08-01-12, 05:02 PM
|
المشاركة رقم: 1
|
المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
عضو |
الرتبة |
|
البيانات |
التسجيل: |
Apr 2011 |
العضوية: |
2735 |
المشاركات: |
6,427 [+] |
الجنس: |
انثى |
المذهب: |
سني |
بمعدل : |
1.26 يوميا |
اخر زياره : |
[+] |
معدل التقييم: |
33 |
نقاط التقييم: |
729 |
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
المنتدى :
بيت الـلـغـة العــربـيـة
 |
|
 |
|
بيضة الديك والديك والوديك
مقال خفيف
هل يبيض الديك؟
سؤال يُطرح في مجالس الإحماض والتَّرْويح، إذ لَمَّا كان جوابُه معروفًا؛ بانَ للناظر أنَّ المقصود منه فَتْحُ باب المطارحات والمُلَح وجمام القلوب.
ومع أن الديك لا يَبيض، إلا أنَّ بيضتَه صارت مثلاً يُضرب، ومِشْجَبًا يُتعلَّق به، فيُقال: (بيضة الديك) للشيء لا نظيرَ له، ويُقال (بيضة الديك) أيضًا للشيء لا يؤمَّل ولا يُنتظر، وكأنه قد صار صِنْوًا للمستحيلات الثلاثة.
ولا يَدري الديكُ المسكين ما الذي جَعله عرضةً لهذه الاختلافات والتناقضات!
بل صار يُلغز به أيضًا فيُقال: (ديك وَدِيك)؛ أي: ديك سمين! (الودك: الشحم).
ويَحضرني في هذا المقام ما حَدَّث به بعضُ أهل اللغة عن أم الهيثم - وكانت أعرابيةً فصيحةً تؤخذ عنها اللغة - فمَرِضت يومًا، فأتوا يعودونها فقالوا: يا أم الهيثم، كيف تجدينَكِ؟ فقالت:
كنْتُ وَحْمَى بالدكة (بالشَّحْم)، فحضرتُ مَأدُبةً، فأكلتُ جُبجُبةً مِن صَفيفِ هِلَّعَةٍ، فاعترتْنِي زُلَّخَةٌ!
فقالوا: يا أم الهيثم، أيَّ شيء تقولين؟
قالت: أوَللناس كلامان؟ واللهِ ما كلمتُكم إلا بالعربيِّ الفصيح!
وكأني بهذا الديك وقد انزوى في جُحْر يَبكي على حاله، وما آل إليه مِن مآله، ثم قال: ما لهؤلاء القوم لم يجدوا شيئًا يتَّخذونه ضُحْكةً إلا ذِكْري، ولم تَشغلهم ألاعيبُ (الإنترنت) ومجالسُ المُلَح عن غمزي ولمزي، ولم يجدوا سَعَةً فيما يقرؤون مِن موضوعات، فكان للفراغ عندهم موضعٌ للتهكم والسخرية بي!
ولَعَمر اللهِ إنَّني لَلمُزكَّى دُنيا ودِينًا؛ أفما علمتم أنه لا حياة لفراخكم بالاستغناء عني؟! ولا تجدون في طعم الأكل أحلى مِني، وقد نهى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن سبابي، فأنا الموقِظُ للصلاة، والمذَكِّر بالعبادة.
أَيَادِيكُ عُدَّتْ مِنْ أَيَادِيكَ صَيْحَةٌ
بَعَثْتَ بِهَا مَيْتَ الكَرَى وَهْوَ نَائِمُ
وما أجملَ صوتي بالليل وفي البكور:
وَلَهُ إِذَا وَلَّى الظَّلَامُ تَطَرُّبٌ
تَلْتَذُّهُ أَسْمَاعُ كُلِّ طَرُوبِ
لَعَمْرِي لَئِنْ أَصْبَحْتَ فِي دَارِ تَوْلَبٍ
يُغَنِّيكَ بِالْأَسْحَارِ دِيكٌ قُراقِفُ
وأنا جَلاَّب الخير بإذن الله، وما قصة ابنِ مَزيد منكم ببعيد.
فقد حُكي أنه كان لإبراهيم بن مزيد ديك، وكان كريمًا عليه، فجاء العيد وليس عنده شيء يضحِّي عليه، فأمر امرأتُه بذبحه واتخاذ طعام منه، وخرج إلى المصلَّى، فأرادت المرأة أن تُمْسكه، ففرَّ، فتبعتْه، فصار يخترق مِن سطح إلى سطح، وهي تتبعه، فسألها جيرانها وهم هاشميون عن موجب ذبحه، فذكرَتْ لهم حال زوجها، فقالوا: ما نرضى أن يبلغ الاضطرار بأبي إسحاق إلى هذا القدْر، فأرسَل إليه هذا شاةً، وهذا شاتين، وهذا بقرةً، وهذا كبشًا، حتى امتلأَتِ الدار، فلما جاء ورأى ذلك قال: ما هذا؟ فقصَّتْ عليه زوجتُه القصةَ، فقال: إن هذا الديك لكريم على الله، فإنَّ إسماعيل نبيَّ الله فُدي بكبش واحد، وهذا فُدي بما أرى! (هذا من حماقة المرأة في التشبيه/كن داعيا)
بل قد قال قائلكم قديمًا: لا يكون البنيانُ قريةً حتى يَصقع فيها ديك!
وقد شُغِف بي آباؤكم مِن العرب:
فضربوا بِيَ المثَلَ في الصفاء، فقالوا: أصفى مِن عَين الديك!
وضربوا بي المثل في السرعة، فقالوا: أسرع من حسو الديك!
وضربوا بي المثل في الكَيس، فقالوا: أكيس من الديك!
وذكَروني بالنُّبل والفخامة:
كَأَنَّ الدِّيكَ دِيكَ بَنِي نُمَيْرٍ
أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَى السَّرِيرِ
وذكروني بالعدل بين نسائي (أقصد دجاجي).
وضربوا بي المثل في الكرم، فقالوا: أكرم من ديك، وأسخى من ديك!
وفي الزهو، فقالوا: أزهى من ديك!
وفي الشجاعة فقالوا: أشجع من ديك!
وفي الغَيْرة والنَّخوة، فقالوا: أغير من ديك، وأنخى من ديك!
بل قد سَمَّوا بعض الشعراء باسمي، فقالوا: ديك الجن، الذي قال:
حَتَّى حَسِبْتُ أَنُوشِرْوَانَ مِنْ خَدَمِي
وَخِلْتُ أَنَّ نَدِيمِي عَاشِرُ الخُلَفَا
ولعلكم تُنْكرون مني نِذَارةَ الشؤم؛ وتحتجون برؤيا عمر الفاروق لما رأى كأن ديكًا نَقَره، فكان تأويله أنْ قتَلَه المجوسي!
ولعمري لقد ظلمتموني وما أنصفتموني، وهل أنا في ذلك إلا تنبيه وإرشاد؟!
أفلا يحق لي بعد كل هذا أن أبيض بيضة؟!
(طريفة): كان سهْلُ بنُ هارونَ بنِ رَاهَوَيْهِ في خدمة المأمون، وكان حكيمًا فصيحًا شاعرًا، فارسيَّ الأصلِ، شيعيَّ المذهب، شديد التعصب على العرب، وله مصنَّفات عديدة في الأدب وغيره، وكان الجاحظُ يصف براعتَه وحكمتَه وشجاعته في كتبه، وكان إليه النهايةُ في البخل، وله فيه حكايات عجيبة.
فمِن ذلك ما حكاه دعْبل قال: كنا عنده يومًا، فأطَلْنا القعود، حتى كاد يموت جوعًا، ثم قال: ويحك يا غلام! غَدِّنا، فأتاه بقصعة فيها ديك مطبوخ، فتأمله ثم قال: أين الرأس يا غلام؟ قال: رميت به، فقال: إني والله لأَمْقُتُ مَن يرمي برجله، فكيف برأسه؟ ولو لم يكن فيما فعلتَ إلا الطِّيرة لكرهتُه، أمَا علمتَ أن الرأس رئيسُ الأعضاء، ومنه يصرخ الديك، ولولا صوتُه ما أُرِيدَ، وفيه عُرْفه الذي يُتبرَّك به، وعينُه التي يُضرب بها المثل في الصفاء، فيقال: "شراب كعيْنِ الديك"، ودماغُه عجبٌ لوجع الكليتين، ولم يُر عظم أهش تحت الأسنان منه، وهَبْ أنك ظننتَ أني لا آكلُه، أوَليس العيالُ كانوا يأكلونه؟! فإن كان قد بلغ مِن نُبلك أنك لا تأكله، فعندنا مَن يأكله، أوَمَا علمتَ أنه خير مِن طرَف الجَناح، ومن رأس العنق؟! انظر لي أين هو؟ فقال: والله ما أدري أين هو، ولا أين رميت به، فقال: رميتَه في بطنك، قاتلك الله!
أبو مالك العوضي
رابط الموضوع
|
|
 |
|
 |
|
|
|