السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل :
الاسم الثاني والثالث: الزور واللغو
قال تعالى: (( والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما )).
قال محمد بن الحنفية: الزور ههنا الغناء وقاله ليث عن مجاهد وقال الكلبى: لا يحضرون مجالس الباطل.
واللغو في اللغة: كل ما يلغى ويطرح والمعنى: لا يحضرون مجالس الباطل وإذا مروا بكل ما يلغى من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليه ويدخل في هذا: أعياد المشركين كما فسرها به السلف والغناء وأنواع الباطل كلها.
قال الزجاج: لا يجالسون أهل المعاصى ولا يمالئونهم ومروا مر الكرام الذين لا يرضون باللغو لأنهم يكرمون أنفسهم عن الدخول فيه والاختلاط بأهله وقد روى أن عبد الله بن مسعود
: مر بلهو فأعرض عنه فقال رسول الله
إن أصبح ابن مسعود لكريما وقد أثنى الله سبحانه على من أعرض عن اللغو إذا سمعه بقوله: وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم [ القصص: 55 ]
وهذه الآية وإن كان سبب نزولها خاصا فمعناها عام متناول لكل من سمع لغوا فأعرض عنه وقال بلسانه أو بقلبه لأصحابه: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم
وتأمل كيف قال سبحانه: لا يشهدون الزور [ الفرقان: 72 ] ولم يقل: بالزور لأن يشهدون بمعنى: يحضرون فمدحهم على ترك حضور مجالس الزور فكيف بالتكلم به وفعله والغناء من أعظم الزور
والزور: يقال على الكلام الباطل وعلى العمل الباطل وعلى العين نفسها كما في حديث معاوية لما أخذ قصة من شعر يوصل به فقال: هذا الزور فالزور: القول والفعل والمحل
وأصل اللفظة من الميل ومنه الزور بالفتح ومنه: زرت فلانا إذا ملت إليه وعدلت إليه فالزور: ميل عن الحق الثابت إلى الباطل الذي لا حقيقة له قولا وفعلا.
منقول من كتاب : إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان
الباب الثالث عشر
للإمام ابن قيم الجوزية