لماذا لا يقنت أئمة المساجد لإخواننا ؟ شرح مفصل لهذه المسألة العلامة صالح آل الشيخ
يسأل الكثير عن مسألة القنوت لإخواننا الذين نزل بهم ما نزل
ويستاء الكثير لعدم قنوت أئمة المساجد وربما وقع في نفوسنا شيء على علمائنا وعلى أئمة المساجد
وهذا التفصيل من العلامة بإذن الله يزيل الإشكال
 |
|
 |
|
المسألة الثانية إدخال هذا الدعاء في الصلاة
يعني ما يسميه الناس القنوت -قنوت النوازل- وهو الذي جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على قبائل من العرب ذكوان وعصية ونحو ذلك من القبائل لما استحر القتل في القراء في ذات الرقاع كما هو معلوم.
وسنة النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يجب اتباعها لا أهواء الناس ولا عواطف الشباب ولا الرغبات المختلفة.
والسنة في قنوت النوازل - حتى ولو استنكر بعض من لا يعرف، ورأيت بعض الأوراق التي كُتبت - وهذا مما يؤكد على طلبة العلم حاجة الناس إلى العلم،
إذا كان الناس ألفوا الدعاء في بعض ما حصل للمسلمين في الماضي فيظنون أن تغييره تغيير للسنة وترك للنصرة، أو رد، أو عدم استجابة لحاجة المسلمين ونحو ذلك،
هذا يؤكد أنه يجب على طالب العلم وعلى من له وِلاية خاصة أو عامة أن ننبه الناس، حتى لا يتسارعوا في أمر وتغيب السنة في ذلك وتصبح المسألة بعد ذلك إذا غُيرت (قالوا) غيرت السنة تصبح محدثة عامة تتكرر.
والذي دلت عليه السنة في قنوت النوازل أشياء:
الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت مرة ولم يقنت في كل نازلة قنت في ذات الرقاع لما استحر القتل بالقراء، ولم يقنت لما حصل قتل المسلمين في مؤتة، وكان ممن قُتل فيها جعفر وقتل فيها عدد ورجع المسلمون بعد أن حصل لهم ما حصل،
وكذلك لم يقنت الصحابة رضوان الله عليهم في كثير من النوازل التي مرت بهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قنت مرة في نازلة عظيمة استحر القتل فيها بالقرّاء قتل منهم سبعون وكانوا هم حفظة القرآن وهم الذين يحفظون على الناس كتاب الله جل وعلا.
|
|
 |
|
 |
 |
|
 |
|
المسألة الثانية مما دلت عليه السنة أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قنت هو فقط، في مسجده
ولم يأمر مساجد المدينة أن تقنت، فلم ينقل أحد من أهل الحديث ولا من الرواة ولا في كتاب لا سنن ولا صحيح ولا مسند ولا أجزاء حديثية فيما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم يعني بإسناد صحيح أمر أحدا من المساجد أن يقنت.
فالقنوت ليست السنة فيه أن يقنت الجميع وإنما قنت هو عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَم.
ولهذا أصح أقوال أهل العلم في المسالة أنه لا يقنت إلا الإمام ويقنت المسجد الأعظم في البلد، وليس كلا مسجد جماعة وليس كل مسجد جمعة يقنت، وإنما يقنت الإمام وفي المسجد الأعظم إقتداءً بالسنة، وهكذا كان هدي الصحابة رضوان الله عليهم فلم يكن في النوازل التي حصلت في عهد عمر في عهد علي أنه قيل لكل المساجد اقنتوا للنوازل.
فإذا كانت المسألة فيها خلاف وجب كما هو منهج أهل الحديث - وهو المنهج الحق- وجب فيها أن ترد إلى السنة حتى تستديم.
|
|
 |
|
 |
 |
|
 |
|
والعلماء لهم في المسألة أربعة أقوال:
القول الأول: أنه لا يقنت إلا الإمام فقط.
الثاني: أن يقنت الإمام الأعظم أو من ينيبه في المسجد الأعظم.
الثالث: أن تقنت كل جماعة سواء كانوا في مسجد
أو لم يكونوا في مسجد فإنه تقنت كل جماعة.
والرابع: أنه يقنت حتى المصلي وحده.
الأقوال الثلاثة الأولى مختلفة عن أهل العلم يعني في المذاهب الأربعة وفي غيرها، وهي ثلاث روايات عن الإمام أحمد،
والأخير يقنت كل مصلي يعني إذا أراد هذا ذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والسنة تدل على القول الثاني،
وهو أنه يقنت الإمام الأعظم أو من ينيبه في المسجد الأعظم
في البلد يعني إمام في المسلمين أو من ينيبه الأعظم في البلد فقط دون سائر المساجد وهذا هو السنة في هذا الأمر فقط دون ما سواه.
|
|
 |
|
 |
 |
|
 |
|
ومن تتبع سيرة أئمة الدعوة فيما مضى، وجد أنهم لم يقنتوا على مدى مائتين سنة الماضية إلا في ما ندر جدا في المصيبة التي يصابون بها هم؛
لأن هذا لا يخاطب به كل المسلمين -كما هو معلوم-
وهذا هو الأوثق والأقرب إلى السنة في هذا الباب
والمسألة كما ترى فيها خلاف
والعالم إذا اجتهد في ذلك واختار أحد الأقوال
فلا يعتب عليه أنه لم يأخذ بالقول الآخر؛
لأن الدليل هو محل الاعتبار في هذه المسائل المهمة.
تحصّل من ذلك أن الدعاء مطلوب،
وأن إدخال الدعاء في الصلاة هو محل البحث في القنوت.
ثم إذا صار قنوت النازلة فالواقع الآن يدل على أن كثير
من أئمة المساجد لا يحسنون قنوت النوازل ويدعو بما خطر له،
|
|
 |
|
 |
 |
|
 |
|
وقد نص الفقهاء في كتبهم قالوا:
يدعو بما ينتسب النازلة ولا يدعو بما خطر له.
لأن هذا الدعاء – القنوت - شُرِع لأجل النازلة
فإذا دعا بما خطر له في غير موضوع النازلة قد أخرج هذا الدعاء عن موضوعه،
وعما شُرع له فدخل فيما نهي عنه وقد يصل إلى بدعة تبطل الصلاة وهو لا يشعر،
وفيما حصل من قنوت في نوازل السابقة التي حصلت بها فتوى من الإفتاء
وأذن بها ولي الأمر فيما حصل في الماضي سمعنا وصلينا
مع كثير من الأئمة لا يحسنون دعاء النوازل لو قيل حتى كل مسجد جماعة،
فإذا رأى رؤيا أنه لا يحسنون دعاء النوازل ولا قنوت النوازل، فينبغي أن لا يؤذن لهم به لأنهم يحرفون الصلاة عن موضوعها وعن ما يشرع فيها.
ولا يتساهل الناس في بعض المسائل يحققون مصلحة من جهة - مصلحة الدعاء والقنوت- ثم يحدث مفسدة من جهة أخرى في أنهم لا يحسنون الدعاء، ويدخلون في مسائل ليست مما يدعى له.
|
|
 |
|
 |
شرح العقيدة الطحاوية
شرحها فضيلة الشيخ العلامة
صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ
حفظه الله تعالى
الدرس الثامن والخمسون
س/1 و11 دقيقة
|