عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-11, 05:18 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
تألق
اللقب:
عضو
الرتبة


البيانات
التسجيل: Apr 2011
العضوية: 2735
المشاركات: 6,427 [+]
الجنس: انثى
المذهب: سني
بمعدل : 1.26 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 33
نقاط التقييم: 729
تألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدعتألق مبدع

الإتصالات
الحالة:
تألق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : تألق المنتدى : بيت موسوعة طالب العلم
افتراضي

عوائق وهمية وخدع شيطانية

إن معرفة آفات أي طريق قبل سلوكه أمر مهم جداً، والشبه التي تعترض طريق التوبة قد تكون من وساوس الشيطان وقد تكون أوهاماً من ذات العبد نفسه وكلا الأمرين يسهل اجتنابهما بالاستعانة بالله تعالى.
1 ـ عائق وهمي:

يتوهم الكثير ـ هدانا الله وإياهم ـ أنهم لن يستطيعوا ترك ما نشئوا عليه من المعاصي بحجة أنها أصبحت جزاءً من حياتهم وقد اعتادوا عليها، ونفوسهم لم تعد تنكرها، بل ويتعجبون ممن ينكر عليهم ذلك، خاصة تلك المنكرات التي شاعت وعمت كسمع الغناء والنظر إلى الحرام وكشف المرأة لشيء من جسمها لغير المحارم، وإسبال الثياب للرجال وحلق اللحى والتشبه، وكل هذا قد جاء الوعيد الشديد فيه من الله ومع ذلك من هو مصر عليها غير منكر لها.
والحق أن يقال: إن انتشار المنكر وشيوعه واعتياد الناس عليه لا يجعله مباحاً معروفاً وإن قلة المعروف لا تجعله منكراً، فالحرام حرام إلى قيام الساعة مهما زعم المتكبرون.
فالعبرة بما أمر الله به ونهى عنه لا بما يفعله الناس. تأمل قوله تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} يونس/108
فقد قال: جاءكم الحق من ربكم ولم يقل من أنفسكم أو من الناس لأن كل ما يأتي من الله فهو حق لا مرية فيه وإن كان يخالف أهواء النفوس، حتى يظهر إيمان العبد الحقيقي.
2 ـ خدعة شيطانية:

يفكر البعض في التوبة ـ خاصة ممن أغرق نفسه في الكبائر ـ ويحدّث نفسه بالرجوع إلى ربه ومولاه، وتناديه فطرته الطيبة:أن هلمّ إلى ربك الغفور الرحيم, فيأتيه الشيطان ويثبّط من همته ويوهن عزيمته ويقول له: من أنت حتى تتوب وقد فعلت ما فعلت؟
من أنت حتى تجالس الصالحين وعندك ما عندك من الذنوب؟
أنت لست أهلاً للتوبة فابق على ما أنت عليه!
وهكذا يجثم عدوُّه على قلبه ويلقي عليه من الوساوس حتى يموت من غير توبة بل و ربما استعجل الموت فينتحر والعياذ بالله.
والحق أن يقال: إن مجرد التفكير في التوبة أمر عظيم وهذا يدل على الخير الذي في قلبك وإن فعلت ما فعلت, ولن يحول أحد بينك وبين رحمة الله،بل إن الله نادى المسرفين خاصة وقد علم ما تحمله
قلوبهم من الحياء منه والوجل حتى ظنوا أنهم ليسوا أهلاً لرحمته، تأمل
خطابه لك أنت، وما أحلاه وما أطيبه حين يلامس القلوب العليلة قال تعالى:{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } سورة الزمر/53

أتـوب إليك الهي متابا ومهما ابتعدت أزيد اقتراباً

ومهما تجاوزت الحد فإني أوجّه نحوك قلبـا مذابـاً
3 ـ عائق وهمي :

قد يتوب العبد إلى ربه ويصبح نادماً مستغفراً عازماً ألا يعود لسالف عهده من الذنوب والخطايا, ولكن تضعف النفس ويغفل القلب لسبب ما، فتنزلق القدم مرة أخرى في درب المعصية. فتضيق الدنيا بما رحبت على هذا العبد. ويتوهم أنه لا توبة بعد ذلك؛ لأنه نكث العهد الذي بينه وبين ربه فيجره هذا التوهم إلى الازدياد من الخطايا، وقد يتساءل هل لي من توبة أخرى؟
وهل أنا صادق في توبتي الأولى؟
الجواب: نعم، لك توبة مهما تكرر الذنب، وتوبتك الأولى مقبولة
ـ بإذن الله ـ إن كنت صادقاً فيها؛ فعن أبي هريرة عن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة: "إن عبداً أذنب ذنباً فقال: ربِّ أذنبتُ ذنباً فاغفر لي، قال تعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين ... وفي رواية لمسلم أنه قال في الثالثة: قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء "[1].
إذاً فالذنب مغفور إن كانت التوبة صادقة مهما تكرر الذنب ولكن حذار من الإصرار أو التهاون في المعصية أو الاتكال على عفو الله ونسيان أنه شديد العقاب.
4 ـ خدعة شيطانية :

يخدع الشيطان كثيراً من الناس وذلك بتزيين المعاصي لهم ويوهمهم بأنه لا لذة في الدنيا إلا بها, ولا أنس ولا فرح إلا معها، ويخوفهم من تركها ومن سلوك طريق الاستقامة ويقول لهم:
إن طريق الاستقامة لا فرح ولا لذة ولا انبساط وأن أهله متشددون وإلى غير ذلك.
ولا يرد على هذه الشبهة إلا قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ } فاطر/5
فلذة المعاصي لذة وهمية لا حقيقة لها وهي سريعة الانقطاع مع ما يصاحبها من خوف فواتها.
وليسأل كل واحد نفسه أين لذة المعصية التي ارتكبتها؟!
فاتت اللذة وبقيت الحسرة، وأما كون أصحاب الاستقامة متشددون فانظر إلى حال خير البشر نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فقد كان أحسن الناس خلقا وأشرحهم صدرا وأطيبهم نفسا وكان لا يُرى إلا مبتسما منبسط الوجه وهذا لا ينافي كونه أشد الناس خوفا من ربه، فإن انبساط الوجه لا يتعارض مع ما في القلب من خشية الله وتعظيمه, ومن سنن الله تعالى في خلقه أن السعادة الحقيقية لا تنال إلا بطاعته وذكره والإنابة إليه وأن من تطلب السعادة بغير ذلك فقد حرمها قال تعالى: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا }طه /124 .
فأصحاب المعاصي في عذاب وإن لم يشعروا لغلبة سكر المعصية على القلوب، قال ابن القيم:
و والله لو شاهدتها تيك
الصدور رأيتها كمراجل النيران
ووقودها الشهوات والحسرات
والآلام لا تخبو مدى الأزمان
أرواحهم في وحشة و جسومهم
في كدحها لا في رضا الرحمن
ما سعيهم إلا لطيب العيش في الدنيا
ولو أفضى إلى النيران
هربوا من الرق الذي خلقوا له
فبلوا برق النفس و الشيطان
لا ترضى ما اختاروه هم لنفوسهم
فقد ارتضوا بالذل و الحرمان

5 ـ عائق وهمي:

قد يقول البعض: لو أراد الله هدايتي لهداني كما هدى غيري، وهذه الذنوب مكتوبة عليَّ فلا بد من فعلها فما الحيلة والعمل؟
ولرد هذه الشبهة يجب أن نعلم أن الاحتجاج بالقدر في عدم الهداية أو فعل الذنوب حجة باطلة شرعاً وعقلاً.
أما شرعاً:
فإن الله أمر عباده بطلب الهداية منه وبالتوبة والاستغفار والأدلة في ذلك كثيرة جداً فمنها قوله تعالى في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }.
وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا } التحريم / 8.
وقوله: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر/ 60
ومن السنة عن أبي ذر الغفاري ـ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ـ عن النبي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال:" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم .. الخ "[2]
وأما الدليل العقلي:
فإنه لا يوجد شخص عاقل يقول: سأجلس بلا عمل وإن قدَّر الله لي الرزق فسيأتينني، وما من أحد يقول: لن أتزوج وإن قدَّر الله لي الولد فسيأتينني، وما من أحد يقول: لن آكل ولن أشرب وإن قدَّر الله لي الشبع فسيكون ذلك. إذن العمل بالأسباب مطلوب. والله الهادي إلى سواء السبيل.
6 ـ خدعة شيطانية:

يحدث لبعض التائبين شيء من الهموم بعد فترة من توبتهم لأي سبب من الأسباب، فيأتي الشيطان أحدهم ليقوم بوظيفته ويقول: أين الراحة والطمأنينة الذي وُعدت بهما؟
وأين انشراح الصدور الذي عند التائبين؟
هاهي الهموم قد احتوتك فهلاّ عدت إلى ما كنت عليه؟
وهكذا يخدع الشيطان.
والحقيقة أن هذا الذي تشعر به من همِّ وكدر لهو أكبر دليل على قبول التوبة بإذن الله وأنك تسير في الطريق الصحيح فالهموم لا بدّ منها للمؤمن والفاجر.
قال تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ } البلد/ 4.
ولكي تخفف عنك وطأة وشدة هذه الهموم تذكر:
1 ـ قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } الشورى/ 30.
فهذه المصائب أنت السبب فيها فاصبر عليها كما صبرت على مواقعة الذنب فإن الصبر على أثره الدنيا أهون من الصبر على أثره في الآخرة.
2 ـ هذه الهموم تكفير لخطاياك.
3 ـ زيادة في حسناتك ودرجاتك إذا احتسبت ذلك عند ربك.
4 ـ أنها امتحان لك هل تثبت على الحق أم تستسلم لوساوس عدوك.
5 ـ أنها علامة خير لك بشهادة نبي الله نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة فقد قال: " إذ أراد الله بعبده خيرا عجّل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده شر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة ".
وقال:" إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"[3].
هذه أبرز العوائق التي تعترض للسائر في طريق التوبة وهي أكثر من ذلك ولكن لعل في الإشارة إلى اليسير ما يغني عن الكثير لأن مرجع هذه الشبه هو الجهل فإذا رفع بنور العلم انكشف الطريق وسهل السير بإذن الله، فنسأل الله أن يجيرنا من هذه العوائق وأن يقينا شر أنفسنا.



[1] - متفق عليه.
[2] - رواه مسلم.
[3] - رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة










توقيع : تألق

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عرض البوم صور تألق   رد مع اقتباس