البرهان 115
من سورة الأنفال
{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ
وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ *
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ *
وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ
نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }.
{ 38 - 40 }
هذا من لطفه تعالى بعباده
لا يمنعه كفر العباد ولا استمرارهم في العناد،
من أن يدعوهم إلى طريق الرشاد والهدى،
وينهاهم عما يهلكهم من أسباب الغي والردى،
فقال: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا }
عن كفرهم وذلك بالإسلام للّه وحده لا شريك له.
{ يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } منهم من الجرائم
{ وَإِنْ يَعُودُوا } إلى كفرهم وعنادهم
{ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ } بإهلاك الأمم المكذبة،
فلينتظروا ما حل بالمعاندين،
فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون،فهذا خطابه للمكذبين ،
وأما خطابه للمؤمنين عندما أمرهم بمعاملة الكافرين،
فقال: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ }
أي: شرك وصد عن سبيل اللّه، ويذعنوا لأحكام الإسلام،
{ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ }
فهذا المقصود من القتال والجهاد لأعداء الدين،
أن يدفع شرهم عن الدين،
وأن يذب عن دين اللّه الذي خلق الخلق له،
حتى يكون هو العالي على سائر الأديان.
{ فَإِنِ انْتَهَوْا } عن ما هم عليه من الظلم
{ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا تخفى عليه منهم خافية.
{ وَإِنْ تَوَلَّوْا } عن الطاعة وأوضعوا في الإضاعة
{ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى }
الذي يتولى عباده المؤمنين، ويوصل إليهم مصالحهم،
وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية.
{ وَنِعْمَ النَّصِيرُ } الذي ينصرهم،
فيدفع عنهم كيد الفجار، وتكالب الأشرار.
ومن كان اللّه مولاه وناصره فلا خوف عليه،
ومن كان اللّه عليه فلا عِزَّ له ولا قائمة له.