![]() |
من براهين التوحيد في القرآن المجيد ( الأنفال )
البرهان 112 من سورة الأنفال { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنـزلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ }. { 9 - 14 } أي: اذكروا نعمة اللّه عليكم، لما قارب التقاؤكم بعدوكم، استغثتم بربكم، وطلبتم منه أن يعينكم وينصركم { فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } وأغاثكم بعدة أمور:. منها: أن اللّه أمدكم { بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ } أي: يردف بعضهم بعضا. { وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ } أي: إنـزال الملائكة { إِلا بُشْرَى } أي: لتستبشر بذلك نفوسكم، { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } وإلا فالنصر بيد اللّه، ليس بكثرة عَدَدٍ ولا عُدَدٍ.. { إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} لا يغالبه مغالب، بل هو القهار، الذي يخذل من بلغوا من الكثرة وقوة العدد والآلات ما بلغوا. { حَكِيمٌ } حيث قدر الأمور بأسبابها، ووضع الأشياء مواضعها. ومن نصره واستجابته لدعائكم أن أنـزل عليكم نعاسا { يُغَشِّيكُمُ } [أي] فيذهب ما في قلوبكم من الخوف والوجل، ويكون { أَمَنَةً } لكم وعلامة على النصر والطمأنينة. ومن ذلك: أنه أنـزل عليكم من السماء مطرا ليطهركم به من الحدث والخبث، وليطهركم به من وساوس الشيطان ورجزه. { وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ } أي: يثبتها فإن ثبات القلب، أصل ثبات البدن، { وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ } فإن الأرض كانت سهلة دهسة فلما نـزل عليها المطر تلبدت، وثبتت به الأقدام. ومن ذلك أن اللّه أوحى إلى الملائكة { أَنِّي مَعَكُمْ } بالعون والنصر والتأييد، { فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } أي: ألقوا في قلوبهم، وألهموهم الجراءة على عدوهم، ورغبوهم في الجهاد وفضله. { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ } الذي هو أعظم جند لكم عليهم، فإن اللّه إذا ثبت المؤمنين وألقى الرعب في قلوب الكافرين، لم يقدر الكافرون على الثبات لهم ومنحهم اللّه أكتافهم. { فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ } أي: على الرقاب { وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } أي: مفصل. وهذا خطاب، إما للملائكة الذين أوحى الله إليهم أن يثبتوا الذين آمنوا فيكون في ذلك دليل أنهم باشروا القتال يوم بدر، أو للمؤمنين يشجعهم اللّه، ويعلمهم كيف يقتلون المشركين، وأنهم لا يرحمونهم،وذلك لأنهم شاقوا الله ورسوله أي: حاربوهما وبارزوهما بالعداوة. { وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ومن عقابه تسليط أوليائه على أعدائه وتقتيلهم. { ذَلِكُمْ } العذاب المذكور { فَذُوقُوهُ } أيها المشاققون للّه ورسوله عذابا معجلا. { وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ } وفي هذه القصة من آيات اللّه العظيمة ما يدل على أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رسول اللّه حقا. منها: أن اللّه وعدهم وعدا، فأنجزهموه. ومنها: ما قال اللّه تعالى: { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ }الآية. ومنها: إجابة دعوة اللّه للمؤمنين لما استغاثوه بما ذكره من الأسباب، وفيها الاعتناء العظيم بحال عباده المؤمنين، وتقييض الأسباب التي بها ثبت إيمانهم، وثبتت أقدامهم، وزال عنهم المكروه والوساوس الشيطانية. ومنها: أن من لطف اللّه بعبده أن يسهل عليه طاعته، وييسرها بأسباب داخلية وخارجية. |
البرهان 113 من سورة الأنفال { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ * إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }. { 17 - 19 } يقول تعالى - لما انهزم المشركون يوم بدر، وقتلهم المسلمون - { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } بحولكم وقوتكم { وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ } حيث أعانكم على ذلك بما تقدم ذكره. { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت القتال دخل العريش وجعل يدعو اللّه، ويناشده في نصرته، ثم خرج منه، فأخذ حفنة من تراب، فرماها في وجوه المشركين، فأوصلها اللّه إلى وجوههم، فما بقي منهم واحد إلا وقد أصاب وجهه وفمه وعينيه منها، فحينئذ انكسر حدهم، وفتر زندهم، وبان فيهم الفشل والضعف، فانهزموا. يقول تعالى لنبيه: لست بقوتك - حين رميت التراب - أوصلته إلى أعينهم، وإنما أوصلناه إليهم بقوتنا واقتدارنا. { وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا } أي: إن اللّه تعالى قادر على انتصار المؤمنين من الكافرين، من دون مباشرة قتال،ولكن اللّه أراد أن يمتحن المؤمنين، ويوصلهم بالجهاد إلى أعلى الدرجات، وأرفع المقامات، ويعطيهم أجرا حسنا وثوابا جزيلا. { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يسمع تعالى ما أسر به العبد وما أعلن، ويعلم ما في قلبه من النيات الصالحة وضدها، فيقدر على العباد أقدارا موافقة لعلمه وحكمته ومصلحة عباده، ويجزي كلا بحسب نيته وعمله. { ذَلِكُمْ } النصر من اللّه لكم { وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ } أي: مضعف كل مكر وكيد يكيدون به الإسلام وأهله، وجاعل مكرهم محيقا بهم. { إِنْ تَسْتَفْتِحُوا } أيها المشركون، أي: تطلبوا من اللّه أن يوقع بأسه وعذابه على المعتدين الظالمين. { فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ } حين أوقع اللّه بكم من عقابه، ما كان نكالا لكم وعبرة للمتقين { وَإِنْ تَنْتَهُوا } عن الاستفتاح { فَهُوَ خَيْرٌ } لأنه ربما أمهلتم، ولم يعجل لكم النقمة. { وإن تعودوا } إلى الاستفتاح وقتال حزب الله المؤمنين { نَعُدْ } في نصرهم عليكم. { وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ } أي: أعوانكم وأنصاركم، الذين تحاربون وتقاتلون، معتمدين عليهم، شَيئا وأن الله مع الْمؤمنين. ومن كان اللّه معه فهو المنصور وإن كان ضعيفا قليلا عدده، وهذه المعية التي أخبر اللّه أنه يؤيد بها المؤمنين، تكون بحسب ما قاموا به من أعمال الإيمان. فإذا أديل العدو على المؤمنين في بعض الأوقات، فليس ذلك إلا تفريطا من المؤمنين وعدم قيام بواجب الإيمان ومقتضاه، وإلا فلو قاموا بما أمر اللّه به من كل وجه، لما انهزم لهم راية [انهزاما مستقرا] ولا أديل عليهم عدوهم أبدا. |
البرهان 114 من سورة الأنفال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }. { 24 } يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان منهم وهو الاستجابة للّه وللرسول، أي: الانقياد لما أمرا به والمبادرة إلى ذلك والدعوة إليه، والاجتناب لما نهيا عنه، والانكفاف عنه والنهي عنه. وقوله: { إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } وصف ملازم لكل ما دعا اللّه ورسوله إليه، وبيان لفائدته وحكمته، فإن حياة القلب والروح بعبودية اللّه تعالى ولزوم طاعته وطاعة رسوله على الدوام. ثم حذر عن عدم الاستجابة للّه وللرسول فقال: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } فإياكم أن تردوا أمر اللّه أول ما يأتيكم، فيحال بينكم وبينه إذا أردتموه بعد ذلك، وتختلف قلوبكم، فإن اللّه يحول بين المرء وقلبه، يقلب القلوب حيث شاء ويصرفها أنى شاء. فليكثر العبد من قول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب، اصرف قلبي إلى طاعتك. { وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي: تجمعون ليوم لا ريب فيه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بعصيانه. |
البرهان 115 من سورة الأنفال { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }. { 38 - 40 } هذا من لطفه تعالى بعباده لا يمنعه كفر العباد ولا استمرارهم في العناد، من أن يدعوهم إلى طريق الرشاد والهدى، وينهاهم عما يهلكهم من أسباب الغي والردى، فقال: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا } عن كفرهم وذلك بالإسلام للّه وحده لا شريك له. { يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } منهم من الجرائم { وَإِنْ يَعُودُوا } إلى كفرهم وعنادهم { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ } بإهلاك الأمم المكذبة، فلينتظروا ما حل بالمعاندين، فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون،فهذا خطابه للمكذبين ، وأما خطابه للمؤمنين عندما أمرهم بمعاملة الكافرين، فقال: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي: شرك وصد عن سبيل اللّه، ويذعنوا لأحكام الإسلام، { وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } فهذا المقصود من القتال والجهاد لأعداء الدين، أن يدفع شرهم عن الدين، وأن يذب عن دين اللّه الذي خلق الخلق له، حتى يكون هو العالي على سائر الأديان. { فَإِنِ انْتَهَوْا } عن ما هم عليه من الظلم { فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه منهم خافية. { وَإِنْ تَوَلَّوْا } عن الطاعة وأوضعوا في الإضاعة { فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى } الذي يتولى عباده المؤمنين، ويوصل إليهم مصالحهم، وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية. { وَنِعْمَ النَّصِيرُ } الذي ينصرهم، فيدفع عنهم كيد الفجار، وتكالب الأشرار. ومن كان اللّه مولاه وناصره فلا خوف عليه، ومن كان اللّه عليه فلا عِزَّ له ولا قائمة له. |
بارك الله فيكم وفي جهودكم وجعلها بميزان حسناتكم ..
|
جزاك الله خير وبارك الله فيك , ,
|
بارك الله فيك أخي الفاضل وأجزل لك الأجر والمثوبة ونفع بك وبعلمك القيم ولا حرمك الله الأجر |
بآرك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلآم والمسلمين |
الساعة الآن 02:51 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir