عرض مشاركة واحدة
قديم 16-10-11, 03:40 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
دآنـة وصآل
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Mar 2011
العضوية: 2325
المشاركات: 8,979 [+]
الجنس: انثى
المذهب: سنية ولله الحمد
بمعدل : 1.76 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 41
نقاط التقييم: 1070
دآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليلدآنـة وصآل يملك الكثير من الإبداعات لكنه يكتفي بالقليل

الإتصالات
الحالة:
دآنـة وصآل غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دآنـة وصآل المنتدى : بيت الكتاب والسنة
افتراضي

فصل
العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟


في هذا الفصل بيَّن الباحث معنى هذه القاعِدة عند الأصوليِّين، وإقرار أنَّ الاختلاف الواقع بينهما لا يؤدِّي إلى عدمية الوصولِ إلى حلٍّ لهذه الإشكالية، بل الخلافُ هو خلاف دلالي لا يتأتَّى منه حرمان النصِّ من دلالته العمومية الشموليَّة لكلِّ زمان ومكان، طالَما الظروف والعِلل المماثلة للحُكم الذي ورَد ونزَل النصُّ بمناسبته (بسببه)[37] مماثلة.

تعريفات أولية:
العام:لفظ يستغرِق جميعَ ما يصلح له بوضع واحِد، كقولنا: "الرِّجال" فإنَّه مستغرق لجميع ما يصلُح له، ولا يدخُل عليه النَّكرات كقولهم: "رجل"؛ لأنَّه يصلح لكلِّ واحد من رِجال الدنيا ولا يستغرقهم[38].

الخاص لغةً: مأخوذ مِن الاختصاص، والاختصاص هو التفرُّد وقطْع الشركة، وكل اسم لمسمًّى معلوم على الانفراد يُقال له: خاص.

ومنه كما في "أساس البلاغة": "خصَّه بالشيء إذا أفْرَده به دون غيرِه، ويقال: اختصَّ فلان بالأمْر وتخصَّص له: إذا انفرَد، وخصَّني فلان بكذا؛ أي: أفْرَدني به، وقد اختصصتُه لنفسي، وعليك بخويصة نفسك، وهو يختصُّ فلانًا ويستخلصه... ومِن المجاز: أصابته خَصاصة: خُلَّة، واختص الرجل: اختلَّ؛ أي: افتقر... "[39].

أمَّا في الاصطلاح، فالخاص: هو كلُّ لفْظ وُضِع لمعنًى واحد على الانفراد وقطع المشاركة، وكل اسم وُضِع لمسمًّى معلوم على الانفراد.

الفرق بين العموم والعام[40]:
وهنا أمور: أحدها: في التفرِقة بين العموم والعام، فالعام هو اللفْظ المتناول، والعموم تناول اللفظ لما صلح له، فالعموم: مصدر، والعام: اسم فاعل مشتقٌّ من هذا المصدر، وهما متغايران؛ لأنَّ المصدر غيرُ الفعل، والفِعل غير الفاعل، وكذلك فرق بيْن الخاص والخصوص؛ حيث قال: "وفرق العسكري بين الخاص والخصوص، فقال: الخاص يكون فيما يُراد به بعضُ ما يَنطوي عليه لفظه بالوضْع، والخصوص ما اختصَّ بالوضع لا بإرادة".

هل سبب النزول يخصص عموم اللفظ أو أنَّ العبرة بعموم اللفْظ؟
"في هذه المسألة وقع خلاف بين علماء القرآن والأصول، وقبل سوْق الخِلاف لا بُدَّ من تحرير محل النزاع، وقد أحسن في بيان تحرير النزاع في هذه القضية العلاَّمة الآمدي، وذلك في قوله:
"إذا ورَد خطاب جوابًا لسؤال سائل داعٍ إلى الجواب، فالجواب إما أن يكونَ غير مستقل بنفسه دون السؤال، أو هو مستقل، فإنْ كان الأوَّل كأن يقول الشارع: نعم أو لا، في جواب السائل، فهو تابعٌ للسؤال في عمومه وخصوصه.

أما في عمومه، فمِن غير خلاف، وذلك كما رُوي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه سُئِل عن بيع الرُّطب بالتمر، فقال: ((أينقُص الرطب إذا يبِس؟))، قالوا: نعم، قال: ((فلا إذًا))[41]؛ أي: فإنَّ هذا الجواب يعمُّ كلَّ بيع للرطب بالتمر في جميع الأعْصار والأمصار على مِثل ما يقتضيه عمومُ لفظ السؤال.

وأمَّا في خصوصه، فكما سأله سائلٌ وقال: توضأتُ بماء البحر، فقال له: ((تجزئك))، فهذا وأمثاله - وإن ترك فيه الاستفصال مع تعارض الأحوال - لا يدلُّ على التعميم في حقِّ الغير كما قاله الشافعي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - إذ اللفظ لا عمومَ له، ولعل الحُكم على ذلك الشخص كان لمعنًى يختصُّ به؛ كتخصيص أبي بُرْدة في الأضحية بجذعة مِن المعز، وقوله له: ((تجزئك ولا تجزئ أحدًا بعدك))، وتخصيصه خُزَيمة بقَبول شهادته وحْدَه.

وبتقدير تعميم المعنى الجالِب للحُكم، فالحُكم في حقِّ غيره إن ثبَت فبالعلة المتعدية لا بالنص.

وأمَّا إذا كان الجواب مستقلاًّ بنفسه دون السؤال، فإمَّا أن يكون مساويًا للسؤال أو أعم منه أو أخص، فإنْ كان مساويًا له، فالحُكم في عمومه وخصوصه عندَ كون السؤال عامًّا أو خاصًّا، فكما لو لم يكن مستقلاًّ، ومثاله عندَ كون السؤال خاصًّا: سؤال الأعرابي عن وطْئه في نهار رمضان، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أعتق رقبة))، ومِثاله عند كون السؤال عامًّا: ما رُوي عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه سُئل فقيل له: إنَّا نركب البحر على أرماث وليس معنا مِن الماء العذْب ما يكفينا، أفنتوضأ بماءِ البحر؟ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((البحر هو الطهورُ ماؤه))؛ أخرجه أبو داود... إلخ"[42]، وهو كلام مهم.

وكذلك قال السبكيُّ في فتاواه: "والصحيح من مذهبِه - أي: الشافعي - أنَّ العِبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، ويبين سبب توهُّم البعض أنه يقول بالخصوصِ في السبب.

يقول البعض: وحيث ثبت أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخُصوص السبب - كما هو رأي الجمهور - فإنَّ القائلين بخصوص السبب - على فرْض صحَّة النسبة إلى الأئمَّة في هذا - لا يقولون بامتناع ثبوت الحُكم في غيره فيما هو مساوٍ له في المعنى، بل يقولون بتعديته إليه بطريقِ القياس، فالخلافُ لفظي، حيث إنَّ الدلالة عندَ أرباب الخصوص فيما يماثِل الواقعة التي ورَد فيها حُكم النص العام ليستْ مِن دلالة اللفظ العام، بل الدلالة مقصورة على الواقعة التي نزَل بسببها النص، وإنما تكون الدلالة فيما يماثِل واقعة السبب بطريق القياس على تلك الواقعة، على حين يقول الجمهور: إنَّ الدلالة على ما يماثل الواقعة - صورة السبب - هي مِن قبيل دَلالة الوقائع الأُخرى مندرجة تحتَ عموم النصّ.

وبناء على ذلك، فإنَّه يتَّضح عند التحقيق أنه لا خِلاف بين الفريقين أصحاب العموم وأصحاب الخصوص في تطبيق الحُكم الوارد في النصِّ العام على سبب خاص على غير صورة السبب، سواء أكان هذا التطبيق بدَلالة اللفظ - كما هو رأي الجمهور - أم كان بدَلالة القياس على صورة السبب.

وممَّن صرَّح بذلك التوجيه ابنُ تيمية، موضحًا أنَّ أصحاب هذا المذهب - أي: القائلين بخصوص السبب - وإن كانوا يقصرون العامَّ على سببه، إلاَّ أنَّهم لا يقصرون حُكم العام على هذا السبب، بل يُثبتونه قياسًا في كل ما هو مِن نوعه، وذلك حيث قال: "والناس وإنْ تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب: هل يخصُّ سببه؟ فلم يقلْ أحد من علماء المسلمين إنَّ عمومات الكتاب والسُّنة تختصُّ بالشخص المعيَّن، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخْص، فتعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سببٌ معيَّن وإن كانت أمرًا أو نهيًا، فهي متناولة لذلك الشخْص ولغيره ممَّن كان بمنزلته، وإنْ كانت خيرًا بمدح أو ذم، فهي متناولة لذلك الشخص ولمَن كان بمنزلته"[43].

ويقول السيوطي في "الإتقان"[44]:
"اختلف أهلُ الأصول: هل العِبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب؟ والأصحُّ عندنا: الأول، وقد نزلتْ آيات في أسباب، واتَّفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها، كنزولِ آية الظِّهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أُمَّية، وحدّ القذف في رُماة عائشة، ثم تعدَّى إلى غيرهم.

ومَن لم يعتبرْ عموم اللفظ قال: خرجتْ هذه الآيات ونحوها لدليل آخَر، كما قصرت آيات على أسبابها اتِّفاقًا لدليل قام على ذلك.

قال الزمخشريُّ في سورة الهمزة: يجوز أن يكونَ السبب خاصًّا والوعيد عامًّا؛ ليتناول كل مَن باشر ذلك القبيح، وليكون ذلك جاريًا مجرَى التعريض.

قلت[45]: ومِن الأدلَّة على اعتبار عموم اللفظ: احتجاج الصحابة وغيرهم...

ويقول القرافي في "أنوار البروق في أنواع الفروق"[46] (مذهبه مالكي): "جرَتْ عادة الفقهاء والأصوليِّين بحمل العموم على عمومه دون سببه، وهو المشهور في المسألة، فيستدلُّون أبدًا بظاهِر العموم، وإنْ كان في غير مورد السبب".

تعليق:
وقول الآمدي - رحمه الله تعالى - في هذا القسم: "إنَّ المنقول عن الشافعي هو خلافُ العموم"، وكذا وقَع مثل هذا النقل في مختصر ابن الحاجب وشرْح العضد له، ولفظه هناك: "ونقل عن الشافعي خلافه، وهو أنه لا عِبرةَ بعموم اللفظ، إنما المعتبر خصوصُ السبب"[47].

الذي حقَّقه المحقِّق الإسنوي من مذهب الشافعي - نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة - هو خلافُ هذا؛ أعْني أنَّ الشافعي مِن القائلين بكون العِبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

قال الإسنوي: "ونقل الآمدي وابنُ الحاجب وغيرهما من الأصوليِّين عن الشافعي أنَّه يقول بأنَّ العِبرة بخصوص السبب، معتمدين على قول إمام الحرَمين في "البرهان": إنَّه الذي صحَّ عندي مِن مذهب الشافعي، ونقَلَه عنه في المحصول، وما قاله الإمام مردود؛ فإنَّ الشافعي - رحمه الله قد نصَّ على أنَّ السبب لا أثر له، فقال في "الأم" في باب ما يقَع به الطلاق... ما نصه: ولا يصنعُ السبب إنما يصنعُه الألفاظ؛ لأنَّ السبب قد يكون ويحدُث الكلام على غير السبب، ولا يكون مبتدأ الكلام الذي هو حُكم، فإذا لم يصنع السبب بنفسه شيئًا، لم يصنعه لما بعده".

العِبْرة بعموم اللفْظ عندَ الحنفية: يقول الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (مذهبه حنفي): "العِبرة بعموم اللفظ عندنا لا بخصوصِ السبب؛ إذ الحُكم يتبع اللفظ لا السبب...".

وكذلك كشَّاف القناع عن متن الإقناع، باب ستْر العورة (حنبلي).

وكذلك في شرْح الكوكب المنير، فصل تعريف الصحابي.

ويقول ابن تيمية: "فإنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عندَ عامة العلماء".

ويقول السبكيُّ في فتاواه:
"والصحيح من مذهبه - أي الشافعي - ومذهَب غيرِه أنَّ العِبرة بعموم اللفظ لا بخصوصِ السبب...".

وكذلك في "طرْح التثريب"، لعبدالرحيم بن الحسين العراقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية.
وكذلك قال زكريا الأنصاري في كتابه "أسنى المطالب شرح روض الطالب"، وهو شافعي المذهب (باب صفة الوضوء).
وكذلك قال الهيثميُّ في الفتاوى الفقهيَّة الكبرى، ابن حجر الهيثمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر".
مذهب مالكي: "حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب"، الريان.

الرد على العشماوي:
يقول ابنُ دقيق العيد: "قوله: ((ليس مِن البِرِّ الصيامُ في السَّفَر))، الظاهرية المانعون من الصَّوْم في السفر يقولون: إنَّ اللفظ عام، والعِبْرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".

ويجب أن تتنبَّه للفرْق بين دَلالة السِّياق والقرائن الدالَّة على تخصيص العام وعلى مرادِ المتكلِّم، وبين مجرَّد ورود العام على سبب، ولا تجرِهما مجرًى واحدًا، فإنَّ مجرد ورود العام على السبب لا يَقتضي التخصيصَ به؛ كقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38] بسبب سرقة رِداء صفوان، وأنَّه لا يقتضي التخصيصَ به بالضرورة والإجماع.

أمَّا السِّياق والقرائن، فإنَّها الدالة على مرادِ المتكلِّم من كلامه، وهي المرشِدة إلى بيان المجملات، وتعيين المحتملات، فاضبط هذه القاعِدة؛ فإنَّها مفيدة في مواضعَ لا تُحصَى.

وانظر في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس مِن البِرِّ الصيامُ في السَّفَر))، مع حكايةِ هذه الحالة مِن أيِّ القبيلتين هو؟ فنزله عليه.

(الباحث): وهذا ردٌّ على مَن قال: أن يلزم مِن هذه القاعدة (العِبرة بعموم اللفظ) أن نُعمِّم هذه الآيات:
1- ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التحريم: 1].
2- ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾ [الأحزاب: 37].

فالقرائنُ في الآية الأولى: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يحرِّم العسل تحريمًا عامًّا، بل حرَّمه على نفْسه فقط، وهذا مغايرٌ لتحليل الحرام عندَ الكفَّار والعلمانيِّين، وليس داخلاً في آية الحكم.

فعتاب الله لنبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن أجل أنَّه قُدوة للأمَّة، لو ترَك الرجلُ الأشياء مِن أجل زوجاته يخشَى أن يميل إليهنَّ في كلِّ أمر، وهو ذمٌّ للرجولة.

ولذلك قال: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ولو كان التحريم هذا محرَّمًا في ذاته، لتوعَّد الله فاعلَه بالعذاب، لا بالرحمة.

وهكذا ينبغي إنزالُ الآيات على قرائنها وسياقها لتفهم، فإنْ كان ثَمَّة تخصيص خُصِّصت، وإلاَّ فهي عامَّة لجميع الأمَّة.

ومِثل هذا يُقال في الآيات التي اتَّخذت ذريعة لوضْع الشُّبهات، وهي طريقة المستشرقين، يقول أحدُ الباحثين:
"ليس مِن المغالاة أنَّ نِصفَ الاستشراق في حقْل الدِّراسات الإسلاميَّة بأنَّه علمُ صناعة الشبهات، ففي حديثنا عن الاستشراق وفنِّ التحريف ذكرْنا أنَّ الاستشراق لا يبحث عن الحقيقة، ولكن يبحث عن المحرَّف وغير الحقيقي، ويَسعَى إلى تشويه الحقيقة.

ولذلك ارْتبط فنُّ التحريف عندَ المستشرقين بصناعة الشُّبهات المزيّفة للحقيقة، والمضلّلة لها، والمضيعة لشخصيتها، فالغرَض مِن خلق الشُّبهة هو أن تحتلَّ الشبهة مكانَ الحقيقة، وتأخُذ طبيعتها، وتقوم بوظيفتها، وتُعرَف الشبهة في اللغة بالالتِباس، والإبهام، والاشتباه، وكل ما يُثير الشك والارتياب والإشكال، وفي الشَّرْع: الشُّبهة: ما التَبَس أمرُه فلا يُدرى أحلالٌ هو أم حرام، وحقٌّ أم باطل، كما ورَد في الحديث النبوي: ((إنَّ الحلال بيِّن وإنَّ الحرام بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمَن اتَّقى الشبهات استبرأ لدِينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشُّبهات وقَع في الحرام)).

والمدقِّق في الأعمال الاستشراقيَّة في مجال الإسلام، يراها دائمًا لا تقصد إلى الحقيقة مباشرةً، بل تقدم الموضوع المدروس في شكل يُثير الشكَّ والرِّيبة، ويحيط الموضوع بالغموض والإبهام وعدم الوضوح، وفيما يتعلَّق بالمتشابه الذي يحتمل أكثرَ مِن معنًى يميل الاستشراق إلى الأخْذ بالمعنى الذي يُثير اللبس والشك، ويبتعد دائمًا عن الواضِح".

والباحِث في أسباب نُزوع الاستشراق إلى الشُّبهات، يكتشِف عدَّةَ أسباب لهذه النَّزْعة، ومِن أهمِّ هذه الأسباب العَداء العقدي مِن جانب المستشرقين اليهود والنَّصارى للإسلام، الأمْر الذي يدفعُهم دفعًا إلى لبْس الحقِّ بالباطل، واختلاق الشُّبهات، والأخْذ بالمتشابه، والميل إلى الإبهام والغموض والشكِّ، والميل أيضًا إلى كِتمان الحقِّ والحقيقة، وقد ورث الاستشراق هذه النزعةَ مِن التاريخ الطويل في ممارسةِ هذا الأمْر داخل التراث الدِّيني اليهودي النصراني، وقد وصف القرآنُ الكريم أهلَ الكتاب بهذه الصِّفة في قوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 71].

"وفيما يَتعلَّق بالمستشرقين، فإنَّ النزوع إلى الشبهات لا يُعبِّر فقط عن الْتِماس الشبهات التقليدية التي أُثيرت حولَ الإسلام قديمًا، فقد تجاوز الاستشراقُ الشبهات التقليدية إلى بناء شُبهاته الخاصَّة به، ومضيفًا إلى ذلك منهجيتَه الخاصَّة في خلْق الشبهات وبنائها، ومِن عناصر تلك المنهجية بناء النتائج على المقدِّمات أو الأدلَّة الخاطئة، مثلما فعَل أجناسُ جولد تسيهر حين عرَّف الحديث بأنه لفظةٌ تعني الحكاية أو الخبر؛ وذلك ليوهم بأنَّ الحديث حكايات، ويُساوي بين الحديث والأساطير والخُرافات، واستنادًا إلى هذا التعريف الخاطئ، والذي يُخالف تعريفَ الحديث عند المسلمين، بنَى جولد تسيهر كلَّ شُبهاته حولَ الحديث، ومن ذلك أيضًا خطأ المستشرق في الاستدلال بنصٍّ على أنَّه حديث، وهو ليس بحديث، ثم يَبني على هذا نقدًا،ويصِل إلى نتائجَ مبنية على دليلٍ خاطئ".










توقيع : دآنـة وصآل



instagram @dantwesal
قال تعالى: ( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) .

لاتأسوا على أطفال اصبحوا جوعا خائفين ثم أمسوا بإذن الله في الجنة ؛ المسكين من أصبح شبعانا في قصره وأمسى خائنا لدينه وأمته
د.عبدالمحسن الأحمد

عرض البوم صور دآنـة وصآل   رد مع اقتباس