البرهان 163
من سورة إبراهيم ( عليه الصلاة والسلام )
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرٰهِيمُ رَبّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ امِنًا
وَٱجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأصْنَامَ *
رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ ٱلنَّاسِ
فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
{ 35 -36 }
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا } أي:
{ و } اذكر إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الحالة الجميلة،
إذ قَال: { رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ } أي: الحرم
{ آمِنًا } فاستجاب الله دعاءه شرعا وقدرا،
فحرمه الله في الشرع ويسر من أسباب حرمته قدرا ما هو معلوم،
حتى إنه لم يرده ظالم بسوء إلا قصمه الله
كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم.
ولما دعا له بالأمن دعا له ولبنيه بالأمن فقال:
{ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ }
أي: اجعلني وإياهم جانبا بعيدا عن عبادتها والإلمام بها،
ثم ذكر الموجب لخوفه عليه وعلى بنيه
بكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها
فقال:
{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ }
أي: ضلوا بسببها،
{ فَمَنْ تَبِعَنِي }
على ما جئت به من التوحيد والإخلاص لله رب العالمين
{ فَإِنَّهُ مِنِّي } لتمام الموافقة ومن أحب قوما وتبعهم التحق بهم.
{ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
وهذا من شفقة الخليل عليه الصلاة والسلام
حيث دعا للعاصين بالمغفرة والرحمة من الله
والله تبارك وتعالى أرحم منه بعباده
لا يعذب إلا من تمرد عليه.