![]() |
(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
2 – هديه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع عائشة رضي الله عنها : وهي أصغر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والبكر الوحيدة بينهن ، فعن عروة ـ ابن الزبير ـ : ( تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع ، ومكثت عنده تسعا ) . (البخاري : 5156) و (مسلم : 1422 ، مطولا) . وكأن الله سبحانه اختارها لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذا العمر حتى يغرس فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتنقله إلى الناس وقد روت رضي الله عنها فوق الألف حديث ، كما ذكر في بيتي الشعر : سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا من الحديث عن المختار خير مضر أبو هريرة سعد جابر أنس صديقة وابن عباس كذا ابن عمر وقد أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام أنها زوجته ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أريتك قبل أن أتزوجك مرتين ؛ رأيت الملك يحملك في سرَقَة من الحرير ، فقلت له : اكشف ، فكشف فإذا هي أنت ، فقلت : إن يك هذا من عند الله يمضه " . (البخاري : 7012) و (مسلم : 2438) . وفي رواية ثانية : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أريتك في المنام مرتين ، إذا رجل يحملك في سرقة من حرير ، فيقول : هذه امرأتك ، فأكشفها فإذا هي أنت ، فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه " . (البخاري : 7011) و (مسلم : 2438) . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدر لعائشة صغر سنها ويعاملها على حسب سنها .فعن عائشة رضي الله عنها : (أنها كانت تلعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : وكانت تأتيني صواحبي فكنّ ينقمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرُّ بهن ) . (مسلم : 4470) وكانت عائشة رضي الله عنه أحب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إليه بل وأحب الناس إليه ، عن أبي عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل ، ( قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : " عائشة " . قلت : من الرجال ؟ قال : " أبوها " قلت : ثم من ؟ قال : " عمر " ، فعد رجالا ، فسكت مخافة أن يجعلني آخرهم ) . (البخاري : 4358) و (مسلم : 2384) . ولكنه ايضا أحب خديجة رضي الله عنها حبا كبيرا ولكن خديجة وعائشة لم تجتمعا عنده ، وقد قالت عائشة رضي الله عنها : ( ما غرتُ على نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة وإني لم أدركها . قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول : " أرسلوا بها على أصدقاء خديجة " ، قالت : فأغضبته يوما ، فقلت : خديجة ؟ فقال رسول الله صلى لله عليه وسلم : " إني قد رزقت حبها " . (مسلم : 2435) . وقد بدت محبته صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها واضحة من خلال معاملته لها ، فعن أنس رضي الله عنه : ( أن جارا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسيا طيّب المرق ، فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء يدعوه ، فقال ـ أي رسول الله ـ : " وهذه ؟ " قال : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا " . فعاد يدعوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وهذه ؟ " قال : لا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا " . ثم عاد يدعوه ، فقال رسول الله : " وهذه ؟ " قال : نعم ؛ في الثالثة ، فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله ) . (مسلم : 3798) . وهذا كان قبل أن يضرب الحجاب على أمهات المؤمنين عليهن السلام جميعا . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائهم أنظر إلى لعبهم ) . (البخاري : 454) و ( مسلم : 892) . وفي رواية ثانية : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث ، فاضطجع على الفراش وحول وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام ، فقال : " دعهما " . فلما غفَل غمزتهما فخرجتا ، وكان يوم عيد ، يلعب السودان بالدَّرَق والحراب ، فإما سألْتُ النبي صلى الله عليه وسلم ، وإما قال : " تشتهين تنظرين " . فقلت : نعم ن فأقامني وراءه ، خدي على خده ، وهو يقول : " دونكم بني أرفِدة " . حتى إذا ملِلْتُ ، قال : " حسبُكِ " ؟ قلت : نعم ، قال : " فاذهبي " . ( البخاري : 949 و 950) و ( مسلم : 892) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت عليّ غضبى " . قالت : فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ فقال : " أما إذا كنتِ راضية فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم " . قالت : أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك ) . (البخاري : 5228) و (مسلم : 2439) وهذا دليل تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن أخلاقه مع أزواجه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما ؛ إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) . (مسلم : 4296) . وقد كان صلى الله عليه وسلم يوجه عائشة إذا أخطأت بشيء بدون تعنيف ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك ، فقلت : بل عليكم السام واللعنة ، فقال : " يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " . قلت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : قلتُ : " وعليكم " . (البخاري : 6927) و (مسلم : 2165) . وفعلا كان صلى الله عليه وسلم رفيقا في تعامله فلم يوجه زوجته لشيء ليس فيه ، فقد كان هو فيه الأسوة الحسنة لأزواجه وللمسلمين جميعا كما سيتبين في الأحاديث الآتية . عن أنس رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه ، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام ، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم ، فسقطت الصحفة فانفلقت ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ، ويقول : " غارت أمكم " . ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها ، فدفع الصحفة الصحيحة التي كسرت صحفتها ، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت ) . (البخاري : 5225) . والتي كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها في هذا الحديث هي عائشة رضي الله عنها ، والتي أرسلت بصحفة الطعام قيل هي زينب بنت جحش رضي الله عنها وقيل غيرها ، وهنا يتبين رفق النبي صلى الله عليه وسلم بزوجاته ورحمته بهن وتقديره لغيرتهن . وعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه سلم في بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبيداء ، أو بذات الجيش ، انقطع عقد لي ، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه ، وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق ، فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة ؛ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس ، وليسوا على ماء ، وليس معهم ماء . فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام ، فقال : حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء . قالت عائشة : فعاتبني أبو بكر ، وقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي ، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله آية التيمم ن فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر . قالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فإذا العقد تحته ) . (البخاري : 4607) و(مسلم : 367) . وعندما اتهمت أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة خيرا رغم كثرة ما قيل ورغم استبطاء نزول الوحي في أمرها وقال صلى الله عليه وسلم عندما تعاظم شر عبد الله بن أبي بن سلول : " من يعذرني في رجل بلغ أذاه في أهلي ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، وقد ذكروا لي رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " . وعندما ذهبت عائشة رضي الله عنها إلى بيت أبويها بعدما عرفت ما يقال عنها ، وجاءها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت في روايتها لهذا الحديث : فبينا هما جالسان عندي ـ تقصد أبويها ـ وأنا أبكي ، إذ استأذنت امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس ولم يجلس عندي من يوم قيل في ما قيل قبلها ، وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء ، قالت : فتشهد ، ثم قال : " يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه " . بأبي هو وأمي كيف عاملها برفق وكيف بدأ بكلمته : " إن كنت بريئة فسيبرئك الله " ، وتكلم معها برفق ونحن في زمن نرى فيه المرأة تقتل بالشبهة قبل أن يعرف هل أذنبت أم لا ، ومن غير أربع شهود، فلنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، ولنر كيف كان رد الطاهرة عائشة والتي كانت لم تبلغ الخامسة عشرة بعد والله أعلم ، قالت رضي الله عنها : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه بقطرة ، وقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فقلت لأمي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال . قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن ، فقلت : إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس ، ووقر في أنفسكم وصدقتم به ، ولئن قلت لكم أني بريئة ، والله يعلم إني لبريئة ، لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بامر ، والله يعلم أني بريئة ، لتصدقني ، والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف إذ قال : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) ،ثم تحولت على فراشي ، وأنا أرجو أن يبرأني الله ، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحيا ، ولأنا أحقر في نفسي من أن يُتكلم بالقرآن في أمري ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يرئني ، فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه الوحي ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات ، فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ن فكان أول كلمة تكلم بها أن قال لي : " يا عائشة احمدي الله ، فقد برأك الله " . فقالت لي امي : قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله . وفي هذه الحادثة يتجلى حسن أخلاق زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته ، تقول عائشة رضي الله عنها : ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري ، فقال : " يا زينب ما علمتِ ؟ ما رأيتِ ؟ " فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ، والله ما علمت عليها إلا خيرا ، قالت ـ أي عائشة ـ : وهي التي كانت تساميني فعصمها الله بالورع ) . (البخاري : 2661) و (مسلم : 2770) . هؤلاء هم أهل البيت الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه فعليهم صلوات الله وسلامه أجمعين . وسيأتي في الجزء الثالث بإذن بقية ما جمعته من هديه صلى الله عليه وسلم مع أهله . |
جعلها الله في ميزان حسناتك
|
|
صلى الله عليه وآله وسلم جزآكم الله خيراً على ماتقدمونه ونفع بكم الإسلآم والمسلمين |
جزاك الله خيراً ورفع قدرك
|
جزاك الله كل خير وبارك الله فيك
|
الساعة الآن 06:58 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir