![]() |
(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) (3)
بسم الله الرحمن الرحيم
ومن هديه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع زوجه عائشة رضي الله عنها ، ما روته رضي الله عنها قالت : ( كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته ، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطَتْهما ، قالت : والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح ) . (البخاري : 382) و (مسلم : 512) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ، فإذا أوتر قال : " قومي فأوتري يا عائشة " . (مسلم : 744) . وعن الأسود قال : ( سألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ماكان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ قالت كان يكون في مهنة أهله ، تعني في خدمة أهله ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ) (البخاري : 676) . بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ما أعظم خلقك وأشد تواضعك ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يملك محبة الناس وقلوبهم بالتصنع ولا بطلب الجاه ولا بالاستكبار عليهم ، ولا بالتجبر فيهم ، بل ملك محبتهم بحسن خلقه وتواضعه وشجاعته ورحمته ، فقد كان وقت الشجاعة أشجع الناس وكان الصحابة يحتمون برسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حمي وطيس المعارك ، ومع ذلك كان أرحم الناس بالضعفاء ، وكان غليظا على الكفار ولكنه رحيما بالمؤمنين ، فصلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا . 3 - هديه مع باقي زوجاته صلى الله عليه وسلم : ومن إكرامه صلى الله عليه وسلم لأزواجه ، أنه عندما تزوج زينب بنت جحش ابنة عمته رضي الله عنها أحسن إليها ولم يولم لأحد من النساء مثلها فعن أنس رضي الله عنه قال : ( ما أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه ما أولم على زينب ؛ أولم بشاة ) . (البخاري : 5168) و (مسلم : 1365) . وقد ذكرت هذا لأن في أيامنا بعض الرجال إذا تزوج قريبته بخسها حقها في الصداق وفي نفقاتها . وقد زوجه الله زينب من فوق سبع سماوات ولذلك دخل عليها بغير إذن ، فعن أنس رضي الله عنه قال : ( لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد فاذكرها علي . قال : فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها ، قال : فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي ، فقلت : يا زينب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك . قالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي ، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن . قال : فقال : ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن يا رسول الله كيف وجدت أهلك قال فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبرني قال فانطلق حتى دخل البيت فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب قال ووعظ القوم بما وعظوا به ) (مسلم : 1428) . ومن إكرامه صلى الله عليه وسلم للنساء أنه اختار صفية رضي الله عنها بعد أن سبيت في خيبر فلم يهنها وقد كانت بنت سيد يهود خيبر بني النضير ، وأعتقها وتزوجها ،فعن أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر ، فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس ، فركب نبى الله - صلى الله عليه وسلم - وركب أبو طلحة ، وأنا رديف أبى طلحة ، فأجرى نبى الله - صلى الله عليه وسلم - فى زقاق خيبر ، وإن ركبتى لتمس فخذ نبى الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إنى أنظر إلى بياض فخذ نبى الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما دخل القرية قال « الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين » . قالها ثلاثا . قال وخرج القوم إلى أعمالهم فقالوا محمد - قال عبد العزيز وقال بعض أصحابنا - والخميس . يعنى الجيش ، قال فأصبناها عنوة ، فجمع السبى ، فجاء دحية فقال يا نبى الله ، أعطنى جارية من السبى . قال « اذهب فخذ جارية » . فأخذ صفية بنت حيى ، فجاء رجل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال يا نبى الله ، أعطيت دحية صفية بنت حيى سيدة قريظة والنضير ، لا تصلح إلا لك . قال « ادعوه بها » . فجاء بها ، فلما نظر إليها النبى - صلى الله عليه وسلم - قال « خذ جارية من السبى غيرها » . قال فأعتقها النبى - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها . فقال له ثابت يا أبا حمزة ، ما أصدقها قال نفسها ، أعتقها وتزوجها ، حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم فأهدتها له من الليل ، فأصبح النبى - صلى الله عليه وسلم - عروسا فقال « من كان عنده شىء فليجئ به » . وبسط نطعا ، فجعل الرجل يجىء بالتمر ، وجعل الرجل يجىء بالسمن - قال وأحسبه قد ذكر السويق - قال فحاسوا حيسا ، فكانت وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ). (البخاري : 3482) و(مسلم : 1365) . وعن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِلَالًا بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ قَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ ) (البخاري : 4213) . و ( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ ) (البخاري : 2235) . فبالله هل يوجد تكريم لامرأة أكثر من هذا . وعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ رضي الله عنها قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِىَ لِيَقْلِبَنِى. وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِى دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم- « عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ ». فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا شَرًّا ». أَوْ قَالَ « شَيْئًا ». وهنا يتبين كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهتم بأزواجه ويكرمهن ، فأوصل صفية رضي الله عنها إلى بيتها بنفسه . وعندما رأى الرجلين ذكر لهما أنها زوجته صفية ولم يستحي من ذكر اسمها كما يفعل البعض الآن ، وكأن اسم الزوجة عار أن يذكر . فصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين الذي لنا فيه الأسوة الحسنة ويكفي أن أذكر قول عمر رضي الله عنه في هذا الحديث الشريف : فعن ابن عباس - رضى الله عنهما - يحدث أنه قال مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية ، فما أستطيع أن أسأله هيبة له ، حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعت وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له - قال - فوقفت له حتى فرغ سرت معه فقلت يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبى - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه فقال تلك حفصة وعائشة . قال فقلت والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة ، فما أستطيع هيبة لك . قال فلا تفعل ما ظننت أن عندى من علم فاسألنى ، فإن كان لى علم خبرتك به - قال - ثم قال عمر والله إن كنا فى الجاهلية ما نعد للنساء أمرا ، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم - قال - فبينا أنا فى أمر أتأمره إذ قالت امرأتى لو صنعت كذا وكذا - قال - فقلت لها مالك ولما ها هنا فيما تكلفك فى أمر أريده . فقالت لى عجبا لك يا ابن الخطاب ما تريد أن تراجع أنت ، وإن ابنتك لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان . فقام عمر فأخذ رداءه مكانه حتى دخل على حفصة فقال لها يا بنية إنك لتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان . فقالت حفصة والله إنا لنراجعه . فقلت . تعلمين أنى أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - يا بنية لا يغرنك هذه التى أعجبها حسنها حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها - يريد عائشة - قال ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتى منها فكلمتها . فقالت أم سلمة عجبا لك يا ابن الخطاب دخلت فى كل شىء ، حتى تبتغى أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه . فأخذتنى والله أخذا كسرتنى عن بعض ما كنت أجد ، فخرجت من عندها ، وكان لى صاحب من الأنصار إذا غبت أتانى بالخبر ، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ، ونحن نتخوف ملكا من ملوك غسان ، ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا ، فقد امتلأت صدورنا منه ، فإذا صاحبى الأنصارى يدق الباب فقال افتح افتح . فقلت جاء الغسانى فقال بل أشد من ذلك . اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه . فقلت رغم أنف حفصة وعائشة . فأخذت ثوبى فأخرج حتى جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى مشربة له يرقى عليها بعجلة ، وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسود على رأس الدرجة فقلت له قل هذا عمر بن الخطاب . فأذن لى - قال عمر - فقصصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث ، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شىء ، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف ، وإن عند رجليه قرظا مصبوبا ، وعند رأسه أهب معلقة فرأيت أثر الحصير فى جنبه فبكيت فقال « ما يبكيك » . فقلت يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله . فقال « أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة » . فالحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله على نعمة القرآن والحمد لله على نعمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأسأل الله أن يجمعنا مع حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى ، وأن نشرب من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها ابدا ، اللهم آمين . |
صلى الله عليه وسلم
http://www.yanabeea.net/up_rosom/2011313728_0.jpg |
وإياك أختي جارة المصطفى .
|
جزاك الله كل خير وبارك الله فيك
|
الساعة الآن 07:03 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir