![]() |
فتاوى الدعوة للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -
على من تجب الدعوة إلى الله
السؤال: هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ومسلمة أم تقتصر على العلماء وطلاب العلم فقط ؟ الجواب: الحمد لله إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعو إليه فلا فرق بين أن يكون عالماً كبيراً يشار إليه أو طالب علم مجد في طلبه أو عامياً لكنه علم المسألة عليماً يقيناً .. فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( بلغوا عني ولو آية ) ولا يشترط في الداعية أن يبلغ مبلغاً كبيراً في العلم ، لكنه يشترط أن يكون عالماً بما يدعو إليه ، أما أن يقوم عن جهل ويدعو بناء على عاطفة عنده فإن هذا لا يجوز . ولهذا نجد عند الإخوة الذين يدعون إلى الله وليس عندهم من العلم إلا القليل نجدهم لقوة عاطفتهم يحرمون ما لم يحرمه الله ، ويوجبون ما لم يوجبه الله على عباده ، وهذا أمر خطير جداً ، لأن تحريم ما أحل الله كتحليل ما حرم الله ، فهم مثلاً إذا أنكروا على غيرهم تحليل هذا الشيء فغيرهم ينكر عليهم تحريمه أيضاً لأن الله جعل الأمرين سواء . فقال : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم ) . الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
بماذا يبدأ من أراد الدعوة ؟
السؤال: إذا أراد الإنسان أن يدعو إنساناً آخر كيف يبدأ معه وبماذا يكلمه ؟ الجواب: الحمد لله كأن السائل يريد أن يدعو إلى الله ، والدعوة إلى الله لا بد أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ولين الجانب وعدم التعنيف واللوم والتوبيخ . ويبدأ بالأهم فالأهم . كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث رسله إلى الآفاق آمرهم أن يبدؤوا بالأهم فالأهم وقد قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ( ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله ، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإذا أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) ، فيبدأ بالأهم فالأهم ويتحين الفرص والوقت المناسب وإيجاد المكان المناسب لدعوتهم . فقد يكون من المناسب أن يدعوه إلى بيته ويتكلم معه ، وقد يكون من المناسب أن يذهب هو إلى بيت الرجل ليدعوه ، ثم يكون من المناسب أن يدعوه في وقت دون وقت ، فعلى كل حال المسلم العاقل البصير يعرف كيف يتصرف في دعوة الناس إلى الحق . الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
أيها أفضل التفرغ للدعوة أو لطلب العلم السؤال: أيهما أفضل : التفرغ للدعوة إلى الله عز وجل أم التفرغ لطلب العلم ؟. الجواب: الحمد لله طلب العلم أفضل وأولى , وبإمكان طالب العلم أن يدعو وهو يطلب العلم , ولا يمكن أن يقوم بالدعوة إلى الله وهو على غير علم , قال الله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ) يوسف/108 , فكيف يكون هناك دعوة بلا علم ؟ ولا أحد دعا بدون علم أبداً , ومن يدعو بدون علم لا يُوفق . من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين , كتاب العلم ، الصفحة ( 145). |
هل يمكن الجمع بين الدعوة وطلب العلم
السؤال: ما رأيكم بمن يترك الدعوة بحجة التفرغ لطلب العلم , وأنه لا يتمكن من الجمع بين الدعوة والعلم في بداية الطريق , لأنه يغلب على ظنه ترك العلم إذا اشتغل بالدعوة , ويرى أن يطلب العلم حتى إذا أخذ منه نصيباً اتجه لدعوة الناس وتعليمهم وإرشادهم ؟. الجواب: الحمد لله سُئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى السؤال السابق فأجاب فضيلته بقوله : لا شك أن الدعوة إلى الله تعالى مرتبة عالية ومقام عظيم , لأنه مقام الرسل عليهم الصلاة والسلام وقد قال الله تعالى : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) . فصلت /33 .. وأمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) . يوسف /108 . ومن المعلوم أنه لا يمكن الدعوة بغير علم كما في قوله هنا ( على بصيرة ) وكيف يدعو الشخص إلى شيء لا يعلمه ؟ ومن دعا إلى الله تعالى بغير علم كان قائلاً على الله ما لا يعلم , فالعلم هو المرتبة الأولى للدعوة . ويمكن الجمع بين العلم والدعوة في بداية الطريق ونهايته , فإن تعذر الجمع كان البدء بالعلم , لأنه الأصل التي ترتكز عليه الدعوة , قال البخاري رحمه الله في صحيحه في الباب العاشر من كتاب العلم : باب العلم قبل القول والعمل واستدل بقوله تعالى : ( فاعلم أنه لا إله إلاّ الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقّلبكم ومثواكم ) محمد /19 . قال فبدأ بالعلم . ومن ظن أنه لا يمكن الجمع بين العلم والدعوة فقد أخطأ , فإن الإنسان يمكنه أن يتعلم ويدعو أهله وجيرانه وأهل حارته وأهل بلدته وهو في طلب العلم . والناس اليوم في حاجة بل ضرورة إلى طلب العلم الراسخ المتمكن في النفوس المبني على الأصول الشرعية , وأما العلم السطحي الذي يعرف الإنسان به شيئاً من المسائل التي يتلقاها كما يتلقاها العامة دون معرفة لأصولها وما بنيت عليه فإنه علم قاصر جداً لا يتمكن الإنسان به من الدفاع عن الحق وقت الضرورة وجدال المبطلين . فالذي أنصح به شباب المسلمين أن يكرسوا جهودهم لطلب العلم مع القيام بالدعوة إلى الله بقدر استطاعتهم وعلى وجه لا يصدهم عن طلب العلم , لأن طلب العلم جهاد في سبيل الله تعالى , ولهذا قال أهل العلم : إذا تفرغ شخص قادر على التكسب من أجل طلب العلم فإنه يُعطى من الزكاة , لأن ذلك من الجهاد في سبيل الله بخلاف ما إذا تفرغ للعبادة , فإنه لا يُعطى من الزكاة , لأنه قادر على التكسب . من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين , كتاب العلم , ص168 - 170. |
الخلاف بين الدعاة إلى الله في وسائل الدعوة السؤال: إن مما وقع فيه الخلاف بين الدعاة إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ أمر وسائل الدعوة، فمنهم من يجعله عبادةً توقيفية، وبالتالي ينكر على من يقيمون الأنشطة المتنوعة، الثقافية أو الرياضية، أو المسرحية، كوسائل لجذب الشباب ودعوتهم، ومنهم من يرى أن الوسائل تتجدد بتجدد الزمان، وللدعاة أن يستخدموا كل وسيلة مباحة في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.. نرجو من فضيلتكم بيان الصواب في ذلك، والله يحفظكم؟. الجواب: الحمد رب العالمين... لا شكَّ أن الدعوة إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ عبادة.. كما أمر الله بها في قوله {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 521]، والإنسان الداعي إلى الله يشعر وهو يدعو إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ أنه ممتثل لأمر الله، متقرب إليه به، ولا شك أيضًا أن أحسن ما يُدعى به هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم؛ فإن كتاب الله ـ سبحانه وتعالى ـ هو أعظم واعظ للبشرية {يأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: 57]، والنبي صلى الله عليه وسلّم كذلك، قوله أبلغ الأقوال موعظة، فقد كان يعظ أصحابه أحيانًا موعظة يصفونها بأنها وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فإذا تمكن الإنسان من أن تكون عظته بهذه الوسيلة؛ فلا شك أن هذه خير وسيلة، أي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وإذا رأى أن يضيف إلى ذلك أحيانًا وسائل مما أباحه الله، فلا بأس بهذا، لا بأس بذلك، ولكن بشرط أن تكون هذه الوسائل لا تشتمل على شيء محرّم كالكذب، أو تمثيل دور الكافر مثلاً في التمثيليات، أو تمثيل الصحابة رضي الله عنهم، أو أئمة المسلمين من بعد الصحابة، أو ما أشبه ذلك، مما يُخشى منه أن يُزْدَرى، أو أن يزدري أحدٌ من الناس هؤلاء الأئمة الفضلاء، وكذلك أيضًا لا تشتمل التمثيلية على تشبه رجلٍ بامرأة، أو بالعكس؛ لأن هذا مما ثبت فيه اللعن عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم؛ فإنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء(*)، المهم أنه إذا فُعِلَ شيء من هذه الوسائل أحيانًا من أجل التأليف ولم تشتمل على شيء محرّم، فلا أرى بها بأسًا، أمَّا الإكثار منها وجعلها هي الوسيلة في الدعوة إلى الله، والإعراض عن الدعوة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم بحيث لا يتأثر المدعو إلاَّ بمثل هذه الوسائل، فلا أرى ذلك، بل أرى أنه محرّم؛ لأنَّ توجيه الناس إلى غير الكتاب والسنة فيما يتعلق بالدعوة إلى الله أمر منكر، لكن فعل ذلك أحيانًا لا أرى فيه بأسًا إذا لم يشتمل على شيء محرّم. -------- (*) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب المتشبهين بالنساء، والمتشبهات بالرجال، رقم (5885). الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
هل يجوز للداعية أن يدعو الناس وهم على منكراتهم السؤال: هل يجوز للداعية أن يدعو الناس وهم على منكراتهم، كإتيانهم وهم على الأرصفة في معازفهم ولهوهم؟.. وهل تجوز الزيارات بغرض الدعوة لبيوت العُصاة؟ وما هو الأسلوب المناسب في ذلك؟ الجواب: الدعوة تكون بالحكمة.. كما أمر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ فإذا رأى الإنسان أنّ دعوتهم في هذا المحل، أو في هذا الوقت مناسبة ومثمرة؛فليتقدم إليهم حتى وإن جاء العُصاة في أماكنهم، وقد ذكر المؤرخون أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يأتي الناس في الموسم، موسم الحج في منازلهم ويدعوهم إلى الله عزَّ وجلَّ، وكذلك يدعوهم وإن كانوا على الأرصفة وفي لهوهم إذا رأى في ذلك مصلحة، وإذا كان لا يرى مصلحة في دعوتهم جميعًا فبإمكانه أن يأخذهم واحدًا واحدًا، وليحرص على زعمائهم، والكبراء منهم؛ لأن الزعماء والكبراء إذا صلحوا؛ صلح الأتباع، فليحرص مثلاً إذا كان لا يتمكن أو لم ير مصلحة في الدعوة العامة على الكبراء والزعماء، ويتقدم إليهم إمَّا في بيوتهم أو في مكان آخر أنسب ويدعوهم. المهم أنَّ الإنسان إذا التزم ما أرشد الله إليه، وأمر به من الحكمة؛ صار على خير كثير {يُؤّتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [البقرة: 269]. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
هل يجب على الداعية أن يترك السنة إذا كان يترتب على تطبيقها أن تسب هذه السنة السؤال: يقول السائل: فضيلة الشيخ: هل يؤخذ من الاية {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} هل يؤخذ منها أنه يجب على الداعية أن يترك السنة إذا كان يترتب على تطبيق هذه السنة أن تُسبَّ هذه السنة، كتقصير الثياب وغيرها؟ وجزاكم الله خيرًا؟ الجواب: إن ترك السنة ليس فيها سب للاخرين فلا تنطبق عليه الاية، لكن ربما يؤخذ ترك السنة من دليل آخر من السنة وهو ترك النبي صلى الله عليه وسلّم بناء البيت «الكعبة» على قواعد إبراهيم خوفًا من الفتنة؛ لأنهم كانوا حديثي عهد بكفر، فمثلاً إذا كانت السُّنة من الأمور المستغربة عند العامة والتي يتهم الإنسان فيها بما ليس فيه فإن الأولى والأفضل أن الإنسان يمهد لهذه السُّنة في القول قبل أن يتخذها بالفعل، يبين للناس في المجالس، في المساجد، في أي فرصة مناسبة يبين لهم الحق حتى إذا قام بفعله. فإذا الناس قد اطمأنوا وفهموا وعرفوا. وأنا أجزم أن العامة قد يكرهون السُّنة؛ لأن هذا الرجل هو الذي فعلها ولا يكرهونها لأن رجلاً آخر فعلها. لو أن أحدًا من أهل العلم المعتبرين عند العامة رفع ثوبه لم يكن استنكار الناس لهذا العمل كاستنكارهم له إذا وقع من شخص آخر لا يعتبرونه عالمًا ولا يثقون به، وهذا أمرٌ معلوم. وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن الأولى أن تتدرج بالعامة بحيث إذا فعلت فعلاً يستنكرونه يكون عندهم علم مسبق به حتى يرد على قلوبهم وهي غير فارعة من العلم به. |
ضوابط التعاون بين الدعاة مع وجود خلاف في مسائل مهمة كالعقيدة السؤال: فضيلة الشيخ: لا شكَّ أن التعاون بين الدعاة أمرٌ محتم لنجاح دعوتهم، وقبول الناس لها، والسؤال: الساحة الإسلامية تحفل بكثير من الدعاة، ولكل منهم أسلوبه وطريقته، لكن مع ذلك، قد يكون هناك خلافٌ في مسائل مهمة كالعقيدة، فما هي الضوابط التي ترونها للعمل والتعاون مع هؤلاء وغيرهم، والدعاة بحاجة إلى توجيهكم في هذه المسألة.. وفقكم الله. الجواب: لا شك أن الضوابط لهذا الخلاف هو الرجوع إلى ما أرشد الله إليه في قوله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]، وفي قوله ـ تعالى ـ: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [الشورى: 10]، فالواجب على من خرج عن الصواب في العقيدة أو في العمل أي في الأمور العلمية والعملية ـ الواجب أن يُبين له الحق ويُوضح، فإن رجع فذلك من نعمة الله عليه، وإن لم يرجع فهو ابتلاء من الله ـ سبحانه وتعالى ـ له، وعلينا أن نبيِّن الخطأ الذي هو واقع فيه، وعلينا أن نبيِّن الخطأ وأن نحذِّر من هذا الخطأ بقدر الاستطاعة، ومع هذا لا نيأس، فإن الله ـ تعالى ـ رد أقوامًا من بدع عظيمة حتى صاروا من أهل السنة، ولا يخفى على كثير منا ما اشتهر عن أبي الحسن الأشعري ـ رحمه الله ـ أنه بقي في طائفة الاعتزال مدة أربعين سنة من عمره، ثم اعتدل بعض الشيء لمدة، ثم هداه الله ـ عزَّ وجلَّ ـ إلى السبيل الأقوام، إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة، فالحاصل أن مسائل العقيدة مهمة، ويجب التناصح فيها، كما يجب التناصح أيضًا في الأمور العملية، وإن كانت دائرة الخلاف بين أهل العلم في المسائل العملية أوسع وأكثر، إذ إن المسائل العلمية العقدية لم يحصل فيها اختلاف في الجملة، وإن كان بعضها قد وقع فيه بعض الخلاف، كمسألة فناء النار، ومسألة عذاب البرزخ، ومسألة الموازين، ومسألة ما يوزن، وأشياء متعددة لكن إذا قستها بالخلاف العملي وجدت أنها في دائرة ضيقة ولله الحمد، ولكن مع هذا يجب علينا فيمن خالفنا في الأمور العلمية أو العملية يجب علينا المناصحة وبيان الحق على كل حال. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
أساليب الدعوة السؤال: من الدعاة من ينتهج أسلوب التربية والتعليم للمدعوين، ومنهم من ينتهج أسلوب الوعظ والتذكير في الأماكن العامة التي يجتمع فيها الناس، فما رأي فضيلتكم في هذا، وأيُّ الأساليب أنجح؟ الجواب: الذي أرى أنَّ هذه من نعمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ على العباد، أن جعلهم يختلفون في الطريق أو الوسيلة في الدعوة إلى الله، فهذا رجلٌ واعظ أعطاه الله سبحانه وتعالى بيانًا وقدرة على الكلام وتأثيرًا، نقول له: الوعظ أحسن له، وهذا آخر أعطاه الله ـ تعالى ـ لينًا ورقَّة ولطافة يربي الناس بأن يدخل فيهم من هذه الناحية، فنقول: هذا الأسلوب أفضل من الأول، لا سيما أنه إذا كان لا يحسن أن يتكلم؛ لأن بعض الناس داعية وعنده علم، لكن لا يحسن أن يتكلم؛ وفضل الله ـ سبحانه وتعالى ـ موزَّع بين عباده، رفع الله بعضهم فوق بعضٍ درجات، فالذي أرى أن الإنسان يستعمل الأسلوب الذي يرى أنه أنفع وأجدى، وأنه به أقوم، وألاَّ يدخل نفسه في أمرٍ يعجز عنه، بل يكون واثقًا من نفسه، مستعينًا بالله عزَّ وجلَّ، حتى إذا وردت عليه إيرادات تخلَّص منها. |
تجريح الدعاة بعضهم البعض السؤال: ما رأيك يا فضيلة الشيخ في بعض الشباب، بل ومنهم بعض طلبة العلم الذي صار ديدنهم التجريح في بعضهم البعض، وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم، هل هذا عملٌ شرعي، يثاب عليه أو يعاقب عليه؟ الجواب: الذي أرى أنَّ هذا عمل محرَّم، وإذا كان الإنسان لا يجوز أن يغتاب أخاه المؤمن، وإن لم يكن عالمًا، فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين، والواجب على الإنسان المؤمن أن يَكُفَّ لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين، قال ـ تعالى ـ: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12]، وليعلم هذا الذي ابتلي بهذه البلوى، أنَّه إذا جرح العالم، فسيكون سببًا في رد ما يقوله هذا العالم من الحق، فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم؛ لأن جرح العالِم في الواقع ليس جرحًا شخصيًّا، بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلّم؛ فإن العلماء ورثة الأنبياء، فإذا جُرِّح العلماء وقدح فيهم، لم يثق الناس في العلم الذي عندهم، وهو موروث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحينئذٍ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالِم الذي جُرح، ولست أقول: إن كل عالِم معصوم، بل كل إنسان معرّض للخطأ، وأنت إذا رأيت من عالمٍ خطأ فيما تعتقده فاتصل به وتفاهم معه، فإن تبين لك أن الحق معه؛ وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك، ولكن وجدت لقوله مساغًا؛ وجبَ عليك الكفّ عنه، وإن لم تجد لقوله مساغًا، فحذّر عن قوله؛ لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز، لكن لا تجرحه وهو رجل عالم معروف بحسن النية، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الدين، لجرحنا علماءً كبارًا، ولكن الواجب هو ما ذكرت، إذا رأيت من عالم خطأً فناقشه وتكلم معه فإما أن يتبين لك أن الصواب معه فتتبعه، أو أن الصواب معك فيتبعك، أو لا يتبين الأمر ويكون الخلاف من الخلاف السائغ. وحينئذ يجب عليك الكف عنه، وليقل هو ما يقول،وأنت تقول ما تقول. والحمد لله الخلاف ليس في هذا العصر فقط. الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا... وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصارًا لقوله؛ وجب عليك أن تبين الخطأ، وتنفر من الخطأ، لكن على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه؛ لأن هذا الرجل قد يقول قولاً حقًّا في غير ما جادلته فيه المهم أني أنصح إخواني بالابتعاد عن هذا البلاء وهذا المرض، وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
الرد على من يثير قضية أن عمل الدعاة عبث لا داعي له السؤال: فضيلة الشيخ يثير البعض قضية أن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ قد تكفَّل بحفظ هذا الدين، ومن ثمَّ فإن العمل الذي يؤدّيه الدُّعاة في سبيل خدمة الإسلام عبث لا داعي له، فكيف الرد على هؤلاء؟ الجواب: الرد على هؤلاء بسيط، إذ إن هؤلاء نزعتهم نزعة من ينكر الأسباب، ولا ريب أن إنكار الأسباب من الضلال في الدين والسفه في العقل، فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ تكفَّل بحفاظ الدين، لكن بأسباب... كذلك بما يقوم به الدعاة إلى هذا الدين من نشره وبيانه للناس، والدعوة إليهم، وما هذا القول إلاَّ بمنزلة من يقول: لا تتزوج فإن قُدّر لك ولد فسيأتيك، أو لا تسعى في الرزق، فإن قُدر لك رزقٌ فسيأتيك، فنحن نعلم أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ إذا كان يقول سبحانه وبحمده: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، فإنما يقول ذلك لعلمه؛ بأنه سبحانه وتعالى الحكيم، لا تكون الأشياء إلاَّ بأسباب فيقدر الله ـ تعالى ـ لحفظ هذا الدين من الأسباب ما يكون به الحفظ، ولهذا نجد علماء السلف حينما حفظ الله بهم دينهم من البدع العقدية والعملية، ساروا يتكلمون ويكتبون، ويبينون للناس، فلابد أن نقوم بما أوجب الله علينا من الدفاع عن الدين، وحمايته، ونشره بين العباد، وبذلك سيتحقق الحفظ. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
هل يدعو الداعية لشيء لا يستطيع أن يفعله بنفسه السؤال: فضيلة الشيخ: قد ذكرتم خلال المحاضرة أنه يجب على الداعية ألاَّ يدعو إلى شيء إلاَّ بعد تحقيقه في نفسه، والسؤال هو: إذا كان هذا الداعية يدعو إلى شيء لا يستطيع تطبيقه بعد المحاولة على ذلك، ويرى أن هذا المدعو سوف يقدر على القيام به.. فهل يدعو إليه؟ الجواب: نعم.. إذا كان هذا الداعي الذي يدعو إلى الخير، لا يستطيع أن يفعله بنفسه، فعليه أن يدعو غيره إليه، ولنفرض كذلك أن رجلاً يدعو إلى قيام الليل، لكنه لا يستطيع أن يقوم الليل، يعني لا يستطيع أن يقوم هو الليل، فلا نقول: إذا كنت لا تستطيع، فلا تدعُ إلى قيام الليل، رجل يدعو إلى الصدقة وهو لا يستطيع، لا يملك أن يتصدق، نقول: ادعُ، وأما شيء يدعو إليه وهو يستطيعه، فلا شك أنه سفهٌ في العقل وضلال في الدين. |
ما رأي فضيلتكم فيمن ينفر من قراءة كتب الدُّعاة المعاصرين السؤال: ما رأي فضيلتكم فيمن ينفر من قراءة كتب الدُّعاة المعاصرين، ويرى الاقتصار على كتب السَّلف الأخيار، وأخذ المنهج منها، ثم ما هي النظرة الصحيحة أو الجامعة لكتب السلف رحمهم الله، وكتب الدعاة المعاصرين والمفكرين؟ وفقكم الله! الجواب: الذي أرى أن الدعوة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم فوق كل شيء، وهذا رأينا جميعًا بلا شك، ثم يلي ذلك ما ورد عن الخلفاء الراشدين، وعن الصحابة، وعن أئمة الإسلام فيمن سلف، أما ما يتكلم عليه المتأخرون المعاصرون فإنه قد حدثت أشياء، هم بها أدرى، فإذا اتخذ الإنسان من كتبهم ما ينتفع به في هذه الناحية، فقد أخذ بحظ وافر، ونحن نعلم أن المعاصرين إنما أخذوا ما أخذوا من العلم ممن سبق، فلنأخذ نحن مما أخذوا منه لكن استجدت أمور، هم بها أبصر منا، ولم تكن معلومة لدى السلف بأعيانها، فالذي أرى أن يجمع الإنسان بين الحسنيين، فيعتمد أولاً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وثانيًا على كلام السلف الصالح من الخلفاء الراشدين والصحابة وأئمة المسلمين، ثم على ما كتبه المعاصرون، الذين جدَّت في زمنهم حوادث لم تكن معلومة بأعيانها فيما سلف. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
أريد أن أكون داعية ولكن لا يوجد لدي الأسلوب المناسب السؤال: أنا شاب أريد أن أكون داعية.. ولكن لا يوجد لدي الأسلوب المناسب، هل الشريط الإسلامي والكتاب الإسلامي المفيد، يكفي بأن أقوم بنشره أو توزيعه، أفيدونى جزاكم الله خيرًا؟ الجواب: نعم، لا شك أن الإنسان قد لا يتمكن من الدعوة بنفسه، ولكنه يتمكن من الدعوة بنشر الكتب النافعة والأشرطة النافعة، ولكنه بناءً على أنه لا يستطيع الدعوة بنفسه، فإنه لا ينشر هذه الكتب، ولا هذه الأشرطة، إلاَّ بعد عرضها على طالب علم، ليعرف ما فيها من خطأ، حتى لا يوزع هذا الرجل ما كان خطأً وهو لا يشعر به، وله أيضًا ـ بل من أساليب الدعوة ـ أن يتفق مع طالب علم، بأن يكتب طالب العلم ما فيه الدعوة إلى الخير، ويكون تمويل هذا على هذا الرجل الذي لا يستطيع الدعوة بنفسه. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
هناك من الناس، من لا يرتدع إلاَّ بالعنف، فما العمل معه؟ السؤال: هناك من الناس، من لا يرتدع إلاَّ بالعنف، فما العمل معه؟ الجواب: لا شك أنَّ من الناس من لا يرتدع إلاَّ بالعنف، ولكن العنف الذي لا يخدم المصلحة، ولا يحصل به إلاَّ ما هو أشر، لا يجوز استعماله؛ لأن الواجب اتباع الحكمة، والعنف الذي منه الضرب والتأديب والحبس، إنما يكون لولاة الأمور، وأما عامة الناس، فعليهم بيان الحق، وإنكار المنكر، وأمَّا تغيير المنكر، ولا سيما باليد، فإن هذا موكول إلى ولاة الأمور، وهم الذين يجب عليهم أن يُغيروا المنكر بقدر ما يستطيعون؛ لأنهم هم المسؤولون عن هذا الأمر، ولو أن الإنسان أراد أن يُغير المنكر بيده كلما رأى منكرًا، لحصل بذلك مفسدة قد تكون أكبر من المنكر الذي أراد أن يغيره بيده، فلهذا يجب اتباع الحكمة في هذا الأمر، لو كنت ربّ أهل بيت، أي راعيهم، فإنك تستطيع أن تُغير المنكر في هذا البيت بيدك، فغيَّره، لكن تغير هذا المنكر بيدك في السوق، قد تكون النتيجة أسوأ من بقاء هذا المنكر، ولكن يجب عليك أن تبلغ من يملك تغيير هذا المنكر في السوق. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
مسؤولية تبليغ دين الله إلى جميع الناس السؤال: فضيلة الشيخ: ألسنا ـ نحن المسلمين ـ مسؤولين أمام الله عزَّ وجلَّ، عن مآل، ومصير غير المسلمين في العالم كله، حيث يقع علينا مسؤولية دعوتهم لدين الله، ودين الحق، وإبراز السبيل السوي المستقيم لحكمة الله في الخلق، فما هو موقفنا إذا قالوا عند الحساب يوم القيامة لم يأتنا نذير ولا دعوة؟ الجواب: لا شك أن الواجب على المسلمين أن يبلغوا دين الله إلى جميع الناس، ولكن من الذي يقدر على ذلك إنه لابد أن يكون هناك قدرة؛ لأن جميع الواجبات التي أوجبها الله على عباده، مشروطة بالقدرة عليها؛ لقول الله ـ تعالى ـ: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «وإذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم(9)» فنحن يجب علينا ـ نحن المسلمين ـ أن نبلغ دين الله وشريعته لجميع الخلق لكن بقدر الاستطاعة، فمن الذي يستطيع أن يبلغ جميع الخلق شريعة الله، إن الذي يستطيع ذلك هو الذي يجب عليه، وأما من لا يستطيع؛ فلا يكلف الله نفسًا إلاَّ وسعها. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
التعاون بين الدعاة السؤال: هل يعني كلامكم في التعاون بين الدعاة أن يكونوا على صف واحد، من ناحية منهج الدعوة، وأسلوب الدعوة، أم أنه التعاون العام بالعمل العام بين الناس؟ الجواب: الذي أرى أن المراد بالتعاون الإطار العام، وذلك لأن الإطار الخاص، أو الأسلوب الخاص موكول إلى الشخص نفسه، فقد يرى الإنسان الداعية أن هذا الأسلوب المعين في هذا الوقت المعين في هذا المكان المعين خيرٌ منه في مكان آخر، ولا يمكن الاتفاق على أسلوب معين، في جميع الأحوال وجميع الأوقات وجميع الأماكن، لكن الإطار العام هو الذي يجب على الدعاة أن يتعاونوا فيه. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
هل يلزم أن نبين للناس أسماء الله وصفاته أو لا يلزم
السؤال: هذا السائل يقول يا فضيلة الشيخ البعض من الدعاة يقولون بأنه لا ينبغي أن نعلم الناس مسائل توحيد الأسماء والصفات لأنها من المتشابه ولكن إذا حصل إشكال لهم في أي شئٍ منها أي من الصفات بينا لهم ذلك فما رأي فضيلتكم بارك الله فيكم وفي علمكم؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين أقول إن الناس في هذا الباب أي في باب أسماء الله وصفاته وهل يلزم أن نبينها للناس أو لا يلزم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام طرفان ووسط فطرفٌ يقول مثلما قال هذا السائل عن شخصٍ آخر أنه يقول لا تبينوا أسماء الله وصفاته لأنها من المتشابه ولكن إذا سألوا فأجيبوهم وقسمٌ آخر طرفٌ آخر يقول بينوا للناس أسماء الله وصفاته ثم ما يتفرع على هذه الأسماء والصفات من الإشكالات أوردوه عليهم أو تعمقوا في جانب الإثبات واذكروا كل شيء حتى إن بعضهم يقول مثلاً كم أصابع الله كيف استوى على العرش هل لله أذن وما أشبه ذلك من الأمور التي يجب الإعراض عنها لأنها لم تذكر في الكتاب ولا في السنة ولو كان ذكرها مما تتوقف عليه العقيدة الصحيحة لكان الله يبينها لعباده إما في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والقسم الثالث وسط يقول علموا الناس ما يحتاجون إليه في هذا الباب دون أن تتعمقوا وتتكلفوا ما لستم مكلفين به وهذا القول هو الصحيح هو الراجح أن نعلم الناس ما يحتاجون إليه إلى معرفته في هذا الباب وأن لا نتكلف علم ما ليس لنا به علم بل نعرض عنه فمثلاً إذا شاع في الناس مذهبٌ يخالف مذهب السلف فلا بد أن نبين للناس مذهب السلف في هذا الباب لو شاع في الناس أن اليدين اللتين أثبتهما الله لنفسه هما النعم يجب علينا أن نبين إن هذا خطأ وأن اليدين صفتان لله عز وجل أثبتهما الله لنفسه وبين جل وعلا أن يديه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يبسط يده ليتوب المسيء بالنهار ويبسط يده بالنهار ليتوب المسيء بالليل وأخبر أن يد الله ملأى سحا الليل والنهار وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وأجمع سلف الأمة على أنهما يدان حقيقيتان ثابتتان لله على وجهٍ يليق به لكن لا تماثلان أيدي المخلوقين حتى يزول عن الناس الاعتقاد الذي ليس بصحيح وهو أنهما النعمتان هذا لا بد منه لكن إذا كنا في قومٍ لم يطرأ على بالهم هذا الشيء ولو دخلنا معهم في مسائل تفصيلية لحصل لهم ارتداد أو لدخلوا في أمورٍ يتنطعون فيها فهنا نأخذ بما جاء عن السلف وخاصةً عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال إنك لن تحدث حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة وقال عليٌ رضي الله عنه حدث الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله أما التعمق في الصفات وطلب ما لا يمكن العلم به فإن هذا من التكلف والبدعة ولهذا لما قال رجلٌ للإمام مالك يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى وكان هذا سؤالاً عظيماً وقع موقعه في الإمام مالك رحمه الله فأطرق برأسه وجعل يتصبب عرقاً ثم رفع رأسه وقال يا هذا الاستواء غير مجهول والكيف غير معلوم والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة يريد بذلك رحمه الله أن الاستواء غير مجهول معروف استوى على كذا يعني علا عليه قال الله تعالى (فإذا استويت أن ومن معك على الفلك) يعني علوت عليه وركبت فيه وقال تعالى (وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهروه ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه) يعني إذا علوتم عليه راكبين فاستوى على العرش يعني علا عليه علواً يليق بجلالته وعظمته هذا معنى قوله الاستواء غير مجهول الكيف غير معقول لم يقل رحمه الله الكيف غير موجود بل قال الكيف غير معقول يعني هناك كيفية استوى الله عليها لكن لا ندري عقولنا لا تدرك ذلك وشرعنا لم يأتِ بها الكتاب والسنة ليس فيهما كيفية استواء الله على العرش وعقولنا لا تدرك هذا فانتفى عنها الدليلان العقلي والسمعي فوجب السكوت فإذا سئلنا كيف استوى قلنا الله أعلم الإيمان به واجب أي بالاستواء واجبٌ على ما أراده الله عز وجل والسؤال عنه بدعة هذا محل الشاهد من كلامنا هذا السؤال عن الكيفية بدعة لماذا لأن الصحابة وهم أحرص منا على معرفة الله وأحرص منا على العلم وإذا سألوا. سألوا من هو أعلم منا بالإجابة لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم لم يقولوا يا رسول الله كيف استوى مع أنهم يسألون عن أشياء أدق من هذا لكنهم يعرفون رضي الله عنهم أن مثل هذه الأمور لا يمكن العلم بها لذلك لم يسألوا وإلا فهم يسألون عما هو أدق كما سنبين إن شاء الله أيضاً السؤال عنه بدعة من سمات أهل البدع لأن أهل البدع هم الذين يحرجون أهل السنة في ذكر الكيفية يقولون كيف استوى كيف ينزل إلى السماء الدنيا يحرجونهم ليقولوا استوى على الكيفية الفلانية أو ينكروا الاستواء أو يقولوا نزل على الكيفية الفلانية أو ينكروا النزول فهو من سمات أهل البدع السؤال عن كيفية الصفات من سمات أهل البدع ثم إن السؤال عن الكيفية كيفية الصفات من التنطع في دين الله وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون أومن بما جاءت به النصوص من أمور الغيب ولا تسأل عما وراء ما ذكر لك لأنك لن تصل إلى شيء وإذا سألت عما لم يذكر لك من أمور الغيب ربما تكون من الذين يسألون عن أشياء لا حاجة لهم بها بل أنت منهم وربما تقع في متاهات تعجز عن التخلص منها وقولنا إن الصحابة رضي الله عنهم يسألون عما دون ذلك استدل له بأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر أن الدجال يخرج ويمكث في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول كسنة كاملة يعني اثني عشرة شهراً واليوم الثاني كشهر واليوم الثالث كأسبوع وبقية أيامه كأيامنا فالصحابة رضي الله عنهم لما قال يوم كسنة قالوا يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاةٌ واحدة قال لا اقدروا له قدره فتجدهم أنهم سألوا عن هذا لأنهم مكلفون بالصلوات الخمس في أوقاتها المعلومة وهذا اليوم سيكون طويلاً سيكون اثني عشر شهراً هل تكفي فيه خمس صلوات لذلك سألوا فإذا كانوا لم يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بصفات الله فإنه خير سلفٍ لنا نقتدي بهم ولا نسأل عن كيفية صفات الله ولا نسأل أيضاً عمن لم يبلغنا علمه من هذه الصفات ولا من غيرها من أمور الغيب كل أمور الغيب الأدب فيها أن يقتصر الإنسان فيها على ما بلغه وأن يسكت عما لم يبلغه لأنه لو كان في بيانه خيرٌ لبينه الله ورسوله وأما قول السائل لا تخبروا العوام بها لأنها من المتشابه فنقول له يا أخي ماذا تريد بالمتشابه إذا كانت صفات الله عز وجل وكانت نصوصه الواردة فيها من المتشابه فماذا يبقى بيناً آيات الصفات من أبين الآيات أحاديث الصفات من أبين الأحاديث وليس فيها ولله الحمد شك كلها معناها معلوم كلها معناها مفهوم بمقتضى اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن وكيف ينزل الله علينا شيئاً يتعلق بأسمائه وصفاته ونحن نجهله ولا يمكننا الوصول إليه هذا مستحيل فنقول إن آيات الصفات وأحاديثها من المعلوم وليست من المتشابه فهل يشتبه على أحد قول الله تبارك وتعالى (الله الذي خلق السماوات والأرض) فلا يدري ما معنى خلق هل يشتبه على أحد قول الله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) أن معناها نفي المماثلة وإثبات السمع والبصر آيات الصفات وأحاديثها ليست من المتشابه نعم إن أراد القائل بقوله ليست من المتشابه يعني من الذي يشتبه علينا إدراك كيفيته وحقيقته فهذا صحيح نحن لا نعلم كيفية ما وصف الله به نفسه وكنهه لكن معناه واضح لولا أن ولولا أن معناه واضح ما استطعنا أن ندعو الله بأسمائه وقد قال الله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) فالمهم أن هذه الكلمة التي أطلقها بعض العلماء على آيات الصفات وأحاديثه وقال إنها من المتشابه نقول له إن أردت أنها من المتشابه معنىً فلا وإن أردت أنها من المتشابه حقيقةً وكنهاً وأننا لا ندرك كيفيتها ولا حقيقة كنهها فهذا حق وليس بغريبٍ أن نعلم معنى الشيء ولا ندرك حقيقته وكيفيته نحن نعلم معنى الروح التي بين جنبينا والتي إذا انسلت من الجسد مات الإنسان نعم نعلم هذا لكن هل ندرك حقيقتها وكيفيتها لا أبداً نحن نعلم ما ذكر الله عن الجنة بأن فيها من كل فاكهةٍ زوجان ونخلاً ورماناً وما أشبه ذلك ولكن هل نحن ندرك حقيقة ذلك وكنهه لا لأن الله يقول (فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءٌ بما كانوا يعملون) ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر) والمهم التنبيه على هذه العبارة المتداولة في كلمة المتشابه بالنسبة لأسماء الله وصفاته حيث يتوصل بها أهل التعطيل إلى أن نسلك مسلكاً سيئاً في ذلك بحيث نفوض العلم بمعنى أسماء الله وصفاته كما زعم بعض المتأخرين أن مذهب السلف هو التفويض أي تفويض القول بأسماء الله وصفاته إلى الله وألا نتكلم بشيءٍ من معناه وهذا القول بالتفويض على هذا الوجه قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد أما تفويض الحقيقة والكنه فهذا شيء لا بد منه ولا يضرنا إذا كنا نعلم المعنى ولكن لا نعلم الكنه والحقيقة الذي عليه هذا المسمى والموصوف. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
تحقيق مسائل الخلاف
السؤال: لماذا لا تُحقق مسائل الخلاف، ليتبنّى الداعية وجه الصواب فيها سبيلاً إلى جمع كلمة الأمة؟ الجواب: مسألة تحقيق مسائل الخلاف مشكلة؛ لأن كل إنسان يذهب إلى قول يرى أنه مُحقق فيه، وإذا أردنا أن نجمع العلماء في بلدٍ ما، فإن الظاهر أنه ألا يتفقوا والظاهر لا يتفقوا سيكون هناك خلاف في الرأي، حتى وإن حققنا، فإنه سيقع الخلاف، ولكن الواجب على العامة أو الذين لا يستطيعون أن يعرفوا الحق بأنفسهم، الواجب عليهم، أن يتقوا الله ما استطاعوا، وألاَّ يكون الدافع لهم بقبول هذا العالم المخالف لهذا العالم الاخر هو الهوى، بل يكون الدافع هو قصد الهدى، وعلى هذا فيتبع الإنسان عند اختلاف العلماء من يرى أنه أقرب إلى الصواب لعلمه ودينه وأمانته، وأما أن نجمع الناس على قول واحد، فالظاهر أنَّ هذا أمرٌ متعذر، وليت.... الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
أمنيتي أن أصبح داعية
السؤال: السائلة أختكم في الله ل ع أ استعرضنا سؤال لها في الحلقة السابقة بقي لها هذا السؤال تقول أمنيتي أن أصبح داعية إسلامية أدعو الناس إلى الهداية وإلى هذا الدين القيم فبماذا أفعل كي تتحقق هذه الأمنية وهذا لاشك أنه أمنية لكل فتاة مسلمة في هذا المجتمع المسلم؟ الجواب: الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين على من أراد أن يصبح داعية إلى الله عز وجل . . . أن يتعلم أولا: إلى ماذا يدعو لأن الإنسان قد يدعو إلى الله تعالى عن جهل فيكون إفساده أكثر من إصلاحه يفعل ذلك لا عن عمد إرادة سوء لكن لجهله يظن أنه عالم فيتفوه بما لا يعلم وحينئذ يقع في الإثم أولا ثم في إضلال الناس ثانيا أما وقوعه في الإثم فلقوله تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ولقوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) وأما إضلال الناس فلأنه قد يدعوهم إلى محرم وهو لا يدري أنه محرم فقد يبيح لهم ما حرم الله وقد يوجب عليهم ما لم يوجبه الله فلابد لكل داعية إلى الله عز وجل من أن يكون عالما بما يدعو إليه ثانيا لابد أن يكون مخلصا في دعوته إلى الله بأن يقصد بدعوته إصلاح الخلق وامتثال أمر الله تعالى بقوله (وتعاونوا على البر والتقوى) وحصول الدين الحقيقي لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) دون أن يقصد بالدعوة إلى الله الانتصار لنفسه أو إطفاء لهيب الغيرة الذي في قلبه لأن هذا قد يقع من بعض الناس لكن لاشك أن نية الإصلاح والنصيحة لعباد الله هي الطريق الأسلم والأوفر لابد للداعية أيضا من أن يكون حكيما في دعوته بحيث ينزل كل إنسان منزلته ولهذا قال الله عز وجل (ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) فذكر الله تعالى ثلاثة أشياء الحكمة وهي بيان الحق وإيضاحه والإطلاع على محاسن الدين الإسلامي ثم بالموعظة إذا لم ير قبولا ممن دعاه يعظه الموعظة الحسنة التي تلين قلبه وترققه وتوجب الانصياع لما دعوته إليه والثالث المجادلة بالتي هي أحسن وذلك فيما إذا كان المدعو معانداً مجادلا فلابد أن يجادل بالتي هي أحسن. أحسن في عدة أمور أولا من حيث العرض فيكون المجادلة بالأدلة النقلية من كتاب الله وسنة رسوله أو الأدلة العقلية التي تؤيد ما جاء في الكتاب والسنة وكذلك يكون من حيث الإقناع بمعنى أن يأتي بالأدلة الواضحة التي لا تحتمل المعارضة دون الأدلة التي قد يعارض فيها المجادل ولهذا لما حاج الرجل الكافر إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال له إبراهيم (ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت) فعدل إبراهيم عليه الصلاة والسلام عن مناقشته في هذا الأمر وقال له (إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر) وعجز عن الرد فلا ينبغي للمجادل أن يسلك طريقا يحتمل الأخذ والرد بل يسلك الطريق الذي يكون قاصم الظهر لا مكان للمحاجة فيه وثالثا أن تكون مجادلته بالتي هي أحسن إذا كان المقام يقتضي ذلك فإن كان لا يقتضي ذلك فليجادل بوجه آخر ولهذا قال الله تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) فجعل للذين ظلموا مرتبة فوق مرتبة الذين يجادلون بدون ظلم والمهم أن الداعية إلى الله لابد أن يكون عنده علم بهذه الأمور التي أشرنا إليها ثم إذا كان الأمر يتوقف على مراجعة المسؤولين في هذا حتى لا ينفرط السلك وتحصل الفوضى فليكن ذلك بعد مراجعة المسؤولين لئلا يقع الإنسان في محظور فيندم على ذلك. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
تعلم اللغة الإنجليزية لاستخدامها في الدعوة السؤال: ما رأي فضيلتكم في تعلم طالب العلم اللغة الإنجليزية لا سيما في سبيل استخدامها في الدعوة إلى الله ؟. الجواب: سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ السؤال السابق فأجاب فضيلته بقوله : رأينا في تعلم اللغة الإنجليزية أنها وسيلة لا شك , وتكون رديئة إذا كانت لأهداف رديئة , لكن الشيء الوحيد الذي يجب اجتنابه أن تُتخذ بديلاً عن اللغة العربية , فإن هذا لا يجوز , وقد سمعنا بعض السفهاء يتكلم بها بدلاً من اللغة العربية , حتى إن بعض السفهاء المغرمين الذين اعتبرهم أذناباً لغيرهم كانوا يعلمون أولادهم تحية غير المسلمين يعلمونهم أن يقولوا باي باي عند الوداع وما أشبه ذلك . لأن إبدال اللغة العربية التي هي لغة القرآن وأشرف اللغات بهذه اللغة محرم وقد صح عن السلف النهي عن رطانة الأعاجم وهم من سوى العرب . أما استعمالها وسيلة للدعوة فلا شك أنها واجب أحياناً , وأنا لم أتعلمها وأتمنى لو أني كنت تعلمتها ووجدت في بعض الأحيان أني أضطر إليها حتى المترجم لا يمكنه أن يعبر عما في قلبي تماماً . وأذكر لكم قصة حدثت في مسجد المطار بجدة مع رجال التوعية الإسلامية نتحدث بعد صلاة الفجر عن مذهب التيجاني وأنه مذهب باطل وكفر بالإسلام وجعلت أتكلم بما أعلم عنه فجاءني رجل فقال : أريد أن تأذن أي أن أترجم بلغة الهوسا , فقلت لا مانع فترجم فدخل رجل مسرع فقال : هذا الرجل الذي يترجم عنك يمدح مذهب التيجانية فدهشت وقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون , فلو كنت أعلم مثل هذه اللغة ما كنت أحتاج إلى مثل هؤلاء الذين يخدعون , فالحاصل أن معرفة لغة من تخاطب لا شك أنها مهمة في إيصال المعلومات قال الله تعالى : ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) إبراهيم / 4 . من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين , كتاب العلم , الصفحة ( 143 ) . |
اللين مع الكفار بقصد الدعوة السؤال: ما حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم ؟.. الجواب: الحمد لله قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال الله تعالى : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ) الممتحنة / 4 ، وقال تعالى : ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) المجادلة / 22 . وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) الممتحنة / 1 . أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به ، لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به . وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل الذمة " لابن القيم - رحمه الله -." انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/31 . |
حكم إعطاء الكافر المصحف وبهامشه الترجمة السؤال: هل يجوز إعطاء الكفار ترجمة للقرآن تحتوي على النص باللغة العربية من أجل الدعوة ؟ الجواب: الحمد لله عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : ما حكم إعطاء الكافر ترجمة للقرآن تحتوي على النص باللغة العربية والترجمة والتفسير بنفس الحجم ؟ فأجاب حفظه الله : المعروف - سلمك الله - عند العلماء أنه لا يجوز أن يسلّط الكافر على القرآن ، ولكن يدعو الكافر - إذا كان صادقاً يريد أن يعرف عن القرآن - يدعوه إلى المكتبة سواء كانت مكتبة بيته أو مكتبة عامة ويريه القرآن بين يديه . انتهى ، وإذا وجدت ترجمة لمعاني القرآن الكريم دون وجود النصّ العربي فلا حرج في إعطائها للكافر ، والله أعلم الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
كيف تكون المرأة داعية لدين الله السؤال: هذه السائلة عائشة من جمهورية مصر العربية بور سعيد استعرضنا سؤالاً لها في حلقةٍ ماضية بقي لها هذا السؤال تقول كيف تكون المرأة داعية لدين الله وما هي الأسباب المعينة على ذلك وما الكتب التي أبدأ بها في تحصيل طلب العلم الشرعي؟ الجواب: الشيخ: تكون المرأة داعية كالرجل تماماً إذا كان لديها علم بشريعة الله فإن لم يكن لديها علم فلا يحل لها أن تتكلم بلا علم لقول الله تعالى (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا الله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) ولقوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) ولقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم (قل هذه هي سبيلي أدع إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) ثانياً أن يكون لديها قدرة على التكلم بما علمت ثالثاً أن يكون لديها قدرة على مجادلة المعارض لأنه قد يقوم شخص معارضٌ لما تدعو إليه ويكون لديه فصاحة وبيان فيغلب بفصاحته وبيانه على هذه الداعية لضعف دفاعها وقوة باطله فلا بد أن يكون لديها قدرة على مجادلة المعارض وأما ما تبدأ به فخير ما يبدأ به طالب العلم كتاب الله عز وجل أن يحفظه ويتدبر معانيه ويدعو الناس إلى دين الله تعالى به ثم ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن السنة تبين القرآن وتوضحه وتفسره وهي شقيقة القرآن في وجوب العمل بها ثم بكتب العقيدة والتوحيد لا سيما إذا كان في بلدٍ يكثر فيه الشرك والعقيدة الباطلة ثم بما كتبه أهل العلم من الفقه حسبما يتيسر لها والأحسن أن تسأل عن كل مسألةٍ بعينها أي تسأل أهل العلم ليكون ذلك أدق في الجواب. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص بالمسلمين فقط السؤال: نبدأ هذا اللقاء على بركة الله بسؤال لطبيبة مقيمة بالمملكة استعرضنا سؤال لها في حلقة سابقة تسأل في هذا السؤال وتقول هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون للمسلمين وغير المسلمين أم هو للمسلمين فقط جزاكم الله خيراً؟ الجواب: الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام يشمل المسلمين وغير المسلمين لكنه يختلف في الكيفية أما المسلم فيؤمر بكل معروف وينهى عن كل منكر وأما الكافر فإنه يدعى إلى الإسلام أولاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في بعث الدعاة إلى الله قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه وقد بعثه إلى اليمن (إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) وأما الكفار المقيمون في بلادنا الذين دخلوها أي دخلوا بلادنا إما بعهد أو أمان فإنهم ينهون عن إظهار المنكر أو إظهار شيء من شعائرهم لأن ذلك إهانة للمسلمين ولأنه هو من الشروط الذي أخذها عمر رضي الله عنه على أهل الذمة والمعاهد والمستأمن من باب أولى فينهون عن إظهار الصليب سواء على بيوتهم أو سيارتهم أو فيما يتقلدونه ولكن يتولى ذلك من يمكن أن يحصل بنهيه فائدة وأما من لا يحصل بنهيه فائدة فإنه قد لا يكون نهيه إلا زيادة في بقائهم على ما هم عليهم وإصرارهم على ذلك. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
لم أبلغ العلم الكافي فهل يكفي تبليغ القليل منه السؤال: بارك الله فيكم من أم البراء من الرياض تقول في هذا السؤال فضيلة الشيخ لأنها طالبة للعلم الشرعي ترجو من فضيلتكم النصح في هذا السؤال تقول رغم إحساسي أني لم أبلغ العلم الكافي في التبليغ في الدعوة إلى الله وذلك لحيائي فهل يكفي تبليغ القليل منه أرجو الافادة؟ الجواب: الشيخ: الواجب على من آتاه الله علماً أن ينشره بين الناس كل ما دعت الحاجة إلى ذلك لأن العلم أمانة يجب على المرء أن يؤديها إلى أهلها المستحقين لها مثل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بلغوا عني ولو آية والواجبات التي تجب على العبد تكون بحسب الاستطاعة فعلى هذه السائلة أن تبلغ من شريعة الله ما علمته بحسب استطاعتها لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لتبدأ بالأقرب فالأقرب لقول الله تعالى (وأنذر عشيرتك الأقربين) ولأن الأقرب أحق بالبر من الأبعد فلتبدأ به ولتكن حكيمة في أداء العلم في الأسلوب وفي الحال وفي الوقف وفي المكان فإن ذلك مما يكون به الخير قال الله تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ). فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
تدريس العقيدة السؤال: فضيلة الشيخ تدريس العقيدة أمرٌ مهم فماذا يجب على طلاب العلم والدعاة إلى الله حيال ذلك؟ الجواب: الشيخ: الواقع يا أخ عبد الكريم أن الناس عندهم جهل كثير في العقيدة وغير العقيدة لكن الحمد لله بشرى الناس عندهم إقبال الآن على العلم وبعضهم عنده إقبالٌ زائد يغالي حتى في العقيدة يتكلم في أشياء ما تكلم فيها السلف يريد إثباتها لكن على طلبة العلم أن يكلموا الناس بحسب الحال فمثلاً إذا رأينا أهل قريةٍ انحرفوا في العقيدة نركز على العقيدة ونبحث فيها بحثاً قوياً وإذا رأينا آخرين فرطوا في صلاة الجماعة تكلمنا في الجماعة بأن تكون الدعوة والإلحاح فيها على حسب ما تقتضيه الحال قال الله عز وجل (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) فمثلاً إذا رأينا أناساً يقيمون الصلاة كما ينبغي وعندهم تفريطٌ في الزكاة فهل نركز على الصلاة لأنها أهم من الزكاة أو نركز على الزكاة لأنهم مفرطون فيها الجواب الثاني ما نذهب نتكلم في الصلاة وهم قد أقاموها كما ينبغي فلكل حالٍ مقال والحكيم يفعل ما يرى الناس في ضرورةٍ إليه سواءٌ في العقيدة أو في أعمال الجوارح. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
مسئولية بيان أقسام التوحيد وتوجيه الضالين السؤال: فضيلة الشيخ محمد العلماء والدعاة والمصلحون عليهم مسئولية عظيمة في بيان أقسام التوحيد وتوجيه الضالين هل من كلمة لهم. الجواب: الشيخ: نعم الكلمة هي أن الداعي يجب عليه أن يراعي أحوال المدعوين فإذا كانوا مقصرين في الصلاة مثلاً فليركز على الحث على الصلاة وعدم التهاون بها وبيان عقوبة من تركها وحكمه في الدنيا والآخرة وإذا كان عندهم شيء من الشرك فليركز على التوحيد والإخلاص وما أشبه ذلك وإذا كان عندهم تهاون بالزكاة فليركز على الزكاة المهم أن الداعية من الحكمة أن يراعي أحوال المدعوين كذلك أيضاً يراعي أحوالهم بالنسبة للشدة واللين فإذا رأى منهم انقياداً وسهولة قابلهم باللين والسهولة وإذا رأى منهم عتواً ونفوراً فليقابلهم بما تقتضيه الحال وتحصل به المصلحة ثم إن من أهم ما يكون في الداعية أن يكون هو أول من يتلبس بما أمر به ويبتعد عما نهى عنه فليس من اللائق شرعاً ولا عقلاً أن يأمر بشيء ولا يفعله أو أن ينهى عن شيء ويفعله فإن الإنسان إذا كان على هذا الحال لم يقبل منه الناس اللهم إلا من لا يعرف عن حاله وأما من عرف حاله فإنه يقول إن هذا الرجل كاذب لو كان صادقاً فيما أمر به لكان هو أول من يمتثل له ولو كان صادقاً فيما نهى عنه لكان أول من يجتنبه وعلى الداعية أيضاً أن يلاحظ الزمان والمكان في الدعوة إلى الله عز وجل فيدعو في المكان الذي تكون فيه الإجابة أقرب وكذلك في الزمان لأن مراعاة هذه الأمور من الحكمة التي قال الله تعالى فيها (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب). فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
يريد أن يدعو إلى الله ولكن ليس عنده علمٌ شرعي السؤال: جزاكم الله خيراً يقول هذا السائل إذا كان عند الشخص حبٌ للخير ويريد أن يدعو إلى الله عز وجل ولكن ليس عنده علمٌ شرعي فما هي الأعمال التي يقوم بها لينال الأجر من الله عز وجل. الجواب: الشيخ: الدعوة إلى الله عز وجل لا ينال ثوابها من لم يدعُ إلى الله والدعوة إلى الله لا بد أن يسبقها علم لقول الله تعالى (قل هذه سبيلي أدع إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) ولا يمكن أن يدعو أحدٌ إلى الله بدون علم كيف يدعو إلى أي شيء وربما يدعو إلى ضلالة وهو لا يعلم ما دام عنده جهل فالواجب أن يتعلم أولاً ثم يدعو ثانياً. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
أخشى العاقبة وردة الفعل بعد النصيحة السؤال: بارك الله فيكم في آخر سؤال للمستمعة أم جويرية من الكويت تقول إنني ممن تحب النصيحة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أمر الشرع بذلك في قضايا كثيرة خاصةً التبرج وترك الحجاب خاصةً السلوك الغير مستحب ولكنني أخشى العاقبة وردة الفعل خاصةً إذا كنت نصيحتي لأناسٍ لا اعرفهم فبماذا تنصحونني يا فضيلة الشيخ مأجورين؟ الجواب: الشيخ: ننصحك بأن تستمري على الدعوة ِإلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنتائج ليست إليك أنتي مأمورة بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأما النتيجة فهي إلى الله كما قال الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم (إنما عليك البلاغ) وقال سبحانه وتعالى (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) وقال تعالى (فإن توليتم فاعلموا أن ما على الرسول إلا البلاغ المبين) وقال تعالى (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) فأنتي استمري في الدعوى إلى الله والنصح في عباده والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومع النية الصادقة يحصل خيرٌ إن شاء الله تعالى ومسألة النية الصادقة الصحيحة وإتباع الحكمة في الدعوة والأمر والنهي نعم. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
الشروط التي يشترط توفرها في الداعية إلى الله السؤال: فضيلة الشيخ لا شك أن الداعي إلى الله يشترط فيه شروطاً حبذا إذا بينتموها للدعاة إلى الله؟ الجواب: الشيخ: من شروط الداعي إلى الله عز و جل أن يكون مخلصا لله في دعوته بأن يكون قصده في دعوته إقامة دين الله وإصلاح عباد الله لا أن ينتصر لنفسه وان يظهر قوله على قول الناس لأنه إذا كان قصده أن ينتصر لينتصر لنفسه وأن يظهر قوله على قول الناس صار داعية لنفسه لا إلى سبيل الله عز وجل فلا بد من الإخلاص والمخلص في دعوته إلى الله إذا تبين له أن الحق في خلاف قوله رجع إليه وانقاد له واستغفر الله تعالى من الخطأ الذي وقع فيه وإن كان مأجوراً عليه إذا كان قد صدر منه باجتهاد لأنه قد يكون فرط في اجتهاده ولم يستقص ثانياً أن يقصد في ذلك إصلاح عباد الله وهو داخل في الإخلاص في الدعوة وإذا كان قصده إصلاح عباد الله فإنه لا بد أن يسلك الطريق الأمثل لحصول هذا المقصود الأعظم بحيث يدعوهم إلى الله عز وجل على وجه الرفق واللين والمداراة دون المداهنة لأن المداراة شي والمداهنة شي آخر المداهنة ترك الحق للغير أي من أجل الغير وأما المداراة فهي إيصال الحق إلى الغير بالطريق الأسهل فالأسهل وإن هذا الشرط قد يختل عند بعض الناس فيقصد بدعوته إلى الله الانتقاد انتقاد ما هم عليه وحينئذٍ تفسد دعوته وتنزع البركة منها لأن الذي يقصد انتقاد غيره ليس داعيا له في الواقع ولكنه معير له وعائب عليه صنيعه وفرق بين شخص يدعو الغير لإصلاحه وبين شخص يصب جام اللوم والعتاب على غيره بحجة أنه يريد إصلاحه الثالث من الآداب الواجبة أن يكون عند الداعية علم بشريعة الله فلا يدعو على جهل لقول الله تعالى لنبيه صلي الله علية وسلم (قل هذه سبيلي أدعوا الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فلا بد من أن يكون عند الإنسان علم يدعوا به لأن العلم هو السلاح والداعي إلى الله بغير علم قد يفسد أكثر مما يصلح الداعي إلى الله بغير علم ربما يجعل الشي حلالاً وهو حرام وربما يجعل الشي حراما وهو حلال وربما يوجب على عباد الله ما لم يوجبه الله عليهم فلا بد من العلم المتلقي من كتاب الله وسنة رسول الله صلي الله علية وسلم إن كان الداعي قادرا على ذلك بنفسه وإلا فبتقليد من يثق به من أهل العلم وفي هذه الحال أي فيما إذا كان مقلداً لغيره في الدعوة إلى الله إذا ذكر حكم من الأحكام فإنه ينسبه إلى من قلده فيقول قال فلان كذا وقال فلان كذا إذا كان قد سمعه من فمه أو قرأه من كتاب بيده أما إذا سمعه من شريط فإنه لا يقول قال فلان بل يقول سمعت شريطا منسوبا لفلان لأن هذا أدق في التعبير ومن آداب الداعية أن يكون على بصيرة فيمن يدعوه لينزله منزلته ودليل ذلك أن رسول الله لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له (أنك تأتي قوماً أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) وذكر تمام الحديث الشاهد أن النبي صلي الله علية وسلم أخبره بحالهم ليكون على استعداد لمواجهتهم ولينزلهم منزلتهم اللائقة بما عندهم من العلم وهكذا الداعية إلى الله فينبغي للداعية إلى الله أن يكون على بصيرة بحال من يدعوهم حتى يكون مستعدا للحال التي هم عليها ومن آداب الداعية أن يكون أول من يمثل دعوته فيقوم بما يأمر به ويدع ما ينهى عنه لأن هذا مقتضى العقل ومقتضى الشرع كما قال الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) وقال الله تعالى موبخاً بني إسرائيل (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) فلابد للداعية أن يكون متأدبا بهذا الأدب العظيم أن يكون فاعلا لما يأمر به وتاركا لما ينهى عنه ومع أن هذا مقتضى الشرع ومقتضى العقل فإنه أقرب إلى قبول الناس لدعوته لأن الناس إذا رأوه يسبقه غيره فيما دعا إليه فعلا أو تركا وثقوا به وقالوا إن هذا صادق فيما دعا إليه وإنه أمين فتابعوه على ذلك وانقادوا له وإذا رأوه بالعكس سقط من عيونهم ولم يتابعوه وشكوا في دعوته فكان من أهم آداب الداعية أن يكون أول سابق لما يدعوا إليه فعلا لما دعا إلى فعله وتركاً لما دعا إلى تركه. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
الصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في الداعية السؤال: بارك الله فيكم هذا المستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ وليد ع. س. يقول في السؤال الأول ما الصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في الداعية أرجو بهذا إفادة؟ الجواب: الشيخ: الداعية إلى الله سبحانه وتعالى عمل عملاً من أحسن الأعمال الطيبة قال الله تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ولكن لا بد للداعية من أمور الأمر الأول أن يكون عالماً بما يدعو إليه أي عالماً بشرع الله حتى لا يدعو الناس إلى ضلال وهو لا يشعر ولا يعلم فلا بد أن يتعلم أولاً ما هي السبيل التي يدعو إليها وما هي الأعمال التي يدعو إليها وما هي الأقوال التي يدعو إليها وما هي الأعمال التي ينهي عنها وهكذا ثانياً أن يكون عالماً بأحوال من يدعوهم لأن المدعويين تختلف أحوالهم فمنهم ذو العلم الذي يحتاج إلى قوة في الجدل والمناظرة ومنهم من دون ذلك ومنهم المعاند ومنهم من ليس كذلك فتختلف الأحوال بل تختلف الأحكام باختلاف الأحوال ولهذا لما بعث النبي صلي الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له إنك تأتي قوماً أهل كتاب فبين لهم حالهم من أجل أن يكون مستعداً لهم لينزلهم منزلتهم ثالثاً أن يستعمل الحكمة في دعوته فينزل كل إنسان منزلته وينزل كل شأن منزلته فيبدأ بالأهم فالأهم لأن النبي صلي الله عليه وسلم لما بعث معاذ إلى اليمن قال له (وليكن أول ما تدعوهم إليه بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فاعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أجابوك لذلك فاعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنياهم وترد على فقرائهم) فرتب النبي عليه الصلاة والسلام الدعوة بحسب أهميته ما يدعو إليه وليس من الحكمة أن ترى رجلاً كافراً يشرب الدخان فتنهاه عن شرب الدخان قبل أن تأمره بالإسلام وهذا أمر مهم يخفى على كثير من الدعاة حيث تجده يتعلق بالأمور الجزئية دون الأمور الكلية العامة رابعاً ينبغي للداعية أن يكون على جانب من الخلق القولي والفعلي والهيئي بمعنى أن تكون هيئته لائقة بالدعاية وأن يكون فعله لائقاً بالداعية وإن يكون قوله لائقاً بالداعية حيث يكون متأنياً مطمئناً ذا نظر بعيد حتى لا يتجشم الصعاب مع إمكان تلافيها وحتى لا يرتكب عنفاً مع إمكان الدعوة باللين وهكذا يجب أن يكون الإنسان على حال يدعو الناس إلى دين الله باعتبار هذه الحال لأن كثير من الناس ربما يدعو الناس إلى الله عز وجل ولكن أعماله وأقواله لا توجب قبول ما يقول لكونه مخالفاً لما يدعو الناس إليه ومن الناس من يكون داعياً إلى الناس بحاله قبل أن يكون داعياً بمقاله بمعنى أن الناس إذاراوه ذكروا عز وجل وأطمأنوا ولانوا إلى الحق فلا بد لداعية أن يراعي مثل هذه الأمور ليكون قبول الناس لدعوته أكثر وأتم. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا السؤال: هذه رسالة وصلت من المستمع صالح سلمان من السودان يقول ارجوا منكم عرض هذه الرسالة على فضيلة الشيخ محمد وهي ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا. الجواب: الشيخ: هذا السؤال سؤال مهم وهي الآداب التي ينبغي أن يكون عليها الداعي إلى الله عز وجل فمن الآداب المهمة إخلاص النية لله عز وجل بأن يكون الداعي قاصدا بدعوته رضى الرب وإصلاح الخلق لا أن يكون له جاه وإمامه ورئاسة بين الخلق وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كان هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كان هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته لما هاجر إليه ثانيا أن يكون على بصيرة فيما دعا إليه وهو شريعة الله عز وجل بأن يكون لديه علم بالشرع فيما يدعوا إليه فإذا كان يدعوا للتوحيد وجب أن يكون له أن يكون لديه علم بالتوحيد في مسائله طردا وعكسا إيجابا ونفيا حتى يتمكن من المحاجة إذا حاجه أحد في ذلك لأن من دعاء بغير علم فكمن نزل إلى ميدان القتال بغير سلاح ويدل لهذا الأدب قوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ولأن الجاهل يحتاج هو إلى أن يعلم فكيف يكون معلما لغيره بجهله ولأن الذي يدعوا بجهل قد يدعوا إلى باطل وهو لا يشعر به فيضل ويضل لأن الذي يدعوا بجهل يقف حيران حينما يورد عليه المبطل حجة باطلة ليدحض بها الحق الذي قاله هذا الثالث أن يكون على علم بحال المدعو حتى ينزله منزلته ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال له حين بعثه إنك تأتي قوم أهل كتاب أخبره بحالهم ليكون مستعدا لهم وقابلهم بما تقتضيه حالهم وهكذا الداعي يجب أن يكون عالما بحال من يدعو من يدعوهم لينزله منزلته لأن هناك فرقا بين شخص معاند تدعوه إلى الله وشخص جاهل غافل لا يدري عن شي فالأول يحتاج إلى حجة قوية يدحض بها عناده واستكباره عن الحق والثاني يكفيه فيه أدنى حجة وأدنى الكلام لأنه جاهل غافل ليس عنده ما يدفع به ليس عنده ما يجادل به وعلى هذا يتنزل قوله تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فإن الناس منهم من يحتاج إلى الموعظة وتكفيه ومنهم من لا تكفيه الموعظة بل يجادل فأمر الله سبحانه وتعالى أن تكون الدعوة بالحكمة بالموعظة احياننا و بالمجادلة احياننا حسب ما تقتضيه حال المدعو ومن آداب الداعي أن يكون بليغا في منطقه قويا في حجته بحيث يستطيع إقناع المستمع المدعو إقناعا تطمئن إليه نفسه وينقاد إلى الدعوة بيسر وسهولة لأن من الناس من يكون لديه علم لكن ليس لديه بيان بالقول فيفوته شي كثير فإذا كان لدى الإنسان علم وبيان بالقول فإمكانه أن يقنع غيره إقناعا تاما يستجيب به المدعو ومن آداب الداعية أن يكون عاملا بما يدعوا إليه من الحق ليكون داعية بمقاله وفعاله ولا شك بأن عمل الداعية بما يدعوا إليه له تأثير كبير في قبول ما يدعوا إليه فإن الناس إذا رأوا من هذا الداعية أنه عاملا بما يدعوا إليه وثقوا به وعرفوا أنه صادق في دعوته وإذا كان لا يعمل بما يدعوا إليه شكوا في أمره ولم يجعل الله تعالى في دعوته بركه أرأيت لو أن شخص قام يدعوا الناس إلى صلاة الجماعة ويحث الناس عليها ولكنه لا يصلى مع الجماعة فماذا تكون نظرة الناس إلى دعوته ستكون نظرة الناس إلى دعوته هزيلة ولا ينظرون إليه نظر المتقبل لأنه لم يكن يقوم بما يدعوا الناس إليه ومن آداب الداعية أن يكون حليماً صبوراً على ما يصيبه من الأذية القوليه أو الفعلية لأن الدعوة أو لأن الداعية قائم مقام الرسل والرسل ينالهم من الأذى القولي والفعلي ما يصبرون عليه حتى ينالوا درجة الصابرين قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) فلا بد للداعية من أن يتحلى بالصبر والحلم لينال درجة الصابرين ويلتحق بطريق المرسلين عليهم الصلاة والسلام ومن آداب الداعية أن يكون بشوشا دائم البشر طليق الوجه حتى يحبه الناس قبل أن يدعوهم لأن قبول الناس للإنسان شخصيا يؤدي إلى قبوله معنويا وإلى الالتفاف حوله وعلى هذا يتنزل قوله تعالى (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ومن آداب الداعية أن ينزل الناس منازلهم وأن يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب للدعوة فلا يدعوا الناس في مكان لم يتهيئوا ويستعدوا لدعوته لأن ذلك يلحقهم الملل والسآمة والكراهية لما يدعوا إليه ولو كان حقا ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السآمة إذا كثر عليهم الموعظة.... فأنه يملون ولا يكون عندهم التقبل الذي يكون فيما لو راوح بين الدعوات هذا ما حضرني الآن من آداب الداعية ونسأل الله تعالى أن يجعلنا و وإخواننا هداة مهتدين دعاة إلى الحق صالحين. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
كيف يبلغ المسلم الدعوة إلى الله السؤال: بارك الله فيكم فضيلة الشيخ نختم هذا اللقاء بسؤال أحد الاخوة كيف يبلغ المسلم الدعوة إلى الله وما هي السبل والطرق المثلى في الدعوة إلى الله مأجورين الجواب: الشيخ: يبلغ المسلم الدعوة إلى الله بأن يتجول في بلاد الله عز وجل ويتكلم على الناس ويعظهم وأما الدعوة العامة فتكون في المساجد في المدارس في المجامع وأحسن ما يدعى به عباد الله كلام الله عز وجل ثم كلام رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم نعم. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
دعوة غير المسلمين السؤال: جزاكم الله خيراً في آخر أسئلة هذه السائلة طبيبة ومقيمة بالمملكة تقول في هذا السؤال إذا وجدت معي بحكم العمل فتاة غير مسلمة فهل من الواجب علي أن أدعوها للإسلام وإن لم أفعل فسوف أسأل عنها يوم القيامة أم أن الدعوة لأناس معينين قادرين على ذلك وجزاكم الله خيرا؟ الجواب: الشيخ: الواجب على من كان معه شريك في العمل من غير المسلمين أن يدعوه للإسلام لكن برفق وطمأنينة وعرضاً للإسلام الحق الذي يرغب فيه كل من عرض عليه وليس مقياس الإسلام عمل المسلمين لأن من المسلم من يعمل أعملاً لا تمت إلى الإسلام بصلة من الكذب والخيانة والمماطلة يظن أن أخلاق هذا هي ما جاء به الدين الإسلامي والدين الإسلامي جاء بالصدق وأداء الأمانة والوفاء بالعهد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقال تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) بل قد قال الله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) فبين الله تعالى أنه لا ينهانا أن نعامل هؤلاء الذين لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا لا ينهانا عن أن نعاملهم بالإحسان أو بالعدل على الأقل أن تبروهم وتقسطوا إليهم وأما من أساء إلى عماله من مسلمين أو غير مسلمين فهو في الحقيقة قد أساء إليهم شخصياً وإلى الإسلام معنوياً لأن هؤلاء يظنون أن هذا خلق الإسلام وهذا ليس من الإسلام في شيء وخلاصة ما أجيب به على هذه المرأة أن أقول لها ادعي إلى سبيل الله ادعي إلى دين الله بيني لهؤلاء الذين يشاركون في العمل من غير المسلمين محاسن الإسلام ومقاصد الإسلام وأخلاق الإسلام وفي ظني أن أي عاقل يدرك ما يعرض عليه سوف لا يختار ديناً سوى الإسلام. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
الدعاة المبتدعة السؤال: أحسن الله إليكم السائل محمد العنزي من القصيم يقول شيخ الإسلام رحمه الله في الدعاة المبتدعة الذين يدعون إلى الإسلام مثل الأشاعرة والمعتزلة ويقول إن عملهم محمود لأنهم ينقلون هؤلاء من الكفر الذي يخلد صاحبه في النار إلى الإسلام وإن كان صاحبه مبتدعا وفي هذا العصر وجد من هم على هذا النمط من الدعاة المنحرفين عن منهج أهل السنة والجماعة فما رأي فضيلة الشيخ حفظه الله؟ الجواب: الشيخ: رأينا بقطع النظر عن صحة هذا الكلام عن شيخ الإسلام أو لا لأنني لم أعثر عليه ولكني لم أكن أحطت بما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله لكن أقول إن الدعوة إلى الخير خير من أي أحد جاءت وقبول الحق واجب من أي أحد كان حتى إن الله عز وجل أقر الحق الذي قاله المشركون في قوله تعالى (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ) فأنكر قولهم الله أمرنا بها وسكت عن قولهم وجدنا عليها آباءنا لأنه حق ولما قال الشيطان لأبي هريرة ألا أدلك على آية في كتاب الله إذا قرأتها في ليلة لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فأخبر أعني أبا هريرة بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال صدقك وهو كذوب ولما جاء حبر من اليهود أي عالم من علمائهم إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال إنا نجد أن الله تعالى يجعل السماوات على إصبع والأراضين على إصبع الحديث ضحك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تصديقاُ لقول الحبر وقرأ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فالحق مقبول لكن أنا أخشى أن هذا الداعي الذي لديه بدع أخشى أن ينقل الناس إلى بدعته لا سيما إذا كان عنده فصاحة وبيان وحينئذ يعيش الناس على بدعة وهذه هي المشكلة ولا شك أن نقل الناس من الكفر إلى البدعة التي لا تكفر أحسن لكني أخشى أن تبقى هذه البدعة في قلوبهم ويعتقدون أنها هي السنة. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
رفع الصوت على المدعوين السؤال: جزاكم الله خيرا من أسئلة هذا السائل حامد عبد الرزاق من الأردن يقول فضيلة الشيخ ما رأيكم بالداعي الذي إذا غضب من شخص رفع صوته عليه وذكره بأخطائه الماضية وهذا الداعي إلى الله يخطب بالمسجد ويرفع صوته على والديه كذلك؟ الجواب: الشيخ: الذي نرى أن الداعي إلى الله عز وجل يجب أن يكون هو أول من يفعل ما يدعو إليه وأول من يترك ما ينهى عنه لأنه يدعو إلى الله وإذا كان صادقا في ذلك فليتجنب ما ينهى الله عنه ورسوله وليفعل ما أمر الله به ورسوله، وكونه يتكلم على الناس عند الدعوة إلى الله وينتهرهم فيزجرهم يكون بذلك مخطئا لقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) ولأن الله تعالى يعطي بالرفق ما لا يعطيه على العنف ولأن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله ألم يبلغ هذا الداعية ما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أعرابي دخل المسجد النبوي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فتنحى إلى طائفة من المسجد وجعل يبول فزجره الناس وصاحوا به كيف يبول بمسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي آتاه الله الحكمة نهاهم عن ذلك وقال لا تزرموه يعني لا تقطعوا عليه البول دعوه يكمل ولما انتهى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على البول ذنوب من ماء أي دلو أو شبهه ودعا الأعرابي وقال له إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال الأعرابي اللهم ارحمني ومحمد ولا ترحم معنا أحدا سر بقول الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه كلمه بلطف ولين وعلمه بالحكمة إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال فنصيحتي لكل داعية أن يكون رفيقا في الدعوة إلى الله وأن يبين الشريعة على وجه يطمئن الناس إليها ويفرحون بها لأنه يدعو إلى الله ليس يدعو إلى نفسه و ليس يريد بدعوته أن يطفئ حرارة غيرته بل إنما يريد إصلاح الخلق فليتبع أقرب الطرق وأيسر الطرق إلى إقناع الخلق وهدايتهم. فتاوى نور على الدرب الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
ترك الوظيفة والخروج إلى الدعوة السؤال: نرى بعض الدعاة وبعض الشباب ممن يكون إمام مسجد، قد يترك المسجد، ويذهب يدعو للمناطق من حوله، ويترك المسجد دون إمام.. فما توجيهكم لهذا؟. جزاكم الله خيرًا. الجواب: أنا أوجه الإخوة الأئمة إلى أنَّ بقاءهم في منصبهم، يؤمون المسلمين ويؤدون ما يجب عليهم أفضل من كونهم يخرجون إلى الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وأفضل من كونهم يذهبون ليصوموا رمضان بمكة، أو يصلوا قيام العشر الأواخر في مكة؛ لأن قيامهم بوظيفتهم قيام بواجب، وذهابهم إلى ما يذهبون إليه ذهاب إلى سنة، وقد ثبت في الحديث الصحيح القدسي أن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ قال: «ما تقرب إلي عبدي بشيء أحبّ إليَّ مما افترضته عليه(10)» أمَّا إذا تعين أن يكون هو الداعي إلى الجهة التي ذهب إليها ولم يقم بهذا الفرض فليقدم إلى الجهات المسؤولة عن حاله، حتى يؤذن له بالذهاب، وتلتزم الجهات المسؤولة بإقامة من يكون مكانه. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
حكم المسرحيات والتمثيليات لأجل الدعوة الفتوى: الحمد لله رب العالمين ، لا شك أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى عبادة ، كما أمر الله بها في قوله : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) ، والإنسان الداعي إلى الله يشعر وهو يدعو إلى الله عز وجل أنه ممتثل لأمر الله متقرِّب إليه به ، ولا شك أيضاً أن أحسن ما يدعى به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن كتاب الله سبحانه وتعالى هو أعظم واعظ للبشرية : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم كذلك يقول : " أبلغ الأقوال موعظة " فقد كان يعظ أصحابه أحيانا موعظة يصفونها بأنها " وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون " فإذا تمكَّن الإنسان من أن تكون عظته بهذه الوسيلة فلا شك أن هذه خير وسيلة ، أي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإذا رأى أن يُضِيف إلى ذلك أحياناً وسائل مباحة ، مما أباحه الله فلا بأس بهذا ..ولكن يشترط ألا تشتمل هذه الوسائل على شيء مُحرّم كالكذب ، أو تمثيل أدوار الكفار مثلاً ، أو تمثيل الصحابة رضي الله عنهم أو الأئمة ـ أئمة المسلمين من بعد الصحابة ـ أو ما أشبه ذلك مما يُخْشى منه أن يَزْدَري أحد من الناس ، هؤلاء الأئمة الفضلاء .. ومنها أيضاً ألا تشتمل التمثيلية على تَشَبُّه رجل بامرأة أو العكس ، لأن هذا مما ثبت فيه اللعن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه يلعن المتشبِّهات من النساء بالرجال ، والمتشبِّهين من الرجال بالنساء . المهم أنه إذا أخذ بشيء من هذه الوسائل أحيانا من أجل التأليف ، ولم يشتمل هذا على شيء مُحرّم ، فلا أرى به بأسا ، أما الإكثار منها ، وجعلها هي الوسيلة للدعوة إلى الله ، والإعراض عن الدعوة بكتاب الله ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بحيث لا يتأثر المدعُو إلا بمثل هذه الوسائل ، فلا أرى ذلك ، بل أرى أنه محرم ، لأن توجيه الناس إلى غير الكتاب والسنة فيما يتعلق بالدعوة إلى الله أمر منكر ، لكن فِعْل ذلك أحيانا لا أرى فيه بأسا إذا لم يشتمل على محرّم " أهـ ، والله أعلم. الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
إلقاء محاضرة عن الإسلام داخل الكنيسة السؤال: عرضوا عليه إلقاء محاضرة عن الإسلام في كنيسة . هل يقبل ؟ الجواب: الحمد لله عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله : هذا محل نظر ، لأن المكان لا يليق . إلا على وجه بعيد وهو أن يقال أن المسلمين من قوتهم أعلنوا دينهم في معابد النصارى .. فإذا كان من هذه الناحية فهذا طيب . لكن أخشى أن يكون الأمر بالعكس .. بمعنى أن المسلمين أُخضِعوا إلى أن يتحدثوا عن دينهم في الكنيسة . لذلك أرى أن لا يفعل حذراً من هذه المفسدة . والله تعالى أعلم . الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - |
الساعة الآن 07:32 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir