ومن الثاني: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِىِّ -r - مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ ». قَالَ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ ». وَقَالَ فِى الثَّالِثَةِ « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ».
7- الرفقُ والرحمة بالطلاب، والتيسير عليهم: عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -r -. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r - « مَثَلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا قَالَ فَذَلِكُمْ مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ فَتَغْلِبُونِى تَقَحَّمُونَ فِيهَا » .
8- استعمالُ العبارات الرقيقة التي تستميلُ القلوب وتؤلفها، وترغبها في التعلم والتنفيذ والتطبيق: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r - أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ « يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّكَ ». فَقَالَ « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ».
9- التوقف عن الفتوى فيما لا يعلم جوابه – r – من المسائل:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - r - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الإِيمَانُ قَالَ « الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ » . قَالَ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ « الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ ، وَتُؤَدِّىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ » . قَالَ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » . قَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا ، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ الْبُهْمُ فِى الْبُنْيَانِ ، فِى خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ » .
10- طرحُ بعض المسائل على السامعين بغية استثارة قرائحهم، وشحذ أذهانهم.أو بيان معنى جديد غير معروف لديهم .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r - : « إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا ، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ ، فَحَدِّثُونِى مَا هِىَ » . فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَوَادِى . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « هِىَ النَّخْلَةُ » .
11- تخصيصُ بعض الناس بمسائل من العلم دون الآخرين، لما يرى فيهم من النبوغ، والتقدم، والفهم مع منعهم من أن يحدثوا العامة بذلك خشية ألا يفهموا فيفتتنوا.
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - r - وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ « يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ » . قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ . قَالَ « يَا مُعَاذُ » . قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ . ثَلاَثًا .
قَالَ « مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ » . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا قَالَ « إِذًا يَتَّكِلُوا » . وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا .
عواملُ انتشار السنَّة وذيوعها
* العامل الأول: نشاطه r ، وحده في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام .
* العامل الثاني: طبيعةُ الإسلام، ونظامه الجديد .
* العامل الثالث: نشاطُ الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم – رجالا ونساء في طلب العلم، وحفظه، وتبليغه.
* العامل الرابع: نشاطُ أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن في حفظ السنَّة وتبليغها .
* العامل الخامس: ولاته وبعوثه إلى القبائل المسلمة لتبليغها الدعوة، وتعليمها إياها .
* العامل السادس: رسلُه وكتبُه إلى الملوك، والأمراء، ورؤساء القبائل المجاورين يدعوهم إلى الإسلام .
* العامل السابع : الوفود بعد فتح مكة، وحجة الوداع .
نشأة علم المصطلح وتطوره
لقد بدأت البواكير الأولى لهذا العلم منذ مرحلة مبكرة جدا منذ عصر النبي r ، وبأمر من القرآن الكريم الذي طلب منا التثبت من نقل الرواة، وعدم إقامة الأحكام قبل التأكد من صدقها، فقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .
ولما قامت الفتنة بعد مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه اشتدوا أكثر في أمر الرواية، حتى لا تؤدي الفتنة إلى إفشاء الكذب على رسول الله r ، وتكلم من الصحابة كثيرٌ في أمر الرواية والجرح والتعديل، فتكلم أنس بن مالك، وابن عباس، وعبادة بن الصامت، والسيدة عائشة، وغيرهم،
أجمعين. علم المصطلح في القرنين الثاني والثالث
كتب في بعض موضوعاته في ثنايا مؤلفاته الإمام الشافعي المتوفي سنة 204 هـ ، رضي الله تعالى عنه، حيث تكلم في كتابيه الرسالة والأم عن بيان السنة والقرآن الكريم، وعن الاحتجاج بالسنة وعن حجية خبر الواحد، وشرط الحفظ في الراوي، وقبول رواية المدلس إذا صرح بالسماع وغير ذلك وتكلم البخاري سنة 256 هـ في صحيحه وتواريخه عن بعض مباحث هذا العلم، كما تعرض الإمام مسلم رحمه الله تعالى المتوفي سنة 261 هـ في مقدمة صحيحه لبعض مباحث هذا الفن .
علم المصطلح بعد القرن الثالث
ويستعرض الحافظ ابن حجر العسقلاني تلك المرحلة فيقول :
"فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث، قد كثرت للأئمة في القديم والحديث.
فمِن أوّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك:
1- القاضي أبو محمد الرامَهُرْمُزِي في كتابه: "المحدِّثُ الفاصل"، لكنه لم يَستوعب.
2- والحاكم أبو عبد الله النيسابوريّ، لكنه لم يُهَذِّب، ولم يُرَتّب.
3- وتلاه أبو نعيم الأصْبهاني فعَمِل على كتابه مستخْرَجاً وأبقى أشياءَ للمُتَعَقِّب.
4- ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغداديُّ فصَنَّفَ في قوانين الرواية كتاباً سَمَّاهُ: "الكفاية"، وفي آدابها كتاباً سَمَّاهُ: "الجامع لآداب الشيخ والسامع"، وقَلَّ فَنٌّ مِن فنون الحديث إلا وقد صَنَّفَ فيه كتاباً مفْرَداً؛ فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كلُّ مَن أَنْصف عَلِم أنّ المحدِّثين بعد الخطيب عيالٌ على كُتُبِهِ " .
تعريفات تمهيدية:
1-علم المصطلح:
علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.
2- موضوعه:
السند والمتن من حيث القبول والرد.
3- ثمرته :
تمييز الصحيح من السقيم من الأحاديث.
4- الحديث:
لغة: الجديد. ويجمع على أحاديث على خلاف القياس .
اصطلاحاً : ما أضيف إلى النبي r من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
5- الخَبَر:
لغة: النبأ . وجمعه أخبار .
اصطلاحاً: فيه ثلاثة أقوال وهي:
1)هو مرادف للحديث: أي إن معناهما واحد اصطلاحاً.
2) مغاير له: فالحديث ما جاء عن النبي r . والخبر ما جاء عن غيره .
3) أعم منه:أي أن الحديث ما جاء عن النبي r والخبر ما جاء عنه أو عن غيره.
6- الأثَر:
أ) لغة: بقية الشيء.
ب) اصطلاحاً: فيه قولان هما:
1) هو مٌرادف للحديث: أي أن معناهما واحد اصطلاحاً .
يتبع