عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-11, 04:55 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
تألق
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 2735
المشاركات: 6,427 [+]
الجنس: انثى
المذهب: سني
بمعدل : 1.26 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 33
نقاط التقييم: 729
تألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدع

الإتصالات
الحالة:
تألق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تألق المنتدى : بيت موسوعة طالب العلم
افتراضي

حقيقة التوبة وشروطها

قال ابن القيم:" وكثير من الناس إنما يفسر التوبة بالعزم على أن لا يعاود الذنب وبالإقلاع عنه في الحال وبالندم عليه في الماضي وإن كان في حق آدمي : فلا بد من أمر رابع وهو التحلل منه وهذا الذي ذكروه بعض مسمى التوبة بل شرطها وإلا فالتوبة في كلام الله ورسوله كما تتضمن ذلك تتضمن العزم على فعل المأمور والتزامه فلا يكون بمجرد الإقلاع والعزم والندم تائبا حتى يوجد منه العزم الجازم على فعل المأمور والإتيان به هذا حقيقة التوبة وهي اسم لمجموع الأمرين لكنها إذا قرنت بفعل المأمور كانت عبارة عما ذكروه فإذا أفردت تضمنت الأمرين وهي كلفظة التقوى التي تقتضى عند إفرادها فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه وتقتضى عند اقترانها بفعل المأمور الانتهاء عن المحظور فإن حقيقة التوبة الرجوع إلى الله بالتزام فعل ما يحب وترك ما يكره فهي رجوع من مكروه إلى محبوب فالرجوع إلى المحبوب جزء مسماها والرجوع عن المكروه الجزء الآخر ولهذا علق سبحانه الفلاح المطلق على فعل المأمور وترك المحظور بها فقال :{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور/ 31 فكل تائب مفلح ولا يكون مفلحا إلا من فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه وقال تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } الحجرات : 11 وتارك المأمور ظالم كما أن فاعل المحظور ظالم وزوال اسم الظلم عنه إنما يكون بالتوبة الجامعة للأمرين فالناس قسمان : تائب وظالم ليس إلا, فالتائبون هم { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} التوبه : 112
فحفظ حدود الله : جزء التوبة والتوبة هي مجموع هذه الأمور وإنما سمي تائبا؛
لرجوعه إلى أمر الله من نهيه وإلى طاعته من معصيته كما تقدم فإذا التوبة هي حقيقة دين الإسلام والدين كله داخل في مسمى التوبة وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وإنما يحب الله من فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه فإذا التوبة هي الرجوع مما يكرهه الله ظاهرا وباطنا إلى ما يحبه ظاهرا وباطنا ويدخل في مسماها الإسلام والإيمان والإحسان وتتناول جميع المقامات ولهذا كانت غاية كل مؤمن وبداية الأمر وخاتمته كما تقدم وهي الغاية التي وجد لأجلها الخلق والأمر والتوحيد جزء منها بل هو جزؤها الأعظم الذي عليه بناؤها وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها فضلا عن القيام بها علما وعملا وحالا ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه ولولا أن التوبة اسم جامع لشرائع الإسلام وحقائق الإيمان لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم فجميع ما يتكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيل التوبة وآثارها[1]

فإذا كان الأمر كذلك فهل لأحد العذر في ترك التوبة؟ أو تأخيرها وعدم التفكير بها؟
إن الأمر جد وليس بالهزل فمن ترك التوبة فهو مضيع لدينه.
ولكن ما السبب في ترك التوبة ؟
بمعنى آخر لماذا نعصي الله جل جلاله؟

[1] - مدارج السالكين لابن القيم ج 1/ص 331-0333
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لماذا نعصي الله جل جلاله؟

إن أعظم سبب لمعصية الله تعالى هو عدم معرفته سبحانه وما ينبغي له من التعظيم والتوقير والإجلال والخضوع بما لا ينبغي لأحد سواه, كما قال تعالى:{ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } نوح/13
فلما جهل القلب حقيقة المعرفة بالله جهلت الجوارح كذلك, فالمعاصي كلها جهل والعاصي جاهل كما قال عز وجل:{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} التوبة/17
وليس المقصود بالجهل هو الجهل بالحكم إنما الجهل بالله وأسمائه وصفاته وعظمته وكبريائه لذلك قال العلماء:" كل من عصى الله فهو جاهل"
وقال سبحانه:{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } الزمر/67
فإذا كانت هذه الأرض بسهولها وجبالها وقفارها وبحارها وأحيائها وأمواتها في قبضته تعالى والسموات السبع التي سمك الواحدة منها مسيرة خمسمائة عام وما بين الواحدة والأخرى كذلك كلها مطويات بيمينه.
إذن أين أنت أيها العبد؟!
ما حجمك وما وزنك بين هذا كله؟!
إن ما تراه بعينيك وما لا تراه يسبح بحمد الله ويسجد لعظمته ويخضع لكبريائه بل يشفق مما تفعله أيها العبد من المعاصي التي تبارز بها رب هذا الكون العظيم تأمل وتدبر قول ربك:{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} الحج/18
ثم تأمل كيف أن هذه الكائنات التي تحسبها جامدة تكاد ان تتصدع لهول ما يفعل الكفار والمشركون من الإنس والجن قال تعالى:{ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92}مريم
هذا تعظيم الجماد لربه فما بال مضغة اللحم هذه لا تتحرك؟
أين الخوف والوجل؟!
فإن لم يكن أين الحياء والخجل؟!
أيها العبد إن الله يستعتبك من فوق سبع سموات { يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)} الانفطار
أغرك طول العمر؟
كم من أمة سبقتك عاشت مئات السنين قد طوتهم لحود القبور.
أغرك حلم الله عليك؟
ألم يحلم الله على الأمم المكذبة ثم أخذهم اخذ عزيز مقتدر؟
وبسبب الجهل بمعرفته تعالى تعددت الأسباب الداعية إلى معصيته كإيثار اللذة العاجلة الفانية على الآجلة الباقية فبالتالي ضعف اليقين بالله وبلقائه حتى ركن أكثر الناس إلى الدنيا ـ إلا من رحم الله ـ وهذا يتفاوت فيه الناس مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم وأصبح الهوى هو الذي يسيرهم.
ويمكن أن تعرف ذلك من نفسك وحالك فإذا تعارض أمران في وقت واحد كدخول وقت صلاة الفجر ونومك فأيهما تقدم؟
أو تعارض ذكر الله ومزمار الشيطان فأيهما تسمع؟ الله يأمرك بحفظ سمعك وبصرك , والشيطان يغريك ويمنيك فأيهما تطع؟
قال سبحانه:{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } الجاثية/23
فاتباع الهوى آفة عظيمة ويكفي في ذلك أن الله سمى الهوى إلها؛ لأن الذي يفعل ويترك على حسب هواه فإنما يعبد هواه في الحقيقة ويتفاوت الخلق في ذلك وهذه المسألة خطيرة جدا فعلى العبد أن يرجع إلى الأصل وهو معرفة الله تعالى.
وستأتي الإشارة إلى أهمية معرفة الله في: زاد بين التائب وبين ربه.
بإذن الله تعالى.
ولسائل أن يسأل: إذا كانت هذه الأسباب ناشئة من العبد في معصية الله وهي بتقدير الله فلماذا قدر الله المعاصي على ابن آدم وهو سبحانه قادر على عصمته وما الحكمة في وجود هذه الذنوب وهي شر والله لا يرضاها من عباده؟
الفصل الآتي يوضح ذلك.



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة










توقيع : تألق

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور تألق   رد مع اقتباس