صيحة قبل الطوفان
اتهم الأنبياء والمصلحون عبر التاريخ بالكذب والجنون،
ثم اتهم كل من جاء بما يخالف آراء المجتمع بالعمالة والخيانة...
لا لشيء إلا أنه أتى بما يخالف الأولين.
{ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ
وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }
[الزخرف : 23].
هذا أسلوب الباطل عبر القرون..
يسحق أي صوت لا يؤيد أفكاره،
ولا يصفق لخطبه.
مارسه من قبل فرعون، وذو نواس، والنمرود..
ولكن الحق انتصر أخيراً..
انتصر حين تحرر الناس من عبوديتهم للناس
وبحثوا عن الحق بأنفسهم،
لم يطلب الأنبياء من الناس أن يصدقوهم بدون دليل
ولا أن يتبعوهم بلا تفكير،
بل طلبوا من الناس إعمال عقولهم للوصول للحقيقة.
{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ
ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[العنكبوت : 20].
{ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً
وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
[الرعد : 3].
لكن للأسف الشديد
أصبح الحق في هذه الأيام يتجسد في الأشخاص !!
فإذا قال فلان قولاً فهو الحق
بغض النظر عن صحة قوله أو وجود دليل عليه !!
لكن كي يكون لنا نظرة صحيحة للأمور
لابد أن نتذكر قول الإمام علي
:
( لا يعرف الحق بالرجال ،
اعرف الحق تعرف أهله ) [1].
وقول الإمام الصادق
:
( الحكمة ضالة المؤمن
فحيثما وجد أحدكم ضالته فليأخذها ) [2].
قال ماركو كوربس أحد علماء النصارى الذين أسلموا:
( يذكر الله سبحانه وتعالى رجلاً كان يسمع آيات الله تتلى عليه،
إلا أنه يولي مدبراً دون أن يتفكر في حقيقة ما سمع.
أي أن الإنسان – بطريقة أو بأخرى – مذنبٌ
إذا سمع شيئاً ولم يبحث ليرى إن كان صحيحاً أم خاطئاً ).
فإذا وجدنا كلاماً يحترم العقل
ويوافق كتاب الله عز وجل
وهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أخذنا به واتبعناه،
وإذا كان غير ذلك ضربنا به عرض الحائط
كائناً من كان قائله.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
[1] - بحار الأنوار للمجلسي ( 40/126 ).
[2] - الكافي للكليني ( 8/ 167 ).