![]() |
تأملات في أسئلة الصحابيات .. أحاديث الصحابيات .. حلقات ..
http://m002.maktoob.com/alfrasha/ups...865/388662.gif تأملات في أسئلة الصحابيات الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: على مَرِّ التاريخ وتعاقب الأمم والحضارات كانت المرأة ممسوخة الهويَّة، فاقدة الأهلية، منزوعة الحرية، لا قيمة لها تذكر أو شأنًا معتبر!. بل كانت تقاسي في عامة أحوالها - باستثناء عصور الرسالات - ألوانًا من الظلم والذّل، والقهر والشقاء، صاغتها أهواء ضالة أو عقائد فاسدة. وعندما هلَّت أنوار الرسالة الخالدة في الجزيرة العربية، وانهمرت آيات التنزيل على المصطفى صلى الله عليه وسلم أصبحت المرأةُ أسعدَ الناس بهذا الدين العظيم الذي وضع عنها آصار الجاهلية وأغلال التقاليد الضَّالة ووهن العبودية لغير الله سبحانه. عن عمر بن الخطاب قال: «والله إن كنَّا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرًا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم» (1) . فنالت المرأة حضَّها الوافر من العناية في أصل التكريم الإنساني والخلق في أحسن تقويم والتفضيل على كثير من الخلق، كما أعلنه الباري سبحانه من الملأ الأعلى بقوله (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (2) . قال الشيخ ابن سعدي ( رحمه الله) : وهذا من كرمه عليهم وإحسانه الذي لا يقدَّر قدره، حيث كرم بني آدم بجميع وجوه الإكرام، فكرمهم بالعلم والعقل، وإرسال الرسل إنزال الكتب، وجعل منهم الأولياء والأصفياء وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة (3) . لقد منحها الإسلام حقَّ الحياة الكريمة، وشرَّفها بالعبادة والعلم والتكليف الشرعي، الذي صان فطرتها، وحمى عقيدتها، وطهّر أخلاقها ونوّر فكرها كما وعدها بالجزاء الأخروي. قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (4) . وكفل لها هذا الدين العظيم سائر الحقوق المالية والاجتماعية وفي مقدمتها الوصيَّة المتكررة التي لا نظير لها في البرِّ بالأم والتأكيد على صلتها والإحسان إليها أضعاف نصيب الأب في حق البرِّ وحسن المعاملة. وفي رحاب الإيمان تمتعت المرأة بكامل حقوقها الزوجية فأشرقت على الحياة بالحب والرحمة والبذل والعطاء، واعتبرها الحبيب صلى الله عليه وسلم أفضل كنوز الدنيا التي يُسعى للظّفر بها لصلاحها بقوله: « الدُّنيا متاعٌ وخيرُ متاعِ الدنيا المرأةُ الصالحةُ » (5) . وتتوالى أيادي البرِّ والتكريم لتقلّد المرأة شرف العلم الذي هو أساس الدين ونبعه الذي تستقي منه أحكامه وآدابه وشرائعه، فانتدبت إلى طلبه ومعرفته، بالأمر الإلهي العام الذي استهلّ به الرسالة وافتتح به التنزيل الكريم فقال عزَّ من قائل( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (6)، وحضَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على تعليم فتياتهن وتأديبهن أحسن الأدب وبشرهم بمضاعفة الأجر لهم. روى البخاري في صحيحه عن أبي بردة عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أيُّما رجلٍ كانت عنده وليدة فعلَّمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران ...»الحديث (7) . وأكرمها سبحانه بنشــر العلم وبلاغه للناس بقولــه - مخاطبًا أمهات المؤمنين – (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (8) . أمرهن أن يخبرن بما يقرأ في بيوتهن من آيات كتاب الله، وما يرين من الحكمة، وهي ما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مـن السنة قولاً وفعلاً، حتى يبلغ ذلك إلى الناس فيعملوا بما فيه ويقتدوا به(9). واستجاب لهذا الأمر الكريم أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن -، وكان لعائشة - رضي الله عنها - النصيب الأوفى في الدعوة والبلاغ لأنها أكثر أمهات المؤمنين تشرفًا بنزول الوحي وأوفرهن علمًا وروايةً للحديث الشريف ، روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفين ومائتين وعشرة أحاديث. والذين رووا الألوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: أبو هريرة، وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وعائشة - رضي الله عنهم - (10) . وشهد لها بالعلم والرواية والفقه الصحابةُ وكبار التابعين، فعـن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: « ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا »(11) . وقال عطاء: كانت عائشة أفقه الناس وأحسنَ الناس رأيًا في العامة (12) . وقال مسروق: « نحلف بالله لقد رأينا الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن عائشة عن الفرائض » (13). هذا التفوّق العلمي الذي بلغته أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها – وغيرها في بيت النبوة وضارعن به أفذاذ الرجال،كان ثمرة حبّ العلم واستشعار مسؤوليته، ولتمكين النبي صلى الله عليه وسلم من سماع الوحي والحكمة ومدارسته واستفتائه ومراجعته. روى البخاري عن ابن أبي مليكة: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسب عُذِّب» قال عائشة: فقلتُ: أَوَليسَ يقول الله تعالى:( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً) (14) . قالت: فقال: « إنَّما ذلك العَرْضُ، ولكنْ من نُوقشَ الحسابَ يَهْلِك » (15) . وربما استخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر من مسائل الإسلام العِظام لم يدركه الرجال، فاستعلموها عنه . عن مسروقٍ قالَ: كنت مُتَّكئـًا عند عائشة ، فقالت: يا أبا عائشةَ ، ثلاثٌ من تَكَلَّم بواحدةٍ منهنَّ فقد أعظمَ على اللهِ الفريةَ . قلتُ ما هنَّ ؟ من زَعَم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربَّهُ فقد أعظمَ على اللهِ الفريةَ . قال: وكانتُ مُتَّكِئـًا فجلستُ، فقلتُ: يا أمَّ المؤمنينَ ! اَنْظِريْني ولا تَعْجَليني، ألم يَقُل الله عز وجل:( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (16) ، (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) (17). فقالت: أنا أول هذه الأمَّةِ سَألَ عن ذلك رسول َ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنَّما هو جبريلُ..»(18). ولرسوخها في العلم وضلوعها فيه كانت غزيرة الفتوى، حاضرة الاستنباط، متمكنة من النظر والاجتهاد، « وهي أحد السبعة المكثرين من الفتوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين حفظت عنهم الفتوى من الصحابة مائة ونيف وثلاثون نفسًا ما بين رجل وامرأة » (19). إن هذه السؤالات الحسنة والحوارات المثمرة أحـد روافـد العلم التي نـدب إليها رب العالمين بقوله:( َاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )(20) . نعم، لقد امتدت أصداء هذه الآية – ومثيلاتها – إلى نساء السلف - رضي الله عنهن - فبادرن إلى التنور بالعلم والتفقه في الدين. ألا ترى أسماء بنت عميس – رضي الله عنها – يأتيها الصحابة أرسالاً يسألونها عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لكم أصحاب السفينة هجرتان ولأصحابي هجرة واحدة »، ما فرحوا بشيء بعد الإسلام فرحهم به، وهم في الوقت ذاته مدينون لها باستفتائها رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخراج هذه الشهادة العظيمة منه و نظائرها في الصحابيات كثيرة فعلى قدر ما يتوفر للمرأة من الحب العميق للدين والإصرار على إتقان أحكامه وآدابه الشرعية يكون الإقدام على طلب العلم بلذة وشغف ، والسؤال عنه بعناية و بذله للناس بترفق . ومما يبرهن على ذلك تدفق نساء الأنصار إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم للتفقه وطلب الفتوى. عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: « نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين »(21) . هذه الفتاوى الشرعية، والمراجعات العلمية، هي بعض النماذج الرائعة والثمار اليانعة للجهد النبوي الطويل في الدعوة والهداية والتعليم. وهؤلاء السائلات هنّ غراس يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشربن من هديه الكريم حب العلم، والمجاهدة لتحصيله، والتخلّق بآدابه . و كم سجلت دواوين السنة من مآثرهنّ الجمَّة في هذا المضمار – المتعلق بالطلب والحوار والاستفسار – وهاأنذا أتشرِّف بقطف جناها، واستمداد سناها في الصحائف الآتية . ( 1 ) متفق عليه بهذا اللفظ، رواه البخاري (421ح 4913). و مسلم (930 ح 1479) . ( 2 ) سورة الإسراء، الآية: 70. ( 3) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص414). ( 4 ) سورة النحل، الآية: 97. ( 5) رواه مسلم (926ح 1469). ( 6) سورة العلق، الآية: 1. ( 7) رواه البخاري (440 ح 5083) . ( 8 ) سورة الأحزاب، من الآية: 34. ( 9) ينظر: تفسير الطبري (22/9)، تفسير ابن كثير (3/487)، أحكام القرآن لابن العربي (3/1538)، تفسير ابن سعدي (ص612). (10) الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة (ص59).، وينظر للتوسع: المرأة الداعية في العهد النبوي الشريف (ص104). ( 11) رواه الترمذي (2049 ح 3883) وقال : هذا حديث حسن صحيح. ( 12) الاستيعاب (4/1883)، سير أعلام النبلاء (2/185). (13) صفوة الصفوة (2/32) . ( 14) سورة الانشقاق، الآية: 8. ( 15) متفق عليه، رواه البخاري (11ح 103) ، ورواه مسلم في (1176ح 2876). ( 16) سورة التكوير، الآية: 23 . (17) سورة النجم، الآية: 13 . ( 18) متفق عليه، رواه مسلم (708 ح177) ورواه البخاري (415 ح 4855) بنحوه. ( 19) أعلام الموقعين (1/12)، وينظر : المنهاج النبوي في دعوة الشباب (ص415) . ( 20) سورة النحل، من الآية: 43. (21) رواه مسلم (732 ح 323). |
الحلقة ( 1 )حديث ((اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ.....)) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif عن انس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن أمّ سُلَيم أَنَّها قَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسٌ خَادِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَه،ُ قَالَ: « اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ» (1) من هي السائلة ؟ هي أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد البخاريّة، الأنصارية الخزرجية، مشهورة بكنيتها، مختلف في اسمها فقيل: مُليكة أو سَهْلَة، أو رُمَيْلَة، أو رُمَيْثَة، أو الرُّميصاء والغُميصَاء. أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، تزوجها في الجاهلية مالك بن النضر، فولدت له أنسًا، وعرضت على زوجها الإسلام فغضب عليها وخرج إلى الشام ومات هناك، ثم خطبها أبو طلحة الأنصاري، واشترطت إسلامه صداقًا لها، فأسلم وتزوجها، وأنجبت له غلامًا أعجب به ومات صغيرًا فصبرت على هذا البلاء، وقصتها مشهورة مخرجة في الصحيحين (2)، ثم أخلف الله عليها بغلامٍ آخر بورك فيه، وهو عبد الله بن أبي طلحة، وقد رزق بعشرة أولاد كلهم يحفظ القرآن ويحمل العلم عنه . أخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنها أنسًا وكان عمره عشر سنين، منذ قدم رسول الله المدينة حتى مات، وكانت تغزو مع رسول صلى الله عليه وسلم، فشهدت يوم أحد، وكانت تسقي العطشى، ثم شهدت يوم حُنَين وأبلت فيه بلاءً حسنـًًا، وكانت ذات عقلٍ وفضلٍ، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنها ابنها أنس، وابن عباس وزيد بن ثابت وآخرون (3) . غريب الحديث : بَارِك: البركة هي النماء والزِّيادة والكثرة في كل خير، والتبريك الدعاء بالبركة، يقال: بارك الله لك وفيك وعليك، وباركك، وبارك فعلٌ يتعدى، وتبارك فعل لا يتعدى (4). من فوائد الحديث : 1/ ترادف الإحسان والشفقة والحنان الذي غَمَرت به أم سليم ابنها أنسًا – رضي الله عنهما - فلم تتزوج حتى شبَّ وأمرها بذلك (5)، وبعد بلوغه العاشرة أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم لينال هذا الغلام شرف الملازمة له والخدمة في بيت النبوة، وطلبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء له. 2/ التلطّف عند السؤال، وإظهار الافتقار ووصف الحال؛ ليكون أبلغ من جهة العلم والبيان، فأحسنت أم سليم بقولها: يا رسول الله بأبي أنت وأمِّي، وقولها إن لي خُويصة، هذا أُنيس خادمك، وفي رواية خويدمك ادع الله له ، وهذا التمهيد الحكيم يشرح صدر المسؤول للسماع وتحقيق المراد . 3/ رفق الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المرأة (أم سليم – رضي الله عنها - )، وسماع سؤالها والمبادرة إلى إجابة طلبها، والمبالغة في الدعاء لصغيرها تحقيقًا لرغبتها وإرضاءً لها، كما قال أنس: « فدعا لي بكلِّ خير »، وفي رواية: « فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به ». 4/ مشروعية دعاء المسلم لأخيه بخير الدنيا والآخرة، والدعاء بكثرة المال والولد، وأن ذلك لا ينافي الخير الأخروي، لأن المال الصالح والولد الصالح مما يستعان به على الآخرة (6). 5/ من الأدب الحسن عند الدعاء بشيء له تعلق بالدنيا أن ينضم إلى دعائه طلب البركة فيه والصيانة من خطره، ومتى بورك في المال والولد لم يكن فيه فتنة، ولم يحصل بسببه ضرر، ولا تقصير في حق أحد ولا غير ذلك من الآفات، وقد كان أنس وولده رحمة، وخيرًا ونفعًا بلا ضرر، كلهم حفظ القرآن وروى العلم (7) . 6/ هذا الحديث من معالم نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم لما فيه من معجزة إجابة الدعوة وحصول أمر نادر هو اجتماع كثرة المال مع كثرة الولد وكون بستانه يثمر في السنة مرتين دون غيره. قال أنس: «فوالله إن مالي لكثير وإن ولدي وولد ولدي ليتعادّون عليَّ نحو المائة اليوم». وقال:«دعا لي رسول الله ثلاث دعوات، قد رأيت منها اثنتين في الدنيا وأنا أرجو الثالثة في الآخرة ». وتحدث أنس – رضي الله عنه - بهذه المواهب التي منَّ الله بها عليه استجابةً لدعوة نبيه عليه الصلاة والسلام من باب التحدث بنعم الله وشكره عليها (8) . 7/ الفقر والغنى محنتان من الله عز وجل يختبر بهما عباده في الشكر والصبر كما قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (9). فتنة الغنى: الحرص على جمع المال وحبِّه وكسبه من غير حِلِّه ومنع بذله في الواجبات وغيرها. وفتنة الفقر: حصول الفقر المدقع الذي لا يصحبه خير ولا ورع ولا صبر حتى يتورّط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام أتى . وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من ذلك، ففي الحديث المتفق عليه عن عائشة: « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات .. اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار .. إلى أن قال: ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر ... »(10) . والفضل كله في الكفاف، وهي الحال السليمة المتوسطة من الغنى المطغي ، والفقر المؤلم، والسلامة من قهر الحاجة وذلّ المسألة . وقد امتنّ الله سبحانه وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم بما رزقه من خير الدنيا والآخرة ، فقال سبحانه:(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى{6} وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى{7} وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) (11). ودعوى أن جمهور الصحابة كانوا على التقلل والزهد ممنوعة بالمشهور من أحوالهم بعد الفتوحات ، فمنهم من أبقى ما بيده مع التقرب إلى الله سبحانه بالبرِّ والصِّلة، ومنهم من استمرَّ على ما كان عليه قبل ذلك، فكان لا يُبقي شيئًا وهم قليل بالنسبة للطائفة الأخرى، ومن تبحَّر في سير السلف علم صحّة ذلك وأخبارهم في ذلك لا تحصى . والخلاف في تفضيل الفقر على الغنى وعكسه، مسألة طال فيها النزاع، فمن العلماء من فضّل الفقر، ومما استدلوا به؛ ما جاء على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اطّلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء»(12)، وقوله: «الفقر أزين على المؤمن من العذار الحسن على خدِّ الفرس»(13) ونحو ذلك . كما استدلوا بحاله في التقلل من الدنيا والإعراض عن زينتها . ومن العلماء من فضّل الغنى، ومما استدلوا به قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا اضطجع على شقه الأيمن: «اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ..... اقض عنّا الدين وأغننا من الفقر....»(14) وقوله صلى الله عليه وسلم : «لا حسد إلا في اثنتين رجلٍ آتاه الله مالاً فسلّطه على هلكَته في الحق، ورجلٍ آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلِّمها»(15) . وقالوا: لا نعلم أحدًا من الأنبياء ولا من صحابتهم ولا العبّاد والمجتهدين كان يقول: «اللهم افقرني» ولا استعبدهم الله بذلك، بل استعبدهم أن يقولوا: اللهم ارزقني، اللهم عافني.. وكان مطرّف – رحمه الله - يقول: لأن أعافى فأشكر أحبَّ إليَّ من أن أبتلى فأصبر . فالحاصل أن الابتلاء بالفقر والغنى مثل السقم والعافية، ومن صبر على مصيبته في الدنيا ورضي بما قسم الله له مع بذل الأسباب ، أعظم الله له الثواب في الآخرة . ومن رزق حظًّا من الدنيا، وشكر الله سبحانه وتعالى عليه ، وأدى حق الله فيه، وأنفق منه في وجوه الخير والـبّر والصِّلة ونصرة هذا الدين، والبعد به عن كلِّ ما يسخط الله سبحانه وتعالى والصبر على ذلك، كان هذا خيرا في التقرب إلى الله سبحانه و أكثر حظا في النفع المتعدي . كما فعل أنس رضي الله عنه بكثرة البذل و الإنفاق من ماله حتى قال– رضي الله عنه -: يا ثابت (يعني البناني) ما أملك صفراء ولا بيضاء إلا خاتمي (16). (1) متفق عليه ، أخرجه البخاري - واللفظ له - (ص536 ح 6378)، و (ص533 ح6334) و (ص534 ح6344) بلفظه، إلاّ أنه قال: عن أمي ولم يقل عن أم سليم ، و رواه أيضاً (ص155 ح1982) بسنده عن أنس – رضي الله عنه-: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أمِّ سليم فأتته بتمرٍ وسَمنٍ قال: « أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه فإني صائم » ثم قام إلى ناحية من البيت فصلَّى غير المكتوبة فدعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت أم سليم: يا رسول الله إنّ لي خُوَيصةً، قال: « ما هي؟ » قالت: خادمك أنس، فما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا لي به قال: «اللهم ارزُقهُ مالاً وولدًا وبارك له »، فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أُمَيْنَة أنه دفن لِصُلبي مَقدمَ الحجّاج البصرةَ بضعٌ وعشرون ومائة.وأخرجه مسلم (ص1113 ح2480_2481)، و (ص780 ح660). (2) أخرجها البخاري ( ص101 ح1301) و (ص471 ص5470) و مسلم (ص1060 ح2144). كلاهما رواه بسنده عن أنس قال: كان ابنٌ لأبي طلحة يشتكي، فخرج أبو طلحة، فقبض الصبي فلما رجع أبو طلحة قال: « ما فعل ابني؟ قالت أم سليم: هو أسكن مما كان، فقرّبت إليه العشاء فتعشّى، ثم أصاب منها.... » الحديث مختصرًا . (3) ينظر: الاستيعاب (4/1940)، صفوة الصفوة (2/66)، أسد الغابة (6/345)، الإصابة (8/228). (4) ينظر: معجم مقاييس اللغة (ص109)، لسان العرب (10/396 )، مختار الصحاح (ص20)، مشارق الأنوار (1/113). (5) سير أعلام النبلاء (2/305). (6)شرح ابن بطال (10/174)، فتح الباري (4/288). (7) المنهاج (16/258)، وعمدة القاري (22/297). (8) ينظر: فتح الباري (4/288). (9) سورة الأنبياء، الآية: 35 . (10) رواه البخاري (ص535 ح6368) بنحوه، ورواه مسلم – واللفظ له - (ص1148 ح589). (11) سورة الضحى، الآيات: 6- 8 . (12) رواه البخاري (ص542 ح6449) ، و مسلم (ص1152 ح2737). (13) رواه الطبراني في الكبير (7/294 ح7181) ، قال ابن تيمية – رحمه الله -: كذب وسنده ضعيف. ا. هـ والمعروف أنه من كلام عبدالرحمن بن زياد كما رواه ابن عدي في كامله (1/344). كشف الخفاء (2/113). (14) رواه مسلم (ص1149 ح2713). (15) متفق عليه، رواه البخاري (ص110 ح1409)، ومسلم (ص805 ح816) . (16) رواه أحمد في المسند (3/248). وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: عن تفضيل الغنيّ الشاكـر على الفقير الصـابر ، فقال: أفضلهما أتقاهما لله تعالى فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة ([16]). · ينظر في هذه المسألة : شـرح ابن بطال (10/167)، تأويل مختلف الحديث (ص155- 158)، إحياء علـوم الدين (4/201)، فتـح الباري (11/329)، فيض القدير (5/479)، شرح الزرقاني (2/46)، الديباج (3/137)، أدب الدنيا والدين (ص189) . |
الحلقة ( 2 )حديث ((يا رسول الله صلِّ عليَّ وعلى زوجي...)) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif عن جابر قال: أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فنادته امرأتي: يا رسول الله صلِّ عليَّ وعلى زوجي فقال: « صلى الله عليكِ وعلى زوجكِ ».(1) السّائلة : هي سُهَيْمة (بضم أوله وفتح ثانيه مصغرّا) بنت مَسْعُود بن أَوْس (2) . تزوجها ابن خالها جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فولدت له عبد الرحمن وأم حبيب، وأسلمت سُهَيْمَةُ وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم(3) . وكانت موفورة العقل، عظيمة الفضل مذكورة في المبايعات للرسول صلى الله عليه وسلم، تزوجها جابر وهي ثيّب لترعى أخواته وتعنى بشأنهن وتصلح هيئاتهن (4) . غريب الحديث : صلِّ : قال الخطابي: الصلاة التي هي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال إلا لله جل وعلا، والتي بمعنى الدعاء تقال لغيره . فيقال للرحمة صلاة، وصلَّى عليه الله إذا رحمه، و اللهم صلِّ على فلان معناه: الدعاء بطلب صلاة الله له ؛ وهي رحمته. كما يقال: حيَّاك الله إذا دعوت بتحية الله . صَلَّى الإلهُ على امرئٍ ودَّعتُه وأتمَّ نعمتَه عليــهِ وزَادها فصلاة الله على رسوله وعباده الصالحين: رحمته لهم وحسن ثنائه عليهم. قال تعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (5). وصلاة الملائكة هو: دعاؤهم واستغفارهم (6). من فوائد الحديث : 1/ كرم خلق سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وتواضعه ورفقه، ومجيؤه إلى بيت جابر – رضي الله عنه - دليل عمليّ على عنايته بتفقد أحوال أصحابه ومخالطتهم، وإدخال السرور عليهم وملاطفتهم ومشاركتهم هموهم . 2/ مسارعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للظفر بصلاته عليهم ونيل دعوته والتشرف بها . 3/ استجابة المصطفى صلى الله عليه وسلم لنداء المرأة والدعاء لها ولزوجها بالصيغة التي طمحت إليها وهي الدعاء بصيغة الصلاة مع الدعاء لهما بالبركة . 4/ مشروعية الدعاء بلفظ الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم لمن شاء من أمته، وهذا ظاهر بدليل الكتاب (7) والسنة، ولصاحب الحق وهو محمد صلى الله عليه وسلم أن يتفضل من حقه بالدعاء لمن شاء من أمته (8). 5/ الصلاة في سؤال المرأة: « صلِّ عليَّ » بمعنى؛ الدعاء بالخير وطلب البركة، وصلاة الله عليها بمعنى نزول الرحمة واللطف . وأما الصلاة التي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهي شعاره الذي يضاف إلى اسمه باستمرار معناها: التعظيم والتكريم والدعاء وهي خاصةٌ له، لا يشاركه فيها غيره . فلا يقال؛ أبو بكر صلى الله عليه وسلم، وإن كان معناها صحيحًا (9) . ويقوّي المنع من الصلاة لغيره مستقلاً تجنب السلف له وأنه صنيعُ أهل الأهواء الذين جعلوا ذلك شعارًا لمن يعظّمونه من أهل البيت والغلوِّ فيهم . وممن اختار المنع: مالك والشافعي وأبو البركات جد ابن تيمية - رحمهم الله - (10). 6/ الدعاء بلفظ الصلاة يختلف بحسب المدعو له، فصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته دعاء لهم بالمغفرة والرحمة، وصلاة الأمة له دعاء له بزيادة الزلفى والمنزلة عند الله تبارك وتعالى (11). 7/ ظهور حكمة زوجة جابر – رضي الله عنهما - بالتماس رضى زوجها والتودُّد إليه بهذه الدعوة العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم، بعد تعرضها لسخطه ومخالفة أمره وخروجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكلامها معه ، كما في الرواية: « فلا أرينّك ولا تؤذي رسول الله .. ولا تكلّميه ». (1)أخرجه النسائي في السنن الكبرى – واللفظ له - (6/112 ح10256) و أبو داود (1336 ح1533) ،و ابن حبّان(3/197 ح916). و الحاكم (4/123 ح7096) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقـه الذهبي في التلخيص. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح خلا نبيح العنزي وهو: ثقة . مجمع الزوائد (4/140) . (2)الطبقات الكبرى (8/339) . (3) الإصابة (7/718)، أسد الغابة (6/156) . (4) ينظر : فتح الباري (7/506) والصفحة السابقة من الفتح . (5) سورة الأحزاب، الآية: 43 . (6) ينظر: معجم مقاييس اللغة (ص549)، لسان العرب (14/464)، مختار الصحاح (ص154)، والغريب لابن سلام (1/180)، مشارق الأنوار (2/56)، النهاية (3/50) . (7) وهو قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ): 103. (8) شرح ابن بطال (10/115)، فتح الباري (8/685) . (9) ينظر: شـرح السنـة (3/189)، وشرح الزرقاني (1/477)، وحاشية السندي (2/25)، وعون المعبود (4/275) . (10) مجمع الفتاوى (22/ 472)، المنهاج (4/347)، فتح الباري (الصفحة السابقة) . (11) عمدة القاري (9/94) . |
الحديث ( 3 )(اللهم اغفر لعائشة ما تَقدمَ من ذنبِهَا وما تَأخَّر...) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif عن عائشة قالت: لما رأيتُ من النبي صلى الله عليه وسلم طيبَ نفسٍ قلتُ: يا رسولَ الله ادع اللهَ لي، قال: « اللهم اغفر لعائشة ما تَقدمَ من ذنبِهَا وما تَأخَّر وما أَسرتْ وَما أعلنَتْ » فَضَحكت عَائِشَة حتى سَقط رَأسُها في حجرهَا من الضّحكِ، فَقال رَسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيَسرُّكِ دُعائي؟ فقالتَ: وَمالي لا يسرّني دُعاؤكَ؟ فقالَ: والله إنّها لَدعوتي لأُمتِي في كلِّصَلاةٍ ». (1) السائلة هي : عائشة : بنت أبي بكر الصديق واسمه؛ عبدالله بن عثمان من بني لؤي بن غالب ، تكنى بأم عبدالله، أم المؤمنين تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بسنتين وبنى بها في المدينة وهي ابنة تسعٍ، ومكثت معه تسع سنوات، لم ينكح الرسول صلى الله عليه وسلم بكرًا سواها، مبرأة من سبع سماوات، وكانت أحب أزواجه إليه، تلقب بالحميراء، وهي ذات شرف ونسب وفضل وعلم، قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. وقال عروة: ما رأيت أحدًا أعلم بفِقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة . روت عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير وروت أيضـًا عن أبيها وعمر وفاطمة – رضي الله عنهم -. روى عنها من الصحابة عمر وابنه عبدالله وأبو هريرة وغيرهم . توفيت سنة 57 وقيل 58هـ - رضي الله عنها - . (2) من فوائد الحديث : 1/ من حسن أدب السائل اختيار الأوقات التي يكون فيها المفتي طيِّب النفس، مُنشرحَ الصّدر، هادئ البال متهيئًا لسمَاع السؤال، إرفاقًا بالمفتي وصيانةً للفتوى . 2/ وفيه حسن عشرة الرجل لأهله، والتحبّب إليهم بالدعاء لهم وتأنيسهم وإدخال السرور عليهم . 3/ وفيه مكانة عائشة – رضي الله عنها - من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرامه لها وميله إليها، وعزَّتها عنده وتلبية مرادها، فسمعت تلك الدعوات الطَّيبة وقرّت عينًا بها . 4/ استحبابُ دعاءِ المسلم لأخيه بظهر الغيب بما أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الدَّعوات الخيِّرات ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لأحب نسائه، ولأمته وهي: سُؤال الله تبارك وتعالى غفران الذنوب وستر العيوب ومحو السَّيئات ما مضى منها وما هو آت، الظاهر منها وما تخفيه السرائر . 5/ وفيه رحمةُ الرسول صلى الله عليه وسلم بأمته وإشفاقه عليها وكرامتها عليه، وبذل الدعاء الصالح لها في حياته، والشفاعة المستجابة في الآخرة . عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لكلِّ نَبِيٍّ دَعْوةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلٌّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَومَ القِيَامَة، فهي نَائِلةٌ إنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْركُ بِاللهِ شَيْئًا »(3). 6/ قال القسطلاني – رحمه الله - : من دعوات الأنبياء ما يستجاب في الحال ومنها ما يؤخر إلى وقت إرادة الله عز وجل (4) . (1)أخرجه ابن حبّان (9/122 ح711) ورواه أبو القاسم اللالكائي في اعتقاد أهل السنة (8/1429 ح2756). إسناده صحيح، وقال الهيثمي: رجاله ثقات . مجمع الزوائد (9/246) (2)الاستيعاب (4/1881)، أسد الغابة (6/189)، الإصابة (8/16) . (3) متفق عليه، واللفظ لمسلم رواه في صحيحه، (715 ح199) بسنده عن أبي هريرة مرفوعًا. و رواه البخاري، (531 ح6304) بنحوه وليس في آخره « فهي نائلة إن شاء الله من مات ..... ». (4) عمدة القاري (22/ 277) روى مسلم في صحيحه (1178 ح2890) بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مرّ بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه ودعا ربَّه طويلاً، ثم انصرف إلينا، فقال صلى الله عليه وسلم : «سألت ربِّي ثلاثًا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسَّنَة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها ». |
بارك الله فيكِ و جزاكِ الله خير. |
اقتباس:
|
الحلقة ( 4 )حديث(( اذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ...)) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (4) عن محمد بن حاطب قال: تناولت قدرًا كانت لي فاحترقت يدي، فانطلقت بي أمي إلى رجل جالس في الجبانة، فقالت له: يا رسول الله . قال: « لَبَّيْكِ وَسَعْدَيْكِ ». ثم أدنتني منه فجعل يتُفل، ويتكلم بكلام ما أدري ما هو، فسألت أمي بعد ذلك؛ ما كان يقول ؟! قالت: كان يقول: « اَذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِي أَنْتَ الشَّافِيْ لاَ شَافِي إِلا أَنْتَ ». (1) السائلة : هي فاطمة بنت المجلِّل بن عبدالله بن أبي قيس، من بني عامر بن لؤي، القرشية، العامرية، وقيل اسمها جويرية، وجزم ابن بشكوال بأن اسمها فاطمة، تكنىّ بأم جميل، واشتهرت بها، أسلمت قديمًا، وهي من المهاجرات إلى الحبشة مع زوجها حاطب بن الحارث وولدت له هناك محمدًا والحارث . ثم توفي زوجها، وقدمت مهاجرةً إلى المدينة مع ابنيها في إحدى السفينتين وتزوجت زيد ابن ثابت بن الضحاك وولدت له، وهي صحابيّة روت عن النبي ، وروى عنها ابنها محمد ابن حاطب . (2) غريب الحديث : الجَبَّانة : (بالفتح ثم التشديد) الأصل فيها هو الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسميةً للشيء بموضعه، والجَبَّان: ما يستوي من الأرض في ارتفاع، أو بلا ارتفاع ويكون كريم المنبت، ولا تكون الجبّانة في الرمل ولا في الجبل، وكل صحراء جبّانة (3) النَّفْث : النون والفاء والثاء أصل صحيح يدلُّ على خروج شيء من فمٍ أو غيره بأدنى جَرْسٍ وهو أقلُّ من التَّفْل، شبيه بالنفخ، وقيل هو التفل بعينه (4)والصحيح الأول . البأس : بَأَسَ أصل واحد معناه؛ الشدّة وما ضارعها . قال القاضي عياض – رحمه الله -: هو شدة المرض، ومن معانيه: العذاب، والشدة في الحرب والخوف والفقر والبائس هو: المبتلى، وابتأس الرجل إذا بلغه شيء يكرهه (5) . السَّقم : هو المرض، يقال سُقْمٌ وسَقَم وسَقَامٌ ثلاثُ لغاتٍ، وهو سَقِيم، ومِسْقَام: كثير السقم ، والجمع: سِقَام(6) . من فوائد الحديث : 1/ مشروعية الدعاء بالشفاء، والتداوي لرفع البلاء بالرقية الشرعية، مع ما في المرض من كفَّارة ورحمة، لأن الدعاء عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى ولا تنافي الثواب والكفَّارة لحصولهما، وكلٌّ من فضل الله تعالى، نزول المرض والصبر عليه والشفاء منه، والداعي بين حسنيين؛ إما نيل مقصوده أو العوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر (7). 2/ الرقية الشرعية بالآيات والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم سبب لتطييب نفس العليل، وشفائه، وعافيته، ولها آثار عجيبة في الشفاء تتقاعد العقول عن إدراك كنهها، وحصول البرء من المرض بتقدير الله عز وجل ومشيئته وليس في وسع مخلوق تعجيله قبل حينه، وإن لم يكتب للمريض شفاء فإن كل ما يقع من تدبير الطبيب، وخواصّ الدواء لا ينفع ولا ينجع (8) . 3/ من تمام لطف الكريم سبحانه بخلقه أن ابتلاهم بالأدواء وأعانهم عليها بالأدوية الحسية والمعنوية ((9). 4/ قال ابن القيم – رحمه الله -: في هذه الرقية توسُّل إلى الله تعالى بكمال ربوبيته ورحمته وأنه وحده الشافي (10) 5/ قال ابن عبد البر والنووي – رحمهما الله -: أجمع العلماء على جواز النفث، واستحبه الجمهور من الصحابة ومن بعدهم التابعين، ونقل القاضي عياض عن بعض علمائه كابن عبدالبر والباجي: أن النفث في الرقية سنَّةٌُ، والأخذ بها اقتداءٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم(11) وسئلت عائشة – رضي الله عنها - عن نفث النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية، فقالت: كما ينفث آكل الزبيب (12) وهو يقتضي أن يلقي اليسير من الرِّيق. 6/ قال القاضي عياض – رحمه الله -: فائدة النفث والتفل اليسير – والله أعلم - التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء والنَّفَس المباشر للرقية والذكر الحسن والدعاء الطيب، وقد يكون على وجه التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض وانفصاله عنه، كانفصال ذلك النفث عن فيّ الراقي(13) وقال ابن القيم – رحمه الله -: في النفث سرٌّ عجيب؛ لأن الرقية تخرج من قلبه وفمه، فيكون التأثير بها أقوى نفوذًا وأتمَّ للرقية، واستعانة الراقي بها في إزالة الضرر وإطفاء حرارة الألم كاستعانة تلك النفوس الخبيثة بلسعها وإحراقها وإفسادها (14) 7/ المسح باليد اليمنى على الوجع سنة عند الرقية، وهي من التفاؤل بزوال الألم وذهاب المكروه (15). 8 / كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء من هذا المرض بعينه، لأنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر، وكان يكرر الرقية ليكون أبلغ في الضراعة وأنجع في الاستجابة (16). 9/ فيه لطف النبي صلى الله عليه وسلم ولين جانبه مع المرأة المفجوعة بوجع صغيرها، يظهر ذلك في الاستقبال الرحّب والتقدير للخطْب والدعاء للمريض حتى زوال الكرب . 10/ قال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله-: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته هي كتاب الله تعالى، وسنَّةُ رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرها. اهـ (17) . وأثبت هذا الحديث اسم عظيم من أسمائه سبحانه وهو (الشافي) وله أصل في القرآن الكريم وهو قوله تعالى( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (18). والشافي هو الذي يشفي عباده من الأسقام والأمراض ويعافيهم (19). (1) رواه النسائي – واللفظ له - (6/55 ح10015) وأحمد (3/418) بلفظ: «انْصَبَّتْ على يَدِي من قِدْرٍ، فَذَهَبَتْ بي أُمِّي إِلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو في مَكانٍ، فَقالَ كَلاَمًا فِيْهِ : أَذْهِبْ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ» وأحسبه قال: «اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي » قَال: «وكانَ يَتْفُلُ ». - و رواه أيضاً (3/418) عن أمِّه أُمّ جميل بن المجُلّل، قالت: أقبلتُ بك من أرضِ الحبشةِ، حتى إذا كنتُ من المدينةِ على ليلةٍ أو ليلتين طبخَتُ لكَ طَبيخًا، فَفنِيَ الحطبُ فخرجتُ أطلبُهُ، فَتَنَاولتَ القدرَ فانكفأتْ على ذراعِكَ، فأتيتُ بكَ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلتُ: بأبي وأُمِّي يا رسُول الله، هذا محمدُّ بن حاطبٍ، فتفلَ في فِيكَ، ومَسَحَ على رأسِكَ، ودَعَا لكَ وجَعَلَ يَتْفُلُ على يديك ويقول: «أذْهِبْ البأسَ رَبَّ الناسِ واشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا ». قالتْ: فما قمتُ بِك مِنْ عِنْدِه حتَّى بَرَأَتْ يَدُكَ . و الحديث صحيح الإسناد .قال الهيثمي – رحمه الله - : ورجال أحمد رجال الصحيح . مجمع الزوائد (5/115). وله شاهد صحيح من حديث عائشة –رضي الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللهم رب الناس أذهب الباس واشِفِه، وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سَقمًا » متفق عليه. رواه البخاري (491 ح5743)، ومسلم (1067 ح2191) . (2) الاستيعاب (4/1927)، غوامض الأسماء المبهمة (1/362)، أسد الغابة (6/230)، الإصابة (8/70) . (3) معجم ما استعجم (1/363)، معجـم البلدان (2/99)، لسان العرب (13/84). (4) معجم مقاييس اللغة (ص1002)، وينظر: لسان العرب (2/196)، الغريب لابن سلام (1/299)، النهاية في غريب الحديث (5/87) (5) معجم مقاييس اللغة (ص148)، لسـان العرب (6/20)، مختـار الصحاح (ص16)، مشارق الأنـوار (1/101). (6) معجم مقاييس اللغة (ص463)، لسان العرب (12/288)، مختار الصحاح (ص128)، النهاية في غريب الحديث (2/380) . (7) ينظر: شرح معاني الآثار (4/329)، وشرح ابن بطال (9/433)، فيض القدير (5/87)، تحفة الأحوذي (10/8). قال القاضي عياض – رحمه الله -: وترك الاسترقاء أفضل وأعلى عند بعض العلماء والصالحين لما فيه من اليقين أن العبد ما أصابه لم يكن ليخطئه ولا يعدو شيء وقته وهو من كمال التوكل على الله سبحانه. إكمال المعلم (7/100). (8) ينظر: التمهيد (5/264)، الفتح (10/256)، فيض القدير (5/86)، شرح الزرقاني (4/418). (9) فيض القدير (الصفحة السابقة) . (10) زاد المعاد (4/ 188). (11) إكمال المعلم (7/100)، التمهيد (5/279)، المنهاج (14/403)، قال العيني في عمدة القاري (20/24) النفث: إخراج ريح من الفم مع شيء من الريق . (12) رواه الحميدي في مسنده (1/114 ح233). وهو صحيح . (13) إكمال المعلم (7/101)، المنهاج (14/403)، فتح الباري (10/242)، عمدة القاري (21/262)، الديباج (5/212) . (14) نقلته مختصرًا من زاد المعاد (4/181- 182) . (15) شرح ابن بطال (9/433)، إكمال المعلم (7/101)، عمدة القاري (21/262). (16) ينظر: عون المعبود (10/274)، تحفة الأحوذي (10/8) . (17) مجلة البحوث الإسلامية (12/ 209) بحث بعنوان : قواعد في أدلة الأسماء والصفات للشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله- . وينظر: فتح الباري (10/254)، عون المعبود (10/273)، تحفة الأحوذي (10/8). (18) سورة الشعراء، الآية: 80 . (19) ينظر: كتاب صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة، (ص180). |
الحلقة ( 5 ) حديث ((فمسح رأسي ودَعَا لي بالبركة...)) السائلة :http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (5) عن السائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابن أُختي وَقِعٌ، « فمسح رأسي ودَعَا لي بالبركة، ثم توضّأ فشربت من وَضوئه، ثم قمتُ خلف ظهره فنظرتُ إلى خاتم النُّبوَّةِ بين كتفيه مثْل زِرِّ الحَجَلَة». (1) قال أبو ذرّ سبط ابن العَجمي – رحمه الله - : خالة السائب بن يزيد؛ في حفظي أنها فاطمة بنت شُريح (2). و قال المباركفوري – رحمه الله - : اسمها عُلْبَة –بضم المهملة- بنت شُرَيْح (3)، أخت (4) مخَرْمَةَ بن شُريح، وقد وَهِم، فإن المذكورة هي: أم السائب بن يزيد وليست خالته، وقال ابن حجر: لم أقف على اسم خالته (5). غريب الحديث : وقع: أي مريضٌ مُشْتَكٍ، مثل وَجِعٌ وأصله: وَهْنُ الرِّجل ومرضها من حجارةٍ أو حَفَاءٍ يُصيبها، وروى بعضهم وَقَعَ: على الفعل الماضي (6) . زِرُّ الحَجَلَةِ : قال القاضي عياض – رحمه الله تعالى - : والصحيح المعنى المشهور وهو: أن الزَّرَّ : واحد الأزرار التي تدخل في العرى، كأزرار القميص، والحَجَلَة واحدة الحِجَال وهو سِتْر ذو سُجُوفٍ(7). من فوائد الحديث : 1/ مشروعية الذهاب بالصبيان إلى الصالحين، وسؤالهم الدعاء لهم بالبركة، والصلاح والخير (8) 2/ التبرك المشروع بفضل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وشربه والاغتسال به وأثره في إبراء المرضى وذوي العاهات، وهو من التبرك بالآثار الحسية المنفصلة عنه صلى الله عليه وسلم، والبركة من اختصاصه في ذاته وأفعاله وآثاره واستجابة الله سبحانه لدعائه صلى الله عليه وسلم(9) . 3/ لا يجوز التبرك بشيء من الآثار الحسية المنفصلة عن أحد من الأشخاص غير النبي صلى الله عليه وسلم، وترك الصحابة – رضي الله عنهم - التبرك بأبي بكر وعمر – رضي الله عنهما - ومن بعدهما من خيار هذه الأمة دليل على إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- على تحريمه (10) . 4/ قال القرطبي – رحمه الله تعالى - : اتفقت الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن خاتم النبوّة كان شيئًا بارزًا أحمرًا عند كتفه الأيسر، قدره إذا قُلِّلَ قدر بيضة الحمامة وإذا كُبِّر جمع اليد - والله أعلم – (11). 5 / اختلف العلماء في الطهارة بالماء المستعمل في الوضوء والغسل، على أقوال: 1. لا تجوز الطهارة به على كل حالٍ وهو مذهب الشافعي، وظاهر مذهب أحمد أنه طاهر غير مطهِّر لا يرفع حدثًا ولا يزيل نجسًا، وهو قول الليث والأوزاعي والمشهور عن أبي حنيفة، واختلف فيه عن الثوري، وذهب أبو يوسف إلى أن نجس . 2. يكره التطهر به، ولا يجوز التيمم مع وجوده، وهو مذهب مالك وأصحابه . 3. جواز التطهر به ولا فرق بينه وبين الماء المطلق، وهو قول الحسن وعطاء والنخعي والثوري والزهري ومكحول وابن حزم وأهل الظاهر، ورواية عن أحمد، والرِّواية الثانية لمالك والشافعي – رحمهم الله - . وسبب الخلاف: ما يظن من أنه لا يتناوله اسم الماء المطلق حتى إن بعضهم غلا فظن أن اسم الغسالة أحق به، والراجح الصحيح في ذلك هو : جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في الطهارة، سواء وجد ماء آخر أو لم يوجد، أو كان الوضوء لفريضة أو نافلة لرجل أو امرأة (12) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رضي الله عنه - : والقول بنجاسته مخالف للنصوص الصحيحة والأدلة الجليَّة وليست هذه المسألة من موارد الظنون، بل هي قطعية بلا ريب (13) . ومما استدل به الجمهور، شرب السائب – رضي الله عنه - من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب، وتقرير الصحابة – رضي الله عنهم - على التبرك بوضوئه واقتتالهم عليه، وصبه صلى الله عليه وسلم وضوءه على جابر – رضي الله عنه – (14)، وهو حكم له ولأمته . قال ابن المنذر – رحمه الله تعالى - : وفي إجماع أهل العلم أن الندى الباقي على أعضاء المتوضئ والمغتسل وما قطر على ثيابهما طاهر؛ دليل على طهارة الماء المستعمل، وإذا كان طاهرًا فلا معنى لمنع الوضوء به بغير حجة (15) . (1) صحيح، متفق عليه ، رواه البخاري – واللفظ له - (18 ح190) و (289 ح3541) ، بلفظه إلا أنه قال: خاتم بين كتفيه، ولم يقل: مثل زِرِّ الحجلة، وزاد في آخره: قال ابن عبيدالله (شيخ البخاري) الحُجْلَةُ من حُجَل الفَرَسِ الذي بين عَيْنَيْهِ . و (288 ح3540) بسنده عن الجعيد بن عبدالرحمن قال : رأيت السائب بن يزيد ابن أربع وتسعين جَلْدًا مُعْتَدلاً، فقال: قد علمتُ ما مُتَعتُ به – سمعي وبصري - إلا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن خالتي ذهبت بي إليه فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي شاكٍ فادع الله له، قال فدعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومسلم (1090 ح2345). (2) تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم، (ص399) . (3) تحفة الأحوذي (10/88) . (4) الاستيعاب (4/1886)، الإصابة (8/29) . (5) فتح الباري (10/156) . (6) مشارق الأنوار (2/369)، النهاية في غريب الحديث (5/214) . (7) مشارق الأنوار (1/231)، الديباج (5/335) . قال النووي – رحمه الله - : وهو الصواب الذي قاله الجمهور. شرح النووي (15/97) . والسُّجوف : أستار رقيقة. مشارق الأنوار (2/257) . (8) ينظر: شرح ابن بطال (10/112)، (9/386) . (9) ينظر: كتاب التبرك أنواعه وأحكامه (ص66) و(ص507) . (10) ينظر: الاعتصام للشاطبي (2/8، 9) . (11) ينظر: شرح النووي (15/98)، فتح الباري (6/698) . (12) المدونة الكبرى (1/14)، الأم (1/8)، المحلى (1/183)، بداية المجتهد (1/20)، المغني (1/31)، نيل الأوطار (1/23- 31). (13) مجموع الفتاوى (21/ 66) . (14) رواه البخاري (484 ح5651) بسنده عن جابر بن عبدالله قال: مرضت مرضًا فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر وهما ماشيان فوجداني أغمي علي فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صبَّ وضُوءَهُ علي فأفقت. الحديث . (15) الأوسط (1/288)، فتح الباري (1/393) . |
الحلقة ( 6 ) حديث ((...لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ)) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (6) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْت عُمَيْسٍ - رضي الله عنها - قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِم الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ ؟ فَقَالَ: « نَعَمْ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ».0(1) السائلة : هي أَسْمَاءُ بنتُ عُمَيْس أم عبدالله، من بني خثعم، أمها: هند بنت عوف أو خولة بنت عون، وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأم، وأخت لُبَابة أم الفضل زوجة العباس، وأخت جماعة من الصحابيات ، أسلمت وبايعت ثم هاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر ابن أبي طالب فولدت له هناك محمدًا أو عبدَالله، وعونًا، ثم هاجرت إلى المدينة، فلما قتل جعفر تزوجها أبو بكر الصديق فولدت له محمد بن أبي بكر الصديق، ثم مات عنها، فتزوجها علي بن أبي طالب، فولدت له يحيى بن علي، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروى عنها ابنها عبدالله بن جعفر وحفيدها القاسم بن محمد وعبدالله بن عباس وهو ابن أختها وروى عنها آخرون، توفيت بعد علي بن أبي طالب – رضي الله عنها -. (2) غريب الحديث : أفَأَسْتَرقي : الرُّقْيَة هي العُوْذَه والجمع رُقَى، التي يُرقى بها صاحب الآفة كالحمّى والصرع، وغير ذلك من الآفات (3) ، قال الشاعر : فما تركا من عُوذَةٍ يَعْرفانها ولا رُقْيَةٍ الإبهــار رقَيَاني 0(4) العَيْن : حاسَّة الرؤية، و المقصود هنا الحسد الذي يحصل على أثرها (5) . وهي : نظر باستحسان مشوب بحسد، من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر والمصاب: مَعْيُون (6) . وقد يكون العائن أعمى فيوصف له شيء، أو يسمعه فيعينه ويضُّره. وأشبه الأشياء بتلك النفس؛ الأفعى، التي تقابل عدوّها فتتكيف بكيفية شرِّيرة، وينبعث منها قوة غضبية شديدة تؤثر في إسقاط الجنين وطمس البصر ونحوه (7). من فوائد الحديث : 1/ الشعور الفطري بعطف الأمومة الدّفاق يدفع الوالدة الحنون إلى تحرِّي العلاج لأبنائها، ولفت انتباه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حال أجسام صغارها الناحلة الضعيفة، وتعرض عليه احتمالاً قويًا بإصابتهم بالعين . 2/ في الحديث دليل على أن العين تسرع إلى قوم فوق إسراعها إلى آخرين وتؤثر فيهم بالضرر أو الهلاك لتمام حسنهم الصوري والمعنوي (8) ونحو ذلك . 3/ إباحة الرقى للمعيون، خاصةً إذا لم يُعرف العائن (ليؤخذ غسله)، وتلك الرُقى مما يستدفع بها البلاء إذا أذن الله عز وجل بذلك وقضى بالشفاء، وأسعد الناس بها من صحبة اليقين بالله تعالى، ومن أعطي الدعاء وفتح عليه لم يكد يحرم الإجابة، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) (9)(10) 4/ أجمع أهل العلم على جواز الرقية الشرعية وهي؛ ما يكون بالقرآن وأسماء الله الحسنى والمعوذات والذكر الحسن والأدعية المأثورة والتضرع إلى الله سبحانه بالشفاء من شر السواحر النفاثات وشر الحاسدين، والشيطان ووسوسته ومن شر شرار الناس وشر كل ما خلق، وشر ما جمعه الليل من المكاره والطوارق . والمنهيُّ منها ما تضمن شركًا وتعظيمًا لغير الله سبحانه، واعتقاد تأثيرها بالنفع من دونه سبحانه . (11) عن عوف بن مالك – رضي الله عنه - قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا » (12) . 5/ المبالغة في تأثير العين وقوتها وتعظيم شأنها بقوله صلى الله عليه وسلم : «لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ». وهذا الأسلوب جرى مجرى التمثيل، بمعنى: لو فرض أن لشيء قوة بحيث يسبق القدر في قوته ونفوذه لسبقته العين، لكنها لن تسبقه لأن تأثيرها بإرادة الله سبحانه، والقدر عبارة عن سابق علم الله جَلّ وعزّ، وتمام كتابته للمقادير ونفوذ مشيئته فيها قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، ولا راد لأمره ولا معقِّب لحكمه (13) . 6/ فضل التحصّن بالأذكار المشروعة والأدعية المأثورة وأثرها بتوفيق الله في وقاية العبد ورد سهام عين العائن، وكل عائن حاسد وليس العكس، فكانت الاستعاذة منه (14) . قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{5})(15) وعن عائشة – رضي الله عنها - : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مَضْجَعَه نفث في يده وقرأ بالمعوِّذَات ومسح بهما جسده »(16) . وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يومٍ، مائة مرة، كانت له حِرْزًا من الشيطان، يومه ذلك، حتى يمسي(17) .... » الحديث مختصرًا. إلى غيرها من العُوذَ والأذكار. قال ابن القيم – رحمه الله -: ومن التزم هذه الدعوات والعُوَذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع حصول العين وتدفع أثرها بحسب قوة إيمان قائلها، فإنها سلاح، والسلاح بحامله (18) . وقال الشوكاني – رحمه الله - : التداوي بالدعاء مع الالتجاء إلى الله أنجع من العلاج بالعقاقير، ونفعه يتحقق بأمرين؛ أحدهما من جهة العليل وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي وهو توجه قلبه إلى الله وقوته بالتقوى والتوكل على الله سبحانه (19) . 7/ يستحبُّ للأم تعلُّم الأوراد الشرعية والأدعية النافعة، لتلي الرقية بها على أبنائها، في حال الصحة والمرض، والاستغناء بها عن الذّهاب إلى الرُّقاة والقرَّاء . وهذا المعنى هو ما فهمناه من عرض أسماء – رضي الله عنها – ما تعرفه من الرُّقى والعُوَذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكفَّها عن سؤاله أن يرقيهم بالرَّغم من شدة الحاجة إلى ذلك لإصابتهم بالعين وبركة رقية النبي صلى الله عليه وسلم . 8/ قدّر الله سبحانه وتعالى الخير والشرّ وأسباب كل منهما، فالعين والمرض والبلاء من قدر الله سبحانه والرقى والتداوي والدعاء ونحوها من أسباب الشفاء هي بتقدير الله أيضـًا، وهذا التقدير لا يمنع العمل ولا يُوجب الاتكال، بل يوجب الجد والحرص والاجتهاد واتخاذ الأسباب مع قوة اليقين بالله سبحانه والثقة به وهذا تمام التوكل (20) . (1) رواه الترمـذي – واللفـظ له – (1858 ح2059) ، و النسائي (4/365 ح7537) بنحوه ، وابن ماجه (2688 ح3510) وللحديث شاهد عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- رواه مسلم (1068 ح2198) بسنده عن جابر بن عبدالله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماءَ بنتِ عُمَيْسٍ: «مَالِيْ أَرَى أَجْسَامَ بني أَخِيْ ضَارِعَة تُصِيْبُهُم الحاجَةُ » ؟ قالت: لا، ولكنَّ العينَ تُسْرِعُ إِلَيْهم، قَالَ: «ارقيْهم » قالت: فَعَرضْتُ عَلَيهِ، فَقَالَ: «أرقيْهِم ». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح . وقال ابن عبدالبر: حديث أسماء بنت عميس الخثعمية محفوظٌ من وجوهٍ ثابتة متَّصلة صحاحٍ وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح . التمهيد (2/266) ، مجمع الزوائد (5/113) . (2) الاستيعاب (4/1784)، صفوة الصفوة (2/63)، أسد الغابة (6/14)، الإصابة (7/489). (3) النهاية في غريب الحديث (2/254) . (4) معجم مقاييس للغة (ص396)، لسان العرب (14/332)، مختار الصحاح (ص107)، مشارق الأنوار (1/373) . (5) معجم مقاييس اللغة (ص699)، مختار الصحاح (ص195)، مشارق الأنوار (2/132) . (6) تحفة الأحوذي (6/184) . (7) نقلته باختصار شديد من: زاد المعاد (4/165- 66- 167) . (8) ينظر : التمهيد (2/267- 270)، تحفة الأحوذي (6/184) . (9) سورة غافر، الآية: 60 . (10) ينظر: التمهيد (2/267- 270)، حاشية ابن القيم (10/277) . (11) إكمال المعلم (7/101)، وينظر: عمدة القاري (21/265)، نيل الأوطار (9/91)، وذكر الخطابي – رحمه الله – معنى الرُّقية الصالحة والفرق بينها وبين ما سواها. أعلام الحديث (3/2131). (12) رواه أبو داود (1508 ح3886) ورجاله ثقات. (13) ينظر: التمهيد (2/270)، الديباج (5/214)، فيض القدير (4/397)، شرح الزرقاني (4/411)، تحفة الأحوذي (6/184) . (14) ينظر : فتح الباري (10/246) . (15) سورة الفلق : 1-5 . (16) رواه البخاري في: الدعوات، باب: التعوذ والقراءة عند المنام (532 ح6319) . (17) رواه مسلم في: الذكر والدعاء، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء (1146 ح2691) . (18) ينظر : زاد المعاد (4/170) . (19) نيل الأوطار (9/93) . (20) ينظر : مجموع الفتاوى (8/176- 196)، زاد المعاد (4/14)، معارج القبول (2/297) . |
ماشاءالله موضوع رائع ومتميز ..
جزاك الله خيرآ كثيرآ وجعله في ميزان حسناتك .. |
الحلقة ( 7 ) حديث ((إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ،...)) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (7) عَنْ عَطَاءِ بْن أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاس:ٍ أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ؟ قُلْتُ: بَلَى ، قَال:َ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاء،ُ أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي. قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ »، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، « فَدَعَا لَهَا ». (1) السائلة : هي أُمُّ زُفَر الحَبشِية الأسدية ، الصحابيّة الصَّابرة، يقال اسمها سُعَيْرة (بالتصغير) وقال بعضهـم شقيرة (بمعجمة مضمومة وقاف مفتوحة)، قيل إنها ماشطة خديجة – رضي الله عنه - التي كانت تغشى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة – رضي الله عنها - فيكرمها، أدركها عطاء بن أبي رباح في كبِرَها، وكان بها مس من الجنّ يَصْرَعُها حتى تَسقط وتتكشف، فصبرت ووعدها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنَّة (2). غريب الحديث : أُصْرَعُ : الصَّرْعُ؛ الطَّرْحُ بالأرض وسقوط الشيء إليها ،وصَريْعٌ أي مجنون، والجمع صرعى (3). قال ابن حجر – رحمه الله - : الصرع علَّة تمنع الأعضاء الرئيسة عن انفعالها منعًا غير تام، وسببه أخلاط من ريح غليظة تنحبس في منافذ الدماغ، أو بخار ردئ يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنّج في الأعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصبًا، بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجنِّ، من النفوس الخبيثة منهم إما الاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الأذيَّة به، والأول هو الذي يثبته جميع الأطباء ويذكرون علاجه؛ والثاني يجحده كثير منهم وبعضهم يثبته ولا يعرف له علاجًا إلا بمقاومة الأرواح الخيرّة العلوية لتندفع آثار الأرواح الشريرة وتبطل أفعالها ، وممن نص على ذلك أبقراط (4) . وقال ابن القيم – رحمه الله - : الظاهر أن صرع هذه المرأة كان من نوع صرع الأخلاط، ويجوز أن يكون من جهة الأرواح (5). أَتَكَشَّفُ : الكَشْفُ : رَفْعُكَ الشيءَ عما يُواريه ويُغَطِّيه، ككشف الثوب عن البدن، وكَشَف الأمر أَظْهَره (6)والمراد : أنها خشيت أن تظهر عورتها وهي لا تشعر (7) . من فوائد الحديث : 1/ سؤال المرأة دليل على فضل الدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه وتوحيده وتقواه، وفضل التعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان، وأثره العجيب في علاج الصرع، وسائر الأمراض والأسقام، وعقلاء الأطباء معترفون بأن تأثير ذلك أعظم من تأثير الأدوية البدنية الحسية، مع ما فيها من النفع والفائدة (8) . 2/ البشارة العظيمة والفضيلة الظاهرة للصابر على الصرع وبلواه بتكفير الخطايا وزيادة الحسنات، ودخول الجنات. قال العيني – رحمه الله تعالى - : الصبر على البلاء يورث الجنة والأخذ بالشدة أفضل لمن علم من نفسه أنه يطيق التمادي عليها ولا يضعف عن التزامها (9) . وأثر تلك البشارة النبوية في تقوية جانب التفاؤل والرجاء والاطمئنان، وشحذ الهمم للصَّبر الكامل والرضى التام الذي يبرِّد حرارة اليأس، ويُعلِي الروح النفسية، وهذا من شأنه أن يقهر المرض ويدفعه (10) . 3/ التخيير النبوي الحكيم يؤكد العناية برأي المرأة السوداء! في تقرير مصيرها، ويرسم إحساسه المرهف بحرارة الألم الذي ينتابها، فيدفعه ذلك كله للدعاء لها بالشفاء العاجل .. ثم يتراجع عن ذلك إذا اختارت الصبر، والأجر، لعلمه بأنه خيرٌ لها إذا أطاقته، وسبب لنيل السعادة الأبدية في الجنَّة . 4/ تميّزُ تلك المرأة بخلق الحياء وتمسكها به، واعتزازُها المتين يأبى أن تتخلى عنه في أصعب المواقف، حيث تصرع وتسقط على الأرض فتنكشف ويبدو شيء من جسدها .. !! هذا الحياء.. ثمرة من ثمرات إيمانها .. يلحُّ عليها أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء لها بالستر والحشمة...!! وإن كانت معذورة بالصرع، مضمونةً لها الجنة ؟!! فأين بنات المسلمين من هذه ؟! (1) متفق عليه ، رواه البخاري (484 ح5652) و مسلمٌ (1129 ح2576). (2) الاستيعاب (4/1938)، غوامض الأسماء المبهمة (2/801)، أسد الغابة (6/333)، الإصابة (8/201) عمدة القاري (21/214)، تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم (ص430). وجاء التصريح باسمها في صحيح البخاري، (484 ح5652) . (3) معجم مقاييس اللغة (ص566)، لسان العرب (8/197) والغريب لابن قتيبة (1/316)، النهاية في غريب الحديث (3/24). (4) فتح الباري (10/141) وينظر: زاد المعاد (4/69- 71) . (5) زاد المعاد (4/71) . (6) معجم مقاييس اللغة (ص894)، لسان العرب (9/300) . (7) فتح الباري (10/142)، عمدة القاري (21/215)، نيل الأوطار (9/93) . (8) ينظر: زاد المعاد (4/71)، فتح الباري (10/143)، نيل الأوطار (9/89). (9) عمدة القاري (21/ 215) . (10) ينظر : شرح ابن بطال (9/376)، إكمال المعلم (8/42)، المنهاج (16/344)، زاد المعاد (4/17)، فتح الباري (10/143) . |
الحلقة (8) حديث ((إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ جُنُونٌ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا ،...)) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (8) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنه - أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِابْنٍ لَهَا فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ جُنُونٌ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا فَيُخَبِّثُ عَلَيْنَا فَمَسَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَدَعَا فَثَعَّ ثَعَّةً - يَعْنِي سَعَلَ - فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الأْسْوَدِ.(1) السائلة : صحابية لم يذكر اسمها . غريب الحديث : ثَعَّ : الثَّعُّ، القيءُّ، والثَّعَّةُ : المرة الواحدة .(2) من فوائد الحديث : 1 / فيه تلبُّس الجان، وسلطانه النافذ في بعض القلوب الضعيفة، الخاوية من الذكر والدعاء وتلاوة كتاب الله، وإلحاقه الأذى بالمؤمنين؛ في طعامهم وشرابهم وسائر أمور حياتهم. 2 / التصرف الواعي من تلك الصحابية بوصف علَّة الصبي بدقَّة، وبيان ما يشتكي منه وتعدي ضرره، و طول صبرها عليه ، لاستثارة همّة المداوي واستدرار عطفه، وإعطائه تصورًا وافيًا لعلَّته، وهذا يعينه في اختيار الدواء المناسب له . 3 / أثر القراءة والدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه في العافية من المسِّ وخروج الجانِّ وبيان هيئة عند الخروج كالجر والأسود . 4 / مجيءُ الصحابية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكايةُ بلواها لم يعتبره النبي صلى الله عليه وسلم من الجزع المحرَّم، أو الشِّكاية المذمومة التي تنافي الصبر، أو التذمّر المقيت من قضاء الله وقدره. 5 / يظهر -و الله أعلم – أن النساء والصبيان هم الفئة التي يغلب فيها مسّ الجان والتلاعب بهم لضعفهم وسرعة تأثرهم ونفوذ الفزع إليهم ، و تصديق الخرافات ، ولبعدهم عن الحرز المكين والذكر الحصين. (1) رواه أحمد – واللفظ له - (4/241 ح2418) و رواه أيضاً (4/37 ح2133) بمثله، إلا أن في أوله: قالت: «يا رسول الله إن به لممًا» وقالت: «فيفسد علينا » بدل يُخبِّث. وفي آخره قال: «فَشُفِيَ » رجال الحديث ثقات، إلا فرقد السبخي فهو ليّن الحديث، فالإسناد به جيّد (2)معجم مقاييس اللغة (ص163)، لسان العرب (8/39)، مختار الصحاح (ص36). الغريب لابن سلام (2/212)، الفائق (1/166)، النهاية في غريب الحديث (1/212). |
تسلمي اختي ربي يبارك فيك طرحك رائع
|
الحلقة ( 9 ) حديث (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ الأْحَبِّ إِلَيْكَ...) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (9) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ الأْحَبِّ إِلَيْكَ، الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْت، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ، وَإِذَا اسْتُرْحِمْتَ بِهِ رَحِمْتَ، وَإِذَا اسْتُفْرِجتَ بِهِ فَرَّجْتَ » .قَالَتْ: وَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «يَا عَائِشَةُ هَلْ عَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ دَلَّنِي عَلَى الِاسْمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ؟ ».قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَعَلِّمْنِيهِ ، قَالَ: «إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَكِ يَا عَائِشَةُ أَنْ أُعَلِّمَكِ. إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لَكِ أَنْ تَسْأَلِينَ بِهِ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا ».قَالَتْ: فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ. ثُمَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ اللَّهَ. وَأَدْعُوكَ الرَّحْمَنَ وَأَدْعُوكَ الْبَرَّ الرَّحِيمَ وَأَدْعُوكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا، مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي. قَالَتْ : فَاسْتَضْحَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : «إِنَّهُ لَفِي الأْسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتِ بِهَا ». (1) من فوائد الحديث : 1/ ورد في تعيين اسم الله الأعظم أحاديث منها: الأول : حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه -: "أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، ورجلٌ يُصَلِّي، ثم دعا: اللهمَ إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت المنَّان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لَقَدْ دَعَا الله بِاسْمِهِ العَظِيْمِ الذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أجَابَ، وَإذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ». (2) الثاني : حديث عبدالله بن بريدة – رضي الله عنه - عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوًا أحد. فقال: «لَقَدْ سَأَلْتَ الله بِالاسْمِ الّذِيْ إذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ».(3) الثالث : حديث أسماء بنت يزيد بن السَّكن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 163] وفاتحة آل عمران (الم{1} اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ».(4) 2/ و فيه دلالة على تفاضل أسماء الله الحسنى، ويتبع ذلك القول بتفاضل كلام الله عز وجل بعضه على بعض، وهذا قول أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين وأكثر أهل الحديث والفقه (5). قال ابن تيمية – رحمه الله -:أما السلف كالصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يعرف لهم في هذا الأصل منازع، بل الآثارُ متواترةٌ عنهم به، واشتهر القول بإنكار تفاضله بعد المئتين، لما أظهرت الجهميةُ القولَ بأن القرآنَ مخلوقٌ (6) . وممن أنكر تفاضلَ أسمائه سبحانه : الأشاعرة وبعضُ الفقهاء والمفسرين، مثل أبي جعفر الطبري (7)، وأبي الحسن الأشعري، ومن وافقها بَعْدُ، كابنِ حبّان، والقاضي أبي بكر الباقلاني. وقالوا: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض لئلا يظنَّ أن بعض القرآن أفضل من بعض فيؤذن ذلك باعتقاد نقصان المفضول على الفاضل . وحملوا أحاديث (اسم الله الأعظم) على أن المراد بالأعظم العظيم وليس أفعل التفضيل، وأن أسماء الله تعالى كلها عظيمة . قال ابن حبان – رحمه الله -: الأعظمية الواردة في الأخبار إنما يراد بها أمر خارج عن الاسم وهو مزيد ثواب الداعي، وفي القرآن الكريم مزيد ثواب القاري (8). قال ابن تيميَّة – رحمه الله - : وهذا قول لا دليل عليه بل هو مورد النزاع (9) . والنصوص والآثار في تفصيل كلام الله، وتفضيل بعض صفاته على بعض ثابتة متعددة من الكتاب والسنة والإجماع مع العقل (10). 3/ اختلف أهل العلم في تعيين الاسم الأعظم ونقلت عنهم أقوال كثيرة (11). والأرجى - والله أعلم - أنه: ( الله لاَ إِله إِلاّ هُوَ الحيُّ القَيُّومُ ) ويضاف له: الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد . وسببه ترجيحه : 1 – ورودُه في الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس، وأسماء بنت يزيد وأبي أمامة (12) وعبدالله بن بريدة ورواه عبدالله بن مسعود موقوفًا (13) . 2 – دلالة هذا الاسم (الحي القيُّوم) على معانٍ عظيمة وصفات جليلة فعليهما مدار الأسماء الحسنى كلها وإليهما مرجع معانيها جميعًا، فاسم (الحيّ) يدل على صفة الحياة المتضمنة لجميع صفات الكمال، المستلزمة لها في ذاته سبحانه فهو: العالم،القادر،المتكلم،السميع، البصير. واسم (القيُّوم) يدل على كمال غناه وكمال قدرته فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه وهو المقيم لغيره القائم على كل شيء ولا قيام لغيره إلا به، وصفة القيُّومَّية متضمِّنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسمه الأعظم (الحيُّ القيُّوم) الجامع لصفات العظمة والكبرياء والإلهية والقدرة والكمال، والغنى التام. والحياة التَّامة تضادُّ جميع الآلام الحسية والمعنوية ولهذا لمَّا كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم همٌّ ولا غمٌّ ولا شيء من الآفات ، ونقصان الحياة يضرُّ بالأفعال وينافي القيُّومية . والحي المطلق التام لا يفوته شيء من صفات الكمال البتَّة، والقيوم لا يتعذّر عليه فعل أو أمر البتَّة . فالتوسل بصفة الحياة والقيُّومية له تأثير في إزالة ما يضادهما، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمرٌ وأهمَّه شأنٌ لهج بـ(يا حيُّ يا قيومُ برحمتك أَسْتَغيْثُ) (14) . وفي تأثير هذا الدعاء في دفع الهم والغم وتفريج الكرب وإجابة الرب مناسبة بديعة، فعند المقابلة بين ضيق الكرب وسعة هذه الأوصاف نجدها في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق وخروج القلب منه إلى سعة البهجة والسرور، وهذه الأمور إنما يصدق بها ويوقنها من أشرقت فيه أنوارها وباشر قلبه حقائقها(15). 3 – أنه الاسم الذي جاء في أعظم آية في كتاب الله وهي آية الكرسي. عن أبّي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا أَبَا المُنْذِرِ أتدري أَيُّ آيةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ أَعْظَمُ » ؟. قال: قلت: الله ورسولُه أعلمُ . قال: « يَا أَبَا المنْذِرِ أتَدري أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أعْظَمُ » ؟ قال: قلت :(( للّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)) (16) قال: فَضَربَ في صَدْرِي، وقال: « والله ليَهْنِك العَلِمُ أبَا المُنْذِرِ » (17). وقد جمعت هذه الآية أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والعلم والملك والقدرة والإرادة والإحاطة والقيومية وصفة الكرسي . 4 – قال ابن القيَّم – رحمه الله - : « ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة؛ أن من أدمن (يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت) أورثه ذلك حياة القلب والعقل، وكان شيخُ الإسلام - قدس الله روحه - شديدَ اللهج بها جدًا وقال لي يومًا: لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم ». وهو ترجيح ابن القيم أيضًا – رحمه الله -. ومن علم عبوديات الأسماء الحسنى، والدعاء بها، وسر ارتباطها بالخلق والأمر، ومطالب العبد وحاجته عرف ذلك الأثر وتحققه » (18). 4 / وفيه ندب الداعي إلى أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته الحسنى ويتوسل بها، وهي أحب ما دعاه الداعي به، وهي أنفع للعبد من التوسل إليه بمخلوقاته، والدعاء بها تحقيق لقوله تعالى:( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (19). قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: والسُّنَّة أن يسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته فيقول: يا حي يا قيُّوم أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولده. ونحو ذلك . وأما أن يسأل الله ويقسم عليه بمخلوقاته فهذا لا أصل له في دين الإسلام (20) . 5 / من آداب الدعاء وسننه افتتاحه بطيب الثناء على الرب تبارك وتعالى وحمده والصلاة على نبيه، وحسن المسألة وحضور القلب وخشوعه ورقته وتذلُّلِه لله رب العالمين وإلحاحه عليه، مع موافقته أحد أوقات الإجابة واستقبال القبلة والطهارة، والدعاء بالكلمات التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها متضمنة للاسم الأعظم . فإذا اجتمع هذا في الدعاء مع ما ورد من الأسباب الشرعية والآداب كان مظنَّة الإجابة (21). (1) رواه ابن ماجه – واللفظ له – (2707 ح 3859) وقال الهيثمي : ضعيف. وليس في حديثه تعيين اسم الله الأعظم . مجمع الزوائد (10/156) . (2) رواه أبو داود (1333 ح 1495) و النسائي (2172 ح 1301) وأحمد (3/158) و المقدسي في المختارة (5/257 ح 1885) وابن حبَّان (3/175 ح893) والحاكم (1/683 ح1856). جميعهم من طريق خلف بن خليفة ، وهذا إسنادٌ قويٌّ، وخَلَف بن خليفة – وإن كان قد اختلط بآخره - لم ينفرد بهذا الحديث فقد تُوبع. وتصحيح الحاكم لهذا الحديث على شرط مسلم وهمٌ فإن مسلمًا لم يخرِّج لحفصٍ شيئًا . ينظر: الجرح والتعديل (3/369)، التقريب (ص194) . (3) رواه أبو داود (1333 ح1493) و النسائي (4/394 ح7666) و الترمذي (2009 ح3475) و قال: حسن غريب ، و ابن ماجه (2706 ح3857) وابن حبان (3/173 ح891) و الحاكم في المستدرك (1/683 ح1858) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال ابن حجر: هذا الحديث هو الأرجح إسنادًا الفتح (11/ 269). ونقل المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 317) عن الحافظ المقدسي قوله: إسناده لا مطعن فيه، ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادًا منه . (4) رواه الترمذي (2009 ح3478) و قال: هذا حديث حسن صحيح . ورواه أبو داود (1334 ح1496) وابن ماجه (2706 ح3855) . وفي الإسناد: شهر بن حوشب اختلف في توثيقه، وفيه عبيدالله بن أبي زياد القَدَّاح، ليس بالقوي. قال أبو داود: أحاديثه مناكير، وقال ابن عدي: لم أر له شيئًا منكرًا وثّقة جماعة منهم العجلي وابن شاهين وغيرهما . معرفة الثقات (2/110)، تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص164)، الضعفاء للنسائي (ص66)، الكامل (4/327)، الكاشف (1/680)، التقريب (ص371) . (5) والمعتزلة لقولهم (القرآن مخلوق) وتفاضل بعض المخلوقات على بعض أمر لا ينكر . ينظر: أسماء الله الحسنى (ص85) . (6) مجموع الفتاوى (17/52، 53). (7) تفسيره (1/481). (8) إكمال المعلم (3/178)، المفهم (3/1376)، المنهاج (6/334)، فتح الباري (11/268)، فيض القدير (1/510)، عون المعبود (4/254)، تحفة الأحوذي (9/314، 315)، شرح سنن ابن ماجه (ص274). (9) مجموع الفتاوى (17/ 211) . (10) مجموع الفتاوى (17/ 212) . (11) بلغت عند ابن حجر أربعة عشر قولاً كما في الفتح (11/269)، وعند السيوطي عشرين قولاً، في الدر المنظم في الاسم الأعظم [ضمن كتاب الحاوي للفتاوى (1/394) ]، وتحفة الأحوذي (9/315)، وعند الشوكاني نحو أربعين قولاً في تحفة الذاكرين (ص52)، ينظر فيض القدير (1/510)، وقال بعض أهل العلم: أخفى الله سبحانه الاسم الأعظم في الأسماء الحسنى كما أخفيت ليلة القدر في العشر والحكمة في ذلك بعث العباد على الاجتهاد في طلبها واستيعاب الوقت في العبادة . تفسير القرطبي (20/137)، تنوير الحوالك (1/100)، تحفة الأحوذي (9/314)، شرح الزرقاني (1/324) (12) رواه الحاكم في المستدرك (1/684 ح1861) عن أبي أمَامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن في سورة البقرة، وآل عمران وطه». قال القاسم: فالتمستها أنه الحيُّ القيوُّم. وسكت عنه الذهبي في التلخيص. ورواه الطبراني في الأوسط (8/192 ح8371)، وفي إسناد الحاكم: هشام بن عمَّار؛ قال أبو حاتم: صدوق لما كبر تغيّر وكلّما لقِّن تلقَّن. الجرح والتعديل (9/66). ينظر التقريب (ص573). وقد توبع (13) رواه الدارمي موقوفًا في سننه (2/543 ح3393) عن عبدالله قال: قرأ رجل عند عبدالله البقرة وآل عمران. فقال: قرأت سورتين فيهما اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى . وفيه جابر الجعفي قال أحمد: كنت لا أكتب حديثه ثم كتبت أعتبر به وقال في رواية الميموني: كان يحيى وعبدالرحمن لا يحدثان عن جابر الجعفي بشيء. كتاب بحر الدم (ص92) . (14) رواه الترمذي (2014 ح3524) بسنده عن أنس بن مالك قال: « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث » وقال: حديث غريب. و فيه : شجاع بن الوليد بن قيس السّكوني قال أبو زرعة: لا بأس به، وقال الذهبي: وثقوه وحديثه في الأصول الستة، وقال ابن حجر: صدوق وَرِعٌ له أوهام، وليّنه أبو حاتم، وقال: شيخ ليس بالمتين، لا يحتج به. الجرح والتعديل (4/378)، الرواة الثقات (ص109)، التقريب (ص264). والرُّحَيل بن معاوية: ذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتهما، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال الذهبي: وثّق. الثقات (6/309)، تاريخ أسماء الثقات (ص87)، الكاشف (1/395) . الرقاشي هو:بيان بن جندب أبو سعيد البصري ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ. قال البخاري: سمع أنسًا . التاريخ الكبير (2/133)، الثقات (4/79)، لسان الميزان (2/69)، فالإسناد جيد . وروى الحاكم في المستدرك (1/689 ح1875)، بسنده عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ بِهِ هَمٌّ أَوْ غَمٌّ قَالَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّوم بِرَحْمتكِ أَسْتَغِيثُ ». قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: عبدالرحمن لم يسمع من أبيه، وعبدالرحمن ومن بعده ليسوا بحجة .وهذا وهم منه – رحمه الله - ؛ فإن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود سمع أباه عبدالله، قاله البخاري في تاريخه (5/299)، وقال ابن حجر: ثقة، التقريب (ص344)، والقاسم ابن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود الهذلي: ثقة، قاله ابن معين والعجلي وابن حجر. معرفة الثقات (2/211)، الجرح والتعديل (7/112)، التقريب (ص450) . وآفة الإسناد من قبل: عبدالرحمن بن إسحاق بن الحارث الواسطي؛ قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: ليس بشيء منكر الحديث، وقال النسائي وابن حبان وأبو حاتم وابن حجر: ضعيف الحديث. تهذيب الكمـال (16/515)، التقريب (ص336). (15) ينظر: زاد المعاد (4/204)، بدائع الفوائد (2/410)، الجامع الصغير للسيوطي (ص195- 196)، فيض القدير (1/510، 511)، (5/159) . (16) سورة البقرة: 255. (17) رواه مسلم (805 ح810) . (18) مدارج السالكين (1/448) . (19) سورة الأعراف، الآية: 180 . (20) مجموع الفتاوى (1/344)، وينظر: مدارج السالكين (1/24)، جلاء الأفهام (ص152)، الصواعق المرسلة (3/913)، شفاء العليل (ص277) . (21) الجوانب الكافي (ص5) . |
تحياتي لك اختي جارة المصطفى قمة الروعة طرحك
ربي يبارك فيك |
الحلقة ( 10 ) حديث (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا يَتَعَوَّذُ مِنْ الْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ...) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (10) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا يَتَعَوَّذُ مِنْ الْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا أَكْثَرَ مَا تَتَعَوَّذُ مِنْ الْمَغْرَمِ . قَالَ: « إِنَّهُ مَنْ غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ » . (1) غريبُ الحديثِ : المَغْرَم : هو الدَّين ، أو أُريد به مَغْرَم الذنوب والمعاصي(2)، والأول أرجح؛ لأن المعنى الثاني يلتقي مع المأثم . المَأْثَم : مصدر من البطء والتَّأخر، يقال ناقة آثمة أي متأخرة .والإثم مشتق من ذلك؛ لأن ذا الإثم بطيءٌ عن الخيرِ متأخِّرٌ عنه (3). فالمعنى: ما يجر إلى الذَّمِّ والعقوبة من المعاصي ، أو هو الإثم نفسه (4) . من فوائد الحديث: 1/ كثرة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستعاذته من المأثم والمغرم وهو الإساءة و التفريط في حق الله ، و حق العباد وقد عوفي منهما لأنه المعصوم المغفور له. و قد كان يفعل ذلك ليلزم نفسه خوفَ اللهِ وإعظامَهُ، والافتقارَ إليه، وامتثالَ أمره في الرغبة إليه، التواضع والإخبات له، وكان تعوّذه تعليمًا لأمَّته لتقتدي به، وليسنَّ لهم سنَّته في الدعاء والضَّراعة وهي حقيقة العبودية، وكثرة إلحاحه صلى الله عليه وسلم في المسألة مع تحقق الإجابة له لتحريض أمَّته على ملازمة الدعاء، وأنهم أحرى به على الدوام (5) . 2/ تفطُّن الصديقة عائشة – رضي الله عنها - إلى الدعوات التي يبتهل بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وتعجبها من المداومة على التعوذ بالله سبحانه من المغرم، لما تبادر إلى ظنها أن الدَّيْن يحرص عليه من يحب التوسُّع في الدنيا ولا يرضى بضيق الحال! وليس حال النبي كذلك . فكان سؤالها (مستفسرًا بدهشة) ما أكثر ما تتعوذ من المغرم ؟! فيأتي الجواب .. لأجل ما يفضي إليه الدَّين من الخلل في الديِّن (6). 3/ قال الطبري – رحمه الله - : المغرم (الدَّيْن) الذي استعاذ منه عليه الصلاة والسلام على أوجه ثلاثة: 1 إما فيما يكرهه الله سبحانه ثم لا يجد سبيلاً إلى قضائه . 2. أو مستدين فيما لا يكرهه الله سبحانه ولكن لا وجه لقضائه عنده، لعجزه عنه، فهو متعرض لهلاك مال أخيه ومتلفٌ له . 3. أو مستدين، له إلى القضاء سبيل، غير أنه نوى ترك القضاء وعزم على جحده ودأب على ذلك. فهو عاصٍ لربه، ظالم لنفسه، آكل مال أخيه بالباطل، وكل هؤلاء لوعدهم يخلفون وفي حديثهم يكذبون. وقد صحت الأخبار عنه عليه السلام أنه استدان في بعض الأحوال، وثبت عن السلف استدانتهم مع كراهتهم له، للحاجة إليه مع نيَّة الوفاء والقدرة عليه . وفي هذا الدليل الواضح على اختلاف الحكم بحسب اختلاف حال المدين والدين (7). 4/ الترغيب في السلامة من المَغْرم والاستعاذة منه، وبيان قبحه والمقصود به الدَّين المذموم صاحبه للأسباب السابقة . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعذ بالله من غلبة الدين كثيرًا (8) وقد نبَّه في الحديث على الضرر اللاحق بصاحبه وهو : التشبه بصفات المنافق الذي: «إذا حدَّث كذب وإذا وعد أخلف ». فإن الغريم ربما يكذب في وصفه حاله من العجز والفقر والحاجة تمهيدًا لإعذاره في التقصير والصبر عليه ويعد في وقت معلوم في المستقبل بوفاء الدين فيخلف موعده لمطل الدائن، ولأنه قد يشغل به قلبه، ويذلُّ نفسه، وربما مات قبل وفائه فبقيت ذمَّته مرتهنة به (9).فيسئ لصاحبه في الدنيا والآخرة . 5 / قال المهلب –رحمه الله تعالى - : فيه وجوب قطع الذرائع، لأنه عليه الصلاة والسلام إنما استعاذ من الدين؛ لأنه ذريعة إلى الكذب، والخلف في الوعد مع ما يقع المدين تحته من المذلة، وما لصاحب الدين عليه من المقال (10). (1) متفق عليه ، رواه البخاري (66 ح832) بلفظ: « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: اللّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْر، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيْح الدَّجال، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المحيَا وَفِتْنَةِ المماتِ، اللّهمّ إنّي أَعوُذ بِكِ مِنَ المأثمِ والمغْرمِ » . فقال له قائلٌ : مَا أكثَر ما تَسْتعَيْذُ من المغْرَم ؟فقال: « إنَّ الرَّجُل إذا غَرِمَ حدَّثَ فكذَبَ، وَوَعَدَ فَأخْلَفَ » .و مسلم (769 ح589) بمثله و اللفظ الوارد رواه النسائي (2437 ح5456). (2) لسان العرب (12/ 436)، مختار الصحاح (ص198)، النهاية (3/363) . (3) معجم مقاييس اللغة (ص45) . (4) المفهم (2/1034)، المنهـاج (17/ 33)، الفتح (11/406)، شرح الكرماني (5/185)، إرشاد الساري (2/492) . (5) ينظر: المنهاج (17/32) و(5/91)، الفتح (2/406)، عمدة القاري (6/ 117)، إرشاد الساري (2/492)، عون المعبود (3/95)، فيض القدير (2/ 127) . (6) ينظر: حاشية السندي (8/ 259) . (7) ينظر بتصرف يسير شرح ابن بطال (6/ 521) . (8) رواه النسائي (2439 ح5489) بسنده عن عبدالله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: « اللَّهُمَّ إني أَعُوذ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وشَمَاتَةِ الأَعْداءِ ». و ابن حبان في صحيحه (3/303 ح1027)، وفي أوله زيادة: «أَنَّه كَانَ يَدْعُو اللهم اغْفرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وظُلْمَنَا وهَزْلَنَا وجِدَّنا وعَمْدَنَا وكُلُّ ذلك عِنْدَنَا، اللّهم إنِّي أَعُوذُ بِكَ من غَلَبَةِ الدَّيْنِ وغَلَبَةِ العِبَادِ وشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ » . والحاكم في مستدركه (1/713 ح1945)، و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . (9) ينظر: إكمال المعلم (2/543)، الفتح (2/405)، شرح السيوطي (3/57)، حاشية السندي (8/259)، عون المعبود (3/95) . قال الصنعاني في سبل السلام (4/221) : فمن استدان دينًا [من غير حاجة] يعلم أنه لا يقدر على قضائه فقد فعل محرمًّا. وينظر: نيل الأوطار (2/330) . (10) شرح ابن بطال (6/520)، وينظر عمدة القاري (12/ 224) . |
الحلقة ( 11 ) حديث (تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (11) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ -عَلَيْهَا السَّلاَم- أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ: « أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ » . ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاثُونَ فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ قَالَ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ. (1) السَّائِلة : هي فَاطِمةُ بنتُ سيد المرسلينَ صلى الله عليه وسلم محمدُ بن عبداللهِ بن عبدالمطلبِ الهاشمية .روت عن أبيها صلى الله عليه وسلم وروى عنها ابناها الحسن والحسين وأبوهما علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم -، كما روت عن عائشة، وأم سلمة، وغيرهما . اختلف العلماء في بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم أيَّتُهن أصغر ، والراجح أن أصغرهن فاطمة ثم أم كلثوم، ثم رقية، ثم زينب، وكانت فاطمة أحبّهن إلى أبيها، واختلفوا في سنة مولدها، فقيل: ولدت والنبيُّ صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة، وقيل كان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنةٍ أو أكثر، وهي أسنُّ من عائشة – رضي الله عنها - بنحو خمس سنين، وتزوجها عليٌّ –رضي الله عنه- في أوائل المحرم سنة 2 هـ بعد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة بأربعة أشهر، وأمهرها درعه الحُطَمِيّة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، وانقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منها. وفاطمة – رضي الله عنها - سيدة نساء العالمين (2)، وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداةً وعليه مرط مرحّل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال:( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (3)(4). أصح ما قيل في وفاتها، أنها ماتت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، لثلاث خلون من رمضان سنة (11هـ) . وغسّلها بعد الموت أسماء بنت عميس وزوجها علي – رضي الله عنهم - وهي أول من غُطِّي نعشها في الإسلام، وصلى عليها علي بن أبي طالب، وقيل العباس ودفنت ليلاً كما أوصت (5) – رحمها الله ورضي عنها - . غريب الحديث : صِفِيّن : (بكسر أوله وثانيه وتشديده)، موضع معروف بالشام بقرب الرِّقَّة على شَاطئِ الفُرَات من الجانب الغربي، كانت به الوقعة المشهودة بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان سنة 37هـ في غرة صفر (6). (1) رواه البخاريُّ – واللفظ له –(463 ح5362) و(302 ح3705) بلفظ: «أَنّ فَاطِمةَ عَليها السَّلامُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحى، فأَتِيَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بسبيٍ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْها، فَلمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِئ فَاطِمَةَ، فَجاءَ النبَّيُّ صلى الله عليه وسلم إِلينَا وَقَدْ أخَذنَا مَضَاجِعنَا فذهبتُ لأقُومَ، فَقالَ عَلى مَكانِكما، فَقَعَدَ بَينَنَا، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلى صَدْرِي، وَقَالَ: « أَلا أَعَلِّمُكُما خَيرًا ممّا سَألتُماني؟ إذا أَخَذتما مَضَاجِعَكُما تُكَبِّرانِ ثَلاَثًا وثَلاثِينَ، وَتُسَبِّحانِ ثلاثًا وثلاثيْنَ، وَتَحمدانِ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، فَهُو خَيْرٌ لكمُا مِنْ خَادمٍ » و مسلم (1151 ح2727). (2) متفق عليه، رواه البخاري (295 ح3623، 3642) عن عائشة – رضي الله عنها - قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « مَرْحَبًا بابنتي »، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسرَّ إليها حديثًا فبكت، فقلت لها : لم تبكين؟ ثم أسر لها حديثًا فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزنٍ، فسألتها عمّا قال: قالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها، فقالت: أسرَّ إليَّ « أن جبريل كان يعارضني القرآن كلَّ سنةٍ مرة، وأنهُ عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقًا بي » فبكيت فقال: « أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، أو نساء المؤمنين » فضحكت لذلك ، ورواه مسلم (1108 ح2450). (3) رواه مسلم (1104 ح2424) وله شاهد من حديث أم سلمة وغيرها . (4) سورة الأحزاب، الآية: 33 . (5) ينظر: الاستيعاب (4/1893)، أسد الغابة (6/220)، الإصابة (8/53) . (6) معجم ما استعجم (3/837)، معجم البلدان (3/414) . |
الحلقة ( 12 ) حديث (سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (12) عَنْ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ الضَّمْرِيِّ أَنَّ أُمَّ الْحَكَمِ - أَوْ ضُبَاعَةَ ابْنَتَيْ الزُّبَيْرِ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - حَدَّثَتْهُ عَنْ إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنْ السَّبْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ لَكِنْ سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُنَّ مِنْ ذَلِكَ تُكَبِّرْنَ اللَّهَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً وَثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » قَالَ عَيَّاشٌ : وَهُمَا ابْنَتَا عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . (1) السائلات هن : 1. أم الحكم : بنت الزبير بن عبدالمطلب الهاشمية القرشية، ، واسمها صفية، وقيل عاتكة، والأول أرجح، وهي ابنة عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقال إنها أخته من الرضاعة، وروت عنه صلى الله عليه وسلم، وهي أخت ضباعة بنت الزبير، ، وكانت زوج ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، وولدت له عبد شمس، وعبدالمطلب، وأروى الكبرى، ومحمد وعبدالله، والعباس والحارث وأميَّة . أسلمت وهاجرت، وأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر ثلاثين وسقًا . (2) 2. ضُبَاعَةُ بنتُ الزُّبَيْر (إحدى السائلات) : بن عبدالمطلب بن هاشم، الهاشمية، بنت عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأمها هي عاتكة بنت أبي وهب من بني مخزوم .تزوجها المقداد البهداني ، يعرف بالمقداد بن الأسود لتبنيه له. ولدت له عبدالله وكريمة، وقتل ابنها يوم الجمل مع عائشة –رضي الله عنها-، قيل لم يكن للزبير عقب إلا من ضباعة وأختها أم الحكم . من المهاجرات، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنها ابن عباس، وجابر، وأنس، وعائشة، وعروة والأعرج – رضي الله عنهم - . (3) 3. فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سبق ترجمتها . غريب الحديث : سَبْيـًا : السين والباء والياء، أصل واحد يدل على أخذ شيء من بلد إلى بلد آخر كرهْـًا. من ذلك السَّبْيُ، يقال سبى الجارية والمأخوذة سَبِيَّة (4). من فوائد الحديث : 1/ مشروعيَّةُ استخدام الرقيق عند الحاجة إليه في مهنة البيت ورعاية الدوابِّ ونحوها، فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة ، ولا بنات عمه طلبَهُن الخادم. 2/ اختلف أهل العلم في حكم خدمةِ المرأة زوجَها (5): * ذهب مالك والشافعي وأحمد والكوفيون والليث وغيرهم إلى عدم وجوب الخدمة في بيت زوجها. * وذهبت طائفة من علماء السلف والخلف منهم أبو ثور وبعض المالكية، وأهل الظاهر وغيرهم إلى وجوب الخدمة في بيت الزوج . قال الطبري – رحمه الله -: في حديث فاطمة الإبانة عن أن كل من كانت به طاقة من النساء على خدمة نفسها في خبز أو طحين وغيره مما تعانيه المرأة في بيتها، موضوع عن زوجها ، إذا كان معروفًا أن مثلها تلي ذلك بنفسها وزوجها غير ملزم بكفايتها ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر زوجها عليًا أن يقوم بعملها بدلاً عنها، ولا ألزمه إخدامها أو استئجار من يخدمها، بل روي عنه أنه قال: «يَا بُنَيّةَ اَصْبِرِي، فَإِنَّ خَيْرَ النِساءِ الّتِي نَفَعَتْ أَهْلَهَا » (6) . - ولو كانت الخدمة من واجبات الزوج لبينه صلى الله عليه وسلم عندما سألته فاطمة – رضي الله عنها - وهو عليه السلام لا يحابي في حكم الله أحدًا . – وخدمة المرأة لزوجها هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه، قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ) (7) - والعقود المطلقة إنما تنزّل على العُرف، والعُرفُ خدمة المرأة وقيامها بمصالح بيتها، وإن قيل إن خدمة فاطمة وغيرها من الصحابيات –رضوان الله عليهن- إنما كانت تبرعًا وإحسانًا يردُّه موقف النبي صلى الله عليه وسلم مع فاطمة حينما أصابها الضرر من كثرة الأعباء المنزلية فلم يقل لها: لا خدمة عليكِ وإنما الخدمة على زوجك، ولما رأى أسماء بنت أبي بكر تنقل النوى على رأسها، مسيرة ثلثي فرسخ، وترعى دوابّ الزبير (8).لم يقل للزبير – رضي الله عنه - لا خدمة عليها، بل أقرّها على عملها وأقر سائر أصحابه على خدمة أزواجهن لهم مع علمه أن منهن الكارهة والراضية بلا ريب – وأيضًا فإن المهر في مقابل البُضع، وكلٌّ من الزوجين يقضي وطره من صاحبه، وقد أوجب الحكيم سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جرت به عادة الأزواج . – وقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة عانيةً فقال: « ألا واسْتَوصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّما هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ »(9). والعاني: الأسير، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده، وطاعته، والقيام بمصالحه، ولا ريب أن النكاح نوع من الرِّق، كما قال بعض السلف: النكاح رقٌ، فلينظر أحدكم عند من يُرِق كريمته (10) . – واستدلوا كذلك بما رواه ابن حبان ، (12/ 359 ح5550) بسنده عن ابن قيس بن طغفة الغفاري عن أبيه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفّة بعد المغرب فقال: « يا فلان انطلق مع فلان ويا فلان انطلق مع فلان » حتى بعث خمسة أنا خامسهم فقال: «قُومُوا مَعِي » ففعلنا، فدخلنا على عائشة وذلك قبل أن ينزل الحجاب، فقال: «يا عَائِشَة أَطْعِمينَا، فقربت جَشِيشَة.. ثم قال: يا عائشة أَطْعِمينا، فقربت حَيْسًا ثم قال: يا عائشة أَسْقِينا » الحديث. قال المقدسي في المختارة (8/ 134) إسناده صحيح . – ومما يستدل به حديث كعب بن مالك الطويل وفيه: « فجاءتْ امرأةُ هلالِ بن أمية رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنَّ هلالَ بن أميّةَ شيخٌ ضائعٌ ليسَ لهُ خادمٌ فهل تكره أن أخدمه؟ قال: لا »(11). هذا – والله اعلم - هو الراجح الأقوى عدَالةً وإنصافـًا وقد نصره ابن القيمّ وشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -. وقال في الفتاوى: تجب الخدمة بالمعروف من مثلها لمثله، وهو يختلف بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وهكذا (12). 3/ قال ابن بطال – رحمه الله-: في هذه الأحاديث حجة لمن فَضَّل الفقر على الغنى؛ لأنه صلى الله عليه وسلم منعهم الخادم، واقتصر على الذكر خاصَّة، وبيَّن أنه الأفضل عند الله سبحانه وتعالى . وقال القرطبي – رحمه الله - : أحالهم على الذكر ليكون عوضًا عن الدعاء عند الحاجة أو لكونه أحبَّ لابنته وبنات عمه ما أحب لنفسه من الكفاف وتحمّل شدَّته بالصبر عليه، تعظيمًا لأجرهن. والظاهر من الحديث أنه أراد أن يعلمهن أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا وأن الأولى من المطلوب هو التزّود للمعاد والصبر على مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور، وفي هذا الذكر خير ونفع وأجر أفضل وأبقى(13). 4/ القدوة العمليَّة في عدالة النبي صلى الله عليه وسلم عند إيثار أهل الصفَّة وفقراء المسلمين بالمال على ابنته المحتاجة وذوي قرابته، لأن أهل الصفّة وقفوا أنفسهم لسماع العلم وضبط السنة على شبع بطونهم، لا يرغبون في كسب مال ولا عيال، ولكنهم اشتروا أنفسهم من الله بالقوت، و سبقوا بالمجيء والسؤال، وقد رضيت فاطمة و بنات عمِّه بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يراجعنه أو يتذمرن منه (14) . 5/ فيه ما كان عليه السلف أول الإسلام من شظف العيش وقلّة ذات اليد وشدة الحال، وحماية الله لهم من الدنيا صيانة لهم من تبعاتها، وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء (15). 6 / الراجح اتفاق الرواة على أن الأربع والثلاثين للتكبير (16) . 7/ اختلفت الروايات بأي نوع من الذكر يبدأ والأولى البدء بالتسبيح، لأنه يتضمن نفي النقائص عن الله سبحانه وتعالى ثم التحميد لأنه يتضمن إثبات الكمال لله تعالى؛ لأن جميع المحامد له، ثم التكبير لأنه تعظيم ومن كان منزّها عن النقائص ومستحقًا لجميع المحامد وجب تعظيمه وذلك بالتكبير، ثم يختم ذلك كله بالتهليل الدال على وحدانيته وانفراده سبحانه وتعالى(17). 8/ اختلاف أوقات هذا الذكر في القصتين، عند الاضطجاع في الأولى، وعلى إثر كل صلاة في الثانية، لبيان فضيلة تكراره في اليوم والليلة، فعند الاضطجاع يكون صفاء الذهن من المشاغل، وبعد الصلوات لأنها أوقات فاضلة، وقد علَّم ابنته في كل مرةٍ أحد الذكرين، تيسيرًا لها وتشويقًا لإتيانه (18). 9/ تعدُّد أذكار النوم الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الأحوال والأوقات، وفي كلٍّ فضل، ويمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول جميع ذلك، وأشار لأمته بالاكتفاء ببعضها، وإعلامًا منه أن معناه الحض والندب لا الوجوب (19) . 10/ المستحب في الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم الإتيان بها متتابعة في مجلس واحد بالعدد المذكور في الوقت الذي عينّ فيه، لنيل الثواب المخصوص لها (20). 11/ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : من حافظ على هذه الكلمات وداوم عليها وجد قوّةً ونشاطًا تغنيه عن خادم، ولم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل وغيره. وقال ابن حجر – رحمه الله - : يحتمل أن لا يتضرر من واظب عليه بكثرة العمل ولا يشق عليه ولو حصل له تعب (21) . 12/ من صفة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أن لا يرده إلا بها، فإن لم يجد فبميسورٍ من القول وذلك غاية الجود ومنتهى الإحسان والكرم فلا يرجع سائله إلا مطمئن البال، هادئ النفس قرير العين مرضيًا . امتثالاً لقوله تعالى (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ )(22) . وقال) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) (23). 13/ ظهور الحيَاء وجميل الخلق الذي نشأت عليه ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي منقبة ظاهرة لها، وسمو مكانتها عند أبيها عليه الصلاة السلام، وإظهاره غاية التعطف والشفقة عليها بالمجيء إليها والسؤال عنها وعلى زوجها والمبالغة في ذلك بإدخال قدمه في لحافهما تطيبـًا لخاطرهما . (1) رواه أبو داود (1447 ح2987)، (1593 ح5066). هذا الإسناد حسنٌ، وباعتبار الشَّاهد المتقدم يكون صحيحًا لغيره . (2) الاستيعاب (4/1933)، أسد الغابة (6/322)، المقتنى في سرد الكنى (2/169)، الإصابة (8/191) . (3) الاستيعاب (4/1874)، أسد الغابة (6/178)، الإصابة (8/3) . (4) معجم مقاييس اللغة (ص482) . (5) ينظر لهذه المسألة : المدونة (4/268)، الأم (5/87)ن شرح ابن بطال (7/539 – 541)، بداية المجتهد (2/91)، إكمال المعلم (8/221)، المغني (10/225)، مجموع الفتاوى (21/ 20 - 21)، زاد المعاد (5/186- 189)، فتح الباري (9/ 632- 633)، عمدة القاري (21/20- 21) . (6) رواه الطبراني في جزء الدعاء (ص90) قال: أهدي لرسول الله رقيق أهداهم له بعض ملوك العجم . وفيه أن فاطمة أخرجت لرسول الله يديها، فقالت: « قد مجلت من الرحى، بت ليلتي جميعًا أدير الرحى حتى أصبحت وأبو الحسن يحمل حسنًا وحسينًا، فقال لها عند ذلك، اصبري يا فاطمة بنت محمد فإن خير النساء التي نفعت أهلها ... » . وذكره ابن حجر في الفتح وعزاه إلى الطبري في تهذيبه عن علي به. الفتح (11/146). (7) سورة البقرة، الآية: 228 . (8) كما جاء في الحديث المتفق عليه، الذي رواه البخاري (451 ح5224). عن أسْماءَ بِنتِ أبي بكرٍ – رضي الله عنهما- قَالتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ ومَالَهُ في الأرضِ منْ مَالٍ وَلاَ مملوك ولا شَيءٍ غَيرَ نَاضِحٍ وغيرَ فَرَسِهِ، فكنتُ أعْلِفُ فَرسَهُ وأَسْتَِقي الماءَ وأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وأَعجِنُ ولم أكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، فَكانَ يخبِرُ جَارَاتٌ لي مِنَ الأنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وكُنتُ أنُقُل النَّوَى من أَرضِ الزُّبَيرِ الّتي أَقْطَعَهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلى رَأْسِي وَهيَ مِنِّي عَلى ثُلُثَي فَرْسَخٍ... ثم قَالتْ: حتّى أَرْسَلَ إليَّ أبو بكرٍ بَعدْ ذلكَ بِخادم تَكِفْيِني سِياسَةَ الفَرسِ فَكأَنَّما أَعْتَقَنِي .و رواه مسلم (1066 ح2182) . (9) رواه الترمذي (1766 ح1163) بسنده عن عمرو بن الأحوص " أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ، فذكر في الحديث قصَّة فقال: ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوانٌ عندكم ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مُبيِّنةٍ، فإن فعلن فاهجروهنَّ في المضاجع ». الحديث. وقال: حسن صحيح، ومعنى قوله عوان عندكم؛ أسرى في أيديكم. ورواه النسائي في الكبرى، (5/372 ح9169) ورواه ابن ماجه (2588 ح1851) و قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/269) رجاله رجال الصحيح . (10) رواه سعيد بن منصور في السنن (1/191) بسنده عن عروة بن الزبير قال: قالت لنا أسماء بنت أبي بكر: « يا بني إن هذا النكاح رقُّ فلينظر أحدكم عند من يُرِقُّ كَرِيمتَه » وذكره البيهقي في سننه (7/82) وقال: روي ذلك مرفوعًا والموقوف أصح - والله أعلم -. (11) الحديث متفق عليه، رواه البخاري – واللفظ له - (362 ح4418) ورواه مسلم (1158 ح2769) . (12) كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحدٍ، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلاً أمر امرأةً أن تنقل من جبل أقمر إلى جبل أسودَ، ومن جبلٍ أسود إلى جبلٍ أحمر، لكان نَوْلَها أن تفعل» رواه ابن ماجه (2588 ح1852) قال المنذري في الترغيب والترهيب (3/37): فيه علي بن زيد بن جدعان. وبقية رواته محتجٌ بهم في الصحيح . قال الذهبي: أحد الحفاظ وليس بالثبت الكاشف (2/40) . (13) ينظر: شرح ابن بطال (10/88)، إكمال المعلم (8/220)، فتح الباري (11/149، 150)، عمدة القاري (22/288)، تحفة الأحوذي (9/250). (14) ينظر: فتح الباري (11/149) . (15) إكمال المعلم (8/221)، فتح الباري (11/149) . (16) فتح الباري (11/149)، عمدة القاري (22/289) . (17) عمدة القاري (6/120) . (18) ينظر: فتح الباري (11/146)، عمدة القاري (6/122) . (19) شرح ابن بطال (10/88)، فتح الباري (11/149) . (20) عمدة القاري (6/ 131) . (21) الوابل الصيب (ص132، 133)، وفتح الباري (11/150) . (22) سورة الضحى، الآية: 10 . (23) سورة البقرة، الآية: 263 . |
الحلقة ( 13 ) حديث (أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (13) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَقَالَ لَهَا: «قُولِي اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأْوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ ». (1) غريب الحديث : العَرْش : هو سرير المَلِك (2) . والمعنى الآخر: البيت ينصب من العيدان ويظلَّل وجمعها: عروش (3). والأصل فيه الرَّفع والعلو، يقال: عرشتُ النَّار إذا رفعتَ وقودها (4) . وعرش الرحمن جسم معلوم خلقه الله سبحانه وهو من أعظم مخلوقاته، وأعلاها موضعًا فوق سماواته (5)،أمر ملائكته بحمله ، وتعبَّدهم بتعظيمه والطواف به، وهو سبحانه مستو فوق عرشه (بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل) ولا يخفى عليه شيء من أمر خلقه (6) . فَالِقَ : الفاء واللام والقاف أصل صحيح يدل على فُرْجَةٍ، وبَيْنُونَةٍ في الشيء ، والفَلَقُ : الصُّبْحُ، لأنّ الظَّلامَ ينشق ويخرج منه (7)، وفَلْقُ الحبِّ والنوى ؛ شقُّ حبة الطعام ونوى التمر لإنباته (8) . نَاصِيَتِه : الناصية عند العرب : مَنْبَتُ الشَّعر في مقدَّم الرأس، وجمعها نواصي (9) . من فوائد الحديث : 1/ افتتاح الدعاء بتمجيد الربِّ سبحانه وتعظيم آياته الباهرة التي منها خلق السماوات السبع والأرضين والعرش العظيم، وإيجاد الخلق أجمعين وتدبير شؤونهم وتصريف أحوالهم والامتنان عليهم بالحياة والرزق والهداية . ومن النعِّم المذكورة فلق الحبِّ والنَّوى لتخرج منها الزروع والنخيل والثمرات على اختلاف أصنافها وأشكالها وطعومها، رزقًا لهم .. وهذا الإنعام بخلق النَّبات الحيّ والثِّمار اليانعة من النوى والحبوب اليابسة تبيه لطيف إلى غاية الوجود والحكمة من الخلق .. وهي الخروج من ظلمات الضلال البائسة إلى أنوار الهداية والسعادة والإيمان .. وعبادة الواحد الديَّان.. وطاعته والخضوع له.. ولا سبيل إلى العبادة الحقَّة إلا ببعث الرسل وإنزال الكتب ومنها: التوراة، والإنجيل، والفرقان، والقرآن الكريم . 2/ الحث على الضَّراعةِ إلى الله والاستعاذةِ به وحده سبحانه لحفظ الخير ودفع الشر من كل دابَّة هو آخذ بناصيتها . وهذه استعاذة من كل مكروه إجمالاً تعمُّ كل شرِّ يستعاذ منه.. من الشياطين والأشرار والدوابِّ والهوام ونحوها التي لا تخرج عن سلطان الواحد القهّار ومشيئته، ولا تخفى على الخبير العلام سبحانه . 3/ يستحب للعبد الداعي قبل الشروع في طلب حاجته الثَّناء على الله سبحانه وتمجيده وتعظيمه وتنزيهه عن كل نقص ، وإسباغ المحامد والكمالات له، في أسمائه الحسنى وصفاته العلى، « فهو الأول المختص سبحانه بالأوَّلية فلا شيء قبله، وهو الآخر الباقي، فلا انتهاء له ولا انقضاء لوجوده وصفاته بعد موت الخلائق وذهاب صفاتهم وحواسهم وتَفَرُّق أجسامهم. وهو الظاهر، فلا شيء أظهر منه في صفاته ودلالة الآيات الباهرة القطعيَّة على ربوبيته ومنها ما تقدَّم من خلق السموات والأرضين . وقيل الظَّاهر من أسماء الله سبحانه من الظهور بمعنى : القهر والغلبة وكمال القدرة . وهو الباطن، المحتجب عن خلقه بذاته، وقيل العالم بالخفيَّات »(10) . ولا شك أن هذا الدعاء الذي تقدمه ثناء وذكر وتمجيد لله تبارك وتعالى أنجع ما طلب به العبد حوائجه وهو أفضل وأقرب من الدعاء المجرد، ولاسيما إذا كان بمثل هذه الجمل الجامعة المتضمنة للتوحيد (11) . 4/ قال تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )(12). وتفسيرها ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث. قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى - : الفرقة النَّاجية أهل السُّنَّة والجماعة يؤمنون بما أخبر به الله في كتابه العزيز من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم الوسط في فِرَقِ الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة (13) . 5/ قال النووي – رحمه الله -: معنى قوله: « اقْضِ عَنَّا الدَّينَ »؛ يحتمل أن المراد بالدَّين حقوق الله تعالى، وحقوق العباد كلِّها من جميع الأنواع (14) . وسؤال الله نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا بها، لدفع العجز والفقر والحاجة إلى سؤال الناس. 6/ قال القاضي عياض – رحمه الله -: حكمة الدعاء عند النوم أن يكون ذكر الله آخر كلام العبد، وتجديد الإيمان والاعتراف بأن الأمور كلها بيد الله سبحانه (15) . 7/ من فوائد هذا الدعاء المبارك : 1 – عظم الأدب وكمال التقديس لله سبحانه، والاعتراف بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه . 2 – المبالغة في التضرُّع والخشوع لله سبحانه ومناجاته وهو روح الدعاء ولبّه ومقصوده فإن الخاشع الذليل الضارع يسأل مسألة مسكين ذليل منكسر القلب، مفتقرٍ إلى مولاه سبحانه الذي بيده مفاتيح الخير ونواصي كل شيء. 3 – إرجاء هذه الدعوات إلى الليل قبيل النوم فيه إخفاءٌ لها وتحرٍ لسكون النفس وفراغها من المشاغل والصوارف فتكون أكثر إقبالاً على الله سبحانه وتلذذًا بمناجاته وأنسًا بقربه، وصدقًا في مسألته . 4 – سؤال الله عز وجل بهذه الدعوات، والابتهال إليه لقضاء الحاجات أمر محمود مأمور به، حسن العاقبة، عظيم الأثر والفائدة، في حصول المطلوب والاحتراز من الشرور والكروب. (1) رواه مسلم (1149 ح2713) و الترمذي (2010 ح 3481) و ابن ماجه صلى الله عليه وسلم (2705 ح3831) بلفظ: «أَتَتْ فاطمةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا ». فقال لها: «ما عندي ما أُعْطِيْكِ » فَرَجَعَتْ. فَأَتَاهَا بَعْدَ ذلكِ فقال: « الذي سَأَلْتِ أَحَبُّ إليكِ، أو ما هُوَ خيرٌ منه؟ » فَقَالَ لها عليٌّ: قولي: لا. بل ما هُوَ خيرٌ مِنْهُ. فقالت، فقال: « قُوِلي: اللَّهمَّ رَبَّ السَّماواتِ ». الحديث بمثله، وليس فيه: « فَالقَ الحبِّ والنَّوى، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كلِّ شَيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيتِهِ ». (2) معجم مقاييس اللغة (ص725)، مختار الصحاح (ص178)، لسان العرب (6/313)، المنهاج (2/382). (3) الغريب لابن قتيبة (2/12)، النهاية (1/220) . (4) الفائق (2/43) . (5) مشارق الأنوار (2/98) . (6) تفسير القرطبي (15/ 294، 295)، حاشية ابن القيم (13/ 17)، فتح الباري (13/499)، عون المعبود (13/ 7) . (7) مشارق الأنوار (2/ 195) . (8) لسان العرب (10/ 309)، النهاية (3/471) . (9) لسان العرب (15/ 327) . (10) ينظر: المنهاج (17/ 38)، عون المعبود (13/ 267)، تحفة الأحوذي (9/243، 244) . (11) ينظر: نتائج الأفكار (ص157) . (12) سورة الحديد، الآية: 3 . (13) مجموع الفتاوى (3/ 141). (14) المنهاج (17/ 38) . (15) بتصرف يسير جدًا. إكمال المعلم (8/ 212) . |
الحلقة ( 14 ) حديث (لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ....) http://m002.maktoob.com/alfrasha/up/...8818094796.gif (14) عَنْ جُوَيْرِيَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: « مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ؟ » قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ » . (1) الصَّحابية : هي جُوَيْرِيَةُ بنت الحاَرِثِ بن أبي ضِرَار الخزاعيَّة، المصطلقية ،كان اسمها بَرَّة فحَوّله رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى جُوَيْرِيَة . تزوجها النبي صلى الله عليه وسلمبعد يوم المرُيسيع، وهي غزوة بني المُصْطَلِق، سنة (5 أو 6هـ) وكانت تحت مُسَافِع ابن صَفْوان المُصطَلقي، قسم رسول الله السبايا، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عمٍّ له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوةً مُلاَّحةً ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، فخيرّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير مما سألت، بأن يؤدي عنها كتابها ويتزوّجها فوافقت، فبلغ الناس أنه قد تزوّجها، فقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلمفأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق، وقد أعتق بها مائة أهل بيت من بني المصطلق، وكانت أعظم النساء بركة على قومها . ولما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلمحجبها، وقسم لها ولم يصب منها ولدًا، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنها ابن عباس، وجابر وابن عمر، وغيرهم . توفيت سنة 50هـ، ويقال بقيت إلى ربيع الأول سنة 56هـ، وعاشت 65 سنة (2) –رضي الله عنها - . غريبُ الحديث : بُكْرَةً : الباء والكاف والراء أصل واحدٌ، يدل على أوّل الشيء وبدئه (3)، والبُكْرَةُ: الغُدْوَةُ . والتكبير والبُكور والإبكار: المضيُّ في ذلك الوقت من الصبح أول النهار (4) . أَضْحَى : الضاد والحاء والحرف المعتل أصل صحيح واحدٌ يدل على بروز الشيء، والضَّحاء: امتداد النهار وذلك هو الوقت البارز المنكشف (5) . ويكون إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده. والضَّحْوة: ارتفاع أول النهار، والضُّحَى: بعده، وبه سميت صلاة الضُّحى، وهو من طلوع الشمس وشروقها إلى أن يرتفع النهار، وتبيضّ الشمس جدًّا . (6). (1) رواه مسلم (1151ح 2726) و( برقم الحديث السابق)– بلفظ: «سُبْحَان اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَة عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ». (2) الاستيعاب (4/1804)، أسد الغابة (6/56)، الإصابة (7/ 565) . (3) معجم مقاييس اللغة (ص132) . (4) لسان العرب (4/76)، مختار الصحاح (ص25) . (5) معجم مقاييس اللغة (ص587) . (6) لسان العرب (14/474)، مختار الصحاح (ص158)، الفائق (2/334)، النهاية (3/76) . http://www.p-yemen.com/highstar/arog...0%28191%29.gif http://img410.imageshack.us/img410/9...iu27cnvuj9.gif |
|
بــــــــــــــارك الله فـــــيــــكم
وجـــــــــــــزاكم الله خــيـــراً http://sl.glitter-graphics.net/pub/5...c0b5wf5cg4.gif |
اقتباس:
|
جزاكِ الله خيرا وجمعنا الله بكم في الفردوس الأعلى
|
اقتباس:
|
بآرك الله فيكم وفي نقلكم ونفع بكم الإسلآم والمسلمين ننتظر جديدكم |
اقتباس:
|
|
بارك الله فيك ونفع بك
|
اقتباس:
|
الساعة الآن 05:21 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir