هذه القصة باطلة وقد انتشرت للأسف بين الناس ونسبت بهتاناً إلى التابعي الجليل "عبد الله بن المبارك" مع عدم صحتها .
وذلك من وجوه :
1- أن التابعي الجليل "عبد الله بن المبارك" والمعروف عنه فقهه وزهده وورعه ، هو شيخ علماء عصره فكيف يحدث امرأة لا تحل له على هذه الصيغة وبهذه الخلوة .
2- ورد في القصة قصده زيارة قبر الرسول_
_ ومعلوم أن قصد السفر لأجل زيارة القبر غير جائزة شرعاً لحديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " أخرجه البخاري (1189) .
3- ورد في القصة أن عبد الله بن المبارك أناخ ناقته وأركب هذه المرأة معه مع أنها لا تحل له ، وفي ذلك خلوة محرمة لا تخف على عالم مثله ، فهي إذاً غير صحيحة .
4- صورت هذه القصة التابعي الجليل بأنه سفيه يصيح ويترنم بالشعر مع هذه المرأة ، وصورت هذه المرأة بأنها هي الفقيهة والورعة ، وهذا مما لا يليق نسبته إليه .
وقد ذكر فضيلة الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان في كتابه " كتب . أخبار . رجال . أحاديث . تحت المجهر " مايلي أضيفه إلى وجوه بطلانها:
5- إن كثيراً ممن ترجم لابن المبارك لم يذكر تلك القصة ، ومنها أن تلك القصة ليس لها زمام ولا خطام فلم يذكر سندها .
6- ومن ذلك عدم إنكار ابن المبارك _رحمه الله_ فعلها ذلك ، خاصة أن كثيراً من العلماء نهى عن التخاطب بالقرآن ، وابن المبارك معروف باتباعه للسنة فكيف يترك الإنكار عليها .
7- منها أيضاً وضوح التكلف في تركيب السؤال والجواب وهذا يدل على بطلانها .
هذه بعض وجوه بطلان القصة أردت ببيانها تبرئة الشيخ الجليل والتابعي الورع "عبد الله بن المبارك" _رحمه الله_ مما نسب إليه ، راجياً عدم تناقل الأخبار والآثار إلا ما ثبت صحتها ؛ وخاصة في حق الصحابة والتابعين والعلماء _رضوان الله عليهم_ ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
منقول عن الأخ أسلاف مشرف موقع كلمة الحق
وقد قرأت في كتاب تلبيس إبليس للإمام ابن الجوزي ما يلي أنقله للفائدة:
قال ابن عقيل: كان أبوإسحاق الخزاز صالحا وهو أول من لقنني كتاب الله وكان من عادته الإمساك عن الكلام في شهر رمضان فكان يخاطب بآي القرآن فيما يعرض له من الحوائج فيقول بإذنه (ادخلوا عليهم الباب) ويقول لابنه في عشية الصوم ( من بقلها وقثائها) آمرا له أن يشتري البقل ، فقلت له هذا الذي تعتقده عبادة هو معصية فصعب عليه ، فقلت: إن هذا القرآن العزيز أنزل في بيان أحكام شرعية فلا يستعمل في أغراض دنيوية ، فهجرني ولم يصغ إلى الحجة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
سئل فضيلة الشيخ مشهور آل سلمان عن هذه القصّة فقال :
السؤال 17 : ما صحة قصة تلك المرأة التي لا تتكلم إلا بالقرآن ؟
الجواب :
هذه قصة طويلة وجدتها مسندة عند ابن حبان في كتابه "روضة العقلاء" صفحة 49 ، وإسنادها واهٍ جداً ، فيه رجل اسمه محمد بن زكريا الغلابي ، وهذا الرجل قال عنه الدارقطني : متهم بالوضع ، وقال ابن حبان عنه : يروى عن المجاهيل ، وهذه القصة رواها عن بعض المجاهيل ، والقصة طويلة ، يرددها بعض الوعاظ والخطباء ،ويرددها بعض الناس في مجالسهم،أما نص القصة فهو : قال الإمام ابن حبان : أنبأنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابرهيم بن عمرو بن حبيب ، حدثنا الأصمعي قال : بينا أنا أطوف بالبادية إذا بأعرابية تمشي وحدها على بعير لها ، فقلت : يأ أمة الجبار ، من تطلبين ؟ فقالت: {من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له}. قال: فعلمت أنها قد أضلت أصحابها، فقلت لها: كأنك قد أضللت أصحابك؟ فقالت: {ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكماً وعلماً} فقلت لها: يا هذه، من أين أنت؟ قالت: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} فعلمت أنها مقدسية ، فقلت لها: كيف لا تتكلمين؟ قالت: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فقال أحد أصحابي: ينبغي أن تكون هذه من الخوارج! فقالت: { ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولائك كان عنه مسؤولاً} فبينما نحن نماشيها، إذ رفعت لنا قباب وخيم، فقالت: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} قال: فلم أفطن لقولها، فقلت: ما تقولين؟ فقالت: {وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام} قلت: بمن أصوت وبمن أدعو؟ قالت: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة}{يا زكريا إنا نبشرك}{يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض}، قال فإذا نحن بثلاثة إخوة كاللآلىء، فقالوا: أمنا ورب الكعبة، أضللناها منذ ثلاث، فقالت: {الحمد لله الذي ذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} فأومأت إلى أحدهم فقالت: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه} فقلت: إنها أمرتهم أن يزودونا، فجاؤوا بخبز وكعك، فقلت: لا حاجة لنا في ذلك، فقلت للفتية: من هذه منكم؟ قالوا: هذه أمنا، ماتكلمت منذ أربعين سنة إلا من كتاب الله، مخافة الكذب، فدنوت منها، فقلت: يا أمة الله أوصني، فقالت: {ما أسألكم عليه أجرأً إلا المودة في القربى}، فعلمت أنها شيعية، فانصرفت .أ.هـ ، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقد أومأ إلى هذه القصة في الشرح الممتنع، في آخر السادس منه، يقول: يحرم جعل القرآن بدلاً من الكلام، وأنا رأيت زمن الطلب قصة في جواهر الأدب، عن امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن، وتعجب الناس الذين يخاطبونها، وقالوا لها: أربعون سنة لا تتكلم إلا بالقرآن، مخافة أن تزل، ويغضب عليها الرحمن، نقول هي زلت، فالقرآن لا يجعل بدلاً من الكلام، لكن لا بأس للإنسان أن يستشهد بالآية على قضية وقعت .أ.هـ، فحتى لو أنها صحت ، فلا يجوز للإنسان أن يترك الكلام ، لأن أورع الناس وأتقاهم محمد
وصحبه ، وما فعلوا هذا ، ولو كان خيراً لفعلوه ، فالقصة ركبها الغلابي هذا ، فكذب فيها على الأصمعي .
===========
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً
وبارك الله فيك
هذا عبث لا يليق بِكلام الله .
وهذه القصة رواها ابن حبان في " روضة العقلاء " من طريق الأصمعي عن امرأة أعرابية .
وفعل هذه المرأة ليس بِحجّة ، كما أنه ليس من عمل السلف .
ولذلك قال شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
قال أهل العلم : يَحرم جعل القرآن بدلا من الكلام . وأنا رأيت زمن الطلب قصة في جواهر الأدب عن امرأة لا تتكلّم إلا بالقرآن ، وتَعجّب الناس الذين يُخاطِبونها ، وقالوا : لها أربعون سنة لم تتكلّم إلا بالقرآن مخافة أن تزِلّ ، فيغضب عليها الرحمن .
نقول : هي زلّت الآن ، فالقرآن لا يُجعَل بدلا من الكلام ، لكن لا بأس أن يستشهد الإنسان بالآية على قضية وَقَعَتْ ، كما يُذكَر عن النبي
أنه كان يَخطب ، فَخَرج الحسن والحسين يَعثران بثياب لهما ، فَنَزل فأخذهما ، وقال : صدق الله : (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) . فلاستشهاد بالآيات على الواقع إذا كانت مُطابِقة تماماً لا بأس به . اهـ .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم