شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   باب علــم الحــديـث وشرحــه (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (https://ansaaar.com/showthread.php?t=33893)

أبو فراس السليماني 29-06-14 04:55 PM

ويؤخذ من هذا الحديث:

أن حفظ اليمين في غير هذه الأمور أولى،
لكن إن كانت اليمين على فعل مأمور،
أو ترك منهي،
لم يكن له أن يحنث.

وإن كانت في المباح،
خيّر بين الأمرين.
وحفظها أولى.


واعلم أن الكفَّارة لا تجب
إلا في اليمين المنعقدة على مستقبل
إذا حلف وحنث.

وهي
على التخيير بين العتق،
أو إطعام عشرة مساكين،
أو كسوتهم.
فمن لم يجد
فصيام ثلاثة أيام.


وأما اليمين على الأمور الماضية
أو لغو اليمين،
كقول الإنسان:
لا والله، وبلى والله
في عرض حديثه:
فلا كفارة فيها.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 29-06-14 04:56 PM

الحديث الثاني والخمسون

عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"من نذر أن يطيع الله فليطعه.
ومن نذر أن يعص الله فلا يعصه".

رواه البخاري.


النذر إلزام العبد نفسه طاعة لله:

إما بدون سبب،
كقوله، لله عليّ أو نذرت عتق رقبة،
أو صيام كذا وكذا،
أو الصدقة بكذا وكذا.

وإما بسبب،
كأن يعلق ذلك على قدوم غائبه،
أو بُرْء مريض،
أو حصول محبوب،
أو زوال مكروه،
فمتى تمّ له مطلوبه وجب عليه الوفاء.

أبو فراس السليماني 29-06-14 04:56 PM

وهذا الحديث شامل للطاعات كلها.

فمن نذر طاعة واجبة ومستحبة
وجب عليه الوفاء بالنذر،
وليس عنه كفارة.
بل يتعين الوفاء،

كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث.

وكما أثنى الله على الموفين بنذرهم
في قوله:
{ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ }(1)

مع أن عقد النذر مكروه،

كما نهى صلى الله عليه وسلم عن النذر.
وقال:
"إنه لا يأتي بخير،
وإنما يُستخرج به من البخيل".

******************
(1) سورة الإنسان – آية 7 .

أبو فراس السليماني 29-06-14 04:57 PM

وأما نذر المعصية،

فيتعين على العبد أن يترك معصية الله ولو نذرها.

وبقية أقسام النذر،
كنذر المعصية،
والنذر المباح،
ونذر اللجاج، والغضب،

حكمها حكم اليمين في الحنث،
فيها كفارة يمين
لمشاركتها في المعنى لليمين.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:55 AM

الحديث الثالث والخمسون

عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"المسلمون تتكافأ دماؤهم،
ويسعى بذمتهم أدناهم.
ويرد عليهم أقصاهم.
وهم يَدٌ على من سواهم.

ألا، لا يُقتل مسلم بكافر،
ولا ذو عَهْد في عهده"

رواه أبو داود والنسائي.
ورواه ابن ماجه عن ابن عباس.


هذا الحديث كالتفصيل لقوله تعالى:
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }(1)


وقوله صلى الله عليه وسلم :
"وكونوا عباد الله إخوانا".

فعلى المؤمنين:

أن يكونوا متحابين،
متصافين غير متباغضين ولا متعادين.
يسعون جميعاً لمصالحهم الكلية
التي بها قوام دينهم ودنياهم،
لا يتكبر شريف على وضيع،
ولا يحتقر أحد منهم أحداً.

فدماؤهم تتكافأ؛
فإنه لا يشترط في القصاص
إلا المكافأة في الدين.

فلا يقتل المسلم بالكافر،
كما في هذا الحديث،

والمكافأة في الحرية،
فلا يقتل الحر بالعبد.

******************
(1) سورة الحجرات – آية 10 .

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:56 AM

وأما بقية الأوصاف،

فالمسلمون كلهم على حد سواء.

فمن قتل أو قطع طرفاً متعمداً عدواناً،
فلهم أن يقتصوا منه بشرط المماثلة في العضو،

لا فرق بين الصغير بالكبير، وبالعكس،
والذكر والأنثى وبالعكس،
والعالم بالجاهل،
والشريف بالوضيع،
والكامل بالناقص
كالعكس في هذه الأمور.

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:56 AM

قوله صلى الله عليه وسلم :
"ويسعى بذمتهم أدناهم"

يعني: أن ذمة المسلمين واحدة.
فمتى استجار الكافر بأحد من المسلمين
وجب على بقيتهم تأمينه،

كما قال تعالى:
{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ
ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ }(2)

فلا فرق في هذا
بين إجارة الشريف الرئيس،
وبين آحاد الناس.



******************
(2) سورة التوبة – آية 6 .

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:57 AM

وقوله صلى الله عليه وسلم :
"ويرد عليهم أقصاهم"

أي: في التأمين.
وكذلك اشتراك الجيوش مع سراياه
التي تذهب فتُغِير أو تحرس،

فمتى غنم الجيش،
أو غنم أحد السرايا التابعة للجيش،
اشترك الجميع في المغنم.
ولا يختص بها المباشر؛
لأنهم كلهم متعاونون على مهمتهم.


وقوله صلى الله عليه وسلم :
"وهم يَدٌ على من سواهم"

أي: يجب على جميع المسلمين
في جميع أنحاء الأرض
أن يكونوا يداً على أعدائهم من الكفار،
بالقول والفعل،
والمساعدات والمعاونة في الأمور الحربية،
والأمور الاقتصادية،
والمدافعة بكل وسيلة.

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:58 AM

فعلى المسلمين:

أن يقوموا بهذه الواجبات بحسب استطاعتهم؛
لينصرهم الله ويعزهم،
ويدفع عنهم بالقيام بواجبات الإيمان
عدوان الأعداء.

فنسأله تعالى أن يوفقهم لذلك.

وقوله صلى الله عليه وسلم :
"ولا ذو عهد في عهده"

أي:
لا يحل قتل من له عهد من الكفار
بذمة أو أمان أو هدنة؛

فإنه لما قال:
"لا يقتل مسلم بكافر"

احترز بذلك البيان عن تحريم قتل المعاهد؛
لئلا يظن الظان جوازه.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:58 AM

الحديث الرابع والخمسون

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من تطبَّب ولم يُعلم منه طِبٌّ،
فهو ضامن"

رواه أبو داود والنسائي.

هذا الحديث يدلّ بلفظه وفحواه على:
أنه لا يحل لأحد أن يتعاطى صناعة من الصناعات
وهو لا يحسنها،
سواء كان طباً أو غيره،

وأن من تجرأ على ذلك:
فهو آثم.

وما ترتب على عمله من تلف نفس أو عضو أو نحوهما:
فهو ضامن له.

وما أخذه من المال في مقابلة تلك الصناعة
التي لا يحسنها:

فهو مردود على باذله؛
لأنه لم يبذله إلا بتغريره وإيهامه أنه يحسن،
وهو لا يحسن،
فيدخل في الغش.

و "من غشنا فليس منا".

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:59 AM

ومثل هذا
البنَّاء والنجار والحداد
والخراز والنساج ونحوهم
ممن نصَب نفسه لذلك،
موهماً أنه يحسن الصنعة،
وهو كاذب.


ومفهوم الحديث:

أن الطبيب الحاذق ونحوه
إذا باشر ولم تجن يده
وترتب على ذلك تلف،

فليس بضامن؛
لأنه مأذون فيه،
من المكلف أو وليه.

فكل ما ترتب على المأذون فيه
فهو غير مضمون،

وما ترتب على غير ذلك المأذون فيه،
فإنه مضمون.


ويستدل بهذا على:
أن صناعة الطب
من العلوم النافعة المطلوبة شرعاً وعقلاً.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 07:59 AM

الحديث الخامس والخمسون

عن عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"ادْرَءُوا الحُدودَ عن المسلمين ما استطعتم،
فإن كان له مخرج،
فخلوا سبيله.

فإن الإمام أن يخطئ في العفو،
خير من أن يخطئ في العقوبة"

رواه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً.


هذا الحديث:

يدلّ على أن الحدود تدرأ بالشبهات.
فإذا اشتبه أمر الإنسان وأشكل علينا حاله،
ووقعت الاحتمالات:
هل فعل موجب الحد أم لا؟
وهل هو عالم أو جاهل؟
وهل هو متأول معتقد حلّه أم لا؟
وهل له عذر عقد أو اعتقاد؟:

دُرئت عنه العقوبة؛
لأننا لم نتحقق موجبها يقيناً.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:00 AM

ولو تردد الأمر بين الأمرين،
فالخطأ في درء العقوبة عن فاعل سببها،
أهون من الخطأ في إيقاع العقوبة
على من لم يفعل سببها،

فإن رحمة الله سبقت غضبه،
وشريعته مبنية على اليسر والسهولة.

والأصل في دماء المعصومين
وأبدانهم وأموالهم التحريم،

حتى نتحقق ما يبيح لنا شيء من هذا.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:01 AM

وقد ذكر العلماء على هذا الأصل
في أبواب الحدود أمثلة كثيرة،
وأكثرها موافق لهذا الحديث.

ومنها:
أمثلة فيها نظر.
فإن الاحتمال الذي يشبه الوهم والخيال،
لا عبرة به.

والميزان لفظ هذا الحديث.
فإن وجدتم له،
أو فإن كان له مخرج،
فخلو سبيله.


وفي هذا الحديث:

دليل على أصل.

وهو:
أنه إذا تعارض مفسدتان تحقيقاً أو احتمالاً:
راعينا المفسدة الكبرى،
فدفعناها تخفيفاً للشر.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:02 AM

الحديث السادس والخمسون

عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"لا طاعة في معصية.
إنما الطاعة في المعروف"

متفق عليه.


هذا الحديث:
قيد في كل من تجب طاعته من الولاة،
والوالدين، والزوج، وغيرهم.
فإن الشارع أمر بطاعة هؤلاء.

وكل منهم طاعته فيما يناسب حاله
وكلها بالمعروف.

فإن الشارع ردّ الناس في كثير مما أمرهم به
إلى العرف والعادة،
كالبر والصلة،
والعدل والإحسان العام.
فكذلك طاعة من تجب طاعته.


الساعة الآن 04:00 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant