28-10-11, 02:58 PM
|
المشاركة رقم: 10
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو |
الرتبة |
|
البيانات |
التسجيل: |
Mar 2011 |
العضوية: |
2325 |
المشاركات: |
8,979 [+] |
بمعدل : |
1.74 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
42 |
نقاط التقييم: |
1070 |
التوقيت |
|
|
كاتب الموضوع :
دآنـة وصآل
المنتدى :
بـاب الحــــج
فإن كان إثما كان أبعد الناس منه. ([1])ولاشك أن الانصراف من عرفات قبل غروب الشمس أيسر على النبي وعلى المسلمين فالناس في ذلك الوقت كانوا يتنقلون على الإبل وعلى الحمر وعلى أرجُلهم والمسافة بين عرفات ومزدلفة تحتاج إلى وقت فقد يمضي عامة الليل قبل أن يصل الحاج إلى مزدلفة بل إن بعض الحجاج ربما خرج من عرفات ولم يصل إلى مزدلفة ويتيه عنها ولهذا كان الخلافاء وأُمراء الحج يوقدون ناراً في المشعر الحرام في مكان مرتفع يسمى (المِيقدة) من أجل ألا يضل الحجاج يميناً أو شِمالا. وإذاً فلا شك أن الأيسر لهم أن ينصرفوا نهاراً حتى يصلوا إلى مزدلفة في وقت إسفار. فلما ترك النبي الأيسر وأخذ بالأشق دل على أن الأيسر لا يجوز لأن النبي ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما.([2])
المناقشة
يمكن مناقشة هذا الدليل بأن ثمة أكثر من احتمال لعلها هي التي حملت النبي على البقاء حتى الغروب , بل قد يكون بقاء النبي إلى أن غربت الشمس هو الأرفق بالمسلمين,فقد يكون النبي ما ترك الأيسر وهو الدفع نهاراً إلى الأشق وهو الدفع ليلاً إلا ليهدم عقيدة من عقائد المشركين , فإن من أعظم مقاصد حجة النبي هدم عقائد المشركين , وإذا لم يهدمها النبي فمن يهدمها إذاً ؟! فإذا كان من المقاصد العظيمة للنبي في ذلك الوقت أن يهدم هذه العقيدة , فبقاؤه حتى الغروب لهدمها , لأنه لو لم يفعل ذلك لما انهدمت , فهذا يحتمل أنه هو الذي جعل النبي يختار الأشق على الأيسر . وثمة احتمال آخر وهو أن النبي إنما بقي حتى غربت الشمس ليُعَلِّم الناس أن الوقوف بعرفة يصح ليلاً , خاصة إذا علمنا أن الليلة في الإسلام تتبع اليوم الذي بعدها , فالأصل أن يوم عرفة ينتهي بغروب الشمس , فالوقوف في ليلة العيد يحتاج إلى دليل من النبي حتى يعرف الناس أن ليلة العيد تابعة ليوم عرفة , وليست تابعة ليوم العيد. فهذه مصلحة , وإذاً فكون النبي يخبر الأمة ويشرع لها أن هذه الليلة وإن كانت في الأصل تابعة لليوم الذي بعدها إلا أنها في هذا اليوم تابعة لليوم الذي قبلها أرفق بالأمة , لأن وقت الوقوف سيطول , وإذا كان ثمة أكثر من سبب كلها تسوغ ترك الأيسر دل على أن النبي ما ترك الأيسر على أُمتهِ إلا لمصالح عظيمة هي أعظم وأرفق بهم من الدفع قبل الغروب فلا يستقيم الاستدلال بهذا الدليل على وجوب البقاء حتى تغرب الشمس .فإن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال .
أدلة القول الثاني
(1) عن عروة بن مضرس الطائي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم بالموقف يعني بجمع قلت جئت يارسول الله من جبل طي أكللت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه " .أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن واللفظ لأبي داود وقال الترمذي : حسن صحيح .([3])
وجه الاستدلال :
أن رسول الله قال : فقد تم حجه , ومن ترك واجبا لم يتم حجه ,فلو كان البقاء إلى غروب الشمس واجبا لما قال عليه الصلاة والسلام : فقد تم حجه , ومن أوجب الدم على من انصرف من عرفات قبل غروب الشمس معللا ذلك بأنه دم جبران لما حصل في النسك من النقص , كيف يجيب على قول رسول الله : فقد تم حجه ؟!
ثم إنه قد ورد في بعض روايات حديث عروة بن مضرس الطائي رضي الله تعالى عنه أن النبي قال : من صلى هذه الصلاة معنا ووقف هذا الموقف حتى يفيض وأفاض قبل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه . رواه الإمام أحمد و النسائي وابن ماجه والدارقطني ([4])
فإذا كانت هذه الرواية محفوظة ([5]) فإن النبي _ _ يقول : كان قد أفاض من عرفات ليلاً أو نهاراً. يعني وقف ثم دفع ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثَه وليس بعد التمام نقص وليس مع التمام نقص .
(2) أنه وقف في أحد زماني الوقوف فلا يلزمه دم للزمان الآخر , كما لو وقف في الليل دون النهار .([6])
(3) أن من وقف بعرفة ليلا فحجه تام بإجماع أهل العلم , والوقوف بعرفة نهارا فقط أفضل من الوقوف بها ليلا فقط فإن عامة وقوف النبي كان في النهار, فإذا تم حج من وقف ليلا فقط فلأن يتم حج من وقف نهارا فقط من باب أولى .
الترجيح :
الذي يظهر لي والعلم عند الله سبحانه وتعالى هو رجحان القول الثاني وهو أن البقاء بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف بها نهارا سنة , وليس على من تركه شيء , بل حجه تام بنص حديث عروة بن مضرس الطائي وهو دليل قوي ثابت قال الترمذي: حديث عروة بن مضرس حديث حسن صحيح .وقال الحاكم رحمه الله تعالى:هذا حديث صحيح على شرط كافة أئمة الحديث ، وهي قاعدة من قواعد الإسلام.([7]) وأيضا فهذا القول متوافق مع حاجة المسلمين وما يعانونه من مشقة وعسر وضيق بسبب كثرة الأعداد, ومحدودية الطرق, وتأخر وقت الانصراف ,وقبل سنوات قريبه لم يصل كثير من الحجاج إلى مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس , فحينما ينصرف ثلاثة ملايين حاج في وقت واحد مع طرق محدودة, مسافة سبعة كيلومترات فمتى سيصل آخر الحجاج ؟ وبعض أهل العلم يقول إن الوقوف بمزدلفة ركن من أركان الحج , ولم يرد في البقاء إلى غروب الشمس من الأدلة مثل ما ورد في المبيت بمزدلفة , أما استدلالات الجمهور الذين قالوا بالوجوب فمناقشة. والعلم عند الله .
(2) صحيح البخاري كتاب المناقب بَاب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4/167,166 , صحيح مسلم كتاب المناقب بَاب مُبَاعَدَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْآثَامِ وَاخْتِيَارِهِ مِنْ الْمُبَاحِ أَسْهَلَهُ وَانْتِقَامِهِ لِلَّهِ عِنْدَ انْتِهَاكِ حُرُمَاتِهِ 2/1813(2327) .
(3) الشرح الممتع على زاد المستقنع 7/418 .
(1) سبق تخريجه ص
(2) المسند 4/262,261 , سنن النسائي كتاب المناسك بابفِيمَنْ لَمْ يُدْرِكْ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ 5/264 , سنن ابن ماجه كتاب المناسك بَاب مَنْ أَتَى عَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَيْلَةَ جَمْعٍ 2/1004 (3016), سنن الدارقطني باب المواقيت 2/240
(3) صحح هذه الرواية شيخ الإسلام في شرح العمدة تحقيق أ.د صالح الحسن 2/576 , والألباني في صحيح وضعيف النسائي (3042) , والأرنؤوط في تعليقه على المسند
(1) المهذب مع المجموع 8/124 .
(2) سبق عند تخريج الحديث ص6 .
|
|
|