![]() |
الحلقة ( 10 ) حديث (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا يَتَعَوَّذُ مِنْ الْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ...) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (10) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا يَتَعَوَّذُ مِنْ الْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا أَكْثَرَ مَا تَتَعَوَّذُ مِنْ الْمَغْرَمِ . قَالَ: « إِنَّهُ مَنْ غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ » . (1) غريبُ الحديثِ : المَغْرَم : هو الدَّين ، أو أُريد به مَغْرَم الذنوب والمعاصي(2)، والأول أرجح؛ لأن المعنى الثاني يلتقي مع المأثم . المَأْثَم : مصدر من البطء والتَّأخر، يقال ناقة آثمة أي متأخرة .والإثم مشتق من ذلك؛ لأن ذا الإثم بطيءٌ عن الخيرِ متأخِّرٌ عنه (3). فالمعنى: ما يجر إلى الذَّمِّ والعقوبة من المعاصي ، أو هو الإثم نفسه (4) . من فوائد الحديث: 1/ كثرة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستعاذته من المأثم والمغرم وهو الإساءة و التفريط في حق الله ، و حق العباد وقد عوفي منهما لأنه المعصوم المغفور له. و قد كان يفعل ذلك ليلزم نفسه خوفَ اللهِ وإعظامَهُ، والافتقارَ إليه، وامتثالَ أمره في الرغبة إليه، التواضع والإخبات له، وكان تعوّذه تعليمًا لأمَّته لتقتدي به، وليسنَّ لهم سنَّته في الدعاء والضَّراعة وهي حقيقة العبودية، وكثرة إلحاحه صلى الله عليه وسلم في المسألة مع تحقق الإجابة له لتحريض أمَّته على ملازمة الدعاء، وأنهم أحرى به على الدوام (5) . 2/ تفطُّن الصديقة عائشة – رضي الله عنها - إلى الدعوات التي يبتهل بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعجبها من المداومة على التعوذ بالله سبحانه من المغرم، لما تبادر إلى ظنها أن الدَّيْن يحرص عليه من يحب التوسُّع في الدنيا ولا يرضى بضيق الحال! وليس حال النبي كذلك . فكان سؤالها (مستفسرًا بدهشة) ما أكثر ما تتعوذ من المغرم ؟! فيأتي الجواب .. لأجل ما يفضي إليه الدَّين من الخلل في الديِّن (6). 3/ قال الطبري – رحمه الله - : المغرم (الدَّيْن) الذي استعاذ منه عليه الصلاة والسلام على أوجه ثلاثة: 1 إما فيما يكرهه الله سبحانه ثم لا يجد سبيلاً إلى قضائه . 2. أو مستدين فيما لا يكرهه الله سبحانه ولكن لا وجه لقضائه عنده، لعجزه عنه، فهو متعرض لهلاك مال أخيه ومتلفٌ له . 3. أو مستدين، له إلى القضاء سبيل، غير أنه نوى ترك القضاء وعزم على جحده ودأب على ذلك. فهو عاصٍ لربه، ظالم لنفسه، آكل مال أخيه بالباطل، وكل هؤلاء لوعدهم يخلفون وفي حديثهم يكذبون. وقد صحت الأخبار عنه عليه السلام أنه استدان في بعض الأحوال، وثبت عن السلف استدانتهم مع كراهتهم له، للحاجة إليه مع نيَّة الوفاء والقدرة عليه . وفي هذا الدليل الواضح على اختلاف الحكم بحسب اختلاف حال المدين والدين (7). 4/ الترغيب في السلامة من المَغْرم والاستعاذة منه، وبيان قبحه والمقصود به الدَّين المذموم صاحبه للأسباب السابقة . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعذ بالله من غلبة الدين كثيرًا (8) وقد نبَّه في الحديث على الضرر اللاحق بصاحبه وهو : التشبه بصفات المنافق الذي: «إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف ». فإن الغريم ربما يكذب في وصفه حاله من العجز والفقر والحاجة تمهيدًا لإعذاره في التقصير والصبر عليه ويعد في وقت معلوم في المستقبل بوفاء الدين فيخلف موعده لمطل الدائن، ولأنه قد يشغل به قلبه، ويذلُّ نفسه، وربما مات قبل وفائه فبقيت ذمَّته مرتهنة به (9).فيسئ لصاحبه في الدنيا والآخرة . 5 / قال المهلب –رحمه الله تعالى - : فيه وجوب قطع الذرائع، لأنه عليه الصلاة والسلام إنما استعاذ من الدين؛ لأنه ذريعة إلى الكذب، والخلف في الوعد مع ما يقع المدين تحته من المذلة، وما لصاحب الدين عليه من المقال (10). (1) متفق عليه ، رواه البخاري (66 ح832) بلفظ: « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: اللّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْر، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيْح الدَّجال، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المحيَا وَفِتْنَةِ المماتِ، اللّهمّ إنّي أَعوُذ بِكِ مِنَ المأثمِ والمغْرمِ » . فقال له قائلٌ : مَا أكثَر ما تَسْتعَيْذُ من المغْرَم ؟فقال: « إنَّ الرَّجُل إذا غَرِمَ حدَّثَ فكذَبَ، وَوَعَدَ فَأخْلَفَ » .و مسلم (769 ح589) بمثله و اللفظ الوارد رواه النسائي (2437 ح5456). (2) لسان العرب (12/ 436)، مختار الصحاح (ص198)، النهاية (3/363) . (3) معجم مقاييس اللغة (ص45) . (4) المفهم (2/1034)، المنهـاج (17/ 33)، الفتح (11/406)، شرح الكرماني (5/185)، إرشاد الساري (2/492) . (5) ينظر: المنهاج (17/32) و(5/91)، الفتح (2/406)، عمدة القاري (6/ 117)، إرشاد الساري (2/492)، عون المعبود (3/95)، فيض القدير (2/ 127) . (6) ينظر: حاشية السندي (8/ 259) . (7) ينظر بتصرف يسير شرح ابن بطال (6/ 521) . (8) رواه النسائي (2439 ح5489) بسنده عن عبدالله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: « اللَّهُمَّ إني أَعُوذ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وشَمَاتَةِ الأَعْداءِ ». و ابن حبان في صحيحه (3/303 ح1027)، وفي أوله زيادة: «أَنَّه كَانَ يَدْعُو اللهم اغْفرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وظُلْمَنَا وهَزْلَنَا وجِدَّنا وعَمْدَنَا وكُلُّ ذلك عِنْدَنَا، اللّهم إنِّي أَعُوذُ بِكَ من غَلَبَةِ الدَّيْنِ وغَلَبَةِ العِبَادِ وشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ » . والحاكم في مستدركه (1/713 ح1945)، و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . (9) ينظر: إكمال المعلم (2/543)، الفتح (2/405)، شرح السيوطي (3/57)، حاشية السندي (8/259)، عون المعبود (3/95) . قال الصنعاني في سبل السلام (4/221) : فمن استدان دينًا [من غير حاجة] يعلم أنه لا يقدر على قضائه فقد فعل محرمًّا. وينظر: نيل الأوطار (2/330) . (10) شرح ابن بطال (6/520)، وينظر عمدة القاري (12/ 224) . |
الحلقة ( 11 ) حديث (تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (11) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ -عَلَيْهَا السَّلاَم- أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ: « أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ » . ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ. (1) السَّائِلة : هي فَاطِمةُ بنتُ سيد المرسلينَ صلى الله عليه وسلم محمدُ بن عبداللهِ بن عبدالمطلبِ الهاشمية .روت عن أبيها صلى الله عليه وسلم وروى عنها ابناها الحسن والحسين وأبوهما علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم -، كما روت عن عائشة، وأم سلمة، وغيرهما . اختلف العلماء في بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم أيَّتُهن أصغر ، والراجح أن أصغرهن فاطمة ثم أم كلثوم، ثم رقية، ثم زينب، وكانت فاطمة أحبّهن إلى أبيها، واختلفوا في سنة مولدها، فقيل: ولدت والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة، وقيل كان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنةٍ أو أكثر، وهي أسنُّ من عائشة – رضي الله عنها - بنحو خمس سنين، وتزوجها عليٌّ –رضي الله عنه- في أوائل المحرم سنة 2 هـ بعد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة بأربعة أشهر، وأمهرها درعه الحُطَمِيّة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، وانقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منها. وفاطمة – رضي الله عنها - سيدة نساء العالمين (2)، وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداةً وعليه مرط مرحّل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (3)(4). أصح ما قيل في وفاتها، أنها ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، لثلاث خلون من رمضان سنة (11هـ) . وغسّلها بعد الموت أسماء بنت عميس وزوجها علي – رضي الله عنهم - وهي أول من غُطِّي نعشها في الإسلام، وصلى عليها علي بن أبي طالب، وقيل العباس ودفنت ليلاً كما أوصت (5) – رحمها الله ورضي عنها - . غريب الحديث : صِفِيّن : (بكسر أوله وثانيه وتشديده)، موضع معروف بالشام بقرب الرِّقَّة على شَاطئِ الفُرَات من الجانب الغربي، كانت به الوقعة المشهودة بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان سنة 37هـ في غرة صفر (6). (1) رواه البخاريُّ – واللفظ له –(463 ح5362) و(302 ح3705) بلفظ: «أَنّ فَاطِمةَ عَليها السَّلامُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحى، فأَتِيَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بسبيٍ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْها، فَلمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِئ فَاطِمَةَ، فَجاءَ النبَّيُّ صلى الله عليه وسلم إِلينَا وَقَدْ أخَذنَا مَضَاجِعنَا فذهبتُ لأقُومَ، فَقالَ عَلى مَكانِكما، فَقَعَدَ بَينَنَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلى صَدْرِي، وَقَالَ: « أَلا أَعَلِّمُكُما خَيرًا ممّا سَألتُماني؟ إذا أَخَذتما مَضَاجِعَكُما تُكَبِّرانِ ثَلاَثًا وثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحانِ ثلاثًا وثلاثيْنَ، وَتَحمدانِ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَهُو خَيْرٌ لكمُا مِنْ خَادمٍ » و مسلم (1151 ح2727). (2) متفق عليه، رواه البخاري (295 ح3623، 3642) عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « مَرْحَبًا بابنتي »، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسرَّ إليها حديثًا فبكت، فقلت لها : لم تبكين؟ ثم أسر لها حديثًا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزنٍ، فسألتها عمّا قال: قالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها، فقالت: أسرَّ إليَّ « أن جبريل كان يعارضني القرآن كلَّ سنةٍ مرة، وأنهُ عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقًا بي » فبكيت فقال: « أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين » فضحكت لذلك ، ورواه مسلم (1108 ح2450). (3) رواه مسلم (1104 ح2424) وله شاهد من حديث أم سلمة وغيرها . (4) سورة الأحزاب، الآية: 33 . (5) ينظر: الاستيعاب (4/1893)، أسد الغابة (6/220)، الإصابة (8/53) . (6) معجم ما استعجم (3/837)، معجم البلدان (3/414) . |
الحلقة ( 12 ) حديث (سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (12) عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ الضَّمْرِيِّ أَنَّ أُمَّ الْحَكَمِ - أَوْ ضُبَاعَةَ ابْنَتَيْ الزُّبَيْرِ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - حَدَّثَتْهُ عَنْ إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنْ السَّبْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ لَكِنْ سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُنَّ مِنْ ذَلِكَ تُكَبِّرْنَ اللَّهَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » قَالَ عَيَّاشٌ : وَهُمَا ابْنَتَا عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . (1) السائلات هن : 1. أم الحكم : بنت الزبير بن عبدالمطلب الهاشمية القرشية، ، واسمها صفية، وقيل عاتكة، والأول أرجح، وهي ابنة عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقال إنها أخته من الرضاعة، وروت عنه صلى الله عليه وسلم، وهي أخت ضباعة بنت الزبير، ، وكانت زوج ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، وولدت له عبد شمس، وعبدالمطلب، وأروى الكبرى، ومحمد وعبدالله، والعباس والحارث وأميَّة . أسلمت وهاجرت، وأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر ثلاثين وسقًا . (2) 2. ضُبَاعَةُ بنتُ الزُّبَيْر (إحدى السائلات) : بن عبدالمطلب بن هاشم، الهاشمية، بنت عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأمها هي عاتكة بنت أبي وهب من بني مخزوم .تزوجها المقداد البهداني ، يعرف بالمقداد بن الأسود لتبنيه له. ولدت له عبدالله وكريمة، وقتل ابنها يوم الجمل مع عائشة –رضي الله عنها-، قيل لم يكن للزبير عقب إلا من ضباعة وأختها أم الحكم . من المهاجرات، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنها ابن عباس، وجابر، وأنس، وعائشة، وعروة والأعرج – رضي الله عنهم - . (3) 3. فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سبق ترجمتها . غريب الحديث : سَبْيـًا : السين والباء والياء، أصل واحد يدل على أخذ شيء من بلد إلى بلد آخر كرهْـًا. من ذلك السَّبْيُ، يقال سبى الجارية والمأخوذة سَبِيَّة (4). من فوائد الحديث : 1/ مشروعيَّةُ استخدام الرقيق عند الحاجة إليه في مهنة البيت ورعاية الدوابِّ ونحوها، فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة ، ولا بنات عمه طلبَهُن الخادم. 2/ اختلف أهل العلم في حكم خدمةِ المرأة زوجَها (5): * ذهب مالك والشافعي وأحمد والكوفيون والليث وغيرهم إلى عدم وجوب الخدمة في بيت زوجها. * وذهبت طائفة من علماء السلف والخلف منهم أبو ثور وبعض المالكية، وأهل الظاهر وغيرهم إلى وجوب الخدمة في بيت الزوج . قال الطبري – رحمه الله -: في حديث فاطمة الإبانة عن أن كل من كانت به طاقة من النساء على خدمة نفسها في خبز أو طحين وغيره مما تعانيه المرأة في بيتها، موضوع عن زوجها ، إذا كان معروفًا أن مثلها تلي ذلك بنفسها وزوجها غير ملزم بكفايتها ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر زوجها عليًا أن يقوم بعملها بدلاً عنها، ولا ألزمه إخدامها أو استئجار من يخدمها، بل روي عنه أنه قال: «يَا بُنَيّةَ اَصْبِرِي، فَإِنَّ خَيْرَ النِساءِ الّتِي نَفَعَتْ أَهْلَهَا » (6) . - ولو كانت الخدمة من واجبات الزوج لبينه صلى الله عليه وسلم عندما سألته فاطمة – رضي الله عنها - وهو عليه السلام لا يحابي في حكم الله أحدًا . – وخدمة المرأة لزوجها هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ) (7) - والعقود المطلقة إنما تنزّل على العُرف، والعُرفُ خدمة المرأة وقيامها بمصالح بيتها، وإن قيل إن خدمة فاطمة وغيرها من الصحابيات –رضوان الله عليهن- إنما كانت تبرعًا وإحسانًا يردُّه موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع فاطمة حينما أصابها الضرر من كثرة الأعباء المنزلية فلم يقل لها: لا خدمة عليكِ وإنما الخدمة على زوجك، ولما رأى أسماء بنت أبي بكر تنقل النوى على رأسها، مسيرة ثلثي فرسخ، وترعى دوابّ الزبير (8).لم يقل للزبير – رضي الله عنه - لا خدمة عليها، بل أقرّها على عملها وأقر سائر أصحابه على خدمة أزواجهن لهم مع علمه أن منهن الكارهة والراضية بلا ريب – وأيضًا فإن المهر في مقابل البُضع، وكلٌّ من الزوجين يقضي وطره من صاحبه، وقد أوجب الحكيم سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جرت به عادة الأزواج . – وقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة عانيةً فقال: « ألا واسْتَوصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّما هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ »(9). والعاني: الأسير، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده، وطاعته، والقيام بمصالحه، ولا ريب أن النكاح نوع من الرِّق، كما قال بعض السلف: النكاح رقٌ، فلينظر أحدكم عند من يُرِق كريمته (10) . – واستدلوا كذلك بما رواه ابن حبان ، (12/ 359 ح5550) بسنده عن ابن قيس بن طغفة الغفاري عن أبيه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفّة بعد المغرب فقال: « يا فلان انطلق مع فلان ويا فلان انطلق مع فلان » حتى بعث خمسة أنا خامسهم فقال: «قُومُوا مَعِي » ففعلنا، فدخلنا على عائشة وذلك قبل أن ينزل الحجاب، فقال: «يا عَائِشَة أَطْعِمينَا، فقربت جَشِيشَة.. ثم قال: يا عائشة أَطْعِمينا، فقربت حَيْسًا ثم قال: يا عائشة أَسْقِينا » الحديث. قال المقدسي في المختارة (8/ 134) إسناده صحيح . – ومما يستدل به حديث كعب بن مالك الطويل وفيه: « فجاءتْ امرأةُ هلالِ بن أمية رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنَّ هلالَ بن أميّةَ شيخٌ ضائعٌ ليسَ لهُ خادمٌ فهل تكره أن أخدمه؟ قال: لا »(11). هذا – والله اعلم - هو الراجح الأقوى عدَالةً وإنصافـًا وقد نصره ابن القيمّ وشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -. وقال في الفتاوى: تجب الخدمة بالمعروف من مثلها لمثله، وهو يختلف بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وهكذا (12). 3/ قال ابن بطال – رحمه الله-: في هذه الأحاديث حجة لمن فَضَّل الفقر على الغنى؛ لأنه صلى الله عليه وسلم منعهم الخادم، واقتصر على الذكر خاصَّة، وبيَّن أنه الأفضل عند الله سبحانه وتعالى . وقال القرطبي – رحمه الله - : أحالهم على الذكر ليكون عوضًا عن الدعاء عند الحاجة أو لكونه أحبَّ لابنته وبنات عمه ما أحب لنفسه من الكفاف وتحمّل شدَّته بالصبر عليه، تعظيمًا لأجرهن. والظاهر من الحديث أنه أراد أن يعلمهن أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا وأن الأولى من المطلوب هو التزّود للمعاد والصبر على مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور، وفي هذا الذكر خير ونفع وأجر أفضل وأبقى(13). 4/ القدوة العمليَّة في عدالة النبي صلى الله عليه وسلم عند إيثار أهل الصفَّة وفقراء المسلمين بالمال على ابنته المحتاجة وذوي قرابته، لأن أهل الصفّة وقفوا أنفسهم لسماع العلم وضبط السنة على شبع بطونهم، لا يرغبون في كسب مال ولا عيال، ولكنهم اشتروا أنفسهم من الله بالقوت، و سبقوا بالمجيء والسؤال، وقد رضيت فاطمة و بنات عمِّه بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يراجعنه أو يتذمرن منه (14) . 5/ فيه ما كان عليه السلف أول الإسلام من شظف العيش وقلّة ذات اليد وشدة الحال، وحماية الله لهم من الدنيا صيانة لهم من تبعاتها، وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء (15). 6 / الراجح اتفاق الرواة على أن الأربع والثلاثين للتكبير (16) . 7/ اختلفت الروايات بأي نوع من الذكر يبدأ والأولى البدء بالتسبيح، لأنه يتضمن نفي النقائص عن الله سبحانه وتعالى ثم التحميد لأنه يتضمن إثبات الكمال لله تعالى؛ لأن جميع المحامد له، ثم التكبير لأنه تعظيم ومن كان منزّها عن النقائص ومستحقًا لجميع المحامد وجب تعظيمه وذلك بالتكبير، ثم يختم ذلك كله بالتهليل الدال على وحدانيته وانفراده سبحانه وتعالى(17). 8/ اختلاف أوقات هذا الذكر في القصتين، عند الاضطجاع في الأولى، وعلى إثر كل صلاة في الثانية، لبيان فضيلة تكراره في اليوم والليلة، فعند الاضطجاع يكون صفاء الذهن من المشاغل، وبعد الصلوات لأنها أوقات فاضلة، وقد علَّم ابنته في كل مرةٍ أحد الذكرين، تيسيرًا لها وتشويقًا لإتيانه (18). 9/ تعدُّد أذكار النوم الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الأحوال والأوقات، وفي كلٍّ فضل، ويمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول جميع ذلك، وأشار لأمته بالاكتفاء ببعضها، وإعلامًا منه أن معناه الحض والندب لا الوجوب (19) . 10/ المستحب في الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم الإتيان بها متتابعة في مجلس واحد بالعدد المذكور في الوقت الذي عينّ فيه، لنيل الثواب المخصوص لها (20). 11/ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : من حافظ على هذه الكلمات وداوم عليها وجد قوّةً ونشاطًا تغنيه عن خادم، ولم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل وغيره. وقال ابن حجر – رحمه الله - : يحتمل أن لا يتضرر من واظب عليه بكثرة العمل ولا يشق عليه ولو حصل له تعب (21) . 12/ من صفة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أن لا يرده إلا بها، فإن لم يجد فبميسورٍ من القول وذلك غاية الجود ومنتهى الإحسان والكرم فلا يرجع سائله إلا مطمئن البال، هادئ النفس قرير العين مرضيًا . امتثالاً لقوله تعالى (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ )(22) . وقال) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) (23). 13/ ظهور الحيَاء وجميل الخلق الذي نشأت عليه ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي منقبة ظاهرة لها، وسمو مكانتها عند أبيها عليه الصلاة السلام، وإظهاره غاية التعطف والشفقة عليها بالمجيء إليها والسؤال عنها وعلى زوجها والمبالغة في ذلك بإدخال قدمه في لحافهما تطيبـًا لخاطرهما . (1) رواه أبو داود (1447 ح2987)، (1593 ح5066). هذا الإسناد حسنٌ، وباعتبار الشَّاهد المتقدم يكون صحيحًا لغيره . (2) الاستيعاب (4/1933)، أسد الغابة (6/322)، المقتنى في سرد الكنى (2/169)، الإصابة (8/191) . (3) الاستيعاب (4/1874)، أسد الغابة (6/178)، الإصابة (8/3) . (4) معجم مقاييس اللغة (ص482) . (5) ينظر لهذه المسألة : المدونة (4/268)، الأم (5/87)ن شرح ابن بطال (7/539 – 541)، بداية المجتهد (2/91)، إكمال المعلم (8/221)، المغني (10/225)، مجموع الفتاوى (21/ 20 - 21)، زاد المعاد (5/186- 189)، فتح الباري (9/ 632- 633)، عمدة القاري (21/20- 21) . (6) رواه الطبراني في جزء الدعاء (ص90) قال: أهدي لرسول الله رقيق أهداهم له بعض ملوك العجم . وفيه أن فاطمة أخرجت لرسول الله يديها، فقالت: « قد مجلت من الرحى، بت ليلتي جميعًا أدير الرحى حتى أصبحت وأبو الحسن يحمل حسنًا وحسينًا، فقال لها عند ذلك، اصبري يا فاطمة بنت محمد فإن خير النساء التي نفعت أهلها ... » . وذكره ابن حجر في الفتح وعزاه إلى الطبري في تهذيبه عن علي به. الفتح (11/146). (7) سورة البقرة، الآية: 228 . (8) كما جاء في الحديث المتفق عليه، الذي رواه البخاري (451 ح5224). عن أسْماءَ بِنتِ أبي بكرٍ – رضي الله عنهما- قَالتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ ومَالَهُ في الأرضِ منْ مَالٍ وَلاَ مملوك ولا شَيءٍ غَيرَ نَاضِحٍ وغيرَ فَرَسِهِ، فكنتُ أعْلِفُ فَرسَهُ وأَسْتَِقي الماءَ وأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وأَعجِنُ ولم أكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، فَكانَ يخبِرُ جَارَاتٌ لي مِنَ الأنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وكُنتُ أنُقُل النَّوَى من أَرضِ الزُّبَيرِ الّتي أَقْطَعَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلى رَأْسِي وَهيَ مِنِّي عَلى ثُلُثَي فَرْسَخٍ... ثم قَالتْ: حتّى أَرْسَلَ إليَّ أبو بكرٍ بَعدْ ذلكَ بِخادم تَكِفْيِني سِياسَةَ الفَرسِ فَكأَنَّما أَعْتَقَنِي .و رواه مسلم (1066 ح2182) . (9) رواه الترمذي (1766 ح1163) بسنده عن عمرو بن الأحوص " أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ، فذكر في الحديث قصَّة فقال: ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوانٌ عندكم ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مُبيِّنةٍ، فإن فعلن فاهجروهنَّ في المضاجع ». الحديث. وقال: حسن صحيح، ومعنى قوله عوان عندكم؛ أسرى في أيديكم. ورواه النسائي في الكبرى، (5/372 ح9169) ورواه ابن ماجه (2588 ح1851) و قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/269) رجاله رجال الصحيح . (10) رواه سعيد بن منصور في السنن (1/191) بسنده عن عروة بن الزبير قال: قالت لنا أسماء بنت أبي بكر: « يا بني إن هذا النكاح رقُّ فلينظر أحدكم عند من يُرِقُّ كَرِيمتَه » وذكره البيهقي في سننه (7/82) وقال: روي ذلك مرفوعًا والموقوف أصح - والله أعلم -. (11) الحديث متفق عليه، رواه البخاري – واللفظ له - (362 ح4418) ورواه مسلم (1158 ح2769) . (12) كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحدٍ، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلاً أمر امرأةً أن تنقل من جبل أقمر إلى جبل أسودَ، ومن جبلٍ أسود إلى جبلٍ أحمر، لكان نَوْلَها أن تفعل» رواه ابن ماجه (2588 ح1852) قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/37): فيه علي بن زيد بن جدعان. وبقية رواته محتجٌ بهم في الصحيح . قال الذهبي: أحد الحفاظ وليس بالثبت الكاشف (2/40) . (13) ينظر: شرح ابن بطال (10/88)، إكمال المعلم (8/220)، فتح الباري (11/149، 150)، عمدة القاري (22/288)، تحفة الأحوذي (9/250). (14) ينظر: فتح الباري (11/149) . (15) إكمال المعلم (8/221)، فتح الباري (11/149) . (16) فتح الباري (11/149)، عمدة القاري (22/289) . (17) عمدة القاري (6/120) . (18) ينظر: فتح الباري (11/146)، عمدة القاري (6/122) . (19) شرح ابن بطال (10/88)، فتح الباري (11/149) . (20) عمدة القاري (6/ 131) . (21) الوابل الصيب (ص132، 133)، وفتح الباري (11/150) . (22) سورة الضحى، الآية: 10 . (23) سورة البقرة، الآية: 263 . |
الحلقة ( 13 ) حديث (أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (13) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ لَهَا: «قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأْوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ ». (1) غريب الحديث : العَرْش : هو سرير المَلِك (2) . والمعنى الآخر: البيت ينصب من العيدان ويظلَّل وجمعها: عروش (3). والأصل فيه الرَّفع والعلو، يقال: عرشتُ النَّار إذا رفعتَ وقودها (4) . وعرش الرحمن جسم معلوم خلقه الله سبحانه وهو من أعظم مخلوقاته، وأعلاها موضعًا فوق سماواته (5)،أمر ملائكته بحمله ، وتعبَّدهم بتعظيمه والطواف به، وهو سبحانه مستو فوق عرشه (بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل) ولا يخفى عليه شيء من أمر خلقه (6) . فَالِقَ : الفاء واللام والقاف أصل صحيح يدل على فُرْجَةٍ، وبَيْنُونَةٍ في الشيء ، والفَلَقُ : الصُّبْحُ، لأنّ الظَّلامَ ينشق ويخرج منه (7)، وفَلْقُ الحبِّ والنوى ؛ شقُّ حبة الطعام ونوى التمر لإنباته (8) . نَاصِيَتِه : الناصية عند العرب : مَنْبَتُ الشَّعر في مقدَّم الرأس، وجمعها نواصي (9) . من فوائد الحديث : 1/ افتتاح الدعاء بتمجيد الربِّ سبحانه وتعظيم آياته الباهرة التي منها خلق السماوات السبع والأرضين والعرش العظيم، وإيجاد الخلق أجمعين وتدبير شؤونهم وتصريف أحوالهم والامتنان عليهم بالحياة والرزق والهداية . ومن النعِّم المذكورة فلق الحبِّ والنَّوى لتخرج منها الزروع والنخيل والثمرات على اختلاف أصنافها وأشكالها وطعومها، رزقًا لهم .. وهذا الإنعام بخلق النَّبات الحيّ والثِّمار اليانعة من النوى والحبوب اليابسة تبيه لطيف إلى غاية الوجود والحكمة من الخلق .. وهي الخروج من ظلمات الضلال البائسة إلى أنوار الهداية والسعادة والإيمان .. وعبادة الواحد الديَّان.. وطاعته والخضوع له.. ولا سبيل إلى العبادة الحقَّة إلا ببعث الرسل وإنزال الكتب ومنها: التوراة، والإنجيل، والفرقان، والقرآن الكريم . 2/ الحث على الضَّراعةِ إلى الله والاستعاذةِ به وحده سبحانه لحفظ الخير ودفع الشر من كل دابَّة هو آخذ بناصيتها . وهذه استعاذة من كل مكروه إجمالاً تعمُّ كل شرِّ يستعاذ منه.. من الشياطين والأشرار والدوابِّ والهوام ونحوها التي لا تخرج عن سلطان الواحد القهّار ومشيئته، ولا تخفى على الخبير العلام سبحانه . 3/ يستحب للعبد الداعي قبل الشروع في طلب حاجته الثَّناء على الله سبحانه وتمجيده وتعظيمه وتنزيهه عن كل نقص ، وإسباغ المحامد والكمالات له، في أسمائه الحسنى وصفاته العلى، « فهو الأول المختص سبحانه بالأوَّلية فلا شيء قبله، وهو الآخر الباقي، فلا انتهاء له ولا انقضاء لوجوده وصفاته بعد موت الخلائق وذهاب صفاتهم وحواسهم وتَفَرُّق أجسامهم. وهو الظاهر، فلا شيء أظهر منه في صفاته ودلالة الآيات الباهرة القطعيَّة على ربوبيته ومنها ما تقدَّم من خلق السموات والأرضين . وقيل الظَّاهر من أسماء الله سبحانه من الظهور بمعنى : القهر والغلبة وكمال القدرة . وهو الباطن، المحتجب عن خلقه بذاته، وقيل العالم بالخفيَّات »(10) . ولا شك أن هذا الدعاء الذي تقدمه ثناء وذكر وتمجيد لله تبارك وتعالى أنجع ما طلب به العبد حوائجه وهو أفضل وأقرب من الدعاء المجرد، ولاسيما إذا كان بمثل هذه الجمل الجامعة المتضمنة للتوحيد (11) . 4/ قال تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )(12). وتفسيرها ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث. قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى - : الفرقة النَّاجية أهل السُّنَّة والجماعة يؤمنون بما أخبر به الله في كتابه العزيز من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم الوسط في فِرَقِ الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة (13) . 5/ قال النووي – رحمه الله -: معنى قوله: « اقْضِ عَنَّا الدَّينَ »؛ يحتمل أن المراد بالدَّين حقوق الله تعالى، وحقوق العباد كلِّها من جميع الأنواع (14) . وسؤال الله نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا بها، لدفع العجز والفقر والحاجة إلى سؤال الناس. 6/ قال القاضي عياض – رحمه الله -: حكمة الدعاء عند النوم أن يكون ذكر الله آخر كلام العبد، وتجديد الإيمان والاعتراف بأن الأمور كلها بيد الله سبحانه (15) . 7/ من فوائد هذا الدعاء المبارك : 1 – عظم الأدب وكمال التقديس لله سبحانه، والاعتراف بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه . 2 – المبالغة في التضرُّع والخشوع لله سبحانه ومناجاته وهو روح الدعاء ولبّه ومقصوده فإن الخاشع الذليل الضارع يسأل مسألة مسكين ذليل منكسر القلب، مفتقرٍ إلى مولاه سبحانه الذي بيده مفاتيح الخير ونواصي كل شيء. 3 – إرجاء هذه الدعوات إلى الليل قبيل النوم فيه إخفاءٌ لها وتحرٍ لسكون النفس وفراغها من المشاغل والصوارف فتكون أكثر إقبالاً على الله سبحانه وتلذذًا بمناجاته وأنسًا بقربه، وصدقًا في مسألته . 4 – سؤال الله عز وجل بهذه الدعوات، والابتهال إليه لقضاء الحاجات أمر محمود مأمور به، حسن العاقبة، عظيم الأثر والفائدة، في حصول المطلوب والاحتراز من الشرور والكروب. (1) رواه مسلم (1149 ح2713) و الترمذي (2010 ح 3481) و ابن ماجه صلى الله عليه وسلم (2705 ح3831) بلفظ: «أَتَتْ فاطمةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا ». فقال لها: «ما عندي ما أُعْطِيْكِ » فَرَجَعَتْ. فَأَتَاهَا بَعْدَ ذلكِ فقال: « الذي سَأَلْتِ أَحَبُّ إليكِ، أو ما هُوَ خيرٌ منه؟ » فَقَالَ لها عليٌّ: قولي: لا. بل ما هُوَ خيرٌ مِنْهُ. فقالت، فقال: « قُوِلي: اللَّهمَّ رَبَّ السَّماواتِ ». الحديث بمثله، وليس فيه: « فَالقَ الحبِّ والنَّوى، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كلِّ شَيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيتِهِ ». (2) معجم مقاييس اللغة (ص725)، مختار الصحاح (ص178)، لسان العرب (6/313)، المنهاج (2/382). (3) الغريب لابن قتيبة (2/12)، النهاية (1/220) . (4) الفائق (2/43) . (5) مشارق الأنوار (2/98) . (6) تفسير القرطبي (15/ 294، 295)، حاشية ابن القيم (13/ 17)، فتح الباري (13/499)، عون المعبود (13/ 7) . (7) مشارق الأنوار (2/ 195) . (8) لسان العرب (10/ 309)، النهاية (3/471) . (9) لسان العرب (15/ 327) . (10) ينظر: المنهاج (17/ 38)، عون المعبود (13/ 267)، تحفة الأحوذي (9/243، 244) . (11) ينظر: نتائج الأفكار (ص157) . (12) سورة الحديد، الآية: 3 . (13) مجموع الفتاوى (3/ 141). (14) المنهاج (17/ 38) . (15) بتصرف يسير جدًا. إكمال المعلم (8/ 212) . |
الحلقة ( 14 ) حديث (لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (14) عَنْ جُوَيْرِيَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: « مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ؟ » قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ » . (1) الصَّحابية : هي جُوَيْرِيَةُ بنت الحاَرِثِ بن أبي ضِرَار الخزاعيَّة، المصطلقية ،كان اسمها بَرَّة فحَوّله رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى جُوَيْرِيَة . تزوجها النبي صلى الله عليه وسلمبعد يوم المرُيسيع، وهي غزوة بني المُصْطَلِق، سنة (5 أو 6هـ) وكانت تحت مُسَافِع ابن صَفْوان المُصطَلقي، قسم رسول الله السبايا، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عمٍّ له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوةً مُلاَّحةً ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، فخيرّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير مما سألت، بأن يؤدي عنها كتابها ويتزوّجها فوافقت، فبلغ الناس أنه قد تزوّجها، فقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلمفأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق، وقد أعتق بها مائة أهل بيت من بني المصطلق، وكانت أعظم النساء بركة على قومها . ولما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلمحجبها، وقسم لها ولم يصب منها ولدًا، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنها ابن عباس، وجابر وابن عمر، وغيرهم . توفيت سنة 50هـ، ويقال بقيت إلى ربيع الأول سنة 56هـ، وعاشت 65 سنة (2) –رضي الله عنها - . غريبُ الحديث : بُكْرَةً : الباء والكاف والراء أصل واحدٌ، يدل على أوّل الشيء وبدئه (3)، والبُكْرَةُ: الغُدْوَةُ . والتكبير والبُكور والإبكار: المضيُّ في ذلك الوقت من الصبح أول النهار (4) . أَضْحَى : الضاد والحاء والحرف المعتل أصل صحيح واحدٌ يدل على بروز الشيء، والضَّحاء: امتداد النهار وذلك هو الوقت البارز المنكشف (5) . ويكون إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده. والضَّحْوة: ارتفاع أول النهار، والضُّحَى: بعده، وبه سميت صلاة الضُّحى، وهو من طلوع الشمس وشروقها إلى أن يرتفع النهار، وتبيضّ الشمس جدًّا . (6). (1) رواه مسلم (1151ح 2726) و( برقم الحديث السابق)– بلفظ: «سُبْحَان اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَة عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ». (2) الاستيعاب (4/1804)، أسد الغابة (6/56)، الإصابة (7/ 565) . (3) معجم مقاييس اللغة (ص132) . (4) لسان العرب (4/76)، مختار الصحاح (ص25) . (5) معجم مقاييس اللغة (ص587) . (6) لسان العرب (14/474)، مختار الصحاح (ص158)، الفائق (2/334)، النهاية (3/76) . http://www.p-yemen.com/highstar/arog...0%28191%29.gif http://img410.imageshack.us/img410/9...iu27cnvuj9.gif |
|
بــــــــــــــارك الله فـــــيــــكم
وجـــــــــــــزاكم الله خــيـــراً http://sl.glitter-graphics.net/pub/5...c0b5wf5cg4.gif |
اقتباس:
|
جزاكِ الله خيرا وجمعنا الله بكم في الفردوس الأعلى
|
اقتباس:
|
بآرك الله فيكم وفي نقلكم ونفع بكم الإسلآم والمسلمين ننتظر جديدكم |
اقتباس:
|
|
بارك الله فيك ونفع بك
|
اقتباس:
|
الساعة الآن 06:26 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir