![]() |
تخليل اللحية عند المالكية
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه أجمعين
أما بعد : فهذا بحثٌ موجَزٌ في بيان مذهب المالكية في التخليل في الوضوء و الغُسل سأبين فيه -بإذن الله- مجمل المذهب معضدا ذلك بأقوال الأئمة المالكية -رحمهم الله و نور قبورهم- وأسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول و العمل. 1- مذهب المالكية في تخليل اللحية في الوضوء يرون بوجوب تخليل شعر اللحية الخفيف و الذي تظهر البشرة تحته ليصل الماء إليها و لا يرون بوجوبه لشعر اللحية الكثيف على المشهور ونقل ابن الحكم القول بالوجوب عن مالك من رواية ابن وهب وابن نافع وينسب القول بالاستحباب لابن حبيب وقد رد الحطاب شارح المختصر على هذا و نقل قول الإمام أحمد -رحمه الله- وابن أبي حاتم تضعيف الأحاديث الواردة في ذلك قال الحطاب في "مواهب الجليل": حَدِيثُ عَمَّارٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَهُوَ مَعْلُولٌ وَقَدْ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ شَيْءٌ صَحِيحٌ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ شَيْءٌ انْتَهَى ثم قال : وَقَوْلُ مَالِكٍ الْمُتَقَدِّمُ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَنَقَلَ ابْنُ نَاجِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَخْلِيلُهَا فِي الْوُضُوءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ. قَالَ ابْنُ نَاجِي وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ أَرَادَ دَلَالَةَ ذَلِكَ وَكَثِيرًا مَا يَتَسَامَحُ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَا سِيَّمَا ابْنُ الْجَلَّابِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ لَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكٌ فِيمَا عَلِمْتَ وَإِنَّمَا هُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَلَهُ نَحْوُهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَالَ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى عَدَمِ ارْتِضَائِهِ انتهى. وجاء في المدونة : قَالَ مَالِكٌ: تُحَرَّكُ اللِّحْيَةُ فِي الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ تَخْلِيلٍ. و قال ابن جزي في "القوانين الفقهية": وَيجب تَخْلِيل مَا على الْوَجْه من شعر خَفِيف وَاخْتلف فِي الكثيف وَيجب إمرار الْيَد على اللِّحْيَة وَفِي وجوب تخليلها قَولَانِ. و يرون بوجوب إمرار الماء و تحريك اليد عليها لما تقدم من كلام ابن جزي و ما قال القاضي عبد الوهاب -رحمهما الله:وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَجِبُ تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْرَارِ الْمَاءِ عَلَيْهَا مِنْ الْيَدِ وَيُحَرِّكُ يَدَهُ عَلَيْهَا انْتَهَى. و قال ابن رشد في "بداية المجتهد و نهاية المقتصد": وَأَمَّا تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ: فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْوُضُوءِ، وَأَوْجَبَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ. 2-مذهب المالكية في تخليل اللحية في الغُسل يرون وجوب تخليل اللحية في الغُسل بخلاف الوضوء، قال الحطاب في "مواهب الجليل": قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْأَشْهَرُ وُجُوبُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَغَيْرِهِمَا. و قد نقل ابن عبد البر في الاستذكار الخلاف في المسألة فقال : وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ ((يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ أُصُولَ شَعْرِهِ)) مَا يَقْتَضِي تَخْلِيلَ شَعْرِ الرَّأْسِ وَشَعْرِ اللِّحْيَةِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْلِيلِ الجنب لحيته في غسله فروى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّلَ لِحْيَتَهُ مِنَ الجنابة وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي تَخْلِيلِ الْجُنُبِ لِحْيَتَهُ فِي غُسْلِهِ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِ مَنْ رَأَى التَّخْلِيلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيَانٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) الْمَائِدَةِ 6. وقولهم بوجوبها في الغُسل دون الوضوء لأن المطلوب في الغسل المبالغة، قال الحطاب في "مواهب الجليل": فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشْهُورِ هُنَا وَبَيْنَ الْمَشْهُورِ فِي الْغَسْلِ فَإِنَّهُ يَجِب فِيهِ تَخْلِيلُ الْكَثِيفِ؟ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْغَسْلِ الْمُبَالَغَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَلَكِنْ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُد بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ فِيهِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. كتبه مهدي المغربي -غفر الله له ولوالديه- في 15-02-1439 |
جزاكم الله خيرا
|
قال صلى الله عليه وسلـم "من صنع إليه معروفا فقال: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء" سنن الترمذي حكم الحديث: صحيح فجزاكم الله خيراً ونفع الله بكم وبما قدمتم وجعله في موازين حسناتكم |
الساعة الآن 05:00 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir