يقول الشهرستاني رحمه الله في كتابه "الملل والنحل" في حديثه عن عقيدة المزدكية :
كان مزدك ينهى الناس عن المخالفة والمباغضة والقتال ولما كان أكثر ذلك إنما يقع بسبب النساء والأموال أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيهما كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ
وحكي عنه أنه أمر بقتل الأنفس ليخلصها من الشر ومزاج الظلمة
ومذهبه في الأصول والأركان أنها ثلاثة : الماء والأرض والنار
ولما اختلطت حدث عنها مدبر الخير ومدبر الشر فما كان من صفوها فهو مدبر الخير وما كان من كدرها فهو مدبر الشر
وروي عنه أن معبوده قاعد على كرسيه في العالم الأعلى على هيئة قعود خسرو في العالم الأسفل وبين يديه أربع قوى :
قوة التمييز والفهم والحفظ والسرور
كما بين يدي خسرو أربعة أشخاص :
موبذ موبذان والهربذ الأكبر والأصبهيد والرامشكر"
وكما نلاحظ فإن القاسم المشترك الأكبر الأول بين مزدك وماركس هو أنهما نظرا إلى مشاكل البشرية من نزاعات وقتال فاقترحا حلاً لها ألا وهو جعل النساء والأموال مشاعاً وشركة بين الناس،ونتحدث عن مشاع المال أولاً لأننا نتحدث عن المادة التي تشكل عمود فلسفة ماركس وفكره كما هو معروف،وكذلك الأمر بالنسبة لجمهورية إيران الصفوية وبالذات في قضية الخمس،فهم يأخذون الخمس عنوة
مستدلين بالآية التالية:{ واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا} تدبروا كلمة "غنمتم" في الآية ، رؤوس الرافضة يأخذون الخمس من العوام على أنه "غنيمة"كما هو واضح في الآية،وبديهي أن الغنيمة لا تؤخذ إلا من جيش الكفار،يعني هؤلاء يعاملون عوام الإمامية في العالم معاملة الجيش المسلم للجيش الكافر!والسر في ذلك هو أن الدولة الصفوية الإيرانية واسعة الأحلام والتطلعات و إماكنياتها أقل من ذلك فلا بد لها من الاعتماد على مصدر آخر غير ثرواتها،هذا عن مادية الرافضة،وكما هو معروف عن الشيوعية فهم ينادون بالاشتراكية وبمبدأ(الأرض للفلاح والمعمل للعامل) ،هذا عن مشاع المال عند المزدكية و الرافضة و الشيوعيين ..
أما بالنسبة لمشاع النساء الذي هو القاسم المشترك الآخر ،فإن الإباحية المكشوفة القبيحة التي غزت الاتحاد السوفييتي أمر معروف،والجدير بالذكر أن كارل ماركس اشتهرت عنه مقولة إبليسية ألا وهي:
"إن الإسلام أكذوبة،وإن الله خرافة،وسأعلم ابنتي كيف تكون عاهرة،وسأعلم ولدي كيف يكون ماجناً" وبالمثل فلقد استفحلت الإباحية باسم الدين وآل البيت الأطهار حتى يومنا هذا في إيران باسم المتعة وما يتعلق بها من أمور يندى لها جبين كل من لديه أدنى ذرة من إيمان أو حياء أو مروءة ،هذا عن مشاع النساء عند مزدك و غيره .
وهناك قاسم مشترك أيضاً بين المزدكية والشيوعية نستنتجه من النص السابق هو الدموية والإجرام في عقيدة مزدك من النص السابق:" أنه يجب قتل الأنفس لتخليصها من الشرور والظلمة" التي هي جزء من كل إنسان،فكل إنسان على وجه الأرض له قرينان،قرين يأمره بالخير وهو ملاك،وقرين يأمره بالشر وهو الشيطان،فبناءاً على كلامهم وعقيدتهم سيكون القتل وسفك الدماء بشكل عشوائي وهو مشهود وموثق تاريخياً في الشيوعية المعاصرة المتمثلة بالثالوث الإبليسي(ماركس،ستالين،لينين) التي لا يتسع المقام لتبيان جرائمها بحق البشرية عامة،و بحق الموحدين على وجه الخصوص،فلقد ذبحوا في إقليم تركستان التابع للصين وحده أكثر من مليون وثلاثمئة ألف موحد،فضلاً عن باقي بقاع الأرض فلقد اندفعوا بكل حيوانية ووحشية وهمجية إلى ذبح وتعذيب وحصار الملايين من الموحدين رجالاً وشيوخاً وشباباً ونساءاً وأطفالاً حتى انهار الاتحاد السوفييتي ولله الحمد من قبل ومن بعد، و كلنا نرى ما يفعله حزب البعث في سوريـا ،و الذي هو نسخة معدلة عن الحزب الشيوعي،والدموية موجودة أيضاً عند اليهود وعند الرافضة عبر العصور وإلى يومنا هذا أيضاً و نحن نعلم ما فعله و يفعله جيش المهدي و فيلق الغدر بأخواننا أهل السنة في العراق ،و ما فعله حزب الشيطان في لبنان ،هذا عن هارون الرشيد و المزدكية .
و هنالك قاسم مشترك آخر بينهم ألا و هو الوثنية، وثنية مزدك، و وثنية الرافضة في غلوهم بأئمتهم الاثني عشر ، و وثنية الشيوعيين الذين يسجدون و يركعون عند ضريح لينين رغم ادعائهم أنه :" لا إله في الوجود " .
ثم جاء بعد الرشيد ولده الخليفة الأمين رحمهما الله، ثم أخوه المأمون ابن الفارسية، و نحن لا نتنقص المأمون إلا لأمور لا أدري إن كان قد فعلها عن قصد أو غير قصد، لقد أمر بترجمة كتب الفلسفة و علم الكلام ،و لنتذكر معاً بأن كلمة فلسفة يونانية ، و أن كلمة :"فيلو" محبة ،و كلمة "صوفيا" تعني الحكمة، و لنتذكر معاً أن أصل نشأة الصوفية أربع روايات :فمنهم من قال بأن أصلها من الصوف لأنهم كانوا يلبسونه تقشفاً وزهداً في الدنيا، ومنهم من قال بأنهم منسوبون لأهل الصفة وهم فقراء المهاجرين والأنصار الذين كانوا يجلسون عند الصفة في المسجد النبوي،ومنهم من قال بأنها نسبة إلى صفاء النفس وتخليصها من الشوائب والشهوات،وما يهمنا أن هناك مقولة تقول بأنها مأخوذة من كلمة صوفيا ،ونحن نعلم بأن مصطلح الفلسفة عبارة عن كلمتين هما فيلو ، وصوفيا،وأن فيلو باليونانية تعني المحبة،وصوفيا تعني الحكمة ،هذا عن منشأ الصوفية، نحن نعلم جميعاً أن بدعة خلق القرآن قد نشأت في عهد المأمون كنتيجة لانتشار علم الكلام ،و نعلم جميعاً ما حدث في التاريخ لعلماء أهل السنة و على رأسهم أحمد بن حنبل رحمه الله نتيجة لهذه البدعة،لقد سجن لمدة عامين، و تم جلده أمام تلامذته و هم يبكون، و تم إعدام آخرين، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
و لنقرأ التاريخ بعد المأمون،كيف انحدرت الأمة الإسلامية و تأخرت عن ركب الأمم، فصارت لعبة بيد الصليبيين تارة، و بيد المغول تارة، و بيد دولات استقلت عن بني العباس مثل الدولة الحمدانية و البويهية الرافضيتين، و الدولة الباطنية الدرزية التي تسمّت بالفاطمية في أرض الكنانة مصر، يقول ابن كثير رحمه الله في تأريخه لسنة ثلاثمائة و سبعة و أربعين للهجرة في كتابه " البداية و النهاية :
{وقد امتلأت البلاد رفضاً وسباً للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين وكل ملوك البلاد مصرا وشاما وعراقا وخراسان وغير ذلك من البلاد كانوا رفضا وكذلك الحجاز وغيره وغالب بلاد المغرب فكثر السب والتكفير منهم للصحابة وفيها بعث المعز الفاطمي مولاه أبا الحسن جوهر القائد في جيوش معه ومعه زيري بن هناد الصنهاجي ففتحوا بلادا كثيرة من أقصى بلاد المغرب حتى انتهوا إلى البحر المحيط فأمر جوهر بأن يصطاد له منه سمك فأرسل به في قلال الماء إلى المعز الفاطمي وحظي عنده جوهر وعظم شأنه حتى صار بمنزلة الوزير وممن توفي فيها من الأعيان}
و في نهاية المطاف، سقطت و جاء الحكم العثماني الإسلامي الذي كان في بدايته أيضاً له صولة و قوة وصل الإسلام في وقتهم إلى أبواب فيينا، و ما لبث أن توقف نتيجةً لتآمر الدولة الصفوية التي كانت في أول ظهور لها، حتى قال أحد المستشرقين: " لولا الصفويين في إيران، لكنا اليوم في بلجيكا و فرنسا نقرأ القرآن مثل الجزائريين" .
يتبع إن شاء الله