة | قســم الدعم الخاص لقناة وصــال | بيت شبهات وردود | بيت التـاريـخ الإسلامي | بيت المهتدون إلى الإسلام ومنهج الحق | قســم موسوعة الأسرة المسلمـــة | وحــدة الرصــد والمتـابعــة | بيت الصوتيـات والمرئيـات العــام | بيت الصــــور | بيت الأرشيــف والمواضيــع المكــررة | بيت الترحيب بالأعضاء الجدد والمناسبات | بيت الجـوال والحـاسـب والبـرامـج المعـربـة | بيت المكتبـة الإسلاميـة | بيت الأحبـة فــي اللــه الطاقــم الإشـرافــي | بيت موسوعة طالب العلم | قســم الموسوعة الثقافية | البيــت العـــام | قســم دليل وتوثيق | بيت وثائق وبراهين | بيت القصـص والعبـــــــر | بيت الإدارة | بيت الصوتيـات والمرئيـات الخــاص | بيت المعتقد الإسماعيلي الباطني | بيت مختارات من غرف البالتوك لأهل السنة والجماعة | بيت الأحبـة فــي اللــه المراقبيـــــــن | بيت أهل السنه في إيران وفضح النشاط الصفوي | بيت المحــذوفــات | بيت ســؤال وجــواب | بيت أحداث العالم الإسلامي والحوار السياسـي | بيت فـرق وأديـان | باب علــم الحــديـث وشرحــه | بيت الحـــوار الحــــــــّر | وصــال للتواصل | بيت الشعـــر وأصنافـــه | باب أبـداعـات أعضـاء أنصـار الشعـريـة | باب المطبــخ | بيت الداعيـــات | بيت لمســــــــــــات | بيت الفـلاش وعـالـم التصميــم | قســم التـواصـي والتـواصـل | قســم الطــاقــــــــم الإداري | العضويات | بـاب الحــــج | بيـت المــواســم | بـاب التعليمـي | أخبــار قناة وصــال المعتمدة | بيت فـريـق الإنتـاج الإعـلامـي | بيت الـلـغـة العــربـيـة | مطبخ عمل شامل يخص سورية الحبيبة | باب تصاميم من إبداع أعضاء أنصـار آل محمد | بـاب البـرودكــاسـت | بيت تفسير وتعبير الرؤى والأحلام | ســؤال وجــواب بمــا يخــص شبهات الحديث وأهله | كلية اللغة العربية | باب نصح الإسماعيلية | باب غرفـة أبنـاء عائشـة أنصـار آل محمـد | بـيــت المـؤسـســيـــن | بـاب السيـرة النبـويـة | بـاب شهـــر رمضــان | تـراجــم علمـائـنـا |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant