الحمْدُ للهِ رَبِّ العالمِيْنَ ، وَالصَّلاة ُوَالسَّلامُ عَلى إمَامِ وَخَاتَمِ الأَنبيَاءِ وَالمرْسَلِيْنَ ، نبيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبهِ أَجْمَعِيْنَ ، وَبعْدُ :
فقدْ قبضَ الله ُسُبْحَانهُ نبيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلم يَتْرُك ْ خَيْرًا إلا َّ دَلَّ الأُمَّة َعَليْهِ ، وَحَثهَا إليْهِ ، وَلا شرًّا إلا َّحَذّرَهَا مِنْهُ ، وَأَبعَدَهَا عَنْه .
بَلْ وَمَا مِنْ سَبيْل ٍ وَلا ذرِيْعَةٍ إلىَ شَرٍّ إلا َّ وَقدْ حَذَّرَ مِنْهَا ، مَخافة َ أَنْ يَنْتَهيَ الحالُ بسَالِكِهَا إلىَ مَغبَّةٍ لا يَحْمَدُ عُقبَاهَا .
خاصّة ً مَا كانَ خَطرُهُ عَلى مَعاقِدِ الإيْمَان ِ، وَمَعَاصِمِ الإسْلامِ ، كالشرْكِ باِللهِ تَعَالىَ ، وَذرَائِعِهِ وَوَسَائِلِه .
بَلْ حَذَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُشَابَهَةِ المشْرِكِيْنَ ، وَمُحَاكاةِ الكافِرِيْنَ ، وَلوْ كانَ ذلك فِي اللبْس ِ وَالهيْئَةِ ، فكيْفَ باِلعِبَادَةِ وَالطاعَة؟!
فأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتَغْييرِ الشَّيْبِ ، وَحَفِّ الشَّوَارِبِ ، وَإيْفاءِ اللحَى ، مُخالفة ً لِلكافِرِيْن .
وقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«فصْلُ مَا بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْل ِ الكِتابِ: أَكلة ُ السَّحَر» رَوَاهُ مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِه»(1096) عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاص ِ رَضِيَ الله ُ عَنْه .
قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابْنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ بَعْدَهُ في«اقتِضَاءِ الصِّرَاطِ المسْتَقِيْمِ»(1/186-187)
وَهَذَا يَدُلُّ عَلى أَنَّ الفصْلَ بَيْنَ العِبَادَتيْن ِ: أَمْرٌ مَقصُوْدٌ لِلشّارِعِ ، وَقدْ صَرَّحَ بذَلِك َ فِيْمَا رَوَاهُ أَبو دَاوُوْدَ (2353) عَنْ أَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«لا يَزَالُ الدِّينُ ظاهِرًا ، مَا عَجَّلَ الناسُ الفِطرَ ، لأَنَّ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُوْن».