البرهان 101
من سورة الأعراف
{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا
قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ }
{ 65 }
وقوله تعالى :
{ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ
وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا
فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ *
قال قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ
أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ }
{ 70 ، 71 }
أي: { و } أرسلنا { إِلَى عَادٍ } الأولى، الذين كانوا في أرض اليمن
{ أَخَاهُمْ } في النسب
{ هُودًا }
،
يدعوهم إلى التوحيد
وينهاهم عن الشرك والطغيان في الأرض.
فـ { قَالَ } لهم:
{ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ }
سخطه وعذابه، إن أقمتم على ما أنتم عليه،
فلم يستجيبوا ولا انقادوا.
{ قَالُوا } متعجبين من دعوته، ومخبرين له أنهم من المحال أن يطيعوه:
{ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا }
قبحهم اللّه،
جعلوا الأمر الذي هو أوجب الواجبات وأكمل الأمور،
من الأمور التي لا يعارضون بها ما وجدوا عليه آباءهم،
فقدموا ما عليه الآباء الضالون
من الشرك وعبادة الأصنام،
على ما دعت إليه الرسل
من توحيد اللّه وحده لا شريك له،
وكذبوا نبيهم، وقالوا:
{ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }
وهذا استفتاح منهم على أنفسهم.
فقَالَ لهم هود
:
{ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ }
أي: لا بد من وقوعه، فإنه قد انعقدت أسبابه، وحان وقت الهلاك.
{ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ }
أي: كيف تجادلون على أمور، لا حقائق لها،
وعلى أصنام سميتوها آلهة،
وهي لا شيء من الآلهة فيها، ولا مثقال ذرة
و{ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ }
فإنها لو كانت صحيحة لأنزل اللّه بها سلطانا،
فعدم إنزاله له دليل على بطلانها،
فإنه ما من مطلوب ومقصود - وخصوصا الأمور الكبار -
إلا وقد بين اللّه فيها من الحجج، ما يدل عليها،
ومن السلطان، ما لا تخفى معه.
{ فَانْتَظِرُوا } ما يقع بكم من العقاب، الذي وعدتكم به
{ إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ } وفرق بين الانتظارين،
انتظار من يخشى وقوع العقاب،
ومن يرجو من اللّه النصر والثواب.