شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   بيت الكتاب والسنة (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الموت والبرزخ (https://ansaaar.com/showthread.php?t=24303)

نسيم السُنة 24-05-12 12:07 AM

الموت والبرزخ
 












بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الّذي جعل الموت راحة للأبرار ينقلهم به من دار الهموم والغموم والبلاء والأكدار، دار النّقَبِ والآلام والأسقام والأخطار، سجن المؤمنين وجنة الكفار إلى دار الرَّاحة والسُّرور والفرح والاستبشار، دارٍ فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وتختار، فسبحانه من إله يخلق ما يشاء ويختار، أحمده سبحانه على حُلْو القضاء ومر الأقدار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجوا بها الفوز بالجنة والنجاة من النَّار، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله المصطفى المختار وعلى آله وأصحابه الّذين جاهدوا في سبيل الله في اليسر والإعسار.
أما بعد..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
معاشر الأخوة والأخوات عجباً لنا وللدنيا تموج بنا موج البحر ونحن سابرون في الأماني غافلون عن المَنون.
إنما الدّنيا فناءٌ *** ليس للدنيا ثبوت
إنما الدّنيا كبحرٍ***يحتوي سمكاً وحوت
ولقد يكفيك منها *** أيها الطالب قوت
فاغتنم وقتك فيها *** قبل ما فيها يفوت
قل بخير تجتنيه *** أو تحلى بالسكوت
إنما الدّنيا كبيت *** نسجته العنكبوت





http://im17.gulfup.com/2012-03-24/1332619913912.gif


يا ابن آدم لا يغررك عافيةٌ ***** عليك صافية فالعمر معدود
ما أنت إلا كزرع عند خضرته *** بكل شئ من الآفات محصود
فإن سلمت من الآفات اجمعها *** فأنت عند كمال الأمر محصود



http://im17.gulfup.com/2012-03-24/1332619913723.gif

نحن نسعى إلى الرغائب سعياً***وبنا للفناء تجري السنينُ
سنوات مضت وما زال قومٌ ***في متاهتهم ومرت قرونُ
إنما العمر مركبٌ***يطلب عليه النّاس المنى وفبه المَنونُ

يهون كل اغتراب في الحياة فكم***ذي غربة عاد محفوفاً بإجلال
وغربة الموت أقسى ما نكابده***كم فرقَّت بيننا من غير إمهال
من ذا الّذي نال في دنياه غايته***من ذا الّذي عاش فيها ناعم البال
يفنى الفتى وعلى عينيه أشرعةٌ***من الذهول توارِيِ دمعه الغالي


يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:09 AM










قال رسول الله عليه الصلاة والسلام :
(أكثروا من ذكر هاذم اللذات)
رواه الترمذي والنسائي بإسناد حسن .


قال مالك بن دينار رحمه الله :
أتيتُ المقابرَ يوماً لأنظرَ في الموتِ وأعتبر ، وأتفكّر فيها ، وأنزجر

فأنشدتُ أقول :

أتيتُ المقـــابرَ ناديتُها ....... فأينَ المعظّم والمفتخر .
وأين المدل بسلطانـــه
....... وأين العزيز إذا ما قدر ؟!
وأين الملبّي إذا ما دعا
....... وأين المزكي إذا حضر ؟!



http://a7.sphotos.ak.fbcdn.net/hphot..._3216573_n.jpg


يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:11 AM











http://i3.makcdn.com/userFiles/m/u/m.../475image.jpeg


الموت هو الحقيقة الثابتة والفاجعة، الحقيقة التي تُؤرق وتحيِّر وتزعزع ماعداها من حقائق
بما في ذلك حقيقة الحياة. فما قيمة أية حقيقة دنيوية يـمحوها الموت

ويـذروها كـما تمـحو الـرياح وتـذرو كـل نقش أو أثـر على الرمال؟


هذا مثال لصرخة الإنسان وألمه حين يقف مشدوها عاجزا أمام أُمِّ الحقائق وأخطرها: الموت

ولايجدي شيء أمام هذا القدر الغامض:


وإذا الـمَـنِيـة أنْشبــت أظفارهـا ............. ألْفيـتَ كـل تَـميمـة لاتـنـفع



يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:14 AM











إذا كان الكون سينتهي - كما يخبرنا القرآن- بانهيار شامل
يكون إيذانا بمرحلة جديدة في الوجود، يسميها الكتاب الكريم بـ:”الآخرة”،
كما يسمي هذا الانهيار بـ “القيامة”
فإن موت الفرد بمثابة إعلان لقيامته هو، وهي قيامة خاصة تسبق يوم القيامة الكبير.
ولذلك روي عن النبي صلوات ربي وسلامه عليه قوله:
الموت القيامة، فمن مات فقد قامت قيامته.


أول مراحل الآخرة

إن الموت- هذه القيامة الصغيرة- هو أول منازل الآخرة، كما أنه آخر مراحل الحياة الدنيا
ولذلك فهو فاصل مابين الحياتين وحدُّ ما بين العالمين.
فبالموت تبدأ حياة البرزخ، وهي عالم القبر، ثم البعث، فالحشر، فالحساب،
وأخيرا يستقر كل واحد في الجنة أو في النار، في خلود أبدي.


ونظرا لخصوصية الموت على هذا الوجه
أعني كونه أول مراحل الحياة الأخرى
قال النبي صلوات ربي وسلامه عليه
“ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه“.
وفسّر ذلك في خبر آخر: “إن القبر أول منازل الآخرة،
فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر، وإن لم ينج منه فما بعده أشد“.


الدخول في عالم الغيب

ولما كان الموت تغّير حال ليس إلا، ورجوعاً إلى عالم الغيب
فإنه تنكشف للإنسان- بموته- أشياء كثيرة من المغيبات التي سُترت عن حواسه.
( ولذلك نفهم كما أخبرنا القرآن الكريم )
لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك اليوم حديد
فالمعنى “أن البصر يحتد عند الموت
فيعاين العبد جميع ماينتهي أمره إليه، وهو اليقين المشار إليه بقوله:
(واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)”.


ولما كان العالم الآخر أجلّ وأكبر، فيه تنكشف للإنسان حقائق الوجود
مثّل السلف الدنيا بالنوم والموت بالاستيقاظ منه، فقالوا:
“الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا”
وكتب رجل إلى أخ له:
“أما بعد، فإن الدنيا حلم والآخرة يقظة، والمتوسط بينهما الموت،
ونحن في أضغاث أحلام، والسلام”.


وقال الغزالي في هذا المعنى أيضا:
“ينكشف له بالموت ما لم يكن مكشوفا له في الحياة،
كما قد ينكشف للمتيقظ ما لم يكن مكشوفا له في النوم“.


الموت نهاية للطغيان الآدمي


لقـد خلق الله هذا العالم لأجل تحقيق حكمة الابتلاء
فالدنيا دار إمتحان وإختبار لا دار قرار للإنسان
لهذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون لهذا الابتلاء أمد، فينتهي بالموت
ومعه ينتهي طغيان الإنسان وتنقضي كبرياؤه الفارغة.

لهذا جاء في الحديث:
“لولا ثلاث ما طأطأ ابن آدم رأسه:
الفقر والمرض والموت، وإنه مع ذلك لوَثَّاب.
”فهذه الأشياء -والموت أبرزها- تحدّ من أوهام الإنسان وأحلامه في العظمة والكبرياء،

كما في الحديث :
” إن الله تعالى أذل بني آدم بالموت“.


ولهذا كان من وظائف “الموت” بالنسبة للأحياء من الناس:
تذكيرهم بحدودهم وتنبيههم على حقيقة عبوديتهم لخالقهم.
وفي هذا المعنى صدق الصديق رضي الله عنه عندما قال:

“كفى بالموت واعظا”.


و صدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما عقب بقوله :
ومن لا يعظه الموت فلا واعظ له
الخوف كل الخوف ليس من الموت فى ذاته
بل فيما بعده من انكشاف الحال و فقر الحجاج امام الواحد الديان

هذا ما يفزعنى من الموت فالكافر ينتحر بكل بساطه
لأنه يظن أن الموت فناء و عدم لما هو فيه


و لو أيقن بأنه ملاق من سيحاسبه على ما يخفى صدره و توسوس له به نفسه
لفكر ألف مره و لما أقدم على فعله أبداً

فمن يستطيع القول بأنه عبد صالح نفسه نقيه صافيه جوهرها الخير




يارباه
مقابر تسودها السكينة والهدوء من الخارج
أما داخلها الله أعلم بحال من فيها
منهم السعيد ومنهم التعيس



يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:17 AM











كلما تخيل الإنسان صورة لحياته وفسر بها وجوده , جاء الموت فحطمها ودمرها
فمن جعل تحصيل العلم أو الشهرة أو جمع المال , أو كثرة الاولاد هدفا لحياته
أو غيرها من الأمنيات حضر الموت فحطم كل هذه الأمنيات التي تقتصر علي ظاهر من الحياة الدنيا
فهل الحكمة من الموت هي مجرد تحطيم هذه الآمال والأهداف
أم لا بد له من حكمة تكون مرتبطة بكل أطوار الحياة قبل الموت وبعده .

لأنه حلقة في سلسلة أطوار وجود الإنسان قال تعالي:
ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين
ثم جعلناه نطفة في قرار مكين
ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة
فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظاما لحما
ثم أنشاناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين
ثم أنكم بعد ذلك لميتون * ثم أنكم يوم القيامة تبعثون

المؤمنون" 12 - 16 "

أن الخالق سبحانه وتعالي الذي نقلنا طورا بعد طو
قد أخبرنا عن الحكمة من طور الموت فبين أنها :
هي الانتقال من دار العمل إلي دار الجزاء حيث توفي كل نفس ما كسبت

قال تعالي : (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ) آل عمران " 185 " .


وقال العلامة القرضاوي : لو نظرنا إلي هذه الآية لوجدنا أن الحكمة أبين من فلق الصبح
تري ماذا كان يحدث لو لم يكن الموت مكتوبا علي بني الأنسان ؟؟؟
لو ظل الناس يتناسلون ويتكاثرون ولا يموت منهم أحد ؟؟
وتمضي الوف السنين وملايينها وهم يزيدون ولا ينقصون ؟؟

إن الذي نتصوره أن يجتمع العقلاء من الناس في كل بلد أو ناحية
ويفكروا في إعدام عدد منهم في كل عام مثلا .
حتي تخف الزحمة , وتتيسر المعيشة للباقين ولكن كيف إلاختيار والتعيين :

أيكون علي كل أسرة أن تقدم من أفرادها عددا ؟؟
أم الغرباء هم الذين يختارون العدد المطلوب ؟؟
أم يكون ألاختيار بالقرعة ؟؟
وكيف يمكن التنفيذ إذا لم يكن الإنسان _ بحكم خلقته _ قابلآ للموت ؟؟

إن الموت الطبيعي أراح الناس من هذا كله . وكان في ذلك الخير كل الخير لأن الموت في الحقيقة ضرورة للحياة


اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:19 AM











يجب على المؤمن والمؤمنة أن يخافا الله سبحانه ويرجواه؛ لأن الله سبحانه قال في كتابه العظيم:
فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
وقال عز وجل: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ
وقال سبحانه: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ
وقال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ
وقال عز وجل: فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
في آيات كثيرة ولا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة اليأس من رحمة الله، ولا الأمن من مكره
قال الله سبحانه:
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
وقال تعالى: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
وقال عز وجل: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
ويجب على جميع المسلمين من الذكور والإناث الإعداد للموت والحذر من الغفلة عنه
للآيات السابقات، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:

((أكثروا من ذكر هادم اللذات))
الموت ولأن الغفلة عنه وعدم الإعداد له من أسباب سوء الخاتمة
وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه))
فقلت: يا نبي الله: أكراهية الموت فكلنا نكره الموت، قال:
((ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه،
وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه))
متفق عليه
وهذا الحديث يدل على أن كراهة الموت والخوف منه لا حرج فيه
ولا يدل ذلك على عدم الرغبة في لقاء الله؛ لأن المؤمن حين يكره الموت أو يخاف قدومه
يرغب في المزيد من طاعة الله والإعداد للقائه، وهكذا المؤمنة حين تخاف من الموت وتكره قدومه إليها
إنما تفعل ذلك رجاء المزيد من الطاعات والاستعداد للقاء ربها.
ولا حرج على المسلم أن يخاف من المؤذيات طبعا كالسباع والحيات ونحو ذلك فيتحرز منها بالأسباب الواقية
كما أنه لا حرج على المسلمين في الخوف من عدوهم حتى يعدوا له العدة الشرعية

كما قال الله سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
- أي الأعداء - مع الاعتماد على الله والاتكال عليه والإيمان بأن النصر من عنده
وإنما يأخذ المؤمن بالأسباب ويعدها؛ لأن الله سبحانه أمره بها لا من أجل الاعتماد عليها
كما قال الله سبحانه:

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

وإنما الخوف الذي نهى الله عنه هو الخوف من المخلوق
على وجه يحمل صاحبه على ترك الواجب أو فعل المعصية
وفي ذلك نزل قوله سبحانه:
فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
وهكذا الخوف من غير الله على وجه العبادة لغيره
واعتقاد أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون أو يضر وينفع
بغير مشيئة الله كما يفعل المشركون مع آلهتهم.


اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:25 AM











عند موت المسلم تنتزع الروح فأين تذهب؟

روح المؤمن ترفع إلى الجنة، ثم ترد إلى الله -سبحانه وتعالى-، ثم ترد إلى جسدها للسؤال، ثم بعد ذلك جاء الحديث أنها تكون في الجنة، طائر يعلق بشجر الجنة، روح المؤمن ويردها الله إلى جسدها إذا شاء -سبحانه وتعالى-، أما روح الكافر تغلق عنها أبواب السماء، وتطرح طرحاً إلى الأرض وترجع إلى جسدها للسؤال، وتعذب في قبرها مع الجسد، نسأل الله العافية، أما روح المؤمن فإنها تنعم في الجنة، وترجع إلى جسدها إذا شاء الله، وترجع إليه أول ما يوضع في القبر حتى يسأل، كما جاء في ذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (والمؤمن إذا خرجت الروح منه يخرج منها كأطيب ريح، يحسه الملائكة ويقولون ما هذه الروح الطيبة؟، ثم تفتح لها أبواب السماء حتى تصل إلى الله، فيقول الله لها: ردوها إلى عبدي فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، فتعاد روحه إلى الجسد ويسأل)، ثم جاءت الأحاديث بأن هذه الروح تكون في الجنة بشبه طائر بشكل طائر تعلق في أسفل الجنة، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر؟ أما روح المؤمنين فهي نفسها تكون طائر، كما روى ذلك أحمد وغيره بإسناد صحيح عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. جزاكم الله خيراً




اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:27 AM











إن الله - تبارك وتعالى - لم يخبر عن الأموات أنهم أحياء إلا الشهداء، ففي أي حالة تكون أرواح الصالحين الذين لم يموتوا شهداء، وهل هناك فرق بينهم في حياة البرزخ؟



الشهداء لشرفهم ، وفضل عملهم بين الله - سبحانه - أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، حياة خاصة، حياةً برزخية ، وهم أموات، هم أموات ، وقد حُكم فيهم بأحكام الموتى ، لكن أرواحهم في نعيم الجنة، في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش ؛ كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - ، وهذا شرف لهم ، وحث لهم على الجهاد في سبيل الله. وهكذا أرواح المؤمنين عند الله في الجنة، حية عند الله أيضاً في الجنة، لكنهم دون الشهداء، جاء في الحديث الصحيح أن روح المؤمن طائر يعلقه في شجر الجنة، روح المؤمن يجعلها الله طائراً يعلق في شجر الجنة ، ويأكل من ثمارها حتى يعيده الله إلى جسده، وهذا فضل عظيم. وهكذا أرواح الكفار حية تعذب في البرزخ وفي النار، في البرزخ مع الجسد، الجسد في الأرض وهي تعذب في النار، والجسد والروح يوم القيامة يعذبان في النار أيضاً - نسأل الله العافية-. فالمؤمنون ينعمون في البرزخ وفي الجنة، أرواحاً وأجساداً ، والكفار يعذبون في البرزخ وفي النار أرواحاً وأجسادا. وللروح نصيبها وللجسد نصيبه، ولو لم يبقَ منه إلا القليل. فالواجب على كل مسلم أن يحذر ، وأن يعد العدة للقاء ربه، وأن يبتعد عن كل ما حرم الله عليه، والعاصي على خطر إذا مات على المعاصي على خطر من العذاب في قبره ومن عذاب النار ، وإن كان لا يخلد فيها لو دخلها لكنه خطر. الواجب الحذر من المعاصي كلها، لعلّ الله ينجيه من شرها، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى شخصين يعذبان في قبورهما : أحدهما يعذب بالنميمة ؛ كان يمشي بالنميمة، وهي معصية ، كبيرة من الكبائر، والثاني : يعذب بأنه ما كان يستنزه من البول، ما كان يتحرز من البول، هذا يفيد الحذر من المعاصي ، ويفيد الحذر من التساهل بالبول.

اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:29 AM











الحذر ثم الحذر , والإستعداد فموت الفجأة يظهر آخر الزمان وهذا ما نعيشه اليوم

هل موت الفجأة من علامات القيامة، وهل هناك ما يعصم منه، وهل الاستعاذة منه كافية؟

جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن موت الفجأة يكثر في آخر الزمان، وهو أخذة غضب للفاجر، وراحة للمؤمن، فقد يصاب المؤمن بموت الفجأة بسكتة أو غيرها ويكون راحة له ونعمة من الله عليه؛ لكونه قد استعد واستقام وتهيأ للموت واجتهد في الخير فيؤخذ فجأة وهو على حال طيبة على خير وعمل صالح، فيستريح من كرب الموت وتعب الموت ومشاق الموت، وقد يكون بالنسبة إلى الفاجر قد يقع هذا بالنسبة إلى الفجار وتكون تلك الأخذة أخذة غضب عليهم، فوجؤوا على شر حال. نسأل الله العافية، ونعوذ بالله.

اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:32 AM











سبحان من قصم ظهور عباده بالموت، وجدير بمن كان الموت مصرعه
والتراب مضجعه، والدود أنيسه، والجنة أو النار مآله، أن لا يشغله عن الموت شاغل.


حكى عُثمان بن سواد و كانت أُمه من العابدات،
قال‏ :‏ لما احتَضَرت رفعت رأسها إلى السماء
وقالت ‏:‏
” يا ذخري ويا ذخيرتي ومن عليه اعتمادي في حياتي وبعد مماتي
لا تخذلني عند الموت ، ولا توحشني في قبري “
قال‏ :‏ فماتت !

فكنت آتيها كل جمعة وأدعو لها وأستغفر لها ولأهل القبور ..
فرأيتها ليلة في منامي ،
فقلت لها‏ :‏ يا أُماه ، كيف أنت‏ِ ؟
قالت ‏:‏ يا بني ، ‍‍‍إن الموت لكرب شديد !
وأنا بحمد الله في برزخ محمود ، يفترش فيه الريحان ، ويتوّسد فيه السندس والإستبرق إلى يوم النشور :”“
فقلت ‏:‏ ألكِ حاجة ‏؟
قالت ‏:‏ نعم ، لا تدع ما كنت تصنع من زيارتنا
فإني لأُسرّ بمجيئك يوم الجمعة إذا أقبلت من أهلك .
فيقال لي‏ :‏ هذا ابنك قد أقبل !
فأُسر ويُسر بذلك من حولي من الأموات .

وقال بشار بن غالب ‏: رأيت رابعة في منامي
وكنت كثير الدعاء لها !
فقالت لي‏ :‏ يا بشّار .. هداياك تأتينا على أطباق من نور ، مخمّرة بمناديل الحرير‏ .
قلت ‏:‏ وكيف ذلك ‏؟
قالت ‏:‏ هكذا دعاء الأحياء ، إذا دعوا للموتى واستجيب لهم ؛ جُعِل ذلك الدعاء على أطباق النور ، وخُمِرَ بمناديل الحرير .
ثم أُتِىَ به إلى الذي دُعِيَّ له من الموتى
فقيل له : هذه هدية فلان إلي .

- من كتاب الروح لإبن القيم



اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:35 AM










البرزخ فترة زمنية تمر على كل ميت ، مسلم أو كافر
صالح أو طالح ، ويجري خلالها فتنة القبر وهي سؤال الملكين


ثم النعيم أو العذاب ، فالدور ثلاث : دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار .
والحياة في البرزخ مغايرة للحياة في الدنيا
وللروح فيها تعلق بالبدن ، وإن فارقته في وقت


ردت إليه في وقت آخر ، كوقت السؤال ، أو النعيم أو العذاب
وعند سلام المسلم عليه ، ولا يعلم حقيقة هذه الحياة وكيفيتها إلا الله .
والحاصل أن المسلم العاصي وغيره لا بد أن يمر بمرحلة البرزخ
وهو فيها إما منعم أو معذب حتى يبعثه الله .
والله أعلم .



اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:38 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp


تنقسم حياة الإنسان إلى ثلاثة: حياة الدنيا وهي التي نعيشها, وحياة الآخرة وهي معروفة, وبين الحياة الدنيا وبين الآخرة حياة البرزخ, فما هي حياة البرزخ، وهل الإنسان يكون بجسده وروحه فيها؟

حياة البرزخ على حسب حياته في الدنيا، المؤمن ينعم في البرزخ وروحه في الجنة وجسده يناله بعض النعيم, والكافر روحه تعرض على النار، ويناله نصيب من العذاب, وينال جسده نصيب من العذاب, هذه حال البرزخ، المؤمن في سعادة ونعيم، وأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه روح المؤمن في الجنة تسرح في الجنة حيث شاءت, وأما الكفار فبما أخبر الله عن آل فرعون، النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (غافر:46) ، فالكفار أرواحهم معذبة وأجسادهم ينالها نصيبها من العذاب حتى يبعث الله الجميع، ثم تسير أرواح المؤمنين إلى الجنة وأرواح الكفار إلى النار، نسأل الله العافية، مخلداً فيها، هؤلاء مخلدون في الجنة وهؤلاء مخلدون في النار، نسأل الله العافية.


اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:39 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp



روى هانئ مولى عثمان بن عفان قال: كان عثمان - رضي الله عنه - إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتذكر القبر فتبكي؟ فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه]، قال: وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما رأيت منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه] [أخرجه الترمذي].
ولما كان ما بعد القبر أيسر منه لمن نجا فإن العبد المؤمن إذا رأى في قبره ما أعد الله له من نعيم يقول: "رب عجل قيام الساعة، لكي أرجع إلى أهلي ومالي، والعبد الكافر الفاجر إذا رأى ما أعدّ الله له من العذاب الشديد فإنه يقول على الرغم مما هو فيه من عذاب: "رب لا تقم الساعة" لأن الآتي أشد وأفظع.

ظلمة القبر:
ماتت امرأة كانت تَقُمُّ المسجد في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففقدها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخبروه أنها ماتت من الليل، ودفنوها وكرهوا إيقاظه، فطلب من أصحابه أن يدلوه على قبرها، فجاء إلى قبرها فصلى عليها، ثم قال: [إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها، وإن الله - عز وجل - منورها لهم بصلاتي عليهم] [رواه البخاري ومسلم].

ضمة القبر:
عندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمه ضمة لا ينجو منها أحد، كبيراً كان أو صغيراً صالحاً أو طالحاً، فقد جاء في الأحاديث أن القبر ضم سعد بن معاذ - وهو الذي تحرك لموته العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة -، ففي سنن النسائي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة، لقد ضم ضمة، ثم فرج عنه].



اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:41 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp


الفرق الإسلامية في هذا الموضوع على أقوال:

الأول: مذهب أهل السنة والجماعة:
ويرون أن الروح منفصلة عن الجسد ومتصلة به، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
(العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة،
تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها،
فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما يكون للروح منفردة عن البدن).


الثاني: قول كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم:
وهؤلاء ينكرون النعيم والعذاب في البرزخ مطلقاً، والسر في ذلك أنهم ينكرون وجود روح مستقلة عن الجسد،
فالروح عندهم هي الحياة، ولا تبقى الروح في نظرهم بعد الموت، فلا نعيم ولا عذاب حتى يبعث الله العباد،
قال بذلك بعض المعتزلة والأشاعرة كالقاضي أبي بكر،
وهذا قول باطل لا شك في بطلانه خالفه أبو المعالي الجويني،
وقد نقل غير واحد من أهل السنة الإجماع على أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وأنها منعمة أو معذبة.


الثالث: قول الفلاسفة:
وهؤلاء يرون أن النعيم والعذاب على الروح وحدها،
وأن البدن لا ينعم ولا يعذب، وقد قال بهذا القول من أهل السنة ابن ميسرة وابن حزم.


الرابع: قول من قال من علماء الكلام:
أن الذي ينعم ويعذب في القبر البدن وحده، وقد بذلك طائفة من أهل الحديث منهم ابن الزاعوني.




اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:43 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp


نعود للتعريف بالبرزخ

البرزخ في كلام العرب هو الحاجز بين الشيئين، قال - تعالى -: ((وجعل بينهما برزخاً))
أي حاجزاً، والبرزخ في الشريعة:
الدار التي تعقب الموت إلى البعث، فكل من مات من مؤمن أو كافر دخل في البرزخ، وتتكون دار البرزخ من عذاب القبر ونعيمه، وعرض أرواح المؤمنين على الجنة، وأرواح الكافرين على النار، وقال ابن القيم: عذاب القبر ونعيمه اسم لعذاب البرزخ ونعيمه، وهو ما بين الدنيا والآخرة قال - تعالى-: ((ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)).
كما يطلق أيضاً على هذه المرحلة التي يمر بها الإنسان "القيامة الصغرى"، فكل من مات فقد قامت قيامته، ففي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رجال من الأعراب يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسألونه عن الساعة، فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: ((إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم))
قال ابن كثير: والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة.
كما يطلق على هذه المرحلة أيضاً "الموت"، وهو المتداول والشائع بين الناس، ووقت الموت من الأمور التي استأثر بعلمها الله - سبحانه وتعالى - حيث قال: ((وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو))
وقال: ((إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)).



اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:45 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp


صفة نعيم القبر وعذابه

ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث البراء بن عازب أن الملائكة تسأل العبد المؤمن في قبره فيحسن الإجابة، وعند ذاك [ينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مدّ بصره، قال: ويأتيه (وفي رواية: يمثل له) رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً، ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهلي ومالي، (فيقال له اسكن)].
وذكر - صلوات الله عليه وسلامه - أن العبد الكافر أو الفاجر بعد أن يسيء الإجابة [ينادي منادي في السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه (وفي رواية: ويمثل له) رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: وأنت فبشرك الله بالشر، من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله، سريعاً إلى معصية الله، فجزاك الله شراً، ثم يقيض الله له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة، لو ضرب بها جبل كان تراباً، فيضربه حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يُفتح له باب من النار، ويمهد من فرش النار، فيقول: رب لا تُقِم الساعة].
وفي حديث أنس أن العبد المؤمن إذا أجاب الإجابة الصادقة في قبره يقال له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيراهما جميعاً، قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره]، وذكر في حديث أنس أن الكافر والمنافق بعد أن يجيب في قبره تلك الإجابة الكاذبة يقال له: [لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين][أخرجه البخاري ومسلم]، ولمسلم: [إن العبد إذا وضع في قبره، ثم ذكر نحواً مما تقدم إلى قوله: وذكر لنا: أنه يفسح فيه سبعين ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون ".
وفي رواية لأبي داود أن العبد المؤمن بعد أن يسأل ويجيب "ينطلق به إلى بيت كان له في النار، فيقال له: هذا كان لك، ولكن الله عصمك، فأبدلك به بيتاً في الجنة، فيراه فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي، فيقال له: اسكن].
وهذا الذي أشارت إليه الأحاديث من أنَّ كل إنسان يعرض عليه مقعده بعد أن يسأل في قبره مستمر طيلة بقائه في القبر، وقد صرّح بذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففي الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - [أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة].
وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن الملكين يقولان للعبد المؤمن بعد أن يجيب الإجابة السديدة: [قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك]، وأنهما يقولان للمنافق: [قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه، فلا يزال معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك].
هل يعذب المسلمون في قبورهم؟
قال القرطبي: "قال أبو محمد عبد الحق: اعلم أن عذاب القبر ليس مختصاً بالكافرين، ولا موقوفاً على المنافقين، بل يشاركهم فيه طائفة من المؤمنين، وكل على حاله من عمله، وما استوجبه من خطيئته وزللـه"، والأدلة على أن المؤمن قد يعذب في قبره بسبب ذنوبه كثيرة.


اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:47 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp


هل قرأت حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي فيه وصف لمرحلة البرزخ التي ما من أحد إلا وسيمر بها وهذا الحديث أيضاً قد انتظم فيه جميع أفراد الناس: المؤمن والكافر، والحر والعبد.
اقرأ واعتبر أخي في الله.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد:
فهذا بيان حال سائر الناس عند نزوع الروح وفي القبور نسأل الله العافية والسلامة:
جاء بيان هذه الحال في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث فيه وصف لمرحلة البرزخ التي ما من أحد إلا وسيمر بها، وهذا الحديث أيضاً قد انتظم فيه جميع أفراد الناس: المؤمن والكافر، والحر والعبد.
وفيما يلي أورد نص الحديث كما ذكره الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -، حيث عني بجمع طرقه ورواياته وألفاظه، فمن شاء تفصيل هذه الأمور فليرجع إليه في كتاب: (أحكام الجنائز).
وإليكم أخوتي في الله نص الحديث: عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قـال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من ا لأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة، وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكث في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً، ثم قال: (أن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت - عليه السلام - حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط فذلك قوله - تعالى -: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)(الأنعام: من الآية61).
ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني بها - على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمون بها في الدنيا، حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى تنتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله - عز وجل - اكتبوا كتاب عبدي في عليين ((وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ. كِتَابٌ مَرْقُومٌ. يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)) (المطففين:19_21).
فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه مدبرين، فيأتيه ملكان شديد الانتهار فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حين يقول الله - عز وجل -: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(إبراهيم:27) فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا عليه باباً إلى الجنة.
قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه وفي رواية: يمثل له رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير، من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً.
ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي فيقال له: اسكن.
قال: وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد، سود الوجوه، معهم المسوح من النار، فيجلسون منه مد البصر.
ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاط))(لأعراف: من الآية40)، فيقول الله - عز وجل -: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده ثم قرأ: ((وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ))(الحج: من الآية31).
فتعاد روحه في جسده قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فيقولان له: فما في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه فيقال: محمد، فيقول: هاه، هاه لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دَرَيت ولا تَلَوت فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه وفي رواية: ويمثل له رجل قبيح الوجه قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: وأنت فبشرك الله بالشر من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعاً على معصية الله، فجزاك الله شراً.
ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان تراباً فيضربه ضربةً حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربةً أخرى فيصيح صيحةً يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، ويمهد من فراش النار، فيقول: (رب لا تقم الساعة). [صحيح رواه جمع من الأئمة].
فانظر يا أخي إلى حال الكفار والفجار في تلك الساعة.
إنهم يعانون الأهوال الفظيعة والكرب الشنيعة حال الاحتضار قال الله - عز وجل -: ((وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ))(الأنعام: من الآية93)، وفي هذا دليل على عذاب البرزخ ونعيمه فإن هذا الخطاب والعذاب الموجه إليهم إنما هو عند الاحتضار، وقبيل الموت وبعده، وفيه دليل على أن الروح جسم يدخل ويخرج، ويخاطب ويساكن الجسد، ويفارقه فهذه حالهم عند البرزخ.
وهذا كقول الله - تعالى-: (( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ))(لأنفال:50)، وثبت في حديث البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره يجيئه ومعه ملائكة غلاظ شداد سود الوجوه، ويقال لروحه: (اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم، وظل من يحموم، فتتفرق في بدنه، فيستخرجونها كما يستخرج السفود من الصوف المبلول، فتخرج معها العروق والعصب).
كما أن لهم الذلة والهوان والفزع عند البعث والنشور:
قال الله - تعالى - مبيناً حال الكفار عند خروجهم من القبور: (( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ))(المعارج:43،44)، فيخرجون من الأجداث: أي القبور سراعاً مجيبين لدعوة الداعي كأنهم إلى علم يؤمون ويقصدون، فلا يتمكنون من الاستعصاء على الداعي ولا الالتواء على نداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين بين يدي رب العالمين، ذلك الحال الذين هم عليهم هو ما وعدهم إياه ربهم - جل وعلا -، ولابد من الوفاء بوعد الله - تعالى -.
ثم تأمل مقدار الفزع الذي يسيطر على نفوس الكفار في يوم الموقف العظيم إذ يقول ربنا - جل وعلا -: ((وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))(غافر:18)، ويوم الآزفة: أسم من أسماء يوم القيامة، وسميت بذلك لاقترابها كما قال - تعالى -: (( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ))(لنجم:57،58).
وقوله: (( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))(غافر: من الآية18) أي وقفت القلوب في الحناجر فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها، ومعنى كاظمين: أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه، وقيل: باكين يؤتى بهم مربوطين بالأغلال والسلاسل، ويسربلون بالقطران، وتغشى وجوههم النار، كما قال - تعالى -: (( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ. سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ))(إبراهيم:48 - 50).
وفي ذلك اليوم يوقن الكفار أن ذنبهم غير مغفور، وعذرهم غير مقبول، فييأسوا من رحمة الله قال - تعالى -: (( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ))(الروم:12)، ويتمنى المجرمون أن يعودوا ويرجعوا إلى الدنيا ليكونوا من المؤمنين المتقين فيعملوا الصالحات، ولكن ولات حين مناص، ويبلغ الأمر أنهم يتمنون أن يكونوا تراباً لشدة ما يرون من العذاب والنكال قال الله - تعالى -: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ))(النساء:42)، وقال - تعالى -: (( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ))(النبأ: من الآية40)، فهذا هو حال الكفار والعياذ بالله، وفي المقابل حال الأتقياء الذين قال الله - تعالى - عنهم: (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ))(فصلت: 30-32).
قال الإمام البغوي - رحمه الله -: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) قال ابن عباس: عند الموت، وقال قتادة ومقاتل: إذا قاموا من قبورهم، قال وكيع بن الجراح: البشرى تكون في ثلاث مواطن: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث.
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: (( نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )) أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن كنا أولياؤكم، أي: قرناءكم في الحياة الدنيا، نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة، نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم إلى جنات النعيم.
فبعد أن تقبض روح المؤمن وتخرج الروح إلى بارئها نجد أن القرآن يخبرنا عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفداً إلى الجنة زمراً - أي جماعة بعد جماعة -، المقربون ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكاله، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، وإذا وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.
يتقلبون في نعيم مقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
أخي المسلم، أختي المسلمة:
إن وصف نعيم الجنة وما أعده الله لعباده المؤمنين مما يطول وصفه ولا يوفى حقه قال - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله - عز وجل -: أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))(السجدة:17)) [ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ].
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده، وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير حذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.
فانظر يا عبد الله مقامك، وتوهم مآلك ومن أي أولئك تكون فإن أعظم الخسارة خسارة أولئك الذين وصفهم الله - تعالى- بقوله: ((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))(الزمر: من الآية15)، وأعظم الفوز والفلاح هو فوز من قال الله - تعالى- عنه: (( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز ))(آل عمران: من الآية185).
فيا عجباً ممن باع ما لا عين رأت، وما لا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بمتاع زائل، وصباب عيش إنما هو كأضغاث الأحلام، أو كطيف زار في المنام مشوب بالنغص، ممزوج بالغصص أحزانه كثيرة، أضعاف مسراته وبكائه كثير.
واعجباً ممن الحظ الفاني الخسيس على الحظ الباقي النفيس، وممن باع جنة (( جَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ))(الحديد: من الآية21)، وباع نداء المنادي: (يا أهل الجنة إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا، وتحيوا فلا تموتوا، وتقيموا فلا تظعنوا، وتشبوا فلا تهرموا) بغناء المغنين.
فتذكر يا غافلاً عن الآخرة، وتفكر في الموت وما بعده، فكفى به قاطعاً للأمنيات، وحارماً للذات، ومفرقاً للجماعات.
كيف والقدوم على عقبة كؤود، ولا يدرى المهبط بعدها إلى النار أم إلى الجنة، فاعمل على أن تلقى الله - عز وجل - وهو راض عنك غير غضبان، واعلم أن الخواتيم ميراث السوابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، وبكى بعض الصحابة عند موته فسئل عن ذلك فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله - تعالى - قبض خلقه قبضتين، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار) ولا أدري في أي القبضتين كنت.
وقال بعض السلف: ما أبكى العيون ما أبكاها الكتاب السابق، وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتم، فكل يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً، ويبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.
وكان مالك بن دينار يقوم طول ليله قابضاً على لحيته ويقول: يا رب قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار ففي أي الدارين منزل مالك، فهل فكرت مثلهم يوماً يا أخي الحبيب، وهل قلت قولهم؟ وهل بت ليلتك تبكي على حالك بعد الموت، وفي أي الفريقين أنت، افعل ذلك ولو مرة واحدة يجعلها الله في ميزان حسناتك.
فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وصرفها على طاعتك، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.




اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:52 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp


بعض المؤمنين من الذين قاموا بأعمال جليلة، أو أصيبوا بمصائب كبيرة يأمنون فتنة القبر وعذابه، ومن هؤلاء:
أولاً: الشهيد / فقد روى المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده في الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقربائه)[رواه الترمذي وابن ماجه].
وروى النسائي في سننه عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً قال: يا رسول الله! ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة) وسنده صحيح.

ثانياً: الذي مات مرابطاً في سبيل الله: فقد روى فضالة بن عبيد، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله؟ فإنه ينمي له عمله يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر) رواه الترمذي وأبو داود.

ثالثاً: الذي يموت يوم الجمعة: ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)[رواه أحمد والترمذي، والحديث صحيح بمجموع طرقه أو حسن].

رابعاً: الذي يموت بداء البطن: وقد ثبت في حديث يرويه عبد الله بن يسار قال: (كنت جالساً وسليمان بن صرد بن وخالد بن عرفطه، فذكروا أن رجلاً توفي - مات ببطنه -، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهدا جنازته، فقال أحدهما للآخر: ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره)؟ فقال الآخر: بلى، وفي رواية: صدقت).


اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 12:59 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp

أخي الحبيب أختي النقية : كلنا ذو ذنوب، وكلنا ذو خطيئة، وكلنا ذو معصية قال - صلى الله عليه وسلم -: ( كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، والإنسان بطبعه ضعيف الإرادة، وقد تغلبه نفسه، ويضعف أمام الشهوات والمغريات، ويميل إلى المعصية، فإذا رأيت أخي الحبيب من نفسك شيئاً من هذا الضعف، ورأيت منها ميلاً إلى المعصية فتذكر قبل ارتكاب المعصية أن الله - تبارك وتعالى - يراك ومُطّلع عليك، فهو العليم الخبير، وهو السميع البصير قال - تعالى-: ((يَعْلَمُ مَا يُسِرَُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ))، ويسمع كلامك، ويرى مكانك، ويعلم سرك ونجواك، فهو - سبحانه - معك بعلمه واطلاعه، فاحذر كل الحذر أن تجعل الله - تبارك وتعالى - أهون الناظرين إليك.

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
......................... خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبنّ الله يغفل ساعة
.........................
ولا أن ما تُخفى عليه يغيب

واحذر أيضاً أن تكون ممن يراقبون العباد وينسون رب العباد، يخشون الناس وينسون رب الناس قال - تعالى-:
((يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُم))، يستعظمون نظر المخلوق على هوانه، ويستخفُّون بنظر الخالق مع علو شأنه.

فيا من تعصي الله، أي أرض تُقلك، وأي سماء تظلك، إلا أرض الله وسماؤه، وأي مكان يحميك من أن يراك الله ويطلع عليك، وينظر إليك فهو - تعالى- يراك، فاجعل له في قلبك وقاراً، وإذا حدثتك نفسك بالمعصية أياً كانت هذه المعصية فقل لها (أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللهَ يَرَى)).
أخي الحبيب: قبل أن تعصي الله تذكر من أنت؟! من أنت أيها المسكين حتى تعصي إله الأولين والآخرين، ورب العالمين؟! من أنت أيها الضعيف الذي لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً، ولا حولاً ولا طولاً حتى تعصي القوي العزيز، الذي خضع له كل شيء، وملأت كل شيء عظمته، وقهر كل شيء ملكه، وأحاطت بكل شيء قدرته، تذكر من أنت ومن هو العظيم الذي تعصيه وأنت فقير محتاج إليه؟! وبقدر ما يَعظُم قدر الله - تبارك وتعالى - في قلبك يعظم مكانك عنده قال - تعالى-: {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}.

أخي الحبيب أختي النقية : قبل أن تعصي الله - تبارك وتعالى - تذكّر نعمه الكثيرة عليك: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ}، خلقك الله من عدم، وشفاك من سقم، وأسبغ عليك وافر النعم، أطعمك من جوع، وكساك من عُري، وأرواك من ظمأ قال - تعالى-: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} فكيف يا عبد الله تبدل نعمة الله كفراً؟! وفضله وجوده عليك جحوداً ونكراً؟! كيف تقابل الإحسان بالنكران؟! والعطايا بالخطايا؟! كيف تعصي الله وأنت تتقلب في نعمه؟ وهل تعصيه إلا بنعمه؟ فبأي وجه تلقى الله - سبحانه - وقد أعطاك ومنحك وأكرمك ووهبك هذه النعم ثم تأتي وتعصيه بها؟! أما تخاف من عقابه؟ وتجزع من عذابه؟ وهو القادر على أن يسلبها منك كيفما شاء ومتى شاء، فكم من نعمة أسبغها الله على صاحبها فبدلها كفراً، وأعقبها نكراً، فكانت نهاية صاحبها خسراً {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ}.

أخي الحبيب أختي النقية : يا من تعصي الله.. تذكّر أنك تعصي الله في ملكه، وفوق أرضه، وتحت سمائه، فهل ترضى أن تُعصى في بيتك وملكك وسلطانك؟! أما تخاف أن يطردك الله من رحمته، ويحرمك من مغفرته بعد أن بارزته في مُلكه بمخالفة أوامره، وارتكاب محارمه؟ أما تخاف أن يكون الرب المنتقم قد غضب عليك عندما تطاولت على حدوده، وقدمت مرادك على مراده، وقال: اذهب فبعزتي وجلالي لا أغفر لك أبداً، تأكل وتشرب وتضحك، وتفرح وتمرح، والله من فوق سماواته وعرشه غاضب منك، ساخط عليك، فويل لمن كان له الويل وهو لا يشعر!!

أخي الحبيب أختي النقية : تذكر أن الله - تبارك وتعالى- شديد العقاب، وأنه عزيز ذو انتقام، ولا يُرَدُّ بأسه عن القوم المجرمين، وأنه يغار إذا انتهكت محارمه، وما أهلك الأمم السابقة إلا أنهم تعدوا حدود الله، وانتهكوا حرماته، وبارزوه بالمعاصي، وما من مصيبة تُلمُ بالعبد، ولا عقوبة تقع عليه إلا بسبب بعض ذنوبه ومعاصيه، ولو يؤاخذ الله - تعالى- العبد بكل سيئاته {مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ}، ولكنه - سبحانه وتعالى- أهل التقوى وأهل المغفرة، وما أكثر أولئك الذين اعتمدوا على رحمة الله - تعالى- وعفوه وكرمه وجوده فضيعوا أوامره، وارتكبوا نواهيه، ونسوا أنه أيضاً شديد العقاب، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند، لأن حسن الظن بالله - تبارك وتعالى - ورجاء العفو والمغفرة تنفع من تاب وندم ،وأقلع عن الذنب، وبدل السيئة بالحسنة، أما من يرجو رحمة الله - تعالى- وهو لا يطيعه ولا يمتثل أمره فهذا من الخذلان والحمق.

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
.........................إن السفينة لا تجري على اليبس

وإن من أعظم الاغترار طلب دار المتقين المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، ويستحيل في حق الله العادل أن يساوي بين البر والفاجر، وبين المحسن والمسيء قال - تعالى-: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَات أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاء مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}، وقال - تعالى-: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}.

أخي الحبيب أختي النقية : تذكر يوم تشهد عليك الشهود، وتفضحك فيه الجوارح والجلود! فأين يكون مهربك، وإلى أين يكون الملتجأ؟ والشهود منك والشهادة عليك، فتأمل يا مسكين!! تعصي الله بها، ومن أجلها، وتذود عنها، ثم تأتي يوم القيامة تشهد عليك! وتذكر أيضاً المكان الذي عصيت الله - سبحانه وتعالى- فيه يأتي يوم القيامة شاهداً عليك، وتذكر أن الزمان شاهدٌ عليك! وتذكر أن الله أرصد لك وبك ملائكة كراماً يرونك من حيث لا تراهم، ويعلمون ما تقول وما تفعل، {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون} ويوم القيامة يشهدون عليك، فأين المهرب من كل هؤلاء الشهود؟!
أخي الحبيب: تذكر الإحصاء والكتابة عندما يذوب قلبك كمداً وحزناً، وينحرق أسفاً ولوعة، عندما تُنشر صُحفك المطوية بأعمالك المخزية، أنت نسيتها ولكن الديان لا ينسى، قال - تعالى-:{أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ}.

لم ينسه الملكان حين نسيته
.........................بل سجلاه وأنت لاه تلعب

سترى هذه الأعمال حين تأتي ساعة الندم، حينما تذهب اللذات وتبقى الحسرات! حينما تذهب الشهوات وتبقى التبعات!
فتذكر كتاباً يُبسط ويُنشر بين يديك، وكل ما فيه لك أو عليك، وتذكر أن كل لفظ تقوله، وكل فعل تفعله، وكل حركة تُصدرها مسجلة عليك، وستراها يوم القيامة أمام ناظريك، فاعمل وقل ما يسرك أن تراه يوم أن تلقى الله يوم القيامة.

أخي الحبيب أختي النقية : تذكر الاستدراج من الله وأنه - سبحانه - يمهل ولا يهمل، فاحذر أن تكون من أولئك الذين أمدّهم الله بالصحة والنعم وهم مقيمون على المعاصي والزلل، ويحسبون أن لهم كرامة ومنزلة عنده وهم سقطوا من عينه، وهانوا عليه، قال - تعالى-:
{أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ. نُسَارِعُ لَهُم فِي الْخَيْرَات بَل لا يَشْعُرُون}، فلا يغررك من الله طول حلمه عليك، وستره إياك، فربما كان إمهاله لك مكراً بك، واستدراجاً لك، حتى تزداد بالإمهال إثماً فيزداد عذابك، واحذر أن يكون الله - تعالى - قد مكر بك في إحسانه لك فتناسيت، وأمهلك في غيّك فتماديت، وسقطت من عينه فما دريت ولا باليت.

تذكر الموت وسكرته، والقبر وظلمته، والميزان ودقته، والصراط وزلته، والحشر وأهواله، تذكر يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة الذي تكون دعوى الأنبياء وهم الأنبياء في ذلك اليوم (نفسي نفسي لا أسألك إلا نفسي، اللهم سلّم سلّم)،
فأي حال يكون حالك أنت؟ وأي مقال يكون مقالك في تلك اللحظات الرهيبة، التي تأتي فيها تحمل وزرك الذي بارزت الله به ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، إنه موقف الذل والخزي، فبأي وجه تلقى الله وأنت قد خالفت أوامره، وانتهكت حدوده، فهل أعددت الحجة، وجهزت الجواب للسؤال.


أخي الحبيب أختي النقية : يا من تعصي الله، إن الله - سبحانه وتعالى - خلقك لغاية عظيمة، ومهمة جسيمة، ولم يخلقك عبثاً، ولن يتركك سدى قال - تعالى-:{أَفَحَسِبتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}
وقال - تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}، وقد منحك الله الوقت، وأمهلك حتى تتزود من الطاعات، فإذا بك وياللأسف تنقلب على وجهك، وتنكص على عقبيك، فتبارزه بالذنوب والمعاصي، وكلما طالت أيامك زادت آثامك، وعظمت ذنوبك، والديان لا ينسى، فاحذر أخي من أن تستمر في غيّك ولهوك وإعراضك إلى أن ينقضي زمن المهلة، ويأتي زمن النقلة، ولا تصحو إلا على صائح الموت يحدو، وهناك في موضع الندم، ومكان الحسرة والألم، عندما يهجم عليك الموت، فينكشف عنك الغطاء، وتقبل على الآخرة بما فيها من الأهوال العظيمة، وتسكب العبرات ترجو الرجوع ولا رجوع قال - تعالى-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} فيا قبح الحال، ويا بئس المآل.


أخي الحبيب أختي النقية : تذكر أنك عندما عصيت الله كأنك قد انهزمت في المعركة، وخسرت الجولة مع أعدى أعاديك، ذلك العدو الذي لا يألوا جهداً في أن يُرديك في الهاوية قال - تعالى-: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}،
فهل تريد أنت أن تكون من عباد الرحمن المخلصين فتنعم ببرد الطاعة، ورضا الرب، وتقاد إلى دار الجنان والسعادة والأمان؟ أم ترغب في أن تكون من أتباع الشيطان، فتعيش في ظلمة المعصية، وتُساق إلى دار العذاب والهوان والنيران؟


أخي الحبيب أختي النقية : إن طريق الجنة محفوف بالمكاره، وهو عَقَبة كؤود، ومرتقى صعب، لا يتجاوزه إلا كل مخف من الذنوب والسيئات، فهل تريد الجنة وما فيها من النعيم وأنت على المعاصي مقيم؟! وهل تريد سعادة الدنيا والآخرة وأنت منتقل من معصية إلى معصية؟
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي
.........................درج الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أن الله أخرج آدم
.........................منها إلى الدنيا بذنب واحد

أخي الحبيب أختي النقية : قد آن لك الآن أن تقلع وتتوب من كل الذنوب، وأن تلتزم بالطاعة التي يُعزّك الله بها، والتي فيها سعادتك في الدنيا والآخرة
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ } بلى والله قد آن.. قد آن.. قد آن.






اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 01:02 AM










http://im26.gulfup.com/2012-03-26/1332748175681.bmp

تخيل لو أنك استيقظت صباحاً في يوم من الأيام ووجدت بيتك خالياً لا أحد فيه سواك!!

كل أهلك ومن يسكن معك قد سافروا جميعا!
ولست تدري إلى أين؟
لماذا؟
أو متى؟
أو كيف حدث أنك لم تشعر بهم أو أنهم لم يخبروك؟!!
فماذا تفعل؟!


وماذا لو حشرت أو حبست مرة في مصعد لوحدك توقف عليك فجأة ورغم الصراخ والمناداة
وضربك للجدران …… لا أحد يسمعك!!
أنت تسمعهم من بعيد يذهبون ويأتون ويتحاورون
لكن لا أحد يسمعك أو يشعر بك وكأنك غير موجود ……… فماذا تفعل؟!


وماذا لو وضعوك في حفرة ضيقة يلتصق فيها كتفاك بالجدار
فلا تقوى على تحريك إحدى يديك أو رجليك
وبدأت تشعر بأكوام التراب تهال على وجهك وجسدك
حتى قضت على آخر فتحة تدخل إليك هواء الدنيا
أو ترى خلالها السماء فوقك
أنت تسمعهم فوقك يستغفرون ويوحدون
ثم وقع أقدامهم وهم يرحلون أتناديهم
إنهم لن يسمعوك!!
فهذه نهاية المطــاف …… وهذا هو قبــــــــــــرك


أنزلوك نظيفاً ملفوفا
وسط التراب في غرفة ضيقة وإنها قد تضيق وتضيق فتعتصرك حتى تتداخل فيها أضلعك وعظام صدرك


رحمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاك ياربي

وقد يفسح لك فيها على مد بصرك

وبعد فترة
ماذا سيتبقى منك
سوى العظام والتراب

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت .............. أن السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنـــهـا ............. إلا التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخــــير طاب مسكنـــــــه ............ وإن بناها بشر خــــاب بانيهـا








اللهم اعفو عنا وأغفرلنا يارب العالمين

يتبع بإذن الله






نسيم السُنة 24-05-12 01:11 AM













الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد : -
أولاً : حسن الخاتمة
حسن الخاتمة هو: أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي عما يغضب الرب سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله) قالوا: كيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته) رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الحاكم في المستدرك.
ولحسن الخاتمة علامات، منها ما يعرفه العبد المحتضر عند احتضاره، ومنها ما يظهر للناس.
أما العلامة التي يظهر بها للعبد حسن خاتمته فهي ما يبشر به عند موته من رضا الله تعالى واستحقاق كرامته تفضلا منه تعالى، كما قال جل وعلا: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) فصلت: 30 ، وهذه البشارة تكون للمؤمنين عند احتضارهم، وفي قبورهم، وعند بعثهم من قبورهم.
ومما يدل على هذا أيضا ما رواه البخاري ومسلم في (صحيحيهما) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب لقاء اله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) فقلت: يا نبي الله! أكراهية الموت، فكلنا نكره الموت؟ فقال: (ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه) .
وفي معنى هذا الحديث قال الإمام أبو عبيد القاسم ابن سلام : (ليس وجهه عندي كراهة الموت وشدته، لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد، ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها، وكراهية أن يصير إلى الله والدار الآخرة)، وقال : (ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال: (إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة واطمأنوا بها) يونس: 7
وقال الخطابي: (معنى محبة العبد للقاء الله إيثاره الآخرة على الدنيا، فلا يحب استمرار الإقامة فيها، بل يستعد للارتحال عنها، والكراهية بضد ذلك)
وقال الإمام النووي رحمه الله: (معنى الحديث أن المحبة والكراهية التي تعتبر شرعا هي التي تقع عند النزع في الحالة التي لا تقبل فيها التوبة، حيث ينكشف الحال للمحتضر، ويظهر له ما هو صائر إليه)
أما عن علامات حسن الخاتمة فهي كثيرة، وقد تتبعها العلماء رحمهم الله باستقراء النصوص الواردة في ذلك، ونحن نورد هنا بعضا منها، فمن ذلك:
* النطق بالشهادة عند الموت، ودليله ما رواه الحاكم وغيره أن رسول صلى الله عليه وسلم قال : (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)
ومنها: الموت برشح الجبين، أي : أن يكون على جبينه عرق عند الموت، لما رواه بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (موت المؤمن بعرق الجبين) رواه أحمد والترمذي.
* ومنها: الموت ليلة الجمعة أو نهارها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه اله فتنة القبر).
* ومنها: الاستشهاد في ساحة القتال في سبيل الله، أو موته غازيا في سبيل الله، أو موته بمرض الطاعون أو بداء البطن كالاستسقاء ونحوه، أو موته غرقاً، ودليل ما تقدم ما رواه مسلم في صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله ، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله ؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد).
* ومنها: الموت بسبب الهدم، لما رواه البخاري ومسلم عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله) .
* ومن علامات حسن الخاتمة، وهو خاص بالنساء : موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها أو هي حامل به، ومن أدلة ذلك ما رواه الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عبادة بن الصامت أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبر عن الشهداء، فذكر منهم: (والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة، يجرها ولدها بسرره إلى الجنة) يعني بحبل المشيمة الذي يقطع عنه.
* ومنها الموت بالحرق وذات الجنب، ومن أدلته أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد أصنافاً من الشهداء فذكر منهم الحريق، وصاحب ذات الجنب: وهي ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع.
* ومنها: الموت بداء السل، حيث أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شهادة.
* ومنها أيضاً : ما دل عليه ما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل دون ما له فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) .
* ومنها: الموت رباطا في سبيل الله، لما رواه مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان) . ومن أسعد الناس بهذا الحديث رجال الأمن وحرس الحدود براً وبحراً وجواً على اختلاف مواقعهم إذا احتسبو الأجر في ذلك .
* ومن علامات حسن الخاتمة الموت على عمل صالح، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ختم له بها دخل الجنة) رواه الإمام أحمد وغيره.
* فهذه نحو من عشرين علامة على حسن الخاتمة علمت باستقراء النصوص، وقد نبه إليها العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في كتابه القيم (أحكام الجنائز).
* واعلم أخي الكريم أن ظهور شيء من هذه العلامات أو وقوعها للميت، لا يلزم منه الجزم بأن صاحبها من أهل الجنة، ولكن يستبشر له بذلك، كما أن عدم وقوع شيء منها للميت لا يلزم منه الحكم بأنه غير صالح أو نحو ذلك. فهذا كله من الغيب.
أسباب حسن الخاتمة
* من أعظمها: أن يلزم الإنسان طاعة الله وتقواه، وراس ذلك وأساسه تحقيق التوحيد، والحذر من ارتكاب المحرمات، والمبادرة إلى التوبة مما تلطخ به المرء منها، وأعظم ذلك الشرك كبيره وصغيره.
* ومنها: أن يلح المرء في دعاء اله تعالى أن يتوفاه على الإيمان والتقوى.
* ومنها: أن يعمل الإنسان جهده وطاقته في إصلاح ظاهره وباطنه، وأن تكون نيته وقصده متوجهة لتحقيق ذلك، فقد جرت سنة الكريم سبحانه أن يوفق طالب الحق إليه، وان يثبته عليهن وأن يختم له به.
ثانياً : سوء الخاتمة
أما الخاتمة السيئة فهي: أن تكون وفاة الإنسان وهو معرض عن ربه جل وعلا، مقيم على مسا خطه سبحانه، مضيع لما أوجب الله عليه، ولا ريب أن تلك نهاية بئيسة، طالما خافها المتقون، وتضرعوا إلى ربهم سبحانه أن يجنبهم إياها.
وقد يظهر على بعض المحتضرين علامات أو أحوال تدل على سوء الخاتمة، مثل النكوب عن نطق الشهادة - شهادة أن لا إله إلا الله - ورفض ذلك، ومثل التحدث في سياق الموت بالسيئات والمحرمات وإظهار التعلق بها، ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تدل على الإعراض عن دين الله تعالى والتبرم لنزول قضائه.
ولعل من المناسب أن نذكر بعض الأمثلة على ذلك:
فمن الأمثلة:-
* ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله (في كتابه: الجواب الكافي) أن أحد الناس قيل له وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فقال: وما يغني عني وما أعرف أني صليت لله صلاة؟! ولم يقلها.
* ونقل الحافظ ابن رجب رحمه الله (في كتابة: جامع العلوم والحكم ) عن أحد العلماء، وهو عبدالعزيز بن أبي رواد أنه قال: حضرت رجلا عند الموت يلقن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول . ومات على ذلك، قال: فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر، فكان عبدالعزيز يقول: اتقوا الذنوب، فإنها هين التي أوقعته.
* ونحو هذا ما ذكره الحافظ الذهبي رحمه الله أ، رجلا كان يجالس شراب الخمر، فلما حضرته الوفاة جاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له: اشرب واسقني ثم مات.
* وذكر الحافظ الذهبي رحمه الله أيضا (في كتابه: الكبائر) أن رجلا ممن كانوا يلعبون الشطرنج احتضر، فقيل له: قل لا إله إلا الله فقال: شاهك. في اللعب، فقال عوض كلمة التوحيد: شاهدك.
* ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله عن رجل عرف بحبه للأغاني وترديدها، فلما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول: تاتنا تنتنا … حتى قضى، ولم ينطق بالتوحيد.
* وقال ابن القيم أيضا: أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مشتر جيد، هذه كذا. حتى قضى ولم ينطق التوحيد نسأل الله العافية والسلامة من كل ذلك.
* وها هنا تعليق للعلامة ابن القيم رحمه الله نورد ما تيسر منه، حيث عقب على بعض القصص المذكورة آنفا، فقال: (وسبحان الله، كم شاهد الناس من هذا عبراً؟ والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم، فإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه، قد تمكن منه الشيطان، واستعمله فيما يريده من معاصي الله، وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى، وعطل لسانه عن ذكره، وجوارحه عن طاعته، فكيف الظن به عند سقوط قواه، واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع؟ وجمع الشيطان له كل قوته وهمته، وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرصته، فإن ذلك آخر العمل، فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت، وأضعف ما يكون هو في تلك الحال، فمن ترى يسلم على ذلك؟ فهناك: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) إبراهيم: 27 . فكيف يوفق بحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره، واتبع هواه، وكان أمره فرطاً، فبعيد من قلبه بعيد عن اله تعالى غافل عنه، متعبد لهواه، أسير لشهواته،ولسانه يابس من ذكره، وجوارحه معطلة من طاعته، مشتغلة بمعصيته - بعيد أن يوفق للخاتمة بالحسنى) أ.هـ
* وسوء الخاتمة على رتبتين - نعود الله من ذلك: على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله: إما الشك وإما الجحود فتقبض الروح على تلك الحال وتكون حجابا بينه وبين الله، وذلك يقتضي البعد الدائم والعذاب المخلد .
* والثانية وهي دونها، أ، يغلب على قلبه عند الموت حب أمر من أمور الدنيا أو شهوة من شهواتها المحرمة، فيتمثل له ذلك في قلبه، والمرء يموت على ما عاش عليه، فإن كان ممن يتعاطون الربا فقد يختم له بذلك، وإن كان ممن يتعاطون المحرمات الأخرى من مثل المخدرات والأغاني والتدخين ومشاهدة الصور المحرمة وظلم الناس ونحو ذلك فقد يختم له بذلك، أي بما يظهر سوء خاتمته والعياذ بالله ، ومثل ذلك إذا كان معه أصل التوحيد فهو مخطور بالعذاب والعقاب.
أسباب سوء الخاتمة
وبهذا يعلم أن سوء الخاتمة يرجع لأسباب سابقة، يجب الحذر منها.
* ومن أعظمها: فساد الاعتقاد، فإن من فسدت عقيدته ظهر عليه أثر ذلك أحوج ما يكون إلى العون والتثبيت من الله تعالى:
* ومنها: الإقبال على الدنيا والتعلق بها.
* ومنها: العدول عن الاستقامة والإعراض عن الخير والهدى.
* ومنها: الإصرار على المعاصي وإلفها ، فإن الإنسان إذا ألقت شيئا مدة حياته وأحبه وتعلق به، يهود ذكره إليه عند الموت، ويردده حال الاحتضار في كثير من الأحيان.
* وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت، مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة، قال تعالى: (وكان الشيطان للإنسان خذولا)

المراجع

01 القرآن الكريم
02 اللؤلؤ والمرجان = الرحيق المختوم
03 كتاب الروح لإبن القيم
04 تفسير إبن كثير
05 فتاوى الإمام العلم الشيخ : عبدالعزيز بن باز رحمه الله
06 المقاطع الصوتية من موقع الشيخ إدريس أبكر حفظه الله ورعاه
07 بعض الصور من منتديات وصال



هذا الجهد بفضل الله وكرمه منكم ولكم لا فضل لنا فيه
نسأل الله أن ينفع به ويكتب أجره لجميع المسلمين والمسلمات الأحياء
والأموات
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ..أستغفرك و أتوب إليك
ما وافق الحق من طرحي فخذوه .. و ما جانبه بلا تردد اجتنبوه


اللهم إنك تعلم مافي قلبي قبل أن أطرح هذا الموضوع هنا
اللهم إجعله عملاً خالصاً لوجهك الكريم


اللهم إجمعني بوالدتي وشقيقاي والمسلمين والمسلمات ومن أحبنا فيك ومن أحبنناه
تحت ظل رحمتك في جنتك , وأكرمنا بالنظر لوجهك الكريم
اللهم آمـــــين



http://www.kl28.com/images_ads/ads02_16.gif

تم بحمد الله فجزاكم الله عنا خير الجزاء






حفيدة عائش 24-05-12 01:31 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
امابعد .....

موضوع جدا رائع وقيم ومميز جعل ماقدمته في ميزآن حسناتك
وأثابك الله ونفع بك الاسلام والمسلمين ، وسمح لي أخي الفاضل
أن أضيف أضافه متوآضعه على هذا الصرح المتكامل قصة النبي سليمان
عليه السلام
وعلى نبينا الصلاة والسلام وقصه وزيرة وملك الموت على لسان شيخنا الفاضل
رحمه الله تعالى رحمة واسعه الشيخ كشك لأهميتها ولفائدتها العظيمه ،بوركتم ..


http://www.youtube.com/watch?v=ig2C38KvlGk

Al3sjd 24-05-12 02:09 AM

جعلها الله في ميزان حسناتك

جارة المصطفى 24-05-12 02:50 AM

http://www.p-yemen.com/highstar/arog...0%28284%29.gif

فراشة وصال 24-05-12 06:35 AM


بارك الله فيك وجزاك الله خير
وجعلها في ميزان حسناتك
ونفع بك الأسلام والمسلمين

رمز الحياء 11-06-12 09:51 PM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركا ته
جزاك الله كل خير وبارك الله فيك وجعله في ميزان حسنا تك
ولاحرمك الاجر والثواب ورفع ربي قدرك في عليييين
وسدد خطاك

دمعة نوف 24-06-12 02:59 AM

ربي يجزاك ووالديك الجنة لما قدمت لنا من فائدة ..

راعي الهقوه 24-06-12 03:21 AM

بارك الله فيك وجزاك الله خير

وجعلها في ميزان حسناتك

عقيدتي نجاتي 24-06-12 07:18 AM

طرح قيم
جزاكم الله به خيرا
و غفر لي و لكم و لوالدي و لوالديكم و لجميع المسلمين

أخت المؤمنون 12-07-12 11:44 PM

جزاك الله الفردوس الأعلى في الجنة.

خواطر موحدة 13-07-12 11:06 PM

مميز بالإنتقاء والطرح نفع الله بكم ..
جزاكم الله خيرآ كثيرآ وجعله في ميزان حسناتكم ..


الساعة الآن 09:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant