شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   باب علــم الحــديـث وشرحــه (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (https://ansaaar.com/showthread.php?t=33893)

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:03 AM

وكلها تقيد بهذا القيد،
وأن من أمر منهم بمعصية الله
بفعل محرم، أو ترك واجب:
فلا طاعة لمخلوق في معصية الله،


فإذا أمر أحدهم بقتل معصوم أو ضربه،
أو أخذ ماله،
أو بترك حج واجب،
أو عبادة واجبة،
أو بقطيعة من تجب صلته:
فلا طاعة لهم،
وتقدم طاعة الله على طاعة الخلق.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:03 AM

ويفهم من هذا الحديث،

أنه إذا تعارضت طاعة هؤلاء الواجبة،
ونافلة من النوافل،
فإن طاعتهم تقدم؛
لأن ترك النفل ليس بمعصية،

فإذا نهى زوجته عن صيام النفل،
أو حج النفل،
أو أمر الوالي بأمر من أمور السياسة
يستلزم ترك مستحب،
وجب تقديم الواجب.


وقوله صلى الله عليه وسلم :
"إنما الطاعة في المعروف"

كما أنه يتناول ما ذكرنا،
فإنه يتناول أيضاً تعليق ذلك بالقدرة والاستطاعة،
كما تعلق الواجبات بأصل الشرع.

وفي الحديث
"عليكم السمع والطاعة فيما استطعتم"

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:04 AM

الحديث السابع والخمسون

عن عبد الله بن عمرو،
وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"إذا حكم الحاكم، فاجتهد وأصاب،
فله أجران.
وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ،
فله أجر واحد"

متفق عليه.


المراد بالحاكم:

هو الذي عنده من العلم ما يؤهله للقضاء.
وقد ذكر أهل العلم شروط القاضي.
فبعضهم بالغ فيها،
وبعضهم اقتصر على العلم الذي يصلح به للفتوى.
وهو الأولى.


ففي هذا الحديث:
أن الجاهل لو حكم وأصاب الحكم:
فإنه ظالم آثم؛
لأنه لا يحل له الإقدام على الحكم،
وهو جاهل.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:05 AM

ودلّ على:
أنه لا بد للحاكم من الاجتهاد.

وهو نوعان:
اجتهاد في إدخال القضية
التي وقع فيها التحاكم بالأحكام الشرعية.

واجتهاد في تنفيذ ذلك الحق
على القريب والصديق وضدهما،

بحيث يكون الناس عنده في هذا الباب واحداً،
لا يفضل أحداً على أحد،
ولا يميله الهوى،

فمتى كان كذلك
فهو مأجور على كل حال:
إن أصاب فله أجران.

وإن أخطأ فله أجر واحد،
وخطؤه معفو عنه،
لأنه بغير استطاعته.
والعدل كغيره معلق بالاستطاعة.


أبو فراس السليماني 30-06-14 08:05 AM

والفرق بين الحاكم المجتهد،
وبين صاحب الهوى:

أن صاحب الحق قد فعل ما أُمر به
من حسن القصد والاجتهاد.

وهو مأمور في الظاهر
باعتقاد ما قام عنده عليه دليله،

بخلاف صاحب الهوى،
فإنه يتكلم بغير علم،
وبغير قصد للحق.

قاله شيخ الإسلام.

وفي هذا:
فضيلة الحاكم الذي على هذا الوصف،
وأنه يغنم الأجر والثواب
في كل قضية يحكم بها.

ولهذا:
كان القضاء من أعظم فروض الكفايات؛
لأن الحقوق بين الخلق كلها مضطرة للقاضي
عند التنازع أو الاشتباه.

وعليه:
أنه يجاهد نفسه على تحقيق هذا الاجتهاد
الذي تبرأ به ذمته،
وينال به الخير،
والأجر العظيم.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:06 AM

الحديث الثامن والخمسون

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"لو يُعطى الناسُ بدَعْواهم
لادَّعى رجالٌ دماءَ قوم وأموالهم.
ولكن اليمين على المدعى عليه
"

رواه مسلم.


وفي لفظ عند البيهقي:
"البينة على المدعي،
واليمين على من أنكر".



هذا الحديث عظيم القدر.
وهو أصل كبير من أصول القضايا والأحكام؛
فإن القضاء بين الناس إنما يكون عند التنازع:
هذا يدّعي على هذا حقاً من الحقوق،
فينكره،

وهذا يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتاً عليه.

فبين صلى الله عليه وسلم أصلاً يفض نزاعهم،
ويتضح به المحق من المبطل.



أبو فراس السليماني 30-06-14 08:07 AM

فمن ادعى عيناً من الأعيان، أو ديناً،
أو حقاً من الحقوق وتوابعها على غيره،
وأنكره ذلك الغير:
فالأصل مع المنكر.

فهذا المدعي إن أتى ببينة تثبت ذلك الحق:
ثبت له،وحُكم له به

وإن لم يأت ببينة:
فليس له على الآخر إلا اليمين.

وكذلك من ادعى براءته من الحق الذي عليه،
وأنكر صاحب الحق ذلك،
وقال: إنه باق في ذمته،

فإن لم يأت مدعي الوفاء والبراءة ببينة،
وإلا حكم ببقاء الحق في ذمته؛
لأنه الأصل.

ولكن على صاحب الحق اليمين ببقائه.

وكذلك دعوى العيوب، والشروط، والآجال، والوثائق:
كلها من هذا الباب.


أبو فراس السليماني 30-06-14 08:07 AM

فعلم أن هذا الحديث تضطر إليه القضاة
في مسائل القضاء كلها؛

لأن البينة اسم للمبين الحق.
وهي تتفاوت بتفاوت الحقوق.
وقد فصلها أهل العلم رحمهم الله.

وقد بين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الحكم،
وبين الحكمة في هذه الشريعة الكلية،

وأنها عين صلاح العباد في دينهم ودنياهم،
وأنه لو يعطى الناس بدعواهم
لكثر الشر والفساد،
ولادّعى رجال دماء قوم وأموالهم.


أبو فراس السليماني 30-06-14 08:08 AM

فعُلم أن شريعة الإسلام بها صلاح البشر.
وإذا أردت أن تعرف ذلك،
فقابل بين كل شريعة من شرائعه الكلية وبين ضدها،
تجد الفرق العظيم،

وتشهد أن الذي شرعها حكيم عليم،
رحيم بالعباد؛
لاشتمالها على الحكمة والعدل،
والرحمة،
ونصر المظلوم،
وردع الظالم.


وقد قال بعض المحققين:
إن الشريعة جعلت اليمين في أقوى جنبتي المدعين.
ومن تتبع ذلك عرفه.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:09 AM

الحديث التاسع والخمسون

عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً –:

"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة،
ولا مجلود حدّاً،
ولا ذي غمر على أخيه،
ولا ظنين في ولاء ولا قرابة،
ولا القانع من أهل البيت
"

رواه الترمذي.



هذا حديث مشتمل على الأمور القادحة في الشهادة.

وذلك:
أن الله أمر بإشهاد العدول المرضيين.

وأهل العلم اشترطوا في الشاهد في الحقوق بين الناس:
أن يكون عدلاً ظاهراً.

وذكروا صفات العدالة.



أبو فراس السليماني 30-06-14 08:09 AM

وحَدَّها بعضهم بحد مأخوذ من قوله تعالى:
{ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء }(1)

فقال: كل مرضى عند الناس يطمئنون لقوله وشهادته.
فهو مقبول.
وهذا أحسن الحدود.
ولا يسع الناس العمل بغيره.

والأشياء التي تقدح في الشهادة
ترجع إلى التهمة أو إلى مظنتها.


فمن الناس من لا تقبل شهادته مطلقاً
على جميع الأمور التي تعتبر فيها الشهادة،
كالخائن والخائنة،

والذي أتى حداً
أي:
معصية كبيرة لم يتب منها

فإنه لخيانته وفسقه مفقود العدالة،
فلا تقبل شهادته.



******************
(1) سورة البقرة – آية 282 .

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:10 AM

ومن الناس من هو موصوف بالعدالة،
لكن فيه وصف يخشى أن يميل معه،

فيشهد بخلاف الحق
وذلك كالأصول والفروع،
والمولى والقانع لأهل البيت.
فهؤلاء لا تقبل شهادتهم للمذكورين؛
لأنه محل التهمة.
وتقبل عليهم.

ومثل ذلك
الزوجان،
والسيد مع مكاتبه أو عتيقه.


ومن الناس من هو بعكس هؤلاء،

كالعَدُوّ الذي في قلبه غمر
أي: غِلٌّ
على أخيه
فهذا إن شهد له، قبلت شهادته.

وإن شهد على عدوه:
لم تقبل؛

لأن العداوة تحمل غالباً على الإضرار بالعدو

والله أعلم.


أبو فراس السليماني 30-06-14 08:10 AM

الحديث الستون

عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال :
"قلت يا رسول الله،
إنَّا لاَقُوا العدوَّ غدا،
وليس معنا مُدَى.
أفنذبح بالقصب ؟

قال: ما أنهر الدم،
وذُكر اسم الله عليه فكُلْ،

ليس السنَّ والظَّفْرَ،
وسأحدثك عنه أما السنُّ فعظمٌ.
وأما الظفر فمُدَى الحبشة.

وأصبنا نهب إبل وغنم فنَدَّ منها بعير،
فرماه رجل بسهم فحبسه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن لهذه أوَابِدَ كأوابد الوحش،
فإذا غلبكم منها شيء
فافعلوا به هكذا".

متفق عليه.

قوله صلى الله عليه وسلم :
"ما أنهر الدم إلى آخره"
كلام جامع يدخل فيه جميع ما يُنْهِر الدم
أي: يسفِكه
من حديد، أو نحاس، أو صفر، أو قصب،
أو خشب، أو حطب، أو حصى محدد،
أو غيرها،
وما له نفوذ كالرصاص في البارود؛
لأنه ينهر بنفوذه،
لا بثقله.


ودخل في ذلك :
ما صيد بالسهام، والكلاب المعلمة،
والطيور

إذا ذكر اسم الله على جميع ذلك.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:11 AM

وأما محل الذبح:

فإنه الحلقوم والمريء. إذا قطعهما كفى.
فإن حصل معهما قطع الودَجَين
وهما العرقان المكتنفان الحلقوم
كان أولى.


وأما الصيد:

فيكفي جرحه في أي موضع كان من بدنه؛
للحاجة إلى ذلك.


ومثل ذلك
إذا ندَّ البعير أو البقرة أو الشاة
وعجز عن إدراكه:

فإنه يكون بمنزلة الصيد،
كما في الحديث.
ففي أي محل من بدنه جُرح كفى،
كما أن الصيد إذا قُدر عليه
وهو حي
فلا بد من ذكاته.


فالحكم يدور مع علته،
المعجوز عنه
بمنزلة الصيد،
ولو من الحيوانات الإنسية.

والمقدور عليه
لا بد من ذبحه،
ولو من الحيوانات الوحشية.

أبو فراس السليماني 30-06-14 08:12 AM

واستثنى النبي صلى الله عليه وسلم
من ذلك السن،
وعلله بأنه عظم.

فدلّ على أن جميع العظام
وإن أنهرت الدم
لا يحل الذبح بها.


وقيل:
إن العلة مجموع الأمرين:
كونه سنا، وكونه عظما.
فيختص بالسن.
والصحيح الأول.


وكذلك الظفر لا يحل الذبح بها،
لا طير ولا غيره.


الساعة الآن 07:24 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant