شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   باب علــم الحــديـث وشرحــه (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (https://ansaaar.com/showthread.php?t=33893)

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:46 AM

الحديث الثاني والأربعون

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالشفعة في كل ما لم يقسم.
فإذا وقعت الحدود،
وصُرفت الطرق،
فلا شفعة"

رواه البخاري.


يؤخذ من هذا الحديث:

أحكام الشفعة كلها،
وما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه.

والشفعة إنما هي في الأموال المشتركة.
وهي قسمان: عقار وغيره.

فأثبت في هذا الحديث الشفعة في العقار.

ودلَّ على أن غير العقار لا شفعة فيه،

فالشركة في الحيوانات، والأثاثات،
والنقود، وجميع المنقولات
لا شفعة فيها،
إذا باع أحدهما نصيبه منها.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:46 AM

وأما العقارات:

فإذا أفرزت وحددت الحدود،
وصرفت الطرق
واختار كل من الشريكين نصيبه
فلا شفعة فيها،

كما هو نص الحديث
لأنه يصير حينئذ جاراً،
والجار لا شفعة له على جاره.


وأما إذا لم تحد الحدود
ولم تصرف الطرق،
ثم باع أحدهم نصيبه:
فللشريك أو الشركاء الباقين الشفعة،
بأن يأخذوه بالثمن الذي وقع عليه العقد،
كُلٍّ على قدر ملكه.


وظاهر الحديث:

أنه لا فرق بين العقار الذي تمكن قسمته
والذي لا تمكن
وهذا هو الصحيح؛

لأن الحكمة في الشفعة
وهي إزالة الضرر عن الشريك
موجودة في النوعين.
والحديث عام.

وأما ما استدل به على التفريق بين النوعين:
فضعيف.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:48 AM

واختلف العلماء

في شفعة الجار على جاره،
إذا كان بينهما حق من حقوق الملكين،
كطريق مشترك،
أو بئر أو نحوهما.

فمنهم:

من أوجب الشفعة في هذا النوع،

وقال:
إن هذا الاشتراك في هذا الحق
نظير الاشتراك في جميع الملك،
والضرر في هذا كالضرر هناك.
وهو الذي تدل عليه الأدلة.


ومنهم:
من لم يثبت فيه شفعة،
كما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.

ومنهم:
من أثبت الشفعة للجار مطلقاً.
وهذه الصورة عنده من باب أولى،
كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة.


والنبي صلى الله عليه وسلم
أثبت للشريك الشفعة:

إن شاء أخذ،
وإن شاء لم يأخذ،
وهو من جملة الحقوق،
التي لا تسقط إلا بإسقاطها صريحاً،
أو بما يدل على الإسقاط.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:48 AM

وأما اشتراط المبادرة جداً إلى الأخذ بها،
من غير أن يكون له فرصة
في هذا الحق المتفق عليه:
فهذا قول لا دليل عليه.

وما استدلوا به من الحديثين اللذين أوردهما:
"الشفعة كحل العقال
"الشفعة لمن واثَبَها"(1)


فلم يصح منهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.


فالصحيح:
أن هذا الحق كغيره من الحقوق
من خيار الشرط، أو العيب أو نحوها
الحق ثابت
إلا إن أسقطه صاحبه
بقول أو فعل

والله أعلم.


******************
(1) طلبها حين علم بالبيع ولم يتراخ في طلبها.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:49 AM

الحديث الثالث والأربعون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"يقول الله تعالى:
أنا ثالث الشريكين،
ما لم يَخُن أحدهما صاحبه.
فإن خانه خرجت من بينهما
"

رواه أبو داود.



يدل هذا الحديث بعمومه
على جواز أنواع الشركات كلها:
شركة العنان، والأبدان،
والوجوه، والمضاربة،
والمفاوضة
وغيرها من أنواع الشركات
التي يتفق عليها المتشاركان.


ومن منع شيئاً منها
فعليه الدليل الدال على المنع،
وإلا فالأصل الجواز،
لهذا الحديث، وشموله.

ولأن الأصل الجواز في كل المعاملات.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:50 AM

ويدل الحديث

على فضل الشركات وبركتها،
إذا بنيت على الصدق والأمانة.

فإن من كان الله معه بارك له في رزقه،
ويسر له الأسباب التي ينال بها الرزق،
ورزقه من حيث لا يحتسب،
وأعانه وسدده.



وذلك :

لأن الشركات يحصل فيها التعاون بين الشركاء
في رأيهم وفي أعمالهم.
وقد تكون أعمالاً لا يقدر عليها كل واحد بمفرده،
وباجتماع الأعمال والأموال يمكن إدراكها.


أبو فراس السليماني 29-06-14 06:53 AM

والشركات أيضاً
يمكن تفريعها وتوسيعها
في المكان والأعمال وغيرها.


وأيضاً:
فإن الغالب أنها يحصل بها
من الراحة ما لا يحصل بتفرد الإنسان بعمله.
وقد يجري ويدير أحدهما العمل مع راحة الآخر،
أو ذهابه لبعض مهماته،
أو وقت مرضه.

وهذا كله مع الصدق والأمانة.

فإذا دخلتها الخيانة
ونوى أحدهما
أو كلاهما خيانة الآخر،
وإخفاء ما يتمكن منه
خرج الله من بينهما.
وذهبت البركة.
ولم تتيسر الأسباب.

والتجربة والمشاهدة تشهد لهذا الحديث.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:53 AM

الحديث الرابع والأربعون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"إذا مات العبد انقطع عمله
إلا من ثلاث:
صدقة جارية،
أو علم ينتفع به،
أو ولد صالح يدعو له
"

رواه مسلم.


دار الدنيا جعلها الله دار عمل،
يتزود منها العباد من الخير، أو الشر،
للدار الأخرى،
وهي دار الجزاء.

وسيندم المفرطون
إذا انتقلوا من هذه الدار،
ولم يتزودوا منها لآخرتهم ما يسعدهم،

وحينئذ لا يمكن الاستدراك.
ولا يتمكن العبد
أن يزيد حسناته مثقال ذرة،
ولا يمحو من سيئاته كذلك.

وانقطع عمل العبد عنه
إلا هذه الأعمال الثلاثة
التي هي من آثار عمله.


أبو فراس السليماني 29-06-14 06:57 AM

الأول الصدقة الجارية:

أي: المستمر نفعها.
وذلك كالوقف للعقارات التي ينتفع بمغلِّها،
أو الأواني التي ينتفع باستعمالها،
أو الحيوانات التي ينتفع بركوبها ومنافعها،
أو الكتب والمصاحف التي ينتفع باستعمالها
والانتفاع بها،
أو المساجد والمدارس والبيوت
وغيرها
التي ينتفع بها.

فكلها أجرها جارٍٍ على العبد
ما دام يُنتفع بشيء منها.


وهذا من أعظم فضائل الوقف.

وخصوصاً الأوقاف التي فيها الإعانة
على الأمور الدينية،
كالعلم والجهاد،
والتفرغ للعبادة،
ونحو ذلك.


ولهذا اشترط العلماء في الوقف:


أن يكون مصرفه على جهة بِر وقربة.



أبو فراس السليماني 29-06-14 06:58 AM

الثاني العلم الذي ينتفع به من بعده:

كالعلم الذي علمه الطلبة المستعدين للعلم،
والعلم الذي نشره بين الناس،
والكتب التي صنفها في أصناف العلوم النافعة.

وهكذا كل ما تسلسل الانتفاع بتعليمه مباشرة، أو كتابة،
فإن أجره جارٍ عليه.

فكم من علماء هداة
ماتوا من مئات من السنين،
وكتبهم مستعملة،
وتلاميذهم قد تسلسل خيرهم.
وذلك فضل الله.



الثالث الولد الصالح:

ولد صلب، أو ولد ابن، أو بنت، ذكر أو أنثى

ينتفع والده بصلاحه ودعائه.

فهو في كل وقت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة،
ورفع الدرجات،
وحصول المثوبات.

أبو فراس السليماني 29-06-14 06:59 AM

وهذه المذكورة في هذا الحديث هي مضمون قوله تعالى:

{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى
وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ
}(1).

فما قدموا:
هو ما باشروه من الأعمال الحسنة أو السيئة.

وآثارهم
ما ترتب على أعمالهم، مما عمله غيرهم،
أو انتفع به غيرهم.


وجميع ما يصل إلى العبد
من آثار عمله ثلاثة:


الأول:
أمور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه.


الثاني:
أمور انتفع بها الغير أيّ نفع كان،
على حسب ذلك النفع
باقتدائه به في الخير.


الثالث:
أمور عملها الغير وأهداها إليه،
أو صدقة تصدق بها عنه أو دعا له،
سواء أكان من أولاده الحسيين
أو من أولاده الروحيين
الذين تخرجوا بتعليمه،
وهدايته وإرشاده،
أو من أقاربه وأصحابه المحبين،
أو من عموم المسلمين،
بحسب مقاماته في الدين،
وبحسب ما أوصل إلى العباد من الخير،
أو تسبب به.


وبحسب ما جعل الله له في قلوب العباد من الود
الذي لا بد أن تترتب عليه آثاره الكثيرة التي منها:
دعاؤهم، واستغفارهم له.


وكلها تدخل في هذا الحديث الشريف.



******************
(1) سورة يس – آية 12 .

أبو فراس السليماني 29-06-14 07:16 AM

وقد يجتمع للعبد في شيء واحد عدة منافع.
كالولد الصالح العالم
الذي سعى أبوه في تعليمه،
وكالكتب التي يقفها
أو يهبها لمن ينتفع بها.


ويستدل بهذا الحديث
على الترغيب في التزوج
الذي من ثمراته حصول الأولاد الصالحين،
وغيرها من المصالح،
كصلاح الزوجة وتعليمها ما تنتفع به،
وتنفع غيرها.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 29-06-14 07:19 AM

الحديث الخامس والأربعون

عن أسمر بن مضرس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له"

رواه أبو داود.



يدخل في هذا الحديث:

السبق إلى جميع المباحات التي ليست ملكاً لأحد،
ولا باختصاص أحد.

فيدخل فيه:
السبق إلى إحياء الأرض الموات.
فمن سبق إليها باستخراج ماء،
أو إجرائه عليها،
أو ببناء: مَلَكها.
ولا يملكها بدون الإحياء.

لكن لو أقطعه الإمام أو نائبه،
أو تحجر مواتاً من دون إحيائه:
فهو أحق به، ولا يملكه.

فإن وجد متشوف للإحياء قيل له:
إما أن تعمرها،
وإما أن ترفع يدك عنها.

أبو فراس السليماني 29-06-14 07:19 AM

ويدخل في ذلك :

السبق إلى صيد البر، والبحر،
وإلى المعادن غير الظاهرة،
وغير الجارية.

والسبق إلى أخذ حطب أو حشيش
أو منبوذ رغبة عنه.

والسبق إلى الجلوس في المساجد والمدارس
والأسواق والرُّبُط
إن لم يتوقف ذلك على ناظر
جعل له الترتيب والتعيين،
فيرجع فيه إلى نص الواقفين والموصين.

فمن سبق إلى شيء من المباحات
التي لا مالك لها:
فهو أحق بها.
والملك فيها مقصور على القدر المأخوذ.


وكذلك
من سبق إلى الأعمال
في الجعالات التي يقول فيها صاحبها:
من عمل لي هذا العمل فله كذا:
فهو المستحق للتقديم والجعل.

وكذلك
من سبق إلى التقاط اللقطة واللقيط،
وغيرها فكله داخل في هذا الحديث.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 29-06-14 07:21 AM

الحديث السادس والأربعون

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"ألحَقوا الفرائض بأهلها.
فما بقى فهو لأوْلى رجل ذكر
"

متفق عليه.



الحديث السابع والأربعون

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقَّه،
فلا وصية لوارث
"

رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.


هذان الحديثان اشتملا على جلّ أحكام المواريث،
وأحكام الوصايا
فإن الله تعالى فصَّل أحكام المواريث
تفصيلاً تاماً واضحاً،
وأعطى كل ذي حق حقه.

وأمر صلى الله عليه وسلم أن يلحق الفرائض بأهلها،
فيقدمون على العصبات.

فما بقي فهو لأوْلى رجل ذكر.
وهم العصبة من الفروع الذكور،
والأصول الذكور،
وفروع الأصول الذكور،
والولاء.



الساعة الآن 10:15 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant