عرض مشاركة واحدة
قديم 14-03-11, 11:47 AM   المشاركة رقم: 62
المعلومات
الكاتب:
بنت الديره
اللقب:
عضوة مميزة
الرتبة


البيانات
التسجيل: Dec 2010
العضوية: 347
العمر: 33
المشاركات: 1,485 [+]
الجنس:
المذهب:
بمعدل : 0.28 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 17
نقاط التقييم: 35
بنت الديره على طريق التميز

الإتصالات
الحالة:
بنت الديره غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بنت الديره المنتدى : بيت القصـص والعبـــــــر
افتراضي


الحلقة الثانية والستون

أذكر مرة أن التاجر المعروف في مكة علوي تونسي دعا شيخنا ابن عثيمين للعشاء في بيته العامر..
وكان الأستاذ علوي قد دعا عددا كبيرا من وجهاء مكة وعلماءها وتجارها احتفاء بشيخنا..
سبقت شيخنا للدخول للمجلس حيث الناس تصافحه وتسلم عليه عند الباب
حينما دخلت رأيت صورة بشرية وتكاد تملأ الجدار من ضخامتها..
توقعت أن ينكر شيخنا ولا يسكت فهو كما عهدته لا تأخذه في الحق لومة لائم..
بقيت أنتظره وتساءلت في نفسي : مالذي سيحصل؟؟
وضعت في خاطري عددا من الاحتمالات ..
قطع صوت سلام الشيخ حبل التفكير وركزت النظر على عينيه ما هو انطباعه وتصرفه..
حينما توسط المجلس الفسيح لا حظ تلك الصورة فتأملها ثم أطرق وهو يمشي واحمر وجهه فهو بين خيارين اثنين : إما أن ينكر ويرضي ربه ومعنى هذا إما أن تنزع الصورة أو أن يخرج من المجلس!!
فالأول متعذر وفيه مشقة هائلة وحرج والثاني أشق وأنكى !!
أو أن يسكت وهذا ما يأباه عليه دينه وخوفه من ربة ثم اقتداء الناس به..
هذا ما تخيلته أنا ..
قال الشيخ : يا أخ علوي تعليق هذه الصورة لا يجوز ويمنع دخول الملائكة فأي بركة في مجلس لا تحضره الملائكة؟؟
رأيت وجه علوي تونسي تلون بألوان لا أميزها من الحرج والحياء..
أسعفه شيخنا وقال له : أحضروا لنا غطاء أو شرشفا وغطوا الصور ..
فتفرجت أساريره وكأن الشيخ أزاح جبلا هائلا عن صدره ..
فأمر أحد خدامه فغطى الصورة واسترحنا وانتهى الحال على ذلك ..
أذكر مرة أن شيخنا دخل بيت أحد أقرباءه وكان رجلا موسرا وفيه تعال وإسراف على نفسه ..فأراد شيخنا تأليف قلبه ودعوته ..
زرناه في منزله في جده وكان مجلسه مليئا بالتماثيل والمجسمات الحيوانية وغيرها ..
لم يتكلم شيخنا معه حول هذا الموضوع فيما بدا لي ..بل أنه ركز معه على الأمر الأهم والذي له الأولوية وهو هداية هذا الرجل وإنقاذه من براثن الضياع والضلال..
ولقد رأيت شيخنا يتألفه في الكلام ويتبسط معه ولكأنه يتكلم مع أعلى الناس منزلة وسلطة ..
فكسب بذلك قلبه وأحب الرجل ذاك شيخنا من ذلك المجلس مع أنه استقبلنا في أول الأمر بفتور وتعال..
وما خرجنا من بيته بعد ساعات إلا وقد امتلأت أسارير وجهه بشرا وحبا وإجلالا للشيخ ..
ولقد زرناه في المرة التالية بعد شهور فلم أر تلك التماثيل والمجسمات أبدا ..
وهكذا هي الدعوة ياعباد الله !!
أكسبوا الناس وتألفوا قلوبهم دون أن تتنازلوا مثقال ذرة عن دينكم !!
فالحمد لله الأمر فيه سعة لمن هداه الله ووفقه ..
جعلني الله وإياكم منهم..
كنا مرة في دعوة من الدعوات في جده وحضرها عدد كبير من المثقفين ومنهم وزير الإعلام الحالي إياد مدني وكان حينها مديرا لتحرير جريدة عكاظ..
و كذلك حضر عدد من التغريبيين من كتاب الصحف المشهورين والمحسوبين على تيار العلمنة ..
دار بينهم وبين شيخنا نقاش طويل وعميق ..
كان شيخنا يلقمهم بكل حجة من حججهم عشرا ..
كان مستند شيخنا قال الله قال رسوله وهم يستندون للواقع وقال فلان وفلان..
قال إياد مدني لشيخنا بكل فظاظة : لماذا تحتكر العلم في شخصكم هل الدين ما تراه أنت أو ابن باز فقط؟؟
فرد عليه شيخنا وأفحمه بكلام كثير وطويل ستملون من ذكره ..
وكنت أستغرب كيف مثله ومن هو في منصبه وحاله يقول مثل هذا الكلام الساقط عن مشائخنا ؟؟
إن أصغر مثقف يستطيع الرد على مثل هذا الكلام البائس والذي خرج من واهم أو صاحب هوى .. كما قال ربنا ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم )
أشفقت على شيخنا بسبب كثرتهم وكثرة لجاجهم وهم كما قال الأول:
حجج تساقط كالزجاج تخالها ذهبا وكل كاسر مكسور
ولم يكن من الأدب أن يشارك احد بحضور الشيخ فقد كنا جميعا تلاميذ له وليسوغ لنا المشاركة معه فبقينا صامتين ..
ولكن حينما انتهى النقاش وقدم العشاء وفض المجلس لحقت بإياد مدني عند المغاسل ..
فأسمعته كلاما شديدا فوقف ينظر إلي وقد اتسعت حدقة عينه حتى كادت تسقط من وجهه ..!!
فلم يكن يتوقع أن يتلقى هذه الصفعة مني فقد كنت موتورا ولا أدرك حينها التصرف الأمثل في مثل هذه المواطن ..
نرجع لتسلسل رحلتنا !!
عرض الوالد على شيخنا أن نستضيفه في بيتنا طوال بقاءه في الطائف..
فقال الشيخ : والله إنني أعتبر نفسي في بيتي ولكن يمنعني من ذلك بعد المسافة فمنزلكم يا أبا محمد في الضواحي وهذا فيه مشقة علي فأنا أبحث عن مكان قريب من مكان دروسي ودوامي اليومي في الهيئة ..
ألحيت على الشيخ وألح الوالد ولكنه أصر على ذلك..
وكانت غايتنا أن نتشرف بوجوده في بيتنا فأي شرف مثل هذا الشرف!!
ملاحظة: هذا آخر حلقة أنزلها وأنا مضطر للتوقف عن الكتابة لأمر طارئ وأعدكم بحول الله أن أعود لإكمال الحلقات لا حقا إن كتب الله في العمر بقية ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تكملة ...
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطاهرين وبعد..
تشاجرت في هذا الصباح مع قلمي ودار بيني وبينه الحوار التالي:
قال لي وهو غضبان أسفا ..
قلي يا مالك في رحلتك إلى النور متى ستلج النور ياهذا ؟؟
أما زلت تسير ولم تصل إليه بعد ؟؟
ثم ما هو النور الذي تبحث عنه ؟؟
أهو شيء محسوس أم هو هوس بالمغامرات واقتحام لدروب ومجاهل في الحياة عجيبة ؟؟
متى ستنتهي حكاياتك ؟؟
متى ستتوقف روايتك..
قلت لقلمي: أليست الحياة مواقف ..؟؟
قال: بلى ولكن كل شيء له نهاية..
قلت : ما دام في العمر بقية فستبقى الحياة دروسا وعبر..
قال : أليس للناس شغل إلا بك وبحياتك ؟؟
قلت : بالتأكيد أن لدى الآخرين مثل ما لدي وقد لا تجتمع لهم بعض ما عندي ولكن يبقى لكل قصته..
ولكن أعاهدك يا قلمي أن لا اكتب سوى ما أراه مفيدا لي وللآخرين ..
أحس قلمي بالملل فهو يدرك أنه لن يخرج بفائدة من المراء معي..
و قال هات ما لديك فإني أوشك أن أنعس ..
قلت له : أكتب يا صديقي ..
اتكأت على الأريكة ..ووضعت يدي على موضع جرح العملية الجديدة ..
فأحسست بوخزة الألم ..
وأغمضت عيني فعادت بي الذكرى ..
فسبحت في عالم بعيد ..
عاد بي لعشر سنوات تقريبا
ثم بدأت أملي عليه
يقول لي خالد وهو جندي بوسني يبلغ من العمر خمسة وخمسون سنة
بالله عليك يا مالك اقرأ لي تلك الورقة ..
قلت له أنا لا أفهم حروف قومك ..
زم شفتيه التي لا أسنان تحتها حيث لم يعد في حلقه ريق من العطش؟؟
عطش في سراييفو؟؟
حيث الأنهار تجري من حولنا ؟؟
لا تعجبوا يا أخوتي ..
فخالد روى لي في تلك الليلة عجبا..
قال لي خالد : تصدق يا مالك ..
أنني حوصرت ومعي مائة وخمسون من أبناء قريتنا من كتيبة صربية لمدة ثمانية أيام وما معنا سلاح سوى بنادق الصيد وشيئا من الفؤوس والسلاح الأبيض..
وكنا نسمع خلفنا في القرية بكاء الصبية وصراخ النساء من الجوع والخوف..
والقائد المسلم الذي يقودنا يقول :لو غادرنا القرية فسوف يستبيح الصرب ما تبقى لنا من كرامة ..
ستغتصب النساء وسيذبح الأطفال وسيذبح الشيوخ ..
صبرنا يا مالك والصرب من حولنا يصرخون ويزمرون ..
أين إخوانكم المسلمين ؟؟
سنبيدكم ونبيد الإسلام من سراييفو إلى مكة ..
ثمانية ليال لم نذق النوم ولم نطعم فيه لقمة ولم نشرب فيه شربة بلى شربنا ..
شربنا البول يامالك..
..
ثم هز رأسه كأنه لا يريد إكمال الحكاية .
قال لي خالد..
أرجوك إقرا الورقة..
قلت هات ..
أخرج الورقة من جيبه وكانت ملفوفة بعناية ففتحتها وأضأت نورا خافتا من ساعتي
خوفا أن يرقبني القناصة الصرب الذين لا يبعدون عنا سوى عشرات الأمتار..
حينها دوى في الوادي صوت المدفع الصربي..
حيث يقصفنا الأصراب كل نصف ساعة ..
ليتأكدوا أننا ما زلنا مستيقظين؟؟
لم نعبا بالصوت فقد اعتدنا عليه ..
فالقذائف تمر من حولنا وترتطم في البيوت الهالكة خلفنا فتتشظى ولا تكاد تصيب أحدا..
الورقة مكتوبة بالعربية ..!!
يا خالد؟؟
خرجت من وجهه الكئيب ابتسامة أضاءت ما تبقى من شحوبة وجهه الكهل..
قال : أعلم ذلك..اقرأها لي أرجوك..
فقرأت..
الحاج عثمان هوتشش 1123 هـ الفاتحة آمين!!
لم افهم منها شيء..
سحب خالد مني الورقة ونظر في وجهي نظرة افتخار وهز الورقة ثم طواها وأدخلها في جيبه..
وقال لي حينما لم يجد الصرب شيئا في قريتنا قصفوا القبور فوجدت على قبر جدي جصا حفرت عليه تلك العبارات فنسخت ما كتب عليه حتى أعيده بعد ننتقم من هؤلاء الأوغاد..
قلت له يا خالد ..ألا تحكي لي قصة حصار تلك الليالي المرعبة ..
نظر في وجهي نظرة غريبة وأرخى رأسه وتدحرجت من عينه الغائرة دمعة أكاد اشعر أن الأرض اهتزت لها حينما ارتطمت بها..
قال : يا مالك يابني ..
بما ذا أحدثك والله ما عاد لي عقل يذكر شيئا ..
ثم مسح رأسه بكفه التي ترجف ورفع حاجبه للقمر المحاط بكومة من السحب كأنه يستلهمه شيئا ..
وقال غدا سأرويها لك إن شاء الله..
قال لي خالد وكأنه يريد تغيير الحديث ..
بالأمس يا مالك حدث موقف غريب ..
قلت : وهو؟
كنت جالسا في مكاني هذا أراقب الجبهة أمامي وأتبادل السباب مع الصربي الذي يسمعني واسمعه ..
وفجأة سمعت جلبة خفيفة خلفي ..
فرأيت رجلا عجوزا يسير راكعا في الخنادق المحفورة ..
ويحيط به رجلان جلدان تكاد تظنهما أسدان من استواء اجسامهما !!
متأهبان بالسلاح
تساءلت في نفسي من هذا الرجل؟؟
رأيته يتقدم ببطيء في الخنادق يمر على العسكر ويتكلم معهم ويهمس في آذانهم ويربت على ظهورهم..
قال لي خالد ..
من تظن الرجل..؟؟
قلت وما يدريني؟؟
قال خالد:
اقترب مني ذلك الكهل ..
فقال : السلام عليكم..
فرددت نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة..
حاولت أن أميز وجهه ولكنه أدرك خطورة الموقف فجلس بجواري وأشار لي حرسه بالجلوس والصمت ..
وخلع قبعته العسكرية ...
وتجلت لي صورته ..
إنه علي عزة بيخوفيتش ؟؟
رئيس جمهورية البوسنة والهرسك؟؟
حدثنا يا مالك ..
ارجع بنا للخلف لماذا قفزت بنا بعيدا ..
ارو لنا عن شيخك فأنت لم تنهي القصة بعد..
يقول لي القلم ذلك بعد أن أخذته الحماسة هيا أكمل ياهذا ..
حدثنا عن فوزي عسيري ؟؟
ذلك الشاب الصالح المؤمن الذي يقيم في مستشفى القوات المسلحة في الهدى في الطائف من عشرات السنين ؟؟
والذي كنت في زياراتك له تستمع إليه يقول:
أمنيتي في الحياة أن أرى الشيخ ابن عثيمين..
أرو لهم كيف كانت مشاعر فوزي عسيري حينما يرى نفسه في غرفته الصغيرة في المستشفى أنا وهو والشيخ ابن عثيمين ..
وبعد أيها القراء الأفاضل ..
يتجدد بكم اللقاء ويعود بنا القلم لأكمل الحكاية سائلا المولى سبحانه أن يلهمني الحق والصواب وان يجنبني الزلل ويصلح النية ويجعلها خالصة لوجهه الكريم ..
كم تزدحم الذكريات في رأسي..
والله من يومين لم أذق للنوم طعما حيرة ترددا. بما ذا أبدأ ؟؟
مع ما في القلب من شواغل وما في الجسد من آلام بسبب الأدوية الكثيرة فالعذر يتقدم لكل قاريء عزيز أن يدرك الحال ويتفهم الوضع وعلى الله التكلان سبحانه وأخيرا عزمت على الكتابة كيفما يكون وكيفما يرد ..
أيها الأخوة الكرام
قبل عدة أيام وهو الخامس عشر من شوال وافق ذلك التاريخ يوم رحيل شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
وذلك في الساعة الخامسة وربع عصر يوم الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال سنة 1421 للهجرة في مدينة جده ..
وستأتي تلك القصة مفصلة في حينها إن شاء الله تعالى ..
فاللهم اغفر لشيخنا وارض عنه واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجمعنا به ووالدينا وذرياتنا وأهلنا في فردوسك الأعلى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
أخوكم
مالك الرحبي










توقيع : بنت الديره

ask.fm/Nasooora20
اسالني وكذا يعنينقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تابعني على تويتر
nsooora20@

عرض البوم صور بنت الديره   رد مع اقتباس