دعوة .. للتأمل !!!
تأمل نفسك أيها الإنسان
الحمد لله الذي خلق فسوى , والصلاة والسلام على النبي الأوفى .. أما بعد
حث الله سبحانه وتعالى على النظر في النفس والتأمل في عظمة إبداعها فقال سبحانه : " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " الذاريات : 21
وفي هذه الرحلة التي سنصحبكم فيها سنحاول التعرف على عظمة الخالق العظيم في إبداع خلق الإنسان وإتقان صنعة , ووضع كل شيء موضعه , فإن ذلك يثمرالإيمان , ويبعث في النفس السعادة والطمأنينة , ويدعو إلى تزكية النفس وارتقائها في مسالك العبودية .
فهذه الرحلة دعوة للتأمل .. وخطوة في طريق الاستقامة ..
فإلى خطوات هذه الرحلة الممتعة .
*** تأمل نفسك أيها الإنسان ***

• تأمل أيها الإنسان صورتك ..
• قف مع نفسك وقفة ..
• من الذي خلقك على هذه الصورة ؟
• ومن الذي عدَّلك هذا التعديل ؟
العينان في الوجه .. الأنف بينهما .. اليدان في الجانبين .. القدمان من أسفل ..
*كيف لو أن عيناً نبتت لإنسان في ركبته ؟!
* أو يداً ظهرت في رأسه ؟!
* أو أنفاً في ظهره ؟!
فسبحان من خلق فسوى , وقدَّر فهدى !!
قال الله تعال : " يا أيُّها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك " . الانفطار : 6 - 8
وقال سبحانه : " وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير " . التغابن : 3
ألا تعلم أيها الإنسان أنك خُلقت من تراب ؟؟؟
ماء مهين .. دافق .. من طين .. من صلصال كالفخار ..
قال سبحانه : " وَلَقَد خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن سُلالةٍ مَنطِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةَ فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَة عِظاماً فَكسُونا العظَام لَحْما ثُمَّ أنشأَنَاهُ خلقاً آخرَ فَتبَاركَ اللهُ أحْسنُ الخَالِقِين " المؤمنون : 12 – 14
*** الإنسان والطين ***
أثبت العلماء أن التركيب العنصري الذري للطين ولجسم الإنسان واحد إلا في بعض الاختلافات الطفيفة جداً :
فالأكسجين يشكل 60%من تركيب جسم الإنسان .. بينما يشكل 55%من تركيب الطين
الآزوت 2%في الإنسان 2%من الطين
الكربون 20% في الإنسان 18% من الطين
الهيدروجين 5% في الإنسان 5,5% من الطين
الكلس 0,6% في الإنسان 1% من الطين
الفوسفور 1% في الإنسان 1% من الطين
الكبريت 0,3% في الإنسان 0,3% من الطين
الصودا 0,2% في الإنسان 0,2% من الطين
الكلور 0,2% في الإنسان 0,2% من الطين
(( المصدر .. الفلك والطب أمام عظمة القرآن ))
انظر إلى هذه الموازنة أيها الإنسان ..
هل عرفت من أنت .. هل عرفت بدايتك ؟
هل عرفت عناصرك ومكوناتك ؟
قال سبحانه : " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين "
أنت والتراب الذي تسير عليه سواء .. فعناصركما واحدة وسوف تعود إلى التراب مرة أخرى بعد موتك .. وسيعلو التراب وجهك بعد أن يلقى بك في فلاة الأرض . فلا تتكبر ولا نعجب بنفسك .. فما أنت إلا تراب !!!
*** وهـــل تعلم ؟ ***
هل تعلم أن بجسم أيها الإنسان مادة حية تسمى ( كروموسومات ) تسيطر على خلاياه .. وأن حجم هذه المادة الحية جميعها لا يزيد عن 48 سم/3 أي لا تكاد تملأ فنجان قهوة , ومع ذلك فهي التي تتحكم وتسير تلك الكتلة البشرية بإرادة الله تعالى !!!.. فيا للروعة والإتقان !! .. قال الله تعالى : " قتل الإنسان ما أكفره * من أي شيء خلقه " عبس 17- 18
لماذا تتكبر أيها الإنسان وهذه بدايتك ؟!
ولماذا تبارز ربك بالمحاربة وهذا ضعفك وحقارتك ؟!
مسكين أنت أيها الإنسان .. ضعيف أنت .. فقير أنت .. عاجز أنت ..
لم تعرض عن خالقك وأنت في قبضته ؟!
ولم تخالف نبيه
وقد أمرك بطاعته ؟!
ولم تتنكب صراطه ومصيرك إليه ؟!
فليتأمل العاقل اللبيب بدايته .. وليعلم أن الذي خلقه وأماته قادر على بعثه وإعادته . قال الله تعالى : " أو لمْ يرِ الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " . يس : 77 – 79

*** الدماغ ***
الدماغ .. هو أكثر أعضاء جسم الإنسان تعقيداً وأهميةً .. ويبدو الدماغ من الداخل كعجينة قرنبيط رمادية اللون . ونظراً لحساسية هذه العجينة فقد حمى الله الدماغ بواسطة جمجمة صلبة ..
ويتألف الدماغ من ملايين الخلايا عددها 14 مليار خلية عصبية .. يقع منها 9 مليارات خلية في المخ وحده , و5 مليارات في باقي أنحاء الدماغ..
ومع أن المخ يزن حوالي 1200 جرام فقط , إلا أنه مركز الإرادة , والتفكير , والشخصية , والذكاء , والذاكرة , والحركة , والتخيل لدى الإنسان . وتتصل الأعصاب في جميع أجزاء الجسم مع الدماغ من خلال النخاع الشوكي والعنق .
والدماغ : هو مركز الحس والحركة في جسم الإنسان , وهو الذي يقوم بإرسال الأوامر لجميع أعضاء الإنسان .
قال الله تعالى : " صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون "
*** العقل ***
ما هو العقل ؟ .. ما طبيعته ؟ .. أين محله من جسم الإنسان ؟
هل هو في القلب لقوله تعالى : " فتكون لهم قلوب يعقلون بها " أم في الدماغ ؟
اختلف العلماء في ذلك كله , إلا أنهم اتفقوا على وجود العقل .. وأنه نعمة الله الكبرى على الإنسان .. به يفهم .. وبه يفكر .. وبه يدرك الأشياء .. وبه يحفظ ويختزن المعلومات .. وبه يخطط للمستقبل .. وبه يعبر البحار والفضاء والصحاري والقفار .. وهو لا يزال في مكانه !!!
إنه نور يقذفه الله في القلب .. فيستعد به لإدراك الأشياء , فيعلم الجائز والمستحيل .. ويتلمح عواقب الأمور .
قال الله تعالى : " ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " . الأعراف : 179
قال عمر
: " ليس العاقل من يعرف الخير من الشر , ولكنه الذي يعرف خير الشرين " .
وقال معاذ بن جبل
:"لو أن العاقل أمسى وأصبح وله ذنوب بعدد الرمل كان وشيكاً بالنجاة والسلامة والتخلص منها. ولو أن الجاهل أمسى وأصبح وله من الحسنات وأعمال البر عدد الرمال, لكان وشيكاً ألاَّ يسلم له منها مثقال ذرة , قيل: وكيف ذلك ؟ قال:لأن العاقل إذا زلَّ تدارك ذلك بالتوبة والعقل الذي قسم له. والجاهل إنما هو بمنزلة الذي يبني ويهدم, فيأتيه من جهله ما يفسد صالح عمله "
سبحـــــــان الله .. !!!
*** التنفس ***
عجيبة هي تلك العملية التي يقوم بها الإنسان عشرات الآلاف من المرات دون أن يشعر بها .. إنها عملية التنفس ..
حيث يستخلص الإنسان الهواء النقي ( الأكسجين ) عن طريق ( الشهيق ) ويتخلص من الهواء الفاسد ( ثاني أكسيد الكربون ) عن طريق ( الزفير ) .
ومن عجائب هذه العملية أنها تحدث في كل وقت حتى عندما يكون الإنسان نائماً , أو مغمى عليه , أو مخدراً .. لأنها ببساطة إذا توقفت دل ذلك على موت الإنسان .
ومن قدرة الله وحكمته .. أن جعل النبات في خدمة الإنسان , فلا تنقص كمية الهواء النقي بسبب ما يستهلكه الإنسان لأن الله تعالى جعل النبات يعوض هذه الكمية عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون , وتحليله إلى عنصريه الأكسجين , والكربون , فتتغذى النباتات بالكربون وتنفث الأكسجين للإنسان , وبذلك تبقى نسبة الهواء عند قدر محدود لا يزيد ولا ينقص ..
قال الله تعالى : "
إنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر " . القمر : 49
وعن طريق الرئتين تتم عملية التنفس ..
*** الأنف ***
إذا نظرنا إلى الأنف وجناه قد أحكم ليتناس مع وضيفته , وهيأه الله وشكله وصوره في أحسن صورة .. وجعل فيه ثقبين أودع فيهما حاسة الشم التي ندرك بها أنواع الروائح الطيبة والخبيثة ..
وجعل الله سبحانه وتعالى النصف الأعلى من الأنف عظماً حتى لا تضغط الرياح على هذا الغطاء فيسدُّ الثقبين فيمتنع التنفس .
واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون في الأنف منفذان اثنان , حتى إذا حدث شيء لأحدهما كان الآخر سالماً , فلا تتعطل بسبب ذلك منفعة هذا العضو .
وزود الله عز وجل الأنف بـ ( شعيرات ) لاستقبال الهواء وتنقيته وتنظيفه من أي شائبة , وتدفئته إن كان بارداً , حتى لا يصاب المرء باحتقان في الشعب الهوائية .
هل تعلم لمــاذا يحمر الأنف في الشتاء ؟؟؟
في الشتاء تتكاثر الدماء في الأنف فيكون محمراً وذلك لتدفئة الهواء الداخل ..
وفي الصيف يقوم الأنف بترطيب وتبريد الهواء الجاف أو الحار ..
*** الفم ***
وشق سبحانه للعبد الفم في أحسن موضع وأليقه به , وأودع فيه من المنافع وآلات الذوق والكلام, وآلات الطحن والقطع ما يبهر العقول ويطيش بالألباب. فأودع فيه :
1- اللسان : وهو أحد آيات الخالق الدالة عليه , وهو ترجمان القلب ( ملك الأعضاء ) .
واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون هذا العضو مستوراً غير بارز كالأذن والعين والأنف .. لأن هذه الأعضاء تأخذ من الخارج فتؤدي إلى القلب , أما اللسان فيأخذ من القلب ويؤدي إلى الخارج .
2- الأسنان : الأسنان زينة الإنسان , وبها قوام العبد وغذاؤه , ومن حكمته سبحانه أن قسم الأسنان إلى أقسام , فبعضها آلة للطحن , وبعضها يستخدم في القطع .. فانظر كيف أحكم الله أصولها , وحدد رءوسها , متناسقة الترتيب .. كأنها الدر المنظوم بياضاً وصفاءً وحسناً , وخص الله سبحانه الفك الأسفل بالتحريك , لأن تحريك الأخف أحسن وأيسر .
3- الشفتان : قال الله تعالى : " ألمَّ نَجْعَلَ لهُ عَينين * ولساناً وشَفتين * وهَدَينَاهُ النَّجْدَين " . البلد : 8 – 10
فلو خلق الله الإنسان بلا شفتين لأصبح منظره مخيفاً مقززاً .. فالله تعالى جعل الشفتين غطاء للفم .. وتحجز الأتربة والغبار من الوصول إلى داخل الفم , وتحافظ على الأسنان .. كما أن لها القدرة بمشيئة الله تعالى على إتمام مخارج حروف الكلام بالاشتراك مع الحلق واللسان .
ومن حكمته سبحانه أن جعل الشفتين لحماً صرفاً لا عظم فيه ولا عصب ليتمكن بهما من مص الشراب , ولسهولة فتحهما وطبقهما .
*** الحنجرة ***
من حكمته سبحانه أن جعل الحنجرة مختلفة الأشكال في الضيق والسعة , والخشونة والملامسة , والصلابة واللين , والطول والقصر .. فاختلفت بذلك الأصوات أعظم اختلاف , ولا يكاد يشتبه صوتان إلا نادراً ..
فسبحان من جعل أصل الإنسان واحداً .. وخالف بين صورهم وألسنتهم , وأصواتهم , وألوانهم هذا الاختلاف .
*** العين ***
قال الله تعالى : " قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون " الأنعام : 46
تأمل أيها الإنسان في عينيك .. كيف تستطيع بهما رؤية الأشياء من حولك ؟
كيف تستطيع بهما اختراق العالم الخارجي ..
من الذي أعطى عينيك هذه القدرة الباصرة ؟
من الذي أعطاهما التمييز بين الأشياء ؟ ... إنه الله القدير .
وانظر .. كيف حمى الله العينين بالأجفان وجعلهما غطاء للعينين وحفظاً وزينةً ؟
وانظر .. كيف جعل الله ماء العين مالحاً ليحفظ به العين من الفساد , وينظفهما من الغبار .
قال الله تعالى : " هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين " . لقمان : 11
*** الأذن ***
قال الله تعالى : " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون " . الأنفال : 21 – 23
لقد خلق الله الأذن أحسن خلقة وأبلغها في حصول المقصود , فجعلها مجوفة كالصدفة لتجمع الصوت , وجعل فيها تجاويف واعوجاجات تمسك الهواء والصوت الداخل فتكسر حدته ثم تؤديه إلى الصماخ .
وحفظ الله الأذن بما تفرزه من مادة لزجة تحجر الغبار عن الولوج داخل الأذن , وجعل الله ماء هذه المادة اللزجة مراً شديد المرارة حتى إذا نام الإنسان أوغفل , ودخلت في أذنه حشرة تأذت من هذه المرارة, وسارعت بالخروج والنجاة بنفسها ..
فمن الذي أبدع هذا الإبداع ؟ .. ومن الذي قدر هذا التقدير ؟
إنه الله الواحد الأحد .. الفرد الصمد .. الذي لم يلد ولم يولد ..
ولم يكن له كفواً أحد .
