ثانياً / تاريخ من يسمونهم بالجامية كذباً وزوراً :
إن معرفة متى أطلق هذا اللفظ التنفيري ( الجامية ) على دعوة الحق السلفية مهم في إدراك أبعاد النبز بهذا اللقب التنفيري.
إنه لما أفتى علماؤنا الكبار وفي مقدمهم الإمامان عبدالعزيز بن باز ومحمد العثيمين – رحمه الله – بجواز الاستعانة بالقوات الأمريكية لدفع شر العدو الباغي المتعدي صدام حسين لأنه لا قبل لنا بمواجهة جيشه الباغي فصرنا بين نارين ، إما أن نواجه العدو بأنفسنا ولا قدرة لنا على ذلك فعليه قد نخسر أنفسنا وأموالنا وأعراضنا ، وقبل ذلك ديننا الذي هو التوحيد فإن "صدام حسين" عدو التوحيد فهو رافع راية الدين البعثي والذي لخصه شاعرهم بقوله : آمنت بالبعث رباً لا شريك له
وبالعروبة ديناً ماله ثان
وإما أن نستعين بالقوات الأجنبية الأمريكية فنخسر شيئاً من حطام الدنيا في مقابل إبقاء الأكثر ، وأهم من ذلك حفظ الدين والنفس والعرض .
ولاشك أن العاقل يختار خسارة شيء من المال مقابل حفظ الدين والنفس والعرض ، لا سيما والدين الذي تقوم به الدولة السعودية – حرسها الله – لا يوجد في أي دولة أخرى إذ هي تقيم عقيدة السلف من إفراد الله بالعبادة وإثبات أسماء الله وصفاته فليست دولة صوفية ولا رافضية ولا بعثية ولا علمانية بل دولة توحيد سلفية – أدامها الله على السنة – فضعفها ضعف للتوحيد والسنة وقوتها قوة التوحيد والسنة والعداء لها عداء للتوحيد والسنة
قال الإمام ابن باز – رحمه الله - فالعداء لهذه الدولة عداء للحق عداء للتوحيد ا.هـ
فلما أفتى علماؤنا الأجلاء بما يقتضيه العقل والدين من جواز الاستعانة بالكفار كشر الحزبيون والحركيون عن أنيابهم وأظهروا ما في مكنونهم وأصدروا أشرطة ومحاضرات عارضوا فيها علماءنا وأشاعوا الرعب بين العامة فوصفوا علماءنا بجهل الواقع وأن هذا مخطط أمريكي قديم الهدف منه استحلال أرض الحرمين فقالوا : لذا لن تضرب أمريكا العراق وأقسم على ذلك طائفة من كبارئهم وإنما ستستحل أمريكا الأرض وتزيح الدين وتغير المناهج الدراسية بل تعدوا هذا ورجعوا بالطعن على علمائنا وكان منهم يومذاك الإمام عبدالعزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين – رحمهما الله - .
فما إن تذهب الأيام إلا ويظهر الله خبثهم وتنكشف سوأتهم ويميز الله صدق علماء السنة من تهويل دعاة الحزبية الحركية فتضرب أمريكا العراق ويرد الله كيد صدام وجيشه ، فيحفظ بمنه دولة التوحيد السعودية – حرسها الله – وتغير المناهج إلى ما هو أحسن فتحذف كتب محمد قطب التي كانت تقرر التوحيد بمعناه عند أهل الكلام ويوضع بدلاً منها كتب في التوحيد على عقيدة السلف ، ويسارع دعاة الحزبية بعد ذلك بدهائهم المكشوف عند من يعلم السر وأخفى بعقد محاضرات في سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز حتى يستميلوا – بزعمهم – الإمام ابن باز ويبعدوا عن أنفسهم عند العامة تهمة الطعن فيه ذلك الطعن المبطن المكشوف عند من يعرفهم ، لكن ما إن ذهبت الأيام إلا وأصدرت هيئة كبار العلماء بالإجماع في بعضهم بياناً طالبوا فيه بإيقافهم حماية للمجتمع من أخطائهم [1] .
وفي وقت معارضة الحزبيين والحركيين لعلمائنا خرج ثلة من العلماء وطلبة العلم فصدوا بغيهم وساندوا علماءنا ، وردوا على أعيان الحزبيين في أشرطة وكتب نصحاً لعامة المسلمين ألا يتبعوهم ويقعوا في حبائلهم ، وكان من أولئك الشيخ المجاهد محمد أمان بن علي الجامي – رحمه الله – فخشوا أن يستمع الناس إليه وإلى أمثاله من دعاة الحق فتنكشف حقيقة فعالهم فبادروا بالتنفير منه باختراع هذا اللقب ( الجامية ) ، وإثارة بعض الشبهات ليصدوا الناس عنهم .
[1] صورة البيان مرفق في كتاب " مدارك النظر " للشيخ عبدالمالك رمضاني – حفظه الله - .