تكملة الموضوع
ان يرتقي اربعين درجة ( مقام ) فبل ان يصل - الى الله تعالى - ليكون واصلا الى كنه الفلسفة العلوية ( الشريعة العلوية ) التي يوجزونها بعبارة : الشريعة بالولادة ، الطريقة بالاقرار ، وبمعرفة حقيقة النفس . لان الحقيقة هي ان تبحث عن الحق وتجده في داخلك .
اما الابواب الاربعة فهي : الشريعة ، الطريقة ،المعرفة ، الحقيقة
وكل باب يتالف من عشردرجات ( مقام ) . .
اولا - باب الشريعة - ودرجاتها ، هي : . .
1) حب الائمة 2) السعي وراء العلم 3) العبادة 4) الابتعاد عن المحرمات 5) ان يكون الفرد نافعا لعائلته
6) ان لا يلحق الاذى بالبيئة . 7) اتباع اوامر النبي 8) ان يكون مشفق وذي رحمة. 9) ان يكون نظيفا
10) الابتعاد عن الاعمال الضارة وغير المجدية .
ثانيا - باب الطريقة : ودرجايها ، هي :
1) التوبة 2) اتباع نصائح المريد "شيخ الطريقة" 3) الهندام النظيف 4) الكفاح و خوض الصراع من اجل الخير
5) تقديم الخدمات للمحتاجين6)الخوف من ضياع الحقوق 6) تجنب اليأس 8) اخذ العبرة. 9) توزيع الخيرات.
10) ان لا يتجبّر او يتعالى او يستكبر على الاخرين .
ثالثا - باب المعرفة :
1)التحلي بالادب. 2) الابتعاد عن الحقد والانانية وسوء النية . 3) عدم الافراط في كل شئ .4) الصبر والقنا.
5) التحلي بالحياء . 6) ابداء الكرم. 7) تعلم العلم. 8) التسامح واحترام الاخرين على اختلاف مشاربهم. 9)معرفة الآخر . 10 – معرفةالذات . . .
رابعا - باب الحقيقة : :
1) التواضع . 2) التغاضي عن عيوب الاخرين. 3) عدم التردد في تقديمالمعونة عند المقدرة.
4) حب كل مخلوقات الله. 5) ان يرى الناس متساوين . 6) التوجه نحو الاتحاد وعدم الفرقة.
7) عدم اخفاء الحقيقة . 8) الاهتمام بمعرفة الفراسة.9) التوجد لمعرفة السر الالهي . 10) الوصول الى الوجود الالهي.
ومن هنا يعتقد العلويون ، بان الاسلام يتكون من ثلاثة مذاهب- وليس مذهبين فقط – هي : السنة والشيعة والعلوية الذين – أي العلويين – يعدون اكثر الفرق الاسلامية التصاقا بجوهر الاسلام وقيمه الفاضلة . فاذا كان المسلمون - بعد النبي - ينقسمون الى 73 فرقة . فان من يتبع طريق اهل البيت والائمة الاثنى عشر ، هم ( الفرقة الناجية ) .واما الاخرون ، فان مصيرهم جهنم . اي ان من لا يتبع طريق اهل البيت
وشعارهم ( تولى و تبرى ) بمعنى " اتبع اهل البيت والائمة الاثنى عشر ومن ثم سر في طريقهم واترك من لا يحبهم " فانهم جميعا من اهل النار . ولكن ذلك لا يعني رفضهم او اقصاءهم او عدم التعامل معهم .
ولذلك فان اولئك الذين لا يفقهون معنى التصوف الاسلامي ، الذي يستهدف تربية النفس البشرية من خلال المعرفة والحب ، قربة للحق ( لله ) وكسبا لرضائه ، الذي هو - أي الرضا - هدف الخلق والوجود ، فانهم يعدّون جميع هذه المذاهب الصوفية كفرا والحادا . في حين " ان التصوف يحاول جاهدا تنمية البشر من خلال المعرفة الحقيقية بالله وطاعته من جهة والتعامل مع البشر بالرحمة والشفقة والاخاء من جهة اخرى وصولا لسرّ فكرة ( الانسان خليفة الله على الارض ) . أوَ ليست تلك الفكرة اساس الاسلام ايضاً ؟ " .
تجيب الدكتورة آيرين مليكوف ، استاذة كرسي التركيات في جامعة ستراسبورغ الفرنسية ،والمتخصصة بالدراسات البكتاشية - العلوية ، على هذا السؤال بنعم ، وتضيف قائلة " ولذلك فان الفكرة العلوية التي وجدت منذ القرن الثالث عشر الميلادي وتطورت بالطريقة البكتاشية منذ القرن الخامس عشر في بلاد الاناضول ، تستمدان اصولهما من المذهب الشيعي الذي اتجه في ايران بعد اخذه بالحداثة نحو التطرف والاصولية ، في حين حافظت العلوية الاناضولية - رغم اخذها ايضا بالحداثة - على نظرتها الانسانية وتسامحها وايمانها بفكرة التصالح الاجتماعي والاخاء الانساني ، لانها فوق المذاهب والاديان . ومن هنا ، يدافع العلويون عن كل المظلومين والمضطهدين - بغضّ النظر عن اديانهم وقومياتهم والوانهم - في جميع انحاء العالم ، بسبب التأثيرات الشامانية والبوذية والمانوية واليهودية والمسيحية ، فكان هذا هو الاختلاف الاول بين البكتاشية والعلوية . اما الاختلاف الثاني فانه ناجم عن تأثر البكتاشية بالتنظيمات السرية من حيث تنظيم المحافل واقامة الشعارات والسلوك الاجتماعي ، بعد القضاء على الانكشارية - التي كانت تربى وفق التعاليم البكتاشية -عام 1826 وغلق الاوجاغات ( المنتديات ) البكتاشية وتشريدهم ، ومصادرة كافة ممتلكات محافلهم وتحويلها الى التكايا النقشبندية . وكانت البكتاشية قد اخذت فكرة الأعداد ، إما على شكل الاقانيم الثلاثة ( التي سمّاها العلويون الله - محمد - عليّ ) او الاعداد المجردة : الخمسة والسبعة ، رغم عدم انتماء شيوخ البكتاشية الى تلك المحافل السرّية ( مليكوف 27 / 5 / 1998 ) . في حين بقيت العلوية بعيدة عن التاثيرات الخارجية الحديثة من جهة وبعيدة عن محاولات تسلّم السلطة - التي تشترك الشيعة الايرانية والسنّة المسيّسة فيها - من جهة اخرى . اما الاختلاف الثالث بينهما ، فيكمن في ممارسة العلويين لفنون الرقص والغناء الصوفيين - التي يشاركهم المولويون فيها - بينما لا يمارسهما البكتاشيون ولا يعترفون بمرتبة المصاحبة العلوية . ولهذا لا يمكن ان يكون العلويون " اصوليين او رجعيين " . وهنا ينبري نقي اوزكان - الذي اجرى اللقاء مع مليكوف والمنشور في صحيفة ملّيّت التركية في 27/5/1998 - لسؤالها : "
- وانطلاقا من هذا المفهوم ، هل يمكننا اعتبار العلوية نوعا من الاسلام الحديث او تجديدا للاسلام ؟ تجيب مليكوف :
- ان ثمة تجديدات عديدة لدى العلويين ، مقارنة بالاسلام الارثودوكسي ، ولكن العلويين باطنيون رغم وجود العناصر الايجابية العديدة لديهم والتي يستطيعون تطويرها الى الافضل . ومن هنا اعتقد ان العلوية وممارساتها تجري في اطار الاسلام ، وبانها كانت رد فعل لاضطهاد الشيعة الاصولية والسنّة المتزمة لهم . اضافة الى ان العلوية توليفة فكرية متكاملة : العادات التركية القديمة والشامانية والاسلام .ولهذا فان هذه التوليفة تضم افكار التصوف والامامية الاثنى عشرية والعلي اللّهية والحروفية ( لاسيما القبّالة التوراتية ) والاخيّة ( الفتوّة العربية ) والتقديس المسيحي لبعض الرهبان ( حيث يقدس العلويون بعض الشيوخ من الآباء والددوات في اطار تقديس خضر الياس ) ومشاركة المرأة العلوية في اداء الشعائر ، وتناولهم للشراب ، وكذلك بعض العقائد اليزيدية اضافة الى ايلائهم الاهمية لطير الكركي Crane واتجاههم نحو الشمس عند الشروق لرؤية وجه الامام عليّ - حيث كان الاتراك القدماء يسجدون للشمس عند الشروق [ ولذلك اطلقوا على الله تسمية Tanri المحرّفة عن Tan Yeri التي تعني مكان شروق الشمس ] لطلب تحقيق الامنيات منه . ورغم ان المولوية - ايضا - متأثرة ببعض الشعائر الارثودوكسية ، غير ان للمولوية جوانبها الثقافية والفنية التي تختلف عن البكتاشية ، كطريقة صوفية فلسفية " .
ومهما يكن من امر ، فان ثمة رأيين - من الناحية الدينية - حول العلويين : يذهب الرأي الاول الى انهم فرقة من المتصوفة الدراويش الذين لا يتقيدون بالشعائر الدينية ولا يلتزمون بفرائض الاسلام التي يفسرونها على هواهم ، في حين يؤمن اصحاب الرأي الثاني بان العلويين هم من الفرق الاسلامية الغالية ، ولذلك فانهم اقرب الى الشيعة الإمامية - كما قال البروفيسور عزالدين دوغان رئيس مؤسسة بيوت الجمع ، في تصريحاته الى صحيفة Star التركية في 25 / 8 / 2002 - من بقية المذاهب الاسلامية ، ولهذا فان اعظم المنتديات الثقافية ذا الصبغة الصوفية هو ( المنتدى الثقافي العلوى - البكتاشى ABKB ) في انقرة العاصمة . في حين اكد رئيس الوزراء بلند اجاويد _ لدى افتتاحه للمؤتمر الدولي الاول للاولياء الواصلين في العالم التركي ( صحيفة حريت التركية الصادرة في 14/ 8 / 1998 ) - " ان العلويين والسنّة في هذة البلاد قد ترعرعوا في احضان الثقافة نفسها ونالوا الفيض الإلهي من روضة الثقافة التركية في اطار التصوف الاسلامي " .
غير ان البوفيسور عزالدين ، يضيف الى ذلك قائلا : " ليست للعلويين اية مشكلة مع الاسلاميين الحقيقيين والصادقين في نظرتهم الى الاسلام المتسامح ، وانما تكمن مشكلتنا مع اولئك المسلمين الذين يتخذون الدين الاسلامي – والعلويين بالذات – وسيلة لتحقيق اهدافهم السياسية . لان العلوية – مثلها مثل الحنفيين والشافعيين والحنبليين - يؤمنون بانهم جزء من الاسلام ، ويعرفون الاسلام بوجهه العلمي والمعرفي والانساني المتكامل ، خلال حياتهم التي تمتد الى اكثر من الف عام . ومن هنا فاننا نعتقد بان على الجميع ان يعترفوا ويحترموا خيارات الآخرين في اطار حقوق الانسان وتقديس حرية الاخرين ، والسماح لهم باقامة المؤسسات التي يمارسون فيها شعائرهم