ما حكم زيارة المسجد النبوي ؟ وهل لها تعلق بالحج ؟ * ـ الجواب : * ـ زيارة المسجد النبوي سنة لقول النبي : (لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) فيسافر الإنسان لزيارة المسجد النبوي، لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام ولكنه إذا سافر إلى المدينة فينبغي أن يكون قصده الأول الصلاة في مسجد الرسول ، وإذا وصل إلى هناك زار قبر رسول الله وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر ا، على الوجه المشروع في ذلك من غير بدع ولا غلو . * ـ وقولك في السؤال : هل له علاقة بالحج ؟ * ـ جوابه أنه لا علاقة له بالحج، وأن زيارة المسجد النبوي منفصلة، والحج والعمرة منفصلان عنه، لكن أهل العلم رحمهم الله يذكرونه في باب الحج، أو في آخر باب الحج، لأن الناس في عهد سبق يشق عليهم أن يفردوا الحج والعمرة في سفر، وزيارة المسجد النبوي في سفر، فكانوا إذا حجوا واعتمروا مروا على المدينة لزيارة مسجد رسول الله ، وإلا فلا علاقة بين هذا وهذا . الآداب المشروعة لزيارة قبر الرسول * ـ أشرتم إلى زيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام إذا وصل المسلم إلى المدينة المنورة وأيضاً قبر صاحبيه، فما الآداب المشروعة لزيارة قبر الرسول ؟ * ـ الجواب : * ـ الآداب المشروعة : أن يزور الإنسان قبره على وجه الأدب، وأن يقف أمام قبر رسول الله فيسلم عليه فيقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وسلم وبارك، وجزاك عن أمتك خير الجزاء .. ثم يخطو خطوة ثانية، خطوة عن يمينه، ليكون مقابل وجه أبي بكر ، ويقول : السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيراً .. ثم يخطو خطوة عن يمينه، ليكون مقابل وجه عمر بن الخطاب ، فيقول : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيراً .. ثم ينصرف، هذه هي الزيارة المشروعة . وأما ما يفعله بعض الناس من التمسح بجدران الحجرة، أو التبرك بها، أو ما أشبه ذلك، فكله من البدع، وأشد من ذلك وأنكر وأعظم أن يدعو النبي لتفريج الكربات وحصول المرغوبات، فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا يملك لغيره كذلك نفعاً ولا ضراً، ولا يعلم الغيب، وهو - - قد مات كما يموت غيره من بني آدم، فهو بشر يحيا كما يحيون ويموت كما يموتون، وليس له من تدبير الكون شيء أبداً . قال الله تعالى، أي للرسول : (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا) وقال الله تعالى له : (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) وقال الله له : (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) . فالرسول بشر محتاج إلى الله عز وجل، وليس به غنى عنه طرفة عين، ولا يملك أن يجلب نفعاً لأحد أو يدفع ضرراً عن أحد، بل هو عبد مربوب مكلف كما يكلف بنو آدم، وإنما يمتاز بما من الله به عليه من الرسالة التي لم تكن لأحد قبله ولن تكون لأحد بعده، وهي الرسالة العظمى التي بعث بها إلى سائر الناس إلى يوم القيامة . ما حكم زيارة بعض مقابر المدينة المنورة كالبقيع وشهداء أحد ؟ * ـ ما حكم زيارة بعض مقابر المدينة المنورة كالبقيع وشهداء أحد ؟ * ـ الجواب : * ـ زيارة القبور سنة في كل مكان، ولا سيما زيارة البقيع التي دفن فيه كثير من الصحابة ، ومنهم أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، وقبره هناك معروف، وكذلك يسن أن يخرج إلى أحد ليزور قبور الشهداء هنالك، ومنهم حمزة بن عبدالمطلب، عم رسول الله ، وكذلك ينبغي أن يزور مسجد قباء، يخرج متطهراً فيصلي فيه ركعتين فإن في ذلك فضلاً عظيماً، وليس هناك شيء يزار في المدينة المنورة سوى هذه، زيارة المسجد النبوي، زيارة قبر النبي ، زيارة البقيع، زيارة شهداء أحد، زيارة مسجد قباء، وما عدا ذلك من المزارات فإنه لا أصل له . يجد في قلبه ميلاً إلى طلب الشفاعة من المقبورين .. فماذا يفعل ؟ * ـ سألنا عن حكم زيارة بعض المقابر في المدينة المنورة التي تزار وذكرتم أن المزارات في المدينة خمسة وقلتم إنه لا يجوز للإنسان أن يدعو أصحاب هذه المقابر أي دعاء، لكن ما الذي يلزم من وجد في قلبه ميلاً إلى طلب الشفاعة من أصحاب هذه القبور أو قضاء الحوائج أو الشفاء أو ما إلى ذلك ؟ * ـ الجواب : * ـ الذي يجد في قلبه ميلاً إلى طلب الشفاعة من أصحاب القبور، فإن كان أصحاب القبور من أهل الخير وكان الإنسان يؤمل أن يجعلهم الله شفعاء له يوم القيامة بدون أن يسألهم ذلك، ولكنه يرجو أن يكونوا شفعاء له، فهذا لا بأس به، فإننا كلنا نرجو أن يكون رسول الله شفيعاً لنا، ولكننا لا نقول له : يا رسول الله اشفع لنا، بل نسأل الله تعالى أن يجعله شفيعاً لنا، وكذلك أهل الخير الذين يرجى منهم الصلاح، فإنهم يكونون شفعاء يوم القيامة، فإن الشفاعة يوم القيامة تنقسم إلى قسمين : ـ قسم خاص برسول الله ، لا يشركه فيه أحد، وهي الشفاعة العظمى التي يشفع فيها للخلق إلى ربهم ليقضي بينهم، فإن الناس يوم القيامة ينالهم من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيقولون : ألا تذهبون إلى من يشفع لنا عند الله عز وجل، يعني يريحهم من هذا الموقف، فيأتون إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى عليهم الصلاة والسلام، وكلهم لا يشفع، حتى يأتوا إلى رسول الله ، وتنتهي الشفاعة إليه، فيشفع عند الله عز وجل أن يقضي سبحانه وتعالى بين عباده، فيجيء الله عز وجل فيقضي بين عباده . ـ والشفاعة الثانية : شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة .. أما الشفاعة العامة التي تكون للرسول ولغيره من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فهذه تكون فيمن دخل النار أن يخرج منها، فإن عصاة المؤمنين إذا دخلوا النار بقدر ذنوبهم، فإن الله تعالى يأذن لمن شاء من عباده من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين أن يشفعوا في هؤلاء، بأن يخرجوا من النار . المهم أن الإنسان إذا رجا الله عز وجل أن يشفع فيه نبيه محمد ، أو يشفع فيه أحد من الصالحين بدون أن يسألهم ذلك، فهذا لا بأس به، وأما أن يسألهم فيقول : يا رسول الله اشفع لي - أو - يا فلان اشفع لي .. أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز، بل هو من دعاء غير الله عز وجل، ودعاء غير الله شرك . حكم زيارة الحجاج المساجد السبعة وغيرها من المزارات * ـ ذكرتم أن المواضع التي تزار فى المدينة المنورة خمسة، لكن لم ترد إشارة مثلاً للمساجد السبعة أو مسجد الغمامة، أو بعض هذه المزارات التي يزورها بعض الحجاج .. فما حكم زيارتها ؟ * ـ الجواب : * ـ نحن ذكرنا أنه لا يزار سوى هذه الخمسة التي هي : مسجد النبي ، وقبره، وقبر صاحبيه، وهذه القبور الثلاثة في مكان واحد، والبقيع وفيه قبر عثمان ، وشهداء أحد وفيهم حمزة بن عبدالمطلب ، ومسجد قباء، وما عدا ذلك فإنه لا يزار، وما أشرت إليه من المساجد السبعة، أو غيرها مما لم تذكر، فكل هذا لا أصل لزيارته، وزيارته بقصد التعبد لله تعالى بدعة، لأن ذلك لم يرد عن النبي ، ولا يجوز لأحد أن يثبت لزمان أو مكان أو عمل، أن فعله أو قصده قربه إلا بدليل من الشرع . يتبع