22-10-11, 10:43 PM
|
المشاركة رقم: 11
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو |
الرتبة |
|
البيانات |
التسجيل: |
Apr 2011 |
العضوية: |
2735 |
المشاركات: |
6,427 [+] |
الجنس: |
انثى |
المذهب: |
سني |
بمعدل : |
1.26 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
33 |
نقاط التقييم: |
729 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
تألق
المنتدى :
بيت موسوعة طالب العلم
بشائر الله للتائبين
يقول الله تعالى:{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } البقرة/25
إن الله عز وجل يتفضل على التائبين في الدنيا والآخرة بما لا يخطر على قلب بشر من الفرح والنعيم وغير ذلك.
قال ابن القيم:التوبة توجب للتائب آثارا عجيبة من المقامات التي لا
تحصل بدونها فتوجب له من المحبة والرقة واللطف وشكر الله وحمده والرضا عنه عبوديات أخر فإنه إذا تاب إلى الله تقبل الله توبته فرتب له على ذلك القبول أنواعا من النعم لا يهتدي العبد لتفاصيلها بل يزال يتقلب في بركتها وآثارها ما لم ينقضها ويفسدها[1].
فأول البشائر قبول الله توبة عبده بعد أن وفقه لها{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } الشورى/25
بل إن الله بكرمه وإحسانه يبدل السيئات حسنات قال تعالى:{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } الفرقان/70
ومن البشائر وهي أعظمها وأجلها محبة الله للتائبين وهذه محبة خاصة لا تكون لغير التائبين{إن الله يحب التوابين} البقرة/222
فما الظن بعبد قد أحبه الله مالك السموات والأرض ورب العرش العظيم؟! فإذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء, ثم يوضع له القبول في الأرض[2].
فما أعظمها من منزلة, الله تعالى وملائكته يحبون هذا العبد الذي أذبن ثم تاب إلى ربه؟! نسأل الله من فضله العظيم.
ومن البشائر كذلك أن الملائكة تستغفر للتائب{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } غافر/7
ومن البشائر العظمى حسن الخاتمة والثبات عند الموت, فالجزاء من جنس العمل؛ فكما أن التائب أحسن ما بينه وبين ربه وثبت على الحق أحسن الله عاقبته وثبته عند حلول السكرات وعند سؤال الملكين له: من ربك؟ فالذي عرف ربه في الدنيا بحق هو الذي سيجيب.
ومنها يسر الحساب ولكن يعتري العبد شيء من الكرب لهول المقام بين يدي الله, قال عليه الصلاة والسلام:" إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب, حتى إذا قرره بذنوبه ورأى نفسه أنه هلك, قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته, وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد{هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} هود/18[3].
قال الحسن:العبد يذنب ثم يتوب ويستغفر الله فيغفر الله له ولكن لا يمحاه من كتابه دون ان يقف عليه ثم يسأله عنه, ثم بكى الحسن بكاء شديدا وقال: لو لم نبك إلا حياء من ذلك المقام لكان ينبغي لنا أن نبكي[4.
ومن البشائر أيضا الثبات على الصراط المنصوب على ظهر جهنم, فالثبات عليه وسرعة مجاوزته بحسب لثبات هنا على صراط الله وسرعة الاستجابة لأوامر الله, ثم دخول الجنان وهنا تنقطع الحزان والمخاوف وتبدأ المسرات واللذات والأفراح التي تكون على البدن والروح, تبدأ الحياة السعيدة الأبدية التي كان التائب يعد الزاد لها, يبدأ النعيم الحقيقي الذي لا منتهى له أبدا الذي قال الله عنه:{عطاء غير مجذوذ} هود/108
وبينما هم في هذا النعيم " نادى مناد يأهل الجنة إن لكم عند الله موعدا ويريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو؟ ألم يثقل موازيننا زيبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون الله فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة"[5].
فإذا رأى أهل الجنة ربهم نسوا ما هم فيه من النعيم وازدادوا جمالا إلى جمالهم ونعيما إلى نعيمهم فيا لله ما أعظم تلك اللحظة التي لو اجتمع أهل البلاغة وأهل الفصاحة على وصفها ما استطاعوا لها وصفا, ولكن حسبك بأفصح كلام وأبلغه{مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ } العنكبوت/5
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } الكهف/110
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} القيامة
فيا أيها التائب الثبات الثبات فما بينك وبين أن تفوز بهذا الفوز العظيم إلا شيء يسير ما هي إلا أيام بل ساعة من نهار وما أسرع انقضائها أفلا تصبر ساعة لتفوز بسعادة الأبد؟ اصبر واثبت ثبتنا الله جميعا.
فحي على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيــم
وحي على يوم المزيد وموعد ال محبين طوبى للذي هو منهــم
وحي على واد بها هو أفيح وتربته من أذفر المسك أعظـم
وبينا هم في عيشهم وسرورهم وأرزاقهم تجري عليهم وتقسم
إذا هم بنور ساطع قد بدا لهم فقيل ارفعوا أبصاركم فإذا هم
بربهم من فوقهم وهو قائل سلام عليكم طبتم وسلمتـم
فيا عجبا ما عذر من هو مؤمن بهذا ولا يسعى له ويقــدم
فبادر إذا ما دام في العمر فسحة وعدلك مقبول وصرفك قيم
فجد وسارع واغتنم ساعة السرى ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم[6]
[1] - مفتاح دار السعادة ج/1 ص 305-306
[2] - متفق عليه.
[3] - متفق عليه.
[4] - جامع العلوم والحكم.ص 229
[5] - رواه مسلم.
[6] -طريق الهجرتين. ص52
الخلاصة
من خلال ما سبق ذكره يتلخص الموضوع في عدة نقاط وهي:
أن التوبة هي حقيقة الدين ومن لم يتب فقد انتقص من دينه.
التوبة ليست مخصوصة لأصحاب الكبائر أو لفئة معينة أو لطبقة خاصة بل هي عامة للمسلمين كلهم باختلاف طبقاتهم ولا يمكن لأحد أن يسعه الخروج عن التوبة فالأنبياء – عليهم صلوات الله وسلامه – هم أول التائبين وسادة المستغفرين والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة.
يجب أن تكون التوبة خالصة لوجه الله فلا تصح توبة من ترك الذنب خوفا من الناس أو حفظا لصحة أو يأسا من تحصيلها إلى غير ذلك.
لا بد من تجديد التوبة دائما وليكن الاستغفار دأبك في الليل والنهار.
لا تستكثر الطاعات مهما عظمت ولا تحتقر السيئات مهما قلت وصغرت فإن ما يصغ عندك قد يكبر عند الله وما يكبر عندك قد يصغر عند الله, كما قال:{ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} النور/15
كن في توبتك بين الخوف والرجاء, ارجُ من الله قبولها لأنه الغفور الرحيم وخف من عدم قبولها لأنك ربما قصرت فيها ولم تخلصها لوجه الله فلربما تفعل ما يفسدها أو ينقصها.
معرفة الله تعالى هي الأصل الأصيل والركن المتين فعليها يترتب كمال الإيمان وحسن الإسلام وصدق التوكل وقوة اليقين, وبكمال معرفة الله تكمل مراتب العبودية, وهذا أصل يجب التنبه له.
عليك بالتدرج والصبر والمصابرة فالفوز بالجنة لا يكون بالراحة في الدنيا فمن لآثر الراحة فاتته الراحة قال تعالى:{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)} الإسراء
الخاتمة
قال الله تعالى:{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } يونس/108
ها أنت أيها السائر إلى ربه قد انكشف لك الطريق وبانت لك محاسنه ومساؤه ومعك الدليل الذي يقودك بأمان – كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام – والزاد الذي يسيرك كلما ضعفت قوتك أو دنت همتك.
فلا عذر لمعتذر والحال هذه فمن تاب وأناب تاب الله عليه, ومن أعرض ونسي أعرض الله عنه والجزاء من جنس العمل, وما تجزون إلا ما كنتم تعملون.
لتحميل نسخة من الكتاب بصيغة pdf إضغط هنا
وإن لم يفتح يرجى نسخ الرابط بالمتصفح ووضعه بصفحة جديدة
|
وختاما:
فما كان من صواب وتوفيق فمن الله وحده لا شريك له ولا رب لي سواه, وما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني, والله بريء منه و رسوله.
هذا والله تعالى أعلم.
وصلى الله وبارك على عبده ورسوله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
والحمد لله رب العالمين.
التعديل الأخير تم بواسطة أسد الإسلام ; 23-11-11 الساعة 01:12 AM
|
|
|