شبكــة أنصــار آل محمــد

شبكــة أنصــار آل محمــد (https://ansaaar.com/index.php)
-   بيت الشعـــر وأصنافـــه (https://ansaaar.com/forumdisplay.php?f=62)
-   -   أحكام فقهية تتعلق بالشعر (https://ansaaar.com/showthread.php?t=21345)

تألق 25-02-12 03:56 PM

أحكام فقهية تتعلق بالشعر
 

أحكام شرعية تتعلق بالشعر
من الموسوعة الفقهية الكويتية

اختلف الفقهاء في حكم تعلّم الشّعر وإنشائه وإنشاده وغير ذلك من مسائله على التّفصيل التّالي :

«أوّلاً : إنشاء الشّعر وإنشاده واستماعه»

- قال ابن قدامة : ليس في إباحة الشّعر خلاف ، وقد قاله الصّحابة والعلماء ، والحاجة تدعو إليه لمعرفة اللّغة العربيّة ، والاستشهاد به في التّفسير ، وتعرّف معاني كلام اللّه تعالى وكلام رسوله http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif ويستدلّ به أيضاً على النّسب والتّاريخ وأيّام العرب ، يقال : الشّعر ديوان العرب .
وقال ابن العربيّ : الشّعر نوع من الكلام ، قال الشّافعيّ : حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيحه : يعني أنّ الشّعر ليس يكره لذاته وإنّما يكره لمتضمّناته .
وقال النّوويّ : قال العلماء كافّةً : الشّعر مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه ، وهو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ، وهذا هو الصّواب ، فقد سمع النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif الشّعر واستنشده، وأمر به حسّان بن ثابت رضي الله تعالى عنه في هجاء المشركين ، وأنشده أصحابه بحضرته في الأسفار وغيرها ، وأنشده الخلفاء وأئمّة الصّحابة وفضلاء السّلف ، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه ، وإنّما أنكروا المذموم منه وهو الفحش ونحوه .
وقال ابن حجر : الّذي يتحصّل من كلام العلماء في حدّ الشّعر الجائز أنّه إذا لم يكثر منه في المسجد ، وخلا عن هجو وعن الإغراق في المدح والكذب المحض والغزل الحرام ، فإنّه يكون جائزاً .
ونقل ابن عبد البرّ الإجماع على جوازه إذا كان كذلك ، واستدلّ بأحاديث وبما أنشد بحضرة النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أو استنشده ولم ينكره ، وقد جمع ابن سيّد النّاس مجلّداً في أسماء من نقل عنه من الصّحابة شيء من شعر متعلّق بالنّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif خاصّةً ، وأخرج البخاريّ في الأدب المفرد عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّها كانت تقول : الشّعر منه حسن ومنه قبيح ، خذ الحسن ودع القبيح ، ولقد رويت من شعر كعب بن مالك أشعاراً منها القصيدة فيها أربعون بيتاً ، وأخرج البخاريّ في الأدب المفرد أيضاً من حديث عبد اللّه بن عمرو رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً بلفظ : « الشّعر بمنزلة الكلام ، حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام » . وروى مسلم عن عمرو بن الشّريد عن أبيه قال : « ردفت رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif يوماً فقال : هل معك من شعر أميّة بن أبي الصّلت شيء ؟ قلت : نعم ، قال : هيه فأنشدته بيتاً فقال : هيه ثمّ أنشدته بيتاً فقال : هيه حتّى أنشدته مائة بيت » .
قال القرطبيّ : وفي هذا دليل على حفظ الأشعار والاعتناء بها إذا تضمّنت الحكم والمعاني المستحسنة شرعاً وطبعاً .
وإنّما استكثر النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif من شعر أميّة لأنّه كان حكيماً ، وقال http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : « كاد أميّة بن أبي الصّلت أن يسلم » .
ولمّا أراد العبّاس رضي الله تعالى عنه مدح رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif بأبيات من الشّعر قال http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif له : « هات ، لا يفضض اللّه فاك » .
وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif دخل مكّة في عمرة القضاء وعبد اللّه بن رواحة رضي الله تعالى عنه بين يديه يمشي وهو يقول :
خلّوا بني الكفّار عن سبيله *** اليوم نضربكم على تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله *** ويذهل الخليل عن خليله

فقال عمر : يا ابن رواحة ، في حرم اللّه وبين يدي رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif ؟ فقال رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : « خلّ عنه يا عمر ، فلهي أسرع فيهم من نضح النّبل » . وروى أبيّ بن كعب رضي الله تعالى عنه أنّ رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif قال : « إنّ من الشّعر حكمةً » .
وبهذا يتبيّن أنّه لا وجه لقول من حرّم الشّعر مطلقاً أو قال بكراهته .
8 - قال جمهور الفقهاء : فقد يكون فرضاً كما نقل ابن عابدين عن الشّهاب الخفاجيّ قال : معرفة شعر أهل الجاهليّة والمخضرمين - وهم من أدرك الجاهليّة والإسلام - والإسلاميّين روايةً ودرايةً فرض كفاية عند فقهاء الإسلام ، لأنّ به تثبت قواعد العربيّة الّتي بها يعلم الكتاب والسّنّة المتوقّف على معرفتهما الأحكام الّتي يتميّز بها الحلال من الحرام ، وكلامهم وإن جاز فيه الخطأ في المعاني فلا يجوز فيه الخطأ في الألفاظ وتركيب المباني .
9 - وقد يكون مندوباً ، وذلك إذا تضمّن ذكر اللّه تعالى أو حمده أو الثّناء عليه ، أو ذكر رسوله http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أو الصّلاة عليه أو مدحه أو الذّبّ عنه ، أو ذكر أصحابه أو مدحهم ، أو ذكر المتّقين وصفاتهم وأعمالهم ، أو كان في الوعظ والحكم أو التّحذير من المعاصي أو الحثّ على الطّاعات ومكارم الأخلاق .
10 - وقد يكون الشّعر حراماً إذا كان في لفظه ما لا يحلّ كوصف الخمر المهيّج لها ، أو هجاء مسلم أو ذمّيّ ، أو مجاوزة الحدّ والكذب في الشّعر ، بحيث لا يمكن حمله على المبالغة ، أو التّشبيب بمعيّن من أمرد أو امرأة غير حليلة ، أو كان ممّا يقال على الملاهي .
11 - وقد يكون الشّعر مكروهاً وللمذاهب في ذلك تفصيل :
فعند الحنفيّة أنّ المكروه من الشّعر ما داوم عليه الشّخص وجعله صناعةً له حتّى غلب عليه وشغله عن ذكر اللّه تعالى وعن العلوم الشّرعيّة ، وما كان من الشّعر في وصف الخدود والقدود والشّعور ، وكذلك تكره قراءة ما كان فيه ذكر الفسق والخمر .

وقال المالكيّة : يكره الإكثار من الشّعر غير المحتاج إليه لقلّة سلامة فاعله من التّجاوز في الكلام لأنّ غالبه مشتمل على مبالغات ، روى ابن القاسم عن مالك أنّه سئل عن إنشاد الشّعر فقال : لا تكثرنّ منه فمن عيبه أنّ اللّه تعالى يقول : « وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ » .
قال : ولقد بلغني أنّ عمر بن الخطّاب http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg كتب إلى أبي موسى الأشعريّ أن اجمع الشّعراء قبلك ، وسلهم عن الشّعر ، وهل بقي معهم معرفة ، وأحضر لبيداً ذلك ، فجمعهم فسألهم، فقالوا : إنّا لنعرفه ونقوله ، وسأل لبيداً فقال : ما قلت بيت شعر منذ سمعت اللّه عزّ وجلّ يقول : « الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ » .
وقال ابن العربيّ : من المذموم في الشّعر التّكلّم من الباطل بما لم يفعله المرء رغبةً في تسلية النّفس وتحسين القول .
وقال الشّافعيّة : يكره أن يشبّب من حليلته بما حقّه الإخفاء ، وذلك ما لم تتأذّ بإظهاره وإلاّ حرم. وقال الحنابلة : يكره من الشّعر الهجاء والشّعر الرّقيق الّذي يشبّب بالنّساء .
12 - وقد يكون الشّعر مباحاً وهو الأصل في الشّعر . ونصوص فقهاء المذاهب في ذلك الحكم متقاربة :
قال الحنفيّة : اليسير من الشّعر لا بأس به إذا قصد به إظهار النّكات والتّشابيه الفائقة والمعاني الرّائقة ، وما كان من الشّعر في ذكر الأطلال والأزمان والأمم فمباح .
وقال المالكيّة : يباح إنشاد الشّعر وإنشاؤه ما لم يكثر منه فيكره ، إلاّ في الأشعار الّتي يحتاج إليها في الاستدلال .
وقال الشّافعيّة : يباح إنشاء الشّعر وإنشاده واستماعه ما لم يتضمّن ما يمنعه أو يقتضيه اتّباعاً للسّلف والخلف ، ولأنّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif كان له شعراء يصغي إليهم كحسّان بن ثابت وعبد اللّه بن رواحة وكعب بن مالك رضي الله تعالى عنهم ، ولأنّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif استنشد من شعر أميّة ابن أبي الصّلت مائة بيت ، أي لأنّ أكثر شعره حِكَم وأمثال وتذكير بالبعث ولهذا قال http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : « كاد أن يسلم » ولقوله http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : « إنّ من الشّعر حكمةً » . وقال ابن قدامة : ليس في إباحة الشّعر خلاف ، وقد قاله الصّحابة والعلماء ، والحاجة تدعو إليه.

«ثانياً : تعلّم الشّعر»

- ذهب الفقهاء إلى أنّ تعلّم الشّعر مباح إن لم يكن فيه سخف أو حثّ على شرّ أو ما يدعو إلى حظره .
وتعلّم بعض الشّعر يكون فرض كفاية عند الحنفيّة كما نقل ابن عابدين عن الشّهاب الخفاجيّ . وقال المالكيّة : لا نزاع في جواز تعلّم الأشعار الّتي يذكرها المصنّفون للاستدلال بها .
ونصّ الحنابلة على أنّه يصحّ استئجار لتعليم نحو شعر مباح ويجوز أخذ الأجر عليه .

«ثالثاً : منع النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif من الشّعر»

14 - كان النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء ، وقد أوتي http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif جوامع الكلم ، ولكنّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif حجب عنه الشّعر لما كان اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/fe840760bc.jpg قد ادّخره له من فصاحة القرآن وإعجازه دلالةً على صدقه ، كما سلب عنه الكتابة وأبقاه على حكم الأمّيّة تحقيقاً لهذه الحالة وتأكيداً ، ولئلاّ تدخل الشّبهة على من أرسل إليه فيظنّ أنّه قوي على القرآن بما في طبعه من القوّة على الشّعر .
قال اللّه تعالى : « وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ » .
15 - وقد اختلف في جواز تمثّل النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif بشيء من الشّعر وإنشاده حاكياً عن غيره ، والصّحيح جوازه لما روى المقدام بن شريح عن أبيه قال : قلت لعائشة : أكان رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif يتمثّل بشيء من الشّعر ؟ قالت : « كان يتمثّل بشعر ابن أبي رواحة ويتمثّل ويقول ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد » .
وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أنّه قال : « أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل » .
وإصابة النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif وزن الشّعر لا يوجب أنّه يعلم الشّعر ، وكذلك ما يأتي من نثر كلامه ممّا يدخل في وزن كقوله http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : « هل أنت إلاّ أصبع دميت وفي سبيل اللّه ما لقيت » .
وقول http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : « أنا النّبيّ لا كذب أنا ابن عبد المطّلب » .
فقد يأتي مثل ذلك في آيات القرآن الكريم كقوله تعالى : « لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ» .
وقوله سبحانه : « نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ » .
وقوله عزّ وجلّ : « وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ » إلى غير ذلك من الآيات ، وليس هذا شعراً ولا في معناه ، ولا يلزم من ذلك أن يكون النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif عالماً بالشّعر ولا شاعراً ، لأنّ إصابة القافيتين من الرّجز وغيره من غير قصد كما قال القرطبيّ ، لا توجب أن يكون القائل عالماً بالشّعر ولا يسمّى شاعراً ، كما أنّ من خاط خيطاً لا يكون خيّاطاً ، قال أبو إسحاق الزّجّاج: معنى « وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ » وما علّمناه أن يشعر ، أي ما جعلناه شاعراً ، وهذا لا يمنع أن ينشد شيئاً من الشّعر .

«رابعاً : إنشاد الشّعر في المسجد»

16 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ العبرة بمضمون الشّعر ، فإن كان حسناً جاز إنشاده في المسجد وإلاّ فلا .
قال ابن عابدين : أخرج الطّحاويّ في شرح معاني الآثار : « أنّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif نهى أن تنشد الأشعار في المسجد ، وأن يباع فيه السّلع ، وأن يتحلّق فيه قبل الصّلاة » ثمّ وفّق بينه وبين ما ورد : « أنّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif وضع لحسّان منبراً ينشد عليه الشّعر » بحمل الأوّل على ما كانت قريش تهجوه به ، أو على ما يغلب على المسجد حتّى يكون أكثر من فيه متشاغلاً به ، وكذلك النّهي عن البيع فيه هو الّذي يغلب عليه حتّى يكون كالسّوق لأنّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif لم ينه عليّاً عن خصف النّعل فيه . مع أنّه لو اجتمع النّاس لخصف النّعال فيه كره ، فكذلك البيع وإنشاد الشّعر والتّحلّق قبل الصّلاة فما غلب عليه كره وما لا فلا . وهذا نظير ما قاله القرطبيّ .
ونقل الزّركشيّ عن النّوويّ أنّه ينبغي ألاّ ينشد في المسجد شعر ليس فيه مدح للإسلام ولا حثّ على مكارم الأخلاق ونحوه ، فإن كان لغير ذلك حرم .
ونقل عن الصّيمريّ قوله : كره قوم إنشاد الشّعر في المساجد وليس ذلك عندنا بمكروه ، وقد كان حسّان بن ثابت ينشد رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif الشّعر في المسجد ، وأنشده كعب بن زهير قصيدتين في المسجد ، لكن لا يكثر منه في المسجد ، قال الزّركشيّ : والظّاهر أنّ هذا محمول على الشّعر المباح أو المرغّب في الآخرة أو المتعلّق بمدح النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif وذكر بعض مناقبه ومآثره لا مطلق الشّعر ، وقال الماورديّ والرّويانيّ : لعلّ الحديث في المنع من إنشاد الشّعر في المسجد محمول على ما فيه هجو أو مدح بغير حقّ ، فإنّه عليه الصلاة والسلام مدح وأنشد مدحه في المسجد فلم يمنع منه ، وقال ابن بطّال : لعلّه كان فيما يتشاغل النّاس به حتّى يكون كلّ من في المسجد يغلب عليه .
وقال الرّحيبانيّ : يباح في المسجد إنشاد شعر مباح لحديث جابر بن سمرة قال : « شهدت النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أكثر من مائة مرّة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشّعر وأشياء من أمر الجاهليّة فربّما تبسّم معهم » .

«خامساً : إنشاد المحرم الشّعر»

17 - يجوز للمحرم إنشاد الشّعر الّذي يجوز للحلال إنشاده ، فيجوز للمحرم إنشاد الشّعر الّذي فيه وصف المرأة بما لا فحش فيه ، وقد روي أنّ أبا هريرة رضي الله تعالى عنه أنشد مثل ذلك وهو محرم ، وروى أبو العالية قال : كنت أمشي مع ابن عبّاس وهو محرم ، وهو يرتجز بالإبل ويقول : وهنّ يمشين بنا همياً ... إلخ ، فقلت : أترفث وأنت محرم ؟ قال : إنّما الرّفث ما روجع به النّساء .

«سادساً : كتابة البسملة قبل الشّعر»

18 - ذهب الفقهاء إلى أنّه يسنّ ذكر « بسم اللّه الرّحمن الرّحيم » في ابتداء جميع الأفعال والأقوال غير المحظورة ، وفي ابتداء الكتب والرّسائل ، عملاً بقول النّبيّ : « كلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم فهو أقطع » أي : ناقص غير تامّ ، فيكون قليل البركة .
ونقل ابن الحكم - كما قال البهوتيّ - أنّ البسملة لا تكتب أمام الشّعر ولا معه ، وذكر الشّعبيّ أنّهم كانوا يكرهونه ، قال القاضي : لأنّه يشوبه الكذب والهجو غالباً .

«سابعاً : جعل تعليم الشّعر صداقاً»

19 - نصّ الشّافعيّة على أنّه يصحّ جعل تعليم الشّعر للمرأة صداقاً لها إذا كان ممّا يحلّ تعلّمه ، وفيه كلفة بحيث تصحّ الإجارة عليه ، وقد سئل المزنيّ عن صحّة جعل الصّداق شعراً فقال : يجوز إن كان مثل قول القائل وهو أبو الدّرداء الأنصاريّ :
يريد المرء أن يعطى مناه *** ويأبى اللّه إلاّ ما أرادا
يقول المرء فائدتي وزادي *** وتقوى اللّه أعظم ما استفادا


«ثامناً : القطع بسرقة كتب الشّعر»

20 - نصّ الشّافعيّة على أنّه يجب القطع بسرقة كتب التّفسير والحديث والفقه ، وكذا الشّعر الّذي يحلّ الانتفاع به ، وما لا يحلّ الانتفاع به لا قطع فيه ، إلاّ أن يبلغ الجلد والقرطاس نصاباً وللتّفصيل - ر : سرقة - .

«تاسعاً : الحدّ بما جاء في الشّعر»

21 - اختلف الفقهاء فيما إذا اعترف الشّاعر في شعره بما يوجب حدّاً ، هل يقام عليه الحدّ أم لا ؟
فذهب البعض إلى أنّه يقام عليه الحدّ بهذا الاعتراف .
وذهب الأكثرون إلى أنّه لا يقام عليه الحدّ ، لأنّ الشّاعر قد يبالغ في شعره حتّى تصل به المبالغة إلى الكذب وادّعاء ما لم يحدث ونسبته إلى نفسه ، رغبةً في تسلية النّفس وتحسين القول ، روى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى : « وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ » قال : أكثر قولهم يكذبون فيه ، وعقّب ابن كثير بقوله : وهذا الّذي قاله ابن عبّاس http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg هو الواقع في نفس الأمر ، فإنّ الشّعراء يتبجّحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم ، فيتكثّرون بما ليس لهم .
وقد روي عن عمر http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg أنّه سمع شعراً للنّعمان بن عديّ بن نضلة يعترف فيه بشرب الخمر ، فلمّا سأله قال : واللّه يا أمير المومنين ما شربتها قطّ ، وما فعلت شيئاً ممّا قلت ، وما ذاك الشّعر إلاّ فضلةً من القول ، وشيء طفح على لساني ، فقال عمر : أظنّ ذلك ، ولكن واللّه لا تعمل لي عملاً أبداً وقد قلت ما قلت ، فلم يذكر أنّه حدّه على الشّراب وقد ضمّنه شعره ، لأنّ الشّعراء يقولون ما لا يفعلون ولكن ذمّه عمر http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg ولامه على ذلك وعزله به .

«عاشراً : التّكسّب بالشّعر»

22 - ذهب بعضه الفقهاء إلى أنّ التّكسّب بالشّعر من المكاسب الخبيثة ومن السّحت الحرام ، لأنّ ما يدفع إلى الشّاعر إنّما يدفع إليه عادةً لقطع لسانه ، والشّاعر الّذي يكون كذلك إنّما هو شيطان لما في الصّحيح عن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله تعالى عنه - قال : « بينا نحن نسير مع رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif إذ عرض شاعر ينشد ، فقال http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif : خذوا الشّيطان » . قال القرطبيّ : قال علماؤنا : وإنّما فعل النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif هذا مع هذا الشّاعر لما علم من حاله ، فلعلّه كان ممّن قد عرف أنّه اتّخذ الشّعر طريقاً للتّكسّب ، فيفرط في المدح إذا أعطي ، وفي الهجو والذّمّ إذا منع ، فيؤذي النّاس في أموالهم وأعراضهم ، ولا خلاف في أنّ من كان على مثل هذه الحالة ، فكلّ ما يكتسبه بالشّعر حرام ، وكلّ ما يقوله من ذلك حرام عليه ، ولا يحلّ الإصغاء إليه ، بل يجب الإنكار عليه ، فإن لم يمكن ذلك لمن خاف من لسانه قطعاً تعيّن عليه أن يداريه بما استطاع ، ويدافعه بما أمكن ، ولا يحلّ له أن يعطي شيئاً ابتداءً ، لأنّ ذلك عون على المعصية ، فإن لم يجد بدّاً من ذلك أعطاه بنيّة وقاية العرض ، فما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقةً .
وذكر الحصكفيّ الحنفيّ أنّ النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif كان يعطي الشّعراء ولمن يخاف لسانه ، ونقل ابن عابدين ما ورد عن عكرمة مرسلاً قال : أتى شاعر النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif فقال : « يا بلال ، اقطع عنّي لسانه فأعطاه أربعين درهماً » .
وقال عديّ بن أرطاة لعمر بن عبد العزيز : يا أمير المومنين ، إنّ رسول اللّه http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif قد مدح وأعطى وفيه أسوة لكلّ مسلم ، قال : ومن مدحه ؟ قال : عبّاس بن مرداس السّلميّ فكساه حلّةً قطع بها لسانه .
أمّا الشّاعر الّذي يؤمن شرّه ، ولا يعطى مداراةً له وقطعاً للسانه ، فالظّاهر أنّ ما يدفع إليه حلال، لأنّ النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif دفع بردته إلى كعب بن زهير http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg لمّا امتدحه بقصيدته المشهورة .
ولمّا استخلف عمر بن عبد العزيز وفد عليه الشّعراء كما كانوا يفدون على الخلفاء قبله ، فأقاموا ببابه أيّاماً لا يأذن لهم بالدّخول ، حتّى قدم عديّ بن أرطاة وكانت له مكانة ، فتعرّض له جرير وطلب شفاعته ، فاستأذن لهم ، فلم يأذن إلاّ لجرير ، فلمّا مثل بين يديه قال له : اتّق اللّه ولا تقل إلاّ حقّاً ، فمدحه بأبيات ، فقال عمر : يا جرير ، لقد ولّيت هذا الأمر وما أملك إلاّ ثلاثمائة ، فمائة أخذها عبد اللّه ، ومائة أخذتها أمّ عبد اللّه ، يا غلام : أعطه المائة الثّالثة ، فقال : واللّه يا أمير المؤمنين ، إنّها لأحبّ مال كسبته إليّ .

«حادي عشر : شهادة الشّاعر»

23 - ذهب الفقهاء إلى قبول شهادة الشّاعر الّذي لا يرتكب بشعره محرّماً أو ما يخلّ بالمروءة، فإن ارتكب ذلك ففي ردّ شهادته به تفصيل :
قال الحنفيّة : من كثر إنشاده وإنشاؤه حين تنزل به مهمّاته ويجعله مكسبةً له تنقض مروءته وتردّ شهادته .
وقال المالكيّة : تجوز شهادة الشّاعر إذا كان لا يرتكب بشعره محرّماً ، وإلاّ امتنعت شهادته . وقال الشّافعيّة : تردّ شهادة الشّاعر إذا هجا معصوم الدّم - مسلماً أو ذمّيّاً - بما يفسق به ، بخلاف الحربيّ فلا يحرم هجاؤه ، ولا تردّ شهادة الشّاعر بهجائه ، لأنّ « النّبيّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/ec8f64b4af.gif أمر حسّان بن ثابت رضي الله تعالى عنه بهجاء الكفّار » .
وظاهر كلامهم جواز هجو الكافر المعيّن ، وعليه فيفارق عدم جواز لعنه بأنّ اللّعن الإبعاد من الخير ، ولاعِنه لا يتحقّق بعده منه فقد يختم له بخير .
وقالوا : تردّ شهادة الشّاعر كذلك إذا شبّب بامرأة معيّنة بأن ذكر صفاتها من نحو حسن وطول وغير ذلك ، لما فيه من الإيذاء ، وكذلك إذا هتك السّتر ووصف أعضاءها الباطنة بما حقّه الإخفاء ولو كان من حليلته ، ومثل المرأة في ذلك الأمرد إذا صرّح بعشقه ، فإذا لم يعيّن الشّاعر من يشبّب به فلا إثم عليه لأنّ التّشبيب صنعة ، وغرض الشّاعر تحسين صنعته لا تحقيق المذكور فيه ، فليس ذكر شخص مجهول تعييناً ، لكنّ بعض الشّعراء قد ينصبون قرائن تدلّ على تعيين المشبّب به ، وعندئذ يكون التّشبيب مع هذه القرائن في حكم التّشبيب بمعيّن .
وتردّ شهادة الشّاعر كذلك عند الشّافعيّة إن أكثر الكذب في شعره ، وجاوز في ذلك الحدّ بحيث لا يمكن حمله على المبالغة .
وقال الحنابلة : الشّاعر متى كان يهجو المسلمين أو يمدح بالكذب أو يقذف مسلماً أو مسلمةً فإنّ شهادته تردّ ، وسواء قذف بنفسه أو بغيره .أهـ

علي السلفي 25-02-12 09:22 PM

معلومات قيمة
جزاك الله خيرا ونفع بك

تألق 01-03-12 01:43 AM

http://www.shy22.com/pngfile/hms31769.png

عوض عتيق الفهمي 09-03-12 06:55 PM

بارك الله فيك...وبارك في عملك..

احيي سنة تمت بدعة 26-05-12 12:34 AM

طرح رائع جزاك الله خيرا
الشعر ديوان العرب

درر الشهد 27-05-12 03:04 PM

جزاكم الله خيرا

أبوعمر 27-05-12 11:04 PM

جزاك الله خيرا

إبن تيمية 23-08-14 02:09 AM

جزاك الله خيرا


الساعة الآن 07:08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
This Forum used Arshfny Mod by islam servant