شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   بيت القصـص والعبـــــــر (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=36)
-   -   رحلتي مع الإيمان وكيف عرفتُ الحق 1 (https://ansaaar.com/showthread.php?t=32589)

ابو معاذ السُنّي 12-11-13 08:17 AM

رحلتي مع الإيمان وكيف عرفتُ الحق 1
 
بسم الله الرحمن الرحيم



أيها الاخوة والأخوات وكذلك الزملاء المتواجدين هنا وهناك


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم اما بعد . فإليكم قصّتي مع الدين وطريقة تعرّفي على الله جل وعلا وتعظّم . هذه سلسلة ستأتيكم في حلقات ان شاء الله سوف اشرح فيها لكم تفاصيل رحلة طويلة وشاقّة وشيّقة عشتها بنفسي . سوف اتطرّق للعناصر الرئيسيّة والمنعطفات الكبيرة التي واجهتني في الحياة وتلاعبت بي من شك الى ثبات ومن ظن الى يقين ثم الى انتكاس , ومن الشرك الى الإلحاد والكفر عياذا بالله من ذلك . الى ان هداني الله الى الحق بفضله ومنّه وكرمه فله الحمد عدد خلقه وزنة عرشه ورضى نفسه ومداد كلماته . ستجدون اغلب حواراتي وجدالي مع البسطاء والمثقفين ورهبان الطاويين والبوذيين في الصين وصولاً الى قسس النصارى واحبار اليهود ..


انها رحلة مع الإيمان ... ولا اظّنها إلاّ ستعجبكم .


ويعلم الله اني في حياء كبير من ذكرها ولكن قلتُ في نفسي لعلّ الله ينفع بها شخصاً ما . او قد تكون فيها عبرة وربما يجد احد طرف خيط لهدايته او نقطة ينطلق منها . فالبركة من عند الله .



اسأل الله ان ييسّر عليكم قراءتها وان ينفع بها .




الحلقة الأولى






في عام 1380 هـ وهو التاريخ


الموافق لعام 1959م تقريبا خرجتُ لهذا العالم الجديد بلا حولٍ ولا قوّة .



وكان في هذا الوقت قد بدأت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تظهر عندنا وبدأ الناس على استحياء يتعرّفون على التوحيد ...!! نعم



يتعرفون على توحيد الله جلّ جلاله .



فقد كان الشرك هو الغالب على المجتمع , كان الشرك بالله سبحانه وتعالى هو المهيمن عى ثقافة المجتمع الذي نشأتُ فيه وكان الذبح لغير الله يُقام كل يوم وكل ليلة وكان دعاء غير الله شيئا عادياً بل هو الظاهر وكان حاضرا عند كل حاجة للدعاء تقريبا .... !!!!.


وكانت اسماء الأولياء المعروفين عندنا كانت تلك الاسماء تتردّد بيننا اكثر من اسم الرسول عليه الصلاة والسلام ولا ابالغ ان قلتُ انها كانت تتكرر على مسامعنا اكثر من اسماء اله الحسنى . إذ ان كل مجموعة لهم اكثر من ولي يدعونهم وينذرون لهم ويلجأون اليهم وقت حاجاتهم ..



كان الجهل منتشرا والأمة في ظلام دامس , فلم يكن في القبيلة كلها سوى ثلاثة اشخاص فقط يستطيعون القراءة والكتابة


وكان ابي رحمه الله تعالى أحد اولئك الثلاثة الذين كانوا يتصدرون المجتمع في معاملاتهم المكتوبة رغم رداءة الخط واللحن في القراءة .


كان ابي رحمه الله هو الوحيد تقريبا في القرية الذي يحرّم الشرك علناً ويحاربه عمليأ ( على الاقل بالكلام ) فقد كان يتخاصم مع من يدعون غير الله او ينذرون للأولياء والصالحين كما يقولون عنهم . لقد كان الفكر الصوفي منتشرا بكل ما أوتي من عنفوان وحين بدأت الدّعوة الى التوحيد قام كل طرف يدافع عن مكانته ومركزه في المجتمع , وكنا في تلك الفترة نعيش بين فكرين متضادين وهما التوحيد والشرك .


ولكن دعاة التوحيد كانوا قليلون جدا ففي قريتنا لا يوجد سوى ابي وثلّة قليلة من الأهل صامتة لا يحرّكون ساكنا , أما الباقون وهم الغالبية الساحقة فكلهم على النقيض مع ابي رغم انهم اخوته وابناء عمه أي اقرباءنا ولكنهم كانوا خصماء لدودين شرسين لا يرعون في انسان إلاّ ولا ذمّة .


كان ابي رحمه الله يعاني من تعنّت الذين يستخدمون الجن وينذرون لها فقد كانوا يبغضونه اشد البغض ويترصدون له , ويشمتون فيه ويتعاونون ضده . وطبعاً يعملون مثل ذلك مع من هو على شاكلة ابي فلم يكن ذلك الحقد وذلك الكره لشخص ابي لا ابدا وانما كان كرههم للدين وحقدهم على التوحيد بالذات . وكنتُ ارقب هذا الوضع عن كثب


وكان في عقلي سؤالا يلازمني دائما وهو


(( يا ترى من هو الذي على حق ...!!؟؟ ))



فكل أب يكون صادقا في نظر ابناءه , ولكن الأكثرية التي نعيش فيها تقول بعكس ما يقوله أبي . فهل يُعقل ان يكون أبي وحده على صواب والباقين كلهم على خطأ ...؟؟



وكان هذا الوسواس يلازمني كثيرا ولا يكاد يفارقني .



وما زاد الطين بلّة ولعب في عقلي هو انه إذا ضاعت ابلنا او اغنامنا مثلا مع ابل واغنام باقي اهل القرية او القبيلة فكان القوم ينذرون أو يتوسّلون للأولياء ان تعود اليهم ابلهم او بقرهم أو ما ارادوه , وسبحان الله ترجع ضالتهم اليهم بينما نحن إما لا تعود أو تعود ناقصة او تعود متأخّرة جداً وكان مثل هذا يحدث كثرا ويتكرر دائما .!!!!!


ذات مرّة ضاعت لنا بقرة صغيرة ( تبيعة ) ومعها بقرة لأحدهم في منطقة كثيفة الاشجار وبها ذئاب وضباع كثيرة وقد افتقدنا ابقارنا الضالة في وقت المغرب . فأنذر صاحب البقرة وزوجته بأن يذبحا خروفا لأحد الأولياء بأن لا يصيب بقرتهما أي مكروه , فقد كانت تلك البقرة حاملا وعلى وشك الولادة ونحن بدورنا كنا ندعو الله بأن يرجّع الينا بقرتنا فالابقار كانت هامة وضرورية للحياة . المهم اليكم المفاجأة .
انقضى الليل وفي صبيحة اليوم التالي وجدنا أن الذئاب والضباع قد اكلت بقرتنا بينما البقرة الثانية سليمة وقد اصبح معها عجلاً صغيراً سليما لم يمسّه أمه سوء . هههههه


وكان المدهش هو انه لا يوجد حتى أي اثر لاقدام الضباع والذئاب حول البقرة الناجية .. واما بقرتنا فقد اصبحت عظاما بالقرب من بقرة الذين أشركوا بالله وانذروا لغير الله . وقد ضجّ الناس بهذا الحدث وسمع به القاصي والداني , واصبح الناس ينذرون لذلك الولي اذا ارادوا شيئا . وتأتي اهميّة الحدث من كون بقرتنا اصغر فهي اقوى على الهرب ومع ذلك اكلتها الضواري اما البقرة الثانية فكانت منهكة من اثر الولادة ومع ذلك لم يصبها سوء مع ابنها الصغير ...
وقد قالوا ان سبب بقائها هو نذرهم للسيّد والولي الذي توسّلوا به فحماها لهم ... سبحان الله


وقد أثّر فيّ هذا الحدث كثيرا وبقي معي سنوات طوال وكاد يفسد عقلي . وكنتُ اتمنى فهمه ولم افهمه الاّ بعد 21 سنة تقريبا . وسوف اشرحه لاحقاً ان شاء الله .


ومثل هذه الاحداث كان يصعب بل يشق عليّ فهمها آذ ذاك .


كنتُ في صراع لا يعلمه الّا الله . ولم تكن امي رحمها الله تستطيع ان تجيبني على كل اسئلتي المحرجة , ولم اكن قادرا على سؤال ابي فالنظام العام هو القبلي الصارم وحتى لو استطعت سؤاله فلم يكن متعلّما كفاية وانما لديه نعمة التوحيد والعقيدة وحسب . ولم اكن قادرا على تفسير الأمور تفسيرا منطقيّا عاقلاً.


لقد كان البعض يدّعو الصوفية وكانوا يأتون بالخوارق والاعمال الغريبة جداً ويسمونها كرامات , وكنا ننظر اليهم بتوقير خاص وهيبة وخوف ورهبة . ولكن شدّ انتباهي شيئا وهو ان البعض منهم ليسوا صالحين كما ينبغي ومع ذلك يأتون ( بالكرامات ) والعجائب . فبعضهم مثلاً كان لا يصلي ولا يعرف طريق المسجد ومع ذلك كان يضع رجله في النار أمام نواظرنا ثم يكوي بها المرضى ونحن نشم رائحة اللحم يحترق من جسد المريض ثم يشفى المريض ,,, والبعض منهم كان يزني أي مشهور بالزنا ومع ذلك يذهبون اليه يطلبون منه اشياء كثيرة وغالبا يحصلون عليها , مثل شفاء العُقم والعثور على الضالة او تصريف السيل او الشفاء من بعض الأوبئة مثل ( داء الكلب ) الذي كان منتشرا ... الخ .


وهنا احب ان اوضّح ان الذين كانوا يدّعون الصوفيّة عندنا لم يكونوا يعرفون عنها شيئا سوى اسم الولي الذي يتبعونه مثل السيد الرفاعي وابن علوان وابو مسواك والجيلاني وغيرهم فربما انهم كانوا اولياء من المتصوّفة اقول ربما لاني لا اعرفهم فهم من العراق ومصر واليمن وحتى من عندنا وقد ماتوا من قبل اما الذين كنت اعرفهم ويدّعون الصوفية فعليّ الطلاق ما هم حولها ولا حتى لهم علاقة بها .



المهم في عام 1391 هـ افتتحت اوّل مدرسة نظاميّة ودخلتها متعطّشاً لعلي اجد اجوبة على اسئلة كثيرة تدور في عقلي منذ طفولتي . وكان عمري حينها حوالي 11 عاماً كنتُ قد أمضيت حوالي الثمان سنوات منها في رعي الغنم حيث تكوّنت في رأسي افكار شتّى وسوف اذكرها تباعا ان شاء الله في الحلقات التالية .




وارجو ممن له سؤال مخصص او توجيه او نصيحة فلا يبخل بها علي .


الى اللقاء

عزتي بديني 12-11-13 10:52 PM

ثبتكم الله على الحق ونفع بكم

ينقل إلى القسم اﻷنسب ويثبت ..

ابو معاذ السُنّي 14-11-13 03:28 AM

شكرا لك ... جزيل الشكر لك
على نقلك للموضوع لمكانه المناسب وتثبيته . وآسف على تعبكم واسأل الله ان ينفع بكم , كما اسأل الله تبارك وتعالى ان يثبّت اقدامك يوم تزول الأقدام .

ابو معاذ السُنّي 14-11-13 07:15 AM

بسم الله الرحمن الرحيم






الحلقة الثانية



قبل ان أذكر لكم بداية الدراسة وكيف كان الاضطراب الفكري والبلبلة العقلية وكيف ان دراستنا كانت فقط للشهادة والنجاح فقط ولم تكن للعلم والمعرفة . في هذه الحلقة سوف أذكر للقارئ الكريم بعض القصص التي كانت تُحكى لنا في مجتمعنا ويتناقلها الناس فيما بينهم . لتكون صورة المجتمع الذي نشأت فيه واضحة فيكتشف القارئ فيما بعد سبب الحيرة التي عشتها وعانيتُ منها . ان قصص الشعوب تعكس وعيهم وتظهر ما بداخلهم من عقائد , وما سأذكره لكم هي قصص كان الناس كلهم يؤمنون بها , فلم تكن قصصا تُروى فقط بل كانوا يتعاملون بها من منطلق عَقَدي إيماني ويتعاملون معها بقداسة وتوقير وتصديق نابع من القلوب وكل تلك الخرافات والتهاويل مردّها هو الشرك بالله , وستلاحظون المبالغات والتنافس وكل فريق يبالغ في سيّده او الولي الذي يتبعه ليغلب الطرف الآخر وهذه امثلة من تلك القصص التي كانت سائدة فيما بيننا وكان المجتمع يتناولها في كل حياته وفي كل شيء



سأقتصر على بعض ما كان منتشرا عندنا فقط البعض واذكر لكم .





القصّة ( 1 )


هذه قصّة عن ولي وكان قبره مزاراً حتى وقت قريب جدا ويُنسب اليه الكثير من الخوارق ولكن سأذكر عنه هذه القصّة فقط وهي :


أن امّرأة متزوّجة وقد غاب عنها زوجها وانشغل مع الإبل , وفي احدى الليالي رأت تلك المرأة أنّ طائرا ابيض وقع عليها , وحين رجع الزوج اخبرته بما رأت وطلبت منه ان لا يقربها حتى يتّضح أمرها أي اما ان تحمل أو تأتيها الدورة الشهرية , واتضح انها حامل . فأبقاها زوجها في البيت واثقا منها فقد كانت ابنة عمّه , وقال لها ان كنتِ صادقة فسوف يظهر ذلك . وكان الزوج اسمه ( حَقَوِي )


وفي أحد الأيام الأخيرة للحمل ذهبت المرأة خارج البيت فجاءها المخاض , وولدت تحت شجرة قريبة من القرية وسمع الناس صياحها وهي تستغيث فهرع النسوة اليها فوجدن الغلام لا يزال معلّقا بأمّه من خلال الحبل السّري فحاولنَ قطع الحبل السري ولكنهنّ لم يستطعن فطلبوا من ( ابيه ) حقوي ان يعطيهم خنجره الحاد لكي يتمكّنوا من قطع الحبل السري الذي صعب عليهم قطعه . ولكن الاب قد امتنع عن ذلك ... !!



وفي هذه الأثنا


صاح المولود بكل وضوح .... صاح بكل فصاحة وثقة وقوّة وقال :


أنا ( أبن حقوي ) صاحب السّر القوي ثمّ قطع حبله السري بنفسه ..!!



ذلك المولود قطع حبله السري بيديه ..!!


وفي هذه الاثناء وامام دهشة النساء لم يحضّروا ماءً ساخنا للمرأة لتغتسل منه كما هي العادة عند حالات الولادة . فضرب الغلام الأرض
برجله فخرجت عين من الارض ماءها ساخن



وهي العين الحارة الموجودة حتى الآن ...!!!!


وبعدها جاء الأب وحمل الولد ورباه ونسبه اليه و...و ..!!


واصبح سيّدا ووليّا وزعيما وله اتباع وهو من قبيلة مشهورة .



ألا تذكّركم هذه القصّة بما جاء في القرأن عن النبي عيسى عليه السلام .!!



هذه الحكاية وما سيأتي بعدها لم يرويها لي راعي غنم بسيط أو انها كانت تتداول بين البسطاء والرّعيان فحسب . كلاّ انها قصص مشهورة وسائدة يتناولونها بجد وتوقير ومن لم يكن يصدّقها أو يكذّب بعضها كان يعتبر شاذا وكما نقول الآن فاسق ضال ..!! ويُخشى عليه من ذلك الولي والسيّد وربما ستأخذه الجن او ان يبتليه ذلك الولي بمصيبة في نفسه او أهله او ماله او في كل ما ذُكِر .!!!!!



واذا كانت تلك القصة غريبة فالقصّة التالية اغرب واعجب .






القصّة ( 2 )


هذه القصّة يبدو انها قِيلت او نُسِجت لتتحدّى سابقتها وهي تقول :


أن أحد الأولياء وكان قبره مزدحما بالزّوار والطائفين والعاكفين وقيل لي ان قبره لا يزال مزاراً حتى الآن وهو في اليمن وهو في الأصل جدّي الثامن ولقبه ( المناجي ) يقول عنه كبار القوم وساداتهم انه تكلّم وهو لا يزال في ظهر ابيه ,
يعني تكلّم وهو لازال( حيوانا منويا )


حيث صدر صوت من ظهر الأب وقال لأبيه وهو يسأل عن متى سيخرج للحياة فقال له ابيه عندما تأتي أمك فقال وهو لا يزال ( حيوان منوي ) وأين أمي فقال له ابيه امك في ( تريم ) يأتي بها الرّب الكريم ........ الخ


ذلك كان حواراً دار بين جدّي الذي كان لم يزل في ظهر ابيه وهو يتحدّث مع ابيه الذي لم يتزوّج بعد . ووالله ان هذا الكلام كان يصدّقه الكبار ولا يزال حتى الآن يتناوله الكثيرون وهم مصدّقون له .







القصّة ( 3 )


الشيخ ( ؟؟؟؟ ) وسوف امتنع عن ذكر بعض الأسماء لاني بعد ما كبرتُ وجدتُ ان بعض الأشخاص والمشائخ كانوا صالحين فعلاً وانما اتباعهم هم الذين غيّروا وبدّلوا . وهذا الشيخ يقولون عنه أنه رمى بحجرة وزنها نحو ثلاثة أطنان وارتفاعها حوالي ستة أمتار , وقد رماها من مكان يبعد عن موقها الآن حوالي 60 كيلومتر بعدما سمع بأن وليّا ظهر عندنا وسيّدا جديدا سينافسه على السيّادة فرمى بالصّخرة على السيّد الجديد فتناولها الولي الجديد بيده بكل هدوء وقال لها إرْتَزّي هنا أي ابقي وانتصبي فبقيت منتصبة . وكان اتباع هذا الشيخ حينما يبصرون تلك الصخرة ينظرون لها بإجلال ودخشة ثم
يصيحون يا شيخ فلان ... يا سيّد فلان ..


يفعلون ذلك تعظيما له واستغاثة به .


وحتى وقتنا الحاضر لا يزال اسم المكان ( المِرْتزَّة ) ولكن بلا تقديس .





القصّة ( 4 )


ارجعوا للقصّة رقم 2 وهو كما ذكرتُ لكم انه يعتبر جدي يقولون عنه ان وبينما كان صبيّاً واثناء ما كانت أمه تحنّيه أي تضع الحنّاء على قدميه وهذا كان من عاداتنا ان نضع حناء على اقدامنا في مناسبات .


المهم كانت أمّه تضع الحنّاء على قدمه واذا به يرفس برجله للأمام حتى كاد ان يصيب أمه فقالت له : أي بني أترفسني فقال كلا يا أمي إنّما ....

(( وركّزوا على الآتي ))



إنما استغاثَ بي أصاحب سفينة كادت ان تغرق بهم في البحر فاستغاثوا بي فأجبتُ دعائهم لي وانتشلتُ السفينة برجلي .!! .



هذا يعني انه يجيب دعوة الداعي اذا دعاه ...!!!!

واستأنفوا بقولهم ان تلك السفينة حينما وصلت الميناء وجدوا أثر قدم الولي ( المناجي ) وكذلك وجدوا الحنّاء على جانب السفينة .. وكانت المسافة التي تفصل بين الرجل والسفينة فقط 300 كيلو متر ...!!





القصّة ( 5 )


احد الأولياء وكان له عندنا شهرة وصيت وله اتباع كثيرو ن


قيل عنه انه يسمع حتى الذي يوسوس به الانسان في نفسه , وانه يقطع المسافة بين اليمن ومكة في لمحة طرف , وانه متى ما طلبته اجابك ومن من النساء تريد ولداً فما عليها سوى ان تقول يا شيخ ابراهيم هب لي ولدا ثم تنذر له بذبيحة وستحمل مباشرة .... وذات مرّة سألته امرأة بأن يهب لها ولدا ونذرت له بكبش أملح , فحملت تلك المرأة وولدت ولكنّ ابنها خرج ألثغ ( يتلعثم في الكلام ) فعتبت المرأة على الشيخ لان ابنها به عيب في لسانه فاصلح الشيخ ذلك العيب واصبح ابنها من افصح الناس ومن كبار شعراء المنطقة . وغير هذا الكثير والكثير . مما يجعل الانسان يخرج عن افكاره ويتيه في غياهب الجهل .


فالشرك والعقل لا يستويان .



أخيرا كان المجتمع قابع تحت جهل مدقع وشرك يتلاعب بالعقول وخرافات متناقضة وهرج ومرج , واني اترحّم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب والملك عبد العزيز اللذين بفضل الله محوا الشرك من منطقتنا فجزاهم الله عنا كل خير .

حفيدة عائش 15-11-13 01:51 AM

سبحان الله !
قصتك أخينا الفاضل ابو معاذ السني عجيبه
وشيقه عند قراتي لها أي مجتمع يحل به الجهل
تجد الصوفيه يتصدرون المشيخه فيه ليضل الناس فوق
ضلالهم اسأل الله عزوجل ان يثبتكم ويثبتنا جميعاً على
التوحيد والسنه جزاكم خير ونفع بكم .

ابو معاذ السُنّي 15-11-13 10:15 PM

حيّاك الله يا Nammar
شكرا لك على المرور والتعقيب والتعليق
ولقد صدقتِ فيما ذهبت اليه , فلن تجد مجتمعا
صوفيّا خاليا من الخرافات والخزعبلات . ويعلم الله لولا
الحياء من القراء لسردتُ قصصا اغرب من فلم الكرتون الآن .

والغريب ان الكثير منها او مثلها اسمعه الآن من كبار مشائخ الشيعة .
واستغرب واقول لنفسي يا الله كيف يصدقون هذه الترهات .

المهم اسأل الله لي ولك الثبات والتوفيق والقوة في الايمان
واسأل الله ان يغفر لك ولوالديك وان ييسر حسابكم .

ابو معاذ السُنّي 19-11-13 11:51 AM

هذه الصفحة تكرّرت غصبا ...
الرجاء حذفها مع كل تقديري واحترامي

ابو معاذ السُنّي 19-11-13 11:52 AM

بسم الله الرحمن الرحيم





الحلقة الثالثة



في هذه الحلقة سأتناول الوضع في الفصول الدّراسيّة , ولا تنسوا ان الوضع خارج المدرسة لم يتغيّر بعد , فتغيير الأفكار من رؤوس الناس يحتاج لزمن طويل بعض الشيء . واما في المدرسة فقد كان الحال عجيبا , فمن الأيام الأولى بدأ الطلاب يدرسون ليس لمعرفة أي شيء وانما فقط لكي ينجحوا ويحصلوا على الشهادة , بينما كنتُ ادرس لكي اعرف من هو على حق وهل يوجد إله واحد فعلاً وهل الأولياء لهم قوّة وفاعليّة فيما يحصل حولي وامام ناظري .


يعني خاب ظني في الدراسة وضاع عشمي في التعليم والمدرسة .


وضم فوق ذلك كله أن الخلفيّة الدينيّة لدى عموم السكان كانت رغم بساطتها على المذهب الشافعي , فنحن شوافع ولم نكن نعلم بذلك , بل كان الاعتقاد السائد هو أن كل المسلين على ما نحن عليه . لم نكن نعرف أن هناك فوارق ولو بسيطة بين المذاهب الاربعة.


وحين بدأ التعليم كانت المناهج الدراسية وخاصّة الدينيّة كالفقه كانت على مذهب الامام احمد . وكان المدرّسون وهم من الاردن وفلسطين ومصر واخيرا اضيف اليهم السودان , فقد كان اغلب المدرسين ليسوا متديّنين او لم تكن لديهم خلفيّة دينيّة راسخة , ومن كان من الدرسين لديه ولو قليل من علوم الدين كانوا إما احناف او مالكيّة . فلاحظوا معي الفوارق .


شخص صغير يعيش في مجتمع يغلب عليه الشرك ويسيطر عليه جهلاء الصوفيّة وفي ذلك المجتمع خلفيّة دينيّة ضئيلة وهي على المذهب الشافعي , وذلك الشخص الصغير يدرس الآن منهجا على المذهب الحنبلي والمدرّس ليس متمكّنا في الدين ولا يعرف عن المذاهب الأخرى سوى اسمها فقط .... فوارق واختلافات في كل شيء تقريباً ...!!



وهذا شكّل عندي صدمة فقد جعل ما كنتُ اسمعه من ابي يبدو خطأ وان ابي اصبح في نظري على غير حق فقد كان يذكر لنا اشياء حسب ما تلقاها وجاءت المناهج الدراسيّة لتقول لي ان ابي مخطئ , مثلاً كرفع اليد في الصلاة عند الرفع من الركوع وكذلك بعض الاشياء الصغيرة .. نعم كانت صغيرة ولكنّها هزّت ثقتي في معلومات ابي , مما جعلني ابدأ بسؤالي السابق والطويل الزمن وهو ... يا ترى



(( من هو الذي على حق !!؟؟))



بهذه الصورة وبهذا الشكل وفي خِضَم هذه الاختلافات والتناقضات بدأت شخصيّتي تتشكّل .


وهنا اورد لكم لطيفة أو نكتة توضّح لكم كيف ان الحابل قد اختلط بالنابل ليس معي فحسب بل مع غيري ولكنهم لم يكونوا يدركون ذلك او انهم استطاعوا تجاوزه ... اعتقد انه فضل الله يؤتيه من يشاء .واليكم النكتة


كان احد زملائي الطلبة وفي أحد اختبارات مادة التوحيد . كان ذلك الطالب يدعو ويقول



(( يا شيخ ابراهيم أسألك ان انجح في اختبار التوحيد ...!!!! )) هههههه



لعلّكم تلاحظون الطالب وهو يدعو غير الله ويشرك بالله لينجح في مادة هي الأهم في عقيدة المسلم ( التوحيد ) وهذا الحال لم يكن الوحيد ابدا . فقد كان هناك أفرادا و أسرا وعوائل كثيرة كانوا ينذرون للأولياء والسادة ويتوسّلون بهم ويدعونهم لكي ينجح ابناؤهم في اختبارات آخر السنة . وكان البعض يبالغ في نّذورهم ليحصل أبنائهم على التّفوّق ..!!!



ولا تستغربوا ان قلتُ لكم ان إحدى النساء حينما قيل لها ان النّذر لغير الله يعتبر شرك اكبر وانه ذنْب لا يُغتفر فذهبت ذات مرة الى مكة مع زوجها لأداء العمرة ... وحينها تشبّثت بأستار الكعبة ودموعها تنهمر وهي تقول يا رب يا رب وراس المناجي لن اشرك بك شيء بعد اليوم .



فهي تقسم لله بالولي ( المناجي ) لتؤكّد عزمها على ترك الشرك . وكان هذا القسم عندنا من اشد انواع القسم واليمين . استغفر الله العلي العظيم .



وهنا يجب عليّ ان اعطيكم مشهدا بسيطا وسريعا عن طريقة طقوس ذبحهم للنّذور .



1 – يأتون بالخروف أو العجل ويوجّهون تلك الذبيحة نحو قبر الولي حتى لو كان القبر بعيداً المهم ليس نحو القبلة ثم يقولن هذا لك يا سيّد فلان , بدل البسملة والتكبير , ويذبحون نذورهم في اتجاه قبر الولي او السيّد المراد وبلا بسملة .



2 – وبعضهم يوجّهون الذبيحة نحو القبلة ويقولون هذا لله ثم للسيّد فلان أو الولي علان .



3 – وهناك طقس آخر وهو ان توجّه الذبيحة نحو قبر السيّد المقصود ويكون له وكيل او خادم موجود وقت الذبح ويبدأ بشرب الدم الذي يخرج من أوداج الذبيحة وقد يوجد اكثر من خادم او سدرة كما يطلقون عليهم عندنا ويتناوبون على شرب الدم حتى يتوقف سيلان الدم حينها يجهز الذابح على تلك الذبيحة .



والحاصل في كل الأحوال لا يوجد ذكر لأسم الله ولا وان وجد كان مشتركا معه غيره .


وكان هذا شائعا جدا مثل البيبسي والكوكاكولا الآن ولا يخلو بيت من ذلك إلا من رحم ربي


ولكن والحمد لله وبصورة لم يتوقّعها احد اندثر ذلك الشرك وذهبت تلك الخرافات بكل بساطة ومن غير جهد يُذكر لا من الدولة ولا من قبل الدعاة , سبحان الله الذي قال



بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ


[الأنبياء : 18]



والآن يبدو لي ان الصورة الفكرية التي تشكّلت في ذهني منذ الصغر قد بدأت لكم تلك الصورة تتّضح وتظهر ولو قليلاً . أقصد الاضراب الفكري والتشتيت العقدي , فمن نذر لغير الله وشرك الى بعض المتدينين الدّجالين الى مدرسين لا يعرفون دينهم وبعض المتهاونين في العبادة والجهل المدقع بدأتُ ابحث عن الحقيقة انطلقتُ ابحث بنفسي عن الحق ,, ابحث بكل الطرق ومع ان عمري كان لم يزل صغيراً إلّا اني بدأتُ اسأل هذا واستفسر من ذاك لعلي احظى بجواب مقنع . يشفي غليلي ولو قليلاً . وهنا اكون قد اكملتُ الابتدائية واصبحت في المتوسط .



في الحلقة القادمة سوف أذهب معكم ان شاء الله الى الصين حيث حصلتُ على بعثة الى هناك وهناك تبدأ بداية المعاناة الحقيقيّة .


استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .

ابو معاذ السُنّي 20-11-13 01:13 PM

بسم الله الرحمن الرحيم



الحلقة الرابعة



ايها القارئ الكريم قبل ان نرحل سويّا الى الصين يجب ان تعرف الظروف التي مررتُ بها في بداية بلوغي سن التكليف فهذا سيعطيك صورة متكاملة عن كل نواحي شخصيّتي , وسامحنى على الإطالة فقد :



توفّيَت أمي رحمها الله وعمري حوالي 13 سنة , واعتبر أن وفات أمي هي اكبر صدمة عاطفيّة واجهتني على الإطلاق . تدهورت حالتنا الاجتماعيّة والماليّة وكل شيء تقريباً فقد كانت اسرتنا تتكون من أم واب وخمسة أولاد . لم يكن في الاسرة بنات وقد تسبب ذلك في مضاعفة مصيبتنا . فللبنات دور فعّال وهام في تماسك الاسرة والحفاظ عليها .



كنتُ أوسط اخوتي فاللذان كانا اكبر مني تركا القرية والتحقا بالشرطة والجيش وبقيتُ أنا واثنين كانا طفلين صغيرين لم يصلا حتى سن الدراسة بعد . وما كادت الجراح ان تندمل حتى توفّي ابي رحمه الله بعد ثلاث سنوات تقريباً , وهنا تشتّتت الأسرة وأصبحنا أيتاما بالكامل .



لم أروِ هذه القصّة لأستجدي الشفقة ولا لأثير مشاعر أحد , وانّما سردتها كما قلتُ آنِفاً لكي يعلم القارئ الظروف القاسيّة وحالة الشتات التي مررتُ بها وقد أثّرتْ بي تلك الحال مثل ما اثّرت بي الظروف الفكرية والاضطرابات العقديّة . فهذه هي العوامل الأساسيّة التي تؤثّر في الشخص . وهنا هو بيت القصيد الذي اريد ان يعرفه القارئ الكريم .



في نهاية عام 1399 هـ لم استطع ان اكمل الدراسة فاضطررتُ الى ان التحق بأحد المعاهد العسكرية , تاركاً خلفي اخوتي الصغار عند خالتي حفظها الله . وقد تخرّجتُ من ذلك المعهد بعد سنتين حيث أتممتُ دراسة اللغة الانجليزية الى جانب تخصّصي في الطبوغرافيا ولله الحمد والمنّة .



وفي عام 1402 هـ حصلتُ على بعثة الى الصين .



ولن اتحدّث عن شيء في الصين سوى عن الجانب الدّيني فقط .



الى أن وصلتُ الصين وكان عمري حينها 22 سنة لم اكن اعبد الله من منطلق إيمان ثابت نابع من يقين . بل كنتُ فقط مصدّقا لما يُقال لي . ولم اكن اتوقّع ان اجد مجتمعا كاملاً يعبدون إلهًاً غير الله . فحتى المشركين الذين كنتُ اعرفهم كانوا يعرفون ان هناك رب وهو الله سبحانه وتعالى ويلجأون اليه وقت الشدّة والاضطرار . وكذلك الامريكان الذين درستُ عندهم الانجليزية رغم انهم يشركون بالله إلاّ ان الله موجود حتى وان قالوا ان عيسى هو الله أو ابن الله
( تعالى الله عن ذلك) فهذا يبقي وجود الله ولكن بصورة مشوّشة . المهم الذي اقصده هو أنهم يعترفون بوجود الله بطريقة أو بأخرى .



أما حين وصلنا الى الصين فقد اختلف الحال تماما . انهم فقط يقدّسون بوذا ويفعلون كل شيء اقتداءً ببوذا وامتثالاً لتعاليم بوذا . وهناك فرق آخرى وهي لا تقل عن هذا الصنف غرابة .


والغريب أن أوّل ما وصلنا منحتنا وزارة الدفاع عندهم جولة سياحيّة مجانيّة على حسابهم كهديّة منهم . واليكم المفاجأة .



أوّل مَعْلَم سياحي زرناه هو شجرة يابسة على رأس جبل يقولون ان بوذا استظل تحتها وهي عبارة عن شجرة يابسة منذ آلاف السنين ولم يؤثّر فيها ذلك وهي مقدّسة عندهم يتبرّكون بها ويدعون دعوات مختلفة كل حسب حاجته ....!!



أما المعلم الثاني فقد كان مَعْبَدا ( دَير ) بوذي صغير ولكنه قديم ومن هنا تأتي أهميّته السياحيّة . في ذلك الدير وجدنا راهبا متنسّكاً طاعناً في السن ضعيف البنية , ليس عليه لباس سوى على العورة المغلّظة وهو ساكت ينظر الى الافق طول وقته , ومن اعطاه شيئا يؤكل أكله . ويقولون ان عمره 70 سنة قضى منها ثلاثين على ذلك الحال ..!!!


ثلاثون عاماً ..!! وهو على تلك الحال ..!!
لا بدّ ان يكون ذلك الرجل مصدّقا لما يعتقده سواء كان ذلك المعتقد صحيحاً او خاطئا .!!



هل كانتْ صدْفة ان نبدأ جولتنا السياحيّة بهذين المَعْلمين الدينيّين ..!!؟

على كل حال هذين الموقفين جعلاني اركّز على الدين وابدأ ادقّق في كل شيء . واظنّك ايها القارئ لا تزال تتذكّر السؤال الذي كان يحيّريني منذ البداية . وهو :

(( من هو الذي على الحق ..!!؟؟ ))



ذلك السؤال قد كبر الآن اكثر واصبح بدل (( من هو ... )) اصبح الآن :



(( من هم الذين على الحق ..!!؟؟ ))



وبدأت الوساوس تغزوا رأسي , وبدأتْ التساؤلات تتكاثر وتتوارد .



يا الله ... ياااااااااااا الله ..



وسبب الحيرة والإشكال كان على النحو التالي :



نحنُ المسلمين نرى انفسنا اننا على حق وكذلك النّصارى يرون انهم على حق ثم البوذيين يرون انهم على حق وكذلك الكنفوشوسيين هم ايضا يرون انهم على الحق ........ الخ .


والغريب انهم جميعا يحصلون على كل ما يريدون من متطلبات حياتهم وتراهم ايضا يحصلون على نتائج ( دعواتهم ). ولابسّط المسألة قليلاً



لقد كان الذين يدعون الأولياء ويسألونهم حاجاتهم في قريتي الصغيرة كانوا يحصلون على سؤلهم . أو لنقل اغلبها . وكذلك المسمين يسألون الله سبحانه وتعالى ويحصلون في الاغلب على ما سألوه , وكذلك النصارى يسألون عيسى فتجد انهم يحقّقون مطالبهم . وهنا البوذيون يمدّون ايدهم سواء لبوذا او لمن يعتقدونه وتماما هم مثل غيرهم يحصلون على ما يريدون . !!


ألا تلاحظ معي هذه الشبهة ... الأ ترى انها تداعب العقل .!؟؟



وكذلك كلّهم لهم تأويلاتهم إذا تأخّرت مطالبهم او نقصت او زادت .!!!



أنا أدعو الله فإذا لم يجبني اقول يمكن لاني عاصي لله . وكذلك النصراني إذا سأل عيسى ولم يحصل على سؤله فإنه يقول ربما لانه عاصي لعيسى


وهذا هو ما يقوله البوذي والسيخي واليهودي وسواهم .



حتى الذين بلا دين يحصلون على ما يريدون ...!!!




ايها القارئ الكريم





إذا كنتَ قد قرأت هذه الاسطر وخاصّة الأخيرة منها فإني اطلب منك التريّث والمتابعة , أطلب منك على الاقل ان تقرأ الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة . وذلك لتعرف الاجوبة على كل تلك التساؤلات .



لقد كانت تدور في رأسي كل تلك الشبهات والتّساؤلات . وهذا ما جعلني ما اخرج من دير الّا لأذهب لمعبد . اسأل هذا وأتناقش مع ذاك . لقد كان عامل اللغة سببا في ذهابي للراهب الواحد عدّة مرات . لقد قضيتُ كثيراً من الليالي وانا ساهر اتحدّث مع نفسي واسأل يا ترى ...


أين الحق ومع من هو الحق ...!!



آسف على الإطالة والى اللقاء في الحلقة القادمة .

ابو معاذ السُنّي 21-11-13 08:37 AM

بسم الله الرحمن الرحيم



الحلقة الخامسة



ايها القارئ الكريم , عندما كنتُ اتحدّث واتناقش مع البوذيين وغيرهم في مسألة الدين قد يذهب بك الظن الى إما أني اريد اقناعهم بالاسلام , وإمّا اني اريد تصديقهم في معتقدهم . وظنّك في كلتا الحالتين ليس صحيحا مطلقا . وإنّما كانت لديّ رغبة جامحة تدفعني لمعرفة معتقد القوم وكيف تكوّن دينهم , وعلى أي شيء أسّسوا الفكرة العامّة لذلك المعتقد . لم يكن يهمّني اسلامهم ( وهذا سأندم عليه طول عمري ) ولم اكن ارغب في اعتناق أي فكر آخر , خاصّة بعدما تفاجأتُ بالشجرة وذلك الراهب الذي عطّل أهم عناصر الحياة , وهو العمل والزواج .



لقد كانت رحلتي الى الصين منعطفاً مهمّا في حياتي .



رحلتي الى الصين فتحت عيوني على أشياء كثيرة , وفتحت لي آفاق بعيدة . ومن أهم تلك الاشياء التي ابصرتها هو جهلي الكبير بالحياة .



ولكن الصين بها حضارة وفيها مناظر خلّابة , وأرض الصين خصبة ماطرة تغطّيها الخُضرة ( في الاغلب ) وتتخلّلها الانهار وبها خيرات وفيرة ومصانع عملاقة كثيرة وأناس يعملون وينتجون .


وقفتُ أمام ذلك انظر بعيون الدين وافكّر من منطلق ديني بحت



فاستجدّ وسواس لم أكن أعانيه من قبل أو ولدت شبهة جديدة وهي :


إذا كنّا نحن المسلمين نقول أنّناعلى الحق واهل الصين كفّار ..




(( فكيف يكونون أكثر منّا تطوّرا وتقدّما واقتصادا ..!!!؟؟ ))




هذه الشبهة تمكّنت مني أيما تمكّن وباتت وسواساً يطاردني في كل مكان ويلاحقني أينما اتّجه . وهو أي الوسواس رغم بساطته ورغم سذاجته إلاّ إنّه لا يزال موجودا عند الكثير من الخلق , وانه يتفشّى بين الناس وخاصّة في أوساط ( المثقفين والكُتّاب ) . وقد وضعتُ القوسين حول المثقفين والكُتّاب , لان الكثيرين اليوم يعتقدون ان المثقفين والكُتاب هم اكثر الناس فهما ووعياّ وإدراكاً للأمور والحقائق ...!!



وهذا هو الخطأ بعينه وهذا هو الكذب العبيط .



فالحق لا يحتاج لقارئ صحيفة ولا لمحرر جريدة لكي يُعرف .


وهذا ما جعلني اذكره هنا , فهذه الشبهة قديمة قِدم الأزل وساذجة للغاية وتافهة
جدّا , وسوف اتطرّق لها فيما سيأتي ان شاء الله تعالى .



ذكرتُ لك آنفاً ان ذهابي الى الصين جعلني اكتشف مدى جهلي بما هو حولي من العوالم والحقائق . فأشعل ذلك في قلبي لهفة العودة للوطن , لا لشيء سوى للقراءة . كان همّي هو ان اعود لكي اقرأ اكبر عدد ممكن من الكتب , وهذا هو السبب الذي جعلني اترك الجرائد والصحف اليوميّة جانباً فقد اكتشفتُ انها فقط كتابات للاستهلاك اليومي , ولعرض المباريات وزيارات المسؤولين وللمهاترات التي لا تجدي نفعاً .



كانت قراءة الجرائد والصحف في ذلك الحين هي إحدى موضات العصر , فلا تكاد تجد شخصا إلا وهو يقرأ جريدة او يشتري صحيفة او يطوي أخرى . مثل الانترنت الآن والفيس بوك , كانت السّمة الغالبة على الناس .



ومنذ صعودي الطائرة عائدا للمملكة العربية السعودية ,عزفتُ عن قراءة الجرائد حيث ناولتني المضيفة احدى الجرائد وكنتُ مدمناً على قراءة الصحف ولكني في تلك اللحظة امتنعتُ عنها فقد قرّرتُ ان لا اقرأها . وفعلا لم اقرأها حتى الآن سوى حالات نادرة جدا.


ما أن وصلتُ الى أرض الوطن حتى هُرِعت الى المكتبات اشتري الكتب واستعير المجلّدات . اقرأ كل ما اجده من العلوم والمعارف ولكني ركّزتُ اكثر على العقائد والدّيانات وكل ما يخص ثقافات الشعوب وحضارات الأمم , وكذلك التاريخ .




في هذه الأثناء قمنا بتزويج اخي الذي يكبرني ولكنه ليس الأكبر وضم الاخوين الصغيرين الى بيته في خميس مشيط . وبدأنا نكوّن الأسرة من جديد وحصل تجمّع من بعد شتات وفرقة . ولكن الأمر لله سبحانه .



فلم يمض طويل وقت حتى حدثت صدمة جديدة وهي وفات أخي الأكبر رحمه الله في مكّة . وقد حزنْتُ عليه كثيرا فقد كان لنا اخاً وأماً وأبا ... لقد كان أخي احمد رحمه الله , اكثر من مجرد اخ لقد كان يؤثرنا على نفسه ... اللهم ارحم جميع موتى المسلمين يا رب العالمين .



لا أريد تشتيت ذهنك ايها القارئ الكريم . وقد ذكرتُ وفات اخي في مكّة المكرّمة لأنّه ارتبط بشيء اكبر منه . وهو أن حزني على اخي ارتبط بهذه المدينة المقدّسة . وقد اصابني شيء من المجافاة لمكّة او ان صح التعبير نفور من هذه المدينة . استغفر الله واتوب اليه . اقصد مثل ان يلدغك ثعبان في مكانٍ ما فيبقى الخوف من ذلك المكان في ذاكرتك فتتحاشى المرور من ذلك المكان . انه شعور عاطفي بحت .



ان ذلك كان بداية لمنزلق خطير في حياتي . فحين ما عدتُ الى عملي في مدينة الرياض ,


وتوافد اصدقائي وزملائي للعزاء , فذكرتُ ما اجده في نفسي نحو ( مدينة ) مكّة .



وليتني لم أذكره .



ففي اليوم التالي قام أحد الزّملاء في العمل وكان متصدّرا للشؤون الدّينيّة وبدافع الغيرة على الدين , ودون ان يدرك قصدي , كال لي كلاماً قاسيّا ووبّخني في حضرة الناس واتّهمني بألفاظ لم تكن فيّ .



فحاولتُ أن افهمه قصدي وقلتُ له أنني لم اجافي مكة كمدينة مقدّسة وانما كمدينة عاديّة مثلها مثل جدة والرياض والدمام ... يعني لم اكن اعرض عن مكة الديّنيّة مكّة الكعبة , مكة الحج ......



فزاد على كلامه قائلاً انني اقصد بقولي ذاك هو أن مكة وجدة في نظري سواء أي لا فرق في قداسة بينهما ..!!


احتدم النقاش والحوار بيننا , وانقسم الناس الى فريقين , وكل الحاضرين فهموا قصدي وراعوا مشاعري في ذلك الوقت والظروف التي كنتُ فيها , فقد كنتُ حزينا للغاية وكئيبا للنّهاية , كل الحاضرين فهموني سوى اثنين وهما اكثر الأصدقاء تديّنا وانظمّ اليهم فيما بعد عدد لا بأس به من الذين فهموا الدين على كيفهم وفسّروا الاشياء كما تهوى انفسهم وهنا تعجّبت . فالمتدينون وحدهم فقط هم الذين لم يفهموني ... !!!!




لقد كان بعض الزملاء الذين يتعاطون المخدرات من بين الذين فهموا قصدي وأوّلوه الى الأحسن , وكان غير المتدينين من بين الذين قالوا انها فترة حزن وان شاء الله ستذهب . وفعلاً بعد اقل من اسبوع عاد اليّ وعيي وندمتُ اشد الندم على ذلك الشعور .


رغم انه شعور انتابني غصبا عني .!! وصدق الله إذْ قال


وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً

[الإسراء : 53]





لقد استغل الشيطان غيرة اخي وفهمني خطأ فأوقعني فيما لم يعلم به هو فيما بعد .. وقد استغلّني الشيطان ايضا , فقد بدأتُ انفر من اهل الدين ثم تطوّر النفور الى كره ثم معاداة لاهل الدين . ثم تحدّي سافر بيني وبين أولئك الذين لا يوجد لديهم أي نوع من الشعور والإحساس .!!




ولله الحمد لم اكره الدين في حد ذاته ولم اعارض شيئا منه . وبقيت فقط ضد المتديّنين .. ربما انتقاماً وربما هو شيء آخر . المهم هنا بدأتُ اترك الطريق الذي كان يجب عليّ ان اسلكه وهو طريق البحث عن محاسن المسلمين , واخذتُ طريقاً غيره وهو أني بدأتُ ابحث عن مساوئ المسلمين وعن هفوات العلماء وما شجر بين المسلمين من قبل وحتى الآن .

وهذا جرف سفينتي الى محيط شاسع مترامي الاطراف . ولكني ابحرتُ فيه غصباً عني ورغم انفي . فلو أن صديقي وزميلي الذي سبب تلك المشكلة , لو أنه صبر وجاءني في اليوم التالي على انفراد واستقصى الأمر وذكّرني بما تحمله مكة من معاني عالية , لو انه فعل ذلك لما حصل ما حصل . عفا الله عنه وغفر لنا جميعا .




شكرا لصبرك ايها القارئ الكريم , والى اللقاء في الحلقة القادمة


إن شاء الله .

ابو معاذ السُنّي 22-11-13 08:23 AM

بسم الله الرحمن الرحيم




الحلقة السادسة



ايّها القارئ الكريم , تذكّر قول الله تبارك وتعالى



وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام : 153]



ولكني وللأسف البالغ قد اتّبعْتُ سبيلاً غير سبيل الحق , فتفرّع بي ذلك السبيل الى سُبُل شتّى فتهتُ في بحر من الظلمات . بدأتُ أترنّح بين بغض للمسلمين وخاصّة الملتزمين وبين النفور من العبادات , حتى ظهرتْ عندي بعض الشكوك في بعض العبادات فاختل توازني واعتلّ إيماني الضعيف اصلاً .!!



ومع ذلك بقيتُ مصرّا على متابعة القراءة والإطلاع . حتى أن مكتبتي كانت تظم اكثر من 300 كتاب , قرأتها جميعا على الاقل مرة للكتاب الواحد , ناهيك عن الكتب الأخرى التي استعرتها والكتب التي قرأتها ثم أهديتها للأصدقاء .





وفي أواخر عام 1403 هـ حصلتُ على بعثة الى بريطانيا لمدّة سنتين , وما أنْ استقرّ بي امقام هناك حتى بدأتُ اسأل عن التوراة والإنجيل فهما لم يكونا من ضمن ما قرأتُ من الكتب , وقد صعب عليّ فهمها باللغة الانجليزيّة , وذات يوم ونحن في صالة لاحد فنادق لندن جاءت فتاة نصرانيّة توزّع منشورات دعويّة وتبشيريّة , فطلبتُ منها نسخة للإنجيل باللغة العربية , وبعد ساعات قلائل وإذا بموظف الفندق يطرق باب غرفتي ليناولني الانجيل كما طلبت من تلك الفتاة .



قرأتُ منه بضع صفحات واخذته معي الى المدينة التي كنتُ ادرس فيها اللغة , وهي مدينة ( إكسموث ) في الجنوب البريطاني . وقد نسيتُ ان اذكر لكم أن الأسرة التي سكنتُ معها ولمدّة تسعة اشهر وهي فترة دراسة اللغة , تلك الأسرة كانت منقسمة من ناحية الدين .

فالأب بروتستانتي والأم كاثلوكيّة والأولاد يتبعون الكنيسة الانجليزيّة ( تشرش أوف إنجلاند ) .هههههه .



قلتُ في نفسي أما يكفي اختلافات أهل القريّة التي نشأتُ فيها ...!!



لم أجد في الإنجيل شيئا يشدّني سوى بعض أدعية منسوبة لعيسى عليه السلام وأما الباقي فأغلبه سردا لأحداث ووقائع يغلب عليها الطابع البشري , فلم اقرأ اكثر من ربع الكتاب وربما اقل واكتفيتُ بتصفّحه من الحين للآخر .



بعد شهرين تقريباً بدأت آثار الغربة وجاشت عواطفي وبدأ حنيني الى وطني واهلي وكان معي اصدقاء اربعة من نفس العمل وفي نفس البعثة . وكان بالقرب من مدينتنا مركزا اسلاميا فذهبنا الى ذلك المركز , لنأخذ جدولاً لمواقيت الصلاة وكذلك لنصلي معهم الجمعة فقد بدأ الدين ينشط لديّ من جديد , وقد فرحتُ بتلك العودة وذك الشعور الجميل .

ولم أكن اعلم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة .



ففي إحدى الجُمع ذهبنا لذلك المركز الإسلامي مبكّرين وحصل بيننا وبين القائمين على المركز حوار قبيل الصلاة فاكتشفنا أنهم يبغضون أي شيء يمت الى السعودية بصلة . كانوا يكرهون المملكة لأسباب سياسيّة وخلطوا الدين بالسياسة , فكانوا ينظرون لنا بازدراء ويعاملوننا بغلظة ..... فتركنا لهم المركز وذهبنا الى مدينة لندن وهناك وبينما نحن نتجوّل في أحد شوارع لندن صدفنا مكتبة عربيّة فأسرعنا اليها وبعد جولة ليست بالقصيرة اشتريت أسوأ الكتب على الإطلاق .




لقد وقع اختياري على ثلاثة كتب دفعتُ ثمنها باهظا إنه أغلى ما عندي وهو :



عقيدتي وديني .



تلك الكتب كلّفتني أغلى ما يمكن للإنسان ان يدفعه . لقد اشتريت كتُبا لبعض الملحدين العرب ومنهم ملحد سعودي مشهور وكذلك اشتريت كتابا للملحد داروين صاحب نظريّة التطّوّر والارتقاء . وتلك النظريّة تقول بأن الحياة تكوّنت من خلال التفاعل الكيميائي لخليّة واحدة ثمّ تكاثرت مع ملايين السنين ثم تطوّرت الى باقي انواع الحياة المعروفة الآن .

إنه ينفي وجود الخالق وبهذا ينكر البعث .



انه ينكر حتى انسانيّة الانسان , وله في ذلك شروحات وتوضيحات مصحوبة بالصّور والأمثلة التي أختيرت بعناية ورُتّبت بصورة شيطانيّة ونُظّمت بطريقة خبيثة وبأسلوب ماكر .



قرأتُ كتاب داروين أولاً ثم كرّرتُ قراءته , ولم يخطر ببالي ان يكون مخطئا ولم اجد في نفسي أيّ مقاومة لكي أكذّب ما جاء في ذلك الكتاب . ربما أنه وقع على نفس تريد ما في ذلك الكتاب من ترّهات وأكاذيب . وبعد ما خلصتُ منه ذهبتُ لقراءة الكتابين الباقيين . وقد كانت مثل القشّة التي قسمت ظهر البعير .




فقد اصبحتُ ملحداً



في خلال أشهر قلائل اصبحتُ ملحداً ... لا أنكر الأديان السماوية فحسب



بل أنكر وجود الله ..!! أنكر الخالق العظيم



يا الله .... باااااااااااااااااااااااا الله



ليتكم تنظرون اليّ الآن وانا اتذكّر حالي عندما اقتنعتُ بفكرة الالحاد .



اقسم لكم بالله ان بعض الليالي كانت تمر عليّ سوداء حالكة السواد , مهما كانت قوّة الضوء ومهما كان النور وأياً كان مصدره .!!!!!!



ظُلْمة وحشة ضياع فراغ تيه حيرة .... قل ما شئت من أوصاف كئيبة فهي تنطبق عليّ .. يا رب ما ارحمك يا الله ما اكرمك يا الله ما أعظم حلمك .



يا ترى هل السبب الذي جعلني أقع في هذه الوقيعة هو :



غباء أو جهل أو ضعف الوازع الدّيني ..!!؟؟



سنرى بإذن الله في الحلقة القادمة



. يحفظكم الله .

ابو معاذ السُنّي 23-11-13 06:15 AM

بسم الله الرحمن الرحيم









الحلقة السابعة






لا يمكن للإنسان ان يكون ملحدا خالصاً في ظرف يوم وليلة . وإذا كان الإنسان ذا خلفيّة اسلاميّة ولو سطحيّة , فأن بقايا دينيّة ستبقى تلازمه لفترة قد تطول لأشهر فهناك بقايا إيمانيّة وقصاصات وجدانيّة , تظهر للشخص من حين لآخر . هناك رحمة من الله يلتمسها المنصف ويجدها المرء في نفسه في أوقات مختلفة .





هناك نسمات رحمانيّة تكون على شكل ذكريات جميلة لماضي جميل تظهر للملحد من وقت لآخر , تلامس وجدانه وتحرّك مشاعره فربما يعود الى الحق . هذه النسمات تبقى في أماكن مختفية وتظهر فجأة . ولكنّ العناد واتّباع الهوى يجعلان الانسان يصر على ان يسلك الطريق الخاطئ الذي اختاره بنفسه .




ايها القارئ الكريم ربما يجول الآن في صدرك اسئلة تريد ان


تسألها , عن شعوري في هذه المرحلة وعن أحوالي النفسيّة وربما عن دراستي فيما إذا كانت قد تأثّرت ام لا .. وربما عن موقف الزملاء الذين كانوا معي .!!!!




ولا أخفيك سِرّا , إذا قلتُ لك أن كل ذلك قد تأثّر سلباً . ولكن الأهم منها هو شعوري الداخلي وهو الذي سأذكره لك مختصراً . فقد انتابتني موجهة من الصراعات وثورة من العواطف المتناقضة . تساؤلات غريبة تنتابني بين الفترة والأخرى . تبدّلت نظرتي للأشياء , فكل شيء جميل اصبح قبيحاً أو ليس فيه الجمال الذي كنتُ اشاهده فيه . اصبحتُ ارى الأشياء من المنظور الآتي



(( هل لها إلهٌ خلقها أم لا ...!!!!!!؟؟ ))



اذهبُ الى البحر فبدلاً من ان اتمتّع بهدوئه وبجماله اصبحتُ انظر اليه وأقول كيف تكوّن على الارض ومن أين أتى الماء . انظر الى العصافير الجميلة التي كنتُ سابقاً انثر لها الحبوب لتتجمّع حولي , أنظر اليها الآن فلا يهزّني نحوها سوى سؤالي عن كيف كانت قبل ملايين السنيين , وهل كانت تطير قبل ان تكون على حالتها هذه ام كانت تزحف زحفاً , وكيف كانت اشكالها فيما مضى ...!!!




حتى الهواء اللطيف والنّسمة الهادئة التي كانت تداعبني بِرِقّتِها , لم تعد سوى استفسارات عن المناخ وعن تأثيرات المنخفض الجوّي القادم من الشمال أو الجنوب , كل شيء اصبح مجرّد اسئلة واستفسارات وبحوث ونظريّات ..!!!




المروج الخضراء والأنهار الصافية والجداول التي تشبه الأفعى وهي تنساب في صمت وهدوء بين الأشجار الظليلة , كل ذلك قد اصبح في نظري , فقط حدثاً جغرافيّا أو جيولوجيّا .


القارئ عبد الباسط محمد عبد الصمد وهو يرتّل القرآن لم يعد صوته الشّجي سوى بحثا تاريخيا عن بداية الديانات . ولم تعد سورتي الرحمن والتكوير في ذهني سوى , تساؤلات عن الماضي السحيق ... بعد أن كانتا تهزّان أعمق وجداني .




فقدتُ المتعة في كل شيء وذهب من عيوني جمال كل شيء ....!!!


وهذا الشعور هو ما يجعل الكثير من الملحدين يلجأون الى المخدرات والكحول , وهو نفسه الذي يجعلهم ينتحرون . فالدنيا عندهم كلّها تصبح خالية من


الطعم واللون والرائحة .




كان الكرب وضيق صدري تتعاقب عليّ ولم اعد استطيع الضحك من اعماقي كما كان سابقاً , ولم يعد هناك شيئ يسعدني او ينشرح له صدري إلاّ نادرا .



ولكن مهلاً فهناك سؤال هام قد يخطر في بالك ايها المتصفّح الكريم وهو :




ألم يكن ذلك كلّه كافيّا لكي تعود أدراجك وتتوب الى ربّك ...!!!!؟؟؟؟




والجواب على هذا السؤال ليس صعباً الآن . فهو بكل بساطة


( نعم )

بل ان واحدا منها كان كافيّا لكي أتراجع ..




ولكن هذا جوابي الآن



فإنا الآن فقط أتذكّر شعوري في ذلك الحين واستعيد من ذاكرتي ما كنتُ اشعر به في تلك الحقبة السوداء . أما لو أنّك سألتني حينها فإنّك ستجد جوابا مغايرا عن هذا الجواب , وستجد تفسيرات أخرى وسوف تجد أني ادافع عن كل ذلك مستميتاً في دفاعي , وسيكون الرّد عليك مشفوعاً ( بالأدلّة والبراهين ) ..!!




إن جوابي لك حينها سيكون على النحو التالي



أنا انظر للأشياء من منظور علمي بحت , وابحث عن الجوانب العلميّة في كل شيء من النّملة حتى الجبل , ان سبب تأخر العرب هو انهم ينظرون للأشياء بنظرة كلاسيكيّة وجدانيّة . أما نحن فلا دخل للعواطف في ربط الأشياء .



(( إنّه العلم المحض ... والنظرة الباحثة عن كل شيء في كل شيء ))




ربما سيكون جوابي لك هو ما سبق أو ما شابهه . وصدّقني أني لم أكن ارى خسارتي لتلك الأشياء على انها خسارة . بل ربح وفائدة , ,اني كنتُ أرى ان ذلك هو الأنفع والأفضل فهو في نظري تطوّر وربط علمي لعناصر الكون .


إنّ الإنسان حين يقع في الضلالة فإن الأشياء السيئة يراها حسنة والعكس.


ألم تقرأ قول الله تبارك وتعالى حين قال :




أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [فاطر : 8]




الآية أعلاه توضّح لك كل شيء , وذلك بالضبط كان هو حالي , فلم أكن اشعر بأني فقدتُ شيئا , بل على النقيض كنتُ أرى أنّ غيري هو الذي يعيش في رجعيّة وجهل , ولا طائل من وجوده هو.



ولك ان تتذكّر كلامي الذي قلته عن داروين وكتابه في الحلقة السابقة فقد قلتُ



(( وله في ذلك شروحات وتوضيحات مصحوبة بالصّور والأمثلة التي أختيرت بعناية ورُتّبت بصورة شيطانيّة ونُظّمت بطريقة خبيثة وبأسلوب ماكر . ))



هذا الكلام لم يكن يخطر على بالي حين قرأتُ الكتاب , بل قل حين استسلمتُ لما جاء في ذلك الكتاب . لم تكن نظرتي له على ما هي عليه الآن . !!



كنتُ اراه افضل الكتب على الاطلاق , وانه الكتاب الذي يجب توزيعه مجاناً .


وتلك الحالة تشبه حالة المدخّنين . فهم لا يشمّون الرائحة النّتنة التي تنبعث من الدّخان . هو في نظرهم اطيب ريحاً من المسك وهذا معروف عنهم . وهذا نفسه هو الذي كان معي .




أما حالة الضيق والكرب ,التي كانت تنتابني بين افينة والفينةفقد عزوتُ اسبابهما الى الإهتمام الزائد بالدراسة وكثرة التركيز أو الى اسباب التقطها من هنا وهناك . ولم تكن ملازمة لي دائما فقد كانت تأتي وتروح ومع الوقت اعتدتُ عليها وتعايشتُ معها . إلا انها قد غيّرت كثرا من طباعي وسلوكي وتعاملي مع الآخرين ولم اعرف انها بسبب الضلال الذي وقعتُ فيه إلاّ بعد توبتي النهائيّة , حيث بقيَتْ معي حتى عرفتُ الحق (تماماً ) وذلك في عام 1415 هـ تقريباً .





اطلتُ عليكم في تفصيل وشرح هذه الفقرة , وذلك لما لها من وقع كبير في نفسي


وكنتُ سأختم هذه الفقرة وانتقل الى التالية لها وهي الاصعب لولا أني شعرتُ ان هناك سؤال قد يحوك في نفس القارئ وهو :




هل تنصّلتَ من الدين كاملاً , وهل بدأتَ محاربته فوراً ..؟؟



ربما سيعجب القارئ الكريم لو قلتُ له : أني كنتُ من اكبر المدافعين عن الدين الاسلامي وكنتُ متصدّرا للحوارات التي تحدث بين بعض الطلبة النصارى والمسلمين . وحتى القسس والمبشّرين . فنظرا لما رزقني الله من اطّلاع كبير ووفرة في المعلومات وما منّ به عليّ من إجادة للغة الانجليزية , فلذلك كنتُ اتصدّر المشهد في الذود عن الاسلام والعرب والقضيّة الفلسطينيّة . ولن اذكر من تلك الحوارات شيئا لعدم فائدتها , وانما سأذكر ما هو أهم منها وهو هذا السؤال :



(( كيف لملحد أن يدافع عن الإسلام .... !!!؟؟؟ ))



ههههه أشعر أن بعض القراء يضحك وآخر يقول:


شكلها كبيرة ... أو ... كثّر منها


والجملتين اعلاه نقولها نحن السعوديين عندما يحدّثنا شخص بشيء يبدو انه غير صحيح أو ان ذلك الشيء عجيب او لا يُصدّق ...!!



ولكن والله أن هذا هو الصحيح وهذا هو الذي حصل . وسوف تجدون تفاصل ذلك ان شاء الله في الحلقة التالية .



يحفظكم الله

حفيدة عائش 24-11-13 09:08 AM

متابعه بشغف ツ
وفقكم الله .

ابو معاذ السُنّي 25-11-13 05:14 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نمـــار (المشاركة 238866)
متابعه بشغف ツ
وفقكم الله .



شكرا لكِ ايتها الاخت الفاضلة / نمار
شكرا لك على متابعتك . واتمنى ان
يكون في هذه الحلقات شيء من الفائدة .




يحفظك الله من كل سوء ويبارك فيك ويغفر لك

ابو معاذ السُنّي 25-11-13 07:41 AM

بسم الله الرحمن الرحيم






الحلقة الثامنة




الدين الإسلامي هو دين الله الحق , وهو دين الفطرة


والإسلام دين قوي , يبدأ بمعانقة روح الانسان ثم يلامس شغاف قلبه فيتمسّك بها بقوّة ثم يتغلغل في فكر المسلم ويتجذّر ويتشعّب حتى يكون في كل مناحي حياة المسلم , واعتقد ان الاسلام يدخل حتى في تكوين كل خليّة من خلايا جسد المسلم . إن الإسلام حياة متكاملة لمن يعتنقه .


ولكن كل تلك القوّة وكل ذلك التغلغل وكل ما ذكرته فيما مضى وكل ما ذكره غيري عن الدين الإسلامي من القوّة والصفاء والوضوح والنّقاء




...... كل ذلك ينهار فوراً إذا اختلّ التوحيد .....




وهذه وجهة نظري الشخصيّة منطلقة من تجارب ذاتيّة



فقد رأيتُ انه متى ما اختلّتْ العقيدة

التوحيد


أقول إذا اعتل التوحيد فأن الاسلام يصبح جِرما فارغاً تتلاعب به كيفما شئتَ . نعم قد يبقى شكل الاسلام العملاق وتبقى كثير من صفات الاسلام السامية ولكنها تكون خاوية , لا معنى لها .



والغريب أن الإنسان لا يشعر بذلك .!!!



وأقصد بالانسان هنا أي الشخص الذي كان مسلما ثمّ اختلّ توحيده


أعني توحيده لله ... الواحد الأحد , الله الذي لم يلد ولم يولد ....


وقد ذكرتُ لك ايها القارئ الكريم في الحلقة الماضية اني كنتُ من المدافعين عن الاسلام , وكنتُ حينها ملحداً , وهذا يعني أنه لم يختل عندي التوحيد فحسب , بل اندمر واندرس وذاب وذهب ......



فكيف كنتُ ادافع عن الاسلام وبأي صفة ولماذا .... !!!؟؟




بكل بساطة لم أكن ادافع عن الدين الاسلامي .!!!


وما كنتُ افعله هو الدفاع عن نفسي ( أنا) .



لم يكن دفاعي نابعاً من إيمان وغَيْرة على الدين . وانما دفاعي كان يكمن في النقاط التالية .



( الذات ) ( الغلبة ) ( الظهور ) ( التسلية )




ولا اظن ان دفاعي حينها يخرج عن تلك النقاط الاربع , وان خرج عنها فيخرج الى ما هو أسوأ منها . وهذا تماما ما نجده عند الكثيرين من المحاورين الآن من بعض الفِرَق والديانات الأخرى ..!!




وهذه مصيبة وطامّة تصيب المرء من حيث لا يلقي لها بالاً , وتستمر معه فتحجب عنه الحق وتعميه , وتعيقه عن الوصول الى الحقيقة .



وهو مستمر في غيّه , إما يكابر وإما لا يعلم .!!




ولأضرب لكم مثالاً ليقرّب اليكم المسألة .



لو أني اشجّع نادٍ لكرة القدم . وقرأتَ أنتَ في احدى الصحف أنّ ذلك النادي تعاقد مع أحد اللاعبين الممتازين , ولكنّ ذلك اللاعب مشهور بتعاطيه للمخدّرات . وأتيتَ لتعيب عليّ ذلك فأني سأهب فورا وسأدافع عن النادي وعن إدارته وكم هي نزيهة , ولن يفوتني الدفاع عن طهر ذلك اللاعب وكيف ان ما قيل عنه ما هو إلاّ كذبة لفّقها الاعلام وسافعل كل ما بوسعي لأردّ لك الصاع صاعين . وقد أكيل لك من صنوف الشتائم والسب كيلاً .....!!!




لماذا كل ذلك ... هل هو إيماناً مني بالنادي ..!!؟؟




كلّا ,,,




ما ذاك سوى نوع من الدفاع عن الذات ..!!



فأنت حين ذكرتَ النادي الذي أشجّعه ( أنا ) فقد لامستَ شيئا من شخصيّتي فأسرعتُ اليك أدافع عن ( ذاتي ) وليس عن النادي . !!




وربما أني قد سمعتُ او عرفتُ بأن ذلك اللاعب يتعاطى المخدرات فعلا كما ذكرت أنت , وله منكرات أخرى كثيرة ربما انت لا تعلمها . فسوف انفي ما تعرفه وأخفي عنك مالا تعلمه ... كل ذلك طمعاً في أن يفوز ( النادي ) فأحصل ( أنا ) على شيء من



( النصر ) ( والتسلية ) ( الغلبة )



أتمنّى ان يكون المثال اعلاه واضحاً , فالكثير من الذين يدافعون عن معتقدهم لا يدافعون عنها ابتغاء الحق وطلبا للحقيقة . وانما يدافعون بغية الفوز والشعور بالتّفوّق على الخصم ......


اقول الكثير منهم .



ومن مثالي السابق أرى أن الصواب هو : أن لو كنتُ صادقاً في حبي لذلك النادي وأدافع عنه حقاً , لتأكّدتُ من الخبر جيّدا ثم ذهبتُ الى إدارة النادي واستعلمتُ منها وابديتُ لها رأي ووضّحت لها الحق .....!!!




وسوف يكون لي تصرّفي الشخصي حيال ذلك الحال

واعتذر عن المثال بأندية كرة القدم فقد اضطررتُ لسهولة ملاحظة المثال فقط


المهم إن الذي ينشد الحق , تراه يعترف بما لديه من تقصير ويثني على ما عند الخصم من مزايا , ويحاول ان يستخدم ما يعرفه هو وما يؤمن به هو ويستخدم عقله وحواسه وما فهمة فعلاً . وينظر للاشياء بعدل وانصاف .



أذكر في إحدى المرات تجادلتُ مع أخ سوادني , وفّقه الله , وقد كان مصليّا صائما خاشعا لله تقيّا ( احسبه كذلك والله حسبه ) . تجادلتُ معه في أن التعرّف على الله شيء صعب للغاية

فلماذا جعل الله التعرف علهي بهذه الصعوبة والمشقّة .؟؟



فقال لي :


التعرّف على الله ليس صعباً وانه لمن ابسط الأشياء ويمكن .....



فقاطعته فوراً قائلا : لو كان ذلك كما تقول فعلاً , وأن التعرف على الله بسيط لما كان هناك مليار ونصف مسيحي ومليارين بوذي واكثر من ذلك كفار والعديد من الناس تائهون ...... !!!!!!!!!!!!!!!



ولاحظوا معي مقاطعتي له . جعلتني اخسر فكرته التي كان يريد ايصالها لي . فحين قال ان التعرف على الله امر بسيط ,



لَمْ اسأله كيف .!!



وهنا يبدو لكم واضحاً باني لم اكن اريد ان اتعرّف على الله سبحانه وتعالى فعلاً , وانما كنتُ اريد الكلام والجدل والحوار . ربما ان مقاطعتي له كلّفتي الكثير من السنين حتى عرفت انه كان فعلاً صادقا . ولكن لماذا



لم اصمت حتى ينتهي أو اسأله كيف , او دلّني أو اشرح لي .... !!



كلّا ... ما كان مني سوى ان سخرتُ منه وقاطعته , وهكذا اضعتُ فرصة هيئها الله لي . وهكذا كل انسان لا يريد ان يرى الحق وفضّل العمى على الهدى . وكان ذلك الحوار بعد عودتي للمملكة العربية السعودية .




فقد اكملنا الدراسة بشقيها اللغوي والتخصّصي وكانت مدتهما جميعا سنتين وشهرين تقريباً . تخللتْها عدّة زيارات لسويسرا حيث تعرّفتُ على شخص سويسري هناك واتّفقتُ معه على ان نشترك سويّا في شراء مطعم في جنيف وكانت معرفتي به جاءت عن طريق ابنته التي كانت تزاملني في نفس المدرسة التي كنتُ ادرس فيها اللغة الانجليزيّة , وكنتُ قد طلبتُ الزواج منها ووافقت هي وأسرتها , وبهذا كنتُ سأحصل على الجنسيّة السويسرية . وما أن انتهت فترة الدّراسة في بريطانيا حتى انطلقتُ الى جنيف لإتمام باقي الإتفاقيّة بشأن المطعم والزواج .



لم تكن الاتصالات الهاتفيّة حينها متوفّرة كما هي عليه الحال الآن .


لم تكن هناك جوالات ولا انترنت ... وهذا ما سيفاجئكم في الحلقة القادمة



حيث خبأ لي القدر صدمة لم تخطر على بال ولم تكن في الحسبان .



لحين ذلك يحفظكم الله .

ابو معاذ السُنّي 25-11-13 02:26 PM

بسم الله الرحمن الرحيم







الحلقة التّاسعة





منحتنا السفارة السعودية في لندن خمسة عشر يوما كإجازة نهاية البعثة وبعدها يجب علينا مباشرة اعمالنا . وقد قضيتُ منها 10 أيام في جنيف . وحين وصولي الى مطار الرياض عصراً وجدتُ انّ جمعاً غفيرا من الإخوة والأصدقاء والزّملاء في انتظاري في أرض المطار . والحمد لله بأني قد كنتُ محبوباً في عملي وبين اصدقائي وكنتُ طريفاً اجيد النّكتة وكثير المزح والمداعبة لأصدقائي , إلاّ أن ذلك الجم الكبير من الاصدقاء قد فاجأني .




بعد السلام عليهم , شاهدتُ وجوماً يعلو وجوههم . وكان من بينهم صديقاً يحبني كثيرا واحبّه فلم يستطع صبرا فانفجرَ باكيا . فعرفتُ أن كارثةً ما تنتظرني



.... يا إلهي ... ما الخطب ... ماذا هناك يا ترى ...!!؟؟




فأخبروني أن أخي الصغير ( حسن ) قد توفيَّ الى رحمة الله غَرَقاً




منذ شهر ونصف ...!!!!!





حسبي الله ونعم الوكيل ..!!




لقد قضيتُ كل اجازتي في سويسرا ألْهث وراء هذه الدنيا وابحث عن حياة رخيصة تعيسة ... بينما أخي حسن الذي ربيته بنفسي وهو طفل في السنة الثانية من عمره ... تربّى على يديّ ... وكنتُ بمثابة امّه وابيه واخيه , وكان اكثر اخوتي شبها بي في صورته وحركاته ...



رحمك الله يا حسن




وقع الخبر عليّ اشدّ من وقع الحسام . وقد اصابني من تأنيب الضمير والنّدم ما لم يصبني حتى الآن . فقد ذهبتُ الى جنيف بنما اخي قد توفيّ منذ أكثر من شهر . لم يخبروني بموته لأن ذلك الوقت كان وقتَ اختباراتي النّهائية فخافوا ان يؤثّر ذلك سلباً على دراستي . وكنت في الأيام الأخيرة للدراسة كل ما اتصلتُ على اخوتي هنا في السعوديّة واطلب منهم أن يكلّمني أخي حسن فيعتذرون بأعذار مختلفة فيقولون لي , إما انه نائم أو في السوق أو في حفل او في محاضرة




كانوا يخبئون عني خبر وفاته .




لكي لا أتأثّر ..... ولا تتأثّر دراستي ...!!!!!



بينما أنا مشغول فقط بنفسي



إذْ ذهبتُ الى سويسرا .!!!

وهذه هي النقطة التي تؤلمني اكثر وجعلتني اكره حتى نفسي واحتقرها .



يا للخزي ويا للحسرة والنّدامة





الحمد لله على كل الأحوال .



بقيتُ تلك الليلة الكئيبة في منزل صديق لي . وبعد أن تفرّق الأصدقاء وذهب الجمع من حولي , تركني صديقي هذا في المجلس حيث هيأ لي فِراشا لأنام عليه وذهب هو لينام في غرفة نومه . وبعد ان هدأ كل شيء اختلستُ النظر الى مقدّمة المجلس



فأبصرتُ مسجِّلاً ومن حوله اشرطة كاسيت كثيرة فاخترت واحدا منها عشوائياً وأدرجته في المسجّل , وإذا به الشيخ كشك رحمه الله , بصوته الجهوري وروعة إلْقائه , فلامس ذلك جراحاً عندي فأصغيتُ اليه وانصتُ له . وبكل هدوء تسلّل كلامه الى قلبي وناجى ما يجول بين جوانحي , فهدأتْ مشاعري واستأنستُ بما قاله الشيخ . فقد كان رحمه الله في ذلك الشريط يحث على اللجوء الى الله ولا زلتُ أذكر حتى الآن بعض ما جاء في ذلك الشريط فقد كان يقول :



(( إذا اغلِقتْ جميع الأبواب في وجهك فقل يا الله , وإذا تنكّر لك الخلق فقل يا الله وإذا اظلمت الدنيا في عينيك فقل يا الله وإذا ضاقت عليك الدنيا فقل يا الله ... يا الله ... يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله ))



فخفضتُ صوت المسجل وبقيت اكرر تلك الكلمة العظيمة . يا الله



يا الله كنتُ اقولها بصوت خافت خشية ان يسمعني صاحب البيت وأهله بقيتُ اكررها مصحوبة بحشرجة في الصوت فقد كانت العبرة تخنقني والدموع تنساب من عينيّ متّصلة الى موضع لحيتي ... وأنا اكرر يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله .... يااااااااااااااااااااااا الله




هدأت اعصابي ورحمني الله رحمة من عنده حيث ربط على قلبي فلم أجزع ولم اسخط ولم اتفوّه بشيء يخرج عن الأدب مع الله ولم اتصرّف بشيء ينافي الإيمان بالقضاء والقدر . انزل الله عليّ صبرا لم أكن اتوقّعه .... ولا اظن اني استحقّه ولستٌ اهلا لكل ذلك من الله سبحانه وتعالى


ولكنّها رحمة الله ومنّه وكرمُه وجودُه وحلْمُه ولطفه وعطفه يفيض بها حتى على العصاه من أمثالي وعلى منهم على شاكلتي من الجاحدين والمعرضين .




لا إله إلاّ هو ربّ العرش العظيم .



لم استطع النوم حتى أذّن للفجر ... ولكن قبل أن استطرد في الحديث فأنسى سؤالاً أودّ إلقائه عليكم .. ورغم بساطته إلاّ أني أراه هامّاً وهو :



هل اختياري لشريط الشيخ كشك كان محض مصادفة .!!!؟؟؟



أما أنا فلا أعتقد انها كانت صدفة .!!!



فأنا لم أكن اعرف الشيخ من قبل ولم اسمع به إلا تلك اللحظة وهذا يدلّكم على اني لا اعرف اسماء الاشرطة لكي اختار منها ما يناسب المقام . ثم ان الغرفة مظلمة قليلاً فلم اكن استطيع قراءة عنوان المحاضرات . وأخيراً فإن إصرار صديقي ذاك وإلحاحه على النوم عنده وموافقتي على ذلك كان ذلك غريباً , فصديقي ذاك لم يكن اقرب اصدقائي وكان يسكن مع اهله ( متزوجا ) بينما باقي اصدقائي عزاب وهم كُثُر وكان الاجدر بي ان اسكن عند واحد منهم بدلاً من السكن مع شخص متأهل ......




فكّر جيّدا .



فهذا قد شغلني فيما بعد واحببتُ ان تشاركني ايها القارئ فيه .




على كل الاحوال ذهبتُ الى المدينة التي بها اخوتي وهي خميس مشيط وكان الجو كئيبا بكل ما تعنيه الكلمة . كان كل ما نظر احد منّا في وجه اخيه انفجر بكاءً . ولكن رحمة الله واسعة ... واسعة جداً ويبدّل الله الاحوال كيف يشاء وبطريقة لا نعلمها نحن البشر فله الحكمة البالغة .




وفي احدى الليالي وبعد أنْ أرخى الليل ستاره وكفّت الحركة واخلد الناس الى النوم , اشتدّت عليّ الذكريات وذهبت بي مخيّلتي الى طفولة أخي


فتسللتُ الى دولاب أخي حسن الذي كان يضع فيه ملابسه وأمتعته , أريد أن اشمّ رائحته , أريد ان اعانق شيئا من ذكرياته , فوجدتُ حقيبته المدرسيّة ففتحتها , انظر الى خطّه وأتمعّن في خربشته على اغلفة الكتب والدفاتر . وبينما انا كذلك واذا بي اسمع باب حجرة أخي الكبير ينفتح فخشيتُ ان يلاحظني فأنكأ جراحه التي بدأت تلتئم قليلاً , فأخذتُ كتاباً من الحقيبة واعدتها لمكانها بحذر , فاذا سألني أخي فسأقول له اني ابحث عن كتاب لأتسلّى به , فهو يعرف اني احب القراءة , ثم اسرعتُ الى سريري .




وفعلاً حصل ما توقّعته فقد سمع اخي جلبتي وجاء يسألني وكان جوابي ما اخبرتكم به اعلاه . وليس هذا هو القصد من الإتيان بهذه التفاصيل الصغيرة . إن القصد اكبر بكثير من ذلك وله علاقة بما سيأتي بعد حين من الزمن . ان القصد يكمن في أن ذاك الكتاب الذي اخذته دون ان أقرأ عنوانه , لقد كان كتابا يتكلّم عن حياة الصحابة رضي الله عنهم ...!!!!



يا ترى اختياري لذلك الكتاب كان أيضاً صدفة ....!!!!؟؟؟؟؟



أوّل ما فتحت ذلك الكتاب كان على منتصف قصّة الصحابي ابي بكر الصديق رضي الله عنه . فأعجبني اسلوب الكاتب وطريقة سرده للقصّة وقد كنت اعرف القصة من قبل , فعدتُ الى أوّل القصّة وبدأتُ القراءة ... وقد هالني كثيراً إيمان ابي بكر رضي الله عنه فقد كان ايمانه قويا ثابتا لا يتزعزع . وسأذكر لكم فقط قوله عندما يذكرون له كُفّار قريش ان الرسول عليه الصلاة والسلام قال او فعل شيئا غريباً لا يتخيّله العقل آنِذاك , مثل قصّة الإسراء والمعراج .


فقد قالوا له إنّ صاحبك يقول انه ذهب الى الأقصى ثم عاد من ليلته


فكما يعلم الكثير أنه ردّ عليهم رضي الله عنه في ثبات ويقين وقال لهم ...




( إن كان محمداً قال ذلك فقد صدق )





يا إلهي أيّ إيمانٍ هذا ...!!!؟؟؟




إنه ايمان قوي , إيمان واثق وراسخ رسوخ الجبال الشم ..!!!!!





استعجبتُ من هذه القوة الإيمانية .. بينما انا قرأتُ صفحتين او ثلاث فانهارت قوتّي كلها وذهب إيماني مثل رماد ساقته ريح عاصف .




ثم ذهبتُ الى قصّة عمّار بن ياسر وآل ياسر جميعاً وكذلك بلال يُسْحَب على الارض وهو يقول أحد احد ..... وغيرهم من المهاجرين والأنصار



المهم ان تلك هي بداية حبي للصحابة .رضي الله عنهم أجمعين .




ذلك كان السبب وراء سرد هذا الجزء من الكلام . وهناك فائدة استفدتها من ذلك الكتاب وهو اني تذكرتُ فلمي ( عمر المختار والرسالة ) التي كنتُ قد شاهدتهما في بريطانيا . وفي عصر اليوم التالي ذكرتُ الفلمين لأخي وكان لدينا فيديو فذهب الى متجر لاشرطة الفيديو وكم كانت المفاجأة حينما جاء أخي بالشريطين وقد تمّتْ دبلجة فلم ( عمر المختار ) الى اللغة العربيّة فقد شاهدتُه فقط باللغة الانجليزيّة وقد بدت الفلمان افضل مما شاهدتهما من قبل . فتسمّرنا امام شاشة التلفزيون اكثر من ثلاث ساعات لم يحرّك احدٌ منّا ساكناً . ثم شاهدنا الفلمين في اليوم التالي ثم اجتمع معنا بعض الاصدقاء والجيران في اليوم الثالث للمشاهدة .




وهنا ايضا استفدتُ مرتين مرّة تعلّمتُ شيئا جديداً واضفتُ عنصرا جديداً الى معلوماتي , ومرّة بأني ساهمتُ في ذهاب بعض مظاهر الكآبة عن الاسرة وخاصّة اخوتي فقد صار للوفاة عندهم اكثر من شهر ونصف .. ولم تعد جديدة سوى عليّ ولذا حاولت التمثيل أمامهم وكنتُ اظهر لهم عدم حزني , فاذا خلا علي المكان فإني انهار بكاء وامتلئ حزناً . وهذا الكبت لعواطفي جعل المشكلة تطول معي بعض الوقت .




ولكن لن أذكر بعد هذا شيئا واني اعتبر ان هذه الحلقة هي حلقة خاصّة بسرد مشاعري وبث حزني والبوح بعواطفي , فسامحوني على اشغالكم معي وسامحوني على الإطالة .



والى المنعطف التالي في الحلقات القادمة إن شاء الله



الى ذلك الحين اترككم في رعاية الله وحفظه .

ابو معاذ السُنّي 26-11-13 09:42 AM

بسم الله الرحمن الرحيم







الحلقة العاشرة



بعد ان هدأت الأمور وسكنتْ العواطف وبدأت الحياة تدريجيّا تأخذ مجراها الطبيعي . وقد بدأت تظهر عليّ سمات الإلتزام , فكنتُ اواضب على الصلاة واتجنّب النقاشات الدّينيّة الاّ ما ندر . اصابتني عزلة بعض الشيء فقام المسئولون في العمل وكذلك الاصدقاء جزاهم الله خيراً قاموا بمراعاة حالتي النفسيّة التي كانت في الحضيض . وجدتُ بعض الهدوء النفسي لفترة من الوقت .



وكنتُ قد ذكرتُ لكم فيما سبق التزاماتي التي ابرمتها في جنيف . وكان لزاما علي الوفاء بها او اتّخاذ أي اجراء حيالها , فأنا شخص طبعني الله على احترم العهود والمواثيق والوفاء بتعهداتي مهما كلّفني ذلك . وهذا من فضل ربي , وليس لي فيه أي اجتهاد بل هو طبع فطرني الله عليه .


وكنتُ قد اخبرت الطرف السويسري عبر الهاتف بما حدث لي من ثاني يوم من وصولي المملكة وطلبتُ منهم تأخير كل شيء ريثما تعود الى حياتي الطبيعيّة . وكنتُ قد دفعتُ 10 آلاف دولار كمقدّم من ثمن المطعم البالغ حوالي 40 الف دولار ندفعها مناصفة بيننا كشركاء في الثمن .


فكّرتُ في الأمر كثيراً وقلّبتُ الأمور , فلم يعد الذهاب الى سويسرى أمراً ممكناً وذلك لما وجدتّه من تعلّق بأخي الأصغر ( علي ) الذي قد اصبح في الصف الأول الثانوي وبقيتُ متعلّقا به أكثر من ذي قبل . اصبحتُ احبّه اكثر ولا أريد البعد عنه , فقد كان لوفاة أخي حسن رحمه الله تأثيرا على عواطفي وقراراتي ..



في النهاية , رسى الأمر على عدم الذّهاب الى سويسرى .




فأرسلتُ لهم برسالة تحتوي على صورة من شهادة وفاة أخي وصورة من قرار وزارة الدفاع الذي يمنع العسكريين من الزواج بأجنبيات .


وذكرتُ لهم ان أي خسائر أو اضرار لحقت بهم جراء تصرّفي هذا , فلهم أن يأخذوها من المبلغ الذي قد دفعته سابقاً فإذا لم تكفي فعليهم ابلاغي وسوف ارسل لهم ما يعوض عن خسائرهم التي حصلت بسببي .



لم يكن بالامكان محادثة الرجل عبر الهاتف فهو لا يتحدّث الانجليزيّة إلاّ قليلاً جداً , وانا لا اعرف الألمالنية فكانت الرسائل هي الحل الوحيد وكانت الترجمة تتم عبر ابنته او مصدر آخر .


وبعد اسبوع استلمتُ رسالة منه يعزّيني فيها ويشكرني على الالتزام بالاتفاق , وذكر انه لم تلحق به أي خسارة بسببي ولكنّه يحتاج المبلغ ال ( 10 دولار ) لمدة شهرين وسوف يعيدها لي بعدها .



ارسلتُ له امتناني وشكرته على تفهمه لظروفي وأعطيته مهلة شهرين آخريْن فوق الشهرين التي طلبها هو . وان صعب عليه الأمر فمتى ما وجدها , ورجوت منه بأن لا يشق على نفسه في رد المبلغ ...... وهنا سؤال :



لماذا كل هذا التفصيل في هذا الأمر البسيط , وما الفائدة منه ...!!؟؟



فصلتُ في ذلك الأمر لأمرين الأوّل هو قصّة طريفة حصلت واراها مناسبة لأذكرها والثاني يتعلّق بانتكاستي التالية ....هههههه



واليكم القصّة



فذات مرّة وصلتني منه رسالة شكرني فيها على ثقتي به واعطائه المهلة وقال في رسالته انه معجب بسلوكي ومرتاح من تصرّفاتي . وقال ( مثل .... )



وقبل ان اكمل القراءة , كنتُ احسبه سيذكر من بين السلوكيّات مثلاً , الشجاعة الكرم والصدق والالتزام والثبات على العهود ....ولكنه لم يفعل


نعم لقد اشار الى بعضها من بعيد ولكنه ركّز على شيء آخر لم الق له بالاً .


فقد قال في رسالته ...



(( .... اعجبني منك جداً حينما كنّا نستقلّ الحافلة وصعد الرجل العجوز فلم يجد مقعداً حيث كانت الحافلة مكتضّة بالركاب ..... فنهضتَ انت واخذتَ بيد ذلك العجوز واجلسته مكانك وبقيتَ أنتَ واقفاً ...))




ثمّ استأنفَ بقوله .



(( ... لقد كنتُ فخورا بك , ليس فقط في تلك الرحلة بل بكل صداقتي لرجلٍ مثلك ولن اندم في يوم ما على معرفتي بك ..... الخ ))




هل لاحظتم ماذا اعجب الرجل فيّ ....!!!؟؟؟



ولم تنتهي الرسالة بعد فقد ذكر في آخر رسالته قوله :



(( ... وقد ذكرتْ لي ابنتي أن لديكم كتاباً مقدّسا , فأرجو اذا كانت تتوفّر لذلك الكتاب ترجمة باللغة الألْمانيّة فأرجوك ان ترسله لي ... ))



لاحظتم انه يطلب ترجمة للقرآن الكريم ...!!!



وما كان السبب الرئيس الذي اعجبه فيّ سوى



أن رجلا عجوزا صعد الى الباص ولم يجد مقعدا . فنهضتُ واعطيته مقعدي



الى هنا انتهت رسالة الرجل وانتهى كل ذكر له في هذه الحلقات , ولن تسمعوا عنه بعد الآن شيئا .




أما أنا فقد ذهبتُ في عصر ذلك اليوم الى سوق البطحاء ابحث عنما طلبه زميلي فقد فضّلتُ أن اشتريها من مالي ابتغاء الاجر والثواب . فلم اجد في مكتبات البطحاء أي نسخة للقرآن الكريم مترجمة الى الألْمانية , وذلك لنفاذها . وذهبتُ الى اكثر من مكان والى اكثر من مكتبة فم اجد . فذكرني شخص من اهل المكتبات بالمعهد العالي للدعوة الاسلامية . وبعد ظهر اليوم التالي استأذنتُ من عملي وذهبتُ الى المعهد العالي للدّعوة لأطلب منهم نسخة للقرآن مترجمة الى اللغة الألمانية . وكنتُ اعلم ان هناك تراجم كثيرة للقرآن في ذلك المعهد فقد تلقّيتُ فيه دورة لمدة شهر يأخذها كل مبتعث للخارج اجبارياً . وكانوا يوزّعون علينا الكتب المترجمة مجاناً ومنها القرآن الكريم والحديث وبمختلف اللغات .



ذهبتُ لمكتب المدير وطرقتُ الباب بهدوء حتى سمعت الإذن بالدخول فوجدت المدير وكان رجلاً كبيرا في السن وعنده شخص آخر يتحدّثان معاً عن الاراضي والمنح , والعقارات . وكنتُ مرتدياً الزّي العسكري . فسلّمتُ عليهما وبقيت واقفا صامتا ريثما ينتهيان من الحديث .



كنتُ لا أريد مقاطعتهما ..



تحدّثا قليلاً ثمّ التفتَ المدير نحوي بطريقة ليست حسنة .. وقال :



نَعَمْ ...... إيشْ عندّك ....!!؟؟



فقلتُ : سلامتك


أريد نسخة للقرآن الكريم مترجمة الى اللغة الألمانيّة .



فقال : وانا وشْ دخلني في هذا ..!!؟؟



فقلتُ :


على الأقل دلّني على الطريقة التي احصل بها على نسخة مترجمة فهناك شخص طلب مني ذلك وربما انه يسلم وبهذا نساهم معاً في هدايته .




فقال : يسْلم ما يسْلم ... انا وش دخلني بالموضوع ؟؟



فقلتُ :


كنتُ اعتقد ان هذا الموضوع يمكن ان يكون موجوداً عندكم .



فقال :


هذا معهد ... هذا معهد ... تعرف وش تعني كلمة معهد ....؟؟



فقلتُ :


طيّب ... الذي يريد ترجمة للقرآن , كيف يحصل عليها .!؟



فقال : يروح يسأل علنها في البطحاء ما هو في مكتبي




فقلت:


هل تعرف مكتبة في البطحاء محدّدة تدلني عليها ..؟؟






قال :


أقول وراك ما تذلف وتغلق الباب وتخلّي عنك خرابيطك ذِيْ .



كنتُ في بداية الأمر اعتقد أن شكلي لم يعجبه او ان منظري لم يكن مألوفا له , وهذا امر طبيعي فليس كل من تقابله يكون مبتسماً . ولكن استغربتُ انه حتى عندما سمع ان قصدي غاليا وعاليا وساميا ومع ذلك



قال لي : لماذا لا تغرب عن وجهي وتغلق الباب وتترك الهذيان .



الكلمات اعلاه هي ترجمة لكلامه .




ولقد كانت كلماته تلك صدمة لم اكن اتوقّعها من رجل يترأس معهدا متخصّصا في الدّعوة الى الله ....!!!


اشتطتُ غيضا وامتلأ قلبي حنقاً وارتفع ضغطي , فأطبقتُ شفتي صمتاً وهممتُ بالخروج دفعاً لسوء العاقبة ...



فسألني الرجل الذي كان جالسا عند المدير وقال :



تعرف شارع الستين بالملز ...؟؟



وكان يريد ان يدلّني على مكتبة او ربما مكان اجد فيه عازتي



فقلتُ له بغضب شديد : ( لا )



أنا أعرف شيئا واحداً وهو إما أنّكم كذابون أو أن الاسلام ليس دينا صحيحاً ...!!!!


استغفر الله



فقال الرجل : حسبي الله ونعم الوكيل ... انا لله وانا اليه راجعون .




أما المدير فقد قال : ايه ... هذا اللي توقعته من هذه الاشكال .




وللحق والأمانة , فالرجل الذي كان يجالس المدير كان مؤدّبا , فكانت تبدو عليه علامات الأسف من اسلوب المدير ولم ينطق بكلمة واحدة وكان مطرقا رأسه الى الارض ( اظنه حياء ) ...




اغلقتُ الباب بعنف , وخرجتُ غضبان , اتخبّط في غيظ شديد من سوء اخلاق بعض الخلق , وضيق الافق لديهم , ولا يهمّهم سوى انفسهم ,

وبينما انا اسير في أروقة مبنى المعهد قابلتُ شخصاً من بنقلاديش , يعمل هناك فيقوم بتنظيف المسجد وقاعة المحاضرات في ذلك المعهد , وكنتُ قد تعرّفتُ عليه سابقاً وقت دورتي قبل البعثة .



كان لطيفاً وكنتُ اعامله بلطف .. فأنا لا انظر ابدا لمنشأ الإنسان والناس عندي حسب مولدهم سواسي . فسلّم عليّ بحرارة وسألني عن سبب مجيئي الى المعهد , فذكرتُ له القصّة ... فضحك وقال لماذا لم تأتي اليّ أنا وسأعطيك كل ما تطلب وكم ما تريد ...!!!!!!!!!!!!!!



ثمّ اقتادني الى مستودع صغير هناك وفتحه وقال لي خذ كم ما شئتَ


وبأي لغة تريدها , ثم اختار لي هو لما لديه من خبرة في ذلك المجال وحسب ما تأتيهم من التعديلات والتنقيحات ....



حسبي الله ونعم الوكيل . وبهذا انتهت القصّة


على كل الاحوال حصلتُ ما اريد وارسلت الترجمة لزميلي .


والآن عندما تذكرتُ ذلك المدير ارتفع ضغطي وعلي ان اختم هذه


الحلقة والى اللقاء ان شاء الله .

ابو معاذ السُنّي 27-11-13 01:31 PM

بسم الله الرحمن الرحيم






الحلقة الحادية عشر






في هذه الحلقة وما بعدها سيبدأ توجّه جديد ( في حالتي ) وسيبدأ منعطف آخر مختلف تماما عن ذي قبل , وأرجو من الله ان يوفّقني الى أن اتذكّر احسن عناصره وأهمّ جوانبه .



لعلّك ايها القارئ الكريم لا زلتَ تتذكّر ما جرى بيني وبين مدير المعهد العالي للدّعوة الإسلامية . ففي مساء ذلك اليوم وكنّا في عطلة نهاية الاسبوع , وقد اجتمع الكثير من الاصدقاء وقد اشترينا ( قات ) ...!!



وهو شجرة مشهورة في اليمن وجنوب المملكة وافريقيا . وهي شجرة مخدّرة , تطرد النّوم وتقسّي القلب وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة وعن معرفة الحق . انها شجرة الثّرثارين . فحين يتعاطاها الشخص فإنّه يُكثر الكلام ويزيد في الخصومة . وقد كنتُ اتعاطاها .



وما ان بدأنا نمضغ أوراق القات ونحشوا بها اشداقنا , بدأ الحديث حتى فاجأتُ الحاضرين بقصّتي مع المدير وكيف كانت اخلاق ذلك المدير سيئة معي للغاية .



وهذا ايضا هو دَيْدن معظم بسطاء الناس أمثالي وهذا هو دأب العُصاة ومن هم على شاكلتي , فما ان يقع خبرٌ مثل هذا حتى يذيعوا به , سواء تعاطوا قاتً او لم يتعاطوه ....!!


يسوّدون صفحات الآخرين .. لعلّ صفحاتهم تبقى بيضاء .



نقلتُ الخبر وبالغتُ في النّقل وزدتُ عليه ...!!



عكستُ صورة للرّجل لا يُحسد عليها . وفي المقابل كنتُ اذكر لأصدقائي حسن أدبي وعلو أخلاقي ومدى لطفي في التعامل مع ذلك المدير . وزدْتُ على ذلك بقولي أن هدفي كان ساميا وهو مساعدة رجل كافر لعلّه يعتنق الاسلام وانّ مطلبي كان فقط القرآن الكريم ..... الخ .


ولم يقصّر الاصدقاء والحاضرون من جانبهم فقد ذكروا هم ايضاً الكثير من القصص المشابهة والمتفرّقة , يأتون بها من هنا وهناك , مرّة ينسبونها لأنفسهم وتارات ينسبونها لغيرهم والكثير منها إماّ غير صحيح أو على الأقل قِيل لهم عنها بغير سند ..!!



كانت سهرة ساخنة وصاخبة ...!!!!



وفي ساعة متأخّرة من الليل انفضّ المجلس وتفرّق الجمع . ذهبتُ الى غرفتي وبدأت تخيّم عليّ حالة الصّمت والاكتئاب التي تنتاب كل من يتعاطى القات بعد ن يتوقّف عن مضغه للقات .


بدأ عليّ توتّر وشيء من غضب ربما من اثر القصص التي تناولها المجلس آنفاً . وذهبتُ اتخيّل ما حصل بيني وبين مدير المعهد . والغريب أن القات يجعل متعاطيه لا يستطيع ان يتخلّص من أي فكرة علقت بعقله .



ولذا تراهم يبيتون الليل يفكّرون في شيء تافه جداً وبسيط للغاية .!



فبقيتُ افكّر في قصّة ذاك المدير واقلّبها يمينا وشمالاً . ثمّ اقول في نفسي خلاص انتهى كل شيء , لا جدوى من تكرارها . وما أن اغمض عينيّ حتى ترجع الفكرة من جديد , فابقى افكر فيها مرّة ثانية ... ثمّ انهر نفسي واحاول ان اغيّر تفكيري في شيء آخر . وبعد ثواني تعود القصّة , فاستطرد معها من جديد مضيفاً اليها عنصرا جديدا كأنْ أقول ليتني ضربته أو لماذا لم اهزئه وتستمر معي الأفكار والخيالات . ثم اقطعها بشيءٍ ما ولكن بلا جدوى .... حاولتُ القراءة فلم استطع , اجبرتُ نفسي علي القراءة ولكن ما ان اقرأ جملتين او ثلاث حتى اجد نفسي متوقّفا عن القراءة وافكّر في ذلك المدير ....


لم استطع ان اتخلّص من تلك الافكار ولم استطع النوم ..!!


وكأنّه لم يبقى في العالم كلّه سوى هذه العناصر الثالثة



شاهي , دُخان , المدير . المدير , شاهي , دخان ...



يتقدّم بعضها ويتأخر البعض الآخر ....



سبحان الله العظيم , تبارك الله وتعالى



وفي هذه الأثناء غضبتُ من نفسي وقمتُ اتحدّث الي نفسي كأنّي اتحدّث الي شخص آخر أو كأنّي أوبّخ شخص غيري . وهذا الشعور يعرفه كل واحد منّا . انها الثنائية في الأنسان . وقد بدأتُ هذه السطور بتسبيح الله وتعظيمه , وذلك لأن هناك آيات يعرضها الله علينا ونحن معرضون , وهناك طرق للهداية يمنحها الله فنتغافل عنها , هناك اشياء بسيطة يسهل على المرء فعلها تلوح امامه في كل زمان وتلاحقه في كل مكان , ولكنه يتجاهلها . ليس شرطاً ان تكون تلك العبر في مسجد ولا عند شيخ ولا مختبر ولا معمل . هي هناك يجعلها الله في أي شيء ومتى يشاء .



فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون .



ذكرتُ لكم أعلاه اني غضبتُ من نفسي وقمتُ اتحدّث معها وكأنّنا اثنان .


فقلتُ في بادئ الأمر مخاطباً نفسي :



ما الذي يجعلك تفكّرين بذلك المدير اكثر من اللازم . ؟



وما الذي يجعلك تعوّلين على هذا الأمر اكثر من غيره . ؟



لماذا لا تفكرين في الديانات واختلاف العقائد ..!!!؟؟



ألَمْ يكن معرفة الحق هو احب المواضيع الك ...!!!؟؟؟؟



قلتُ تلك الأسئلة الأربعة شفهيّا , فأعجبني ذلك وراق لي . وقبل ان اجيب عليها شفهيّا تناولتُ قلما ودفترا , وبدأتُ اكتب تلك الأسئلة ..!



كتبتُ السؤال الأوّل , وقلتُ في نفسي :



اجيب أوّلا على هذا السؤال ثم انتقل للسؤال الآخر . وهكذا .



وكان السؤال الأول عن سبب ( كُثْرة التفكير بمدير المعهد )




أمسكتُ القلم وبقيت ابحث عن جواب , مقنع . وبدأت نفسي تبحث عن اجوبة تناسبها هي وتميل الى جانبها او تتستّر بها . فأذكر اني قلت لها بصوت عالي جازم



(( مُقْنِع ))



وقد هالني مدى حيف الانسان عن الحق وأدهشني مدى غطرسة النفس .


وكان الجواب الأول ليس مقنعا وغير منطقيّ فقد كان هكذا :



افكّر في المدير كثيراً لأنّه سيء الأخلاق ...!!!



وبقيتُ قليلاً افكّر في الجواب واتأمّله , فانبثق سؤال آخر وهو:



وهل انت مسؤولة عن الناس ..!!؟؟



هل ان كل شخص سيء ستبقين تفكرين فيه ...؟؟



واذكر اني قلتُ (( هو سيء , وأنت مالك )) كما يقولها الاخوة المصريين




ولكن النفس تتهرّب وتتملّص من الحق وتختلق الكذب فقد بدأتْ تستخدم الدين لتجد لها عذرا ومبرّرا , ولتظهر ان غضبها كان لأجل الدين .


فقالت :


ان سبب غضبها لكون المسلمين بهذا الشكل من سوء الأخلاق .!!



وسبحان الله ألهمني الله الأعتراض فقلتُ ..



كم مسلم اسأء إليك أمس ..؟؟



طبعاً الجواب هو ( شخص واحد ) وهو المدير .!!



فقلتُ ان مدينة ارياض كل سكانها مسلمين واساء اليك منهم شخص واحد . افتتركين الآلاف وتتذكّرين الشخص الواحد .!!؟؟



ثمّ هل تعلمين ما هي ضروف ذلك الشخص الواحد فربما كان في مصيبة وربما انه يعاني من مشاكل ربما ارهقه الدَّيْن او ان بيته سيقع على اطفاله ... الم تسيء التصرف مع الرجل الجالس الى جانبه ..



وكنتُ افكّر بذلك تفكيرا فقط بدون كتابة وفي هذه الأثناء تذكّرتُ المسؤولين في عملي واصدقائي وكيف انهم ساعدوني اثناء مصيبتي . فقلتُ : اليس أولئك مسلين ..!!؟؟ .... كلهم مسلمين ...


عددتُ الكثير منهم وكلهم مسلمين . والبنقلاديشي الذي اعطاني الترجمة مسلم , وصاحب المطعم مسلم والرجل الكويتي الذي اسعفني في طريق الخرج مسلم , والهندي الذي يؤذّن في مسجد مصنع الاسمنت مسلم واخلاقه عالية فوق العادة وفلان مسلم ...... الخ .



وبدأتْ النفس تتنقّل من عذر لآخر واعتقدتْ انها وجدت ضالتها في الجواب التالي او التبرير التالي لغضبها على المدير فقالت :



أن غضبي الشديد هو بسبب أن المدير لم يشأ ان يساهم في هداية الرجل الكافر ( السويسري ) الذي يريد ترجمة للقرآن بالألمانيّة ...!!!



وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبفضله جلّ جلاله .



الهمتُ السؤال التالي على جوابها ( أي نفسي ) وهو :



كم اهتدى على يديك من النصارى عندما كنتَ في بريطانيا ..!!؟؟؟



ثمّ انهالت عليّ اسئلة كثيرة وبطريقة غريبة جداً ومنها اذكر :



هل نسيتَ انك تنكر وجود الله ..؟؟



الم تكن ليبراليّا ملحدا كافرا ...!!؟؟



الم تجلس مع صاحبك السويسري اياما كثيرة من قبل ..؟؟



فهل ذكرتَ له شيئا عن الاسلام ..!!؟؟



الم تحاول ان تتزوّج من امرأة نصرانية ..؟؟



وهل وكم وكيف ومتي وأين والى متى ......




يا الله .



لقد اعجبني هذا الشيء ... اقصد ان اتحاور بصدق مع نفسي .



ولقد ادمنتُ عليها . وبقيتُ معها فيما بعد ليالي طوال . لم اكتب شيئا تلك الليلة ولكني تركتُ في دفتري ملاحظة وتذكير بذلك الشيء الجديد وتصوّرا بسيطا عن كيفية استعماله فيما بعد وعزم على استغلّاله فقد حل مشكلتي مع المدير بأبسط الطرق وبأسرع وقت . وفتحت امامي ابوابا واسعة الج فيها متى ما اشاء واخرج منها على كيفي ...



وكان عملي الأوّل هوعبارة عن مسح ميداني جيوديسي لجميع أرض المملكة جغرافياً . وهذا يتطلّب منا التّنقل والسّفر بين مناطق المملكة المترامية الاطراف . وقد اعطاني هذا التنقل الفرصة للتعرّف على مناطق البلاد من شرقها لغربها ومن شمالها ( باستثناء تبوك ) الى جنوبها واحتكّ بكل اطياف المجتمع واتعامل مع مختلف القبائل والعشائر , مما اكسبني خبرة ودراية بعادات وتقاليد كثير من الناس , وهذا شيء مفيد لأنه يزيد من الادراك والوعي لدى الشخص .



وقد قضيتُ كثيرا من الليالي في الصحراء . أما بمفردي او مع شخص واحد فقط . فقد كنا نتوزّع فِرَقا , كل فرقة عبارة عن سيّارة وبها جهاز وطقم يتكوّن من شخص او شخصين .


وكانت الاقمار الاصطناعيّة gps حينها فقط 6 اقمار منها اربعة فقط للعمل أي في بداية المسح بالاقمار . وتلك الاقمار كانت تشرق على المملكة ليلاً . وهذا أتاح لي الوقت الكافي ومنحني الفرصة لكي ابقى لوحدي أتناقش مع نفسي واحاورها . لقد كنتُ امضي معظم وقتي افكّر في هدوء وصمت واقلّب الأمور بكل تأنٍ وعلى نار هادئة .



وسوف اسرد لكم الكثير من تلك النقاشات التي في الآخير أدت بي بفضل الله ورعايته الى الهدى والدين الصحيح اعبد الله وكأني اراه .

ثمّ تزوّجتُ بعد فترة اقل من السّنة وكان عمري حينها حوالي خمسة وعشرون عاما ... وارجو ان لا يستعجل القارئ الكريم فلم يزل الطريق طويلاً .... في حفظ الله ورعايته

ابو معاذ السُنّي 29-11-13 08:56 AM

بسم الله الرحمن الرحيم








الحلقة الثانية عشر







في الحلقة السابقة رأيتم التحوّل في اسلوب التعامل مع الافكار , فقد كنتُ سابقاً اتعامل معها وهي لا تزال ( خام ) بلا تدقيق عاقل ولا تنقيح ذاتي .




لقد منّ الله عليّ الآن بأن أنظر الى الأمور بطريقة مغايرة . وهذا ما جعلني اكتشف ان الأمر الواحد يمكن ان تنظر اليه من عدّة جوانب , وقد تراه بأشكال متباينة وبصور مختلفة عن التي كوّنتها أنت عنه سلفا .



إن ما منّ الله به عليّ اقدر اسمّيه ب ( العدل والحياديّة ) .




وحين يُنْصِفُ الشخص الناسَ حتى من نفسه فتلك هي قمّة الشجاعة وحين يستطيع الإنسان ان ينظر الى الأمور التي تعنيه هو , ومرتبطة به هو , حين يستطيع ان ينظر اليها وكأنّه ليس له دخل بها , فان ذلك يكسبه القدرة على الحكم على تلك الأمور بدون تدخّل لعواطفه ولا اتّباع لهواه . لا اريد ان اكثر عليك ايها القارئ من هذه الفلسفة ولكنّها مقدّمة كانَ لا بدّ منها وأرجو منك التحمّل والصبر .




وقد قرأتُ ذات مرة في احد الكتب نسيتُ اسمه الآن وما اكثر ما نسيتُ , قرأتُ في ذلك الكتاب أن الإنسان يستطيع ان يتخلّص من أي سلوك سيّئ أو أي صفة قبيحة توجد فيه , يستطيع التخلّص منها بثلاث خطوات بسيطة وهي :




1 – ان يعلم أن تلك الخصلة فيه .


2 – أن يبغضها ويمْقتها بقلبه .


3 – أن يبذل الجهد لمقاومتها .




وكذلك إذا عكسنا الخطوات الثلاث اعلاه واضفنا عليها الدّعاء فسوف نحصل عل طريقة سهلة جدا لإكتساب أي صفة حسنة أو خصلة طيّبة أو سلوك نريد ان يكون فينا ونرغب في أن نتّصف به .



تلك النّظرية ساعدتني بعد توفيق الله سبحانه وتعالى . فقد تدرّبتُ على عمليّة التحدّث مع النفس بصدق وصراحة وتعلّمتُ كيفيّة مجابهة نفسي بالحق والواقع , وأن ألْزمها بالحق حين تحيد يميناً او شمالاً .


ولا داعي لشرح ذلك الآن فهو ليس من صلب الموضوع .




متصفّحي الكريم



قبل ان ندخل سويّا في متاهات الشُّبهات الكثيرة التي كنتُ اعانيها , وقبل أن نلج الى التناقضات التي تراكمتْ على ظهري وأثقلت كاهلي , قبل ذلك كله يجب ان تعلم شيئا ولا أظنّك إلاّ تعرف ذلك الشيء وهو :




إنّ الدين او التديّن إذا قام على أسس رجراجة فانه ينهار بسرعة .



اقصد إذا تديّن الشخص بسبب ظروف عاطفية او ماليّة او غيرها فإنه سرعان ما يترك دينه ويتخلّى عنه إلاّ من رحم ربي .



وقد قال الشاعر :



صلّى المصلّي لأمرٍ كان يقصده **** فلمّا انتهى الأمرُ لا صلّى ولا صامَ




وربما انك تتذكّر أني حين رجعتُ الى المملكة وتفاجأتُ بوفاة اخي انتابتني نوبة عاطفيّة واحزان جعلتني ارجع الى الدين وان إلْجأ الى الله بسبب ظروفي وليس لإيمان صادق وثابت ويقين نابع من القلب .


وحين اندملت الجراح عاد الحال كما هو وربمّا اسوأ .



أو كما يُقال (( عادة حليمة لعادتها القديمة ))



أي رجعتُ الى ما كنتُ عليه من الحيرة والتيه . عِدْتُ الى التّذبذب والتأرجح . فلا يزال هناك كم هائل من الشبهات والوساوس التي كانت تنتابني . نعم هدأت عندي عواصف الإلحاد ولكنّها هناك كامنة في مخبأها موجودة في زوايا فكري , وكان إيماني فارغاً بلا يقين ولا جزم .



فكنتُ تارة اعتقد ان هناك رب وخالق لهذا الكون , وتارة اخرى يكون شعوري العكس , تارة اعتقد ان الاسلام صحيح وفجأة اجد نفسي منكرة لصحّته . وذلك التأرّجح كان يحدث حسب ظروف تحرّكه .



فمثلاً حين ارى عطف الأم على ابنها فإني اشعر ان ذلك الشعور لابدّ ان يكون خلقه رب رحيم ودود رؤوف . وإذا وجدتُ معوّقاً أو مريضا منهكاً فإني اجد في نفسي شعورا يقول لي لا يوجد إله وليس في هذه الدنيا سوى الطبيعة وتفاعلاتها . كنتُ تارة يمين وأخرى شمال .



وهكذا كنتُ مثل ريشة في مهبط طائرات عمودية ( هيلوكبتر ) .



لم استطع ان امارس شعائر الاسلام بلا اقتناع صادق , ولم استطع الاقتناع لمجرّد تصديق الآخرين , ولم اجد في نفسي التأكّد من صحة الدين ولم اجد الأدلّة التي تقنعني ... وقد يقول قائل :


الم يكفك القرآن الكريم وما فيه من الآيات ..!؟؟



فأرد عليه بقولي أن القرآن لكي يقوم بدوره في الهداية , يجب ان يكون المرء مؤمناً بأن القرآن صحيح وأنه منْزل من عند الله على النبي محمد عليه الصلاة والسلام , وبعدها سيأتي القرآن بالمعجزات . اما وانه لا يزال في ريبة ولا يزال متشكك حتى في وجود الخالق فهذا لا يزال في ضلال بعيد . وسيكون ابعد من ان يفهم القرآن . اقرأ قول الله تعالى :



وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
[فصلت : 44]




كنتُ بعض الأحيان ( والله العظيم ) اقول لو اشتُرِطَ عليّ ان افهم الحقّ في مسألة وجود الله وارساله الرسل والبعث .. لو اشترطوا علي ان اذا عرفت ذلك حقاً فالشرط هو قتلي والله كنتُ سأوافق ... اقسم بالله لم اكن لأتردّد . ان اعرف الحق ثمّ اشنق او اصلب او اقطّع وأفرم شورما .




إن مسألة معرفة الله هي أهم واعظم مسألة في حياة الانسان .




ولما لهذه المسألة من أهميّة وتحتاج الى براهين قويّة وحقائق جليّة لذلك أجّلتُ بحثها مع نفسي لأسباب تتعلّق بالمعطيات . أي ان معلوماتي لا تزال ناقصة في هذه النّقطة الهامة . وكذلك لا يزال أدائي في الحوار مع الذات فتيّا , لم اتمكّن منه تمكّنا شديدا . ولكني عزمتُ بكل قوّتي على ان اضع ذالك الموضوع الرئيس تحت النقاش مع نفسي ووعدتُ بالإنصاف والحياديّة المُطْلقة ,,,,




ولكن متى ستُتاح لي الفرصة لذلك ...!!!؟؟




كنتُ اجمع المعلومات , وأضمها الى بعضها , فكل ما حصلتُ على معلومة او قُصاصة لها علاقة بالموضع ( نفيا أو اثباتاً ) فإني اضمّها الى المعلومات السابقة لتشكّل ملفا واحدا وقرّرت ان اتفرّغ له ولو بعد حين .




في نهاية عام 1406 هـ وبفضل الله وتوفيقه , حصلتُ على بعثة الى الولايات المتحدة الأمريكيّة لأكمال دراستي في المساحة المتقدّمة والمسح بالاقمار الصناعية . كانت مدّة البعثة عام وشهرين . ولن اذكر شيئا مما جرى هناك سوى موقفين فقط تتعلّقان بالموضوع . واذا سنحت الفرصة فيما بعد فسوف اذكر بعض الحوارات التي دارت بيني وبين بعض القسس النصارى واليهود وكذلك بعض الشواذ ( المثليين ) أعزّكم الله



واما الآن فإلى الموقفين ...!!



الموقف الأول هو : أن عمّي أبو زوجتي رفض ان تسافر زوجتي معي . رفض عمّي بحجّة ان الأمريكان كُفّار ولا يستطيع ان يسمح لإبنته بالسفر الى ارض الكفّار ..!!!



فبقيتُ اعزب مع سبق الاصرار والتّرصد .!!



ولو كان الحال حينها كما هو هذه الأيام لأبلغتُ cia وقلتُ لهم ان عمي يتعامل مع الشيخ اسامة بن لادن رحمه الله ... انتقاما من عمي .ههههههه




وللحق الآن أنا اشكر عمّي على صلابته , واني أتفهم موقفه جيّدا ..!!




الموقف الثاني هو عبارة عن قصّة حصلتْ لي هناك في امريكا , ورغم ما فيها من عبرة , وحتى الآن لم استوعب الذي جرى فيها ولم افهمه , فسأتركها مستقلّة بذاتها حتي لا تؤثر على سرد الموضوع الاساسي وللقارئ الكريم الرأي في تلك القصّة , فهي كالخيال .. الى حدٍ ما ..


الى ذلك الحين اترككم في رعاية الله وحفظه .

ابو معاذ السُنّي 29-11-13 11:37 AM

( هامش )

تابع للحلقة الثانية عشر

وأما هذه القصّة فلم افهم ما فيها كما ذكرتُ لكم . وقد ذكرتها لما ستجدونه في آخرها من تساؤلات غريبة وقعت في نفسي . وسوف اشرح لكم القصّة بكل تفاصيلها المملّة لعلّكم تفهمونها انتم . فالى القصّة .




ذات مرّة وقد كُنّا في عطلة نهاية الاسبوع وعليها زيادة يوم الجمعة , وقد منحوا طلبة ما وراء البحار ( غير الامريكيين ) اعطوهم نصف يوم الخميس زيادة منهم على تلك العطلة الطويلة ..




كان الوقتُ طويلاً ومملاّ خاصّة لمن ليس لديه أي اصدقاء فلم نكن سوى اثنين سعوديين وكان صديقي السعودي قد احضر اسرته معه ( متأهل ).




فكنتُ وحيدا وقد اصابني الضّجر والملل . فقلتُ في نفسي :




لماذا لا أذهب الى المكان الذي يبيعون فيه المخدرات ...!!!!؟؟؟




فاشتري شيئا منها واجرّبها , ( ما عاد ناقصني إلاّ هي )



ولقد رأيتُ الأمريكان وهم في نشوة ومرح وصخب , بعد تعاطي تلك المخدّرات . وانا اعرف المكان الذي تُباع فيه تلك السموم , فقد ذهبتُ من قبل مع احد الامريكان ممن كانوا في نفس دورتي الى ذلك الشارع في واشنطن دي سي .




ورأيتُ كيف اشترى المخدّرات وكم هي بسيطة العمليّة . فما عليك سوى ان تركن سيّارتك في ذلك الشارع وسيأتي اليك شخص ويقول لك :



(( ماذا يمكن ان اقدّم لك يا سيّدي ..!!؟؟))



وحينها تدلّل على كيفك , واشتري ما شئتَ .



ولم افكّر كثيراً فسيارتي جاهزة واعرف المكان جيّدا ولديّ المال .



فانطلقتُ الى هناك مسرعا , وحين ركنتُ سيارتي , ابصرتُ شخصين زنوج , يجلسان على جانب الشارع , نظرتُ اليهما وعرفا القصد فتقدّم احدهم نحوي وقال لي الجملة المشهورة لديهم

( كيف اخدمك ..؟؟)



فقلتُ له ابغى شيئا لرأسي ...ههههه هم يقولون كذا




ثم حدّدتُ النوع بقولي : مروانا ( مرجوانا ) ..!!!!!!




وضع يده في جيبه ثمّ اطرق قليلاً وسحب يده من جيبه وقال . أنا آسف فهذا النوع ليس عندي ولكني اقدر اخدمك , انتظر لحظة ..!!!



فقلتُ في نفسي ساخراً : يا سلام على الاخلاق .



ابديتُ له امتناني على هذه المساعدة .



رجع الرجل ( الزنجي ) الى المكان الذي كان يجلس فيه بجانب صاحبه . وتحدّثا مع بعضهما قليلاً وهو يشير اليّ بيده أن اصبر , فصبرتُ .. وانا يهمّني ...هههههه




وبعد دقائق قلائل . جاء شخص نحيف وقصير ووقف عند باب السائق لسيارتي . وقال لي انت الذي يريد مروانا ... فأجبتُ بنعم .



فقال لي انها قليلة اليوم . وان النوع الذي معي فاخر ولكن سعرها غالي جداً فقلتُ بكم .


فقال : بخمسين دولار للكيس ( كيس صغير ) .



وحينها وانا اطلب منه التخفيض طرق الرجل الأوّل ( الزنجي ) طرق زجاج سيارتي من جهة الرّاكب . فأرخيتُ الزّجاج قليلاً لكي اسمعه , فقال وكأنّه يكلّم صاحب المروانا قال له , ارجوك ان تساعد صديقنا , فهو صديق الجميع وزبون دائم , فأرجوك ان تخفّض له السعر . لكنّ صاحب المروانا مصر على الخمسين . وحينها بدأ الزنجي يتكلّم اليّ بصوت منخفض ويقول لا لا تعطيه اكثر من عشرين دولار . المهم



في الأخير اتفقنا على ثلاثين . فأخرج من جيبه كيسا وبدأ يناولني إياه وطلب مني ان اعطيه الفلوس ( المال ) ..... وهنا رَكِّزوا




ناولته المال وانتولتُ منه الكيس فألْتقط مني المال وابقى على المخدّرات في يده . وتراجع قليلاً ولكنّه لم يبعد واخذ يسبني ويسب امي , فسحبتُ مفتاح السيّارة من السويتش واغلقت الباب وزِرْ الأمان وانطلقتُ اليه فأخذ يبتعد قليلاً ويسب ويشتم فاسرعتُ اليه اطارده الى ان قطعنا الجهة الثانية من الشارع , وهو يقترب مني قليلاً ثم يبتعد لا استطيع اللحاق به ولكنه لم يبتعد عني كثيرا ...!!!




حينها أدركتُ ان في الأمر خُدعة ..

ولكني ظننته يريد ان يستدرجني لمكان مظلم , او مكان بعيد عن المارّة . فتوقفتُ عن مطاردته وبقيتُ واقفاً ابادله السب والشتيمة لدقائق قليلة , وفي هذه الأثناء إلْتَفتُ الى الخلف .




وإذا بسيّارتي مفتوحة وفيها الرجلين الأولين الزنوج الإثنين ..!!!



يا الهي ... تثبّتُ في مكاني لم استطع تحريك رجلي ّ




نظرتُ الى يدي وإذا المفتاح معي فتطمّنتُ قليلاً , ثم ماذا بقي يا الهي المحفظة ... محفظة النّقود ليست في جيبي .



لقد تركتها في السيّارة . وضعتها هناك على مرتبة الرّاكب . فيها كل بطاقاتي وتصاريحي العسكرية , ورخصة القيادة و كل معلوماتي وفوق كل ذلك ففي المحفظة حوالي 400 دولار .!!



فقد كانت الصرّافة بعيدة عن المدرسة ولذا نصرف اكبر مبلغ ممكن .



اربعمائة دولار هي كل ما املك لذلك الشهر ...!!



رجعتُ الى السيّارة أمشي بخطى ثقيلة .. ثقيلة جداً ,

فالرجلان لم يعبها بي ولم يكونا خائفين ..




كيف يخافون , وممن ..!!؟؟




فأحدهم كان عملاقاً طول وعرض . لو قسّموه الى اشخاص كل شخص في حجمي فسيكون الناتج هو : ثلاثة اشخاص مثلي ويزيد طفل في الصف الثالث ابتدائي ..ههههههه



اما الثاني فهو ضخم اقصر من صاحبه لكنّه متين مفتول العضلات .!!



حينما اقتربتُ وتأكّدتُ لم اطق قول شيء . فقط تنهدتُ وقلتُ




حسبيَ الله ونعم الوكيل ..!




قلتها وكلنا نقول تلك الكلمة , ولكنّها صدرت من اعماق اعماقي



سيارتي لها بابين ( سبور ) وحين اقتربتُ منهما خرجا من السيارة واغلق احدهما الباب الذي عنده وهو باب الراكب وبقي الثاني ممسكا بباب السائق . فوصلتُ عندهما وانا اشعر كأني في غيبوبة ...




والآن اطلب منكم التركيز أكثر ..




بادرني الذي يمسك بالباب بقوله كيف تترك سيارتك مفتوحة وتذهب . فقلتُ لقد نست ان اغلقها ... فقال هذا التصرف منك خاطئا .



نظرتُ الى داخل السيارة واذا بهم قد فتّشوا كل شيء فيها ولم يبقى فيها شيء في مكانه . حتى كوب القهوة أخذوه ونضّارة شمسيّة ...!!



دخلتُ الى داخل السيارة واستأذنتُ من الرجل الذي يمسك الباب وقلتُ له لو سمحت دع الباب اريد ان اذهب .



فكرر قوله لي : كيف تترك باب سيارتك مفتوحا وتذهب .؟؟


اعتذرتُ منه ( مجاملة ) وسحبتُ الباب لاغلقه .. لكن الرجل أمسكه بقوة




فقلتُ : يا الله ... لا حول ولا قوّة الا بك .




كان الوضع صعباً للغاية , فقد كان الشّرُ يلوح من اعينهم . وفي هذه الأثناء


طرق الرجل الثاني العملاق ( ابن ال ..... ) الذي كان عند باب الراكب طرق الزجاج فالتفتُّ اليه بهدوء فقال لي :

هل عنّدك ولّاعة ..؟؟؟



فقلتُ نعم بالتأكيد ..!! ونظرنا انا وهو سويّا نحو مرتبة الراكب . وقع نظرنا تقريبا سواء على المرتبة ..... وإذا بمحفظتي على المرتبة .



كنتُ قد وضعتُ الدخان والولاّعة والمحفظة على مرتبة الراكب . ظاهرة واضحة.



وقد اخذ دخاني وهو الآن يمسك بكت الدخان امامي وفي يده اليسرى سيجارة من دخاني . فحرّكتُ المحفظة وإذا بالولّاعة تحتها .


فننظتُ انها خدعة ثانية , ولكني ناولته الولاّعة بهدوء وقلتُ له تفضل .


كان لا يزال ينظر الى المحفظة وهو يكرر كلمات وسخة يقولونها عند التعجّب . فاشرتُ اليه بالولّاعة واقول له تفضل .



كان مندهشاً جداً , ولا اعلم لماذا كان مندهشا .



نظر اليّ وحدّق بعينيه في وجهي وقال ( أي جحيم أنت ) .!



What the hell are you



فناولته الولاّعة فأخذها بهدوء وبطؤ , ثم اعاد السيجارة التي كانت في يده الى بكت الدخان , وضم بكت الدّخان والولاّعة بيده اليمنى ثمّ رمى بها بدهشة على المرتبة بجانب المحفظة . وهو يمعن النظر فيّ ويحدّق .


وخيّم صمت قليل ....



ثم وبصوت عادي قال : اغرب عن وجهي .. get lost



اغرب عن وجهي .. ثم رفع صوته بقوله : اذهب الى الجحيم .

تحرّك من هنا .. تحرّك من هنا فوراً ..

ألا تسمعني تحرّك . وارتفع صوته كثيرا.




فقلتُ له ان صديقك يمسك الباب ولا يسمح لي بإغلاقه .



فصاح في صاحبه باعلى صوته قائلا: بحق الجحيم اتركه يذهب .. الا تسمعني ..... يا غبي . !!


ولم اعلم فيما كان يقصدني بكلمة ( غبي ) او يقصد صاحبه . ولكن صاحبه بدأ يندهش ويسأل بقوله :



ما الخطب يا رجل . what is going on man



هل فقدتَ عقلك ؟؟ يسأل صاحبه



فيقول له ( العملاق ) يقول :



اترك الباب ألا تسمعني أترك هذا الرجل يذهب ...



دعه يذهب الى الجحيم . دعه يغيب عن وجهي ....

وكان ينظر في وجهي تارة وهو مندهش وتبدوا عليه علامات الرّعب والحيرة ,,,

بينما انا يقشعر بدني وشعري يشوّك ( يصبح كالشوك ) من القشعريرة




واصبحتُ لا اعلم شيئا ...!!



فلم يعد عقلي يستوعب شيئا . فمرّة يتساءل ,هل هي خطة ثالثة ولماذا اعاد الدّخان والولّاعة لماذا المحفظة هناك وتبدوا حتى الآن سليمة . والآن يطلب مني الذهاب وهو كان يخطط لكل شيء ... هو رئيس العصابة او قل صاحب الفكرة .!؟



ما الذي غيّر ذلك الرجل العملاق ..!!؟؟



أوصد الرجل المبهور باب السيّارة بقوّة فضغطتُ زر الأمان فوراً ولم استطع ان اتنفّس الصعداء فذلك العملاق يضرب بيده على سقف السيارة ويقول تحرّك ... امش من هنا .... فشغّلتُ سيّارتي وانطلقتُ في رعب لم انظر حتى الى السيارة القادمة ولكن الله ستر فقد كان الطريق خالياً .


ابتعدت عنهما حوالي 200 متر وانا لا أزال أراهما من خلال مرآة السيارة واقفين بجانب بعضهما وهما ينظران نحْوي ومن خلال ايديهما يبدوا كأنّهما في شجار او عراك خفيف . فترى الأيادي تارة على الرأس وتارة تشير نحوي وتارة اخرى تراه يرفع احداهما ويخفض الثانية ...



وهكذا خرجتُ بأقل خسائر ممكنه .



بعد كيلومتر وجدتُ موقفاً جانبيّا , فهُرعتُ اليه فكل عضلة في جسدي كانت ترتجف وكأنّها مستقلّة بذاتها عن باقي الجسم ....ههههههه


حسبنا الله وتعم الوكيل .



أوقفتُ سيّارتي وارخيتُ ظهري للخلف لأخذ نفسي واعيد ترتيبات تفكيري . وهدأتُ قليلاً . ثمّ نظرتُ في مرآة السيّارة ... اتأمّل تقاسيم وجهي لأتأكّد انها لا تزال على ما هي عليه من قبل . اتحسس ضلوعي الحمد لله سليمة ...... لم اكن مصدّقاً اني نجوت ...


وتذكّرتُ المحفظة ...!!!



ههااااااااااااااااه المحفظة



وبسرعة التقطتها وفتحها . ابحث عن .... عن .. عن أي شيء



فتحتها وإذا بها سليمة .. كاملة مكمّلة لم يصبها شيء .!!!


يا الهي .... ما الذي جرى ,؟؟



كيف سَلِمَتْ المحفظة ..!!؟؟؟



لم يبصروها ... لا اصدّق . فقد كانت ابرز شيء في السيارة .



انوار السيارة الداخلية مضاءة وانوار الشارع ساطعة ...!!!



لقد اخذ الدخان من جانبها .. كيف لم يرَها ..!!!



وحين ارخيتُ له الزجاج في المرّة الأولى وكان يطلب صاحبه التخفيض لي .. حينها كان يبصر كل شيء وكان يجول بنظره في داخل السيارة . نعم هو كان يقصد أن حينما اخرج من السيارة واطارد من اتفق معه فأنسى واترك زجاج السيارة مفتوحاً فيدخل يده ويفتح الباب .


وكان اول ما يفتح الباب سيرى المحفظة على المرتبة انها وضاحة فهي لم تكن بلون مراتب السيارة ...


فهذه سوداء والمراتب ازرق فاتح جداً ....!!!



لو قلنا انه لم يبصرها . فكيف اخذ الدّخان من عندها ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟




هذا الموقف حيّرني كثيراً ..!!!



أما الذي حيّرني أكثر فهو :



أني حينما لم استطع ان اواصل سيري الى المدينة التي كنتُ اسكن فيها رغم قربها فذهبتُ الى اقرب فندّق واستأجرتُ فيه غرفة .



وهناك بقيتُ افكّر فيما حدث وكيف حصل ذاك ..



هل تعلمون ما الذي تبادر فورا الى ذهني ...!!!؟؟؟



لقد خطر على بالي وسواس لم اعهده من قبل ولم يدر في خلدي .
فقد تبادر الى ذهني انّ


( جَدِّي ) السيّد فلان .... هو السبب في انقاذي من تلك المشكلة .



هل لاحظتم ..!!؟؟



والله ان هذا هو الذي حدث ... مع العلم ان ذلك الوسواس لم يكن ينتابني عندما كنتُ في القرية فأنا ولله الحمد لم اعتقد يوما ان الأموات يلبّون دعاء الأحياء . كيف هذا ..؟؟ وسترون في نهاية الحلقات موقفي من هذا بالتفصيل والبيان ان شاء الله .



وحتى لو افترضنا ( جدلا ) ان الأموات لهم دخل بالاحياء , فأنا لم ادعو احداً .... ثمّ ما المطلوب مني لو كان جدّي هو من تدخّل وجعل ذلك الرجل يبدو مرعوبا وخائفاً ... هات ما عندك . ما المطلوب .!؟


كنتُ اعلم المطلوب . ولكني سخرتُ من ذلك وقلتُ في نفسي ان جدي ليس لديه جواز سفر ومن الصعب يحصل على جواز سفر وعلى تأشيرة بهذه السرعة .. ثم هو ميّت اصلاً ... ( رحمه الله ) .



وقد عرفتُ بعض هذا فيما بعد . ولكن كان متأخراً ولكني عرفته .



المهم هل لاحظتم الآن رحمة الله سبحانه .!!!؟؟؟


على الأقل على الأقل أني لم اقع في المخدّرات .


فلو ان البيعة تمّت لكان الأمر مختلفاً الآن .


بينما انا لم ألاحظ فقط الوقوع في المخدرات ولكن سلامة قفصي الصدري وتفاصيل وجهي وبقاء جمجمتي وذراعي ..... وفوقها مالي 400 دولار . هههههههه لم تكن بتلك الاهميّة ولكنه مالي .


باقي لي عندهم 30 دولار هههه



اعتقد ان 30 دولار ليست بشيء امام الفضل الكبير الذي منّ الله به عليّ


لكم التقدير والاحترام والله يرعاكم .

ابو معاذ السُنّي 30-11-13 09:52 PM

بسم الله الرحمن الرحيم





الحلقة الثالثة عشر





رجعتُ من الولايات المتحدة الامريكية وباشرتُ عملي , وقد اصبحتُ الآن والحمد لله ( مُعَلِّماً ) أدَرّس مادة الطبوغرافيا ( المساحة والخرائط ) وقد وانتُدِبْت الى عدّة معاهد ومدارس عسكرية لتدريس تلك المادّة .




رزقني الله بمولودة . وكان الحدثُ يعتبر لي درساً غاية في الأهميّة , فقد اكتشفتُ مدى حبّ أبي لي . شعرتُ ان ابي كان يحبّني ولم اكن اعلم أو اشعر بذلك في قرارة نفسي .





ومن هنا عرفتُ ان هناك أمور قد لا يعرفها المرء مهما قيل له عنها ومهما حاول ان يفكّر فيها , إلاّ عن طريق أحداث ومؤثّرات يعيشها هو بنفسه . واقصد ان يحسّ ويشعر بها في وجدانه وكيانه فعلاً .







وفي شهر شعبان 1409 هـ




توفيَّ اخي علي . وقد تأثّرتُ نفسيّا بذلك . ولكن الحمد لله على كل حال . هذا انعكس سلباً على حياتي , فإنّ تتالي وتعدّد الصدمات العاطفيّة له تأثير وخاصّة عند الذين بعيدين عن الله سبحانه وتعالى . بعد شهر من وفاة أخي رزقني الله البنت الثانية . ولكني اصبحتُ لا اطيق الرياض . اصبتُ بهم وغم وكرب وضيق في مدينة الرياض . لم استطع العيش في الرياض . وكان ذلك بدون سبب ملموس وبلا مبرر ولا مصدر لذلك الكرب والطّفش والنّفور .





ان الله يقود الانسان الى الهداية من حيث لا يعلم , ويهيئ له سُبُل الوصول للحق من حيث لا يدري .. طلبتُ من عملي ان ينقلني الى حفر الباطن والحمد لله تم لي ذلك , واكرمني الله بأن صرتُ على رقم معلّم دائم وازاول مهنة التعليم العسكري بإستمرار .







وفي حفر الباطن بدأتُ نقاشاتي مع نفسي حول الدين برمّته .




بدأتُ حواراتي مع نفسي . اطرح الموضوع واناقشه مع نفسي . وكان كل ما بدأتُ موضوعاً انتهي الى طريق مسدود . فأبدأ بموضوع آخر , وقد اشتري الكتب التي تتحدّث عن ذلك الموضوع , واسأل مشائخ , ومطّلعين فلم يكن البحث سهلاً كما هو عليه الأيام هذه . فأخذ مني ذلك وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً , وبدأتْ قواي تنهار من شدّة التّعب .




نعم كنتُ انجح في أمور وكنتُ احصل على فوائد دنيويّة وعلوم وتوسّع في الإدراك .





وأمّا الدين وبالذّات ( العقيدة ) فقد حاولتُ بشتّى السُبل , واجتهدتُ بصدق وجد ولكن بلا فائدة . قلتُ في نفسي , لابدّ ان هناك خطأ ما , إما في طريقتي او اسلوبي او وسائلي بدأتُ من جديد أفكّر وافكّر .... واعصر فكري واجهد نفسي . وفجأة تذكّرتُ اهم شيء في تخصّصي ..!!!





فالعمل الذي اصبحتُ فيه معلّماً يحتّم علينا : أنّ في أي مشروع او عمل ميداني يجب علينا ان ننطلق من نقطّة معلومة ( الأحداثيات ) . نقطة ثابتة ومحدّدة إما معروفة مسبقاً أو نعرّفها قبل كل شيء او نفترض أنها معلومة ونتعامل معها كنقطة صحيحة معلومة . وبهذا تستطيع ان تنطلق منها وتنسب باقي المعلومات اليها وكأنها فعلاً نقطة معلومة ( احداثيّا ) .





قلتُ لماذا لا استخدم هذا الاسلوب او هذه الطريقة ..؟؟




سبحان الله الذي خلق لنا العقل وامرنا باستعماله .





ولكن من اين يا ترى سأنطلق ..!!!؟؟




لم يطل وقت حتى وجدتها . انها الرّبوبية . أي وجود الرّب الخالق .


يجب ان ابحث عن الخالق حتى اتأكّد , فاذا لم اتأكّد فسوف افترض ان هناك خالق ثم اتعامل مع باقي المعلومات على ذلك الاساس .وسأحصل على نتائج




وبعد ذلك سافترض انه لا يوجد خالق , ثم اتعامل مع المعلوما بهذا الاساس . وسأحصل على نتائج ايضاً وبعدها اقارن النتيجتين واقيسها قياسا علميا .




طرحتُ على نفسي هذه الأسئلة وهي :




1 - هل يوجد خالق لهذا الكون ..؟؟




إذا كان الجواب ب ( نعم ) . فهل هو يسمعنا ويرعانا أم لا ..؟؟




وإذا كان الجواب ب ( لا ) . فكيف وُجِدْنا , وكيف وُجد هذا الكون .؟؟





2 - هل ارسل الينا رُسلاً فعلاً ...؟؟ إذا الجواب ب ( نعم )




فكيف أتأكّد من صحّة ذلك ...؟؟




وأذا الجواب ب ( لا )




فلماذا ادّعى الانبياء ذلك بدون ان يحصلوا على أيّة فوائد شخصيّة .؟؟





اطلقتُ تلك الأسئلة على ان يكون السؤال الأول هو نقطة الإنطلاق او البداية لباقي الأسئلة .. فهي مرتبطة ببعضها البعض . وكنتُ مستعجلاً فهي أول محاولة لي من هذا النوع .





وقد تبدوا تلك الأسئلة غبيّة وساذجة . ولكن هذا ما كان معي ولم اعلم اني ساذج الاّ بعد حين . فلا تستغرب فإنّ الضلال يفعل اكثر من هذا .






أول ما سألتُ نفسي تلك الأسئلة , بادرتني هي بالسؤالين التاليين:




مِنْ أي المصادر تريدني أن آتي لك بالأجوبة ... !!؟؟



من كُتُب المسلمين أم من كُتب الكفار والملحدين ...!!؟؟





وقفتُ امام هذين السؤالين مبهوتاً حائرا . فلو الجواب سيكون من كتب المؤمنين فلا يحتاج الأمر بحثاً فهم يقرّون بوجود الله والملائكة والكتب السماويّة والانبياء والبعث . وهي موجودة امام ناظريّ منذ 30 سنة . أي منذ عرفتُ العالم .





وان طلبتُ الجواب يكون من كتب الملحدين والكفار المنكرين لله , فكيف ابحث عن الله في كتب تنكره اصلاً , واهلها كفّار ينفون وجود الله ...!!




ارجو ان تتأمّلوا السطرين اعلاه جيّدا فهما مهمّان ..!!!







طلبتُ من نفسي تأخير جوابي عليها الى حين , وبقيت أفكّر.




فكرتُ طويلاً وحاولتُ .... حتى اني حاولت الانتحار من شدّة العنت والعناء الذي صادفته , وكنتُ كل فترة أقول لنفسي سآتي لك بالجواب اليوم او بكرة .. كنتُ مشغولاً بذلك اكثر مما يتصوّر أي احد .





حصلت لي تساؤلات لم تخطر في بالي من قبل . وهي لماذا انت تسأل الآخرين عن الله وعن الحق .؟؟ لماذا لا تبحث عن الحق بنفسك ..؟؟ وما دام انك تلوم الآخرين الذين يتّبعون اباؤهم او يتّبعون ( المطاوعة ) المشائخ بدون وعي فها أنت تتبع داروين وغيتس ولوثر وغيرهم .


فلماذا تلوم الآخرين ..؟؟ ومن الذي قال لك أن داروين صادقاً ..؟؟ او هرتزل موثوقاً به ..؟؟


لماذا تكذّب على كيفك وتصدّق من تشاء ..!!؟؟





ولأوّل مرّة تخطر في بالي آية من القرآن الكريم وهي هذه الآية :





مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً
[الكهف : 51]




هزّت كياني تلك الآية وبقيتُ اتأمّلها كأنّها نزلت تلك اللحظة .





فبقيتَ فترة أقلّب افكاري وأخيرا , قلتُ لنفسي بقراري وهو : لا اريد الجواب لا من كتب المسلمين ولا من كتب الكفّار . اريد الجواب من خبرتك انت , أي مما تعرفينه أنتِ يا ( نفسي )


. قلتُ لها اريد الجواب من حياتك ووعيك وفهمك أنْتِ ..!!!




وأذكرُ أنه في الحال راودني وسواس يقول لي :




من حضرتك ...؟؟؟ وما هي المعلومات التي تمتلكها ... ؟؟؟


يا برفسور الغفلة .. هل نسيتَ انّك مجرّد عسكري طرطور .؟




طبعا ذلك الوسواس يريد ان يثنيني ويثبّطني .!





فأصرّيت على ان تكون الاجابة من خبراتي الذاتيّة ومن ملاحظاتي الشخصيّة , مهما كانت صغيرة وتافهة , وبأي كيفيّة وبأي صيغة .




وسبحان الله ... لا إله الّاه الاّ الله





حاولتُ بكل ما اتيتُ من امكانيّة اريد على الاقل بداية انطلاق .. اقول واحاول بلا أي جدوى لم اجد حتى البداية او الكيفيّة التي ابدأ بها . كأنّ شيئا يمنع عني ذلك او يحجب عن المعلومات .






مضى وقتُ وقد كنتُ ناسياً للموضوع لم يكن على بالي تلك اللحظة .





وكما ذكرتم لكم في البداية انه كان لدي بنتان صغيرتان وكنتُ اداعبهما متأمّلا شكلهما الجميل وضحكهما وردود افعالهما الساذجة . وذات مرة كنتُ بمفردي معهما اذ ان زوجتي عند جارتها , فابقيت البنتين عندي , ولا اعلم السبب الذي جعلني افكّر في موضوعي فجأة تذكّرته فما كان مني إلاّ أن رفعتُ كفّي الصغيرة ّ من بناتي ذات العام من عمرها .


رفعتُ يديها الى السماء وقلتُ لها قلي :



( يا رب أهدي بابا ) .. كرّرتها عدّة مرات



فكانت بنتي الكبيرة وعمرها سنتين تتمتم بكلمات مكسّرة فلم تكن تجيد الكلام بعد ... فأخذتُ بتلك الكفين الصغيرين ورفعتهما الى السماء وقلتُ :




(( اهدني أنا يا رب , يا الله أهدني الى الحق , يا رب لو كانت يديّ نجستين من أثر ذنوبي فإني امدّ اليك يد هذه الطفلة الطاهرة , واطلب منك الهداية , تعبتْ يا الله وانا اركض والهث وسط هذه الحيرة وهذا الضياع .. تعبتُ يا الله .. تعبت يا الله .. تعبتُ يا الله ... ))




وأجهشتُ بالبكاء ...




كنتُ ابكي بشدّة , فاقتربت بنتي الكبيرة مني وقامت تتلاعب بدموعي بأصبع من اصابعها الصغيرتين . كأنّها تريد مسح دموعي ثمّ بلغة الاطفال قالت :




( تبتي ..!! ) بابا تبتي , تقصد ( يا ابي أنت تبكي ) .




بكيت بكاءً حارّاً , حتى شاهدتُ بناتي قد تغيّرتْ وجوههن وأوشكن على البكاء فتوقفتُ غصباً , وبقي لصدري أزيز وحركة كالتي تصدر من صدور الاطفال حينما يبكون لوقت طويل .


وحاولتُ ان امسح دموعي التي لم تتوقّف .




اشفقتُ على البنات فتوقفت .




وبعدما توقفت عن البكاء وهدأتُ وجدتُ في نفسي راحة لم اشعر بها من قبل وبرد يغشى قلبي لم اعرفه . يا الله ... سكنت كل صراعاتي .. كان ذلك الشعور رهيباً وجميلاً وغريباً .



ولكن الأغرب من ذلك الذي سوف تقرأه ان شاء الله في الحلقة القادمة



الى اللقاء بحول الله وعونه

ابو معاذ السُنّي 02-12-13 06:42 PM

1 مرفق
بسم الله الرحمن الرحيم








تنويه وتذكير







أخي المسلم أختي المسلمة , أرجو ان لا يعتقد أحدٌ منكم أن أي إنسان اذا اراد الهداية فعليه ان يرفع يد أبنته أو ابنه الصغير ثم يدعو الله وسوف يستجيب له الله . أرجو ان لا يعتقد احد ذلك . ما فعلته انا كان عملاً شخصيّا وقع بارتجالية وعفوية تامّة بدون تفكير مسبق ولا تعمّد مني . فهذا ليس عليه نص , لا من الكتاب ولا من السنة . والعبرة هي بخشوع القلب في ذلك الحين وحضور الذهن والتذلل الخالص لله والاستسلام المطلق له والانقياد التام لله سبحانه وتعالى لحد البكاء امام بناتي الصغيرات .



فأحببتُ ان أنوّه الى هذا . كي لا نقع فيما ليس من ديننا .










الحلقة الرابعة عشرة







كما ذكرتُ لك في نهاية الحلقة الماضية فبعد ان شعرتُ بتلك البرودة تغشى قلبي والسكينة التي اعترتني احسستُ أن ثمّة أحدٌ يسمعني ... شيء يصغي اليّ , احسستُ أن هناك قوّة ما تفهمني . بقيتُ أفكّر في ذلك الواحد او الشيء أو القوّة . ذلك الواحد الذي سمعني وهدأ روعي واسرع في الرّد على ندائي .. !!!






من هو ذلك الواحد ...!!؟؟





إنه الله جلّ في عُلاه . عرفتُ ان الله قريب منّا ... قريب جداً . بدأ عندي شعور بقرب الله , وشبه متأكّد بأن الله يسمعنا ويستجيب لدعائنا . واعني أني بدأتُ الْتَمسه حقاً وليس مصدّقا لروايات غيري . من تلك اللحظة حصل لي استقرار نفسي وانخفض عندي القلق الى نسبة متدنّية جدا . ولكن بقي المشوار لم ينتهي بعد . فالشيطان حريص والنفس أمّارة بالسوء والأقران وجلساء السوء كثيرون والشبهات متراكمة على ظهري منذ سنين . والتسويف له دوره , هذا كله مضافاً الى ان الله لم يأذن بعد بوقوع الوقت الذي أرى فيه الحق تامّا .





في هذه المدّة من دعائي وبكائي ومن ثمّ شعوري بوجود الله الى ان عرفتُ الحق , وكان طولها حول السنة والنصف . بدأتُ في أن أتذكر المواقف التي قد سبق لي أنْ دعوت الله فيها وهل تحققت دعواتي ام لا . وكانت شغلي الشاغل . فكنتُ اعصر ذاكرتي عصراً وأخلو بنفسي واستعرض جميع مراحل حياتي من الطفولة الى حين رفعي ليدي ابنتي .




ولكن دعوني الآن اسرد لكم الآيات التي كانت في متناول يدي ولم أمدّ يدي لأخذها . وكما قلتُ لكم سابقاً اني أريد الآيات من واقعي أنا ومن وتجاربي الشخصيّة . فقد فتح الله عليّ الآن بالانطلاق .



لقد هالني بساطة البحث عن الله , فقد جعل الله البحث عنه في ابسط صوره وايسرها ولكننا نحن من يعقّدها . ففي السابق كنتُ ابحث عنه الله في ما يقوله الفيزيائيون وكبار الباحثين والفلاسفة . ولم اعلم انه اقرب اليّ من ذلك بكثير .





ولعلّكم تتذكّرون ما ذكرته في الحلقة الماضية عن كثرة محاولاتي وفشلي في كل محاولة . وأني لم اعلم سبب ذلك . والآن تعالوا نرى كيف يسّر الله لي الانطلاقة وسهلها عليّ وجعلها من معلوماتي الشخصيّة وحسب :





فما هي إلا ساعات قلائل من دعائي الذي ذكرته لكم , حتى منّ الله عليّ بالجواب الذي كنتُ ابحث عنه , وهو المهم والأهم على الاطلاق ...





لقد تأكّدتُ ان هناك رب خالق وعظيم ومبدع . وبأبسط طريقة .





ففي تلك الليلة وبعد العشاء مباشرة ذهبتُ الى دورة المياه اعزّكم الله للاستحمام , وبينما انا استحمّ خطر على بالي التفكير في بداية الخلق , وتبادرتْ الى ذهني نظريّة تكوّن ذرات الهيدروجين والاكسوجين التي يتكوّن منها الماء وفكرة الانفجار العظيم


( big bang ) وهي التي يقولها الفيزيائيين المهتميّن بهذا . فأذكر اني قلتُ لنفسي :




هذه ليست من ملاحظاتي أنا وهذا شيء لا يمكن ان اثبته انا بنفسي فلذا هذا القول قاله غيري , فأعرضتُ عنه منشغلاً بنفسي .





وبينما انا اغتسل تناولتُ الصابون الذي كان على رف تحت مرآة تزيّنها صورة عصافير وهي تطعم أولادها ...... وقد مضى على تلك الصورة وهي في مكانها اكثر من ستة اشهر وربما اني كل يوم اراها ولكن كنتُ اراها فقط بعيوني . اما هذه المرّة فقد نظرتُ اليها بشكل مختلف .



امعنتُ النظر في الصّورة ولم تكن غريبة عليّ , فقد كنتُ اجدُها في أعشاشها بينما ارعى الغنم . انها موجودة في البريّة وكل راعي يعرف ذلك .. تأمّلتُ الصورة وتذكّرتُ أيام الرّعي . إنّ تلك




العصافير الصغيرة التي فقست لتوّها , حين نقوم بحركة بسيطة بجانب عشها فإنها تفتح مناقيرها , ( افواهها ) ظّننا منها اننا ابويها جئنا لها بطعام .. نعم كنّا ونحن صغار نلهو ونضحك عليها وهي تفتح مناقيرها .



ولو ضغطّ على الرابط ادناه ستعرف قصدي او انظر الصورة المصغّرة بالاسفل




والسؤال هو :



من أخبر تلك العصافير بأن اذا اتى ابويك بغذاء فافتحي افواهك .؟؟؟؟؟




وحينما تبلغ تلك العصافير مرحلة البلوغ فإنها مباشرة تطير ....!!!

ومباشرة تعرف ما تأكله ومه هو الذي لا تأكله ....

بلا تعليم من ابويها ولا تدخّل








وبعد ان خرجتُ وتلك الأفكار لا تزال عالقة في ذهني



استرسلتُ مع تلك الافكار وامتدّت لأشياء أخرى وهي :




أنه عندما كنتُ ارعى الغنم فإني كنتُ اراقب الضأن والماعز عندما تلد , فإن الخروف او التيس الصغير المولود حديثاً وبعد دقائق من ولادته يبدأ بالمحاولة الوقوف . فلا يحاول الوقوف على رأسه مثلا ولا على ظهره ولا يقوم بأي محاولة سوى محاولة الوقوف على رجليه ...



والسؤال هنا هو:



من علّم ذلك الخروف ان الرجلين تُستَخدم للوقوف ,,!!؟؟




وهنا شيئ آخر وهو :




ان تلك الخرفان , ما ان تقف على ارجلها حتى تبدأ فوراً بالبحث عن ضروع ( جمع ثدي ) أثداء امهاتها ... لترضع منها لبنا خالصاً .



من علّمها ان هناك حليباً , ؟ وهي لم تتغذى عليه من قبل ..؟؟




وابقى مع الخرفان ذاتها فبينما هي لا تزال صغاراً




إذا رأتْ تلك الخراف في طريقها ثعبان , فإنها تتجنّبه ولا تدوس عليه ولا تقترب منه . فمن الذي علّمها ان ذلك الشيء سام ويجب عليها ان تتجنّبه ..؟؟




علماً انها لم ترَ الثعابين من قبل ولم تتعلّم من أمّهاتها ...!!!



من علّمها ذلك ...!!!؟؟؟




كيف عرفتْ أنه سام ...!!؟؟؟




وابقى ايضا مع خرافي نفسها ..!!!!




فكنّا اذا ذهبنا الى الوادي لكي نغسل اغنامنا . فإننا ندفع الأغنام الى الماء ,فكل الغنم يسبح إذا دخل الماء وكل الحيوانات ايضا تسبح .



لكن الذي كنتُ الاحظه بنفسي أكثر هو :



ان حتى الخراف الصغيرة التي لم يمضِ عليها سوى يمان او اقل هي ايضا .... تسبح في الماء مع العلم انها لم تنزل الى الماء من قبل .



والسؤال هنا :



من هو الذي علّمها السباحة وهي لا تزال في بطون امهاتها ....!!؟؟





وهنا ملاحظة هي ايضا من ملاحظاتي الشخصيّة وهي أن :



الحيوانات البريّة كالأرنب والذئب والثّعلب والقطا وبعض الكلاب


إذا مررتَ من عندها وهي في مخابئها ولكنّك لم تنظر اليها فإنّها تبقى ساكنة لا تتحرّك . فإذا نظرتَ اليها ووقعت عينيك في عينيها فإنها على الفور تنطلق لتهرب منك ...


أي انها عرفت انك ابصرتها ....!!!



والسؤال هنا :



من عرّفها بأن عيوننا تُسْتَخدم للإبصار والنّظر . ؟؟




وقبل ان ننظر الي عينيها : كيف عرفتْ اننا لم نرَها بعد ...؟؟




يا الله سبحانك ... هذه آخر ملاحظة وهي :




ان بعض الثعابين التي تنفث السم على عيني من يهاجمها .!!




من الذي علّمها فَنَ التسديد والتصويب على الهدف ..؟؟؟




ومن الذي علّمها ان العيون عندنا تُستخدم للإبصار والرؤيا .؟؟




وكيف انها لا تنفث سمّها الى على منطقة العينين ...؟؟




وهنا توقّفتُ فوراً ... وصحت بأعلى صوت وقلت هذا يكفي هذا يكفي .





حتى أن زوجتي وقد كانت في المطبخ حين سمعتني ذكرت اسم الله
وجاءت لترى مالخطب فقلتُ لها اني فقط الهو والعب .






قلتُ هذا يكفي لأن من يريد الحق فعلاً . فإنّه لا يحتاج الى كثير أدلّة فواحد او اثنين تكفيه , ومن يريد الحق يهديه الله وييسّر له السبيل . ولاحظوا ان تلك الأدلّة كانت معي منذ ان كنتُ راعيا بالغنم ...

سبحان الله كيف لم اتذكّرها طوال الفترة السابقة




توقّفتُ عن التفكير تلك الليلة وشعرتُ بشعور عارم واخذتُ اهلي وذهبنا الى الحديقة نتمشّى وانا كلي فرحة ونشوة وانتصار .. كدتُ ان اطير .



كنتُ انظر الى اصابع ايدي بناتي وشعورهن وارجلهن وآنافهن واقول سبحان الله , وكنتُ اراقب كيف وهن يحاولن ان يتعلّموا مني ومن امهن . كنتُ انظر اليهن كأنّهن جدد علي , أي كأني لم ارهن من قبل .



كان في الحديقةبركة كبيرة وفي تلك البركة بط ووز وكان لبعضها فراخ وكلّها تسبح ...



كنتُ كلّما رأيتُ شيئا رأيت فيه علامة تدلّ على وجود الله



كنتُ فرحان مسرور سعيد لا استطيع ان اتوقف عن الحركة .



لم استطع ان احدّث احداً فكل من حولي يعرفون ذلك من سنين ولكني كنتُ اشعر بالفخر اني وجدته ليس تقليدا لغيري بل هداية من الله . كنتُ اشعر بشعور فيه شيء من النّجاح . وفيه شيء من النّدم .



يا رب اهدِ ضال المسلمين .



والى صراع العقائد والأديان والمذاهب في الحلقة القادمة



اترككم في رعاية الله وحفظه .

ابو معاذ السُنّي 03-12-13 01:20 PM

بسم الله الرحمن الرحيم







سوف أأخر مهاترات اهل البدع والعقائد الاخرى وكشف الشبهات التي طوّقتني لسنين عديدة .. سوف اترك لها حلقة مستقلّة في نهاية الموضوع ان شاء الله حتى لا تشتبك مع حلقات الموضوع الرئيس .







الحلقة الخامسة عشرة







وبعد ستّة اشهر تقريباً , كنتُ أنا وأولادي في زيارة لأحد أعمامي في مدينة الدمام ( المنطقة الشرقيّة ) لنقضي عندهم عطلة عيد الفطر المبارك . وكنّا في 24 رمضان , اتصل بي عملي وابلغني ان عندي مناوبة ( ورديّة ) في يوم 26 قبل العيد ويجب عليَّ ان اقوم بها .




فتركتُ زوجتي وبناتي عند عمّها وعدّت بمفردي الى حفر الباطن . وكان الوقتً حوالي السابعة صباحاً .




وكنتُ مفطراً في رمضان ..!!





ولم أكن مفطرا لسبب السفر , وإنّما لأني لم اكن اصوم اصلاً . فلم اكن اصوم ولم اكن اصلّي إلا قليلاً ولم اكن اغتسل من الجنابة ...!!





وفي احدى محطات الدّمام تزوّدتُ بالوقود اللازم ودخلتُ سوق تابع لتلك لمحطّة , لاشتري عصيرات ومكسّرات ودخان , لوازم السفر . وحينها ابصرتُ رفًا لأشرطة ( الكاسيت ) وكانت تباع في المحطات بكثرة



اشتريتُ خمسة او سبعة أشرطة غناء من ذلك السوق , بقيت وقتاً وانا اختار وأنقّي الاشرطة التي اريدها بعناية . واثناء شرائي تلك الاشرطة الغنائية , وإذا ببعض الشباب ينظرون إليّ بتعجّب واستغراب , هكذا رأيتهم , فأصابني بعض الخجل وهي ليست عادتي , فلم يكن يهمّني كثيراً نظرة الناس إليّ . وحين وجدتُ في نفسي ذلك الحياء .



أحببتُ ان أسكتهم فسألتُ عن اشرطة دينية فأشار احدهم الى رف آخر في البقالة , فيه اشرطة دينية وذهبتُ هناك وسحبتُ شريطا واحداً بدون ان اقرأ ما هو ولم انظر اليه , فلم اشتريه لأسمعه فلم أزل انفر من المتدينين بدون اسباب معقولة . وانظر اليهم نظرة احتقار وازدراء ولا اعلم الدافع وراء ذلك .!!!






وبدأتُ رحلتي الى حفر الباطن وفي الطريق بدأت اضع اشرطة الغناء في المسجل الواحد تلو الآخر . ولكن والله العظيم كأنّها ابغض ما يكون عندي أو كأنّها اغاني افريقية او صينية ليس لها طعم ولا معنى مع انها من افضل الأغاني التي احبها . بحثتُ في الأشرطة القديمة التي تتعدّى الخمسين شريطاً كلها لم تعجبني وكلها تزيدني مللاً وضجراً , وأصابني ضيق في صدري شديد ولم اعلم سببه . فتحتُ الراديو ولم تفلح المحاولة . وحين خرجتُ من كل المدن تماما وأصبحتُ في الصحراء بعد كبري ابو حدريّة بخمسين كيلومتر تقريباً تناولتُ ثلاجة الشاي لأصبّ منها كأساً واذا بي ابصر الشريط الديني ملقاً في ارضيّة السيارة عند ارجل الراكب عند ثلاجة الشاي فقد سقط وقد نسيته اصلاً .






فتناولته ووضعته في المسجل وبدأ يشتغل وقلت ... في نفسي مستهتراً هيّا ما عندك يا شيخ . كان الشريط في منتصفه وليس في البداية وبدأ الشيخ يتكلم بثقة وثبات ويقول :





(( ... هذه التّجربة وقعت في مصر في سوق السمك بالاسكندرية وحضرتها بنفسي وحضرها الدكتور ( فلان ... ) والشيخ فلان ..))





وحين كان الشيخ يتكلّم بدأتُ أركّز على كلامه واذا به يتكلّم عن حديث الذّبابة ’


الذي استخدمه الملحدين كثيرا ليضلونا به في الثمانينات الميلادية وحتى الآن . لقد كنّا نسخر من هذا الحديث ونلمز المسلمين به ونستهزء بمن يعتقد به او يذكره ..!!






والحديث يقول أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال :




(( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ففي جنح داء وفي الآخر دواء ....))




أو كما هو نص الحديث.




فأعدتُ الشريط لبداية الفقرة واذا به يذكر انه أيْ ( الشيخ المتحدّث )


هو ومجموعة من الناس بينهم طبيب مصري كبير وصاحب مختبر . ثمّ احضروا اربعة أكواب مملوءة ماء وجعلوا الذباب يسقط على كوب منها ولم يغمسوا الذباب في الماء , وكوب آخر غمسوا الذباب في الماء مرّة واحدة وكوب آخر قاموا بغمس الذباب عدّة مرات أمّا احد الأكواب فلم يعرّضوه للذّباب وكان الماء في كل الاربعة أكواب من مصدر واحد .





ثمّ ادخلوا الاكواب الاربعة في مزرعة جراثيم ( فرن للبكتيريا ) وانتظروا لليوم التالي ... وحين قال الشيخ ( اليوم التالي ) بدأ جسدي يقشعر وجسمي يهتز وكنتُ متلهّفا جدا لأسمع النتيجة ...





فأكمل الشيخ وقال وفي اليوم التالي ذهبنا جميعاً للمختبر وفتحنا فرن الجراثيم ونظرنا الى الأكواب وإذا بالمعجزة تتحقّق فقد كان الكوب الذي لم نغمّس فيه الذباب تُرى البكتيريا عليه بالعين المجرّدة واما الكوب الذي غمّسنا الذباب فيه مرّة واحدة فكانت البكتيريا فيه قليلة جدا ولكنها موجودة أما الكوب الذي غمسنا فيه الذباب عدّة مرات فقد كان نظيفا تماما مثله مثل الكوب الذي لم يقع عليه الذباب ...




وحين قال الشيخ ذلك الكلام لم انتظر ولم افكّر وفوراً نزلتُ بكل سرعتي عن الطريق المسفلت ونزلت على الترابي وأوقفتُ سيّارتي بكل قوّة وفتحتُ الباب لأخرّ ساجدا لله ..... سجدّتُ ولا يزال الغبار يتطاير عليّ وعلى السيّارة . ذلك الغبار كان من اثر وقوفي السريع ....






سجدتُ لله عدة دقائق







وانا اقول خلاص :

تأكّدتُ يا الله عرفتُ يا الله رُحماك يا الله عفْوَك يا الله تأكّدتُ انك موجود وأن الرسول حق ...... وانا كنتُ ضالاّ يا الله وانت ارحم الراحمين ... لطفك يا الله غفرانك يا الله ...... الخ





وبعد ان انتهيتُ من السجود لله سبحانه صعدتُ الى سيارتي وأخرجتُ الشريط بكل أدب وقرأتُ اسم الشيخ وكان ( عبد المجيد الزنداني ) ثم وضعتُ الشريط في غلافه ووضعته في دُرْج السيارة .





لأني لم أعد احتاج إلى براهين وأدلّة أخرى , فذلك الدليل وطريقة مجيئه إليّ وطريقة بدايته تكفيني . ثم إنّ ما وجدته في صدري من انشراح وما كان في قلبي من اتساع جعلتني اشعر انه لا حاجة لي بما بقي في الشريط . تماماً مثل إذا شَبِعَ الإنسان فإنه يترك أي طعامٍ آخر .




وبالطبع الشيطان لم يترك المجال , فما ان بدأتْ السيارة تنتظم على الطريق وإذا بالوساوس تهب عليّ من كل حدبٍ وصوب . وإليك بعضاً من تلك الوساوس : دار في ذهني :





ماذا لو اكتشفتَ ان الذي سمعته ليس صحيحاً ..؟؟



وكيف لو علمتَ ان الشيخ هذا ليس ثقة ..؟؟



وماذا لو اكتشفتَ ان القصّة مجرّد تلفيق ..... الخ .؟؟




وعن كل تلك التساؤلات السابقة أجبتُ بقولي :




وماذا عن ما أجده في قلبي ..!!؟؟






ولو أنّ الذي في هذا الشريط كذباً فماذا اعتبر الشعور الذي أحسّه وأعيشه الآن أني اشعر أن في داخلي سعادة لم اعرفها من قبل ولا أستطيع حتى شرحها لأحد أو أن أعبّر عنها .




شيء مذهل . شعرتُ كأنّي شخص آخر وإنسان آخر .بدأ عندي شيء من الود والعطف على المسلمين .. والله ان هذا هو الذي حصل .





المهم اني تغافلتُ كل الوساوس . وسرتُ وانا في سرور غامر وسعادة ليس بعدها سعادة . وحين وصلتُ بيتي في حفر الباطن . اغتسلتُ وتوضأتُ وصليتُ الظهر في بيتي . ثمّ نمتُ . لأستيقظ في آخر الليل فاشتريتُ سحوراً وانتظرتُ أقرأ القرآن , وكان بيتي يبدو لي كأنّه بيت آخر , وجدته وسيعا , مرتّباً , جميلا . والحمد لله صمتُ آخر خمسة أيام من ذلك الشهر وصلّيتُ التراويح والقيام مستمتعاً بها , وكنتُ اتمنّى ان لا ينتهي رمضان وكل يوم كنتُ اتمنى ان لا تغيب الشمس لأن الصيام كان عندي جميلاً جداً. ولم ارجع لأهلي في الدمام الاّ ليلة العيد لأستمتّع بالصيام والقرآن وحيدا .





وحين رأتني زوجتي قالت لي أن وجهك متغيّر وانه اكثر نضارة ..!!!



ففرحتُ بكلامها ذاك . فقد كان وجهي في السابق كسيفاً تعلوه غبرة .






وشعرتُ براحة كبيرة وسعادة عارمة وعدّتُ اضحك من قلبي وانشرح صدري . وبعدها بأسابيع تتالتْ نجاحاتي في عملي حتى صرتُ من اشهر رفقائي ومن أكثرهم قبولاً لدى الغير .




وهذا من فضل الله عليّ




وبعد فترة بسيطة اطلقتُ على بناتي ( كُنى ) جمع كُنْيَة تحمل اسماء الصحابة رضي الله عنهم . وقد كنتُ قد عزمتُ من قبل على ان اسمّي ابنائي باسماء الصحابة . وكان ذلك في احدى طفراتي وبالضبط بعد وفات اخي حسن , وقد نسيت ذلك من كثرة التذبذب . ولما لم يرزقني الله ابناء ذكور فلقّبتُ بناتي بذلك .

فكانت الكبيرة التي مسحت دمعتي كانت كُنْيَتَها ام حمزة والثانية ام حذيفة والثالثة أم مصعب , ثم رزقني الله أم صهيب , ثم معاذ ( ابو سَعْد ) ثم ام معاوية فتأتي بعدها ام عِكْرمة وأخيراً أم القعقاع .





وقد اطلقتُ تلك الكنا على بناتي لما اجده في نفسي تجاه الصحابة رضي الله عنهم اجمعين ولحبّي الشديد للصحابة سميت ولدي وأحفادي بهم .





ولكن الأكثر من هذا كلّه واغلى واهم واكبر هو اني بعد سنة وبينما كنتُ نائما رأيتُ المصطفى عليه الصلاة والسلام وهو يناديني بإسمي ويقول لي :




(( حيّاك الله يا يحيى ))





وكان عليه الصلاة والسلام
مبتسما في وجهي حتى رأيت ثناياه بيضاء ناصعة البياض .




فقلتُ له بأبي هو أمي قلتُ له : حيّاك الله يا أخي .




ويحيى هو اسمي , وقد نادي به



وكان ذلك أعظم وأهم حدث واكبر حدث افتخر به حتى يومنا هذا . وكل ما تذكّرتُ صورته اشعر بسعادة تغمرني .




والى حلقات صراع المذاهب وكشف كذب الملحدين وفضح شبهاتهم


وخرابيط اهل البدع .... اترككم في رعاية الله وحفظه






واسأل عن حديث الذبابة في قوقل فهناك بحث جديد بهذا الشأن قام به احد الصيادلة المصريين .




واسمع هذا الفيديو الموجز




ابو معاذ السُنّي 04-12-13 05:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم




وهكذا أيّها الإخوة والاخوات انتهت رحلتي الطويلة .
حاولتُ قدر الإمكان ان اختصرها , لعلمي اننا في عصر الصرعة فأعطيتُ واعتقد اني اعطيتُ القرّاء صورة شبه متكاملة عن رحلة طولها حوالي ثلاثون عاماً . وارجو من القارئ الفاضل ان يكتشف بنفسه ما بين السطور وان يحاول ان يخمّن ما لم اذكره هنا إمّا ناسيّا واما متعمّدا .

فتلك كانت رحلتي ,واني اليوم ولله الحمد والمنّة لوكفر كل اهل الأرض ما زادني ذلك إلاّ صموداً على دين محمد عليه الصلاة والسلام وعلى مذهب أهل السنّة والجماعة بقناعة تامّة على انه هو المذهب الحق والصحيح . لا يراودني أدنى شكل في ذلك .
اسأل الله ان يثبّتني على دينه وان يرزقني حُسْن الخاتمة

والحمد لله رب العالمين .



























والآن الى الشبهات التي وردت ضمن هذه الحلقات تفنيدها .
في هذ الحلقة وردتْ شبهتان

الأولى هي هذه :





اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو معاذ السُنّي (المشاركة 238214)

الحلقة الأولى



وكان في عقلي سؤالا يلازمني دائما وهو


(( يا ترى من هو الذي على حق ...!!؟؟ ))



ولكن الأكثرية التي نعيش فيها تقول بعكس ما يقوله أبي . فهل يُعقل ان يكون أبي وحده على صواب والباقين كلهم على خطأ ...؟؟



وكان هذا الوسواس يلازمني كثيرا ولا يكاد يفارقني .



وهنا ساجيب حسب الظاهر فقط وعن جانب الأكثريّة وانهم ليس شرطاً ان يكونوا على الصواب .

فأبي رحمه الله كان يدعو الى عبادة الله وحده لا شريك له قدر استطاعته وحسب امكاناته.

أما الاكثرية فقد كانت تدعو الى غير ذلك . والاغلبيّة ليستْ دليلاً على الحق . هذا بالرجوع الى الأدلّة الواردة في القرآن والسنّة فهي في هذا الصدد واضحة وصريحة .وتجدها في القرآن والسنّة وكذلك هي خصلة موجودة في البشر ندركها كبشر . فاكثر الناس تراهم يتّبعون اللهو والبغي والعبث .










أما الشبهة الثانية فهي هذه :

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو معاذ السُنّي (المشاركة 238214)


الحلقة الأولى




وما زاد الطين بلّة ولعب في عقلي هو انه إذا ضاعت ابلنا او اغنامنا مثلا مع ابل واغنام باقي اهل القرية او القبيلة فكان القوم ينذرون أو يتوسّلون للأولياء ان تعود اليهم ابلهم او بقرهم أو ما ارادوه , وسبحان الله ترجع ضالتهم اليهم بينما نحن إما لا تعود أو تعود ناقصة او تعود متأخّرة جداً وكان مثل هذا يحدث كثرا ويتكرر دائما .!!!!!


ذات مرّة ضاعت لنا بقرة صغيرة ( تبيعة ) ومعها بقرة لأحدهم في منطقة كثيفة الاشجار وبها ذئاب وضباع كثيرة وقد افتقدنا ابقارنا الضالة في وقت المغرب . فأنذر صاحب البقرة وزوجته بأن يذبحا خروفا لأحد الأولياء بأن لا يصيب بقرتهما أي مكروه , فقد كانت تلك البقرة حاملا وعلى وشك الولادة ونحن بدورنا كنا ندعو الله بأن يرجّع الينا بقرتنا فالابقار كانت هامة وضرورية للحياة . المهم اليكم المفاجأة .
انقضى الليل وفي صبيحة اليوم التالي وجدنا أن الذئاب والضباع قد اكلت بقرتنا بينما البقرة الثانية سليمة وقد اصبح معها عجلاً صغيراً سليما لم يمسّه أمه سوء . هههههه


وكان المدهش هو انه لا يوجد حتى أي اثر لاقدام الضباع والذئاب حول البقرة الناجية .. واما بقرتنا فقد اصبحت عظاما بالقرب من بقرة الذين أشركوا بالله وانذروا لغير الله . وقد ضجّ الناس بهذا الحدث وسمع به القاصي والداني , واصبح الناس ينذرون لذلك الولي اذا ارادوا شيئا . وتأتي اهميّة الحدث من كون بقرتنا اصغر فهي اقوى على الهرب ومع ذلك اكلتها الضواري اما البقرة الثانية فكانت منهكة من اثر الولادة ومع ذلك لم يصبها سوء مع ابنها الصغير ...
وقد قالوا ان سبب بقائها هو نذرهم للسيّد والولي الذي توسّلوا به فحماها لهم ... سبحان الله


وقد أثّر فيّ هذا الحدث كثيرا وبقي معي سنوات طوال وكاد يفسد عقلي . وكنتُ اتمنى فهمه ولم افهمه الاّ بعد 21 سنة تقريبا . وسوف اشرحه لاحقاً ان شاء الله .


وهذه الشبهة أمرها بسيط جدّا

فكون اغنامنا او ابقارنا كانت اما لا تعود او تعود ناقصة او متأخّرة
فهذا يكون لعدّة اسباب اكثرها نفسيّة فالانسان تجده يتذكّر اشياءه هو وممتلكاته اكثر من غيرها . وكذلك الانسان يتذكّر مالا يعجبه اكثر مما يعجبه .

فربّما ان متوسّط عودة انعامنا هو نفس متوسّط عودة انعام الباقين ولكنّي لم اكن التفتْ لهذا الاّ عندما تتأخّر او اتنقص اغنامنا أما اذا رجعت كاملة فلم نكن نهتم به كثيراً . فقط نتذكّر عدم رجوعها او نقصانها وتأخيرها .

وهذا عامل نفسي بحت يعرفه الكثير . وزد على ذلك عامل التمحيص الذي يمحّص به الله قلوب المؤمنين , فما يدرينا انه كان فحص لإيمان ابي .

وهو تماما الذي ينطبق على حالة البقرة المذكورة اعلاه . ولكن

هناك زيادة في حالة البقرة . فإن بقرتنا كانت صغيرة وبهذا فهي قليلة خبرة مقارنة بالبقرة الثانية . كذلك ان البقرة الأخرى كانت كبيرة وذات قرون وهما بمثابة السلاح , وكان معها ابنها وهنا تأتي قوّة دفاع الأم عن وليدها . فهي تستميت في الدّفاع عن ولدها والكل يدرك ذلك .

اما كون الضباع لم تقترب من البقرة الكبيرة هي وابنها ولم يوجد للضباع اي اثر حولها .
فلم يكن السيّد او الولي هو من منع السباع ان تقترب من تلك البقرة وابنها

وانّما هي مسألة يمكن لقناة ناشيونال جيوقرافيك ان تجيب عليها , وهي بكل بساطة
ان الضباع اكلت من البقرة الأولى وشبعت من صيدها الأول واكتفتْ فلم تعد محتاجة للحم

وهذا تفعله كل الضواري والسباع فهي لا تقتل الّا لتأكل فإذا شبعت توقفت عن الصيد . وللاسف لم تكن في ايام صباي قناة ناشيونال جيوقرافيك ..ههههه



وبالله التوفيق والسّداد

ابو معاذ السُنّي 04-12-13 06:48 PM

تفنيد ما ورد في هذه الحلقة من شبهات





اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو معاذ السُنّي (المشاركة 238664)
بسم الله الرحمن الرحيم





الحلقة الرابعة



في ذلك الدير وجدنا راهبا متنسّكاً طاعناً في السن ضعيف البنية , ليس عليه لباس سوى على العورة المغلّظة وهو ساكت ينظر الى الافق طول وقته , ومن اعطاه شيئا يؤكل أكله . ويقولون ان عمره 70 سنة قضى منها ثلاثين على ذلك الحال ..!!!


ثلاثون عاماً ..!! وهو على تلك الحال ..!!
لا بدّ ان يكون ذلك الرجل مصدّقا لما يعتقده سواء كان ذلك المعتقد صحيحاً او خاطئا .!!



هل كانتْ صدْفة ان نبدأ جولتنا السياحيّة بهذين المَعْلمين الدينيّين ..!!؟

على كل حال هذين الموقفين جعلاني اركّز على الدين وابدأ ادقّق في كل شيء . واظنّك ايها القارئ لا تزال تتذكّر السؤال الذي كان يحيّريني منذ البداية . وهو :

(( من هو الذي على الحق ..!!؟؟ ))


للموقف الأول اقول :

هناك اشياء لا يعلم الانسان حكمة الله من ورائها فله الحكمة البالغة .

وربّما ان الصينيين عرفوا اننا اهل توجّه ديني فأرادوا ان يعطونا على قد توجّهناوالمملكة مشهورة بين الدّول بالتديّن وانها قبلة المسلمين .
وربما انه الشيطان ودسائسه والاعيبه . ولا استبعد ذلك ابداً .

أما ذلك الرّجل :
فقد يكون الانسان مصدّقاً بدِينٍ ما ويعمل مخلصا له ولكنّ الدين هو الذي خطأ وليس الشخص , ولكن هذا لا يعفيه من وقوعه في الخطأ فقد منحنا الله العقل لنتدبّر الأمور . وهناك من قُتِل في سبيل معتقد كاذب وخاطئ . وهذه مشكلة الشخص نفسه .


واما الحق فهو ما جاء به الرّسل والانبياء من عند الله .

وكيف نعرف ان الدين من عند الله ..؟؟

الدين الذي من عند الله تجده متماسكا مترابطا عامّاً للكل ولا يتّبع العواطف والأهواء وليس فيه اختلافات ولا تضاربات ولا كذب ولا دجل .

بهذا تعرف ان كان الدين من عند الله أو لا .





الشبهة الثانية هي :


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو معاذ السُنّي (المشاركة 238664)
الحلقة الرابعة


وسبب الحيرة والإشكال كان على النحو التالي :



نحنُ المسلمين نرى انفسنا اننا على حق وكذلك النّصارى يرون انهم على حق ثم البوذيين يرون انهم على حق وكذلك الكنفوشوسيين هم ايضا يرون انهم على الحق ........ الخ .


والغريب انهم جميعا يحصلون على كل ما يريدون من متطلبات حياتهم وتراهم ايضا يحصلون على نتائج ( دعواتهم ). ولابسّط المسألة قليلاً



لقد كان الذين يدعون الأولياء ويسألونهم حاجاتهم في قريتي الصغيرة كانوا يحصلون على سؤلهم . أو لنقل اغلبها . وكذلك المسمين يسألون الله سبحانه وتعالى ويحصلون في الاغلب على ما سألوه , وكذلك النصارى يسألون عيسى فتجد انهم يحقّقون مطالبهم . وهنا البوذيون يمدّون ايدهم سواء لبوذا او لمن يعتقدونه وتماما هم مثل غيرهم يحصلون على ما يريدون . !!


ألا تلاحظ معي هذه الشبهة ... الأ ترى انها تداعب العقل .!؟؟



وكذلك كلّهم لهم تأويلاتهم إذا تأخّرت مطالبهم او نقصت او زادت .!!!



أنا أدعو الله فإذا لم يجبني اقول يمكن لاني عاصي لله . وكذلك النصراني إذا سأل عيسى ولم يحصل على سؤله فإنه يقول ربما لانه عاصي لعيسى


وهذا هو ما يقوله البوذي والسيخي واليهودي وسواهم .



حتى الذين بلا دين يحصلون على ما يريدون ...!!!



يكمن تفنيد هذه الشبهة في كون الله وحده لا شريك له هو المتصرّف في الارزاق .
كل من يدعو الله او يدعو غير الله او لا يدعو شيئا , كلّهم يرزقهم الله . ولا رازق غيره .

وبهذا فإن من يدعون غير الله أيّاً كان والله العظيم لا يرزقهم سوى الله . فهو الذي يملك الأشياء هو وحده الذي يصرّف الأمور ويتحكّم حتى في ذرات الأشياء . والغريب ان البعض يدعون اناساً امواتاً وقد كانوا أولئك الناس فقراء قبل ان يموتوا فكيف لم يرزقوا انفسهم وتأتي انت لتطلب منهم رزقاً .

واعجب كل العجب ممن يدعون الأولياء والسّادة وآل البيت وسواهم ,

كيف يدعون محتاجاً ميتاً ويتركون الخالق العظيم ..!!!!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟

اما كون كل اناس يرون انهم على حق فهذه مسألة تخصهم هم . اما ان يأتون بسلطان بيّن وإلاّ فانهم كاذبون . وهذه عادة تصيب الجماعات من الناس ,

فدع عنك الكفر الجماعي وانتبه لنفسك كفرد.


الساعة الآن 08:32 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant