شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   باب علــم الحــديـث وشرحــه (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (https://ansaaar.com/showthread.php?t=33893)

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:40 PM

و"الأحد"
يعني:

الذي تفرد بكل كمال،
ومجد وجلال،
وجمال وحمد،
وحكمة ورحمة،
وغيرها من صفات الكمال.


فليس له فيها
مثيل
ولا نظير،
ولا مناسب
بوجه من الوجوه.


فهو الأحد في حياته وقيوميته،
وعلمه وقدرته،
وعظمته وجلاله،
وجماله وحمده،
وحكمته ورحمته،

وغيرها من صفاته،
موصوف بغاية الكمال ونهايته،
من كل صفة من هذه الصفات.





ومن تحقيق أحديته وتفرده بها
أنه "الصمد" أي:

الرب الكامل،
والسيد العظيم،

الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها.
ووصف بغايتها وكمالها،


بحيث لا تحيط الخلائق
ببعض تلك الصفات بقلوبهم،
ولا تعبر عنها ألسنتهم.


وهو المصمود إليه،
المقصود في جميع الحوائج والنوائب


{ يَسْأَلُهُمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } (1)

فهو الغني بذاته،


وجميع الكائنات فقيرة إليه بذاتهم،
في إيجادهم وإعدادهم وإمدادهم
بكل ما هم محتاجون إليه
من جميع الوجوه.


ليس لأحد منها غنى عنه
مثقال ذرة،
في كل حالة من أحوالها.


******************
(1) سورة الرحمن – آية 29 .

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:41 PM

فالصمد: هو المصمود إليه،
المقصود في كل شيء؛
لكماله
وكرمه
وجوده
وإحسانه.


ولذلك

( لم يلد
ولم يولد)


فإن المخلوقات كلها متولد بعضها من بعض،
وبعضها والد بعض،
وبعضها مولود
وكل مخلوق فإنه مخلوق من مادة،


وأما الرب جل جلاله،
فإنه مُنزَّه عن مماثلتها
في هذا الوصف،

كما هو مُنزَّه عن مماثلتها
في كل صفة نقص.





ولهذا حقق ذلك التنزيه،
وتمم ذلك الكمال

بقوله:

{ وَلَمْ يَكُن لَّهُ
كُفُوًا أَحَدٌ }

أي: ليس له نظير
ولا مكافئ
ولا مثيل،

لا في أسمائه،
ولا في صفاته،
ولا في أفعاله،
ولا في جميع حقوقه
التي اختص بها.


فحقه الخاص أمران:

التفرد بالكمال
كله من جميع الوجوه،

والعبودية الخالصة
من جميع الخلق.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:42 PM

فحق لسورة
تتضمن هذه الجُمَل العظيمة:
أن تعادل ثلث القرآن.

فإن جميع ما في القرآن
من الأسماء الحسنى،
ومن الصفات العظيمة العُليا،

ومن أفعال الله وأحكام صفاته،
تفاصيل لهذه الأسماء
التي ذكرت في هذه السورة،

بل كل ما في القرآن
من العبوديات الظاهرة والباطنة،
وأصنافها وتفاصيلها،
تفصيل لمضمون هذه السورة.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:42 PM

الحديث الثامن والثمانون

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" لا حسد إلا في اثنتين:
رجل آتاه الله مالاً،
فسلطه على هلكته في الحق.

ورجل آتاه الله الحكمة،
فهو يقضي بها، ويعلمها "

متفق عليه.


الحسد نوعان:

نوع محرم مذموم على كل حال،

وهو أن يتمنى زوال نعمة الله عن العبد
دينية أو دنيوية

وسواء أحب ذلك محبة استقرت في قلبه،
ولم يجاهد نفسه عنها،

أو سعى مع ذلك في إزالتها وإخفائها:

وهذا أقبح
فإنه ظلم متكرر.

وهذا النوع
هو الذي يأكل الحسنات
كما تأكل النار الحطب.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:43 PM

والنوع الثاني:

أن لا يتمنى زوال نعمة الله عن الغير،
ولكن يتمنى حصول مثلها له،
أو فوقها أو دونها.

وهذا نوعان:

محمود
وغير محمود.

فالمحمود من ذلك:

أن يرى نعمة الله الدينية على عبده،
فيتمنى أن يكون له مثلها.

فهذا من باب تمني الخير.
فإن قارن ذلك سعي وعمل
لتحصيل ذلك،
فهو
نور على نور.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:44 PM

وأعظم من يُغْبَط :

من كان عنده مال قد حصل له من حِلِّه،
ثم سُلّط ووفق على إنفاقه في الحق،
في الحقوق الواجبة والمستحبة؛

فإن هذا من أعظم البرهان على الإيمان،
ومن أعظم أنواع الإحسان.


ومن كان عنده علم وحكمة علمه الله إياها،
فوفق لبذلها في
التعليم والحكم بين الناس.


فهذان النوعان من الإحسان
لا يعادلهما شيء.

الأول:
ينفع الخلق بماله،
ويدفع حاجاتهم،
وينفق في المشاريع الخيرية،
فتقوم ويتسلسل نفعها،
ويعظم وقعها.


والثاني:
ينفع الناس بعلمه،
وينشر بينهم الدين
والعلم الذي يهتدي به العباد في جميع أمورهم:
من عبادات ومعاملات وغيرها.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:44 PM

ثم بعد هذين الاثنين:

تكون الغبطة على الخير،
بحسب حاله ودرجاته عند الله.

ولهذا أمر الله تعالى بالفرح والاستبشار
بحصول هذا الخير،

وإنه لا يوفق لذلك
إلا أهل الحظوظ العظيمة العالية.

قال تعالى:

{ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ
هُوَ خَيـْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } (1).

وقال:

{ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ،

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } (2).


وقد يكون من تمنى شيئاً
من هذه الخيرات،
له مثل أجر الفاعل
إذا صدقت نيته،

وصمم من عزيمته
أن لو قدر على ذلك العمل،
لَعَمِلَ مثله،
كما ثبت بذلك الحديث.

وخصوصاً إذا شَرَع
وسعى بعض السعي.



******************
(1) سورة يونس – آية 58 .
(2) سورة فصلت – الآيتان 34 ، 35 .



أبو فراس السليماني 01-07-14 01:45 PM

وأما الغبطة التي هي غير محمودة،

فهي تمني حصول مطالب الدنيا لأجل اللذات،
وتناول الشهوات،

كما قال الله تعالى
حكاية عن قوم قارون:

{ يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ
إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } (3)

فإن تمني مثل حالة من يعمل السيئات فهو بنيته،
ووزرهما سواء.


فبهذا التفصيل

يتضح الحسد المذموم في كل حال.

والحسد الذي هو الغبطة،

الذي يحمد في حال،
ويذم في حال.


والله أعلم.


******************
(3) سورة القصص – آية 79 .

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:46 PM

الحديث التاسع والثمانون

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو،
فيقول:

اللهم إني أسألك

الهُدى
والتُقى،
والعفافَ
والغِنى"

رواه مسلم.

هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها.
وهو يتضمن سؤال خير الدين وخير الدنيا؛


فإن "الهدى" هو العلم النافع.

و"التقى" العمل الصالح،
وترك ما نهى الله ورسوله عنه.


وبذلك يصلح الدين.

فإن الدين علوم نافعة،
ومعارف صادقة.
فهي الهدى،

وقيام بطاعة الله ورسوله:
فهو التقى.




و" العفاف والغنى "

يتضمن العفاف عن الخَلْق،
وعدم تعليق القلب بهم.


والغنى بالله
وبرزقه،
والقناعة بما فيه،
وحصول ما يطمئن به القلب
من الكفاية.


وبذلك تتم سعادة الحياة الدنيا،
والراحة القلبية،
وهي الحياة الطيبة.

فمن رُزق الهدى والتقى،
والعفاف والغنى،
نال السعادتين،
وحصل له كل مطلوب.
ونجا من كل مرهوب.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:47 PM

الحديث التسعون

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"من أحب أن يُزحزح عن النار،
ويُدخل الجنة:

فلتأته منيته
وهو يؤمن بالله واليوم الآخر.

وليأت إلى الناس
الذي يُحب أن يُؤتى إليه "

رواه مسلم.


لا شك أن مَنْ
زُحزح عن النار
وأُدخل الجنة
فقد فاز،

وأن هذه غاية
يسعى إليها جميع المؤمنين.





فذكر النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث
لها سببين ،
ترجع إليهما جميع الشعب والفروع:

الإيمان بالله واليوم الآخر،
المتضمن للإيمان بالأصول التي ذكرها الله

بقوله:
{ قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ
الآية } (1)

ومتضمن للعمل للآخرة والاستعداد لها؛
لأن الإيمان الصحيح
يقتضي ذلك ويستلزمه.


والإحسان إلى الناس،
وأن يصل إليهم منه
من القول والفعل والمال والمعاملة
ما يحب أن يعاملوه به.


******************
(1) سورة البقرة – آي 136 .

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:48 PM

فهذا هو الميزان الصحيح
للإحسان وللنصح،

فكل أمر أشكل عليك
مما تعامل به الناس

فانظر هل تحب
أن يعاملوك بتلك المعاملة
أم لا ؟


فإن كنت تحب ذلك،
كنت محباً لهم
ما تحب لنفسك،


وإن كنت لا تحب
أن يعاملوك بتلك العاملة:

فقد ضيعت
هذا الواجب العظيم.


فالجملة الأولى:
فيها القيام بحق الله.

والجملة الثانية
فيها القيام بحق الخلق.

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:48 PM

الحديث الحادي والتسعون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" إن الله يرضى لكم ثلاثاً،
ويكره لكم ثلاثاً.

فيرضى لكم
أن تعبدوه
ولا تشركوا به شيئاً،

وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً،
ولا تفرقوا.

ويكره لكم،
قيل وقال،
وكثرة السؤال،
وإضاعة المال "

رواه مسلم.


فيه إثبات الرضى لله،
وذكر متعلقاته،

وإثبات الكراهة منه.
وذكر متعلقاتها؛


فإن الله جل جلاله
من كرمه على عباده،
يرضى لهم ما فيه مصلحتهم،
وسعادتهم في العاجل والآجل.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:49 PM

وذلك بالقيام بعبادة الله
وحده لا شريك له،
وإخلاص الدين له

بأن يقوم الناس بعقائد الإيمان وأصوله،
وشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة،
وبالأعمال الصالحة،
والأخلاق الزاكية.

كل ذلك خالصاً لله موافقاً لمرضاته.
على سُنة نبيه.

ويعتصموا بحبل الله،
وهو دينه
الذي هو الوصلة بينه وبين عباده.

فيقوموا به مجتمعين
متعاونين على البر والتقوى

" المسلم أخو المسلم،
لا يظلمه،
ولا يخذله،
ولا يكذبه،
ولا يحقره "

بل يكون محباً له مصافياً،
وأخاً معاوناً.





وبهذا الأصل والذي قبله
يكمُل الدين،

وتتم النعمة على المسلمين،
ويُعزهم الله بذلك وينصرهم،
لقيامهم بجميع الوسائل
التي أمرهم الله بها
والتي تكفل لمن قام بها بالنصر والتمكين،
وبالفلاح والنجاح
العاجل والآجل.

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:50 PM

ثم ذكر
ما كَرِهَ اللهُ لعبادِه،
مما ينافي هذه الأمور
التي يحبها.


فمنها:

كثرة القيل والقال؛

فإن ذلك من دواعي الكذب،
وعدم التثبت،
واعتقاد غير الحق.
ومن أسباب وقوع الفتن،
وتنافر القلوب.
ومن الاشتغال بالأمور الضارة
عن الأمور النافعة.

وقلَّ أن يسلم أحد من شيء من ذلك،
إذا كانت رغبته في القيل والقال.





وأما قوله:

"وكثرة السؤال"

فهذا هو السؤال المذموم،
كسؤال الدنيا من غير حاجة وضرورة،
والسؤال على وجه التعنت والإعنات،
وعن الأمور التي يخشى من ضررها،
أو عن الأمور التي لا نفع فيها،

الداخلة في قوله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء
إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } (1)


وأما السؤال عن العلوم النافعة
على وجه الاسترشاد
أو الإرشاد
فهذا محمود
مأمور به.



******************
(1) سورة المائدة – آية 101 .

أبو فراس السليماني 01-07-14 01:51 PM

وقوله:

"وإضاعة المال"

وذلك إما بترك حفظه حتى يضيع،
أو يكون عرضة للسرَّاق والضياع،
وإما بإهمال عمارة عقاره،
أو الإنفاق على حيوانه،
وإما بإنفاق المال في الأمور الضارة،
أو الغير النافعة.

فكل هذا داخل
في إضاعة المال.

وإما بتولي ناقصي العقول لها،
كالصغار والسفهاء والمجانين ونحوهم؛

لأن الله تعالى جعل الأموال قياماً للناس،
بها تقوم مصالحهم الدينية والدنيوية.


فتمام النعمة فيها
أن تصرف فيما خلقت له:
من المنافع،
والأمور الشرعية،
والمنافع الدنيوية.




وما كرهه الله لعباده،
فهو يحب منهم ضدها،

يحب منهم

أن يكونوا متثبتين
في جميع ما يقولونه،

وأن لا ينقلوا كل ما سمعوه،
وأن يكونوا متحرين للصدق،

وأن لا يسألوا إلا عما ينفع،

وأن يحفظوا أموالهم ويدبروها،
ويتصرفوا فيها التصرفات النافعة،
ويصرفوها في المصارف النافعة.

ولهذا قال تعالى:

{ وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ
الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً }(1).



******************
(1) سورة النساء – آية 5 .


الساعة الآن 07:24 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant