![]() |
توقير العلماء والكبار وأهل الفضل..
- باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم، ورفع مجالسهم، وإظهار مرتبتهم قال الله تعالى: {قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب} ((الزمر:9)). - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنًا، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" ((رواه مسلم)). وفي رواية له: "فأقدمهم سلمًا" بدل "سنًا" : أو إسلامًا. وفي رواية: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، وأقدمهم قراءة، فإن كانت قراءتهم سواء فيؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فليؤمهم أكبرهم سنًا". والمراد "بسلطانه" محل ولايته،أو الموضوع الذي يختص به "وتكرمته" بفتح التء وكسر الراء:وهي ما ينفرد به من فراش وسرير ونحوهما. - وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم" ((رواه مسلم)). وقوله صلى الله عليه وسلم "لِيَلِني" هو بتخفيف النون وليس قبلها ياء ، وروي بتشديد النون مع ياء قبلها، "والنهى" : العقول ،"وألوا الاحلام" هم البالغون ، وقيل: أهل الحلم والفضل. - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم" ثلاثًا "وإياكم وهيشات الأسوق" ((رواه مسلم)). - وعن أبي يحيى وقيل: أبي محمد سهل بن أبي حَثْمة -بفتح الحاء المهملة وإسكان الثاء المثلثة -الأنصاري رضي الله عنه قال: انطلق عبد الله ابن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي صلح، فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً، فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: " كبر كبر" وهو أحدث القوم، فسكت، فتكلما فقال: "أتحلفون وتستحقون قاتلكم؟ وذكر تمام الحديث. ((متفق عليه)) . وقوله صلى الله عليه وسلم "كبر كبر " معناه :يتكلم الأكبر. - وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد يعني في القبر، ثم يقول: أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟" فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد. ((رواه البخاري)). - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أراني في المنام أتسوك بسواك، فجاءني رجلان، أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر، فقيل لي: كبر، فدفعته إلى الأكبر منهما" ((رواه مسلم والبخاري تعليقًا)). - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه وإكرام ذي السطلان المقسط" ((حديث حسن رواه أبو داود)). - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه ، عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا" ((حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح)). وفي رواية أبي داود "حق كبيرنا" - وعن ميمون بن أبي شبيب رحمه الله أن عائشة رضي الله عنها مر بها سائل، فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة، فأقعدته، فأكل فقيل لها في ذلك: ؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزلوا الناس منازلهم" ((رواه أبو داود)). لكن قال ميمون لم يدرك عائشة. وقد ذكره مسلم في أول صحيحه تعليقا فقال:وذكر عن عائشة رضي الله عنها قالت :أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم،وذكره الحاكم أبو عبد الله في كتابه "معرفة علوم الحديث"وقال:هو حديث صحيح. - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شبانًا ، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، فاستأذن له، فأذن له عمر رضي الله عنه ، فلما دخل: قال هي يا ابن الخطاب: فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل، فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} "الأعراف 199 "وإن هذا من الجاهلين. والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافًا عند كتاب الله تعالى. ((رواه البخاري)). - وعن أبي سعيد سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامًا ، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن ههنا رجالا هم أسن مني. ((متفق عليه)) . - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما أكرم شاب شيخًا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه" ((رواه الترمذي وقال: حديث غريب)). {كتاب رياض الصالحين} |
بارك الله فيك
ونفع بما كتبت ما رأيك أن تضيفي أيضا شرح الشيخ ابن عثيمين لهذه الأحاديث؟ سيكون مفيدا بإذن الله |
مشكورة أخيتي كن داعيا...
أخيتي إذا كان عندك الشرح ممكن تقومين بإظافته ولك مني جزيل الشكر... |
|
ماشاءالله أختي السلفية وفقك الله على هذا الجهد الرائع
وبارك الله فيك ونفع بعلمكن .. |
جزاكِ الله خير ونفع الله بك , , |
أخيتي كن داعيا دخلت للموقع لم أجد الشرح وجدت الكتاب غير مشروح...
ربما لم أبحث جيدا.. هل قرأت أنت الشرح في الموقع؟ ربما أنا طالبة فاشلة؟ |
أخيتي كن داعيا لقد بحثت في محرك البحث وهذا ما وجدت:
ـباب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ، ورفع مجالسهم ، وإظهار مرتبيهم قال الله تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [الزمر: 9] . 1/348 ـ وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله و سلم : (( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء ، فأعلمهم بالسنة ،فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء ، فأقدمهم سناً ، ولا يؤمَنَ الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه )) رواه مسلم (183) . وفي رواية له : (( فأقدمهم سِلماً )) : بدل (( سِنا )) أو إسلاماً . وفي رواية : (( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، وأقدمهم قراءة ، فإن كانت قراءتهم سواء فيؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً )) . والمراد (( بسلطانه )) محل ولايته ، أو الموضع الذي يختص به . (( وتكرمته )) بفتح التاء وكسر الراء : وهي ما ينفرد به من فراش وسرير ونحوهما . 2/349 ـ وعنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : (( استووا ولا تختلفوا ، فتختلف ، قلوبكم ، لِيلِني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم )) رواه مسلم (184) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( لِيلِني )) هو بتخفيف النون وليس قبلها ياء ، وروي بتشديد النون مع ياء قبلها (( والنهى )) : العقول ، (( وأولو الأحلام )) هم البالغون ، وقيل : أهل الحلم والفضل . الـشـرح يريد المؤلف ـ رحمه الله ـ بالعلماء علماء الشريعة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن العلماء ورثة الأنبياء ؛ لأن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ، فإن النبي صلى عليه وسلم توفي عن بنته فاطمة وعمه العباس ولم يرثوا شيئاً ؛ لأن الأنبياء لا يورثون إنما ورثوا العلم . فالعلم شريعة الله فمن أخذ بالعلم ؛ أخذ بحظ وافر من ميراث العلماء . وإذا كان الأنبياء لهم حق التبجيل والتعظيم والتكريم ، فلمن ورثهم نصيب من ذلك ، أن يبجل ويعظم ويكرم ، فلهذا عقد المؤلف رحمه الله لهذه المسألة العظيمة باباً ؛ لأنها مسألة عظيمة ومهمة . وبتوقير العلماء توقر الشريعة ؛ لأنهم حاملوها ، وبإهانة العلماء تهان الشريعة ؛ لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ؛ ذلت الشريعة التي يحملونها ، ولم يبق لها قيمة عند الناس ، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة . كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ . فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: 59] . ونضرب لكم مثلاً : إذا لم يعظم العلماء والأمراء ، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا : هذا هين ، قال فلان خلاف ذلك . أو قالوا : هذا هين هو يعرف ونحن نعرف ، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال ، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم ، وقيل لهم : هذا قول الإمام أحمد بن حنبل ، أو هذا قول الشافعي ، أو قول مالك ، أو قول أبي حنيفة ، أو قول سفيان ، أو ما أشبه ذلك قال : نعم ، هم رجال ونحن رجال ، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء ، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله ؟ فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول : أنا العالم ، أنا النحرير ، أنا الفهامة ، أنا العلامة ، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء ، ويفتي بما شاء ، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء . وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتو ، ولو ظلموا . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ))(185) . وقال لأصحابه فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال : (( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا )) (186). أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة . أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطبع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملنا . فإذا لم يوقر العلماء ولم يوقر الأمراء ؛ ضاع الدين والدنيا . نسأل الله العافية . ثم استدل المؤلف بقوله تعالى : ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) [الزمر: 9] ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي) يعني لا يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون ؛ لأن الجاهل متصف بصفة ذم ، والعالم متصف بصفة مدح ، ولهذا لو تعير أدنى واحد من العامة وتقول له : أنت جاهل ، غضب وأنكر ذلك ، مما يدل على أن الجهل عيب مذموم ، كلُ ينفر منه ، والعلم خير ، ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون في أي حال من الأحوال . العالم يعبد الله على بصيرة ، يعرف كيف يتوضأ ، وكيف يصلي ، وكيف يزكي ، وكيف يصوم ، وكيف يحج ، وكيف يبر والديه ، وكيف يصل رحمه . العالم يهدي الناس ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) [الأنعام: 122] ، لا يمكن أن يكون هذا مثل هذا ، فالعالم نور يهتدي به ويرفع الله به ، والجاهل عالة على غيره ، لا ينفع نفسه ولا غيره ، بل إن أفتى بجهل ؛ ضر نفسه وضر غيره ، فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون . ثم استدل المؤلف بحديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )) يعني يكون إماماً فيهم أقرؤهم كاتب الله (( فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً )) أي إسلاماً ، وفي لفظ سناً أي أكبرهم سناً . وهذا يدل على أن صاحب العلم مقدم على غيره ؛ يقدم العلم بكتاب الله ، ثم العالم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يقدم من القوم في الأمور الدينية إلا خيرهم أفضلهم . وهذا يدل على تقديم الأفضل فالأفضل في الإمامة ، وهذا في غير الإمام الراتب ، أما الإمام الراتب فهو الإمام وإن كان في الناس من هو أقرأ منه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : (( ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه )) وإمام المسجد الراتب سلطان في مسجده ، حتى إن بعض العلماء يقول : لو أن أحداً تقدم وصلى بجماعة المسجد بدون إذن الإمام فصلاتهم باطلة ، وعليهم أن يعيدوا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الإمامة ، والنهي يقتضي الفساد ، والله الموفق . * * * 3/350 ـ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لِيلِني مِنكم أولو الأحلام والنهي ، ثم الذين يلونهم )) ثلاثا ًً (( وإياكم وهيشاتِ الأسواق )) رواه مسلم (187) ، 4/351 ـ وعن أبي يحيى وقيل : أبي محمد سهل بن أبي حثمة ـ بفتح الحاء المهملة ، وإسكان التاء المثلثة الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال انطلق عبد الله ابن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح ، فتفرقا ، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دَمِهِ قتِيلاً ، فدفنه ، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال : (( كبر كبر )) وهو أحدث القوم ، فسكت ، فتكلما فقال : (( أتحلفون وتستحقون قاتلكم ؟ )) وذكر تمام الحديث . متفق عليه (188) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( كبر كبر )) معناه : يتكلم الأكبر . 5/352 وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد يعني في القبر ، ثم يقول : (( أيهما أكثر أخذاً للقرآن ؟ )) فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد . رواه البخاري (189). 6/353 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( أراني في المنام أتسوك بسواك ، فجاءني رجلان ، أحدهما أكبر من الآخر ، فناولت السواك الأصغر ، فقيل لي : كبر ، فدفعته إلى الأكبر منهما )) رواه مسلم مسنداً ، والبخاري تعليقاً (190) . 7/354 ـ وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله وعليه : (( إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه ، والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط )) حديث حسن رواه أبو داود (191) . الـشـرح وأولو الأحلام : يعنيالذين بلغوا الحلم وهم البالغون ، والنهي جمع نهية وهي العقل ، يعني العقلاء فالذي ينبغي أن يتقدم في الصلاة العاقلون البالغون ؛ لأن ذلك أقرب إلى فهم ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يفعله ، من الصغار ونحوهم ، فلهذا حث النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقدم هؤلاء حتى يلوا الإمام . وليس معنى الحديث لا يلني إلا أولو الأحلام والنهي ، بحيث نطرد الصبيان عن الصف الأول ، فإن هذا لا يجوز . فلا يجوز طرد الصبيان عن الصف الأول إلا أن يحدث منهم أذية ، فإن لم يحدث منهم أذية ؛ فإن من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد أحق به . وهناك فرق بين أن تكون العبارة النبوية : لا يلني إلا أولو الأحلام ، وبين قوله : ليلني أولو الأحلام ، فالثانية تحث الكبار العقلاء على التقدم ، والأولى لو قدر أنها هي نص الحديث لكان بنهى أن يلي الإمام من ليس بالغاً ، أو ليس عاقلاً . وعلى هذا فنقول : إن أولئك الذين يطردون الصبيان عن الصف الأول أخطئوا من جهة أنهم منعوا ذوي الحقوق حقوقهم ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له )) (192) . ومن جهة أخرى أنهم يكرهون الصبيان المساجد ، وهذا يؤدي إلى أن ينفر الصبي عن المسجد إذا كان يطرد عنه. ومنها أن هذه لا تزال عقدة في نفسه من الذي طرده فتجده يكرهه ، ويكره ذكره ، فمن أجل هذه المفاسد نقول : لا تطردوا الصبيان من أوائل الصفوف . ثم إننا إذا طردناهم من أوائل الصفوف ؛ حصل منهم لعب ، لو كانوا كلهم في صف واحد كما يقوله من يقوله من أهل العلم ، لحصل منهم من اللعب ما يوجب اضطراب المسجد ، واضطراب أهل المسجد ، ولكن إذا كانوا مع الناس في الصف الأول ومتفرقين ؛ فإن ذلك أسلم من الفوضى التي تحصل بكونهم يجتمعون في صف واحد . وقوله صلى الله عليه وسلم : (( ليلني منكم أولو الأحلام والنهي )) يستفاد منه أن الدنو من الإمام له شأن مطلوب ، ولهذا قال : ليلني أي يكون هو الذي يليني . وعلى هذا نقول : إذا كان يمين الصف بعيداً ، وأيسر الصف أقرب منه بشكل واضح ، فإن الصف الأيسر أفضل من الأيمن ، من أجل دنوه من الإمام ؛ ولأنه لما كان الناس في أول الأمر إذا كان إمامهم واثنان معه ، فإنهما يكونان عن يمينه واحد ، وعن شماله واحد ، ولا يكون كلاهما عن اليمين ، فدل هذا على مراعاة الدنو من الإمام ، وتوسط الإمام من المأمومين . ولكن هذا الأمر أي كون الإمام واثنان معه يكونان في صف واحد ، هذا نسخ ، وصار الإمام إذا كان معه اثنان يصفان خلفه ، ولكن كونه ـ حين كان مشروعاً ـ يجعل أحدهما عن اليمين والثاني عن اليسار ؛ يدل على أنه ليس الأيمن أفضل مطلقاً ، بل أفضل من الأيسر إذا كان مقارباً أو مثله ، أما إذا تميز بميزة بيّنة ؛ فاليسار مع الدنو من الإمام أفضل . وفي حديث الرؤيا التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه كان صلى الله عليه وسلم أنه كان صلى الله عليه وسلم يتسوك بسواك فجاءه رجلان فأراد أن يعطيه الأصغر ، فقيل له : كبّر كبّر . فيه دليل أيضاً على اعتبار الكبر ، وأنه يقدم الأكبر في إعطاء الشيء . ومن ذلك إذا قدمت الطعام مثلاً أو القهوة أو الشاي فلا تبدأ باليمين ، بل ابدأ بالأكبر الذي أمامك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعطيه الأصغر قيل له كبّر ، ومعلوم أنه لو كان الأصغر هو الأيسر لا يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيه إياه فالظاهر أنه أعطى الأيمن من أجل التيامن ، لكن قيل له كبّر : يعني أعطه الأكبر ، فهذا إذا كان الناس أمامك تبدأ بالكبير ، لا تبدأ باليمين ، أما إذا كانوا جالسين عن اليمين وعن الشمال فابدأ باليمين . وبهذا يجمع بين الأدلة الدالة على اعتبار التكبير أي مراعاة الكبير ، وعلى اعتبار الأيمن ، أي مراعاة الأيمن ، فنقول : إذا كانت القصة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان معه إناء يشرب منه ، وعلى يساره الأشياخ وعلى يمينه غلام وهو ابن عباس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام ((أتأذن لي أن أعطي هؤلاء)) فقال الغلام : لا والله ، لا أوثر بنصيبي منك أحداً . فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم (193) . فإذا كان هكذا فأعطه من على يمينك ، أما الذين أمامك فابدأ بالكبير، كما تدل عليه السنة ، وهذا هو وجه الجمع بينهما . ثم إن الإنسان إذا أعطاه الكبير فمن يعطي بعده ؟ هل يعطي الذي على يمين الكبير ويكون عن يسار الصاب ، أم الذي عن يمين الصاب ؟ نقول : يبدأ بالذي عن يمين الصاب وإن كان على يسار الكبير ؛ لأننا إذا اعتبرنا التيامن بعد مراعاة الكبر ، فالذي على يمينك هو الذي عن يسار مقابلك فتبدأ به ، ما لم يسمح بعضهم لبعض ، ويقول : أعطه فلاناً .. أعطه فلاناً ؛ فالحق لهم ، ولهم أن يسقطوه ، والله أعلم . ---------------------- (183) رواه مسلم ، كتاب المساجد ، باب من أحق بالإمامة ، رقم ( 673 ) . (184) رواه مسلم ، كتاب الصلاة ، باب تسوية الصفوف . . . ، رقم ( 432 ) [ 122 ] . (185) رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين . . ، رقم ( 1847 ) [ 52 ] . (186) رواه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق ، رقم ( 1846 ) . (187) رواه مسلم ، كتاب الصلاة , باب تسوية الصفوف . . ، رقم ( 432 ) [ 123 ] . (188) رواه البخاري ، كتاب الجزية والموادعة ، باب الموادعة والمصالحة مع المشركين بالمال ، رقم ( 3173 ) ، ومسلم ، كتاب القسامة ، باب القسامة ، رقم ( 1669) (189) رواه البخاري ، كتاب الجنائز ،باب الصلاة على الشهيد ، رقم ( 1343 ) . (190) رواه البخاري ، كتاب الوضوء ، باب السواك ، رقم (246 ) ، ومسلم ، كتاب الرؤيا ، باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 2271 ) . (191) رواه أبو داود ، كتاب الأدب في تنزيل الناس منازلهم ، رقم ( 4843 ) . (192) رواه أبو داود ، كتاب الخراج والإمارة ، باب في إقطاع الأرضين ، رقم ( 3071 ) . (193) رواه البخاري ، كتاب المساقاة ، باب من رأى صدقة وهبته ووصيته جائزة . . . ، رقم ( 2351 ) ، ومسلم ، كتاب الأشربة ، باب استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما . . ، رقم ( 3030 ) . |
اقتباس:
بــــــــــــــــوركتي.. |
اقتباس:
أسعدك الله... |
جزاكم الله خيرا أختي ووفقكم الله
|
اقتباس:
الله يبارك فيك أخيتي الحرة.. سعيدة بتواجدك.. |
بارك الله فيك
أنت طالبة ممتازة نعم هذا شرح الشيخ http://www.iraqnaa.com/ico/image/star002.gif وإذا أردت مكتبة الشيخ الإلكترونية تفضلي الرابط http://www.islamspirit.com/ |
الله يرزقـــــــــــــــك الجنـــــــــــــــــة أخيتي كن داعيـــــــــا...
سعيدة جــــــــــدا بتقييمــــــــــــك.. الله يكتبـــــــــــــــــلك الأجــــــــــــر... |
جزاكم الله الجنة وفردوسها وجعل ماقدمتم في موازين حسناتكم
|
شكرا جزيــــــــــلا لمرورك...
|
شكــــرا جزيـــــــــــلا لمرورك...
|
علماء العالم الإسلامي قديما أو حديثا كثر، وفضلهم على الأمة الإسلامية كبير جدا، وجهودهم في الدعوة الى الله عظيمة...
فجزاهم الله عنا خير الجزاء... إخوتي في الله ما رأيكم أن يختار كل واحد منا شيخا من مشايخنا الذين نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا ويبين فضله وجهوده في الدعوة إلى الله عز وجل...وهذا أقل ما نقدمه في هذا الباب؟؟؟ تسعدنــــــــــي جــــــدا مشاركـــــاتكم الطيبـة... |
الشيخ:عبد الحميـــــــد بن بــــــــــــاديس رحمه الله وأسكنه فسيح جنــــــــــــاته..
http://www.youtube.com/watch?v=LwTiGive2Is اسمه ونسبه : هو عبد الحميد بن محمّد المصطفى بن المكّيّ بن محمّد كحول سليل الجدّ الأعلى "مناد بن منقوش" كبير قبيلة تَلْكَاتَة (أو تُلُكّاتة أو تْلَكّاتة) وهي فرع من أمجاد صنهاجة أشهر القبائل البربرية في الجزائر والمغرب الإسلامي. ونسب أُسْرَتِهِ عريق في الشرف والمكانة، مشهور بالعلم والثراء والجاه، عرفت منه شخصيات تاريخية كبيرة من أبرزها "المعزّ لدين الله بن باديس" أشهر حكام الدّولة الصّنهاجيّة التي عرفت باسم دولة "بني زيري" نسبة إلى الأمير "بلكّين بن زيري بن مناد الصّنهاجيّ". كما عُرفت شخصيات أخرى من نسبه العريق، حتى أن "ابن خلدون" حكا أنه اجتمع أربعون عمامة من أسرة "بن باديس" في وقت واحد في التّدريس والإفتاء والوظائف الدينية، وتكاد تكون وظيفة القضاء في قسنطينة قاصرة على علماء هذه الأسرة زمنا طويلا; من أشهرهم القاضيان "أبو العبّاس حميدة بن باديس"، وجده لأبيه "المكّيّ بن باديس". وَالِدُهُ "محمّد المصطفى بن باديس" صاحب مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف، تبوأ منصب النائب المالي والعَمَالي بقسنطينة، وعضوا فيالمجلس الجزائري الأعلى وباش آغا شرفياً، ومستشاراً بلدياً بمدينة قسنطينة; وشحت فرنسا صدره بميدالية "بوسام الاحترام" من رتبة أوفيسي (مفتش). ويعود إليه الفضل في إنقاذ سّكّان منطقة واد الزناتي من الإبادة الجماعية عام 1945 م على إثر حوادث 8 ماي المشهورة. وقد اشتغل كذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما. وَالِدَتُهُ "زهيرة بنت علي"; كريمة من كرام عائلة "ابن جلول" المعروفة بالعلم والصلاح والثراء في مدينة قسنطينة، وهي من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس. مولده : وُلِدَ الشّيخ عبد الحميد بن باديس يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الثاني سنة 1307 ﻫ الموافق للرابع من ديسمبر سنة 1889 م بمدينة "قسنطينة"،وهو الولد البِكر لأبويه. نشأته وتعليمه : نشأ الشّيخ ابن باديس في أحضان أسرة متمسكة بالدين والمحافظة على القيام بشعائره، وحرصا على تنشئة أبنائها على أساس تربية إسلامية وتقاليد أصيلة; عهد به والده وهو في الخامسة من عمره إلى الشّيخ "محمّد بن المدَّاسي" أشهر مُقرئي بقسنطينة، فحفظ القرآن وتجويده وعمره لم يتجاوز الثالثة عشرة سنة.. ولما أبدى نجابة في الحفظ وحسن الخلق، قدّمه ليؤم المصلين في صلاة التراويح لمدّة ثلاثة سنوات متوالية في الجامع الكبير. ثم تلقى منذ عام 1903 م مبادئ العلوم العربيّة والشّرعيّة بجامع "سيدي محمّد النجار" من العالم الجليل الشّيخ "حمدان الونيسي" وهو من أوائل الشيوخ الذين لهم أثر طيب في حياته. وفي سنة 1908 م سافر إلى تونس ليكمل تعليمه ويوسع معارفه بجامع الزّيتونة، فتتلمذ على صفوة علمائه ومشاهير الأعلام أمثال الشّيوخ : "محمّد النّخليّ القيروانيّ"، و"محمّد الطّاهر بن عاشور"، و"محمّد الخضر بن الحسين"، و"محمّد الصادق النيفر" والأستاذ "البشير صفر".. وبعد ثلاث سنوات من الجد والاجتهاد نال (عام 1911 م) شهادة التّطويع (العَالِمِيَّة) وكان ترتيبه الأوّل بين جميع الطّلبة الناجحين، وهو الطالب الجزائريّ الوحيد الذي تخرّج في تلك الدّورة ثّم بقي بتونس عاماً بعد تخرّجه يُدَرّس ويَدرس على عادة المتخرجين في ذلك العهد. رحلته إلى الحجاز : لم يكن للشّيخ ابن باديس من غرض بعد عودته من تونس إلا الانتصاب للتّعليم في مسقط رأسه "قسنطينة"، فباشر إلقاء الدّروس من كتاب "الشّفا" للقاضي عياض في الجامع الكبير، لكنّه سرعان ما منع من الإدارة الفرنسيّة بسعي المفتى في ذلك العهد; بعدها عزم على أداء فريضة الحجّ عام 1913 م. وبعد أداء مناسك الحجّ زار المدينة المنوّرة ومكث بها ثلاثة أشهر، تعرّف فيها على الشّيخ "محمّد البشير الإبراهيميّ" وقضا معه ليالي تلك الأشهر الثلاثة كلها في وَضْع البرامج والوسائل التي تنْهَضُ بها الجزائر. كما أتيح له أن يتّصل بشّيخه "حمدان الونيسي" والتقى بمجموعة من كبار العلماء منهم الشّيخ "حسين أحمد الفيض أبادي الهنديّ"، وألقى بحضورهم على مشهد كثير من المسلمين درساً في الحرم النّبويّ. وفي تلك الفترة وجد الشّيخ ابن باديس نفسه بين خيارين، إما أن يلبي دعوة شيخه "الونيسي" في الإقامة الدائمة بالمدينة وقطع كل علاقة له بالوطن، وإما أن يأخذ بنصيحة الشّيخ "حسين أحمد الهندي" بضرورة العودة إلى وطنه وخدمة الإسلام فيه والعربية بقدر الجهد.. فاقتنع برأي الشّيخ الثاني، وقرر الرجوع إلى الوطن بقصد خدمته. وعند رجوعه، عرج على مصر، زار جامع الأزهر الشريف بالقاهرة ووقف على نظام الدراسة والتّعليم فيه، ثم زار مفتي الدّيار المصريّة الشّيخ "محمّد بخيث المطيعيّ" في داره بحلوان رفقة صديقه "إسماعيل جغر" المدرس بالأزهر، قدم له كتاب من شيخه "الونيسي" فأحسن استقباله وكتب له إجازة في دفتر إجازاته بخط يده. نشاطه الإصلاحي : · التربية والتّعليم : أولى الشّيخ ابن باديس التربية والتّعليم اهتماماً بالغاً ضمن برنامج الحركة الإصلاحية التي قادها ووجهها، فالتربية عنده هي حجر الأساس في كل عمل بنائي، لذلك أعطاها كل جهده ووقته، فبدأ نشاطه التّربوي والتّعليمي بالجامع الأخضر أوائل جمادى الأول 1332 ﻫ / 1914 م، يدرّس الطلبة كامل النّهار وفق برنامج مسطر لكل مستوى، ويلقي دروساً في تفسير القرآن، والحديث النبوي الشريف من الموطأ بالإضافة إلى الوعظ والإرشاد لعامة الناس في المساء، ويخص صغار الكتاتيب القرآنية بعد خروجهم منها بجملة من دروسه. ثم وسع نشاطه بإلقاء دروس في مسجد سيدي قموش ومسجد سيدي عبد المؤمن، وقام في أيام الراحة الأسبوعية وأيام الإجازة الصيفية بجولات لمختلف مناطق القطر. وبعد بضع سنوات من التّعليم المسجدي رأى جماعة من الفضلاء المتصلين به تأسيس مكتب يكون أساساً للتّعليم الابتدائي العربي سنة 1926 م، انبثقت عنه سنة 1930 م مدرسة جمعيّة التربية والتّعليم الإسلامية. ودعا الجزائريّين إلى تأسيس فروع لها في أنحاء الجزائر. وحرصا منه على رعاية الطلبة كوّن لجنة للعناية بهم ومراقبة سيرهم والإشراف على الصندوق المالي المخصص لإعانتهم، وأرسل المتفوقين والقادرين منهم على مواصلة الدارسة العليا إلى جامع الزّيتونة والأزهر. وحثّ على تعليم المرأة، وأولى تعليمها اهتماماً كبيراً، فألقى دروس وعظ خاصة للنساء بالجامع الأخضر، وخص البنات بدروس في مدرسة جمعيّة التربية والتّعليم، وأقر لهن مجانية التّعليم، وسعى لتمكينهن من مواصلة التّعليم الثانوي والعالي في المشرق العربي. وفي سبيل إصلاح التّعليم وترشيد المناهج التّربوية في الجزائر دعا رجال التربية والتّعليم إلى مؤتمر عقد عام 1937 م بنادي الترقّي لتبادل الآراء فيما يهم التّعليم العربي الحر ومدارسه ومساجده ونظمه وأساليبه. كما شارك في محاولة إصلاح التّعليم في جامع الزيتونة بتونس، وبعث بمقترحاته إلى لجنّة وضع مناهج الإصلاح التي شكّلها حاكم تونس عام 1931 م، وتضمن اقتراحه خلاصة آرائه في التربية والتّعليم. · الصحافة : رأى الشّيخ ابن باديس أن حركة الإصلاح يجب ألا تقتصر على التربية والتّعليم، فأعلن على دخول عالم الصحافة لدى تأسيسه جريدة "المنتقد" عام 1925 م، رغم بدايات أولى له سبقتها في ممارسة العمل الصحفي بدأها بنشر مقالات في جريدة "النّجاح" لأول عهدها أمضاها باسم مستعار هو (القسنطيني أو العبسي). ولكن "المنتقد" لم تعش طويلاً نظراً لجرأتها ولهجتها الحارة في ذلك العهد، أوقفتها الإدارة الاِستعماريّة بعد ظهور ثمانية عشر عدداً، فخلفتها جريدة "الشّهاب" التي ظلت تصدر أسبوعيّاً طوال أربع سنوات ثم حولها إلى مجلّة شهرية منذ فبراير 1929 م. وحتى يوفر أقصى ما أمكنه من شروط نجاح واستمرارية نشاطه الصحفي من بدايته، أسس "المطبعة الإسلامية الجزائرية" التي طبع فيها جرائده وجرائد جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين الأربعة التي أشرف عليها وهي : السّنّة المحمّديّة، والشّريعة المطهّرة، والصّراط السّويّ، والبصائر. · إسهاماته السياسية : تتعدد جوانب النضال الإصلاحي للشّيخ ابن باديس، ويُعد الجانب السّياسيّ في شخصيته من أبرز هذه الجوانب، وقد أسهم بآرائه وأطروحاته في الفكر السّياسيّ بالحديث عن قضايا الأمة الكبرى التي أعطاها كل حياته، ومن مواقفه السياسية : - استخلاص لأصول الولاية (الحكم) في الإسلام، نشرها عام 1931 م. - دوره في إخماد نار الفتنة بين اليهود والمسلمين (فاجعة قسنطينة) صيف 1934 م. - الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامي والمساهمة فيه شهر جوان 1936 م. - مشاركته ضمن وفد المؤتمر إلى باريس في شهر جويلية 1936 م. - موقفه السّياسيّ من وعود حكومة فرنسا. - محاورة لجنة البحث في البرلمان الفرنسي في شهر أبريل 1937 م. - دعوة النواب إلى مقاطعة المجالس النيابية في شهر أوت عام 1937 م. - نداءه لمقاطعة الاحتفالات القرنية لاحتلال مدينة قسنطينة خريف 1937 م. - موقفه من قانون 8 مارس 1938 م. - موقفه من إرسال برقية التضامن مع فرنسا ضد التهديد الألماني. - تقديم العرائض والاحتجاجات. - مقاومة سياسة الاندماج والتجنيس. - الوقوف في وجه المحاولات الهادفة إلى زعزعة الوحدة الوطنية. - اهتمامه بقضايا العالم الإسلامي. - رأيه في الحرية والاستقلال. ابن باديس وجمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين : فكر الشّيخ ابن باديس، بدءا من سنة 1913 م - خلال إقامته بالمدينة المنورة - في تأسيس جمعيّة، ومع رفيق دربه الشّيخ الإبراهيميّ وضع الأسس الأولى لها، وبقصد تحضير التأسيس جمعتهما عدة لقاءات منذ عام 1920 م، وتمهيدا لبعثها طلب من الشّيخ الإبراهيميّ عام 1924 م وضع القانون الأساسي لجمعيّة تجمع شمل العلماء والطلبة وتوحد جهودهم باسم "الإخاء العلمي" يكون مركزها العام بمدينة "قسنطينة"، إلا أن حدوث حوادث عطلت المشروع. ثم توالت بعدها الجهود لتأسيس جمعيّة، ومن الإسهامات التي هيأت الجو الفكري لها، دعوات الشّيخ ابن باديس العلماء في جريدته "الشّهاب" إلى تقديم اقتراحات.. تلتها سنة 1928 م دعوته الطلاب العائدين من جامع الزيتونة والمشرق العربي لندوة، سطروا خلالها برنامجا يهدف إلى النهوض بالجمعيّة المزمع تأسيسها. وفي نفس الفترة برز "نادي الترقّي" كمركز ثقافي ذا تأثير وملتقى للنخبة المفكرة في الجزائر، ومن منطلق رسالته الهادفة طلب الشّيخ ابن باديس من مؤسسيه تكوين لجنة تأسيسية ترأسها "عمر إسماعيل"، تتولى التحضير لتأسيس الجمعيّة. وبعد مرور قرن كامل على الاحتلال الفرنسيّ للجزائر (1830 – 1930 م)، واحتفال الفرنسيين بذلك، تضافرت ظروف وعوامل كثيرة، ساهمت جميعها في إظهار "جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريّين" التي تأسست يوم الثلاثاء 05 من ماي 1931 م في اجتماع بنادي الترقّي لاثنان وسبعون من علماء القطر الجزائري ومن شتى الاتجاهات الدينية والمذهبية. وانتخب الشّيخ ابن باديس رئيساً لها والبشير الإبراهيميّ نائبًا له. وفاته وآثاره العلمية : توفّي الشّيخ ابن باديس مساء يوم الثلاثاء 9 ربيع الأول سنة 1359 ﻫ الموافق 16 أبريل 1940 م، بمسقط رأسه مدينة "قسنطينة" متأثرًا بمرضه، وقد شيّعت جنازته عصر اليوم التالي لوفاته، وحمل جثمانه إلى مثواه الأخير طلبة الجامع الأخضر دون غيرهم وسط جموع غفيرة زادة عن مائة ألف نسمة، جاءوا من كافة أنحاء القطر الجزائري. تأثر لوفاته جميع أفراد الشعب الجزائري، وقال الشّيخ العربي التبسي في تأبينه : "لقد كان الشّيخ عبد الحميد بن باديس في جهاده وأعماله، هو الجزائر كلها فلتجتهد الجزائر بعد وفاته أن تكون هي الشّيخ عبد الحميد بن باديس". ومن بين من خلد هذا المصاب الجلل في إبانه شاعر الجزائر الكبير محمد العيد آل خليفة بقصيدة مما جاء فيها : يـا قبر طبت وطـاب فـيـك عبير هـل أنـت بالضيف العـزيز خبير ؟ هـذا (ابن باديس) الإمـام المرتضى (عبد الحميد) إلى حـمـاك يصـير العـالم الفذ الذي لعلومـه صِيتٌ بأطـراف البـلاد كبير بعث الجزائر بعد طـول سباتها فالشعب فيها بالحيـاة يصـير نم هـادئا فالشعب بعـدك راشــــد يختـط نهجـك في الهـدى ويسير لا تخش ضيعة ما تركت لنا سـدى فالـوارثـون لمــا تركـــت كثير لقد ترك الشّيخ ابن باديس آثارا كثيرا كانت حصيلة نضاله، ولله الحمد أن سخر له أحباباً جمعوا تلك الأعمال ونشروها هي: 1- رسالة جواب عن سوء مقال (نشرها سنة 1922 م). 2- العواصم من القواصم (كتاب لابن العربي وقف على طبعه وتصحيحه في جزأين - الجزء الأول 1345 ﻫ /1926 م - الجزء الثاني 1946 ﻫ /1927 م). 3- تفسير ابن باديس(طبعه أحمد بوشمال سنة 1948 م، ثم طبعه تلميذه محمّد الصالح رمضان ومحمّد شاهين في كتاب عنوانه "تفسيرُ ابن باديس في مجالس التذكير" سنة 1964 م، ثم طبعته وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة 1982 م في كتاب عنوانه "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"). 4- مجالس التذكير من حديث البشير النذير (طبعته وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة 1983 م، وسبق لمحمّد الصالح رمضان طبعه عام 1965 م بعنوان "من الهدي النبوي"). 5- العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية (طبعه محمّد الصالح رمضان سنة 1963 م، كما طبعه الشّيخ محمّد الحسن فضلاء سنة 1984 م). 6- رجال السلف ونساؤه (طبعه محمّد الصالح رمضان وتوفيق محمّد شاهين سنة 1965 م) 7- مبادئ الأصول (حققه الدكتور عمار طالبي ونشره سنة 1988 م، كما درسه وحققه الشّيخ أبي عبد المعز محمّد علي فركوس، وقدمه للطبع والنشر سنة 2001 م بعنوان "الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول"). أما باقي الآثار الأخرى فقد نشرت كلها في شكل مقالات ومحاضرات وخطب وقصائد شعرية في صحف "النّجاح" و"المنتقد" و"الشّهاب" و"السّنّة المحمّدية" و"الشّريعة المطهّرة" و"الصّراط السّويّ" و"البصائر". ( منقول) |
بارك الله فيكِ أخية
|
اقتباس:
|
الله يجزيكم الخير جميعا من الإدارة والمشاركين وأسأل الله أن يحفظ علمائنا السلفيين الربانيين وأن يرزقنا وإياهم الإخلاص أن يتجاوز عن موتاهم ويرفع ذكرهم إلى يوم الدين..............
|
اقتباس:
|
الساعة الآن 02:54 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir