واقع مرير
فتاة في مقتبل العمر أوهمها أحدهم بأنه يحبها ويريد الزواج بها بعد أن ينهي دراسته الجامعية مباشرة،
الخدعة المفضلة لدى الشباب،
حاول كثيراً الحصول على موعد معها إلى أن أعيته الحيل فأبت إلا أن يتزوجها،
فطلب أن يتزوجها متعة،
وأقسم أنه يريد أن يتزوجها زواجاً دائماً لكن الظروف لا تسمح بهذا في الوقت الحالي،
رفضت طلبه،
فأكد لها حلية ذلك وطلب منها العودة لكتب الفتاوى.
أخذت تقرأ بخوف تلك الفتاوى وهي في صراع بين فطرتها وبين ما أمامها من تأكيدات على حلية مثل هذا الزواج،
بل وجدت أن بعض الفتاوى تؤكد على الثواب العظيم لفاعله،
في النهاية وكلت أمرها لكتب الفتاوى.
بعد شهور اكتشفت أنها حامل،
فذهبت إلى الشخص الذي تمتع بها لتخبره بهذا الحمل.
فقال لها بكل بساطة:
ما الذي يثبت لي أن هذا الولد ابني؟!
قد تكون الفتاة مخطئة حين تحدثت معه منذ البداية،
وحين أصبحت ساذجة فصدقته،
وحين سلمت عقلها وشرفها ومستقبلها لكتب الفتاوى؛
لكنها لم ترتكب ذلك لوحدها،
الذنب ذنب العلماء والمشايخ حين أفتوا بهذا،
الذنب ذنب المجتمع حين رضي بمثل هذا العمل
دفاعاً عن تلك الفتاوى المقدسة!
إنها مسئوليتهم أجمعين،
الذنب ذنب كل هؤلاء،
فلماذا هرب الجميع
وتركوا الفتاة وحيدة تتحمل تبعات كل ذلك
ونجا الجبان بفعلته؟!
وربما تزوج بثانية وثالثة وتاسعة
ووضع بصماته في كل بيت
تحت مباركة الشيوخ حماة المجتمع!
وأصبحت الفتاة بنظر الجميع
وحدها المذنبة ويلحقها العار إلى أن تموت،
وكل ذلك بعد ماذا؟
بعد أن أكد لها جميع هؤلاء
أن ما ستفعله حلال ولا غبار عليه.
الفتاة وحدها تتجرع الآلام،
أما الشيوخ ففي برجهم العاجي وسمائهم النرجسية
لا يهمهم كل ما يجري،
وأما المجتمع فبدلاً من أن يضع حداً لهذه المأساة
أخذ في التفنن في اختراع وترويج الإشاعات
حول تلك الفتاة المسكينة
التي لم تفعل شيئاً سوى تطبيق الفتاوى
التي يقدسونها جميعهم.