![]() |
حوار هادئ بين السنة والشيعة / عبد الله الجنيد
حوار هادئ بين السنة والشيعة مقارنة علمية بين عقيدة أهل السنة والشيعة مع استعراض تاريخي لنشوء التشيع وتطوره ودوره عبد الله بن سعيد الجنيد جزاه الله تعالى خيرا ======================== بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه أجمعين ، أما بعد : فإنني أتشرف بأن أوجه رسالتي هذه إلى كل شيعي يتقبل النقد البناء بروح طيبة وقلب مفتوح وعقل مستنير. هذه الرسالة تعتبر ملخصاً لأهم الكتب التي كُتبت عن ظاهرة التشيع ومنشئها وأبعادها. لقد نقلت نصوصا كثيرة من كتب أئمة ومشايخ الشيعة، مشيرا بذلك عند كل نصٍ إلى رقم الجزء والصفحة، وذلك ليسهل على القارئ الكريم التحقق مما نقلته من الكتب الشيعية. وإن ما أنقله عنهم لا يعني بالضرورة أن يكون كل الشيعة مؤمنون به في وقت واحد، ولكن المراد من سوق هذه النصوص : تنبيه كل شيعي إلى ما تحويه كتب علماء الشيعة، مما يخفى في الحقيقة على كثير من عامتهم. إنني أوجه هذه الرسالة بعيداً عن الأهواء والعصبيات، والتقليد الأعمى للآباء والأمهات، أبتغي بها وجه الله تعالى وتبيين الحق للجميع بعيدا عن التحيز والانجرار وراء العواطف والأساليب والعبارات المتشنجة الفظة التي تصد عن الحق وتزيد من الشقاق، وتبدد روح التجاوب والألفة. إنني أؤمن إيماناً جازماً بأنه لابد من إبداء كلمة الحق، وأؤمن أن الصراع بين الحق والباطل باقٍ إلى يوم القيامة، غير أنني أؤمن أيضاً بأنه لابد أن تكون كلمة الحق مقدَّمة بوسيلة حق منـزّهة عن السباب والشتم والطعن واللعن. فقد أمرنا الله أن لا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ولذلك فمن الأحرى بنا أن نجادل أهل كتابنا بأحسن من التي هي أحسن. إنني أتطلع إلى اليوم الذي يجمع الله فيه هاتين الطائفتين على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يؤلف بين القلوب بعد تفرّق مريرٍ دام طويلاً، استغله أعداء المسلمين استغلالاً بشعاً على مرِّ التاريخ إلى يومنا هذا من أجل القضاء على هذا الدين. |
عقيدة أهل السنة مقارنة بعقيدة الشيعة إن لأهل السنة عقيدتهم التي يتميزون بها عمن سواهم من الفرق والمذاهب إنهم يؤمنون إيمانا وسطاً لا غلو فيه ولا انحراف، ويتلقون مصدر عقيدتهم من القرآن ومن صحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم. عقيدة أهل السنة في القرآن فالقرآن كتاب الله الذي جعله الله نوراً وهدىً وحجةً على عباده لا نقص فيه ولا خطأ. وآياته باقية فيه بكاملها كما أوحيت إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من غير زيادة فيها ولا نقصان، بالرغم من محاولات أعداء الله المتكررة لتحريفه وبث الشكوك حوله. غير أن الله وعد بأن يحفظه كما قال: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } [ الحجر : 9 ] |
عقيدة الشيعة في القرآن أما كتب مشايخ الشيعة فإنها تذهب إلى عكس ذلك المفهوم، فإن كلاًّ من السيد هاشم البحراني المفسر الشيعي – في مقدمة كتابه البرهان في تفسير القرآن [1] - والمحدث الشيعي ملا باقر المجلسي في كتابه مرآة العقول، وكذلك الشيخ النوري الطبرسي [2] ، ونعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية [3] وغيرهم من علماء الشيعة – يؤكدون بأن القرآن قد زيد عليه ونقص منه وغيّرَ فيه الصحابة وبدّلوا. ولقد نقل النوري الطبرسي عن نعمة الله الجزائري أن " الأصحاب [4] قد أطبقوا [5] على صحة الأخبار المتواترة الدالة على وقوع التحريف في القرآن [6] . كما يؤكد الكليني [7] في كتابه الكافي [8] أن مجموع الآيات التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم سبع عشرة ألف آية. علماً بأن الآيات التي بين أيدينا في المصحف المتداول تقارب الستة آلاف آية فقط [9] . كما يؤكد بأنه لم يجمع المصحف كله إلا الأئمة [10]. راوياً عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال: " وإن عندنا لمصحف فاطمة ، واللهِ ما فيه من قرآنكم حرف واحد ". [11] ويؤكد صاحب تفسير الصافي في مقدمته أن القرآن الذي نزل بين أظهرنا لم ينـزل بتمامه كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مُغَّير مُحرَّف ، ومنه ما حَذف منه المنافقون الكثير مثلما فعلوا في حذف اسم ( عليّ ) من القرآن، قال: " وحذفوا أيضاً لفظ ( آل محمد ) وأسماء بعض المنافقين . " ويضيف قائلاً : " أما اعتقاد مشايخنا رحمهم الله في ذلك؛ فالظاهر من ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن " .[12] ولا تزال للنوري الطبرسي [13] مكانته المرموقة بين أوساط الشيعة وعلمائهم بالرغم من كتابه ( فصل الخطاب ) الذي أثبت فيه بحماس شديد اعتقاد التحريف عند عامة علماء الشيعة، بعد أن جمع فيه ألفي رواية حول تحريف القرآن كانت متفرقة ومبعثرة في مختلف كتب الشيعة منها كتاب الكافي للكليني ، وكُوفئ على فَعْلته هذه بأن دفنوه في أشرف مقبرة عند الشيعة وهي الحجرة المرتضوية بالنجف الأشرف. وذكر كمال الدين ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة أن عثمان بن عفان : " جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت ، وأحرق المصاحف، وأبطل ما لا شك فيه أنه من القرآن " .[14] ============= [1] - ص 49 [2] - وهو صاحب كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " . [3] - جـ 2 ص 357 [4] - يعني علماء مذهب الشيعة. [5] - أي اتفقوا وأجمعوا. [6] - فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 30. [7] - يعتبر الكليني مؤلف أعظم كتاب من بين كتب الشيعة ومصادر أصولهم وفروعهم، كما يعتقدون أنه أوثق وأفضل من كتاب صحيح البخاري. ذكر الشيخ عبد الحسين الموسوي في المراجعات ( ص 110- 113 ) بأن كتاب الكافي أحسن كتب الشيعة وأوثقها وأتقنها. وقال الشيخ محمد صادق الصدر في كتابه ( الشيعة ص 122 ) " ويُحكى أن الكافي عُرضَ على المهدي فقال : " هذا كافٍ لشيعتنا ". [8] - جـ 2 ص 634 [9] - قال الكاشاني في تفسير الصافي ( 1: 47 ) " وأما اعتقاد الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض لقدح فيها مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي فإن تفسيره مملوء منه " أي مملوء من التحريف ولذلك يقول القمي في تفسيره " .. وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله تعالى { كنتم خير أمة أُخرجَتْ للناس } إنما هي " كنتم خير أئمة ..." وأما ما هو محرّف فهو قوله " لكن الله يشهد بما أُنزلَ إليك في عليّ " وقوله " يا أيها الرسول بلِّغ ما أُنزل إليك في علي " وقوله " إن الذين كفروا وظلموا آل محمد " ( انظر تفسير القمي : المقدمة ص 10 ) وهذا يوضح حقيقة عقيدة الكليني صاحب أهم مرجع من أصول الشيعة وكذلك شيخه القمي . [10] - الكافي : كتاب الحجة جـ 1 : 427. [11] - الكافي الأصول 1 : 240 [12] - مقدمة تفسير الصافي ص 14 و 47 طبع سنة 1399 هـ [13] - صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب الذي طبع في إيران. [14] - شرح نهج البلاغة 11:1 طبع في إيران. |
نماذج من الآيات المحرفة وهناك آيات وكلمات ادّعى الكليني والقمي ( من أئمة الشيعة ) أنها محذوفة من القرآن الموجود . أذكر منها على سبيل المثال: 1- ومن يطع الله ورسوله ( في ولاية علي والأئمة بعده ) فقد فاز فوزاً عظيماً . [1] 2- سأل سائل بعذاب واقع ، للكافرين ( بولاية علي ) ليس له دافع . [2] 3- وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا ( في ولاية علي ) . [3] 4- وسيعلم الذين ظلموا ( آل محمد ) أي منقلب ينقلبون . [4] 5- " كنتم خير أمة أُخرجت للناس " . روى القمي عن أبي عبد الله أنه قال : " يقتلون الحسن والحسين ويكونون خير أمة أخرجت للناس ؟ فقيل له : فكيف نزلت . قال: ( كنتم خير أئمة أخرجت للناس ). 6- ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به ( في علي ) . [5] 7- يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك ( في علي )، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته. جاء في تفسير نور الثقلين أنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: " لو لم أُبلغ ما أُمرت به من أمر ولايتك لحبط عملي " . [6] هذه بعضٌ من الآيات التي ادعوا وقوع الحذف والتغيير فيها. واتهموا الصحابة بفعل ذلك ، غير منتبهين إلى أن هذا الادعاء يطعن ويشكك في قول الله تعالى: " إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون ". والذي يعني أن الله سيصون قرآنه – الذي بين أيدي الناس - ويحفظه من أن يتعرض لأي زيادة أو نقصان. ولقد ألّف الشيخ الشيعي علي أصغر برجردي كتاب ( عقائد الشيعة ) بطلب من الملك محمد شاه القاجار لتبيين عقيدة الشيعة قال فيه: " والواجب أن نعتقد أن القرآن الأصلي لم يقع فيه تغيير ولا تبديل مع أنه وقع التحريف والحذف في القرآن الذي ألفه بعض المنافقين أما القرآن الأصلي فموجود عند إمام العصر ( الغائب ) عجَّل الله فرَجَهُ "[7] ============= [1] - الكافي للكليني كتاب الحجة 414:1 ط إيران. [2] - الكافي الحجة 422:1 . [3] - الكافي الحجة 417:1 . [4] - تفسير القمي 125:2 [5] - الكافي الحجة 424:1 . [6] - تفسير نور الثقلين 654:1 . [7] - عقائد الشيعة ص 27 طبع في إيران . |
إننا لا نشك أن من الشيعة المخلصين من يستنكر اعتقاد التحريف ويستقبحه . غير أننا نعتب عليهم التمسك بالموروث الذي نشأوا عليه فإنهم لا يتخلون عن مذهب نشأ عليه آباؤهم، ولا يتبرؤون من مشايخ هذا المذهب الذين انتصروا لهذه الفكرة المخجلة وتحدثوا عنها بصراحة بالغة. فليس يكفي منهم مجرد استنكار هذه الفكرة في المذهب مع الإصرار على التمسك بالمذهب ، إذ أن الإصرار على البقاء على المذهب الخطأ إصرار على الخطأ، أليس كثير من النصارى يستنكرون عقيدة الثالوث ويعترضون على وثنيات الكنيسة وانحرافاتها ويرفضون فكرة تأليه الإنسان، ومع ذلك يبقون معتنقين ديانة غير مقتنعين بها مسايرةً لما تركهم عليه الآباء والأجداد . إن استنكار عامة الشيعة لفكرة اعتقاد التحريف في القرآن أرغمت مشايخهم على إنكار هذه الفكرة خجلاً، ولو أنهم كانوا صادقين في هذا الإنكار لاعترفوا بما اطلعوا عليه من الكتب القديمة التي لا تزال تطبع مراراً وتكراراً وتجد طريقها إلى العالم الإسلامي وهي مع ذلك تتضمن روايات كثيرة تؤكد أن فكرة وقوع التحريف في القرآن مأخوذ بها عند كثير من أعيان وآيات الشيعة ومقرّرة في كتبهم الأصلية ككتاب الكافي وغيره من الكتب التي تُثبت اعتقاد التحريف عندهم. |
موقف الإمام الخوئي من التحريف
هناك جماعة من الشيعة يتبرؤون من اعتقد التحريف في القرآن ويقولون نحن نتبع الإمام الخوئي رئيس الحوزة العلمية بالنجف الأشرف بالعراق، والذي أفتى بتحريم اعتقاد التحريف في القرآن، ولا نتبع قولا آخر غيره، غير أنه قد غاب عنهم أمران: 1- أن الخوئي نفسه لا يساوي عند علماء الشيعة شيئاً بالمقارنة مع الكليني والقمي والمجلسي وغيرهم من كبار علماء الشيعة الذين لا زالت كتبهم المتضمنة اعتقاد التحريف هي المصدر الرئيسي في فهم العقيدة الشيعية ، وهي الأصل الذي ينهلون منه علومهم ويأخذون عنه دينهم وتُحيلُ إليه كتبهم . فليتكلم الخوئي عنهم وليعترف أن كتب كبار أئمة الشيعة صرحت بوقوع التحريف في القرآن كي لا يكون كاتما للشهادة. 2- أن الخوئي استعرض آراء المسلمين والشيعة في مسألة تحريف القرآن ثم انتهى إلى القول: " ومما ذكرناه قد تبين للقارئ أن حديث تحريف القرآن حديث خرافة لا يقول به إلا من ضعف عقله " . [1] غير أن للخوئي رأيا آخر يقترب فيه من القائلين بالتحريف. فإنه قال في الكتاب نفسه [2] : " إن وجود مصحفٍ لأمير المؤمنين عليه السلام يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لا ينبغي الشك فيه ، وتسالُمُ العلماء ( يعني إجماعهم ) على وجوده أغنانا عن التكلف لإثباته، كما أن اشتمال قرآن عليٍّ عليه السلام على زيادات ليست في القرآن الموجود – وإن كان صحيحا – إلا أنه لا دلالة في ذلك على أن هذه الزيادات كانت من القرآن وقد أُسقطَتْ منه بالتحريف. بل الصحيح أن تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلام أو بعنوان التنـزيل من الله شرحاً للمراد ". إن الخوئي يُثبت بهذا الكلام أمرين: أولهما : أنه يُثبت مصحفاً آخر لعلي يختلف في ترتيبه وزياداته عن القرآن الموجود بين أيدي المسلمين. ثانيهما: أنه يُثبت شروحاً للقرآن مشروحة من الله مُنـزَلةً من عنده. فهل نزل القرآن من عند الله يتضمن السور وشرحها ؟ إن صدور مثل هذا الكلام من إمامٍ عُرف بتعقله يدعو إلى العجب ولا يخلو من تناقض! ============= [1] - كتاب تفسير البيان للخوئي ص 259. [2] - ص 222 |
لماذا لا نجتمع على كلمة سواء بيننا لا مراوغة فيها ولا تورية، وهي : أن نعترف جميعاً بأن المصحف الموجود بين أيدينا وفي مساجدنا هو نفسه القرآن الذي أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، من غير زيادة ولا نقصان. وأن ننتهي عن التكلم عن المصحف الغائب مع الإمام الغائب وعن مصحف فاطمة وعن مصحف علي ؟ ألا يمكننا أن نجتمع على هذه الكلمة بيننا؟ إنه إن تعذّر الاتفاق على ذلك فأي شيء يمكن أن يقرِّب بعد ذلك بين الفريقين؟ وعلى أي شيء نتفق ونتحد ؟! |
أصول السنة عند أهل السنة أما بالنسبة للسنة النبوية فإنها المصدر الثاني عند أهل السنة والجماعة بعد القرآن، وهي تمثل مجموع أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله ، وفيها تفسير القرآن. ولذلك يتشرف أهل السنة بالانتساب إلى السنة النبوية تنفيذا لوصية نبيهم الذي قال : " عليكم بسنتي " . [1] والأصول التي يرجع إليها أهل السنة هي كتب الحديث كالبخاري ومسلم اللذين اشتملا على الأحاديث الصحيحة. وهناك كتب أخرى خلطت بين الروايات الصحيحة وأخرى ضعيفة كالمسند وأبي داود والترمذي والطبراني وابن ماجه وابن حبان والموطأ ... الخ . وبناء عليه فلا يكفي مجرد إحالة مصدر الحديث إلى هذه الكتب من دون التحقق من صحة روايتها وسندها ورجالها اللهم باستثناء البخاري ومسلم . ============= [1] - سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الرابع ص 361 . |
أصول السنة عند الشيعة وأما الشيعة فإنهم لا يعتمدون كتب الحديث والسنن التي عند أهل السنة كالبخاري ومسلم .. الخ. وإنما لهم رواياتهم الخاصة بهم وهي عندهم أوثق من روايات أهل السنة لأنها مروية عن طريق أهل البيت. فإن شرط رواية الحديث عندهم: 1- أن يكون الراوي إماميا ثقة عدلاً ضابطاً . 2- اتصال السند إلى الإمام المعصوم. وقد خالفهم الزيدية وغيرهم في ذلك وقالوا : الرواية مقبولة من الثقة العدل الضابط وإن لم يكن إمامياً . أما اشتراطهم للراوي الثقة فعندهم فيه تناقض واضح ، مثال ذلك : 1- زرارة بن أعين : نجد عبد الحسين في المراجعات يقول مدافعاً عن زرارة – وهو من أبرز الرواة عن جعفر الصادق – " لم نجد شيئا مما نسبه إليه الخصم . وما ذاك منهم إلا البغي والعدوان ". [1] غير أن كتبا شيعية أخرى قالت عن زرارة على لسان جعفر نفسه " كذب عليّ زرارة ، لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة " وقال: " إن مرض زرارة فلا تعده ، وإن مات فلا تشهد جنازته ، زرارة شرٌ من اليهود والنصارى " وقال: " إن الله قد نكس قلب زرارة " [2] 2- هشام بن الحكم : قال عنه عبد الحسين الموسوي في المراجعات: " رماه بالتجسيم من يريدون إطفاء نور الله من مشكاته حسداً لأهل البيت وعدواناً ونحن أعرف بمذهبه " [3] غير أننا نرى الكليني والصدوق والطبرسي يرويان عنه ما يؤكد قوله بالتجسيم . [4] وهكذا نجد التناقض الواضح في رجال الرواية . وللمزيد من ذلك أنظر كتاب " رجال الشيعة في الميزان " للزرعي ط : دار الأرقم ============= [1] - المراجعات 110 ط : مؤسسة الأعلمي. [2] - ( رجال الكشي 147 ط: مشهد . وانظر كتاب تنقيح المقال 443:1 ط النجف. والخوئي في معجم رجال الحديث . ط : النجف . ( رجال الكشي 160 والمامقاني في تنقيح المقال 444:1 ) . [3] - المراجعات 312 [4] - الكافي للكليني 104:1 و 106 والطبرسي في الاحتجاج 155:2 والتوحيد للصدوق. |
على أن الشيعة يفضلون لفظ " الشيعة " - وهو لفظ دال على حالة طارئة وخاصة تعني التحيز والتحزب إلى فئة معينة – على لفظ " السنة " الدال على منهج دائم بين المسلمين ويعني اتباع طريقة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد تكلمت كتب الشيعة عن ضرورة التمسك بالسنة ، وجاء في كتاب الكافي للكليني أن من ردّ شيئاً من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد كفر. [1] وقد رووا عن علي رضي الله عنه أنه قال: " علينا العمل بكتاب الله وسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والنعش لسنته ". [2] وجاء في كتاب الاحتجاج للطبرسي " فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي صلى الله عليه وسلم ". [3] إذن فماذا يمنع أن ننتسب إلى طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، وكفى ذلك شرفا ، وهذا اللفظ خير من لفظ " الشيعة " الدال على التحزب والتفرق كما قال تعالى: { ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شِيعاً ، كل حزبٍ بما لديهم فرحون } [ الروم 32 ]. وقال: { إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شِيعاً لست منهم في شيء ، إنما أمرهم إلى الله } [ الأنعام 159 ]. ============= [1] - الكافي اللأصول 59:1 باب الرد إلى كتاب الله والسنة. و 70:1 باب فضل العلم. [2] - نهج البلاغة 82:2. [3] - الاحتجاج ص 222. |
تحقيق معنى لفظ الشيعي إن لفظ الشيعة لفظٌ طارئ اتصف به بعد خلاف عليٍّ ومعاوية فريقان: الفريق الأول: وهم شيعة علي والفريق الثاني: شيعة معاوية. فكان لكل واحدٍ شيعته وأنصاره. وكان يجب انتهاء استخدام هذا اللفظ بانتهاء المسألة آنذاك. إلا أن مصطلح الشيعة أصبح اليوم علامة على فرقة مستقلة في الاعتقاد والأصول والفقه والتصور عن أهل السنة. بينما شيعة علي رضي الله عنه هم في الحقيقة أهل السنة، فإنه ما من سني واعٍ إلا وهو يعتقد بحزمٍ أن الحق كان مع علي، وأن معاوية ومن معه بغوْا عليه وأن من قُتلوا في صف علي شهداء إن شاء الله وأن من خالف هذا القول فهو مخالفٌ لما تنبأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم. بينما شيعة اليوم يرجعون إلى شيعة الكوفة الذين شهدت كتب الشيعة بتمردهم على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، حيث كان يخاطبهم قائلا [1] : " استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم قاتلكم الله لقد شحنتم صدري غيظاً ، لوددتُ أن الله فرق بيني وبينكم وألحقني بمن هو أحقُ بي منكم ، اللهم إني قد ملَلْتُهم وملّوني وسئمتُهم وسئموني فأبدلني خيرا منهم ، وأبدلهم شراً مني " [2] . ============= [1] - سيأتي معنا مزيد من التفاصيل حول موقف علي رضي الله عنه وأحفاده من شيعتهم . [2] - انظر نهج البلاغة ص65 و 70 و 230 ط : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات . بيروت |
تحقيق معنى لفظ " السني " إن لفظ " السنة " كان ولا يزال علامة على التمسك بالسنة أكثر من كونه علامة على الانتساب التقليدي إلى طائفة خاصة. إن السنة صفة لا يستحق الاتصاف بها إلا كل متمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، مهتدٍ بهديه. ومن هنا فإن من بين المتسمين بالسنة أناس ربما كانوا لا يصلون ولا يصومون ولا يطبقون من السنة شيئاً ، فهؤلاء ليسوا من السنة وليست منهم ، وإن كُتبَ على شهادات ميلادهم " مسلم سني " . من الذي جمع السنة وحفظها؟ إن ادّعاء بعضهم أن الأئمة هم وحدهم الذين حفظوا السنة هو قولٌ بعيدٌ عن الصحة. فإنه حين أنزل الله تعالى: { اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكمُ الإسلام ديناً } كان الحسنان رضي الله عنهما يومئذ صغاراً ، أما الأئمة التسعة الآخرون فإنهم لم يكونوا قد وُلدوا بعد. وبالطبع فإن الذين جمعوها ونشروها في البلاد وعلّموها الناس هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته أعني نساؤه وعلي بن أبي طالب والعباس وأصهاره أبو بكر وعثمان. |
شد الرحال إلى قبور ومزارات الأئمة وأهل السنة قد حفظوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: " لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد: ألا لا تتخذوا قبور أنبيائكم مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " [1] فأخذوا بوصيته حذراً من مشابهة اليهود والنصارى ومن الوقوع في مغبات الشرك. وحفظوا وصيةً أخرى يقول فيها: " إذا سألتَ فاسأل الله وإذا استعنتَ فاستعنْ بالله " [2] فأخلصوا دعاءهم وعبادتهم لله ، ولم يترددوا على قبور الأموات ليسألوهم من دون الحي الذي لا يموت الذي بيده الضر والنفع وحده. أما بالنسبة إلى الشيعة فإن الذهاب إلى قبور الأئمة وإلقاء الأموال عند عتباتهم أمر مشاهد ومعروف لدى الجميع. حتى إن الشيخ المفيد الشيعي ذكر في كتابه الإرشاد [3] بأن زيارةً واحدةً لقبر الحسين تساوي مئة حجة ومئة عمرة. وأن من زاره بعد موته فله الجنة ". و " أن من زار قبر أهل البيت حرّم الله عليه النار، وأوجب له الجنة " [4] وقد وضعوا الأحاديث المكذوبة في فضل زيارة قبورهم والبكاء عندها، ونظموا لذلك أدعية خاصة تُتلى هناك . إن مثل هذا لا يرضي أهل البيت، ولا يُرضيهم ما قاله ابن بابويه القمي أن من زار قبر جعفر الصادق أو الحسين كان له ثواب سبعين حجة، وأن من بات عند قبره كان كمن زار الله تعالى في عرشه . [5] وأن الله تعالى يزور بنفسه قبر أمير المؤمنين عليه السلام ويزوره الأنبياء والمؤمنون . [6] وأي اشتياق أو حبٍ يبقى لبيت الله الحرام إن كانت قبور الأئمة تفضُل عليه في الثواب، إن هذه دعوة إلى استبدال أماكن العبادة ( وهي المساجد ) بالقبور وتعظيم القبور أكثر منها. ============= [1] - رواه البخاري ومسلم والنسائي ومالك في الموطأ. [2] - رواه الترمذي وصححه الألباني في المشكاة رقم ( 5302 ) . [3] - ص 252 طبع في مكتبة بصيرتي بمدينة قم بإيران. وذكر ذلك أيضا الشيخ عبد الله الأنصاري في كتابه " مع الخطيب في خطوطه العريضة ص81 . [4] - عيون أخبار الرضا لابن بابويه القمي 255، وكذلك مع كتاب مع الخطيب للأنصاري 18 [5] - عيون أخبار الرضا 259:2 . وانظر كتاب تهذيب الأحكام للطوسي 51:6 وكتاب كامل الزيارات 174، وكتاب بحار الأنوار 101 و 105. [6] - بحار الأنوار 258:100 |
إننا إذا ألقينا نظرة على ما يفعله الشيعة اليوم عند القبور والمزارات من تقبيل الجدران، وإلقاء أموال النذور، وبث الشكوى وضيق الحال إلى الموتى ونقل جثث موتاهم من الأماكن إلى جوار الأئمة اعتقاداً منهم أن الميت إذا دُفِن في واحد من مشاهد الأئمة وأضرحتهم صار مأموناً من عذاب القبر وفُتِح له يوم القيامة بابٌ من قبره إلى الجنة . إن كل هذا في الحقيقة تشبهٌ واضح بضلال من قبلنا من اليهود والنصارى الذين استحقوا اللعن لاتخاذهم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد. وإنه لمن الغريب أن يتخذ بعض الشيعة من تقبيل الحجر الأسود دليلا على جواز تقبيل الأضرحة والتمسح بها. فإنهم من أشد الناس معارضةً للقياس في استنباط الأحكام الشرعية. بتعبيرٍ آخر : إن الذي أباح لنا تقبيل الحجر لم يبح لنا تقبيل أعتاب وأحجار القبور، بل لم يُعهد مثل هذا في جيل الصحابة وحتى الآل، ولم يكن علي رضي الله عنه يتردد على قبر نبيه صلى الله عليه وسلم وقبور أقربائه ويقبّلها ويتلقى عنها كما يفعل المنتسبون إليه اليوم. ويكفي للمنصف أن ينظر إلى ما يفعله الشيعة والمتصوفة عند قبور الأئمة والأولياء في البلاد الإسلامية ثم ليقارن بينها وبين ما يفعله النصارى عند مقامات وأديرة رهبانهم وهم يتمسحون بصور وتماثيل المسيح وأمه وكيف يفعل البوذيون والهندوس الشيء نفسه في معابدهم من تقبيل العتبات والبكاء عندها، وتقديم النذور وإلقاء الأموال وطلب الحاجة إلى الأموات من دون الحي الذي لا يموت. لقد بقي أهل السنة على الوسط بين من سبوا أهل البيت وبين من أفرطوا في حبهم حتى توجهوا إليهم بالأدعية وشدوا الرحال إليهم وجعلوا زيارة قبورهم أكثر ثواباً من زيارة بيت الله. إن أهل السنة يستنكرون أن تكون القبور واسطة بين العباد وبين ربهم، إنه لا يجتمع المسجد والقبر في دعاء الموحِّد الواثق بالله. إن القبر والمسجد نقيضان لا يجتمعان في عبادة عابد لله تعالى قال الله تعالى : { وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً } [ الجن :18 ] إنه لمن الشرك ومن سخف العقول أن يذهب الرجل إلى المسجد يقول " يا الله " ثم يخطو قليلا إلى القبر ويقول " يا علي يا حسين " إننا لو فرضنا أن مجرد زيارة قبور أئمة أهل البيت تعدل مئة حجة فلماذا لا تكون زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم تعدل مثل هذا الأجر أو ربما أكثر؟! لماذا نجد الغلو في أهل البيت ، بينما لا نجد مثله أو ربما أكثر منه في حق النبي صلى الله عليه وسلم: هل يحبون أهله أكثر منه ؟ |
استغاثة الشيعة بالأئمة عند الشدائد وأهل السنة يتقربون إلى الله بحب الحسن وحب الحسين ويقولون إن حبهم فرض على كل مسلم كما قال الشافعي، إلا أنهم لا يرضون استغاثة الشيعة بالحسين ولا بغير الحسين مثل قولهم ( يا علي ، يا جعفر يا حسين يا مهدي يا صاحب الزمان ). ولا يرضون تسمية الشيعة أبناءهم ( عبد الحسين عبد الحسن ) ، وموقفهم من ذلك كموقفهم من النصارى الذين يسمون أنفسهم ( عبد المسيح ) . فإنه لا يستوي من يسمي ولده عبد الله ، ومن يسميه عبد المسيح أو عبد الحسين فإن المسيح والحسين عباد لله ، وإذا كان من أحب الأسماء إلى الله تعالى : ( عبد الله وعبد الرحمن ). فإن من أبغض الأسماء إلى الله اسمٌ دلَّ على العبودية لغير الله. وإنما يقول أهل السنة ( يا الله ) ويتوجهون بطلب حوائجهم وتفريج كُربهم إليه وحده. إنهم يحبون أهل البيت لكنهم لا يقدسونهم ولا يؤلهونهم. فكما أن المسلمين وسط بين اليهود الذين كفروا بالمسيح وبين النصارى الذين عبدوه ، فكذلك هم وسط بين من سبوا أهل البيت وبين من عبدوا أهل البيت وفضلوهم على الأنبياء. إذن فأهل السنة يدعون الله وحده الذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد، الذي يسمع دعاء جميع عباده في وقت واحد على اختلاف أماكنهم وأعدادهم وهو أرحم بعباده من كل عباده ، وأسرع في إجابة الدعاء منهم ، وأعلم بحوائج عباده وإن لم يرفعوها إليه. قال تعالى: { قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونردُّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله } [ الأنعام 71 ] |
ظاهرة الحلف بغير الله ويعتقدون أن الحلف بأهل البيت من دون الله شرك حذّر منه نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال : " من حلف بغير الله فقد أشرك " [1] وقال: " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " [2] إن ظاهرة الحلف بالإمام نراها عند النصارى الذين يحلفون بالمسيح من دون الله. ============= [1] - رواه الترمذي في الأيمان والنذور وإسناده صحيح. [2] - رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي. |
عصمة الأئمة والغلو فيهم وأهل السنة مقرون بفضل أهل البيت وصلاح دينهم، ويرون أن ذلك لا يمنع من وقوع هفوات أو أخطاء تمثلها الطبيعة البشرية القابلة للخطأ. فإنه ما من أحد من بني آدم يخرج عن الطبيعة البشرية التي يتصف بها كل الخلق والتي بيَّنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " كل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون " .[1] غير أن الأنبياء معصومون في التبليغ عن الله عز وجل. فكم من نبيٍ عاتبه ربه. وصحّح له بعض المواقف مثل قوله للنبي صلى الله عليه وسلم : { عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) } [ عبس 1 – 11 ] وقال : { عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) } [ التوبة 43 ] وقال: { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } [ الأحزاب 37 ] وقال نوح: { رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }. [ هود 47 ] وقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم: { وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } [ الشعراء 82 ] { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } [ الأنبياء 87 ] ============= [1] - رواه الترمذي وابن ماجة والدارمي بإسناد حسن. ( جامع الأصول 2: 515 ) |
عصمة الإمام المطلقة عند الشيعة غير أن الشيعة يرون العصمة المطلقة عن الخطأ في أئمتهم سواء أكان الخطأ سهواً أو عمداً. ولا يرون بين الإمامة وبين النبوة إلا فرقاً شكلياً. فقد عقد المجلسي في كتابه بحار الأنوار ( باب أن الأئمة أعلم من الأنبياء ) قال فيه: " ولا يصلُ عقولنا فرقٌ بين النبوة والإمامة ".[1] وقال الشيخ محمد رضا مظفر : " نعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً أو سهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان ". [2] وبمقتضى عصمتهم تصير تعاليمهم عند مشايخ الشيعة – كالخميني وغيره – مثل تعاليم القرآن، ويصيرون مُنـزَّهين عن السهو والغفلة . [3] ولا يسعنا إلا أن نلقي نظرة سريعة على فهارس مواضيع كتاب الكافي للكليني، ولنقرأ منه بعض عناوين الأبواب والفصول من دون التطرق إلى المضمون: 1- ( باب ) أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء. 2- ( باب ) أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم. 3- ( باب ) أن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء.[4] 4- ( باب ) أن الأئمة يعرفون جميع الكتب على اختلاف ألسنتها.[5] 5- ( باب ) أن الأئمة إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود. ولا يُسئلون عن البينة [6] 6- ( باب ) أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة. 7- ( باب ) أنه ليس من الحق في أيدي الناس إلا ما خرج من عند الأئمة. وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل. 8- ( باب ) أن الأرض كلها للإمام. ============= [1] - بحار الأنوار 26 : 82 . وانظر الكافي أيضاً 21 : 260 – 263. [2] - عقائد الإمامية لحمد رضا المظفر ص 95. [3] - الحكومة الإسلامية ص 113 و 91. [4] - يقول الخميني: " لأن الأئمة لا نتصور فيهم السهو والغفلة ونعتقد فيهم الإحاطة بكل ما فيه مصلحة للمسلمين. [5] - الأصول من الكافي 1: 227. [6] - يعني لا يسئلون عما يفعلون!! |
صور أخرى من الغلو روى المجلسي في كتابه حياة القلوب [1] أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً والحسين على فخذه الأيمن وابنه إبراهيم على فخذه الأيسر وكان يقبِّل هذا تارة وذاك تارة أخرى. وفجأة نزل جبريل وقال: إن ربك أرسلني وقال: لا يجتمع هذان في وقت واحد، فاختَرْ أحدَهما على الآخر وأفدِ الثاني عليه، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابنه إبراهيم وبكى وقال: يا جبريل أفديتُ إبراهيمَ الحسين ورضيت بموت إبراهيم كي يبقى الحسين ويعيش . " مشابهة النصارى في الكفارة والفداء ومن صور الغلو عند الشيعة اعتقادهم بأن ولاية أهل البيت أعظم من الصلاة والصيام والزكاة والحج. فقد روى الكليني عن أبي جعفر قوله: " بُنيَ الإسلام على خمسة أشياء: الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية . قيل له: وأي شيء أفضل؟ قال الولاية ."[2] وجعلوا من يتولى أهل البيت من أهل الجنة وإن فعل ما فعل. فزعموا أن أبا عبد الله قال: " إن الله كتب كتاباً قبل خلق الخلائق بالفَيْ سنة فهو عنده تحت العرش: يا شيعة آل محمد قد غفرتُ لكم قبل أن تعصوني، مَن أتى غير منكرٍ بولاية آل محمد أسكنتُه جنتي برحمتني ".[3] ووضعوا الأحاديث في تفضيل الشيعة على غيرهم من البشر وأن الله خلقهم من طينةٍ خاصةٍ تختلف عن البشر، وأن الله لا يغفر إلا لهم وأنهم هم الفائزون يوم القيامة ." [4] وعن الصادق قال: " إن الله خلقنا من عِلِّيين، وخلق أرواح شيعتنا من عِلِّيين " [5] وجاء في تفسير منهج الصادقين [6] للشيخ فتح الله الكاشاني " أن حب عليٍّ حسنة لا تضر معها سيئة " قال : " وإن حبنا أهل البيت ليحطُّ الذنوب عن العباد كما يحطُّ الريح الورق عن الشجرة ". وفي كتاب الكافي " رُفع القلم عن شيعتنا ولو أتوْا بذنوبٍ بعدد المطر والحصى ". [7] وفي مقدمة تفسير البرهان أن الله قال: " علي بن أبي طالب حجتي على خلقي لا أُدخِلُ النارَ من عرفه وعصاني ، ولا أُدخل الجنة من أنكره وإن أطاعني " .[8] وقيل لأحد أئمة أهل البيت " إني أحب الصوامين ولا أصوم، وأحب المصلين ولا أصلي ، فقال له: أنت مع من أحببت ". [9] ============= [1] - ص 593 [2] - الكافي الصول 2 : 18-20 وانظر كتاب بحار الأنوار للمجلسي 68 : 83 – 96 باب أنه لا تُقبل الأعمال إلا بالولاية. [3] - البرهان 3: 228. [4] - بحار الأنوار 68 : 1 – 83 ( باب ) أن الشيعة هم أهل دين الله، لا يغفر الله إلا لهم ولا يقبل إلا منهم ، وفي ( باب ) الصفح عن الشيعة ص 98 -149، و ( باب ) صفات الشيعة 149 – 199 . [5] - أصول الكافي 2 : 4، بحار الأنوار 52 : 12 – 13، بصائر الدرجات 7 [6] - ص 8: 110 وكتاب مع الخطيب للشيخ الشيعي عبد الله الأنصاري 81 [7] - الكافي الروضة 8 : 78 . [8] - البرهان / المقدمة ص 23. [9] - الكافي الروضة في الفروع الجزء الثامن. |
التعقيب على تلك الروايات لو كان مجرد الحب حسنةً لا تضر معها سيئة: 1- فأي حاجة تبقى لشرائع الأحكام إذن ؟ 2- وهل حب عليٍّ والأئمة أهم عند الله من طاعته والعمل بمقتضى دينه؟ 3- وإذا كان حب الله ورسوله غير كافٍ في النجاة من العذاب بدون إيمانٍ وعمل صالح فكيف يكون حب علي مغنيا عن العمل الصالح وماحياً لكل العمل السيء ؟ 4- إن هذا المفهوم يحوّل الناس عن السبب الأساسي الذي خلقهم الله من أجله، ويجعل محبة عليٍ سبب خلْق الخلائق في حين أن الله خلقهم ليعملوا الصالحات كما قال تعالى : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } [ تبارك 2 ] |
علي بن أبي طالب بطل الإسلام وفخر المسلمين إن أهل السنة يقولون : إن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه زوج الزهراء وأبو الحسنين وبطل المسلمين ومصدر فخرهم واعتزازهم ومن أعظم بناة الإسلام المدافعين عن النبي صلى الله عليه وسلم منذ حداثة سنه – حبُّه هو وأهله إيمان ، وبغضهم نفاق. غير أنهم لا يوافقون ما يقوله الشيعة من أن حبه كفارة للذنوب وأن بغضه لا تنفع معه حسنات ، وأن النظر إلى وجه عليٍ عبادة [1] . فإن هذه الكفارة شبيهة بفكرة الكفارة والفداء عند النصارى الذين يقولون إن مجرد حب المسيح كافٍ في الخلاص والكفارة يوم القيامة ولو من غير عمل. ويعترضون على تلك الهالة الإلهية التي أُعطيت له ، مثلما جاء في تفسير البرهان [2] أن الله قال : " علي بن أبي طالب حجتي على خلْقي ونوري ... وأميني على عِلمي " وذكر في التفسير نفسه أن الله خلق السموات والأرض من نور النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلق العرش والكرسي من نور علي بن أبي طالب [3] . وكالذي يفعله العامة من الشيعة كالضرب بالكف على الرُكَبِ عند دُبُر الصلوات مع قولهم " تاه الأمين " أي أخطأ جبريل فنـزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي ، وكان عليه أن يتنـزّل على علي بن أبي طالب ، وهذا أمر مشاهد ولولا أننا رأيناه لما ذكرناه . ويعترضون على ما نسبه الكشي من علماء الشيعة إلى علي " أنا وجه الله ، وأنا جنب الله ، وأنا الأول وأنا الآخر وأنا الظاهر وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض ، وأنا سبيل الله " [4]. وبلغ الغلو بشيخهم الملقب بالمفيد حتى زعم أن الله كان يناجي علياً [5]. ============= [1] - كتاب " مع الخطيب في خطوطه العريضة " ص 18. [2] - مقدمة تفسير البرهان ص 23 . [3] - تفسير البرهان 4 : 226 . [4] - رجال الكشي 184 . [5] - الاختصاص للمفيد 200 طبع سنة 1402 هـ . وهذا المفيد هو: محمد بن محمد بن النعمان أثنى عليه الخميني ووصفه بأنه من أهل الفقه والاجتهاد ( الحكومة الإسلامية 58 ) . |
علينا أن نأخذ العبرةَ من النصارى الذين بدأوا بقليل من الغلو ما لبث أن ازداد واستفحل حتى انتهى بهم كما ترون إلى عبادة المسيح من دون الله. لقد فتح هذا الغلو أبواباً خطيرةً لدى الفرق الشيعية الأخرى كالنصيرية والإسماعيلية حتى عبدوا علياً رضي الله عنه وزعموا أنه إله أهل الأرض وإله أهل السماء، ومع أن الشيعة الإمامية يحكمون بكفر هؤلاء من الناحية النظرية، إلا أنهم من الناحية العملية على توافقٍ وانسجامٍ تام. النصارى يحبون المسيح حباً مجرداً من الضوابط والقوانين، فإنهم حيث يحبونه لا يطيعونه، بل المهم عندهم إطراؤه بحقٍ كان أو بباطل، هكذا حبٌ مع هوىً متّبَع. لذا فليس الأصل مجرد محبة هوجاء تخدع صاحبها وتوهمه أن هذا يشفع له عند ربه، وإنما الحق أن محبة الله طاعته واتباعه ، إذ الطاعة ترجمة المحبة وبرهانها. والحب لابد أن يكون من طرفين لا من طرفٍ واحد، فإن النصارى يحبون المسيح لكنه لا يحبهم لأنهم خرجوا به عن المعقول والمشروع بسبب الغلو الذي يغلق العقول، واليهود يحبون موسى وهو لا يحبهم لعصيانهم ما جاء به. |
تنبؤ أهل البيت بغلو شيعتهم فيهم ولقد تنبأ أهل البيت أن طائفة من الناس ستغلو فيهم ، قال علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه: " إن يهوداً أحبوا عزيراً حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عزيرٌ منهم ولا هم منه، وإن النصارى أحبوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا فلا عيسى منهم ولا هم منه ، وإن قوماً من شيعتنا سيحبوننا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزير، وما قالت النصارى في عيسى ، فلا هم منا ولا نحن منهم " [1]. وروي عن علي أنه قال : " سيهلكُ فيَّ صنفان : محبٌّ مفرطٌ يذهب به الحب إلى غير الحق ، ومبغضٌ مفرطٌ يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس فيَّ حالاً: النّمطُ الوسط " [2] . وروى الكشي المحدث الشيعي أن جعفر الصادق رضي الله عنه قال: " إنا لا نخلو من كذّابٍ يكذب علينا " وقال: " لقد أصبحنا وما من أحدٍ أكثر عداوةً لنا ممن ينتحلون اسمنا " [3]. ============= [1] - رجال الكشي ص 111 . [2] - نهج البلاغة الجزء الثاني ص 8 . [3] - رجال الكشي 257 و 259 . |
لا يكره أهل البيت إلا منافق وأهل السنة يحفظون وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم: " أذكركم الله في أهل بيتي " [1]. ويؤمنون بأن من ذكرهم بسوءٍ فإن ذلك علامةً على نفاقه ، غير أنهم يقولون إن عائشة رضي الله عنها من أهل بيته [2] وأنه يؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما يؤذيها. إن الطعن في عائشة طعن في النبي صلى الله عليه وسلم لأن الله يقول: { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ } فهل كان رسول الله يقتني خبيثة في بيته ويقره الله على ذلك؟! إن كتب الشيعة لم تخْلُ من الطعن في عائشة وحفصة لقد زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إلى بيت عائشة وقال: " رأس الكفر من هنا " [3] وأن عائشة وحفصة دبّرتا السمَّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقتله [4]. فهل يجوز لمن يعظمون نبيهم صلى الله عليه وسلم وأهل بيته أن يسبوا زوجاته اللاتي هنّ أمهات المؤمنين كما قال تعالى : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [ الأحزاب 6 ] كيف يدعي رجل أنه من المؤمنين وهو لا يرضى أن تكون عائشة أمه في الإيمان بالنص من القرآن وهي ممن وصفهن الله بـ " أمهات المؤمنين " إذ قال : { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [ الأحزاب 6 ] وهل يجوز الاستشهاد بقوله تعالى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ } والاستدلال بها على ردة عائشة وحفصة ؟! هذا النفاق شبيهٌ بنفاق عبد الله بن سبأ الذي كان يطعن في أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم ويتهمهنّ بالفساد والفسوق ؟ فهل يمتاز الشيعة في عقيدتهم إلا بالغلو في قسم من أهل البيت إلى حد التقديس، وبالتفريط والإجحاف والطعن في حق آخرين منهم حتى أنكروا أن يكونوا من أهل البيت ؟! ============= [1] - رواه مسلم رقم ( 2408 ) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه. [2] - الأدلة على ذلك كثيرةٌ من القرآن: ( 1 ) قول امرأة العزيز { مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. أي أراد سوءاً بزوجة العزيز. ( 2 ) لما خاطبت الملائكة زوجة إبراهيم قالت { رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ } وقال تعالى ضمن خطابه الموجه إلى نساء النبي { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } . وقد اعترض البعض بأن الضمير " عنكم " جاء بصيغة التذكير ولو كان عائداً على الزوجات لجاء بصيغة التأنيث " عنكن " . والجواب عن ذلك يتضح في الجواب. ( 3 ) قال تعالى حاكياً عن موسى { قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا } قال مفسرو الشيعة " أي قال لامرأته " [ انظر مجمع البيان للطبرسي 4 : 211 و 4 : 250 والقمي 2 : 139 والكاشاني تفسير منهج الصادقين 7 : 95 ]. إذن فقال موسى لأهله " امكثوا " ولم يقل " امكثُنَ " مع أن خطابه إنما كان لزوجته باعتراف مفسري الشيعة. ( 4 ) قال تعالى للوط { إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ } فهذا دليل على أن لفظ الأهل يشملها، إذ لو أنها آمنت لكانت من الناجين من أهله. ولو أنها لم تكفر لم يحصل استثناءها من أهله. [3] - وصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص 79 للحسين العاملي. [4] - كتاب حياة القلوب للمجلسي 2 : 700 . |
موقف أهل السنة من الصحابة أما فيما يتعلق بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإن قلوب أهل السنة سليمةً تجاههم، ويقولون بأن شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم شرف لا يساويه شرف. ويحفظون وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم فيهم " لا تسبوا أصحابي " [1] فلا يسبون أحداً من المهاجرين ولا من الأنصار بعد أن قال الله : { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ } [ التوبة 117 ]. إن السب واللعن ليس من سمات المؤمنين الورعين وإنما كان يفعل ذلك المنافقون في عهد النبوة حيث نقل القرآن عنهم شيئاً من ذلك: { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ التوبة 79 ]. ============= [1] - متفق عليه . |
موقف الشيعة من الصحابة أما الشيعة فقد كثر تعرضهم لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى زعموا أنهم ارتدوا على أعقابهم بعد موته إلا ثلاثة: أبو ذر وسلمان الفارسي والمقداد ، وأن من شك في كفرهم فهو كافر .[1] وجاء في كتاب الكافي [2] " إن أبا بكر وعمر فارقا الدنيا ولم يتوبا، ولم يتذكرا ما فعلاه بعليّ ، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " وفسر الكليني آية : { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا } [ النساء 137 ]. قال : نزلت في فلان وفلان [3] حيث آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كفروا حيث لم يُقِروا ببيعة عليٍّ ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعهم للبيعة لهم. فهؤلاء لم يبقَ لهم من الإيمان شيء " [4]. وقالوا عن عمر رضي الله عنه بأنه " ابن زانية اسمها صهاك ، زنا بها عبد المطلب فولدت منه عمر " [5]. وقالوا عن أبي بكر أنه قرين الشيطان، وأنه وصاحبه عمر منافقان وظالمان وكاذبان، وأن من اعتقد إمامتهما مات ميتة جاهلية وضلالة " . [6] وقالوا عن عثمان: إنه كان على الباطل ملعوناً . [7] فهؤلاء الثلاثة يكرههم الشيعة كرهاً شديداً ، ويبالغون في سبهم ، ولهذا عقد لهم المجلسي في كتابه باباً بعنوان : باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم [8]. وقال : " إن كل من يعتقد بأن عثمان مات مظلوماً يكون ذنبه أشد من الذين عبدوا العجل " [9]. وهكذا طريقة أهل الأهواء: إما بالتفريط في المحبة ، وإما إفراط في الكراهية . ومن العجب أن الشيعة ذموا معاوية ، قالوا : لأنه أمر بسبِّ عليٍّ على المنابر وعَدُّوا هذا من قبائح أعماله ، وهم يسبون أبا بكرٍ وعمر كل يوم لا يرون ذلك قبيحاً . ============= [1] - أصول الكافي 2 : 245 ، حياة القلوب للمجلسي 2 : 640 باللغة الفارسية ، وكتاب سليم بن قيس العامري 92 ط دار الفنون ، تفسير العياشي 1 : 199 ، تفسير الصافي 1 : 389 ، البرهان في تفسير القرآن 1 : 319 ، تفسير نور الثقلين 1 : 396 ، الاختصاص 4 – 5 ، السرائر 468 ، تجار الأسوار 22 : 345 – 352 - 440 [2] - الكافي 8 : 246 . [3] - أي أبي بكر وعمر كما أكد ذلك الصافي في شرحه على الكافي. [4] - الكافي من الأصول : كتاب الحجة 240 . [5] - الطرائف في معرفة الطوائف 401 ، الأنوار النعمانية 1 : 61 ، كتاب دائرة المعارف الشيعية 23 : 29 ، وكتاب سليم بن قيس العامري وهذا الكتاب مُنع في عهد الشاه ، ثم أعيد طبعه بعد الثورة الإيرانية . [6] - الطرائف في معرفة الطوائف 401 لابن طاووس ط : مطبعة الخيام – قم. وكتاب حق اليقين للمجلسي 204 طبع في إيران. [7] - حديقة الشيعة للمقدسي الأردبيلي 275 طبع في إيران . [8] - بحار الأنوار 8 : 208 – 252 ط: المطبعة الحجرية. [9] - حق اليقين 270 |
كتاب جديد يشهد على الإصرار لقد كنا نأمل أن تكون الكتب التي طُبعت بعد قيام الثورة الإيرانية أقل حقداً وتطرفاً من الكتب القديمة التي يتقي مشايخ الشيعة التحدث عنها. وإذا بنا نجد أن الأمر لم يتغير ، فالكتب التي يصدرها الشيعة اليوم لا تزال على منوال الكتب القديمة، مثل كتاب " كذبوا على الشيعة " لمحمد الرضي الرضوي الذي طُبع بعد الثورة الإيرانية وكتاب " ثم اهتديت " لمحمد التيجاني السماوي ، وكتاب " فاسألوا أهل الذكر " وكتاب " مع الصادقين " وكتاب " مع الخطيب في خطوطه العريضة " للشيخ الأنصاري الذي يصف مجموعة من الصحابة بأنهم كذابون وأعداء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. لقد لاحظتُ أن المراكز الشيعية في العالم تترجم كتاب " ثم اهتديت " وتقوم بترجمته بلغات عديدة وتوزيعه على المسلمين ، وفي هذا الكتاب يتحدث مؤلفه محمد التيجاني السماوي عن تجربته الصوفية السابقة يوم أن كان بتصوفه بعيداً عن السنة، ومن ثم اختياره مذهب الشيعة، ولنلقِ نظرةً سريعة على عناوين ومواضيع ومقتطفات من كتاب: " ثم اهتديت " لترى كيف ( هدى الله ) هذا الرجل إلى شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه ، وننقل ذلك بلفظه: " الصحابة أغضبوا رسول الله ... تاهوا وتطاولوا عليه " " لم يُراعوا حقه ولم يعرفوا له احتراماً " " معاندون مجادلون " " خالفوا أمر ربهم " [1] . " أنزلوا أنفسهم فوق منزلته " " ليسوا جديرين بأي احترام " " استأجروا ضعفاء العقول ليرووا لهم الأحاديث الموضوعة [2] في فضائلهم ".[3] " عمر لا يتورع ولا يخشى الله " " الصحابة انقلبوا على أعقابهم . لا يستحقون ثواب الله ولا غفرانه " " تثاقلوا عن الجهاد وركنوا إلى الدنيا "[4] " ارتدوا على أدبارهم، بدّلوا وغيّروا وقالوا سمعنا وعصينا "[5] " شهدوا على أنفسهم بتغيير سنة النبي صلى الله عليه وسلم " " عائشة غَيَّرت سنة النبي صلى الله عليه وسلم ". وهكذا كتبه الأخرى " فاسألوا أهل الذكر " و " مع الصادقين ". فإنها تنسج على نفس المنوال، وكما قيل فإن دعامة المذهب وركنه: سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبدون ذلك لا تقوم للمذهب قائمة. لقد ضلّ هذا المجترئ الطريق، فظن الحقد والكراهية وقلة الوفاء في حق من قام الإسلام على أكتافهم وسب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ظن ذلك " هدى " إن هذا الحقد لا صلة له بالهدى الذي يدّعيه مؤلف هذا الكتاب وإنما انتقل الرجل من ضلالة التصوف إلى ضلالة التشيع. ويوم أن كان صوفياً كان على خطى قريبةٍ من التشيع لأنه لولا التشيع ما عُرف التصوف، إن التصوف فرع عن التشيع كما ذكره ابن خلدون في مقدمته، وتجمع بينهما مخالفات وانحرافات وشطحات عديدة مثل اتخاذ القبور على المساجد وبناء الأضرحة وتقديس الأئمة والأولياء والغلو فيهم، واعتقاد عصمتهم وتصرفهم المطلق في الكون والاستغاثة بالأموات، وكان عليه قبل الانتقال إلى التشيع أن يطلع على الآلاف من كتب أهل السنة التي ردت على المتصوفة وحكمت عليهم بالضلال، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ( ... ). ============= [1] - ثم اهتديت 88 – 89. [2] - هذا تناقض منه فإنه يروي عن الترمذي والمسند وأبي داود من غير رجوع إلى سند الحديث ودون التوثيق من صحته. إنه لا يكفي أن يقال عن الحديث " رواه أحمد والترمذي ومالك ... إلخ من غير أن يتثبت من صحة الرواية. ثم إن الحقيقة أن الشيعة هم رواد هذا الوضع باعتراف المنصفين والنقاد من الشيعة . فإن كتبهم محشوّةٌ بالأحاديث الموضوعة في فضل البكاء والإبكاء والنياحة على الحسين وفضل زيارة قبور الأئمة التي تعدل عندهم مئة حجة ومئة عمرة ... إلخ. [3] - ثم اهتديتُ 92 – 93 . [4] - ثم اهتديتُ 96 و 100 – 101 . [5] - ثم اهتديت 104 – 107 . |
إن كلاً من الشيعة والصوفية متفقان
على مخالفة آيات الله { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } [ الجن 18 ] إذ أن لدى كل من الفريقين كم هائل من الأضرحة والمقامات ورصيد هائل من البدع. وقد قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [ الأعراف 194 ] وقال : { إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } [ فاطر 14 ] لقد جاء هذا الكتاب ليكون دليلاً آخر على استحالة التقارب بين السنة والشيعة، ما دام الشيعة يُصرون على تجريح الصحابة وأمهات المؤمنين وتفسيقهم واتهامهم بتبديل الدين وتحريف القرآن والتآمر على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم. إن الهدف من التقارب والوحدة حصول التآلف بين القلوب وتحاببها، فهل يمكن التأليف بين قلبين أحدهما ملئ بحبِّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والآخر مليء بكراهيتهم ؟ لقد جاء هذا الكتاب ليكون دليلاً آخر على أن الشيعة اليوم لم يختلفوا عن شيعة الأمس ، وأن شيعة اليوم لم يتخلصوا من الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهل يعي الدعاة المخلصون ذلك.[1] إن التاريخ لم ينس مواقف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولادهم، وفتحوا الأقاليم ونشروا الإسلام في ربوع الدنيا، من الذي فعل كل ذلك سوى الصحابة؟ إن المنصفين المتعقلين من الشيعة لم يتنكروا لهذا الجميل والتضحية التي قام بها الصحابة على أتم وجه، فقد قال الشيخ محمد حسن آل كاشف الغطاء " لما رأى عليٌّ أن أبا بكر وعمر بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجيوش وتوسيع الفتوح ولم يستأثروا ولم يستبدوا : بايع وسالم " [2] ============= [1] - وحتى الخميني لم يستطع أن يُخْفِ موقفه من الصحابة فوصف الصحابي سمرة بن جندب بأنه مفْتَرٍ يفتري الأحاديث التي تطعن في كرامة علي بن أبي طالب . ( الحكومة الإسلامية 131 ). [2] - أصل الشيعة وأصولها 91. |
الخلاف بين الصحابة وأهل السنة يسكتون عما حدث بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون تلك فتنةٌ قد طهّر الله منها أيدينا، فلماذا لا نطهّر منها ألسنتنا ، لا سيما وأن الله لا يؤاخذنا بما حدث بينهم ، فقد قال في كتابه : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ البقرة 134 ] إن السبب الجوهري للخلاف بين السنة والشيعة كامنٌ في سبّ الشيعة وتجريحهم للصحابة، فهو السبب الذي فتح معه مصائب أخرى كالطعن في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسألة تحريف القرآن ، ومسألة الرجعة، ورفض روايات السنة المروية من طريق الصحابة. فيوم أن قالوا إن الإمامة واجبة بالنص من القرآن قيل لهم أين النص الموجود في القرآن على وجوب الإمامة لأهل البيت؟ قالوا حذفه الصحابة من القرآن وكتموه. وما لم يُرفع هذا العائق من قائمة الخلاف فسيبقى الخلاف مستحكماً إلى الأبد، وإن أيّ جهدٍ للتقريب بعد ذلك سيُكتَب له الفشل مهما خُصصِّت له المؤتمرات والكلمات الإصلاحية الرنانة إن هذا التطاول على الصحابة والطعن فيهم دليل على بطلان هذا المذهب. |
من الذي بدأ سبّ الصحابة ؟ لقد بدأ سب الصحابة وسنّ هذه السنة رجلٌ يهودي تستَّر بالإسلام اسمه عبد الله بن سبأ حسب اعتراف أحد أكبر وأقدم أئمة الشيعة ، وهو الإمام النوبختي . لقد أوضح النوبختي أن أصل سب الصحابة – وخاصة أبا بكر وعمر وعثمان – نشأ من عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام ثم أخذ يتآمر على الصحابة. قال النوبختي : " عبد الله بن سبأ كان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم ، قائلاً إن عليّاً أمره بذلك فأخذه عليٌّ فسأله عن قوله هذا فأقرّ به ، فأمر عليٌّ بقتله فصاح الناس إليه " يا أمير المؤمنين : أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم "..؟ أضاف النوبختي " وكان ابن سبأ يقول عندما كان يهودياً بوصاية يوشع بن نون بعد موسى ، فلما أسلم قال بوصاية عليٍّ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ... وهو أول من أشهر القول بفرض إمامة علي ... فمن هناك قال من خالف الشيعة إن أصل الرفض مأخوذٌ من اليهودية " .[1] على أن هناك سبباً آخر لتسمية الشيعة بـ " الرافضة " وهو ما ذكره ميرزا تقي أن زيد بن علي ( من أهل البيت ) أنكر على الشيعة سبّهم لأبي بكرٍ وعمر ، قالوا له : ماذا تقول فيهما ؟ قال : ما أقول فيهما إلا الخير. فقالوا : إذن لستَ بصاحبنا ، وتفرقوا عنه ورفضوه. فقال زيد : رفضونا اليوم ، فسُمّوا منذ ذلك اليوم " الرافضة " . ثم أخذ الإمام زيد يستعمل هذه الكلمة في كل من يغلو في المذهب ويُجِوِّز الطعن في الأصحاب ".[2] وقد جاء عبد الله بن سبأ مرةً إلى عليٍ يريد تحريضه على أبي بكرٍ وعمر فزجره عليٌ وقال له " وهل فرغتم لهذا "؟. [3] فهل يأخذ الشيعة العبرة من موقف عليٍّ من عبد الله سبأ ، فإنه همّ بقتله لأنه كان دائم الطعن لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في أي جانب نضع الشيعة اليوم ؟ أفي جانب عليٍ رضي الله عنه الذي كاد أن يقتل مبغض أبي بكر وعمر وعثمان ؟ أم في جانب ابن سبأ الذي سنّ لمن بعده سبّ أصحاب وأصهار وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!! ============= [1] - فرق الشيعة للنوبختي 44 - 45 [2] - ناسخ التواريخ للميرزا تقي 3 : 590 . [3] - الغارات للثقفي 1 : 203. |
الإمامة عند الشيعة يحدد الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء [1] مفهوم الإمامة عند الشيعة فيقول : " الإمامة منصب إلهي كالنبوة، فكما أن الله يختار من يشاء من عباده للنبوة فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه ".[2] وبما أن الشيعة يعتقدون أن الله قد نصّ في القرآن على إمامة عليٍّ رضي الله عنه وأبنائه من بعده.[3] وبما أن أبا بكرٍ قد تولى الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عمر، ثم عثمان : اعتقدَ الشيعة حينئذٍ أن هؤلاء الثلاثة قد ظلموا علياً وأخذوا منه حقه هو وأولاده وغصبوه حق الخلافة. لذا كان كل من اعتقد شرعية خلافة هؤلاء الثلاثة عند الشيعة فاسقاً بل كافراً عند بعضهم. فقد قال المجلسي : " اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحدٍ من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرضِ الطاعة فهو كافرٌ مستحق للخلود في النار " وذكر الكليني في الكافي أن معصية عليٍّ كُفر وأن اعتقاد أولوية غيره بالإمامة شركٌ.[4] ============= [1] - من كبار مشايخ الشيعة توفي سنة 1376 هـ [2] - أصل الشيعة وأصولها 58 ، الحكومة الإسلامية للخميني 39. [3] - انظر كتاب الكافي 1 : 286 . [4] - بحار الأنوار 23 : 390 ، الكافي الحجة 1 : 52 و 54 . |
دعوى تحريف الصحابة للنصوص القرآنية الدالة على الإمامة وقد زعموا وجود آيات في القرآن تنص على إمامة علي وبنيه حذفها الصحابة ، وسبب ذلك كونها تنص على الخليفة بعد النبي باسمه ، منها على سبيل المثال: " يا أيها الرسول بلِّغ ما أُنزلَ إليك من ربك ( في علي ) وإن لم تفعلْ فما بلَّغتَ رسالته " [ المائدة 67 ]. وأنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه : " لو لم أبلّغ ما أُمرتُ به من ولايتك لحبط عملي " [1] ويبدو أن الخميني كان مقتنعاً بأن هذه الزيادة [ في علي ] قد جرى حذفها بالفعل من القرآن، ولذلك قال: " ونحن نعتقد أن يعيّن النبي خليفة من بعده ، وقد فعل ، ولو لم يفعل لم يبلِّغ رسالته ".[2] ويرى أن الله نص على طاعة الأئمة في القرآن: " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولوا الأمر منكم " [3] ولكن كيف يفرض الله علينا طاعة إمام مختبئ في السرداب ؟ أيرضى عاقلٌ شراء سمك ما زال في البحر ؟ ============= [1] - تفسير نور الثقلين 1 : 654. [2] - الحكومة الإسلامية 19 و 23. [3]- الحكومة الإسلامية 24 |
التعقيب على دعوى نصية الإمامة إن الاعتقاد بوجود نصٍّ من القرآن ينص على وجوب إمامة علي [1] ومن بعده يصطدم بعقبات رئيسية: 1- أن أمر المسلمين شورى بينهم كما قال تعالى : " وأمرهم شورى بينهم " [ الشورى 38 ]، والخلافة من أمور المسلمين، وليس في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نصٌ صريح على تعيين الخليفة من بعده، يؤكد ذلك ما رواه الشريف المرتضى في نهج البلاغة عن علي أنه قال لمعاوية : " إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإذا اجتمعوا على رجلٍ وسمَّوْهُ ( إماماً ) كان ذلك لله رضاً " [2] أي أن الله يرضى ما رضيه المهاجرون والأنصار. ثم طلب من معاوية أن يبايعه قائلاً : " بايَعَني القومُ الذين بايعوا أبا بكرٍ وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ، ولا للغائب أن يختار ".[3] فهذا يعني بوضوح أن علياً كان يعتقد بشرعية خلافة أبي بكر وعمر بطريقةٍ رضي بها الجميع. 2- أن علي بن أبي طالب بايع الخلفاء، وهذا متفق عليه ، غير أن الشيعة يروون أنه اعترض أول الأمر ثم ما لبث أن سلّم بالأمر وبايع ، وهذه البيعة تعتبر إقراراً بشرعية الخلفاء الذين سبقوه وهذا الإقرار حجة على المنتسبين إليه. قال الشيخ آل كاشف الغطاء : " لما رأى عليٌّ أن أبا بكرٍ وعمر بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد وتجهيز الجيوش وتوسيع الفتوح ، ولم يستأثروا ولم يستبدوا بايع وسالم ".[4] بل إن شارح نهج البلاغة روى عن عليٍ اعتقاده بأولوية إمامة أبي بكر على من سواه إذ قال حين بايعه: " وإنا لنرى أبا بكرٍ أحق الناس بها ، إنه لصاحب الغار ، وإنا لنعرف له سِنّه ، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي ". [5] وإذا كان المجلسي والكليني يحكمان على من يعتقد شرعية خلافة أبي بكر وعمر بالكفر والشرك، فماذا يكون حينئذٍ موقفهما من علي وقد بسط لهما يده وبايعهما على السمع والطاعة ، وهو معصوم عندهم من الخطأ ، ومنزّهٌ عن الجبن والمداهنة ؟ ============= [1] - قال الخميني: " والرسول قد كلّمه الله وحياً أن يبلّغ فيما نُزِّل إليه فيمن يخلفه في الناس ، وبحكم هذا الأمر فقد اتبع ما أُمر به ، وعيّن أمير علياً للخلافة ( الحكومة الإسلامية 43 ). [2] - نهج البلاغة 3 : 7 . [3] - نهج البلاغة 3 : 7 ، وانظر كتاب الإرشاد للشيخ الشيعي المفيد ص 31. ط: الأعلمي – بيروت . أو ص 143 من الطبعة الحيدرية بالنجف . [4] - أصل الشيعة وأصولها 91 . [5] - شرح نهج البلاغة 1 : 132. |
مبايعة عليٍ للشيخين حجة دامغة ولقد عللّ مشايخ الشيعة بيعة علي لأبي بكرٍ وعمر بتعليلات أهمها: التعليل الأول: أن بيعته كانت خوفاً على الإسلام من الضياع. ومما يُبطل هذا التعليل أن عصر الإسلام في عهد عمر وعثمان كان عصراً ذهبياً امتدت فيه الخلافة من الشرق حتى بخارى ومن الغرب حتى شمال أفريقيا. التعليل الثاني: أنه بايعهم تقيّةً، أي أظهر لهم الموافقة ظاهراً ، وأسرّ في قلبه عدم الرضى عن خلافتهم وبيعتهم. وهذا التعليل أقبح من الذي قبله ، إذ يجعل من شخصية عليٍّ شخصية مزدوجة خائفة جبانة مضطربة تتظاهر بخلاف ما تُبطن، وهذا ما لا يُعهد عنه لمن يعرف شجاعته الفائقة ، وقوته في الحق ولمن يطّلع على الروايات التي تثبت شجاعته ، وقد روى المرتضى في نهج البلاغة عن علي أنه قال : " وإني من قومٍ لا تأخذُهم في الله لومة لائم ". [1] وإذا قلنا أن بيعته لهم كانت تقيةً فماذا نقول في بقائه وزيراً لهم طيلة فترة خمس وعشرين سنةً من خلافتهم ؟ إنه لمن الصعب الاعتقاد أنه كان يستخدم التقية طيلة تلك الفترة. وهل كان تزويج ابنته لعمر تقيّةً أيضاً ؟ وهل كانت تسمية أولاده بأسماء الخلفاء الثلاثة تقيةً أيضاً ؟ [2] إن أهل السنة يرون أن نسبة التقية إلى واحدٍ من أشجع أهل الأرض ( أعني عليّاً ) إنما هو طعنٌ فيه. ويتساءلون: هل يحب الشيعة علي بن أبي طالب حقاً بينما ينسبون إليه مثل هذه الأمور ؟. التعليل الثالث: أن علي بن أبي طالب عليه السلام رفض الخلافة عندما عُرضت عليه قائلاً : " دعُوني والتمسوا غيري فلأن أكون لكم وزيراً خير لكم من أكون عليكم أميراً " [3] وقال عند مبايعته عقب مقتل عثمان: " والله ما كانت لي الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة ، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها " . [4] فلا يبدو من خلال هذه النصوص أن عليّاً كان يعتقد بنصية إمامته من القرآن ، وإلا فلو كان يعتقد ذلك لما قال : " دعوني والتمسوا غيري " ولما قال : " والله ما كانت لي في الخلافة رغبة " ولما بايع أبا بكرٍ وعمر وعثمان ، فإن هذا عصيانٌ للنص الإلهي على افتراض وجوده ، ومخالفة صريحةٌ لحديث " غدير خم " على افتراض صحته . ============= [1] - نهج البلاغة 159 . [2] - سيأتي مزيد بيان لحقيقة موقف أهل البيت من الصحابة. [3] - نهج البلاغة 181 – 182 . [4] - نهج البلاغة 322 . |
ومن المتفق عليه أن الحسن تنازل عن الخلافة لمعاوية حسبما تنبّأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً : " إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " [1] والسؤال : لماذا يتنازل الحسن عن الخلافة إلى معاوية حسبما اعترفت بتفاصيله كتب الشيعة التي ذكرَتْ أن سليمان بن صرد – من كبار شيعة عليٍّ – كان يذم الحسن لتنازله قائلاً له : " السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين " بدلاً من أمير المؤمنين . [2] إن الاعتراض على الحسن وتخطئته في تنازله لمعاوية يتناقض مع اعتقاد العصمة فيه وفي باقي الأئمة الذين يعتقد الشيعة أن أقوالهم وأفعالهم حجة على الخلق ، إن ملف هذه القضية قد طُوِيَ بتنازل الحسن ومبايعة عليٍّ للثلاثة بالخلافة وإن ملف " نصيّة الإمامة " قد أُلغيَ برضاهما عن استلام غيرهما مقاليد الخلافة فلماذا يتمسك الشيعة بشيء تنازل عنه أئمتهم ؟ ============= [1] - رواه البخاري وغيره من طريق أبي بكرة انظر إرواء الغليل للألباني رقم ( 1597 ). [2] - رجال الكشي ص 103 ، تاريخ اليعقوبي 2 : 215 ، جلاء العيون للمجلسي 1 : 393 ط : إيران 1393 هـ ، الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة 162 ، الاحتجاج للطبرسي 148 . |
تلك أمة قد خلت وما فائدة الكلام على مسألة الخلافة والاختلاف عليها؟ وما فائدة إعادة الكلام حول مسائل ماتت وانتهت ؟ هل من الحكمة أن نبقى إلى اليوم نعيش في ظلها ، ننبش من أحداث الماضي ما لا ينفع حاضرنا ؟ هل من العقل أن نختلف اليوم حول : الأولى بالخلافة وقد مات الخلفاء ؟! تُرى ، هل نستطيع أن نُعيد التاريخ مرة أخرى لنسلِّم زمام الخلافة إلى من تطالبون بهم ؟ أم أن طرْق هذه المسائل ليس إلا من قبيل تحريش الشيطان وعمله في تفريق الأمة الواحدة وتمزيق أواصرها وجلب مزيد من الشقاق والتنافر ؟ وهل يتخلى الشيعة عن ذكريات الماضي إن كانوا يريدون حقاً وحدة الأمة ونهضتها ؟ هل يُلغون هذه الاستعراضات السنوية في مناسبة عاشوراء التي تحرك قلوب أبناء هذه الأمة وتهيجها ضد بعضها بعضاً السنة تلو السنة ، وتبعث في النفوس من جديد أحقاد الماضي وتعيد فتح صفحاته المطوية . |
الحق مع علي ومخالفوه مخطئون بغاة وبالنسبة للخلاف بين علي ومعاوية فإن أهل السنة متفقون فيما بينهم على أن الحق مع علي بن أبي طالب في قتاله ضد معاوية وأن معاوية أخطأ حين بغى عليه هو وأشياعه وأنصاره. إننا نطالب المنصفين من الشيعة أن يأتونا بكتاب واحد من كتب أهل السنة حكم فيه بخطأ علي وجعل الحق حليف معاوية ، إنهم مستعدون لتقديم لائحة بأسماء مئة كتاب من كتب العقيدة السنية حكمت كلها بخطأ معاوية لخروجه على أمير المؤمنين عليٍّ رضي الله عنه ، لذا لم يكن من اللائق بالشيعة إظهار أهل السنة بمظهر النواصب [1] الذين يقفون دائماً في صفِّ معاوية ضد علي ، وليس من اللائق تسميتها بـ " الأمويين " فإن هذا ظلمٌ يُسئلون عنه يوم القيامة . ============= [1] - كلمة النواصب اصطلاح يرمز إلى أهل السنة الذين يقال عنهم أنهم يناصبون أهل البيت العداء ، وقد ذكر نعمة الله الجزائري حُكمَ النواصب عند الشيعة وأنهم كفار أنجاسٌ بإجماع علماء الشيعة الإمامية وأنهم شرٌ من اليهود والنصارى ، وأن من علامات الناصبي : تقديم غير عليٍّ عليه في الإمامة . ( الأنوار النعمانية 2 : 206 – 207 ) |
الخلاف الأول كان سياسياً لقد كان الخلاف بين عليٍ ومعاوية مجرد خلاف سياسي ، غير أنه تطور بعد ذلك عند الشيعة حتى صار عقائد مفرطة ، وانفصلت عن الأمة الواحدة فرقة جديدة مستقلة لها منهج جديد في الأصول والفروع والعقائد والفقه والمواريث . تُرى : هل كان الخلاف بين عليٍ ومعاوية حول كل ذلك ؟ أم أن الخلاف كان في مسألة جانبية لم تكن لتؤثّر فيما كان عليه كلاهما من المعتقد الواحد الذي تلقياه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟!! كان معاوية يرى التعجيل في القبض على قاتلي عثمان في حين كان يرى عليٌّ ضرورة التروي والتمهُّل إلى أن تخمد الفتنة ، وقد كان هذا الرأي منه سديداً وصواباً، وكان غيره مخطئاً. يوضح عليٌ نفسه هذه الحقيقة بقوله فيما رواه عنه الشيعة : " وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام ، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد ، ودعْوتنا في الإسلام واحدة ، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا شيئاً إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ".[1] ============= [1] - نهج البلاغة جـ 3 ص 114. |
حب علي للصحابة وبناءً على هذا النص لا يظهر أي خلاف أو حقد بين عليٍ وبين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما يصِّوره الشيعة ، بل إنه كان يرثيهم بعد موتهم ، ويتحسّر على فراقهم قائلاً: " أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه ، وقرأوا القرآن فأحكموه وسلبوا السيوف أغمادها وأخذوا بأطراف الأرض أطرافها زحفاً زحفاً وصفاً صفاً ، مُرْهُ العيون من البكاء ، خُمْصُ البطون من الصيام ذُبْلُ الشِفاه من الدعاء ، صُفْرُ الألوان من السهر ، على وجوههم غبرة الخاشعين ، أولئك إخواني الذاهبون ، فحُقَّ لنا أن نظمأ إليهم ، ونعضّ الأيدي على فراقهم " . [1] وليس أدلّ على هذه العلاقة الطيبة المتينة بين عليٍ والصحابة من تزويج ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب [2] كما اعترفت بذلك كتب ومصادر الشيعة . ولّما شاور عمر بن الخطاب عليّاً بالذهاب بنفسه إلى غزو الروم منعه عليٌّ من ذلك وقال: " أنت حصنُ العرب ومرجعهم ورِدءٌ للناس ومثابةٌ للمسلمين . " إن الأعاجم إنْ ينظروا إليك غداً يقولوا : هذا أصلٌ العرب فإذا قطعتموه استرحتم ، فأطاعه عمرُ ولم يخرج لغزوهم " [3] وروى الشيعة عن علي قوله : " لقد رأيت أصحاب محمد فما أرى أحداً يشبههم لقد كانوا يصبحون شعثاً غُبراً ، وقد باتوا سُجَّداً وقياماً ، يراوحون بين جباههم وخدودهم ، ويقفون على مثل الجمر من ذِكْر معادهم ، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم . إذا ذُكر اللهُ هملت أعينهم حتى تبلَّ جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفاً من العقاب ورجاء الثواب " .[4] وكان عليٌ يقول في عثمان: " إن الناس طعنوا عليه ( مثلما يفعل الشيعة اليوم ) فكنت رجلاً من المهاجرين أُكثِر استعتابه " ( أي استرضاءه ) .[5] ============= [1] - نهج البلاغة 235 . [2] - إن هذا الزواج يبطل الروايات المُختَلَقة التي وضعها الكذابون والتي تحكي أن عمر بن الخطاب ضرب فاطمة برجله حتى سقط جنينها ، هب أن رجلاً ضرب زوجتك وتسبب في قتل ولدك : هل تعطيه ابنتك وترضى أن يكون صهرك ؟ وتسمي ولدك الآخر باسمه ؟ ثم إن هذه الرواية المكذوبة تنص على أن الذي فعل ذلك رجلٌ اسمه " قنفذ " وليس عمراً . ( بحار الأنوار 43 : 197 – 200 ). [3] - نهج البلاغة 2 : 18 و 2 : 30 . [4] - نهج البلاغة 182 – 189 . [5] - نهج البلاغة 3 : 2 |
موقف أبنائه من الصحابة وروى الطبرسي عن الباقر أنه قال : " ولستُ بمنكرٍ فضل عمر ، ولكن أبا بكر أفضل من عمر " [1] ودخلتْ امرأةٌ على جعفر بن محمد – الإمام السادس – فسألتْه عن أبي بكرٍ وعمر فقال لها : تولِّيهما ، قالت: فأقول لربي إذا لقيتُه أنك أمرتني بولايتهما ؟ فقال لها : " نعم " .[2] وقد تعجب رجلٌ من محمد بن علي ( من أهل البيت ) حين وصف الثاني ( أبا بكر ) بـ " الصديق " ثم قال : " وتصفه بذلك ؟ قال : نعم ، الصديق فمن لم يقل له ( الصديق ) فلا صدّق الله له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة " .[3] ويذكر المسعودي أنه لما قُتل عثمان ، وكان المصحف بين يديه يقرأ فيه صعدّتْ امرأتُه فصرخت : قد قُتِل أمير المؤمنين ، فدخل الحسن والحسين فوجداه قد فاضت روحه رضي الله عنه ، فبكوا عليه ، فبلغ ذلك عليّاً وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار ، فدخل عليٌّ الدار وهو كالوالِهِ الحزين وقال لابنيه الحسن والحسين : " كيف قُتِل أمير المؤمنين وأنتما على الباب ؟ ". فلطم الحسن وضرب صدر الحسين ، وشتم محمد بن طلحة ولعن عبد الله بن الزبير .[4] ============= [1] - الاحتجاج للطبرسي 230 . [2] - الكافي الروضة 8 : 101 [3] - كشف الغُمّة 2 : 174 . [4] - مروج الذهب للمسعودي 2 : 344 . |
الساعة الآن 05:26 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir