سنبدأ الرحلة من البداية التي حيّرت علماء التاريخ وغيرهم، والسؤال الذي لم يجدوا له جوابا وهو: هل اللغة توقيفية من الله أي فطرة تكلم آدم عليه السلام بها مباشرة أم وضعية تعلمها مما حوله واصطلح نسله عليها؟ كل نظرية لها أدلتها لكن كما في القرآن الكريم: (وعلم آدم الأسماء كلها) وهذا يكفينا. قام أحد علماء اللغة من غير العرب وهو: ماكس مولر بتقسيم اللغات الموجودة منذ نشأتها إلى عصرنا قسمها إلى أربع مجموعات، والرابط بينها خصائص مشتركة وهذه المجموعات هي: 1- اللغات السامية الحامية: وهي لغات الجزيرة العربية وقارة إفريقية. 2- اللغات الهندوأوربية: وتشمل لغات قارة الهند وأوربا فكل اللغات الموجودة كانت لهجات فتطورت وصارت لغات، فالفرنسية والانجليزية والإطالية وغيرها إنما هي لهجات من اللغة الأم اللاتينية وعبر القرون صارت لغات مستقلة والعجيب أن الإنجليز اليوم لا يستطيعون قراءة ما كتب بلغتهم قبل 100 سنة مثل روايات شكسبير!. 3- اللغات الطوارنية: لغات شمال شرق أوربا كالروسية والمغولية والتركية الذين أصلهم من تركستان. شجرة اللغات السامية في الجزيرة: ما يهمنا هو اللغة العربية التي نزل بها القرآن كيف تطورت؟ وهل تغيرت؟ وهل ستندثر كما اندثر غيرها؟ بهذه الخريطة يتضح تقسيم اللغات في الجزيرة العربية، ولتعلم أخي القارئ أن المصطلح اللغوي للجزيرة يعم جزيرة العرب من اليمن جنوبا إلى العراق والشام شمالا، ومن الحدود المائية غربا وشرقا، وقد يختلف المصلح باعتبارات أخرى. http://im35.gulfup.com/poCS1.jpg
1- الشمال الشرقي من الجزيرة: هو العراق حاليا كانت فيه اللغة البابلية والآشورية والأكادية والإسفينية والسومرية. مَن السومريون؟ السومريون هم الذين هاجروا من جنوب الجزيرة إلى شمالها وهذا الرأي هو رأي كثير من علماء الاختصاص من غير العرب وأشهرهم آرنست رينان وكارل بروكلمان حيث يقول الأخير: إن الموطن الأول للشعب السامي هو الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية. وسواء قلنا سومري أو سامي لا فرق لأن السومريين جزء من الساميين، ثم جاء العالم أولوسو هوزن وفجّر الحقيقة التي حاول إخفاءها الكثير وهي: أن العربية أصل اللغات السامية. فاليهود حاولوا إخفاء هذه الحقيقة والزعم بأن العبرية هي أصل اللغات! والحقيقة أن العبرية ما كانت إلا لهجة فقط ثم صارت لغة ثم ضربت بثلاث ضربات متتالية فأبادتها قرونا ثم رجعت مرة أخرى في نطاق ضيق. نخلص من هذا: أن الساميين أصل موطنهم جنوب الجزيرة، فهاجروا منها إلى الشمال، وكانت لغتهم الأساسية هي العربية؛ إذن أصل العربية كان من جنوب الجزيرة. والحقيقة لا غرابة في هذا القول فمن يعرف قصة سد مأرب سيعلم أن قبائل الجنوب هاجروا إلى جميع أنحاء الجزيرة واستوطنوها فمنهم من هاجر للعراق ومنهم للشام ومنهم لعمان ومنهم للحجاز وهم الأوس والخزرج أبناء قيلة؛ لذا من يتأمل وجوه العرب في بادية العراق والشام واليمن سيجد ملامحهم واحدة وقد رأيت بنفسي ذلك فسبحان الذي جعل الجزيرة واحدة. وأيضا قبيلة جرهم الذين هاجروا من اليمن وفي طريقهم للشام وجدوا طيرا تحوم حول ماء فإذ هو ماء زمزم ووجدوا هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام فاستوطنوا مكة وتزوج منهم إسماعيل وكان هو أول ومن انشق لسانه بالفصحى ولا يعلم أحد كيفية ذلك إلا الله العزيز الحكيم. 2- الشمال الغربي من الجزيرة: هو الشام وتبوك وفيها لغتان أساسيتان: الكنعانية والآرمية وتفرع منهما عدة لغات كما في الخريطة، والكنعانية نسبة إلى كنعان الذي هاجر من جنوب الجزيرة -اليمن- واستوطن فلسطين ومنه انتشرت العربية لذا فلسطين بلد عربية أصيلة إسلامية. 3- الجنوب الغربي وفيه قسمان: أ – أقصى الجنوب وفيها العربية الجنوبية البائدة وهي اللغة الحضرمية والسبئية والمعينية. ب – الحجاز وفيه اللغة العربية الباقية وفيها لغات بائدة منها: الثمودية والصفوية واللحيانية. 4- الجنوب الشرقي: هو القسم الذي لم تتم فيه اكتشافات ليومنا الحاضر وهي منطقة عمان والخليج عموما. بإذن الله نكمل رحلتنا مع لغتنا في مقال آخر حول بقاء العربية ما بقي القرآن واندثار غيرها وفقا لقانون اللغة الإلهي وبالله التوفيق.