أسعدك الباري وسلمك أخي الغالي ( الشامخ ) وجعلك شامخا بدينك حيا وميتا .
أضيف ما جاء من شرح ابن عثيمين رحمه الله لصحيح البخاري :
- (( فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.))
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الله أكبر ، ذكاء هذه المرأة عجيب ، هذا من أعجب ما يكون ، استدلت بنعمة الله تعالى عليه أولا أن لا يخيبه ثانيا وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) ، فإذا رأيت الرجل قد منّ الله عليه بهذه الأوصاف فاعلم أنه من المتقين ، إعلم أنه من المتقين وأنه ميسر لليسرى ، ما دامت الأمور الحسنى تيسر له وتسهل له فهذه بشرى عاجلة للمؤمن نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها .
الحاضرين : آمين .
الشيخ : إذن
ا لما رأت النبي عليه الصلاة والسلام قالت لا يمكن أن يخزيك الله أبدا – لا يمكن أن يذلك لا يمكن أن يلحق بك العار أبدا، لماذا ؟ لهذه الخصال الحميدة وهي :
إنك لتصل الرحم ، سبحان الله ، بفطرة الإنسان أن من وصل الرحم وصله الله ، وهذا ثابت في الصحيح أن من وصل رحمه وصله الله ، ولكن من الواصل ؟ هل الواصل الذي إذا وصله أقاربه وصلهم ؟ هذا يقال له مكافئ ، يكافئ كل من أحسن إليه ويحسن إليه ، لكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه ايش ؟
الحاضرين : وصله .
الشيخ : وصله ، ولما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: يا رسول الله إن لي رحما أصلهم ويقطعوني ، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ ، وأحلم عليهم – يعني و يجورون علي ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : إن كان ما تقول – يعني حقا - فكأنما تُسفهم الملّ، ولا يزالُ لك من الله تعالى ظهيرٌ - يعني تسفهم المل ، ما هو الملّ ؟
الحاضرين : التراب الحار .
الشيخ : التراب الحار أو الرمد الحار ، الشاهد أنها استدلت بكونه يصل الرحم وما بقي من الصفات على أن الله لا يخزيه .
الثاني : وتحمل الكل – تحمل الكل يعني الذي لا يستطيع أن يحمل نفسه لتعب فإنك تحمله ، إن كان فقيرا فبالمال ، إن كان ضعيفا بالجسم فبالمعونة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام قد بذل نفسه قبل النبوة وبعد النبوة ، وتعرفون أنه صلوات الله وسلامه عليه بعد النبوة يربط على بطنه الحجر من الجوع ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر ، أعطى رجلا مرة غنما بين جبلين ، غنم بين جبلين !! معناه كثيرة جدا، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي ، وهذا غاية الكرم صلوات الله وسلامه عليه ، فهو يحمل الكل .
ويكسب المعدوم ـ يكسب المعدوم أي أن المعدوم يكسبه ليوفره على غيره ، فيحصل الخير للغير صلوات الله وسلامه عليه .
وتقري الضيف – معنى تقري الضيف أي تعطيه القِراء ، وهي ما يقدم للضيف من الكرامه ، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام قبل أن يوحى إليه كان مضيافا ، يقري الضيوف .
الخامس : تعين على نوائب الحق – نوائب الحق ما ينوب الناس من الأمور إذا كانت حقا فإنه يعين عليها وإن كانت باطلا فإنه ضدها .
هذه الصفات الكريمة الجليلة العظيمة لا يمكن أن يخزي الله عز وجل من اتصف بها ، لأن ذلك خلاف مقتضى حكمته جل وعلا ، فهو جل وعلا حكيم يضع الأشياء مواضعها ، فمن كان وعاءا للخير ملأ الله وعاءه ، ومن كان وعاءا للشر حرم الخير ((فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )) ، نعم .
-------
شكرا جزيلا لك .