حكم الحديث الضعيف:
منهجنا نحن أهل السنة والجماعة قائم على الأخذ بالصحيح والحسن وترك ما سواهما مطلقاً في الأخبار والأحكام والعقائد،و تفصيل ذلك كالتالي:
ليس المقصود هنا بالحديث الضعيف الحديث الضعيف جدا ولا الموضوع فأنواع الحديث الضعيف كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ولكن المقصود بشكل عام الحديث الأقل ضعفاً .
ففي بدايات ظهور علم مصطلح الحديث كان يقسم الحديث إلى قسمين: الضعيف والصحيح ,ثم تطور علم المصطلح حتى صار يقسم من حيث الصحة إلى صحيح وحسن وضعيف ولكل منهم أنواع عديدة كما أسلفنا .
وموضوعنا : هل يجوز العمل بالحديث الضعيف؟
لعلماء الحديث رحمهم الله ثلاثة آراء :
1- أنه لا يجوز العمل به مطلقاً: وهو رأي الإمام البخاري والإمام إبن الحزم رحمهما الله.
2- أنه يجوز العمل به في باب فضائل الأعمال : وهو رأي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
3- أنه يجوز العمل به ضمن ثلاث شروط وهو رأي الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله
i. ألا يكون شديد الضعف.
ii. أن يندرج تحت أصل من أصول الدين.
iii.أن يعتقد من يعمل به أنه يعمل به للإحتياط وليس تيقنا.
ويرى أهل الحديث والأثر المحققين عدم جواز العمل به لا في باب فضائل الأعمال ولا يرها لأسباب أبينها بإذن الل:بالنسبة لرأي الإمام أحمد رحمه الله في جواز العمل به في باب فضائل الأعمال
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه "إعلام الموقعين": الأخذ بالمرسل والحديث والضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو الذي رجحه على القياس وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف بل إلى صحيح وضعيف وللضعيف عنده مراتب فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماعا على خلافه كان العمل به عنده أولى من القياس"
ونلاحظ أن الحديث الذي كان الإمام أحمد يعمل به ماهو بإذن الله إلا الحديث الحسن لأن الأحاديث في عهده كانت صحيح أو ضعيف .
أما بالنسبة للإمام ابن حجر رحمه الله فنلاحظ أن العمل على وجه الريب لا يلزم إلا لضرورة مثل عدم كفاية الأحاديث الصحيحة والحسنة في باب فضائل الأعمال وسواها ونحن نعلم أن الذي تكفل بحفظ الذكر من القرآن والسنة وهو رب العزة جل جلاله لن يترك الأمة تنهل من نبع ضحل أو مكدر .
قال الأمام الشوكاني: ومنهل ديننا عذب فرات.... و ورد لا يكدره الورود
قال تعالى:" أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار" ( التوبة : 109 (.
المردود بسبب سقط من الإسناد:
المراد بالسَّقْط من الإسناد :
المراد بالسَّقْط من الإسناد انقطاع سلسلة الإسناد بسقوط راو أو أكثر عمداً من بعض الرواة أو عن غير عمد ، من أول السند أو من آخره أو من أثنائه ، سقوطاً ظاهراً أو خفياً .
أنواع السقط :
يتنوعُ السقط من الإسناد بحسب ظهور ، وخفائه إلى نوعين هما :
ا) سَقْط ظاهر وهذا النوع من السقط يشترك في معرفته الأئمة وغيرهم من المشتغلين بعلوم الحديث ، ويعرف هذا السقط من عدم التلاقي بين الراوي وشيخه ، إما لأنه لم يُدرك عَصْره ، أو أدرك عصره لكنه لم يجتمع به ، لذلك يحتاج الباحث في الأسانيد إلى معرفة تاريخ الرواة لأنه يتضمن بيان مواليدهم و وفياتهم وأوقات طلبهم وارتحالهم وغير ذلك .
وقد اصطلح علماء الحديث على تسمية السقط الظاهر بأربعة أسماء بحسب مكان السقط أو عدد الرواة الذين أُسقطوا . وهذه الأسماء هي:المُعَلَّق _ المُرْسَل _المُعْضَل _ المُنْقَطِع.
ب) سَقْط خَفِي: وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحَذّاق المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد. وله تسميتان وهما : المُدَلَّس _ المُرْسَل الخفي.
المُعَلَّقُ:
1-تعريفُه:
لغةً : هو اسم مفعول من " علَّق " الشيء بالشيء أي ناطه وربطه به وجعله معلقاً . وسمي هذا السند معلقاً بسبب اتصاله بالجهة العليا فقط ، وانقطاعه من الجهة الدنيا ، فصار كالشيء المعلق بالسقف ونحوه .
اصطلاحاً : ما حُذف من مبدأ إسناده راو فأكثر على التوالي .
2- منْ صورِه :
أ) أن يحذف جميع السند ثم يقال مثلا " قال رسول الله r : كذا "
ب) ومنها أن يحذف كل الإسناد إلا الصحابي، أو إلا الصحابي والتابعي .
4- حكمُه :
الحديثُ المعلَّقُ مردودٌ ، لأنه فقد شرطاً من شروط القبول وهو اتصال السند ،وذلك بحذف راو أو أكثر من إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف .
5- حكْمُ المعلقاتِ في الصحيحين :
هذا الحكم ـ وهو أن المعلَّق مردود ـ هو للحديث المعلَّق مطلقاً، لكن إن وجد المعلقُ في كتاب التُزِمَتْ صحته ـ كالصحيحين فهذا له حكم خاص ، وهو أنَّ :
ما ذُكر بصيغة الجَزْم: كـ " قالَ " و " ذَكَرَ " و " حكَى " فهو حُكْمٌ بصحته عن المضاف إليه .
وما ذُكِرَ بصيغةِ التمريض : كـ " قِيلَ " و" ذُكِرَ " و" حُكِيَ " فليس فيه حُكْمٌ بصحته عن المضاف إليه ، بل فيه الصحيح والحسن والضعيف ، لكن ليس فيه حديثٌ واهٍ ،لوجوده في الكتاب المسمَّى بالصحيح ، وطريق معرفة الصحيح من غيره هو البحثُ عن إسنادِ هذا الحديث والحكم عليه بما يليق به .
المُرْسَلُ:
1-تعريفُه:
أ) لغة: هو اسم مفعولٍ من " أرسلَ " بمعنى " أطلق " فكأن المُرسِل أَطْلَقَ الإسناد ولم يقيده براوٍ معروف.
ب) اصطلاحاً : هو ما سقطَ من آخر إسناده مَنْ بَعْدَ التابعي .
2- صورتُه :
وصورتُه أن يقول التابعيُّ ـ سواء كان صغيراً أو كبيراً ـ قال رسول الله r كذا، أو فعل كذا أو فُعِلَ بحضرته كذا وهذه صورة المرسل عند المحدِّثين.
يتبع