شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   باب علــم الحــديـث وشرحــه (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=51)
-   -   بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار (https://ansaaar.com/showthread.php?t=33893)

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:11 AM

ومن الخلق الحسن:

أن تعامل كل أحد بما يليق به،
ويناسب حاله من صغير وكبير،
وعاقل وأحمق،
وعالم وجاهل.

فمن اتقى الله، وحقق تقواه،
وخالق الناس على اختلاف طبقاتهم بالخلق الحسن
فقد حاز الخير كله؛


لأنه قام بحق الله
وحقوق العباد

ولأنه كان من المحسنين في عبادة الله ،
المحسنين إلى عباد الله.


أبو فراس السليماني 28-06-14 01:11 AM

الحديث الثامن عشر

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"الظلم ظلمات يوم القيامة"
متفق عليه.

هذا الحديث فيه التحذير من الظلم،
والحث على ضده وهو العدل.
والشريعة كلها عدل،
آمرة بالعدل،
ناهية عن الظلم.


قال تعالى:
{ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ } [1]،

{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } [2]،

{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ
أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ
وَهُم مُّهْتَدُونَ } [3]

فإن الإيمان
أصوله وفروعه، باطنه وظاهره
كله عدل،

وضده ظلم.


فأعدل العدل وأصله:

الاعتراف وإخلاص التوحيد لله،
والإيمان بصفاته وأسمائه الحسنى،
وإخلاص الدين والعبادة له.


وأعظم الظلم،

وأشده الشرك بالله،

كما قال تعالى:
{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [4]


وذلك أن العدل وضع الشيء في موضعه،
والقيام بالحقوق الواجبة.

والظلم عكسه

فأعظم الحقوق.
وأوجبها:
حق الله على عباده:


أن يعرفوه ويعبدوه،
ولا يشركوا به شيئاً،

ثم القيام بأصول الإيمان،
وشرائع الإسلام من إقام الصلاة
وإيتاء الزكاة وصيام رمضان،
وحج البيت الحرام،
والجهاد في سبيل الله قولاً وفعلاً،
والتواصي بالحق،
والتواصي بالصبر.

ومن الظلم:

الإخلال بشيء من ذلك،




*******************
[1] سورة الأعراف – آية 29.
[2] سورة النحل – آية 90.
[3] سورة الأنعام – آية 82.
[4] سورة لقمان – آية 13.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:12 AM

كما أن من العدل:

القيام بحقوق النبي صلى الله عليه وسلم
من الإيمان به ومحبته،
وتقديمها على محبة الخلق كلهم،
وطاعته وتوقيره وتبجيله،
وتقديم أمره وقوله على أمر غيره وقوله.


ومن الظلم العظيم:

أن يخل العبد بشيء
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم
الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم،
وأرحم بهم
وأرأف بهم من كل أحد من الخلق،
وهو الذي لم يصل إلى أحد خير
إلا على يديه.


ومن العدل:
بر الوالدين، وصلة الأرحام،
وأداء حقوق الأصحاب والمعاملين.

ومن الظلم:
الإخلال بذلك.

ومن العدل:
قيام كل من الزوجين بحق الآخر.

ومن أخل بذلك منهما فهو ظالم.


وظلم الناس أنواع كثيرة،
يجمعها قوله صلى الله عليه وسلم
في خطبته في حجة الوداع:

"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم
عليكم حرام
كحرمة يومكم هذا
في شهركم هذا
في بلدكم هذا".

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:12 AM

فالظلم كله بأنواعه ظلمات يوم القيامة،
يعاقب أهلها على قدر ظلمهم،

ويجازى المظلومون من حسنات الظالمين.

فإن لم يكن لهم حسنات أو فنيت،
أخذ من سيئاتهم فطرحت على الظالمين.


والعدل كله نور يوم القيامة

{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم
بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ
جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }[1]


والله تعالى حرَّم الظلم على نفسه،
وجعله بين عباده محرماً.

فالله تعالى على صراط مستقيم
في أقواله وأفعاله وجزائه.
وهو العدل.

وقد نصب لعباده الصراط المستقيم
الذي يرجع إلى العدل،

ومن عدل عنه
عدل إلى الظلم والجور
الموصل إلى الجحيم.

*******************
[1] سورة الحديد – آية 12.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:13 AM

والظلم ثلاثة أنواع:

نوع لا يغفره الله،
وهو الشرك بالله

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ
أَن يُشْرَكَ بِهِ } [1]


ونوع لا يترك الله منه شيئاً،

وهو ظلم العباد بعضهم لبعض.

فمن كمال عدله:
أن يقص الخلق بعضهم من بعض بقدر مظالمهم.


ونوع تحت مشيئة الله:

إن شاء عاقب عليه،
وإن شاء عفا عن أهله.
وهو الذنوب التي بين العباد وبين ربهم
فيما دون الشرك.



*******************
[1] سورة النساء – آية 48.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:14 AM

الحديث التاسع عشر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"انظروا إلى من هو أسفل منكم.
ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛

فهو أجدر أن لا تَزْدروا نعمة الله عليكم"
متفق عليه.


يا لها من وصية نافعة،
وكلمة شافية وافية.

فهذا يدل
على الحث على شكر الله
بالاعتراف بنعمه،
والتحدث بها،
والاستعانة بها على طاعة المنعم،
وفعل جميع الأسباب المعينة على الشكر.


فإن الشكر لله هو رأس العبادة،
وأصل الخير،
وأوْجَبُه على العباد؛

فإنه ما بالعباد من نعمة ظاهرة ولا باطنة،
خاصة أو عامة
إلا من الله.

وهو الذي يأتي بالخير والحسنات،
ويدفع السوء والسيئات.

فيستحق أن يبذل له العباد من الشكر
ما تصل إليه قواهم،

وعلى العبد أن يسعى بكل وسيلة توصله
وتعينه على الشكر.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:14 AM

وقد أرشد صلى الله عليه وسلم إلى هذا الدواء العجيب،
والسبب القوي
لشكر نعم الله.

وهو أن يلحظ العبد في كل وقت
من هو دونه في العقل والنسب
والمال وأصناف النعم.


فمتى استدام هذا النظر
اضطره إلى كثرة شكر ربه والثناء عليه.


فإنه لا يزال يرى خلقاً كثيراً دونه بدرجات
في هذه الأوصاف،
ويتمنى كثير منهم أن يصل إلى قريب مما أوتيه
من عافية ومال ورزق،
وخَلْق وخُلُق،


فيحمد الله على ذلك حمداً كثيراً،


ويقول:
الحمد لله الذي أنعم عليَّ
وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:15 AM

ينظر إلى خلق كثير ممن سلبوا عقولهم،
فيحمد ربه على كمال العقل،

ويشاهد عالماً كثيراً ليس لهم قوت مدخر،
ولا مساكن يأوون إليها،

وهو مطمئن في مسكنه،
موسع عليه رزقه.


ويرى خلقاً كثيراً قد ابتُلُوا بأنواع الأمراض،
وأصناف الأسقام

وهو مُعافى من ذلك،
مُسَرْبل بالعافية.


ويشاهد خلقاً كثيراً
قد ابتُلوا ببلاء أفظع من ذلك،
بانحراف الدين،
والوقوع في قاذورات المعاصي.

والله قد حفظه منها
أو من كثير منها.


أبو فراس السليماني 28-06-14 01:15 AM

ويتأمل أناساً كثيرين
قد استولى عليهم الهم،
وملكهم الحزن والوساوس،
وضيق الصدر،

ثم ينظر إلى عافيته من هذا الداء،
ومنة الله عليه براحة القلب،

حتى ربما كان فقيراً يفوق بهذه النعمة
نعمة القناعة وراحة القلب
كثيراً من الأغنياء.

ثم من ابتلي بشيء من هذه الأمور
يجد عالماً كثيراً
أعظم منه وأشد مصيبة،


فيحمد الله على وجود العافية
وعلى تخفيف البلاء،


فإنه ما من مكروه
إلا ويوجد مكروه أعظم منه.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:16 AM

فمن وفق للاهتداء بهذا الهدي
الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم

لم يزل شكره في قوة ونمو،
ولم تزل نعم الله عليه تترى وتتوالى.

ومن عكس القضية
فارتفع نظره
وصار ينظر إلى من هو فوقه
في العافية والمال والرزق
وتوابع ذلك،

فإنه لا بد أن يزدري نعمة الله،
ويفقد شكره.


ومتى فُقِدَ الشكر

ترحلت عنه النعم
وتسابقت إليه النقم،
وامتحن بالغم الملازم،
والحزن الدائم،
والتسخط لما هو فيه من الخير،
وعدم الرضى بالله رباً ومدبراً.
وذلك ضرر في الدين والدنيا
وخسران مبين.


أبو فراس السليماني 28-06-14 01:17 AM

واعلم أن من تفكر في كثرة نعم الله،
وتفطن لآلاء [1] الله الظاهرة والباطنة،

وأنه لا وسيلة إليها
إلا محض فضل الله وإحسانه،


وأن جنساً من نعم الله
لا يقدر العبد على إحصائه وتعداده،

فضلاً عن جميع الأجناس،
فضلاً عن شكرها.


فإنه يضطر إلى الاعتراف التام بالنعم،
وكثرة الثناء على الله،

واستحيا من ربه
أن يستعين بشيء من نعمه
على ما لا يحبه ويرضاه،

وأوجب له الحياء من ربه
الذي هو من أفضل شعب الإيمان

فاستحيا من ربه
أن يراه حيث نهاه،
أو يفقده حيث أمره.


*******************
[1] نعمه.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:17 AM

ولما كان على الشكر
مدار الخير وعنوانه

قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل:
"إني أحبك،

فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة:

اللهم أعني
على ذكرك
وشكرك
وحسن عبادتك"

وكان يقول:
"اللهم اجعلني لك شَكَّاراً ،
لك ذَكَّاراً.

اللهم اجعلني أعظم شكرك ،
وأكثر ذكرك ،
وأتبع نصحك ،
وأحفظ وصيتك".


وقد اعترف أعظم الشاكرين
بالعجز عن شكر نعم الله،


فقال صلى الله عليه وسلم :
"لا أحصي ثناء عليك،
أنت كما أثنيت على نفسك"

والله أعلم.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:21 AM

الحديث العشرون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"لا يقبل الله صلاة أحدكم
إذا أحدث
حتى يتوضأ"
متفق عليه.


يدل الحديث بمنطوقه:

أن من لم يتوضأ إذا أحدث
فصلاته غير مقبولة:
أي غير صحيحة ، ولا مجزئة ،


وبمفهومه:

أن من توضأ قبلت صلاته:
أي مع بقية ما يجب ويشترط للصلاة؛


لأن الشارع يعلق كثيراً من الأحكام
على أمور معينة
لا تكفي وحدها لترتب الحكم،

حتى ينظم إليها بقية الشروط ،
وحتى تنتفي الموانع .



أبو فراس السليماني 28-06-14 01:22 AM

وهذا الأصل الشرعي متفق عليه بين أهل العلم؛

لأن العبادة التي تحتوي على أمور كثيرة
كالصلاة مثلاً
لا يشترط أن تجمع أحكامها في كلام الشارع
في موضع واحد،

بل يجمع جميع ما ورد فيها من الأحكام،
فيؤخذ مجموع أحكامها من نصوص متعددة.


وهذا من أكبر الأسباب
لوضع الفقهاء علوم الفقه والأحكام،
وترتيبها وتبويبها،
وضم الأجناس والأنواع بعضها لبعض
للتقريب على غيرهم.

فلهم في ذلك اليد البيضاء
فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

وهذا الأصل ينبغي أن تعتبره في كل موضع.

وهو أن الأحكام لا تتم
إلا باجتماع شروطها ولوازمها،
وانتفاء موانعها.

أبو فراس السليماني 28-06-14 01:23 AM

والحديث يشمل جميع نواقض الوضوء.

فيدخل فيه

الخارج من السبيلين،
والنوم الناقض للوضوء،
والخارج الفاحش من بقية البدن
إذا كان نجساً،

وأكل لحم الإبل،
ولمس المرأة لشهوة،
ولمس الفرج باليد.
وفي بعضها خلاف.

فكل من وجد منه شيء من هذه النواقض
لم تصح صلاته،
حتى يتوضأ الوضوء الشرعي.


فيغسل الأعضاء التي نص الله عليها
في سورة المائدة،
مع الترتيب والموالاة،


أو يتطهر بالتراب بدل الماء
عند تعذر استعمال الماء:

إما لعدمه،
وإما لخوفه باستعماله الضرر.



الساعة الآن 03:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant