![]() |
المستشرقون وإبعاد الدين عن النفوس " د -علي بن إبراهيم النملة "
المستشرقون وإبعاد الدين عن النفوس
لايستطيع المستشرقون - أو غيرهم - أن ينزعوا العلم من صدور الناس , كما لايستطيعون إبعاد سلطان الدين عن النفوس إلا بتفويض الأعمدة الثلاثة للثقافة . فنحن ندرك أن التحول لا يكون سريعا , ولكن العلم يتضاءل من الصدور , فيكثر الخلط والجهل , وتهتز الثقة , فيكون البحث عن البديل فيخرج في الأمة من يتمثل فيه ذلك , فيدعو إلى نبذ الماضي , وإعادة التشكيل الثقافي وفق النمط الغربي , والتقليل من قيمة الميراث الثقافي أو قراءته بأبجدية النسق الغربي , وإن لم يكن ذلك ممكنا فلا بأس من الإنتقاء من التراث الديني والأدبي و الثقافي نقاطا تهز الثقة , مرت عبر التاريخ الحافل بكل شئ حسن في معظمه , سئ في بعض مواضع منه , ولابأس من وأد اللغة الأم وجعلها مقصورة على المعابد , وجعل لغات أخرى هي لغة المعاهد , فالفرنسية في المغرب , والانجليزية في المشرق , وربما الروسية بينهما , حتى تصل لغة المعابد إلى مستوى غير مفهومة فيه , خاضعة للترديد دون إدراك للمعنى مع إدخال اللهجات فيها حتى يتم إحلالها محلها فتتفكك الرابطة , ويصبح العربي في بلاده وأهله غريب اليد واللسان , وإن لم يكن غريب الوجه , ويصبح لزاما عليه أن يسيرمع الركب وإلا صدقت عليه إدعاءات التخلف و الرجعية , والتقوقع على الذات دون الإفادة من الثقافات الأخرى المحيطة بالمجتمع المسلم قديمه وحديثه . فأدى الخوف من الوصم بالتخلف والرجعية والتقوقع إلى أن يتبنى بعض أبناء المسلمين الثقافات الغربية عليهم وعلى مجتمعهم , واستدعى هذا التبني محاولة الإنسلاخ من الماضي بإهانته والتقليل من شأنه وحصر آثاره على الوقت الذي ظهرت فيه هذه الآثار دون امتداد إلى المستقبل مما يستدعي - في نظر هؤلاء المنبهرين بالثقافة الغربية - السير في (( ثقافة عالمية )) قادمة من الغرب أو من الشرق . وتلك ربما تكون نتيجة من نتائج إبعاد سلطان الدين من النفوس التي تأتي نتيجة من نتائج الفعل الاستشراقي . وإذا سلمنا بأن العلم والثقافة لا تنتزع من الصدور إنتزاعا - ونحن مسلمون بهذا - سلمنا بأن الوقت عامل مهم في تحقيق ذلك , ومع الوقت تأتي الجهود في تحقيق الهدف أو الغاية التي تدخل في الغاية الثانية التي مر ذكرها آنفا , وذكر أنها تسعى في النهاية إلى السيطرة على هذا الشرق سيطرة قد لا تكون بالضرورة مباشرة وهذا متحقق إذا ما نزع العلم من الصدور . " مقال للدكتور - علي بن إبراهيم النملة " |
|
الساعة الآن 04:43 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir